الشهيد الحي ، ونصف مذبحة
حمام الشط...؟
الرواية الأولي للواقعة بلسان الأحياء منهم
والشهداء؟؟؟
ومن لا يؤمن بالقضاء
والقدر ؟لطفا ليقرأ هذه الوقائع المعجزة؟؟
عيسى السعيد /باريس
Aissa.assaid@yahoo.fr
الشاهد: عيسى السعيد/تونس1985
المكان :تونس/الزهراء/حمام الشط
الزمان:الأحد والاثنين2/3/ت1أكتوبر 1985
في ذلك اليوم المر عشية المذبحة الصهيونازية ،حططت الرحال من باريس،برفقتي
بعض الزملاء من الصحفيين الذين يتتبعون الشأن الفلسطيني،وكانت الأجواء ملبدة
والرؤية غير واضحة بعد معركة وحصار بيروت وانتشار القوات الفلسطينية على أكثر من
ساحة ، والانقسام الذي أحدث شرخا لم تلتئم أثاره لحتى الساعة؟ كما إن الأجواء في
تونس كانت محتقنة وغاضبة على طرد حوالي ثلاثون ألفا من المواطنين التو انسه،
الذين تم ترحيلهم من الأراضي الليبية ؟
- عودة ابوعمار من زيارة للمغرب ولقاء الملك..ومقبرة لجنة القدس العربية
- عشرات الكوادر والقيادات العسكرية توافدت إلي العاصمة التونسية قادمة من
كل الساحات خاصة اللبنانية والجزائرية والسودان واليمن ، أين انتشرت فيها قوات
منظمة التحرير بعد معركة وحصار بيروت1982 وفجيعة الانقسام الفلسطيني الذي أعقب
الرحيل عن بيروت؟؟
- العديد من الطيارين الذين انهوا دوراتهم في العديد من البلاد/الباكستان
ونيكاراغوا وكوبا، حطوا رحالهم في فندق الزهراء المطل على القرية الصغيرة /حمام
الشط التي كانت تتواجد فوقها المكاتب الإدارية ومقر القائد العام والمالية
وغيرها.وقد كان أحدهم صديقا منذ بيروت ذهبت للسلام عليه، واتفقنا اللقاء في الغد
بمقر القائد العام حيث أكد أن لهم(هو وزملائه) موعد مع "الاختيار "على
العاشرة صباحا ؟ وعدت لفندقي ثم عدت بعد أن أخبرت زملائي الصحفيين باني سأضطر
لقضاء الليلة بمدينة الزهراء في بيت الضيافة مع الأصدقاء ،لأكون قريبا من
الإدارة والموعد في حمام الشط؟
الشهيد أبومحمود/أبوغوش
التقيت في بيت الضيافة بالأخ أبو محمود/ أبوغوش ( من قرية أبوغوش
المقدسية)من رجال الصمت الكثير والفعل الكبير الذي لم يكتب تاريخهم بعد ؟؟وكان
شقيقه(نبيل) صديقا لي يدرس الطب بالجزائر؟ كان حزينا ، وصامتا كعادته؟ظننت أن
ثمة هما شاغله؟واقترح أن نذهب بالقطار للعاصمة لان سيارته كانت معطلة؟ ولان كل
الأخوان والشباب مشغولين في أعمالهم المتعلقة بشؤون الأرض المحتلة ؟وخرجنا سيرا
على الإقدام لمحطة قطار الزهراء استغرقت خمسة عشر دقيقة؟؟انتظرنا بعض الدقائق
؟حتى فوجئت به يدعوني للعودة !!،
قائلا :اشتقت للأولاد........؟؟؟؟
وعدنا فعلا ؟ولم استطع نسيان هذه اللحظة طوال حياتي وتلك الكلمات ؟؟ دخلنا
بيت الضيافة لأنه ذكرني بأنه قد وعد ألإخوان بعشاء أعدته لهم أم محمود يطلق
عليها اسم (شاكرية/لبنانية)من اللبن وملحقاته ؟وتهللوا فرحا وذهب فأحضر
(طنجرةكبيرة)؟وعلب السجائر؟كان هادئا؟حزينا ؟يبتسم قليلا؟؟يومها أصر على ان اقبل
منه سيجارة ؟؟وكانت للمرة الاولي في حياتي ، وقبلتها بلطف، رغم أنف "حزامي
الاسود الرياضي"،الذي يمنعني بسطوة ؟ ما أن انتهت الوليمة ، حتى غادرنا أبو
محمود؟بعد أن ودعته حتى باب المنزل الخارجي المقابل لمنزله؟كان أطفاله في
الشرفة،قد تهللوا فرحا برؤيته ؟ولأول مرة من عمر صداقتنا القديمة من أيام بيروت
أرى وجهه يطفح بالسعادة الغامرة والفرح وابتسم أجمل ابتساماته، وتواعدنا غدا
لنذهب سويا إلي حمام الشط؟؟ظللت منتظرا حتى قطع الطريق إلي الرصيف الأخر ملوحا
لي وكأنه يقول لي للغد ؟؟ ولوحت لأطفاله ؟؟ولكن لم اك أدري إنها كانت الابتسامة
الأخيرة والتحية الأخيرة لأعز الأصدقاء؟؟
أحمد"وتل الزعتر " ا لشبل عدت داخلا لاصطحب ((الشبل
أحمد))ولم يك يتجاوز الثالث العشرين من عمره وحين شب وتمرد ضمه أبو عمار
(الوالد) / لحرسه الخاص /كما كان يسميه/ بعد أن قتلت القوات الفاشية من الكتائب
اللبنانية العام 1976 في مخيم تل الزعتر كل أفراد عائلته بحماية الدبابات
السورية ؟ ونجا من القتل بأعجوبة حين اختبأ تحت الخزانة كما روى لي الحكاية ،كنت
أجد الغضب في عينيه؟لا الخوف؟؟حين كان يتذكر كيف أطلقوا الرصاص العاري على أبيه
وأمه الحبيبة وشقيقاته وأخوته؟وجيرانه ؟وخرجنا إلي مقابلة الأب الراهب الثوري/
إبراهيم عياد، لينقل لي أخر الفعاليات الفلسطينية في التشيلي والبرازيل
وكولومبيا كما تعودت وإياه حين يحط رحاله في باريس على الدوام ، وقد كان قادما
من أمريكا اللاتينية حيث نشاطه هناك من أجل فلسطين ؟وفي الفندق الذي كان ينزل
فيه التقينا شابا وسيما يرافق أبونا عياد زميلا للشبل ولكن كان يغمره طموح شباب
فلسطين ويطفح من كل كلمة كان ينطلق بها لسانه؟ اخبرنا بأنه سيترك تونس هذا
الأسبوع ليذهب إلي يوغسلافيا لدراسة الهندسة هناك الذي تدخل الأب عياد شخصيا
له!! ،
وعلق قائلا : وأخيرا وافقوا لي على السفر والبعثة ؟؟آآآ لقد فرحت أمي
كثيرا؟بل أكثر مني؟؟ الوحيدة التي نجت من العائلة في مجزرة "صبرا
وشاتيلا"/ أيلول 1982 ؟؟ غادرنا هما على أن نلتقي غدا الاثنين في
الصباح؟بحمام الشط ؟ وعدت و(الشبل أحمد) لبيت الضيافة في منتصف الليل؟؟ وجدنا
أصدقاء جدد قادمين من كل نواحي العاصمة ، ؟لمواعيد الغد في حمام الشط لإنجاز
أوراقهم وشؤونهم الإدارية والمالية وغيرها ؟؟ أحدهم اخبرنا بأن حاجز الشرطة على
مدخل حمام الشط أوقف شابا قادما من سوريا من آل الخطيب ويبحث عن مكتب ابوماهر (
التنظيم) صديق والده هناك لتامين بعثة دراسية له ؟لان ظروف الصديق صعبة جدا
؟؟اضطروا لإنزاله في مركز التوقيف(السجن) حتى الغد وتفتح الإدارات وليبحثوا في
أمره مع المعنيين؟في السهرة تناكف اثنين من الحاضرين على أن احدهم لم يذهب
للدوام في مكتبه صباحا على الإطلاق؟؟ ، وحين حمي وطيس المناكفات بينهما وتهكمات
الآخرين من الأصدقاء ، وقف كمال غاضبا وقال : في وجه كل الشباب والأخوان
والضيوف، بكرة غداكم على من يخلف موعده أنا والأ هو؟؟ وسأنتظره من الثامنة صباحا
في مكتب الأخ أبو المعتصم(خلف مقر القائد العام تماما؟؟قبل أن يتفرق الجمع على
أمل اللقاء صباحا ؟دعانا جميعا الأسير السابق محمود شموط زوج الأسيرة الأولي في
الثورة المناضلة زكية شموط بعد أول عملية فدائية في سوق حيفا عام 1967والذي تزوج
ابنتها بحضور( القائد الشهيد أبو جهاد الوزير)أحد الناجين الأثنين (خالد
أبوأصبع) من عملية الشهيدة دلال مغربي(13/03/1978)،للتنزه على شاطئ البحر،في تلك
اللحظات تذكر حيفا وتداعت ذكرياته فسألته: كيف كان ضابطا في جيش كوكب القرده
ونقل المتفجرات في الجيب العسكري لزوجته حتى سوق حيفا ثم في تاكسي الأجرة؟غاص في
التفاصيل الصغيرة وكيف كون أسرته في السجن وكبروا معه، وخرجوا جميعا في نفس
اليوم( وقد نشرت سيرتهم في أكثر من صحيفة ومجلة وعبر الاثير بعد عودتي
لباريس)؟؟كنت انظر إليه يسير الهوينا على شاطئ البحر وتدوي كلماته في أذني :لولا
هذه الحدود الكئيبة لأسير على أقدامي أو سباحة حتى حيفا!! وقد أخذنا على بساط
الريح إلى حيفا وعكا ويافا وبحر غزة؟لحظات نادرة لم تتكرر؟؟على الرغم من الشواطئ
والمراسي الكثيرة التي حططنا الرحال على رمالها؟وتفرق الأحباب في تلك الليلة
للمرة الأخيرة ؟كل إلي دربه الذي ينتظره في صباح الغد الاثنين ،وعدنا للمنزل ؟؟
الاثنين العاشرة والربع، نصف المذبحة؟؟
الاثنين03/تشرين أول/أكتوبر/1985الثامنةصباحا،الجميع نهض باكرا وتجمعوا على
فناجين القهوة والشاي، والزيت والزعترالمقدس المرسل من جبال الخليل ونابلس
والقدس مع القادمين من مدن البشائر والوعد الخصب والانتفاضات المتواصلة ما قبل
مجئ السفهاءمن بغال وطراطير اوسلووو إليها ناشرين خرابهم وروثهم المشين وخرائ ط
طرقهم الالتفافية عن الخط المستقيم نحو القدس الشريف؟؟ما لبث الجميع أن نهضوا
لأعمالهم ومنهم من أخذ الهاتف للاتصال بالسنترال المركزي لخدمة
ال"تاكسي"في نفس اللحظة التي وصل فيها الصديق إبراهيم وأوصاني بانتظاره
لحين عودته بعد اصطحاب أطفاله للمدارس؟لنذهب سويا إلي حمام الشط وللقاء بعض
الأصدقاء الذين لم التق بهم منذ وصولهم من بيروت؟؟ كنت ذلك الصباح مع نسماته
العليلة،بأريج رائحة الياسمين التي أكثر مايميز اجواء وشوارع تونس بها كانت
تغمرني مشاعر مزيج من الفرح بلقاء الاصدقاء والقلق بعدم تواجدهم في مكاتبهم؟؟
والإخوة منشغلين بطلب تاكسيات للذهاب لحمام الشط،حيث ليس ثمة مواصلات عمومية ،
وما التاكسي إلا الوسيلة الوحيدة اوسيارات الأصدقاء، كل الاتصالات لم تجد في
تأكيد إرسال أي تاكسي؟؟(.....)
