jeudi 11 janvier 2018

الناسخ والمنسوخ فكرة الناسخ والمنسوخ عند المتسننة تعني إلغاء جزء من الرّسالة (كتاب الله)عن طريق روايات آحادية مثلا:آيات المحبّة الغيت بالسّيف




الناسخ والمنسوخ
من أهم القضايا الفقهية في الإسلام قضية الناسخ والمنسوخ ، لأن القول بالنسخ في القرأن من عدمه يغير معاني القرأن تغييراً مباشراً ، وذلك قطعاً فيه ما فيه من الإشكالات. ولمن لا يعرف ، النسخ هو الإلغاء ، أي أن بعض أيات القرأن تَنْسَخْ أي تلغي أحكام أيات سابقة لها في ترتيب النزول. بل قد وصلوا إلي حد القول أن الأحاديث أيضاً تنسخ ، ليس فقط بعضها البعض ولكن قد تنسخ ايات من القرأن ذاته.

والنسخ أنواع ، هناك من الأيات القرأنية ما نُسِخَ حُكمه مع بقاء منطوقه. مثال ذلك ، عند من يقولون بهذا ، الأية الكريمة في سورة البقرة

‫‫{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا }

التي نسختها ، في قولهم ، أية سورة المائدة

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ }

النوع الثاني هو ما نسخ منطوقه ، أي رُفِعَ من القرأن بالكامل ، ولكن بقي حكمه. مثال ذلك حد الرجم للزاني المحصن والزانية المحصنة. قيل انه كان أية قرأنية ثم رفعها الله نُطْقاّ ولكن بقيت حُكماً.

النوع الثالث هو ما نُسِخَ قولاً وحُكْماً وبالطبع لم يرد لنا منه شيئاّ.

من الأنواع الأخري نسخ الحديث لأيات القرأن ومثال ذلك زواج المتعة‫‫.

وتتعدد طرق النسخ وتزيد ، وقد وضع لها علماء السنة ضوابط وأصول. وإختلفوا في عدد الأيات المنسوخة فمنهم من قال انها معدودة ومنهم من زاد ، حتي قيل أن أكثر من نصف أحكام القرأن منسوخة بل أن هناك من قال أن أية واحدة قد تنسخ أيات عدة. علي سبيل المثال قيل أن بعضاً من أيات سورة التوبة (المسماة أيضا سورة براءة) المسماة خطأً بأيات السيف قد نسخت وحدها كل ايات محبة الأخر في القرأن ، بدعوي أنها نزلت في أخر الدعوة بعد أن قويت شوكة المسلمين وصارت لهم قوةً وهيبة ولم يعودوا بحاجة إلي "تملق" الأخرين. وللقاريء المدقق أن يري خطورة هذا الرأي ومدي تأثيره علي الفكر المتطرف الذي يُحَلِّل ذبح الأبرياء بإسم الدين.

فكر الناسخ والمنسوخ هو إذاً جد خطير. ونحمد الله إذ نحمده علي أن بيننا ، وكان بيننا ، من العلماء الكبار من رفضوا هذا الفكر قلباً وقالباً ، نذكر منهم علي سبيل المثال لا الحصر الأستاذ الإمام محمد عبده وغيره الكثيرون. وقد كتب حول هذا الموضوع عدد ليس بالقليل من العلماء والمفكرين ، مابين مؤيد ورافض ومُخَفِف. فلن نتطرق إذاً إلي التفصيل في ذلك ، ولمن يريد أن يستزيد فإن من المصادر بالمكتبات والإنترنت ما يكفي. هناك مثلاً هذا المقال الذي يشرح موضوع النسخ بإستفاضة.

نقول لن نتطرق إلي التفاصيل فإن ذلك مما يفتح أبواب وأبواب في تفسير القرأن وفهم أياته ، بل رأينا فقط أن ندرج هنا موقفنا من هذا الموضوع.

هناك تدرج في أحكام القرأن ولا شك. ولكن التدرج لا يعني بالضرورة الإلغاء التام لنص أية من أيات التنزيل الحكيم. فإذا نظرنا إلي الأية السابق ذكرها

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا }

نزلت في وقتٍ لم تكن الخمر قد حرمت بعد ، وربما كان ذلك في طور إعداد المؤمنين الأوائل للتحريم ، ولكن هل معني ذلك أنها نُسِخَت بالكامل؟ أولاً هذه الأية ليست حكماً شرعياً ولكنها إقراراً لواقع ، ألا وهو أن كلاً من الخمر والميسر لهم منافع وأثام والثانية أكبر من الأولي. فكيف يتغير هذا الواقع أو يُلغي؟ تماماً كما نري أية

{ لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى }

وهي حكماً شرعياً واضحاً. يقول دعاة النسخ أن هذه الأية تحلل الخمر فهي إذا منسوخة. ولكن القاريء المدقق ، الغير متأثر بالمرويات ، يري جلياً أن هذه الأية لا تحلل شرب الخمر بل تضع قاعدة هامة: أن الصلاة لا تجوز إن كان الإنسان لا يعي ما يقول ، وهو معني السكر. قد يكون ذلك بسبب شرب الخمر أو غيره. ولكن ألا يعني ذلك موافقة ضمنية علي شرب الخمر؟ بالطبع لا. فشرب الخمر حرام بنص القرأن ولكن هل لا تجوز الصلاة علي شارب الخمر؟ هل من يشرب الخمر ، وهو حرام ، لا يستطيع الصلاة؟ الأية تقول أنه يستطيع بشرط أن يكون واعياً لما يقول ، والأفضل طبعاً ترك شرب الخمر بالكامل. وقد تقدم بعض المفكرين بأن معني السكر هنا أشمل وأعم من مجرد السكر الناتج عن تناول المحرمات ، فالسكر ، لغةً ، هو إنعدام الوعي الذي قد يكون من مرض أو حتي من تعبٍ وإرهاق علاجه النوم. ولكن ليس هذا موضوعنا ، النقطة أن الأية لم تنسخ ولا يزال حكمها واقعاً.

نقول هنا أنه قياساً علي ذلك فإن كل أيات القرأن غير منسوخة حتي وإن بدا تناقضاً ظاهرياً بينها. من الممكن ، وقد قام بذلك البعض غير القليل من العلماء ، أن يجد الإنسان تفسيراً منطقياً مطابقاً لباقي القرأن لكل من أيات القرأن بلا تناقض!‏ لأن الله لا يغير رأيه ولا يناقض نفسه ومن غير المنطقي ، بل والمنافي تماماً للقدرة الإلهية المطلقة والعياذ بالله ، أن نقول أن إلهنا العظيم خالق كل شيء قد تنزل من عليائه وأرسل لنا رسالةً قيمةً أكثر من نصفها مُلغي!‏ ما هي الحكمة من ذلك؟

ما هو أصل الناسخ والمنسوخ إذاً؟

هو إبتداع من بعض العلماء الأوائل (وبعض الصحابة طبقاً للمرويات ، إن صدقت) أتوا به حين ظنوا وجود تناقضاً وتضارباً بين بعض أيات القرأن بعضها البعض ، فتفتق ذهنهم عن فكرة النسخ إنقاذاً لما رأوه إشكالية في القرأن ، في حين أن الإشكالية هي في فهمهم هم للقرأن.

ماذا عن أية سورة البقرة:

{ ما نَنْسَخُ مِن أيةٍ أو نُنْسِهَا نأتِ بخيرٍ مِنها أو مثلها الم تعلم أن الله علي كل شي قدير }

الا تثبت هذه الأية وجود النسخ؟

تعود المشكلة إلي الخلط في فهم كلمة "أية"‫‫ ذاتها. الأصل اللغوي هو أن "الأية" هي من علامات الله ومُعْجِز خَلْقِه. ولا شك أن نصوص القرأن لهي كذلك لذلك سميت "أيات‫‫". ولكن القرأن نفسه يورد معاني أخري عديدة لكلمة أية ، منها مثلاً:

المعجزة
كقوله تعالى : { سل بني إسرئيل كم آتيناهم من آية بينة }
العلامة
كقوله تعالى : { إن آية ملكـه أن يأتيكم التابوت }
العبرة 
كقوله تعالى : { إن في ذلك لآية .‫‫.‫‫. ‫‫}
الدليل
كقوله تعالى : { ومن آياته خلق السموات والأرض }

وكلها معاني قائمة علي المعني اللغوي الأصلي. نقول أن المعني العام للكلمة أيضاً ينطبق علي الكتب والشرائع التي سبقت القرأن لأنها من أيات الله ، وهذا هو المعني في أية سورة البقرة حيث أن سياق السورة كلها يتحدث تحديداً عن اليهود وشريعتهم ولم يرد حول هذه الأية أي ذكر للقرأن نفسه أو نصوصه. من هنا يصبح تفسير كلمة "أية" في هذا السياق علي أنها نص من نصوص القرأن إقحاماً علي المعني ما ليس به ، ولكن المعني الواضح في السياق هو أن القرأن نفسه ناسخ للكتب والشرائع السابقة ، خاصة أنه ، جل وعلي ، قال أيضا "نُنسها" ومن المعروف أن هناك من الشرائع والكتب السماوية ما نُسيَ ولم يصلنا منه شيئا ، كصحف إبراهيم مثلاً. وقال أيضاً "نأتي بخير منها أو مثلها" ، وذلك ملائم للمعني حيث أن من المنطقي أن تكون الشريعة اللاحقة مصححة ومهيمنة علي ما سبقتها ، لا لأن الله يغير رأيه أو يحسن عمله ، سبحانه ، ولكن لأن الإنسان يتقدم في فكره ويتطور إلي الأفضل بمرور الزمن ، وهو العلة في تعدد الشرائع من الأصل.

كما قلنا ، قال بإنكار النسخ ، وهو موقفنا ، أكثر من واحد من العلماء والمفكرون ، ولذا هو ليس رأياً جديداً ، إنما أردنا فقط تثبيته هنا ، بإختصار ، حتي يتضح لقارئنا موقفنا من هذا.

اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا إتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا إجتنابه


Aucun commentaire: