dimanche 30 septembre 2012

الشهيد الحي ، ونصف مذبحة حمام الشط...؟








 مذبحة حمام الشط...؟
الشهيد الحي ، ونصف مذبحة حمام الشط...؟
 الرواية الأولي للواقعة بلسان الأحياء منهم والشهداء؟؟؟
ومن لا يؤمن بالقضاء والقدر ؟لطفا ليقرأ هذه الوقائع المعجزة؟؟
عيسى السعيد /باريس
Aissa.assaid@yahoo.fr
الشاهد: عيسى السعيد/تونس1985
المكان :تونس/الزهراء/حمام الشط
الزمان:الأحد والاثنين2/3/ت1أكتوبر 1985
في ذلك اليوم المر عشية المذبحة الصهيونازية ،حططت الرحال من باريس،برفقتي بعض الزملاء من الصحفيين الذين يتتبعون الشأن الفلسطيني،وكانت الأجواء ملبدة والرؤية غير واضحة بعد معركة وحصار بيروت وانتشار القوات الفلسطينية على أكثر من ساحة ، والانقسام الذي أحدث شرخا لم تلتئم أثاره لحتى الساعة؟ كما إن الأجواء في تونس كانت محتقنة وغاضبة على طرد حوالي ثلاثون ألفا من المواطنين التو انسه، الذين تم ترحيلهم من الأراضي الليبية ؟
- عودة ابوعمار من زيارة للمغرب ولقاء الملك..ومقبرة لجنة القدس العربية
- عشرات الكوادر والقيادات العسكرية توافدت إلي العاصمة التونسية قادمة من كل الساحات خاصة اللبنانية والجزائرية والسودان واليمن ، أين انتشرت فيها قوات منظمة التحرير بعد معركة وحصار بيروت1982 وفجيعة الانقسام الفلسطيني الذي أعقب الرحيل عن بيروت؟؟
- العديد من الطيارين الذين انهوا دوراتهم في العديد من البلاد/الباكستان ونيكاراغوا وكوبا، حطوا رحالهم في فندق الزهراء المطل على القرية الصغيرة /حمام الشط التي كانت تتواجد فوقها المكاتب الإدارية ومقر القائد العام والمالية وغيرها.وقد كان أحدهم صديقا منذ بيروت ذهبت للسلام عليه، واتفقنا اللقاء في الغد بمقر القائد العام حيث أكد أن لهم(هو وزملائه) موعد مع "الاختيار "على العاشرة صباحا ؟ وعدت لفندقي ثم عدت بعد أن أخبرت زملائي الصحفيين باني سأضطر لقضاء الليلة بمدينة الزهراء في بيت الضيافة مع الأصدقاء ،لأكون قريبا من الإدارة والموعد في حمام الشط؟
الشهيد أبومحمود/أبوغوش
التقيت في بيت الضيافة بالأخ أبو محمود/ أبوغوش ( من قرية أبوغوش المقدسية)من رجال الصمت الكثير والفعل الكبير الذي لم يكتب تاريخهم بعد ؟؟وكان شقيقه(نبيل) صديقا لي يدرس الطب بالجزائر؟ كان حزينا ، وصامتا كعادته؟ظننت أن ثمة هما شاغله؟واقترح أن نذهب بالقطار للعاصمة لان سيارته كانت معطلة؟ ولان كل الأخوان والشباب مشغولين في أعمالهم المتعلقة بشؤون الأرض المحتلة ؟وخرجنا سيرا على الإقدام لمحطة قطار الزهراء استغرقت خمسة عشر دقيقة؟؟انتظرنا بعض الدقائق ؟حتى فوجئت به يدعوني للعودة !!،
قائلا :اشتقت للأولاد........؟؟؟؟
وعدنا فعلا ؟ولم استطع نسيان هذه اللحظة طوال حياتي وتلك الكلمات ؟؟ دخلنا بيت الضيافة لأنه ذكرني بأنه قد وعد ألإخوان بعشاء أعدته لهم أم محمود يطلق عليها اسم (شاكرية/لبنانية)من اللبن وملحقاته ؟وتهللوا فرحا وذهب فأحضر (طنجرةكبيرة)؟وعلب السجائر؟كان هادئا؟حزينا ؟يبتسم قليلا؟؟يومها أصر على ان اقبل منه سيجارة ؟؟وكانت للمرة الاولي في حياتي ، وقبلتها بلطف، رغم أنف "حزامي الاسود الرياضي"،الذي يمنعني بسطوة ؟ ما أن انتهت الوليمة ، حتى غادرنا أبو محمود؟بعد أن ودعته حتى باب المنزل الخارجي المقابل لمنزله؟كان أطفاله في الشرفة،قد تهللوا فرحا برؤيته ؟ولأول مرة من عمر صداقتنا القديمة من أيام بيروت أرى وجهه يطفح بالسعادة الغامرة والفرح وابتسم أجمل ابتساماته، وتواعدنا غدا لنذهب سويا إلي حمام الشط؟؟ظللت منتظرا حتى قطع الطريق إلي الرصيف الأخر ملوحا لي وكأنه يقول لي للغد ؟؟ ولوحت لأطفاله ؟؟ولكن لم اك أدري إنها كانت الابتسامة الأخيرة والتحية الأخيرة لأعز الأصدقاء؟؟
أحمد"وتل الزعتر " ا لشبل عدت داخلا لاصطحب ((الشبل أحمد))ولم يك يتجاوز الثالث العشرين من عمره وحين شب وتمرد ضمه أبو عمار (الوالد) / لحرسه الخاص /كما كان يسميه/ بعد أن قتلت القوات الفاشية من الكتائب اللبنانية العام 1976 في مخيم تل الزعتر كل أفراد عائلته بحماية الدبابات السورية ؟ ونجا من القتل بأعجوبة حين اختبأ تحت الخزانة كما روى لي الحكاية ،كنت أجد الغضب في عينيه؟لا الخوف؟؟حين كان يتذكر كيف أطلقوا الرصاص العاري على أبيه وأمه الحبيبة وشقيقاته وأخوته؟وجيرانه ؟وخرجنا إلي مقابلة الأب الراهب الثوري/ إبراهيم عياد، لينقل لي أخر الفعاليات الفلسطينية في التشيلي والبرازيل وكولومبيا كما تعودت وإياه حين يحط رحاله في باريس على الدوام ، وقد كان قادما من أمريكا اللاتينية حيث نشاطه هناك من أجل فلسطين ؟وفي الفندق الذي كان ينزل فيه التقينا شابا وسيما يرافق أبونا عياد زميلا للشبل ولكن كان يغمره طموح شباب فلسطين ويطفح من كل كلمة كان ينطلق بها لسانه؟ اخبرنا بأنه سيترك تونس هذا الأسبوع ليذهب إلي يوغسلافيا لدراسة الهندسة هناك الذي تدخل الأب عياد شخصيا له!! ،
وعلق قائلا : وأخيرا وافقوا لي على السفر والبعثة ؟؟آآآ لقد فرحت أمي كثيرا؟بل أكثر مني؟؟ الوحيدة التي نجت من العائلة في مجزرة "صبرا وشاتيلا"/ أيلول 1982 ؟؟ غادرنا هما على أن نلتقي غدا الاثنين في الصباح؟بحمام الشط ؟ وعدت و(الشبل أحمد) لبيت الضيافة في منتصف الليل؟؟ وجدنا أصدقاء جدد قادمين من كل نواحي العاصمة ، ؟لمواعيد الغد في حمام الشط لإنجاز أوراقهم وشؤونهم الإدارية والمالية وغيرها ؟؟ أحدهم اخبرنا بأن حاجز الشرطة على مدخل حمام الشط أوقف شابا قادما من سوريا من آل الخطيب ويبحث عن مكتب ابوماهر ( التنظيم) صديق والده هناك لتامين بعثة دراسية له ؟لان ظروف الصديق صعبة جدا ؟؟اضطروا لإنزاله في مركز التوقيف(السجن) حتى الغد وتفتح الإدارات وليبحثوا في أمره مع المعنيين؟في السهرة تناكف اثنين من الحاضرين على أن احدهم لم يذهب للدوام في مكتبه صباحا على الإطلاق؟؟ ، وحين حمي وطيس المناكفات بينهما وتهكمات الآخرين من الأصدقاء ، وقف كمال غاضبا وقال : في وجه كل الشباب والأخوان والضيوف، بكرة غداكم على من يخلف موعده أنا والأ هو؟؟ وسأنتظره من الثامنة صباحا في مكتب الأخ أبو المعتصم(خلف مقر القائد العام تماما؟؟قبل أن يتفرق الجمع على أمل اللقاء صباحا ؟دعانا جميعا الأسير السابق محمود شموط زوج الأسيرة الأولي في الثورة المناضلة زكية شموط بعد أول عملية فدائية في سوق حيفا عام 1967والذي تزوج ابنتها بحضور( القائد الشهيد أبو جهاد الوزير)أحد الناجين الأثنين (خالد أبوأصبع) من عملية الشهيدة دلال مغربي(13/03/1978)،للتنزه على شاطئ البحر،في تلك اللحظات تذكر حيفا وتداعت ذكرياته فسألته: كيف كان ضابطا في جيش كوكب القرده ونقل المتفجرات في الجيب العسكري لزوجته حتى سوق حيفا ثم في تاكسي الأجرة؟غاص في التفاصيل الصغيرة وكيف كون أسرته في السجن وكبروا معه، وخرجوا جميعا في نفس اليوم( وقد نشرت سيرتهم في أكثر من صحيفة ومجلة وعبر الاثير بعد عودتي لباريس)؟؟كنت انظر إليه يسير الهوينا على شاطئ البحر وتدوي كلماته في أذني :لولا هذه الحدود الكئيبة لأسير على أقدامي أو سباحة حتى حيفا!! وقد أخذنا على بساط الريح إلى حيفا وعكا ويافا وبحر غزة؟لحظات نادرة لم تتكرر؟؟على الرغم من الشواطئ والمراسي الكثيرة التي حططنا الرحال على رمالها؟وتفرق الأحباب في تلك الليلة للمرة الأخيرة ؟كل إلي دربه الذي ينتظره في صباح الغد الاثنين ،وعدنا للمنزل ؟؟
الاثنين العاشرة والربع، نصف المذبحة؟؟
الاثنين03/تشرين أول/أكتوبر/1985الثامنةصباحا،الجميع نهض باكرا وتجمعوا على فناجين القهوة والشاي، والزيت والزعترالمقدس المرسل من جبال الخليل ونابلس والقدس مع القادمين من مدن البشائر والوعد الخصب والانتفاضات المتواصلة ما قبل مجئ السفهاءمن بغال وطراطير اوسلووو إليها ناشرين خرابهم وروثهم المشين وخرائ ط طرقهم الالتفافية عن الخط المستقيم نحو القدس الشريف؟؟ما لبث الجميع أن نهضوا لأعمالهم ومنهم من أخذ الهاتف للاتصال بالسنترال المركزي لخدمة ال"تاكسي"في نفس اللحظة التي وصل فيها الصديق إبراهيم وأوصاني بانتظاره لحين عودته بعد اصطحاب أطفاله للمدارس؟لنذهب سويا إلي حمام الشط وللقاء بعض الأصدقاء الذين لم التق بهم منذ وصولهم من بيروت؟؟ كنت ذلك الصباح مع نسماته العليلة،بأريج رائحة الياسمين التي أكثر مايميز اجواء وشوارع تونس بها كانت تغمرني مشاعر مزيج من الفرح بلقاء الاصدقاء والقلق بعدم تواجدهم في مكاتبهم؟؟ والإخوة منشغلين بطلب تاكسيات للذهاب لحمام الشط،حيث ليس ثمة مواصلات عمومية ، وما التاكسي إلا الوسيلة الوحيدة اوسيارات الأصدقاء، كل الاتصالات لم تجد في تأكيد إرسال أي تاكسي؟؟(.....)
طلبت من أحد الاخوة الاتصال بالفندق القريب لتأمين أي مواصلة؟بعد عشرات الاتصالات لم يعلق على الاطلاق أي هاتف من الارقام وفي المحاولة الاخيرة من الهاتف الداخلي استطاعواالتحدث مع أحد الموظفين الذي أكد لهم ان السيارات محجوزة للنزلاء فقط (السياح)(......)؟؟
الجميع عمهم الغضب فأقترحت ان أذهب بنفسي للفندق،للقاء الصديق الطيار وآتي لهم بتاكسي أوأثنين ،وعلىا لباب لمحت الاخت أم محمود خارجه من بوابة منزلهم ، القيت عليها التحية وسألتها :ان أبو محمود مازال نائما وكانت الساعة تشير إلي التاسعة والربع؟ فقالت:نائم!!!؟ياريت جاء له صديقه باكرا ليصطحب أولادنا بسيارته لأنه يعرف إن سيارتنا معطلة ؟؟ والله يا خوي أخذه معه وهو قلقان طوال الليل لم ينام أول مرة تصير معه ؟وطول الليل يدخن؟وكل شوي يدخل على غرفة الأولاد، يشوفهم ويرجع للصالة؟
قلت: من البارحة وهو تعبان ؟السلام يا أم محمود سأقابله بحمام بالشط؟وذهبت للفندق ؟وطلبت الصديق ؟واخبرني إن الموعد الغي لنا من طرف (لاختيار)؟؟وطلب مني الصعود لتناول القهوة معا ؟وصعدت وأخبرته عن سبب حضوري؟؟فوجئ؟وبادرني وهو صافن قائلا:أنا أيضا من التاسعة طلبت من الموظفين تاكسي ؟ول حتى ألان لم يصل شئ؟ ولو جاء التاكسي لما وجدتني هنا وزملائي؟ولما عرفنا بالغا ء الموعد هاتفيا منذ خمسة دقائق؟إذا علىّ العودة لبيت الضيافة والأخوان لأخبرهم حتى الفندق ليس لديه شئ ؟لأنهم في قلق وغضب شديدين؟ودعته على أمل اللقاء مساءا في العاصمة بالفندق حين عرف إن برفقتي صديق مشترك أصبح فيما بعد(2006)وزير مجلس الإعلام بلبنان؟؟ وعدت على عجل ؟وأمل أجد الصديق إبراهيم قد وصل؟أو وصل أي تاكسي؟
الساعة ألان العاشرة وخمسة دقائق ؟؟
أمام بوابة الفيللا لا نسمع إلا صدى هدير البحر، وصار الشباب يبر بروا لغات لم أفهم منها شيا؟غاضبين: أول مرة من يوم وصلنا من بيروت تحصل معنا ؟؟ قال أحدهم، وآخر
أكيد في شئ؟ والله ما يستر ويحملونا و"يزفتونا" على الحدود الليبية ردا على طرد التوانسة؟؟ طمئنت الشاب الأكثر غضبا فقلت له: بورقيبة أذكى من أن يفعلها ؟؟
وما أن أكملت حرفي الأخير....حتى سمعنا دوي الأنفجارات المهولة وعن بعد الدخان الأسود يغطي سماء حمام الشط ،وقفنا في وسط الشارع لنتأكد من مصدر الدخان ، أحد الإخوة عسكري سابق قال :لربما العقيد قصف القاعدة الجوية التونسية في حمام الشط ليست بعيدة ؟ التليفونات في الداخل بدأت تدوي برنينها؟دخلنا جميعا ، لاستطلاع الأخبار ؟الشاب أغلق الخط بقلق وغضب؟؟ وصرخ : يا شباب علينا مغادرة المنزل فورا ؟؟!، والطائرات إسرائيلية قصفت المقر العام وكل الإدارات ؟؟
ومازال صدى دوي الطائرات المبتعدة يصم الأذان؟؟
الساعة العشرة والثلث....
بدأنا نسمع دوي صفير سيارات الاسعاف المنطلقة باتجاه حمام الشط،تذكرت الاصدقاء صلاح مرافق لختيار في بيروت وصديق الجامعة أمين بسيسو ،تذكرت كمال الذي راهن صديقه البارحة؟؟ اتجهنا نحو الشاطئ اقرب نقطة واسهل طريق مؤدية لحمام الشط،وكأننا في سباق مع نزيف دم أحد الاحباب قبل ان يلفظ انفاسه الاخيرة ؟؟أخذنا الركض بكل ما نملك من لياقة وجميعهم كانوا من متسلقي جبال معارك العرقوب وقلعة صلاح الدين /الشقيف في الجنوب اللبناني الاشم كما كل المعارك في الجبل دفاعا عن بندقية الثورة ورفاق حمزة يونس وزوارقه الذهبية نحوحيفا على الدوام ونهاريا ولم ينتظروا العدو يوما بل كانوا يذهبون اليه، ولاندري كيف وصلنا الي حمام الشط...الاجساد المتطايرة مابين الاشجار والبحر انصاف الاجساد الرؤوس المدماة اثار الصواريخ والدمار في كل مكان، مقر اللاسلكي(وكان وليد الذي نجا من مجزرة تل الزعتر ووالدته الغالية أم وليد وأم غسان وبناتها لان أولادها استشهدوا في معركة حصار تل الزعتر قبل ان تجتاحه دبابات حافظ أسد وحزب الكتائب يعملون جميعا معا منذ ايام بيروت لم يفترقوا نجوا بمعجزة الهية ،لا أستطيع وصف سعادتي بنجاتهم ) الصاروخ انحرف مترا واحدا الي جانب المقر فأختفت الفليلا اوشاليه المحاذية تماما من الوجود وخرجت المياه في قاع الحفرة أما مركز التوقيف(السجن) التقيت الصديق امين تجمدت الدموع وجفت في أعييننا أمام الجثث والصراخ ممن بقى حيا الجميع يحاولون انقاذ من بقى حيا في بدروم الفيللا (السجن)
تذكرت الشاب الذي اوقف بالامس وسألت عنه أمين قال بحزن : استشهد كان جالسا هناك تحت الشجرة يشرب شاي وننتظر مكالمة من الاخ ابوماهر ، فوصلتنا الصواريخ ؟؟ جثة مقاتل بسلاحه كان صاعدا لاعلى المبني ليطلق الرصاص فسقط فوقه الحائط الجانبي قبل ان يصل للسطح. عربات الاسعاف امتلات بها ساحات حمام الشط والشارع الوحيد اخذوا يلملمون جثث الشهداء المبعثرة مابين المبنى والبحر صعدت مع الشباب وأمين للمبنى المدمركان المنظر مريعا كان مقر القائد العام تكفل به صاروخا مباشرا في وسط مكتبه تماما، ذهبت والصديق نبحث عن صلاح في مكتبه بالادارة لم نجد أحدا الاشجار حوله محترقة تعرضت للقصف اسرعنا الخطى بحثا عن كمال الذي اصر على انه سينتظر صديقه من الثامنة صباحا فلم نجد المنزل (شاليه صغير ) وقد أختفى تماما من الوجود بمعنى الكلمة حتي حجرا لم نلمح وكأن زلزالا أبتلعه ؟لاندري ولانعلم ؟من استشهد ومن بقى حيا ومن حضر ومن لم يحضر لمكتبه؟سيارات الاسعاف كما لاحظنا من لوحاتها كانت تصل تباعا من كل المدن القريبة بل من على بعد مائة كيلو متر//الحمامات...رائحة البارود والدخان والبارود والموت والحرائق والاشجار المشتعلة والشباب يتصايحون كل من جهته ، عربات الاسعاف تخطف الجرحي والشهداء بأقصى سرعة، منطلقة في كل الاتجاهات ؟؟ اقتربنا من مقر القائد العام كان منهارا تماما والامن التونسي ضرب حصارا حوله، ولمعرفتهم بالاخوة وأحدهم يعمل بالمقر سمحوا لنا بالمشاركة في انقاض ما تبقى من الارشيف والكتب التي كانت تبعثرت في الساحة بل وخارجه... وللمصادفة المثيرة وقعت يدي على كتاب للصحافي البريطاني "آلان هارت"الذي وجدت توقيعه واهداءه لعرفات والذي يحمل عنوان "عرفات ارهابي ام رجل سلام" ونبشت بقايا الكتب فوجدت كتاب الصديق آلان هاليفي( اسرائيل دولة الارهاب)/ عضو مجلس وطني وصوت فلسطين الصارخ والمدوي في الجامعات الفرنسية ضد الارهاب الاسرائيلي والذي كان ممثل عرفات في الاشتراكية الدولية بعد اغتيال الدكتور عصام سرطاوي قبل عام (1984)؟؟؟ أحتفظت بقبعة عرفات القوقازية دون النسر ؟؟
وجدت قبعات عرفات القوقازية احداها بشعار النسر والاخري دونه وقد احتفظت بالثانية ؟سألنا عن الشاب الذي التقينا به البارحة مع الاب عياد ، وسألنا الاخوة بالمقر عنه أحدهم ادار وجهه وأخذ يبكي بحرقة وزميله قال : اعطاك عمره كان بالطابق الارضي من المبنى وأشار بيده لمكان استشهاده كا ن نائما لانه عاد مع الفجر متأخرا لمرافقة الاب عياد، قلت له ماقاله لنا البارحة وأحلامه في الدراسه وأمه؟؟فعاد الشاب الاخر بالبكاء بحرقة أكثر عندما سمع كلمة "أمه"
خلال حديثنا والاخوان لمحنا العديد من السيارات السوداء عرفت ان ثمة من هو قادم وتوقعنا خلف هذه الجلبة ان يكون عرفات ؟؟الذي لم ينجو بأعجوبة؟هذه المرة ؟؟لانه تم ابلاغ الجميع قبل اربع وعشرين ساعة بالغاء كافة مواعيده بالمقر العام ومنهم الطيارين؟؟ لانه كان لحظة القصف كما أخبرني أحد كبار مرافقيه يمارس رياضة الركض على شاطئ سيدي بوسعيد وينتظر الطائرات القادمة من الشمال وليس من الشرق؟؟ لان عواصم عديدة ابلغته قبل اسبوع "بالضربة" ؟؟ رجال الامن التوانسة ومن تبقى من رجال الاسعاف مع سياراتهم الذي لم يحالفهم الحظ كما عبروا لنا في نقل مصابين او شهداء وهم قادمين من الحمامات، خرجنا جميعا وذهبنا باتجاه طرف الشارع لاستطلاع الامر والجلبة مع القادمين حتى اصبحنا وجها لوجه :كان القائد الشهيد أبواياد ..
وقد فوجئ بي ، قائلا لي:أنت هنأ؟؟
وكنا تعودنا مجرد ان نحط الرحال في تونس وان كانت مرات عديدة خلال الشهر لابد ان نزوره ، ليبوح لنا بما ليس مسموحا البوح به؟
عبر الصحافة والاثير لننشره وان كان ذلك يغضب البعض!
قام بجولة على أثار الدمار كان غاضبا ومحتدا ؟وحين القى كلمته للصحافة كانت بنبرة أقوى مما تعودنا عليه ؟وأقوي من كلمة عرفات في تأبين الشهداء بمقبرة حمام الانف التي لم يدين فيها :لااسرائيل ولا واشنطن ؟ولم يتوعد بالرد كما تعود في كل خطاباته ؟وقد ارسلت تغطيتي لنصف المجزرة ؟؟؟بكل ما توقفت عنده؟خاصة وكانت قد طرحت علامات استفهام مثلا: كان بالامكان أخلاء المنطقة ؟حتى قبل ساعة مثلا ؟؟والا كيف عمال السنترال للخدمة العموميه لديهم التعليمات بعدم التوجه لحمام الشط ؟ وانتظرنا ساعة ، ولم يصلنا تاكسي واحد ؟؟والغاء كل المواعيد مع القائد العام؟؟ ؟؟علامات استفهام كبيرة ؟؟ لم يتم الاجابة عنها
الساعة الحادية عشر ونصف ؟
عدنا للزهراء وما وصلنا لبيت الضيافة وقفت مذهولا حين لمحت عشرات السيارات تملاء المكان امام منزل ابومحمود// ابوغوش أسرعت لمعرفة خبره فما ان دخلت حتى عرفت وتأكدت من الخبر الذي لم اتخيل يوما ان اسمعه هنا ؟؟اتصلت بأخيه وصديق الدراسة الدكتور نبيل في الجزائر، وحضر مساءا؟؟
حدثت أم محمود الحضور عما جرى البارحة له؟وحدثتهم ما جري واياه البارحة عند محطة القطار : وكيف بعد ان وصلنا لمحطة القطار ، قرر العودة للمنزل وقال لي : اشتقت للاولاد....؟؟؟؟
وسهرةالبارحة مع الشباب ؟؟ وكأنه كان يرى
يومه هذا ؟شعرت يومها انه كان شهيدا منذ البارحة ،؟؟؟؟أما كلمته التي قالها لي : اشتقت للاولاد...لمست روح طهارة الشهيد التي كانت تغمره،وهو الذي كان يجول في كل جهات الارض بحثا عن الشهادة ولم ينلها الاحين حط الرحال بعيدا ، فلمست اسباب أحزانه البارحة ؟انطلقنا نبحث عن الاصدقاء والمعارف :
التقينا ابو سامي البدوي الذي كان من فرسان الانبياء الاوائل كان من غور الصافي الي غزة طريقه اليومي ومجموعته التي لم يحيد عنها ناقلا السلاح والدعم والرسائل للقائد عبد القادر ابو الفحم ورفاقه وكان حافظا كل حجر ونبتة وشجرة وتله باتجاه غزةفي صحراء النقب بعد معركة الكرامة؟؟1968 تهلل وجهه ولوح لنا وعانقنا واحدا واحدا وكاننا خلقنا من جديد فبادرناقائلا:
العشرة الاربع خرجت لاخذ تاكسي للذهاب للادارة ووصلت الشارع حتى عدت ادراجي لانني تذكرت ان ام سامي ليس لديها مفتاحا وذهبت للسوق تقضي لوازمنا؟فأضطررت للعودة للمنزل وما ان وصلت ثم انهيت تحضير القهوة،وحضرت الفناجين ؟ورشفت الرشفة الاولى سمعت القصف؟
مفتاح الدار انقذني من المجزرة؟
وأخبرنا ان البارحة( كمال) أخبره بانه سيربح الرهان مع صديقه لانه سيذهب للمكتب باكرا؟ فأخبرناه باننا لم نجد اي آثر للمكتب ولا لكمال؟معناه اليوم كمال ربح العشاء ؟؟ذهب واستشهد من اجل أن يصدق وعده؟؟
ذهبنا نبحث عن صلاح مخ.. في كل المستشفيات، ولم نهتد اليه،وبحثنا عنه في كل القوائم للجرحى والشهداء ولم نعثر على شئ؟فما كان لنا الا نسأل مسؤوله وكان مدير مكتبه ومدير كل اوراق وجوازات ورخص قيادة السيارات لكل الفلسطينيين على كل الساحات والوحيد الذي كان يتقن توقيع ياسرعرفات؟ومرر اكثر من مرة كتب مساعدات للعشرات من المقاتلين دون علم أحد ليضع الصرصور في الحبس بعد ان اكتشف (سرقاته) وأكتشفت سرقة الاموال ولم يكتشف التوقيع العصمالي،حين سالنا الحاج مطلق ،اخبرنا وهو يكاد ان يغمي عليه من الضحك وهو من القلائل الذي لم يشاهد اويعرف ماذا يعني الضحك بعصاميته البدوية وصرامته الادارية فقال : صلاح ...وجدوه مابين الموت والحياة معلقا فوق الشجرة وهوقادما لمكتبه صباحا؟؟ثم أضاف : بس كيف طار ؟؟وكيف تحملته الشجرة ؟؟هادا اللى مش قادر أفهمه، وهو كان يحمل مدفع الدوشكا على كتفه في بيروت ويصعد لعاشر طابق عشان يستنى الطائرات الاسرائيليه وكل يوم كان يترك مكتبه ويذهب للتسليح ليحضر صندوق بالسيارة ويخبيه تحت مكتبي ؟؟
فيما بعد عرفنا اأن أحد سيارات الاسعاف أخذته الي مدينة الحمامات الذي كثيرا ما كان يصرعلى ان نذهب واياه لقلعتها لانها تذكره بقلعة ارنون /الشقيف/الذي بناها صلاح الدين لينطلق منها الي فلسطين ؟؟
أما بقية الحكايات ،فمازلت منقوشة على جدران وشوارع وأشجار حمام الشط، وعلى شواهد الشهداء السبعين فوق الهضبةالمطلة على البحرالمتوسط وقرية حمام الانف،يعانقون شهداء غزة وجنين ورفح وجباليا وبيت حانون والاقصى وفي قلوب كل ابناء الشهداء والارامل واليتامي الذي زرعه في ثيابهم الحقد الصهيوني الهمجي ،ولم تنتهي الحكاية بعد ومجزرة ومحرقة غزة أكبر شاهد على الجريمة والمجرمين الذين يكافؤهم بغال اوسلوو وجحوشهابعد عشرين عاما ونيف ؟؟برفض تقديمهم للمحاكمة كمجرمي حرب ؟؟؟؟ السؤال الذي كان يدوي في رأس كل من لم يحالفه الحظ بوصول "تاكسي الغرام" ليحمله على بساط الريح الي حمام الشط : ماذا لو وصلت كل التاكسيات وذهب العشرات الي حمام الشط الساعة العاشرة قبل عشرة دقائق من نصف المجزرة ؟الم تك قد اكتملت و ليست الصدفة ، وليس الحظ ؟ ولكنه القضاء والقدر والقرار أيضا !! ؟ الذي كان لدى عامل السنترال من الجهات المطلعة والمعنية ؟ والذي تغاضوا عنه كل الذين كانوا قابعين على شاطئ منتجع" أبي نواس" و"سيدي بوسعيد" اين انتظروا وصول القتلة بعد ثلاث سنوات لاغتيال أمير الشهداء " أبى جهاد"وبعده بثلاث سنوات القائد " ابوأياد"وأبو الهول والعمري وقافلة الشهداء .......
التواطئ هنا وهناك مستمرا؟؟
بعد عودتي لباريس التقيت وصحافي ايطالي من مناضلي الحزب الشيوعي وكان يطلقون عليه جورج(حبش) ايطاليا في الجامعة وقد أطلعني على الملف الذي أسقط وزير الداخلية الإيطالية قبل شهرين بسبب انطلاق الطائرات الأمريكية وبطيارين إسرائيليين من الأراضي الإيطالية وقصف وقنبلة حمام الشط دون معرفته( وزير الاطرش في الزفة ) ؟؟وليس كما أشيع في ذكرى المجزرة وفي البيان الأخيرمنذايام ؟؟كما لم يتم أنذاك تسجيل أي احتجاج رسمي لأي طرف ؟؟علما بأن الاتفاقيات الأمنية مابين تونس وباريس وواشنطن يضع الساحل ألازوردي التونسي من أقصي نقطة من الشمال حتى الجنوب ومازالت تحت الحماية والضمانات للعاصمتين؟ ومعروفا ومنشورا في الصحافة التونسية كل تلك الاتفاقيات ؟؟لحماية المنتجعات السياحية لرؤوس الاموال الاوروبية والامريكية وخصوصا في جزيرة جربة!!!
أما لماذا ؟قامت الطائرات من جزيرة سردينيا ؟ولماذا لم تتحرك باريس فعند مهندسي قنوات اوسلووو وبعد عشرين عاما يكشف لكم جهينة خبره اليقين المخبئ في صناديق مهندسي مبولة اوسلووو وبغالها،ولم يبدلوا تبديلا ؟ ولم ينالوا إلا الصفعات تلو الصفعات منذ حمام الشط حتى تصريحات جوقة الطرب والرقص الاوسلووية ومابين مصائب/ صائب... الذي لم يصب هدفه؟في التكذيب؟؟،وتأكيدات خرا ريش في جنيف وواشنطن؟؟في صحة التكذيب؟؟وقرارهم بتأجيل محاكمة مجرمي محرقة قطاع غزة .
أما جهينة الفلسطيني فعنده الخبر اليقين ، والانتفاضة القادمة وعلى الأبواب من على عتبات الأقصى والقيامة،لن تبقي الزبانية السفهاء الطراطير في مؤتمرات خنشارية تهلهل مصير الشعب الفلسطيني تحت عناوين مضللة ومخادعة لا تحرر أرضا ولا تزيل مستوطنةأوتحرر أسيرا؟؟أو تنقذ شجرة؟
طوبى للشهداء الابرار




samedi 29 septembre 2012

التلوث في قابس

التلوث في قابس
تونس و شيء من تاريخها
فلسطين تحت الاحتلال

قصة الرسالي حمادي بلخشين مع طغاة دولة الساحل البورقيبية

  بقلم: حمادي بلخشين

تاريخ النشر : 2012-09-04
ثبات بقلم: حمادي بلخشين
كبر الخط صغر الخط
ثبات


ــــــــــ 1 ـــــــ

ذات مرّة، أعلن جحا أمام ملأ من قومه عن عزمه شراء حمار.. حين قيل له :"قل إنشاء الله يا رجل" أجاب جحا بكلّ ليبراليّة: " و ما وجوب إنشاء الله، والمال في الجيب و الحمير في السّوق؟!"...

 في نفس اليوم، حين سئل جحا ــ و قد شوهد مهموما ــ :" لعلّ الحمار الجديد لم يرق لك؟"، أجاب " بالله عليكم، كيف لا يروق لي حمار لم أشتره أصلا... بعد أن سرق المال ...إنشاء الله؟!".




ما حدث لجحا، حدث تقريبا لمجموعتنا التى سماها النظام "جماعة المفسدين" ثم اصطلح على تسميتها أخيرا" بالمجموعة الأمنية".. فكما أن ثقة حجا بوجود المال و الحمير قد حملته على ترك الحذر، فان ثقة مجموعتنا العسكرية في إزاحة الدكتاتور الخرف قد حملتنا أيضا على إهمال إحتياطات أمنية منها البحث عن أمكنة إختباء العناصر الناجية من اعتقال لم نحسب له حسابا.. خصوصا و ان العملية كانت أيسر من جلب حمار من سوق قريب.. كانت العملية سهلة الى حدّ شبّهها بعضنا بقيام أحد عناصر المجموعة بسرقة بيته أو إغتصاب أمّ ولده!

كما فوجىء جحا بسرقة ماله، فقد فوجئت مجموعتنا العسكرية قبيل ساعات قليلة من ساعة الصفر، بوزير الداخلية الرّهيب و هو يسبقنا الى الإنقلاب على سيّده حين أيقن أنه لن يتمكّن من تفكيك الآلة الانقلابية (التي كشفها له عنصر منا قد أدركه الجبن)، دون أن تنفجر عليه.

ما حدث كان طريفا، لنقل جحويا الى حدّ بعيد..فبدل أن تنعم تونس الخضراء بإماطة دكتاتور خرف ها نحن نتطوع بكل غباوة في تشبيب دكتاتوريتها و بعث الحياة في شرايينها!

ـــــــــــــ 2 ـــــــــــــــ

كنت ضمن الناجين من الإعتقال.. تمّ ذلك بطريقة مضحكة كانت تنمّ عن غباوة آمر الوحدة، كما نمّت أيضا عن سياستنا العربية الكارثيّة في عدم إعطاء القوس باريها.. فبدل أن يكلّف آمر الوحدة من يجلبني الى مكتبه طوعا أو كرها ـ خصوصا وقد كان تحت تصرّفه أكثر من نصف ألف عنصر مسلّح


مستعّد لجلب أبيه مقرّنا في الأصفاد ــ خيّر الآمر الغبيّ الإتصال بي مباشرة! أنا ضابط الصفّ الذي لا يحقّ لي في سائر الأيام أن أحظى بمقابلة حضرته الا بعد طلب خطّي يوافق عليه خمسة من أصحاب الرتب الأدنى منه!

بلغت حماقة آمر وحدتي منتهاها، حين سألني هاتفيا عن منصف ثابت و هو ضابط لا يخفى تدينه و لا تربطني بها صلة مهنيّة، كما بلغ سخف آمر الوحدة سقفه الأعلى، حين أفادني بأنه قد سخّر لي سيارته الشخصية التي ستوصلني بعد دقائق قليلة الى مقرّ قيادته الذي يقع على مسافة ميلين من مكتب التجنيد الذي أعمل فيه!



كنت أطلق ساقيّ للريح وأنا أردّد المثل العربي "شرّ أيّام الدّيك يوم تغسل رجلاه"(1)، حين اصطدمت بالملازم اول منصف ثابت، بطل قصتنا وهو يصل متأخّرا الى مكتبه.. كنت أعلم أن الملازم أول منصف ثابت ينتمي الى مجموعتنا.. لم يحتج تعريفي له بنفسي غير كلمات مقتضبة تبادلنا فيها كلمة تعارف أعقبها إبلاغي اياه بالقبض على النقيب جواد عزمي، قبل ننطلق معا و لسان حالنا يقول" انج سعد فقد هلك سعيد!"

ـــــــــــــــ 3 ـــــــــــــ

بعد فراق الملازم اول منصف ثابت في يومي ذاك، ظللت لأكثر من أربعة أشهر و أنا نهب الخوف و التشرّد، إلى أن آواني جنديّ سابق كنت قد أشرفت على تدريبه بعد أن طرقت باب كوخه الجبلي الحقير.. لم أكن أتصوّر حين دخولي عليه بأنني سأجد الملازم أول منصف ثابت في ضيافته أيضا!.


كان سرور الملازم أول منصف ثابت بي جارفا بقدر ما كان سخطه عظيما على حركة النهضة التي قرّرت نفي من كان في وضعنا الى خارج أرض الوطن، بعد أن أعلنت ولاءها و ثقتها في الدكتاتور الجديد!..." هل يعقل أن أغادر تونس، وقد بذلت من أجلها ما بذلت، لأعيش في بلاد نصرانية تزوّج الذكر بالذكر؟.. قل لي بالله عليك، كيف سينشأ أولادي هناك.. و إن نجا أولادي، فكيف سيكون مصير أحفادي، خصوصا و أن اخوانيّة حركة النهضة و إستعدادها للقبول بأي حلّ سلميّ مع النظام، سيحتّم عليّ الموت في بلاد الغرب حتى لو عشت عمر نوح؟.. إياك اخي سامي أن تغترّ بوعود النهضة و الإخوان عموما، فانهم يقولون ما لا يفعلون.. هم كذلك منذ حياة مؤسّسهم حسن البنا.. لا تتعجب من مبادرة الشيخ راشد الغنوشي الى التبرؤ منا، فالعمل المسلح ليس من سياسة الإخوان.. ولولا ما اعتزمه بورقيبة من إعدام ثلاثين من قادة النهضة ما فكرت النهضة في عمل مسلّح.. فالعمل المسلح كانت غايته إنقاذ رقابهم من حبال المشانق.. فسياسة النهضة هي الوصول للسلطة عبر صناديق الإقتراع.. " حين واجهت الملازم أول بكتابات سيد قطب التّي تنظّر للثورة و للعمل المسلح ضحك طويلا ثم قال" يا أخي.. الله يهديك.. الشهيد سيد قطب هو قميص معاوية بالنسبة للإخوان، فسيد قطب مجرّد لافتة إشهار إخوانية لجلب الشباب الغرّ الى تنظيمهم، فهم يستغلون جهاد الرجل الكبير للترويج لمشروعهم الفاشل، و سيتنكرون له حتما و سيلعن الإخوان جد قطب السابع فور حصولهم على أول مقاعد برلمانية.. ثم ان تباهي الإخوان بجهاد سيد قطب و نهجه النبوي في التغيير لا يشبه سوى تباهي مومس بشرف مريم العذراء.. أنصحك بعدم مغادرة تونس. الموت بشرف أفضل من الغربة و الضياع في بلاد النصارى ".

كنت مغسول الدماغ إلى درجة اعرت فيها أقوال الملازم اول منصف ثابت أذنا من رصاص و أخرى من إسمنت مسلّح.. كنت وقتها مريدا متيّما "بمجّدد القرن الإمام حسن البنا"، خصوصا وقد همس لي مسؤول نهضوي كبير كنت التقيت به إثناء فراري، بما يفيد أن مسّا من جنون قد خالط الملازم أول منصف ثابت كنتيجة حتميّة لحالة الضياع و الإحباط التي يعيشها..لأجل ذلك فأن كلّ أقواله تؤخذ كي تهمل.


حين شدّدت حركة النهضة طلبها على الملازم أول منصف ثابت بمغادرة الوطن، طمأنها بأنه لن يورّطها بتسيلم نفسه حيّا مهما كان الثمن الذي سيدفعه.


ظللت نصف سنة كاملة رفقة الملازم اول منصف ثابت.. حكى لي أثناءها ما جرى له أثناء تشرّده الذي استمرّ ثلاثة أشهر، قبل أن يؤويه الجندي الشجاع.. كانت قصته مع الشيخ مفتاح، أكثر ما روى لي الملازم أول منصف ثابت مدعاة للضحك.. قبل أن يشرع في سردها على مسمعي، أخبرني بكثير من الحزن بأنه قد صاغها في ثوب أدبيّ منمّق سمّاه "المقامة الشتائميّة" و قد أحسن إخفاءها، و لكنه خلّفها وراءه إثر مداهمة أمنيّة لنزل حقير كان يعيش فيه متنكّرا، وإن كان يأمل في استرجاعها الى حوزته بمساعدة الجنديّ الشابّ الذي آوانا.



ـــــــــ 4 ــــــــ

بعد مرور عقدين مدمّرين على إقامتي في النرويج، و في صباح يوم شتويّ كئيب، عثرت في صندوق بريدي الذي اكتنفه الجليد من كل جانب، على رسالة تونسية بلا عنوان.. حين فتحتها، وجدت فيها دفترا باليا، حين قلّبته طالعني عنوان "المقامة الشتائمية"!.. لم أحتج الى طول تفكير، حتى أدرك هويّة من أرسلها.. مجرّد قراءة عنوانها أثار فيّ مواجع و شجونا لم أملك حيالها إلاّ الإنهيار على أقرب كومة ثلج ثم الشروع في النشيج!



كنت قد احتجت إلى أكثر من عقدين من الزمان كي أصدّق كلّ كلمة قالها الملازم أول منصف ثابت في حق الإخوان المسلمين و مشروعهم الذي مات قبل مصرع حسن البنا.. فهاهم قادة إلإخوان يقبضون" ثمن الدّم"(2) متمثلا في فتح ابواب البرلمانات بل و كراسي الوزارات بل و الرئاسة في و جوههم المقيتة، اثر احتفاء الغرب بهم بعد فتوى شيخهم القرضاوي بوجوب قتال المجند المسلم في أي جيش غربي ضد أبناء ملته في صورة إرساله رفقة قيادته النصرانية الي أي بلد اسلامي أثارت سياسته قادة البيت الأبيض.. و ها هم إخوان افغانستان يقفون ممثلين بوزراء كثر في صف أمريكا، وهاهم إخوان العراق ممثلين بطارق الهاشمي نائب الأول للرئيس العراقي يقاتلون في محافظة ديالى صفا الى صف بجانب القوات الأمريكية الغازية، و ها هم إخوان تركيا يضعون أيدهم" في يد إسرائيل، و يبادرون بزيارة القدس في خطوة لم يقدم عليها عتاة الساسة العلمانيين بعد أنور السادات، و هاهم أخوان تركيا ايضا يمدّون القوات الأمريكية بالعون اللوجستيكي وهي تعبر أرض تركيا بثمانين في المائة من الذخيرة التي يستخدمونها في بلاد الرافدين لقتل العراقيين، وها هم إخوان تركيا يضحّون بكل شيء في سبيل مناصب شكلية فاقدة لأي صلاحية، لا تؤهلهم حتى لسن قانون يتيح لطالبة مسلمة ارتداء خمار. وها هم إخوان فلسطين ـ حماس ـ ينسفون ـ عملا باتفاقية السلام ـ كل من وجه من أحرار الفلسطينيين بندقية نحو الصهاينة، و ها هو راشد الغنوشي رئيس النهضة يشيد بحكمة مجلس الحكم الإنتقالي في العراق في تعامله مع المحتل الأمريكي! و ها هو القرضاوي يسفّه كتابات سيد قطب في كل مجلس يعقده، كي يبعد عن جماعة الإخوان كل وصمة فكر جهاديّ تحوم حولها..


زاد بكائي حرقة حين خطر ببالي ان خيبة أمل المسلمين لم تكن الأولى و لن تكون الأخيرة.. ما حدث لجحا لا يختلف عما حدث للمسلمين.. حدّث جحا قال " رأيت في منامي حلما نصفه الأول حقّ و نصفه الثاني باطل، قيل له كيف ذلك يا أبا الغصن؟ " قال رأيت في منامي وكأنني عثرت على بدرة ملئت دنانير ذهبية ولمّا حملتها سلحت على نفسي من شدة ثقـلها.. وحين أفقت، وجدت النتونة و الرطوبة ولم أجد البدرة بين يديّ!.

ما حدث لجحا، حدث لأمتنا في صور متعددة..أولها مع إسلامنا..
حين انطلق المارد الإسلامي كإعصاركاترينا وهو يعصف بالدول ويطيح بالأمبراطوريات، ويخلع الجبابرة و المستبدين، و يرسي الأمن بين الخائفين.. كان حلم الإنسانية أن يتمّ ذلك الخير، و يشمل كل المعمورة، وتجمع أسلحة المجرمين الشرقيين و الغربيين وتنتهي الحروب الدينية و الطائفية والقومية، وتضع الحروب أوزارها، فتأمن البشريّة من خوف، و تطعم من جوع، و تعيش آمنة مطمئنة تمارس عقائدها بكل حرية تحت جناح النظام الرباني.. حين أفاقت الإنسانية من حلمها الجميل، وجدت إنقلابا أمويّا جاهليا عنصريا يخدم مصالح أسرة وحيدة! فقلبت كل الموازين، وضاعت آمال البشرية ، وطارت بدرتها الثمينة، كما تلاشت بدرة جحا و بقيت الإنسانية بما فيها الشعوب الإسلامية غارقة في النتونة والعفونة، خصوصا وقد أيّد الغباء السلفي أو برّر على الأقل نظرياّ ما أحدثه معاوية ميدانيا من عبث و تغيير و مسخ لديننا العظيم.

لما سقط كياننا السياسي سنة 1924 بتركيا، اتجهت الأنظار الى الشاطر حسن البنا.. شابّ مصري طموح التفت حوله الملايين من الأتباع المستعدين لبذل النفس و النفيس في سبيل إحياء الكيان الإسلامي المنهار على أسس قوية تضمن له أسباب البقاء..حلم المصريون و العرب و المسلمون بأن يقود حسن البنا شعبه المصري و من خلفه الشعوب الإسلامية الى ثورة حقيقية.. بعد فترة قصيرة أفاقت أمتنا العربية من حلمها لتجد فراشها اكثر تلوثا و أشدّ نتونة من فراش جحا!.. الذي حدث،ان ما حسبته الأمة لجينا قد تبين انه مجرّد تراب، بعد ما "أبدى الكير عن خبث الحديد".. لقد تبين أن حسن البنا كان مجرّد نسخة سلفية بائسة عرفت امتنا آلافا من أمثالها.. حسن البنا.. باختصار شديد، وقف مع الملك المنحلّ فاروق و سماه الفاروق العظيم.. كفّر كل من امتدت يده الي النظام الملكي بسوء.. أيّد دستور1923 الدستور العلماني الذي وضعه البريطانيون في مصر عوض الشريعة الحكيمة ثم وافق أخيرا على معاهدة 1936 التي تمنح بريطانيا وجودا شرعيا بمصر!
حين احتلت دول الغرب بلاد المسلمين ،كان على السلفية ان تنادي بقتال الكفار و إجلائهم فهبّ المسلمون لدحرهم فتحقق لهم ذلك..حلمت الشعوب العربية بدول ذات دساتير تعبّر عن ثقافتها ورؤيتها للحياة، كما حلمت بنظام عادل يحسن توزيع الثروات ويرحم شعبه.. بعد حين أفاقت شعوبنا الإسلامية على نتونة تسدّ عليها أنفاسها، حين التفتت حولها، وجدت مراحيض بشرية متنقلة تعتلى كراسي الحكم.. بيادق ذليلة لا تليق بها غير الكراسي الكهربائية، فقد تبين أنهم ألعن ألف مرة من المستعمر نفسه، ولا يختلفون عنه الا بلون البشرة. كما فوجئت شعوبنا بدساتير اروبية تحكمها بقانون هنري وميشال المخنثين و كاترين و جوزيفين العاهرتين.. فالمسلم الذي يجد زوجته تضاجع في فراشه شخصا غريبا كان عليه قانونيا ان يفرّ كالغزال، أو أن يقدّم للزاني كأس شربات، لأنه لو دافع عن شرفه فقتله الزاني فلا شيء على الزاني، لأن الزنا تم برضا زوجة (كل جرمها هو سوء اختيار المكان)و قد سقطت دعوى الزنا بموت الزوج صاحب الدعوي، ثم ان قتل الزاني للزوج كان دفاعا شرعيا عن النفس!

ذات 1979 أفاقت أمتنا الإسلامية على انتصار الثورة الإيرانية، حسنا، هذا شاه إيران قد سقط، ستتبعه شياهنا بكل تأكيد.. إزاء تهديدات الخميني بزوال دولة اليهود، اعتقد الكثيرون أن وجود إسرائيل أصبح مسالة وقت لا اكثر ولا أقلّ!.. حين أفاق المسلمون، وجدوا في كل بيت خرية إيرانية أعرض من مؤخرة جلال الطالباني..هذا ابن يلعن الصحابة، وهذه ابنه تتهم الشريفة عائشة بالفاحشة، وهذه إيران تتعامل عسكريا واقتصاديا مع اليهود و توالي امريكا في العراق و افغانستان، و هذا حسن نصر الله يثني على تأييد مراجع العراق للإحتلال الأمريكي هناك!
" ما حدث لجحا حدث لي على المستوى الشخصي، كنت احلم بمجتمع تظلله شريعة السماء فاذا بي أنفى الي بلد الإباحة و الشذوذ لأعيش بين طابقين يحتل أعلاه لوطي و أسفله سحاقية!

سقوط يوسف القرضاوي، كاهن الإخوان، دفعني الي قراءة سيرة شيخه البنا... سقوط حسن البنا دفعني الى البحث عن المنظومة السلفية التي صنعت فكر البنا المدمّر.. صرفت سنوات عديدة وصلت فيها الى قناعة ان الفكر الطائفي لا الأسلام ، هو الذي يقدّم للناس على أساس انه دين محمد !..اذا نظرنا الي بلاد المسلمين وجدنا طائفتين: سنة وشيعة... طائفة السنة تؤمن بالحكم الوراثي، أي باختيار الحاكم على اساس عنصري( من قريش) أو على أساس بلطجي ( اعطاء الشرعية للحاكم للإنقلابي الناجح ـ المتغلب ـ).. وهذا أول الوهن.

ثاني مصائب الفكر السنيّ، إيمان كهنته ومفسريه و منظريه بان الشورى غير ملزمة للحاكم، بمعني انها شكلية. والنتيجة المريعة: ان الحاكم الوراثي المدلّل قد اعطي أيضا، حق فيتو مجّاني لإفساد نتيجة كل شورى تصبّ نتيجتها في صالح الأمة. فاذا قال الشعب" نعم لشيء ما"،فيكفي الحاكم الوراثي مجرّد قول"لا"، حتى يفسد نتيجة الشورى. و الحصيلة الكارثية: تنصيب حاكم في شكل وحش مطلق السراح، لا يسأل عما يفعل. هذا مع العلم ان الرسول، لم يثبت عنه قط ّ، انه استشار صحابته ثم عمل بغير رأي أغلبيتهم، ولو خالف راي الأغلبية رأيه!

ثالث المقاتل السنية،اعتقادهم بالإجماع الحنبلي والأشعري، ان افعال المرء مخلوقة، ولا قدرة له عليها، اي انها من صنع الله!! في نهاية المطاف،ايمانهم بالجبرية المطلقة ( معاوية اول من أرسى هذه العقيدة المميتة، فحين رجع من حربه لعلي رضي الله عنه صّرح بان القدر و إرادة الله هي التي حملته على كلّ ما فعل! )
رابع الكوارث السنية، اعطاء الحاكم الوراثي والدكتاتور(والذي يعتبر هو ذاته من اعظم المنكرات التي يجب اماطتها) صلاحية تغير المنكر باليد دون سواه! اي انهم قد سل{موا السمّ الى الجرذان التي تعيث في البيت فسادا، ثم قالوا لها :استعمليه متى يحلو لك ذلك! و في الوقت الذي يناسبك.. تصبحين على خير!
خامس الدواهي السنية، تحريمها الخروج على الحاكم الفاسد ـ وأخيرا، المبدل لشرع الله والمظاهر لليهود و النصارى ـ ولو سجد ذلك الحاكم لصنم، ما دام يقول لا اله الا الله .كما جعلوا الخارج عليه ملعونا في الأرض و السماء. ففي حين اعتبر القرآن الكريم ان الركون للظلمة و عدم تغيير الظلم السياسي بشتى الوسائل( الإستضعاف) يدخل صاحبه النار، حث البخاري على الصبر على ظلم الحاكم، وزودها ابن حنبل حبتين حين حرّم على المسلم ان يبيت ليلة واحدة وهو ينكر شرعية حاكمه السفّاح!

سادس الكوارث السنية...(على، فكرة لا علاقة لسنة الرسول التي تفسر القرآن الكريم وتوافق آياته، بتسمية هاته الفرقة) تعزية المظلومين من خلال ايهامهم بحصول تغيير خارجي يتمّ عن طريق مجدد قرن( لم يتقن شيئا قدر اتقانه التغيب عن موعد قدومه) او المهدي او المسيح. ففي حين يخبرنا الله بانه "لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم" يصرّ الفكر السنّي على ان التغيير سيتم و نحن نيام، ومن قبل قوى غيبية...وفي حين يؤكد الله تعالى ان الرعية الفاسدة تعاقب بحاكم أفسد و ألعن (و كذلك نولى الظالمين بعضهم بعضا بما كانوا يكسبون) يوهم الفكر السني اتباعه بان الفساد السياسي يعالج ربانيا بمهدي أو مجدّد قرن يملأ الدنيا عدلا.لأجل ذلك سقطنا في الحضيض ولو لم يوجد اليهود و النصارى وكل " أعداء الإسلام" لأستعمرتـنا الفقمات ولأستضعفتنا طيور البطريق، ما دامت المنظومةالسنية تمتلك هذا الكمّ الهائل من مؤهلات السقوط وهذا القدر المفجع من قابلية الإمتطاء و الإستعباد.

اما طائفة الشيعة فهي عمياء تماما، اذا قيست بالفكر السني الأعور. فهي تؤمن باختيار الحاكم على اساس عنصري(اهل البيت) كما تعطي لأئمتهما صلاحية حساب الناس يوم القيامة، كما نسبت اليهم تلقي الوحي و معرفة الغيب و الإطلاع على ما في الصدور، كما اضافت الى سقوطها الإيمان بتحريف القرآن ثم تكفير صحابة الرسول و اتهامهم بانهم خدعوا الله تعالى حين اثنى علي ايمانهم و الحال انهم لم يؤمنوا في حياتهم قط !
خلاصة الأمر ،لا خير في السنة ولا الشيعة .فالطائفتان موجودتان معا في الفراش الأمريكي، كما انهما لا تخدمان قضايا المسلمين، بل تخدمان الجنرالات و الملوك و كهنة الشيعة الحاكمين في إيران.

ـــــــــــــــــــــ 5 ـــــــــــــــــ


حين استرجعت بعض هدوئي: فتحت الدفتر فطالعني ما كتب الملازم اول منصف ثابت: "

في بداية أمري توغلت في الغاب و عاشرت الضبع، ثم ما لبثت أن استوحشت فغلب عليّ إلتماس الأنس لأن الإنسان مدنيّ بالطبع، خصوصا وقد داهمني فصل الشتاء، وما يوعد به من برد و أنواء، فأنحرفت الى أقرب قرية و بقيت ثلاثا أرصد سكانها ثم أجوس ليلا بين أزقتها و جدرانها، حتى أطمأن قلبي الى خلوها من زبانية النظام، و كلّ جاسوس نمّام.

لما كان اليوم الرابع، دنوت سحرا من مصلّى القرية، حين شق الصمت سعال حادّ متواصل علمت انه ينتاب إمام مسجد في غدوه و رواحه. لم ألبث إلا هنيهة حتى رأيت الإمام يتقدّم بخطى وئيدة فتأخّرت قليلا ريثما يتخطّاني دون أن أشعره بمكاني.. ما إن تجاوزني بخطوتين، حتى رأيت ملثّما يسدّ الطريق دونه صائحا به " أين المفرّ يا أنجس بشر؟ " ما إن أتمّ الصائل كلامه حتى استلّ سكينا ثم عمد الى الشيخ فطرحه أرضا ثم افترشه وهو يقول بين لطمة و اخرى" ادع ربّك لو كان قادرا على انقاذك " حينذاك ذهلت عن محنتي و غادرت مخبئي مسارعا بضرب يد الصائل بكيفيّة أسقطت منه السكين ثم ركلته ركلة طوّحت به بعيدا قبل، أن أتوجّه الى الشيخ اللطيم، مفسحا المجال للزنيم كي يفرّ حتى لا أورط نفسي في سين و جيم. وقد شكر الإمام جهدي في إنقاذه من شخص ضلّ عن الطريق و فقد رشاده. ثم قدته الى المسجد حيث

صلينا الفجر معا، بعد أن أمرني بالغسل و التشهّد من جديد، لأنني كنت كافرا بترك الصلاة، بعد أن أوهمته بأنني لم أركع في حياتي لا في يقظتي ولا في سباتي، حتى أعمّي عليه أمري، و أضلله عن سرّي. و قد أوهمت الشيخ مفتاح( وهو اسم الكلب النبّاح) و نحن في طريقنا الى بيته بأنني فقدت شغلي منذ شهرين أو أكاد، فهمت في البلاد بحثا عن عمل أسدّ به جوعتي فعرض علي العمل تحت إمرته و مشاركته المؤقتة شقته، قبل الإنتقال للسكنى في مزرعته حين تقدم ابنته بعد فراغها من دراستها الجامعية التي ستسبق قدوم زوجته من زيارة ابنها في السعودية. و قد كنت بين يدي الشيخ كالميت بين يدي غاسله، فلم يسمع مني غير "عظيم و نعم" رغم تخبطه في العمل و إسفافه في الكلم، فقد كان الشيخ سلفيا غبيّا و متزمّتا وهّابيّا لا يفهم الدين الا تحمل الرعيّة لسع الجمر، و طاعتها وليّ الأمر، حتى لو جار و خرّب الديار. " فالدنيا يا ولدي دار بلاء، و مملكتنا ليست في الأرض بل في سابع سماء، هكذا علمنا سلفنا الكرام فسلطان غشوم خير من فتنة تدوم. فسبحان من ولّى حكامنا مقاليد الأمور، فأعطاهم السياط و أعطانا الظهور" (ثم وهو يسرّ لي) " لأجل ذلك سعيت يا أبا شجاع، الى التبليغ و الإيقاع بكل مواطن ذي إجرام يستهدف النظام، و لا ريب أن الزنيم الذي استهدفني منذ حين،كان قريب خارجيّ لعين قد حلّ به القصاص فكان عبرة للناس، فما ذنب مفتاح المسكين ان كان قد أغضب المجرم حزمي في قمعي أعداء الدين؟ " قلت في نفسي" لا بد أن أداريك علني أجهض بعض مساعيك، فأكون كأمّ موسى في قصر فرعون ترضع ولدها و تأخذ أجرها"... و عند وصولنا البيت، خصّص لي الشيخ مفتاح شقّة أنام فيها، فطاب لي المقام، و نسيت ما كابدت من آلام. و قد تبيّن لي أثناء إقامتي مع الشيخ مفتاح، خلوص نيته في التبليغ بأهل الغيرة و الكفاح، فقد كان يدفع بهم الى المنيّة و مسالخ الداخلية بحسن نيّة، ظنا منه انه يخدم الإسلام بتقربّه بدماء هؤلاء من النظام. فلطالما سمعته يدعو باكيا أثناء السّحر "اللهم دمّر أعداء النظام، و اجعلهم عبرة للأنام، اللّهم أعن فخامة رئيس الجمهورية الذي اصطفيته قائدا للرعيّة، على الخوارج الملاعين أعداء الملّة و الدين". وقد سعيت الى إرضاء الشيخ السّفيه عبر العمل بما كان يرضيه، فحلقت هامتي ولبست عمامتي، و قصّرت ثوبي و أكثرت من صلاة النوافل، كما جاريته في مدح النظام و الإشادة بالظلاّم، كما بالغت أيضا في مدحه بمناسبة و غير مناسبة بقولي له "يا حجة الإسلام و يا ركن النظام" حتى انني ذات نفاق قلت فيه شعرا طويلا أذكر منه قولي:


خلقت لكي ترأس العالمين
بما قد وهبت من الإستقامة

فما علم أحمد و الشافعيّ
بجانب علمك غير قــلامـة
و لو في قريش ولدت قديما
لكنت أحقّ الورى بالإمامة !

بعد أسبوع من مقامي عند الشيخ مفتاح، قدمت علينا ابنته "سماح" و ذلك بصفة استثنائية، بعيد إغلاق الجامعات التونسية، إثر شغب طلابيّ أعقبه تدهور أمنيّ، وقد راعني جمالها فرغبت في وصالها. و حين كلّمت أباها زوجني إيّاها. لكنني في ليلة العمر وجدتها غير بكر، و حين استنطقتها أخبرتني بان ابن خالتها عمارة قد أفقدها البكارة بعد أن خدعها بمعسول الكلام، و هيّأ لها أنه فارس الأحلام. فتغاضيت عما سلف منها من زلات و الحسنات يذهبن السيآت، خصوصا وانّ وضعي العجيب، قد فرض علي العمل بقول الأديب" "دارهم ما دمت في دارهم، و أرضهم ما دمت في أرضهم" فإن كان زواجي قد تمّ في خفية عن النظام، فان طلاقي ــ الذي يقتضي منّي الظهور ــ سيجرّني إلى منصّة الإعدام!
وقد أثلج زواجي صدر الشيخ مفتاح، الى حدّ قوله ذات غمرة إنشراح:


رزقت بصهر خلوق وسيم
و أشجع من عنتر أو أسامة(أسد)

فمن حبّه سنة المصطفى

أقام الصلاة و أرخى العمامة

و آمن أن الاله اصطفى
رئيس البلاد لنيل الزعامة
و أن ذنوب الرئيس هباء
اذا لـــقي الله يوم القيامة

ففي وسع حاكمنا قتل ثلث
من الشعب دون أقلّ ملامة
فكلّ خطاياه مغفـــــورة
كما صحّ عن جعفر عن دلامة

لأن الإلــــه اصطفاه علينا
و قـــــلّده الحكم بعد الإمامة
وآمن أنّ النساء سلبـــن
عقولا ودينا مع الإستقامة
كما أنّ كوكبنا يستقرّ
على قرن وعل عظيم الجسامة
كما صحّ ذلـــــــــــــــك عن أحمد
و أعنى بن حنبل رمز الفهامة!

فطوبى لدهر حباني بصهر
فنعم العطاء و نعم الكرامة

في الأسبوع الثالث من شهر العسل أصابتني حمّى شديدة غيبتني عن وعيي أيّاما عديدة، و في اليوم السادس أفقت مرعوبا على طلق ناريّ هز ّ أركان البيت، حين فتحت عينيّ و جدت عروسي المسكينة تجثم فوقي وهي مضرّجة بدمائها و المقدّم اللعين عمارة الحمزاوي يقف وراءها وهو يستعد ثانية لإطلاق النار بعد أن فدتني المرأة بجسدها، وهي تتوسل إليه الاّ يفعلها، لإعتقاد المسكينة أن لا صلة لي بشخص "ارهابيّ" كان يبحث عنه. وقد علمت من الشيخ مفتاح أن الضابط اللعين قد استغل غيابي عن وعيي لقتلي في الحين، و ذلك فور تعرفه عليّ، فقد كان المقدم عمارة زميلا لي في الأكاديمية العسكرية قبل زواجه من ابنة وزير الحربية مما رشّحه (بالإضافة الى دمويته) ليكون الساعد الأيمن لوزير الداخلية. و رغم وهن جسمي فقد تمكنت من السيطرة على الضابط الأذلّ، ثم تصفيته بلا وجل، و لسان حالي يردد " أنا الغريق فما خوفي من البلل" خصوصا بعد أن تبين لي وفاة سماح و مآل أمري الى إفتضاح.


حين هممت بمغادرة الشيخ مفتاح قال لي الوقاح:" هب لي يا شقيّ فرصة أعبّر لك فيها عن كراهيتي" فقلت له :"يا أهوج أنا إليها منك أحوج، فأنت أبغض إليّ من الشيطان، يا أوسخ من نطق بلسان. فلطالما ــ يا حثالة ــ قد سكتّ عنك و أنت تحشو رأسي بكلّ سخف و زبالة".. وهذا بعض ما احتفظت به الذاكرة من تلاسن بلغ حد التّلاعن:

ـــ يا عدّو الجماعة، و شاقّ عصا الطاعة .
ــ يا حياة بلا أمل، و يا إستحاضة في شهر العسل!
ـــ يا أضرّ من ثعبان، و يا أكفر من موشي ديان.
ـــ يا نعل السلطان، و أنجس من خان، فلو بعث خير الأنام، لظاهرت عليه النظام.
ـــ يا عابد الكراسيّ و مريد الخناس...رميت في سقر، و بليت بالعور.
ـــ يا كاهن النظام و مطيّة الظلاّم، ليتني تركت الرجل يقتلك و الى جهنم ينقلك.
ثم أنشدت من فوري:
أيا ليتني كنت عنك بعيدا
سويعة طوردت بالماضية(3)
و يا ليته شقّ منك الفؤاد
و يا ليـــــتها كانت القاضية!
ــ يا مضلّ الشباب و يا مسيلمة الكذاب، رزقت ببلية و احتوشتك زبانية الداخليّة.
ـــ صه يا فاسد، يا أنتن من ماء راكد.. يا أحــــنّ على النظام من والد و يا أسخف من عمر خالد.
ـــ يا معارض أمر الله، و يا ألعن من سواهّ. أعمى الله بصرك بعد بصيرتك و اسكنك جهنم بجريرتك.
ـــ يا إمام المفسدين و معرّة العابدين، لقد ضلّ من استهداك، و خسر من استرعاك. و من طمع من نفعك و أمل في رفدك كمن استمطر النيران و استفحل الخصيان...
بعد ذلك غادرت المكان و أفلت في الإباّن، ميمّما وجهي شطر الغابة. وهبت و اياكم الإنابة".

حين فرغت من المقامة ترحمت على الملازم الأول منصف ثابت، بكيت على نفسي طويلا، أي ثابت كان.. لقد توفاه الرحمن بعد سنتين من مغادرتي تونس ــ الطغيان.. لم يلق سلاحه حتى لقد أردى خمسة من زبانية النظام قبل ان يردى قتيلا... لقد كان حقا من طراز " رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه و ما بدّلوا تبديلا"(4).

أوسلو 29 أكتوبر 2010
ـــــــــــــــ
(1) أي يوم يهيئ للذبح
Bloodmoney(2)المال الذي ياخذه القاتل المأجور.
(3) الشفرة.
(4) قرآن كريم.
 http://www.bettna.com/stories/showstory.ASP?aid=509&fb_action_ids=2440412826097&fb_action_types=og.likes&fb_source=aggregation&fb_aggregation_id=246965925417366المصدر

vendredi 28 septembre 2012

اليهود والنصارى سيدخلون الجنة
ابو سيف العلوى في الأربعاء 08 نوفمبر 2006

بسم الله الرحمن الرحيم ربى اشرح لى صدرى ويسر لى امرى وأحلل عقدة من لسانى يفقه قولى صدق الله العظيم فى هذة الايام المباركه من شهر رمضان اعتاد المسلمون وكعادتهم الذهاب الى المساجد واداء الصلوات اكثر من باقى شهور السنه ويقرأون القرأن ويستمعوا الى الوعظ والارشاد وما من خطيب يقف على منبر فى هذه الايام الا وتنقسم خطبته الى ثلاثه اقسام :
القسم الاول وهو موضوع الخطبة والقسم الثانى وهو الدعاء للمسلمين
والقسم الثالث وهو الدعاء على غير المسلمين كمثال ((اللهم زلزل اقدامهم واخرب بيوتهم وادخلهم النار ويتم ابنائهم ورمل زوجاتهم ))الى اخرة وفى هذا تطاول على الله عز وجل لآنهم نسوا ما جاء بكتابه العزيز وقد وقعوا فى نفس الخطأ الذى وقع فيه اليهود والنصارى من قبل واستباحوا لآنفسهم ان الجنه ملكيه خاصه للمسلمين ولن يدخلها الا من كانت معه تاشيرة الاسلام ونسوا قول الله تعالى (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ))
الم تتلى عليهم ايات الله الم يقرءوها ام على قلوبهم اكنه ان يفقهوه ؟؟؟
من قبل اليهود قالوا لن يدخل الجنه الا من كان هودا والنصارى ايضا قالوا نحن ابناء الله واحباءة وانتم كررتم نفس الخطأ لن يدخل الجنه الا من كان مسلما ونسيتم الله وجعلتم انفسكم انتم الالهه الى بيدها الجنه والنار فهذا ما يفهم من كلامكم ولا يفهم منه غير ذلك ؟؟وقال
المولى سبحانه وتعالى (( وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 111 بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ 112 وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ 113 وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ 11))) البقرة 111-112-113-114الم يكن هذا هو نص القران الصريح يؤكد دخول بعض اليهود وبعض النصارى الجنه كما سيدخلها بعض المسلمين ولم يقتصر الجنه على المسلمين فقط كما يدعون ولم يفرقوا بين الدين والديانه فالدين شىء والديانه شىء اخر ويرد الولى عز وجل عليهم ويقول 17 وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ 18 يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ)) المائدة 17-18-19هذا هو كتاب الله فالله يحكم بينهم الم يكن هذا هو كلام الله ::
وهذا ليس دفاعا عن اليهود والنصارى ولكن هو مجرد احقاقا للحق فمن يبعد عن كتاب الله واتبع الضلالات ستهوى به الى ما لا يحمد عقباه يته

المصدر:
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=528 

Télécharger UNetbootin 5.81

Créez une clé USB bootable à partir d'un fichier ISO et découvrez 36 moutures de Linux !

Avis de la rédaction

Gratuit, portable et traduit en français, UNetbootin est la solution idéale afin de créer une clé USB bootable à partir d'une image disque au format ISO. Efficace et complète, cette pépite vous permettra de découvrir, d'utiliser et de transporter votre système personnalisé sur un périphérique de stockage USB. À découvrir sans plus attendre, vous ne serez pas déçu !
Note de la rédaction
Note des utilisateurs (43)
Notez le
12345
Sélection Clubic

Test de UNetbootin

Fidèles lecteurs et lectrices de Clubic, vous êtes nombreux à avoir découvert Linux par l'intermédiaire d'un Live CD. Avec la popularisation des ordinateurs portables dépourvus de lecteur CD et le coût réduit des clés USB, la gravure d'un Live CD semble aujourd'hui obsolète. Afin de vous affranchir des contraintes matérielles d'un disque optique, la rédaction vous invite à tester une excellente alternative portée par le monde libre !

Libre et gratuit, UNetbootin pour Universal Netboot Installer vous permettra de créer une clé USB bootable à partir d'une image disque. Portable et d'utilisation enfantine, vous n'aurez qu'à lancer l'exécutable, sélectionner votre fichier ISO puis votre clé USB et enfin démarrer le processus. À l'image de Fedora Live USB Creator, cette pépite offre la possibilité de télécharger automatiquement 36 moutures Linux :

  • Arch Linux, BackTrack, CentOS, CloneZilla, Damn Small Linux, Debian, Dreamlinux, Elive, FaunOS, Fedoraq, FreeBSD, FreeDOS, Frugalware, Gentoo, gNewSense, Gujin, Kubuntu, Linux Mint, Mandriva, MEPIS, NetBSD, NTPasswd, OpenSUSE, Ophcrack, Parted Magis, PCLinuxOS, Puppy Linux, Sabayon Linux, Slax, SliTaz, Smart Boot Manager, Super Grub Disk, Super Ubuntu, Ubuntu, Xubuntu, Zenwalk, SystemRescue CD, Kaspersky Rescue Disk, F-Secure Rescue CD et Dr.Web Antivirus.
Il vous suffira de sélectionner un de ces multiples live CD afin d'afficher une courte description en français de chaque OS. Plusieurs versions vous seront alors proposées. Il se chargera de télécharger les divers fichiers, les extraire, les copier et enfin installer un gestionnaire de démarrage Unetbootin. Il ne vous restera plus qu'à emporter votre système d'exploitation personnalisé sur votre Clé USB préférée !