طلبت من أحد الاخوة الاتصال بالفندق القريب لتأمين أي مواصلة؟بعد عشرات
الاتصالات لم يعلق على الاطلاق أي هاتف من الارقام وفي المحاولة الاخيرة من
الهاتف الداخلي استطاعواالتحدث مع أحد الموظفين الذي أكد لهم ان السيارات محجوزة
للنزلاء فقط (السياح)(......)؟؟
الجميع عمهم الغضب فأقترحت ان أذهب بنفسي للفندق،للقاء الصديق الطيار وآتي
لهم بتاكسي أوأثنين ،وعلىا لباب لمحت الاخت أم محمود خارجه من بوابة منزلهم ،
القيت عليها التحية وسألتها :ان أبو محمود مازال نائما وكانت الساعة تشير إلي
التاسعة والربع؟ فقالت:نائم!!!؟ياريت جاء له صديقه باكرا ليصطحب أولادنا بسيارته
لأنه يعرف إن سيارتنا معطلة ؟؟ والله يا خوي أخذه معه وهو قلقان طوال الليل لم
ينام أول مرة تصير معه ؟وطول الليل يدخن؟وكل شوي يدخل على غرفة الأولاد، يشوفهم
ويرجع للصالة؟
قلت: من البارحة وهو تعبان ؟السلام يا أم محمود سأقابله بحمام بالشط؟وذهبت
للفندق ؟وطلبت الصديق ؟واخبرني إن الموعد الغي لنا من طرف (لاختيار)؟؟وطلب مني
الصعود لتناول القهوة معا ؟وصعدت وأخبرته عن سبب حضوري؟؟فوجئ؟وبادرني وهو صافن
قائلا:أنا أيضا من التاسعة طلبت من الموظفين تاكسي ؟ول حتى ألان لم يصل شئ؟ ولو
جاء التاكسي لما وجدتني هنا وزملائي؟ولما عرفنا بالغا ء الموعد هاتفيا منذ خمسة
دقائق؟إذا علىّ العودة لبيت الضيافة والأخوان لأخبرهم حتى الفندق ليس لديه شئ
؟لأنهم في قلق وغضب شديدين؟ودعته على أمل اللقاء مساءا في العاصمة بالفندق حين
عرف إن برفقتي صديق مشترك أصبح فيما بعد(2006)وزير مجلس الإعلام بلبنان؟؟ وعدت
على عجل ؟وأمل أجد الصديق إبراهيم قد وصل؟أو وصل أي تاكسي؟
الساعة ألان العاشرة وخمسة دقائق ؟؟
أمام بوابة الفيللا لا نسمع إلا صدى هدير البحر، وصار الشباب يبر بروا لغات
لم أفهم منها شيا؟غاضبين: أول مرة من يوم وصلنا من بيروت تحصل معنا ؟؟ قال
أحدهم، وآخر
أكيد في شئ؟ والله ما يستر ويحملونا و"يزفتونا" على الحدود
الليبية ردا على طرد التوانسة؟؟ طمئنت الشاب الأكثر غضبا فقلت له: بورقيبة أذكى
من أن يفعلها ؟؟
وما أن أكملت حرفي الأخير....حتى سمعنا دوي الأنفجارات المهولة وعن بعد
الدخان الأسود يغطي سماء حمام الشط ،وقفنا في وسط الشارع لنتأكد من مصدر الدخان
، أحد الإخوة عسكري سابق قال :لربما العقيد قصف القاعدة الجوية التونسية في حمام
الشط ليست بعيدة ؟ التليفونات في الداخل بدأت تدوي برنينها؟دخلنا جميعا ،
لاستطلاع الأخبار ؟الشاب أغلق الخط بقلق وغضب؟؟ وصرخ : يا شباب علينا مغادرة
المنزل فورا ؟؟!، والطائرات إسرائيلية قصفت المقر العام وكل الإدارات ؟؟
ومازال صدى دوي الطائرات المبتعدة يصم الأذان؟؟
الساعة العشرة والثلث....
بدأنا نسمع دوي صفير سيارات الاسعاف المنطلقة باتجاه حمام الشط،تذكرت
الاصدقاء صلاح مرافق لختيار في بيروت وصديق الجامعة أمين بسيسو ،تذكرت كمال الذي
راهن صديقه البارحة؟؟ اتجهنا نحو الشاطئ اقرب نقطة واسهل طريق مؤدية لحمام
الشط،وكأننا في سباق مع نزيف دم أحد الاحباب قبل ان يلفظ انفاسه الاخيرة ؟؟أخذنا
الركض بكل ما نملك من لياقة وجميعهم كانوا من متسلقي جبال معارك العرقوب وقلعة
صلاح الدين /الشقيف في الجنوب اللبناني الاشم كما كل المعارك في الجبل دفاعا عن
بندقية الثورة ورفاق حمزة يونس وزوارقه الذهبية نحوحيفا على الدوام ونهاريا ولم
ينتظروا العدو يوما بل كانوا يذهبون اليه، ولاندري كيف وصلنا الي حمام
الشط...الاجساد المتطايرة مابين الاشجار والبحر انصاف الاجساد الرؤوس المدماة
اثار الصواريخ والدمار في كل مكان، مقر اللاسلكي(وكان وليد الذي نجا من مجزرة تل
الزعتر ووالدته الغالية أم وليد وأم غسان وبناتها لان أولادها استشهدوا في معركة
حصار تل الزعتر قبل ان تجتاحه دبابات حافظ أسد وحزب الكتائب يعملون جميعا معا
منذ ايام بيروت لم يفترقوا نجوا بمعجزة الهية ،لا أستطيع وصف سعادتي بنجاتهم )
الصاروخ انحرف مترا واحدا الي جانب المقر فأختفت الفليلا اوشاليه المحاذية تماما
من الوجود وخرجت المياه في قاع الحفرة أما مركز التوقيف(السجن) التقيت الصديق
امين تجمدت الدموع وجفت في أعييننا أمام الجثث والصراخ ممن بقى حيا الجميع
يحاولون انقاذ من بقى حيا في بدروم الفيللا (السجن)
تذكرت الشاب الذي اوقف بالامس وسألت عنه أمين قال بحزن : استشهد كان جالسا
هناك تحت الشجرة يشرب شاي وننتظر مكالمة من الاخ ابوماهر ، فوصلتنا الصواريخ ؟؟
جثة مقاتل بسلاحه كان صاعدا لاعلى المبني ليطلق الرصاص فسقط فوقه الحائط الجانبي
قبل ان يصل للسطح. عربات الاسعاف امتلات بها ساحات حمام الشط والشارع الوحيد
اخذوا يلملمون جثث الشهداء المبعثرة مابين المبنى والبحر صعدت مع الشباب وأمين
للمبنى المدمركان المنظر مريعا كان مقر القائد العام تكفل به صاروخا مباشرا في
وسط مكتبه تماما، ذهبت والصديق نبحث عن صلاح في مكتبه بالادارة لم نجد أحدا
الاشجار حوله محترقة تعرضت للقصف اسرعنا الخطى بحثا عن كمال الذي اصر على انه
سينتظر صديقه من الثامنة صباحا فلم نجد المنزل (شاليه صغير ) وقد أختفى تماما من
الوجود بمعنى الكلمة حتي حجرا لم نلمح وكأن زلزالا أبتلعه ؟لاندري ولانعلم ؟من
استشهد ومن بقى حيا ومن حضر ومن لم يحضر لمكتبه؟سيارات الاسعاف كما لاحظنا من
لوحاتها كانت تصل تباعا من كل المدن القريبة بل من على بعد مائة كيلو
متر//الحمامات...رائحة البارود والدخان والبارود والموت والحرائق والاشجار
المشتعلة والشباب يتصايحون كل من جهته ، عربات الاسعاف تخطف الجرحي والشهداء
بأقصى سرعة، منطلقة في كل الاتجاهات ؟؟ اقتربنا من مقر القائد العام كان منهارا
تماما والامن التونسي ضرب حصارا حوله، ولمعرفتهم بالاخوة وأحدهم يعمل بالمقر
سمحوا لنا بالمشاركة في انقاض ما تبقى من الارشيف والكتب التي كانت تبعثرت في
الساحة بل وخارجه... وللمصادفة المثيرة وقعت يدي على كتاب للصحافي البريطاني
"آلان هارت"الذي وجدت توقيعه واهداءه لعرفات والذي يحمل عنوان
"عرفات ارهابي ام رجل سلام" ونبشت بقايا الكتب فوجدت كتاب الصديق آلان
هاليفي( اسرائيل دولة الارهاب)/ عضو مجلس وطني وصوت فلسطين الصارخ والمدوي في الجامعات
الفرنسية ضد الارهاب الاسرائيلي والذي كان ممثل عرفات في الاشتراكية الدولية بعد
اغتيال الدكتور عصام سرطاوي قبل عام (1984)؟؟؟ أحتفظت بقبعة عرفات القوقازية دون
النسر ؟؟
وجدت قبعات عرفات القوقازية احداها بشعار النسر والاخري دونه وقد احتفظت
بالثانية ؟سألنا عن الشاب الذي التقينا به البارحة مع الاب عياد ، وسألنا الاخوة
بالمقر عنه أحدهم ادار وجهه وأخذ يبكي بحرقة وزميله قال : اعطاك عمره كان
بالطابق الارضي من المبنى وأشار بيده لمكان استشهاده كا ن نائما لانه عاد مع
الفجر متأخرا لمرافقة الاب عياد، قلت له ماقاله لنا البارحة وأحلامه في الدراسه
وأمه؟؟فعاد الشاب الاخر بالبكاء بحرقة أكثر عندما سمع كلمة "أمه"
خلال حديثنا والاخوان لمحنا العديد من السيارات السوداء عرفت ان ثمة من هو
قادم وتوقعنا خلف هذه الجلبة ان يكون عرفات ؟؟الذي لم ينجو بأعجوبة؟هذه المرة
؟؟لانه تم ابلاغ الجميع قبل اربع وعشرين ساعة بالغاء كافة مواعيده بالمقر العام
ومنهم الطيارين؟؟ لانه كان لحظة القصف كما أخبرني أحد كبار مرافقيه يمارس رياضة
الركض على شاطئ سيدي بوسعيد وينتظر الطائرات القادمة من الشمال وليس من الشرق؟؟
لان عواصم عديدة ابلغته قبل اسبوع "بالضربة" ؟؟ رجال الامن التوانسة
ومن تبقى من رجال الاسعاف مع سياراتهم الذي لم يحالفهم الحظ كما عبروا لنا في
نقل مصابين او شهداء وهم قادمين من الحمامات، خرجنا جميعا وذهبنا باتجاه طرف
الشارع لاستطلاع الامر والجلبة مع القادمين حتى اصبحنا وجها لوجه :كان القائد
الشهيد أبواياد ..
وقد فوجئ بي ، قائلا لي:أنت هنأ؟؟
وكنا تعودنا مجرد ان نحط الرحال في تونس وان كانت مرات عديدة خلال الشهر
لابد ان نزوره ، ليبوح لنا بما ليس مسموحا البوح به؟
عبر الصحافة والاثير لننشره وان كان ذلك يغضب البعض!
قام بجولة على أثار الدمار كان غاضبا ومحتدا ؟وحين القى كلمته للصحافة كانت
بنبرة أقوى مما تعودنا عليه ؟وأقوي من كلمة عرفات في تأبين الشهداء بمقبرة حمام
الانف التي لم يدين فيها :لااسرائيل ولا واشنطن ؟ولم يتوعد بالرد كما تعود في كل
خطاباته ؟وقد ارسلت تغطيتي لنصف المجزرة ؟؟؟بكل ما توقفت عنده؟خاصة وكانت قد
طرحت علامات استفهام مثلا: كان بالامكان أخلاء المنطقة ؟حتى قبل ساعة مثلا
؟؟والا كيف عمال السنترال للخدمة العموميه لديهم التعليمات بعدم التوجه لحمام
الشط ؟ وانتظرنا ساعة ، ولم يصلنا تاكسي واحد ؟؟والغاء كل المواعيد مع القائد
العام؟؟ ؟؟علامات استفهام كبيرة ؟؟ لم يتم الاجابة عنها
الساعة الحادية عشر ونصف ؟
عدنا للزهراء وما وصلنا لبيت الضيافة وقفت مذهولا حين لمحت عشرات السيارات
تملاء المكان امام منزل ابومحمود// ابوغوش أسرعت لمعرفة خبره فما ان دخلت حتى
عرفت وتأكدت من الخبر الذي لم اتخيل يوما ان اسمعه هنا ؟؟اتصلت بأخيه وصديق الدراسة
الدكتور نبيل في الجزائر، وحضر مساءا؟؟
حدثت أم محمود الحضور عما جرى البارحة له؟وحدثتهم ما جري واياه البارحة عند
محطة القطار : وكيف بعد ان وصلنا لمحطة القطار ، قرر العودة للمنزل وقال لي :
اشتقت للاولاد....؟؟؟؟
وسهرةالبارحة مع الشباب ؟؟ وكأنه كان يرى
يومه هذا ؟شعرت يومها انه كان شهيدا منذ البارحة ،؟؟؟؟أما كلمته التي قالها
لي : اشتقت للاولاد...لمست روح طهارة الشهيد التي كانت تغمره،وهو الذي كان يجول
في كل جهات الارض بحثا عن الشهادة ولم ينلها الاحين حط الرحال بعيدا ، فلمست
اسباب أحزانه البارحة ؟انطلقنا نبحث عن الاصدقاء والمعارف :
التقينا ابو سامي البدوي الذي كان من فرسان الانبياء الاوائل كان من غور
الصافي الي غزة طريقه اليومي ومجموعته التي لم يحيد عنها ناقلا السلاح والدعم
والرسائل للقائد عبد القادر ابو الفحم ورفاقه وكان حافظا كل حجر ونبتة وشجرة
وتله باتجاه غزةفي صحراء النقب بعد معركة الكرامة؟؟1968 تهلل وجهه ولوح لنا
وعانقنا واحدا واحدا وكاننا خلقنا من جديد فبادرناقائلا:
العشرة الاربع خرجت لاخذ تاكسي للذهاب للادارة ووصلت الشارع حتى عدت ادراجي
لانني تذكرت ان ام سامي ليس لديها مفتاحا وذهبت للسوق تقضي لوازمنا؟فأضطررت
للعودة للمنزل وما ان وصلت ثم انهيت تحضير القهوة،وحضرت الفناجين ؟ورشفت الرشفة
الاولى سمعت القصف؟
مفتاح الدار انقذني من المجزرة؟
وأخبرنا ان البارحة( كمال) أخبره بانه سيربح الرهان مع صديقه لانه سيذهب
للمكتب باكرا؟ فأخبرناه باننا لم نجد اي آثر للمكتب ولا لكمال؟معناه اليوم كمال
ربح العشاء ؟؟ذهب واستشهد من اجل أن يصدق وعده؟؟
ذهبنا نبحث عن صلاح مخ.. في كل المستشفيات، ولم نهتد اليه،وبحثنا عنه في كل
القوائم للجرحى والشهداء ولم نعثر على شئ؟فما كان لنا الا نسأل مسؤوله وكان مدير
مكتبه ومدير كل اوراق وجوازات ورخص قيادة السيارات لكل الفلسطينيين على كل
الساحات والوحيد الذي كان يتقن توقيع ياسرعرفات؟ومرر اكثر من مرة كتب مساعدات
للعشرات من المقاتلين دون علم أحد ليضع الصرصور في الحبس بعد ان اكتشف (سرقاته)
وأكتشفت سرقة الاموال ولم يكتشف التوقيع العصمالي،حين سالنا الحاج مطلق ،اخبرنا
وهو يكاد ان يغمي عليه من الضحك وهو من القلائل الذي لم يشاهد اويعرف ماذا يعني
الضحك بعصاميته البدوية وصرامته الادارية فقال : صلاح ...وجدوه مابين الموت
والحياة معلقا فوق الشجرة وهوقادما لمكتبه صباحا؟؟ثم أضاف : بس كيف طار ؟؟وكيف
تحملته الشجرة ؟؟هادا اللى مش قادر أفهمه، وهو كان يحمل مدفع الدوشكا على كتفه
في بيروت ويصعد لعاشر طابق عشان يستنى الطائرات الاسرائيليه وكل يوم كان يترك
مكتبه ويذهب للتسليح ليحضر صندوق بالسيارة ويخبيه تحت مكتبي ؟؟
فيما بعد عرفنا اأن أحد سيارات الاسعاف أخذته الي مدينة الحمامات الذي كثيرا
ما كان يصرعلى ان نذهب واياه لقلعتها لانها تذكره بقلعة ارنون /الشقيف/الذي
بناها صلاح الدين لينطلق منها الي فلسطين ؟؟
أما بقية الحكايات ،فمازلت منقوشة على جدران وشوارع وأشجار حمام الشط، وعلى
شواهد الشهداء السبعين فوق الهضبةالمطلة على البحرالمتوسط وقرية حمام
الانف،يعانقون شهداء غزة وجنين ورفح وجباليا وبيت حانون والاقصى وفي قلوب كل
ابناء الشهداء والارامل واليتامي الذي زرعه في ثيابهم الحقد الصهيوني الهمجي
،ولم تنتهي الحكاية بعد ومجزرة ومحرقة غزة أكبر شاهد على الجريمة والمجرمين
الذين يكافؤهم بغال اوسلوو وجحوشهابعد عشرين عاما ونيف ؟؟برفض تقديمهم للمحاكمة
كمجرمي حرب ؟؟؟؟ السؤال الذي كان يدوي في رأس كل من لم يحالفه الحظ بوصول
"تاكسي الغرام" ليحمله على بساط الريح الي حمام الشط : ماذا لو وصلت
كل التاكسيات وذهب العشرات الي حمام الشط الساعة العاشرة قبل عشرة دقائق من نصف
المجزرة ؟الم تك قد اكتملت و ليست الصدفة ، وليس الحظ ؟ ولكنه القضاء والقدر
والقرار أيضا !! ؟ الذي كان لدى عامل السنترال من الجهات المطلعة والمعنية ؟
والذي تغاضوا عنه كل الذين كانوا قابعين على شاطئ منتجع" أبي نواس"
و"سيدي بوسعيد" اين انتظروا وصول القتلة بعد ثلاث سنوات لاغتيال أمير
الشهداء " أبى جهاد"وبعده بثلاث سنوات القائد "
ابوأياد"وأبو الهول والعمري وقافلة الشهداء .......
التواطئ هنا وهناك مستمرا؟؟
بعد عودتي لباريس التقيت وصحافي ايطالي من مناضلي الحزب الشيوعي وكان يطلقون
عليه جورج(حبش) ايطاليا في الجامعة وقد أطلعني على الملف الذي أسقط وزير
الداخلية الإيطالية قبل شهرين بسبب انطلاق الطائرات الأمريكية وبطيارين
إسرائيليين من الأراضي الإيطالية وقصف وقنبلة حمام الشط دون معرفته( وزير الاطرش
في الزفة ) ؟؟وليس كما أشيع في ذكرى المجزرة وفي البيان الأخيرمنذايام ؟؟كما لم
يتم أنذاك تسجيل أي احتجاج رسمي لأي طرف ؟؟علما بأن الاتفاقيات الأمنية مابين
تونس وباريس وواشنطن يضع الساحل ألازوردي التونسي من أقصي نقطة من الشمال حتى
الجنوب ومازالت تحت الحماية والضمانات للعاصمتين؟ ومعروفا ومنشورا في الصحافة
التونسية كل تلك الاتفاقيات ؟؟لحماية المنتجعات السياحية لرؤوس الاموال
الاوروبية والامريكية وخصوصا في جزيرة جربة!!!
أما لماذا ؟قامت الطائرات من جزيرة سردينيا ؟ولماذا لم تتحرك باريس فعند
مهندسي قنوات اوسلووو وبعد عشرين عاما يكشف لكم جهينة خبره اليقين المخبئ في
صناديق مهندسي مبولة اوسلووو وبغالها،ولم يبدلوا تبديلا ؟ ولم ينالوا إلا
الصفعات تلو الصفعات منذ حمام الشط حتى تصريحات جوقة الطرب والرقص الاوسلووية
ومابين مصائب/ صائب... الذي لم يصب هدفه؟في التكذيب؟؟،وتأكيدات خرا ريش في جنيف
وواشنطن؟؟في صحة التكذيب؟؟وقرارهم بتأجيل محاكمة مجرمي محرقة قطاع غزة .
أما جهينة الفلسطيني فعنده الخبر اليقين ، والانتفاضة القادمة وعلى الأبواب
من على عتبات الأقصى والقيامة،لن تبقي الزبانية السفهاء الطراطير في مؤتمرات
خنشارية تهلهل مصير الشعب الفلسطيني تحت عناوين مضللة ومخادعة لا تحرر أرضا ولا
تزيل مستوطنةأوتحرر أسيرا؟؟أو تنقذ شجرة؟
طوبى للشهداء الابرار
|
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire