قلب الليل, نجيب محفوظ.
لم
اقرأ كثيرا لنجيب محفوظ, لكن لا اعرف كيف سقطت أمامي ثلاث من رواياته
الشهر الماضي فقراتها في فترة وجيزة, وما جذبني إليها هو الطبعة الجديدة
لرواياته التي نشرتها دار الشروق( 2006), وهي طبعة تتميز بطباعتها الجيدة و
شكلها الأنيق. لكن بعدما قرأتها كان المحتوى أروع بكثير مما كنت أتخيله .
إحدى هذه الروايات كانت رواية قلب الليل وهي رواية بسيطة تتميز بأسلوبها
الفكري الفلسفي إلى حد ما.
تبدأ الرواية عندما يذهب جعفر سيد الراوي وهو
بطل القصة إلى دائرة الأوقاف للمطالبة بأملاك جده, لكن الموظف في الأوقاف و
الذي يعرف الرجل شرح له انه من غير الممكن الحصول على الإرث بعدما أوقف
الجد جميع ثروته. لكن العجوز جعفر يصر على أن يحصل على ثروة جده. بعدها
تتوطد العلاقة بين الموظف و جعفر وفي إحدى المرات في مقهى ودود بالباب
الأخضر يقوم جعفر بقص حكايته على الموظف( الذي هو نفسه الراوي في الرواية).
ينطلق جعفر من قص حكاية حياته, بداية من
وفاة والده وهو صغير ثم بعد ذلك توفيت والدته وهنا انتقل للعيش مع جدة سيد
الراوي الذي كان غضبان على أبيه حتى إلى حين وفاة أمه تكفل برعايته. الجد
المحافظ و الوقور و الهادئ الذي يفرض معيشة معينة على جعفر على الرغم من
ترفها ورغدها إلا أن جعفر سعى إلى الحرية والى تجربة شيء جديد فاختار ا ن
يهجر جده بعد أن أراد الزواج من إحدى الفتيات القرويات التي وقع في حبها,
وهكذا مضى في طريقه و تزوج وأنجب أولادا غير أن الأمر لم يسر
كما تمنى فطلق زوجته ومضى وحيدا نحو المجهول … عمل مع صديق له في فرقة
للمدح إلا أن تعرف على سيدة من طبقة محافظة غنية تكبره بسنين, في الأخير
تزوج منها وأنجب وصار ذا قيمة في المجتمع ودخل عالم السياسة حيث أراد نشر
فكره و أرائه . لكن في غمرة من الغضب اختلف مع صديق له وتشاجرا حتى أرداه
قتيلا… دخل السجن ومات جده بعد ذلك بعام وماتت بعده زوجته. لما خرج من
السجن و جد أن كل شيء تغير عاد إلى قصر جده فوجده خرابا .. ومنذ ذلك الوقت
وهو يسكنه ويعيش على الهامش في الحياة بعد أن صال وجال فيها.
الرواية أكثر من رائعة. في الحوار الذي
يجمع بين الموظف و جعفر تتجسد بعض الأفكار ( تقديس العقل, الحرية..) التي
يريد نجيب أن يوصلها لنا من خلال الحياة والمواقف التي عاشها جعفر وهذا ما
يضفي تأثيرا للرواية على القارئ.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire