mercredi 23 novembre 2016

سلسلة في الصّميم ـــ خفايا و أسرار الصّندوق الإخوانيّ الأسود الرّسالة الثانية





سلسلة في الصّميم

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

خفايا و أسرار الصّندوق الإخوانيّ الأسود

الرّسالة الثانية

ـــــــــــ من كتاب ــــــــــــــ  

فتّش عن الإخوان                                         

دراسة تأريخية حول  نشأة و سقوط جماعة الإخوان المسلمين 


أربع رسائل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حمّادي بلخشين

2002
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
         وكذلك نفصّل الآيات و لتستبين سبيل المجرمين
                                                           قرآن كريم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و كنا نستطبّ إذا مرضنا /  فصار هلاكنا بيد الطبيب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"إنّ  في مقدوري أن أتفهّم الجهل، و لكنني لا أستطيع القبول بتمجيده. و أقلّ من ذلك، القبول بحقّه في السّيادة "
يونغ تشانغ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 2 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص 49

محتويات الرسالة الثانية



ملخص ما سبق ............................................................................     4
فصل/ مدائح بلا حدود.....................................................................      8                   
 فصل/ نغم في حياتي......................................................................     11 
فصل/ الوثيقة التي أسقطت ورقة التوت عن العورة الإخوانية....................     17 
فصل/ لهاته الأسباب مجتمعة كان لابد من التعرض للرجل و فكرته..............     21
فصل/ مخطط بريطاني خبيث يحتاج الى من يمرره.................................     25
فصل/ ما كانت تمليه عقيدة التوحيد على "الإمام الشهيد."......................     30
فصل/ ثم بدا الواقع الإخواني المرير ..................................................      37
فصل/ حسن البنا جعجعة بلا طحين....................................................      39
فصل/ كلام حول الديمقراطية، الخيار الإخواني الخاسر............................      43
فصل/ البنا هلم نمجده/ قد دمرنا سلمت يده!..........................................      48
فصل/ حسن البنا و كمال اتاتورك مقارنة بين أداتين...............................      55
فصل/ حسن البنا في الميزان............................................................      58
فصل/ هل جاء حسن البنا على قدر ام هو صنيعة بريطانية؟.....................      60
فصل/ موته استعراضية لبطل من ورق...............................................      63
فصل/ هل غير البنا سياسته قبيل مصرعه ؟.........................................     66
فصل/ سيرة "مرشد"اخواني ...........................................................      68
فصل/ نموذج من التزييف الإخواني لحقائق الإسلام الكبرى......................     75
فصل/ قادة الإخوان اتباع كل ناعق ....................................................      78
فصل/ قلت في الإخوان( شعر) .........................................................       79
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 3 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



ملخص ما سبق في الرسالة الأولى

   الحمد لله الذي أنعم علينا و هدانا للإسلام حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، والصلاة و السلام على سيدنا محمد وآله الطيبين. ورضوان الله تعالى على المهاجرين والأنصار الذين هم  أصحابه الميامين، خير البشر بعد الأنبياء المرسلين .أما بعد فهذه الرسالة الثانية من جملة أربع رسائل تمثل دراسة حول فكر الإخوان المسلمين تحمل عنوان " فتش عن الإخوان ــ دراسة تأريخية  حول نشأة و سقوط جماعة الإخوان المسلمين ".
                                                     
     بعد أسبوعين من من حوادث11 سبتمبر2001، سارع د.يوسف القرضاوي شيخ الإخوان وفقيههم،إلى إطــلاق فتوى(1)أثارت دهشـة العلماء والمراقبين عمـوما، و تمثلت 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)" السؤال يعرض قضية شديدة التعقيد وموقفا بالغ الحساسيّة يواجهه إخواننا العسكريون المسلمون في الجيش الأمريكي،  وفي غيره من الجيوش التي قد يوضعون فيها في ظروف مشابهة. و الواجب على المسلمين كافة أن يكونوا يدا واحدة ضدّ الذين يروّعون الآمنين،  و يستحلون دماء غير المقاتلين بغير سبب شرعيّ، لأن الإسلام حرّم الدماء و الأموال حرمة قطعية الثبوت الى يوم القيامة .اذ قال الله تعالى( من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعا، و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات ثم ان كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون) المائدة 23و33 . فمن خالف النصوص الإسلامية الدالة على ذلك، فهو عاص مستحق للعقوبة المناسبة لنوع معصيته، وقدر ما يترتب عليها من فساد أو إفساد . يجب على اخواننا العسكريين المسلمين في الجيش الأمريكي، أن يجعلوا موقفهم هذا ـ و أساسه الديني ـ  معروفين لجميع زملائهم و رؤسائهم، و أن يجهروا به ولا يكتموه، لأن في ذلك إبلاغا لجزء مهمّ من حقيقة التعاليم الإسلامية، طالما شوّهت وسائل الإعلام صورته أو أظهرته على غير حقيقته. ولو أن الأحداث الإرهابية التي وقعت في الولايات المتحدة عوملت بمقتضى نصوص الشريعة وقواعد الفقه الإسلامي،  لكان الذي ينطبق عليها هو حكم جريمة الحرابة الوارد في سورة المائدة الآيتان 33و34 . لذلك فاننا نرى ضرورة البحث عن الفاعلين الحقيقيين لهذه الجرائم، وعن المشاركين فيـها بالتحريض و التمويل والمساعدة، وتقديمهم لمحاكمة منصفة تـنزل بهم العقاب المناسب الرادع لهم ولأمثالهم من المستهينين بحياة الأبرياء و أموالهم، والمروّعين لأمنهم. وهذا كله  من واجب المسلمين المشاركة فيه بكل سبل ممكنة تحقيقا لقوله تعالى (و تعاونوا على البرّ والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم و العدوان) المائدة 5 . ولكن الحرج الذي يصيب العسكريين المسلمين في مقاتلة المسلمين الآخرين مصدره أنّ الـقتال يصعب أو يستحيل التمييز فيه بين الجناة الحقيقيين المستهدفين به، وبين الأبرياء الذين لا ذنب لهم في ما حدث، وان الحديث النبوي الصحيح يقول" اذا تواجه المسلمان بسيفهما فقتل أحدهما صاحبه، فالقاتل و المقتول في النار، قيل هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: قد أراد قتل صاحبه (رواه البخاري و مسلم). والواقع أن الحديث الشريف المذكور يتـناول الحالة التي يملك فيها المسلم أمر نفسه، فيستطيع أن ينهض للقتال و يستطيع أن يمتنع عنه، وهو لا يتناول الحالة التي يكون المسلم فيها مواطنا و جنديا في جيش نظامي لدولة يلتزم بطاعة الأوامر الصادرة اليه، وإلا كان ولاؤه لدولته محلّ شكّ، مع ما يترتّب على ذلك  من أضرار عديدة. يتبن من ذلك، أن الحرج الذي يسبّبه نصّ هذا الحديث إما انه مرفوع، وإما أنه مغتفر بجانب الأضرار العامة التي تلحق مجموع المسلمين في الجيش الأمريكي، بل وفي الولايات المتحدة بوجه عام اذ أصبحوا مشكوكا في ولائهم لبلدهم الذي يحملون جنسيته، ويتمتعون فيه بحقوق المواطنة، وعليهم أن يؤدوا واجباته. وأما الحرج الذي يسبّبه كون القتال لا تمييز فيه، فإن المسلم يجب أن ينوي مـساهمته في هذا القتال و أن يحقّ الحقّ و يبطل الباطل، و أن عمله يستهدف منع العدوان على الأبرياء أو الوصول الي مرتكبيه لتقديمهم للعدالة، وليس له شأن بما سوى ذلك من أغراض القتال قد تنشئ لديه حرجا شخصيا لأنه لا يستطيع وحده منعها ولا تحقيقها و الله تعالى لا يكلّف نفسا إلا وسعها، والمقررعند الفقهاء أن ما لا يستطيعه المسلم و غير ساقط عنه لا يكلف به، و إنما المسلم هنا جزء من كلّ لو خرج عليه لترتب على خروجه ضرر له ولجماعة المسلمين في بلده،  أكبر كثيرا من الضرر الذي يترتب على مشاركته في القتال. والقواعد الشرعيّة المرعيّة تقرر انه اذا ما اجتمع ضرران أرتكب أخفهما، فاذا كان يترتب على إمتناع المسلمين=
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 4 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتـّش عن الإخوان ص 51

في إباحته للجندي المسلم في الجيش الأمريكي، و في كل الجيوش الغربية، القتال في أي بلد اسلامي ترسله قيادته الصليبية اليه،إذا قرّرت تلك القيادة أن ذلك البلد يؤوي" إرهاببين" أويدعمهم! وكان على القرضاوي لو كان حقا من رجال الله، ثم لو كان حقا في مستوى الشهرة المدوية التي يتمتع بها، والمكانة العظيمة التي يحتلها في قلوب عوام المسلمين،أن يستنكر أصلا غزو أمريكا لبلاد المسلمين تحت أي ذريعة، لا أن يوافقها على ذلك الغزو الظالم الذي تنكره شرائع الأرض والسماء، ثم يعينها بعد ذلك  بمزيد من العساكر! وقد سمى د. صلاح الصاوي تلك الفتوى تصريحا بالقتل بدم بارد، و قد بنى القرضاوي فتواه على مبررات عجيبة، أولها وجوب العمل بقاعدة إرتكاب أخف الضررين. فقد اعتبر مفتي الإخوان أن خسارة الجندي الأمريكي المسلم وظيفته أو على الأقل ثقة مرؤوسيه، في حال رفضه قتال إخوانه في العقيدة، من قبيل الضررالعظيم الذي يجوزأن يتفاداه، بلجوئه الى ارتكاب" الضررالأخف" الذي هو تقتيل المسلمين، وإستهداف المدنيين من الشيوخ والنساءالأطفال العزّل !
    أما المـبررالثاني لفتوى القرضاوي، فحصول التعاون على البرّ و التقوى الذي سيتحقق عن طريق قتال المجند المسلم في الجيش الأمريكي إخوانه المسلمين  تحت إمـرة  أهل الصلبان! أما الدافع الثالث لفـتوى القرضاوي العجيب، فرغبته مشاركة المجندين المسلمين قادتهم الأمركيين، في إقامة حد الحرابة الإسلامي على من وصفتهم الإدارة الأمريكية بالإرهابيين (أي حكومة طالبان التي تؤوي بن لادن المتهم بوقوفه وراء حـوادث 11/9) 

  و قد فاقت الفتوى  في طيشها إدارة الرئيس بوش الإبن، إذا  جاءت في توقيت زمني مبكر جدا ، لم يكن للإدارة الأمريكية فيه أي دليل يشير الى تورط القاعدة في حوادث 11/9  
و قد صدرت فتوى الحال، بعد حوالي سنـتين من فـتوى القرضاوي الشرطي العامل لـدى الإرهاب العلمـاني الحاكم في بلاد المسلمين بجواز إطلاقه النارعلى المتظاهرين العزّل في شوارع البلـدان الإسـلامية لأجل مـؤازرتهم الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، باعتبار ان المسئول الفعلي عما ينجر عن اطلاق النار هو من أمر ذلك الشرطي بالقتل، وليس الشرطي الذي اطلق النار! 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= على القتال في ـ صفوف  جيوشهم  ضررعلى جميع المسلمين في بلادهم، وهم ملايين عديدة ،وكان قتالهم سوف يسبب لهم حرجا أو أذى روحيا ونفسيا، فان" الضرر الخاص يتحمل لدفع الضرر العام"، كما تـقرر القاعدة الفقهية الأخرى.                                  
    واذا كان العسكريون المسلمون في الجيش الأمريكي يستطيعون طلب الخدمة مؤقتا أثناء هذه المعارك الوشيكة في الصفوف الخلفية للعمل في خدمات الإعاشة و ما شابهها ـ كما ورد في السؤال ـ من دون ان يسبب لهم ذلك ولا لغيرهم من المسلمين الأمريكيين حرجا ولا ضررا، فإنه لا باس عليهم من هذا الطلب، اما اذا كان هذا الطلب يسبب ضررا أو حرجا يتمثل في الشك في ولائهم، أو تعريضهم لسوء الظن، أو لإتهام باطل أو لإيذائهم في مستقبلهم الوظيفي، أو للتشكيك في وطنيتهم، و اشباه ذلك ، فانه لا يجوز عندئذ هذا    الطلب . و الخلاصة انه لا باس ـ إن شاء الله ـ  على العسكريين المسلمين من المشاركة في القتال في المعارك المتوقعة ضدّ من " يظنّ" انهم يمارسون الإرهاب أو يؤون الممارسين له و يتيحون لهم فرص التدريب و الإنطلاق من بلادهم مع استصحاب النية الصحيحة على النحو الذي اوضحناه دفعا لأي شبهة قد تلحق بهم في ولائهم لأوطانهم، و منعا للضرر الغالب على الظن وقوعه، وإعمالا للقواعد الشرعية التي تنص على أنّ الضرورات تبيح المحظورات وتوجـب تحمل الضرر الأخف لدفع الضرر الأشدّ، والله تعالى اعلم و أحكم "( أنظر أرشيف  جريدة الشرق الأوسط، العدد 8356 بتاريخ 14 أكتوبر 2001، وقد نشرت ايضا بنفس الصحيفة في يوم 8 أكتوبر 2001).                                                   
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 5 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   
    كما ورد في الرسالة أنموذج  للسقوط الإخواني في الجزائر، وتواطىء الإخوان هناك بوقوفهم دون تحفظ في خنـدق المؤسسة العسكـرية في حربها جبهة الإنقـاذ، ثم تنازل الإخوان عن دينهم  قولا وعملا، عبر تصريح محفوظ النحناح، قبيل هلاكه بأشهر، و في مؤتمر صحفي، بأنه قد تبرّأ من قال الله قال الرسول!، تملّقا منه للمؤسسة العسكرية الحاكمة، وسعيا الى البحث عن موطئ  قدم في أجهزة السلطة.
   
   كما ورد في الرسـالة نموذج إخوان أفغانستان، و تزعّم برهان الدين رباني هناك تحالف الشمال بقيادة أمريكا في حربه طالبان، ثم رأينا إخوان تركيا و مناصرتهم الأمريكان على حساب مسلمي العراق ثم سماحهم لأمريكا بإقامة قاعدة عسكرية بتركيا ثم زيارة مقدمهم رجب طيب اردوغان إسرائيل، كما رأينا أخيرا دخول إخوان العراق، في مجلس الحكم الإنتقالي تحت إمرة الحاكم العــسكري بول بريمر ثم تــرأسهم برلمـان العراق و أخيرا تولّى 
طارق الهاشمي منصب نائب الرئيس العراقي. كما  مرّ بنا تصريح  الإخواني السوداني د. حسن الترابـي الذي زعم فيه ان يـهود و نصارى زماننا  ليسـوا كافرين (أفتى أخيرا بجواز أن يكون رئيس السودان نصرانيا كما أفتى بجواز زواج المسلمة يهوديا أو نصرانيا وكذلك فعل القرضاوي! ) .

كما رأينا أيضا فتوى عجيبة أخرى  للمهرّج الإخواني عمرو خالـد " أعطى فيها شرعية لإسرائيل تطالب بموجبها بالمسجد الأقصى، بدعوى ان اليهود بنوه على بيت رجل يهودي  ولعل تلك الفتوى هي التي جعلت الفضائيات الإسرائيلية تعرض برامجه الدينية التي يسجلها لمحـطة "إقرأ" و محطة بي بي سي المملوكة لحزب الكتائب اللبناني لأنه لم يحدث من قبل أن أفتى شيخ مسلم بالحقّ التاريخيّ اليهوديّ للمسجد الأقصى. و كان عمرو خالد قد أطلق فتواه تلك في يوم الجمعة العاشر من مايو أيار عام 2002خلال برنامجه في محطة اقرأ الفضائية، و على الفور تصدّى له الدكتور إبراهيم محمد مسعود الذي كتب الى جريدة الشرق الأوسط عدد الخميس15/8/2002، وتحت عنوان: فتاوى عمرو خالد خطيرة تمس حقوق المسلمين" ( نقلا عن مقال لأسامة فوزي بعنوان عمرو خالد يفتي لصالح اليهود ــ موقع آراب تايمز ).

    و قد أوردت تلك الصفحات الإخوانية السّود، كدليل على أن الزعامات الإخوانية لا تحول بينها وبين السعي  لتحقيق مصالحها الحزبية،لا نصوص قرآنية، ولا قيم خلقية، و لا إعتبارات انسانية .
    
   فلأجل معرفة على أي أساس أفتى القرضاوي بما أفتى؟ ولماذا تصرف النحناح وبرهان الدين رباني والطيب اردوغان، ومحسن عبد الحميد و الهاشمي و الترابي على ذلك الشكل المتخبط  والمخزي، كان لا بد من اطلاع القارئ على المرجعية الفكرية لهؤلاء جميعا، لأن الحزمة الإخوانية المذكورة ، لم تكن تـتصرّف وفق مبادئ الإسلام، بل وفق ثوابت الإخوان المسلمين.... لأجل ذلك كان لا بد من إقتحام البـؤرة الإخوانية، و تسليط الضوء على فكر وممارسات حسن البنا(1906 ـ1949) بقرة الإخوان المقدسة، والمنظر الأوحد للجماعة، والمؤسس لكل سقوط قــلده فيه أتباعه، دون دليل شرعيّ غير عمل "الإمام الشهيد"  أوسكوته أوإقراره !                                                                

   كما ستكشف هاته الرسالة، عن الأسرارالفنية أو الجنائية التي سبّبت سـقوط الجرم 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 6 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتـّش عن الإخوان ص 53

الإخواني وتحطمه على الأرض، كما سنصل في نهاية جولتـنا المزعجة في المشرحة الإخوانية الكريهة  إلى قناعة مفادها  أن الشيء من مأتاه لا يستغرب، وأن كل إناء بما فيه ينضح .   
 و إذا كان أيمن الظواهري، صاحب كتاب " الحصاد المرّـ الإخوان المسلمون في ستين عاما ــ " قد لزم حسن الأدب في نقد الإخوان، فقد جعلت سوء الأدب آلتي(ولا كرامة). لأني ألفيت نفسي أمام نماذج بشرية فاقدة لرجولة الجاهليّ وخلق المسلم، ولا تستحق أدنى قدر من الإحترام،" فلو نزلت كما  صفعة من السماء لم تسقط الا على أقفيتها".
  أما إذا قلت: و من أنت حتى تتطاول على" الإمام الشهيد مجدد الإسلام " ؟ فأقـول : يجب على من تأمل سيرة شيخكم أن يتقاصر ثم ينبطح أرضا كي يستعين بعد ذلك بمجهر الكتروني عسى أن تتيسر له العثور على شيخكم  في جملة الكائنات المجهرية.
أما من أنا ، فأنا مؤمن بالإسلام عقيدة و شريعة وأدفع ثمن إيماني ذلك تشريدا في  بلاد الكـفر وحرمانا من أهلي وعشيرتي. فلا تورط نفسك ايها الإخواني الغاضب بوضعها في مكانة أرفع من مكانة سيدنا عمرالذي اصغى برحابة صدر الى نقد إمرأة مجهولة لم يحدّد المؤرخون اسمها فقال رضي الله عنه أصابت امرأة و أخطأ عمر. و ليكن رائدك معرفة الحق على أي  لسان ورد، فالقرب من تعاليم الكتاب و السنة أو البعد عنهما هما مقياس صلاح الرجال أو فسادهم و ليس ما  يفعله أو يتركه  زيد أوعمر من الناس.                                                    
  و في الختام، فأن واجب إسداء النصيحة يقتضي مني حثك ايها الإخواني على القفز من المركبة الإخوانية التي تسير بسرعة نحو الهاوية، وأن لم تفعل، فستجد نفسك برلمانيا ينافح عن الدستور العلماني أو وزيرا في حكومة تحرك أمريكا خيوطها، أو تابعا إمّعة يقرّ ممارسات قيادات اخوانية تجاوزت تخوم الإسلام، وعانقت  الكفر بالكمال و التمام .
 و للعلمانيين أقول، قد يعذر أحدكم لو أحتقر اخوانيا أو سلفيا  ينادي نظريا بتحكيم الشريعة وتحقيق العدالة و الحريّة  في حين أنه يقف ميدانيّا في صف أعداء الإسلام والوطـن، ولكن ما عـذركم في الإعراض عن الدين، وإسلامنا (الذي لا تمثله الثدييات الإخوانية ولا الرخويات السلفية) هو من علم شعوب الدنيا الثورة على جلاديها (1) كما أن إسلامنا، قبل هجمة تسونامي معاوية، هو أول من فصل بين السلطات، وحاسب الحاكم، وساواه بالمحكومين، وأعتبر السكوت عن الإستبداد السياسي، من موجبات دخول النار(2).

فالي الإسلام يا أبناء المسلمين، الى اسلام بلا طائفية ضيقة، و لا عنصرية بغيضة، الي اسلام  ابي بكر وعمر وعثمان وعلي.الى اسلام نقيّ خالص لم تعبث به السلفية السنية الخرافية، ولا الشيعة الفارسية الأسطورية، ولا الملكية الوراثية الفاسدة .
و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حين التقى أحد الماركسيين الفلسطينيين بالزعيم الصيني ماوتسي تونغ، و قال له "علّمني الثورة" أجابه الأخير" كيف أعلّمك الثورة، و عندكم ثورة الحســين؟!"( ملاحظة
ليست للحسين أي صلة بالشيعة  وفكرهم الخرافي).
(2) قال الله تعالى:( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم، قالوا فيما كنتم، قـالوا كـنا مستضعفين في الأرض، قالوا ألم  تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها، أولئك مأواهم جهنم و ساءت مصيرا)  النساء 97.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 7 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
       

فصل 
  مدائح بلا حدود !

   " كان حسن البنا عبقرية فذّة و بصيرة نافذة، تمثّلت فيه شجاعة نادرة و حكمة بالغة، أيقظ الناس و أضاء لهم الطريق إلى الإسلام الصحيح " ( ص20) .
 حسن البنا " يتوافر في شخصه  عبقرية فـذة و بصـيرة نافذة، وشـجاعة عليّ و حكمة معاوية و جرأة أبي ذرّ،  و ذكاء إياس،  و زهد عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين "(ص 66)
" إنه لمن قبيل تحصـيل الحاصل، أنّ حـسن البنا كان يجمع بين العــبقرية الفذة و البصيرة النافذة... وأقول مع شيء من التواضع، لأن ألفاظ اللغة العربية لا تسعفنا بصفات أكبر و أجلّ من  صفتيّ العبقريّة الفذة و البصيرة النافـذة " (ص 27) .
 " حسن البنا كان ذا عبقرية فذة و بصيرة نافـذة، فإذا أضـفـنا إلى هاتين الخصيصتين إيمانه و شجاعته وثقته في ربّه، وجدنا أنفسنا أمام فلتة من فلتات التاريخ،  قلّ أن يجود الزمان بمثلـها"(ص37) .
 " حسن البنا صنع تاريخا، و حوّل مجرى التاريخ... حسن البنا بعد كلّ هذا هو مجدّد الإسلام في القرن العشرين"(ص 17) .
 " شجاعة حسن البنا ليست شجاعة جسديّة... بل هي شجاعة من طراز آخر، شجاعة مقوماتها الإقـدام و القدرة على إعلان الحقّ، وتعرية الباطل، ورفض المساومة على حساب المبدأ "(ص 40)  .  
           
    تلك  مقتطفات من كتيّب بحجم كفّ اليد بعنوان " حسن البنا .. الرجل و الفكرة " لمحمد عبد الله السمّان. وهو مجذوب إخواني لم تسعفه،( مع شديد الأسف) ألفاظ اللغـة العربيـة  التي  وسعت كتاب الله لفـظا وغاية ،( بتعبير حافظ إبراهيم)، ليبلغ كفايته من مديح حسن البنا بما هــوأهله ومستحقّه، على الرغم من توخّــيه الموضوعية و تركه العواطف جانبا!
( موضوعيّة صرفة يكون المرء فيها" ظالم لنفسه مبين" لو شكّ لحظة واحدة في حيادية صاحبها، خصوصا بعد ما أثبتها الرجل بنفسه  في ص36 حين كتب :" لعل أحدا يظن أنـنا
 نكتب عن الرجل من خلال عواطفـنا "إهــ !  حاشـا لله يا مولانا! انت تكتب فقط عن عواطفك من خلال الرجل.!.. ثم يواصل: والحقّ أننا لا نكـتب إلاّ و نحن مجرّدون من العواطف...[هذا واضح !] إنّ الرجل في ذمّة التاريخ ، و ليس في حاجة الى إطرائه فــضلا
 عن الغلوّ فيه"! إهـــ.

   ثم هاكم  مثالا آخر عن" موضوعية "الإخوان وتجرّدهم من العواطف( كمعيار وحيد لتقييم بقرتهم المقدسة) ، من خلال ما كتبه الإخواني د. محمد عبّاس  في بحثه المعروض في موقع جريدة الشعب بتاريخ 15/10/ 2004 . و محمد عباس ، رغم تجاوزه السبعين  فهو يكتب( كسائر الإخوان)، بطريقة عاطفيّة تحسده عليها المراهقات، و قد  كتب بحثه الذي نقتطف منها نتفا، بعدما أصبحت  سمعة  زعماء الإخوان لا تقل سوءا عن سمعة مونيكا عشيقة بيل كلنتن، (أي أن  بحث د. محمد عباس، قد  صدر  بعد ثلاث سنين من فتوى القرضاوي التي نشرت في نفس الموقع الذي ينشر فيه محمد عباس أدبياته، أي جريدة الشعب في موقعها الألكتروني ، كما جاء مدحه الإخوان  بعد وقوف إخـوان الجزائر وأفغانستان و تركيا و العراق في صــف أمريكا!) و البــحث  بعنوان " نــداء الى الإخوان 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 8 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص 55

المسلمين، الإسلام مصدر الشرعية فلا تلتمسوها في سواه " و قد جاء فيه :" لا يدرك المرء قيمة حركة الإخوان المسلمين، إلاّ  إذا تخيل أنها لم توجد و لم تـنبت عام 1928 ... تخيّل ايها القارئ، أن حركة الإخوان لم توجد!.. وهل كان يمكن أن نتصور إلاّ أن نكون ككثير من المسلمين في آسيا و أفريقيا اليوم لا يحملون من الإسلام إلا اسمه،  و من القرآن الا رسمه ؟!! إهـــ.
 تعليق:   لو حرم المسلمون ــ لا قدّر الله ــ من وجود جماعة الإخوان "أصحاب المواقف  الجهادية المشرفة"، لما تحرّر القدس الشريف، ولما كان تحت وصايتنا كما هوالحال اليوم!
  ولو لم يوجد الإخوان، لما طبق شرع الله في مصر وفي كل البلاد الإسلامية كما يطبق اليوم!  و لبلغ الفساد في مصر درجة كونها ستصبح ــ بعيد الشرّ! ــ  ماخورا عموميا لأثرياء العالم و الأشقياء العرب، كما كان شعبها  سيصبح ، أول شعب مستهلك للمخدرات في كل الدنيا !
    و لولم أن يتدارك الله مصرا بالإخوان المسلمين، لما اعترفت حكومات مصرالمتعاقبة بآدمية الفرد المصري و حقه في ظروف معيشة تليق به كما هو حاصل الآن، و لوجدنا ملايين المصريين ( و إن كان ذلك  من قبيل الخيال) ، يعيشون في المقابر بين رفات الأموات! (1) .
 ولو لم توجد جماعة الإخوان المسلمين، لأنفصمت عرى الدين، ولحكمنا العلمانيون( بعد الشرّ!)  بدستور علماني، يجعل التشريع لليهود و النصارى!
   ولو حرم المسلمون من ظهور جماعة الإخوان المسلمين، لتقدم  الأئمة المزيفون الى صدارة الناس و منابر الإفتاء، و لوصل السقوط بهؤلاء "المرتزقة "، في غياب علماء الإخوان المجاهدين، الى دركات قد لا يصدقها العقل، لنقل مثلا ...( فقط على  سبيل الإفتراض لا غير) ، قلت لوصل بهم السقوط  الى درجة  مدّ  الإدارة الأمريكية بفتوى تبـيح لجيوش النصارى غزو بلاد المسلمين، وبفتوى بأخرى تسمح  للمجندين المسلمين في جيش أمريكا  بمساعدة جيش النصارى  في غزوهم ذلك، ابتغاء رضوان الله، و تعاونا مع الغزاة على البرّ و التقوى!
ولولا وجود الإخوان المسلمين ــ وقانا الله من تصور الدنيا دون وجودهم،  لكنا وصلنا ــ  الى  وضع تتدخل الإدارة الأمريكية فيه  في شؤون مصر المحروسة  الى حدّ  يمكن أن يصل الى تعطيل الشريعة و منع  الآذان،  ومنع  صلاة التراويح، و حظر  ذكر اسم رسولنا في المناهج الدراسية (2)!
 فالحمد لله على وجود  جماعة اٌلإخوان المسلمين التي حالت دون  تلك السيناريوهات المرعبة!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هناك  سيدة مصرية قد طلبت الطلاق، لأنها لا تستطيع ممارسة الجنس مع زوجها في المقابر، حيث تسكن،  مع العلم ان زوجها يشتغل " طبيب قد الدنيا " أو"  قدّ  مصيبة المسلمين بالإخوان" (انظر الرسالة الرابعة من كتابنا "من جرائم السّلفية"  وهي بعنوان: واقع اسلامي مروّع ) .
(2)  يسعى حكام مصر لمنع الآذان في القاهرة  وجعله مقصورا على مسجد واحد من بين عشرات الألوف من المساجد، كما منعت صلاة التراويح في رمضان الماضي في كل مساجد القاهرة، و اقصر تأديتها على 54 مسجدا ، كما تم حذف اسم رسول الله عليه الصلاة و السلام من برنامج التعليم للأحداث، و أستبدل إسمه الشريف  بنعت " الشيخ الحكيم " أو " الشيخ الصالح "!(انظر جريدة "الأسبوع" لمصطفى بكري، مارس 2005).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 9 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ثم يستمرّ د. محمد عباس، في تعديد  مآثر الإخوان المسلمين، ليخلص الى قوله: " وكنت أواجه أي منتقد لهم بقولي: لعلّ الله اطّلع على الإخوان المسلمين أعوام 48 و 49 و54 و56 فقال إعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنّة، أو فقد غفرت لكم"إهـ !! (1). كما  كتب  مغازلا القرضاوي:" الدكتور يوسف القرضاوي أقف معه بجماع قلبي. و أندّد  بأولئك السّفهاء الأشرار الذين يهاجمونه، وهم في صف أمريكا و إسرائيل والشيطان!"إهـ (2)، ورغم علم محمد عباس بالمخرأة  التي تردى فيها شيخه،  فما زال يصرّ على تسميته بــ" شيخنا العظيم"! فهل هناك أعجب و أسفه من ذلك؟! ( أنظر بحث محمد عباس" الـنصارى يحكمون مصر، و البابا يتبختر كقيصر" موقع الشعب"!) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  انظر الي مدى سذاجة الرجل، فهل أن مصيبة المسلمين تتمثل في كون هل أن الله سيغفر للإخوان أو يوديهم في ستين داهية، أم في  البحث عن  وسيلة  لردم البركان الإخواني الذي يقذف أمتنا بحممه؟! ثم  إعجبوا كيف يشبّه هذا الكاتب   فيروساته الإخوانية المسبّبة لنقص المناعة المكتسبة، بأهل بدر؟!).
(2)  لم يمنع الإخواني المولّه  محمد عباس وقوف الإخوان  المفضوح في العراق و افغانستان و تركيا و مصر  في صف أمريكا،  كما  لم يمنعه  قبل ذلك، اطـلاعه على فتوى القرضاوي الشهيرة  ليكتب  كمن  فقد العقل و التمييز، نعوذ بالله من عبادة الأسماء، وقد أصدر القرضاوي فتواه "  ّبعد زيارة السفير الأمريكي في الدوحة لمنزله،  و تم الكشف عنها عبر اعلان نشرته الصحف المصرية، واضطر القرضاوي الى الإعتراف بتوقيعه عليها، و برّر الفتوى بقوله أن المسلم الأمريكي ملزم بموالاة الدولة التي يقيم فيها "(أسامة فوزي. أراب تايمز) إهـ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 10 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص 57

فصل 
 نغم في حياتي

  حسن البنا مجّدد الإسلام، الإمام الشهيد، العبقرية الفذة و البصيرة النافذة، الفلـتة التاريخية،  معرّي الباطل و أهله بصراحته ووضوحه و بعده عن لولبيّة الساسـة المحترفين، مــؤرق الحكّـام و خصوم الإسلام (1)  و مهدّد الحكام بإعلان الحرب  إن لم يستقيموا على الطريقة (2) .
 حسن البنا المتنزه  عن مدح العلمانية  و عن التصفيق و الهتاف لأي زعيـم، حسن البنا البريء تماما  من هؤلاء الظلمة (3) .
 " فكرة  الإخوان المسلمين لا تعـادي إلاّ من عادى الإسلام أو عاداه الإسلام، ولا تسالم الا من  سالم الإسلام أو سالمه الإسلام " (ص 87  حسن البنا الرجل و الفكرة ) .
 زعماءالإخوان فئة متميزة  تسير:" سيرة الأجلاّء  والأفاضل من علماء الأمة الإسلامية الذين كانوا يقتحمون على الملوك والأمراء أبوابهم و سدودهم فيقرّعوهم ـ أي يوبّخونهم بغليظ القول ــ و يأمرونهـم و ينهونهم و يرفضون أعطياتهم  بل و يحملون السلاح في وجوه الجور و الظلـم"إهــ ( ص49 نفس المصدر) .

 ذلك هو النغم الإخواني الذي عشت  دهرا من عمري لا أسمع غيره، ولا أردّد سواه، حتى إذا سمعت من أعداء "الرجل و الفكرة "خلاف ذلك، كان موقفي التكذيب الفوري و الإحتقارالشديد  لمن تجرأ على  نقد " الرجل و الفكرة "، و لم أكن اختلف عن  المؤلف المتحمّس في قناعاتي و إيماني  بالرجل و الفكرة " فما أكثر ما هوجم الرجل و الفكرة معا ، لكن الهجوم 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)" إنّ خصوم الفكرة الإسلامية لم يكن يؤرقهم شيء كما كانت تؤرقهم صراحة الرجل ، ولو كان حسن البنا لولبيّا أو سياسيّا محترفا لما..."ص 94 ("حسن البنا الرجل و الفكرة ". السمّان).                                                                                                
(2) من كلام حسن البنا (الذي أورده محمد السمّان في كتّيبه المشار إليه آنفا)،أثناء  خطابه في أتباعه و هو يعرض خطة عمله مع حكام مصر، حيث قال أيضا: " سندعوهم الي برامجنا، ونضع بين أيديهم برامجنا، وسنطالبهم بأن يسيروا بهذا البلد المسلم، بل زعيم الأقطار الإسلامية في طريق الإسلام في جرأة لا تردّد معها، فالوقت لا يتسع للمناورات، فإن أجابوا الدعوة وسلكوا السبيل الى الغاية، آزرناهم  و،إن لجأوا الى الــمواربة و الزوغان، وتستروا بالإعذار الواهية، والحجج المردودة،  فنحن حرب على كل زعيم او رئيس حزب... سنعلنها خصومة لا سلم فيها ولا هوادة معها، حتى يفتح الله بيننا و بين قومنا بالحق، و هو خير الفاتحين " ( نفس المصدر ص 77 / 78 ) . ثم و هو يعفي غير المستعدين  للصدام و  تحمّل تكاليف الجهاد بقوله لهم :" و من قعدت به ظروفه أو صعبت عليه تكاليف الجهاد فليبتعد عن الصفّ قليلا و ليدع كتيبة الله تسير ثمّ فليلقنا بعد ذلك في ميدان النصر إن شاء الله "! (ص 109نفس المصدر ). أو فيلتنحّ قبل أن يتلطّخ بدم الأعداء !                                                                                                 
(3) يقول حسن البنا مخاطبا اتباعه :"  فمن قائل أنكم وفديون نحاسيون، و من قائل انكم سعديون ماهريون ، والله يعلم و العارفون بكم ، انكم من كل ذلك بريئون " نفس المصدر87 إهـ( كم يبدو هذا الكلام    مسليّا و عاريا من الصحّة، لمن عرف سيرة حسن البنا  حق المعرفة، و لمن رأى اليوم تلامذته وهم يركعون تحت الجزمة الأمريكية في افغانستان و العراق و تركيا... فمن كره  قراءة  هاته الرسالة واراد زبدة القول، فلينظر الى الإخواني طارق الهاشمي المنصب من قبل الإحتلال  كنائب لرئيس العراق ليعرف من هو حسن البنا، وكم كان استعداده كبيرا للسقوط و التنازل عن كل شيء ) .( أنا ارجع سقوط البنا الي الفكر السني المدمّر الذي يبيح التعامل مع الحاكم المرتد، ولا ارجع سقوطه الي طلب الدنيا) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 11 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                     


إنبثـق ممن لهم مصلحة في ألاّ تقوم للفكرة قائمة، وألاّ تعيش للرجل ذكرى " ! ( ص 24 إنتهى) . 
  
لقد الشكّ في حسن البنا و " فكرته "  يعني لديّ الشكّ في الإسلام و ما جاء به الإسلام  لأنني كنت اعتقد (مثل الكاتب تماما)  أن"  منهج الإسلام، هو نفسه منهج الإخوان المسلمين " ( ص 70  من كتاب الرجل و الفكرة ) .                                                                                               

   و على الرغم من أنني لم أتحوّل إلي علمانيّ ،أو رجل أكليروس مرتزق أو بوق مأجور لدى العلمانية الحاكمة، و على الرغم من انني  لم توظفني أية جهة أجنبيّة  للوقوف  في الخـندق المواجه " للرجل و الفكرة "،  فإني أصرّ اليوم و أنا أكــثر ما اكون اسلاما و حرية إرادة، و استقلالا ، على نسف ما بقي من بنيان الضرارالإخواني، لما في نســفه من مصلحة الإسـلام و عزّة المسلمين، فلن تقوم لديننا قائمة ما أستمر ّ شباب المسلمين في تقديس الرجل و فكرته المميتة التي صفق لها المستشرقون. من ذلك ما" كتبه المـفكر الفرنـسي أرنست رينان (حفيد المستشرق الفرنسي المتعصب ارنيست رينان) تعليقا على عقيدة الإخوان المسلمين يقول :" إن هذه الكلمات عميقة البحث و القصد وهي لا شكّ مستمدّة من نفس المنهج الذي رسمــه محمد ــ صلوات الله عليه و سـلامه ــ و نجح في تنفيذه، فأسـّس به أمة و دولة و دينا، و قد زيد فيه بما يناسب روح العـصر، مع التقيّد بروح الإسلام"(الرجل والفكرة  ص 76)                                                                               
  
     لا شكّ أن بطن ذلك المفكر الصليبي قد تحرّكت  كثيرا (هذا إن لم يضطرّّ على الأقلّ إلى إستبدال سراويله التي قد تكون  إبتلّت في  أكثر من مناسبة) وهو يقرأ أن ّخالد بن الوليد رضي الله عنه قد تكسّرت في يده تسعة سيوف في اليرموك على رقاب أسلافه الرومان، و أنّ  نصال الفتح الإسلامي في شمال إفريقيا و مصر و الشرق الأوسط  قد عصفت بعشرات الألوف من رقاب أجداده الإمبرياليين و أوردتهم الّردى، ولذلك تــتراءى لنا بهجة ارنيست 
رينان و حبوره من بين السطور، و هو يبارك  هذا الإسلام الإخواني الطريّ الناعم وعقيدته الرخوة  التي"  زيد فيها بما يناسب روح العصر" ! حتى جعلتها مقبولة من قبل مفكري الغرب، بعدما كانت ملعونة  لقرون متطاولة... خذوا مثلا بعض ما جاشت به صدور بعض قادة فكر غربيين، توجد ضمنهم  فئة من الفنانين، كان من المنتظر ان يصدر عنها  كل رهيف من الأحاسيس، ورقيق من المشاعر، باعتبارها من فصيلة  محلقة في عالم الرومانسية و الخيال المجنح، لكنها سرعان ما تتحول في غلظة مشاعـرها، و نضوب معين الإخاء الإنساني في قلوبها، الى رؤساء عصابات منظمة حين يتعلق الأمر بالإسلام ونبي الإسلام، وتقرير مصير المسلمين... الى حد طالب  فيه احدهم  بابادة اربعة أخماس المسلمين، كما " كتب الفرنسي غوستاف فلوبير" إني اطلب بإسم الإنسانية بأن يسحق الحجر الأسود و بأن يرمى رماده في مهب الريح و بـأن تدمر مكة، و يدنس قبر محمّد . فقد تكون هذه هي الوسيلة، لأضعاف معنويات التــعصّب" كما بلغ الحقد بالإيطــالي دانتي في الكوميديا الإلهية( التي سرق فكرتها من الشاعرالكبيرأبي العلاء المعري)  الي تخيّل رسولنا عليه السلام في هيئة" مذبوح من الذقـن إلي العانة و أمعاؤه متدلية بين ساقيه "ــــ كما  وصف الأديب الفرنسي باسكال نبينا العظيم بأنه " تافه"، كما وصفه موريري بانه " نبي مزور " كما تحدث عنه هولباخ " قام محتال بالجزيرة العربية فتلفظ بإسم السّماء بأكاذيب نجح في جعل بعض مواطنيه يحترمونها، فما لبثت ان أصـبحت هذه الأكاذيب مقدسة وأنتشرت بفضل السيف "،  في حــين قال عنـه لوثر" أنا لا أعتبر محمدا 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 12 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
ـــــــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص 59 

دجـّالا، فهو فظ فوق الكفاية إنه شبيه بالشيطان الأسود يسهل التعـرّف عليه،  فليس في استطاعته أن يخدع القلب و لا العقل" . كما قال عنه الفرنسي بلزاك :" كان هدف محمد يعود الى النصر، ولا يعتبر ذويه إلاّ أصحاب الميول العنيفة ". كما وصف الفرنسي شاتوبريان ديانتنا قائلا :" ــ كل عناصر الأخلاق والمجتمع السياسي موجودة في قلب المسيحية ، وكل بذورالدمار الإجتماعي تحملها ديانة محمد." كما استصرخ غادوفان ابناء ملته في ملحمته الصليبية قائلا:
" يا الهي انه بسبب خطايانا زادت قــوة  المسلمين
هبوا مسرعين لنجدة ملك اسبانيا 
فلن يجد ابدا أحد منكم فرصة أجمل من هذه لخدمة الرب
فبمعونته ستغلبون هذه الكلاب التي أضلّها محمد 
هؤلاء المرتدون السفهاء .
.كما كتب توكفيل " لقد درسنا كثيرا القرآن بسبب وضعـــنا على الخصوص إزاء مسلمي الجزائر، وأعترف بأنني خـرجت من هذه الدراسة ، وانا على يقين، بأنه لم يوجد في العالم بأكمله إلا ديانات قليلة تشبه ديانة محمد في ضررها للإنسان "( إهــ)
 كما وصف المسلمون من قبل الغرب، وطوال تاريخهم العدائي ، بأنهم شعب من اللصوص  الكفّار و قطاع الطرق لا يقاتلون إلآّ من أجل المغانم الدنيوية ( أنظر كتاب" عربي؟ هل قلت عربي، أحكام الغرب حول المسلمين و العرب خلال خمسة و عشرين قرنا ـ "لمحمد قاسمي و شانتال داغرون لترى من ذلك العجب العجاب) .                                             

   فما كان  حقد أهل الغرب على نبيّ الإسلام  ورسالة الإسلام و أهل الإسلام، ليـتحول بين عشــية و ضحـاها الى وله ، لولا " ما زيد فيها"، أي ما زيد في عقائد المسلمين من تحويرات"تناسب روح العصر"، حوّلت رينان إلى  وليّ حميم ! (1).

   لقد كان واجب إحترام القارئ يملي على حسن البنا توضيح عـبارة " ما زيد فيها " و لكن مرشد الإخوان مرَ مرورغيرالكرام( كما ستوضح لنا ذلك الأسطر التالية التي تضمنت غبطة مؤسس الإخوان بتلك الشهادة الصليبية القيمة التي إقتتطع منها ما يؤيد فكرته المميتة )، فقد ورد فـي نفس الكتاب و فـي نفس الصفحة ما نصّه:" أعرب الأستاذ عن رأيه في عقيدتنا بجلاء و وضوح، و قد كان صريحا في إبداء رأيه ، بقدر ما كان موفّــقا في هذه الدقّة أيضا، و يمكنك أن تخرج من هذا الرأي الدقيق الذي ألقي من وراء البحار في عقيدة الإخوان المسلمين بعدّة نقاط: أوّلا عقيدة الإخوان المسلمين مستمدّة من نفس المنهج الذي وضعه محمد صلوات الله عليه وسلامه، هذاهو التعبير الفرنسي الذي استطاع الأستاذ الذي لا يتصل بالإسلام إلاّ بصلة العلم أن يعرب به عن رأيه.. ومعنى هذا أن الأستاذ أرنست رينان يرى أنّ عقيدة الإخوان المسلمين إسلامية بحتة لم تخرج عن الإسلام قيد شعرة... لقد إستطاع بدقة بحثه  و صفاء فكرته، أن يصوّر الإخوان المسلمين و أن يفهمهم 
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  كما جعلت تلك الزيادات من  جهاد النظم العلمانية، "عنفا" يجب التصدي له اخوانيا ، و من  عقيدة الولاء و البراء التي تقتضي الكفر بالطاغوت و مقاومته ،" تطرفا " يستحق المرء من أجله ان يطرد من حظيرة الإسلام ، بصك حرمان بطريركي مـن حســـن البنا، ومن خلّف بعده  من ثدييات إخوانية تســتقبل اليوم بالأحضان  من قبل زعماء البيت الأبيض  و الكنيست الإسرائيلي. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 13 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 ويفهم أنهم للإسلام... و للإسلام وحده، على بعد الشقة وإنـقطاع الصّلة فيما بيننا و بينه، على حين يظن بعض الناس الظنون بالإخوان المسلمين(1)، و يتساءلون عن ماهية مناهجهم و كنه مقاصدهم و يتشكّكون في عقيدتهم و مسالكهم ..." ( إهــ )

  سيلاحظ القارئ فيما سيستقبله من هذا البحث، أن الدّليل الشرعيّ المعتمد  لدى الإخوان هو قـول حسن البنا وعمله و إقراره، فإذا أضفنا إعتماد البنا نفسه على ما قاله الصليبيّ كمعيار لصحّة " فكرته" وسلامة "عقيدته"، بدا لنا أيّ سند ذهبيّ  يـمكن أن يعتمده المرء في تمييز الحقّ من الباطل من أمر الإخوان، إذا كان الإخواني يحيلك إلى البنا، و البنا يحيلك بدوره الى نصرانيّ!.  و لكنّ القارئ الملمّ بعقيدة المسلمـين كما شرحها و طبقها خاتم النيين و صحبه الميامين، لن يعدم وسيلة كي يستشفّ من كتاب المؤلف الإخوانيّ القحّ، أهمّ معـالم " إسلام الإخوان"(2) ألا وهو إلتزامهم المبكّر، بأخلاقيات المجتمع المدني الذي كـثرت في السنوات الأخيرة الدّعاية اليه والدنــدنة حوله في بلاد المسلـين،أي "مجتـمع الـتسامـح" و"الحوار" و" قبول الآخر" بعجره و بجره، و"التحاكم إلى الشرعيّة الدسـتوريّة"، ووجوب وسلوك "القنوات الرسميّة" للتغيير الديمقراطيّ، حتى ولو كانت تلك القنوات أضيق من منخر نملة أو عقل سلفي. بل حتى ولو كان الحاكم  جاهليا في مرجعية دستوره  و في وقوفه "عقبة كأداء في طريق الإسلام".

   ففي واحدة من" الزيادات" التي أضافها حسن البنا لدين الإسلام ،جعله ذروة سنام جهاد  ذلك النوع  من الحكام  هو جهاد اللسان و القلم!،( ورد ذلك  في ص 64 من الكتاب المشار اليه حين كتب المؤلف الإخواني:" وهـذا الإسلام نفسه يرفـض الحكم الجاهلي شـكلا، و موضوعا أيضا، لا لأنه تخلّى ــ فحسب ــ عن شريعة الله عزّ و جلّ، بل لأنه أيضا يقف عقبة كأداء في طريق الإسلام، هي بمثابة صدّ عن سبيل الله (3) وجهاد هذا الحكم الجاهلي 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لقد تحوّل الشكّ الي يقين كما تحولت الظنون المجرّدة الى أدلّة ماديّة طفحت بها مجاري قادة الإخوان و زكمت نـتونتـها الأنوف، وأسمعت بدويّها من به صمم، و لم تعد خافية إلاّ على جهول أومتجاهل. فهاهم زعماءالإخوان يغتالون في العراق والجزائر و افغانستان ، ويطاردون في كل سهل وجبل مثل الكلاب المسعورة، جزاء خياناتهم الوطن قبل خيانتهم الدين. فأفق ايها الإخواني المغرور قبل ان تجد نفسك في نار جهنم .  
 (2) " إسلام الإخوان" هو  شعار رسالة المؤتمر الخامس للإخوان المسلمين! ( انظر محمدعبد الله السمان" حسن البنا الرجل و الفكرة ص 61 ).                                   
(3) لا حظوا العقلية الإخوانية ــ المهاتما غانديّة في تبنيّـها  الرفق في كلّ شيء و مع كل احد ـ إلاّ مع أهل التوحيد ـ و في إستبعادها سيناريو الصدام و إستثارة الجماهير، فالحاكم الذي يرفض شريعة الله و يقف عقبة كأداء في طريق الإسلام لا يدخل عمله  تحت مسمّى الصدّ عن سبيل الله، بل هو "بمثابة" الصدّ عن سبيل الله!. فياليتني كنت أدري ما هو الصدّ الحقيقي عن سبيل الله، إذا علمنا أن أيسر أدوات الحاكم الرافض لشريعة الله أو الحاكم الذي هو" بمثابة الصادّ عن سبيل الله"،من أيسر وسائله  وزارة داخلية تزهق فيها الأرواح و تنتهك فيها المقدسات، و يغتصب فيها الرجال قبل النساء ، ووزارة إعلام تصادر الكلمة و تجرّم قائلهـا ،ومؤسـسات تحكم بغير شرع الله و تحمل الناس على التحاكم  إلى الطاغوت، هذا مع  إزدراء لكتاب الله حتى أنهم لا يطيقون حتى مجرّد سماعه ، فضلا عن التحاكم اليه، فقد جاء في جريدة الشرق الأوسط عدد9275 بتاريخ 30/4/ 2004 و تحت عنوان:" نواب مصريون يطالبون بعدم الإستشهاد بآيات قرآنية أثناء الجلسات" ما هذا نصّه:"وجه نواب بالبرلمان المصري انتقادات شديدة لبعض النواب الذين يستشهدون في أحاديثهم تحت قبة البرلمان بالقرآن الكريم في مناقشاتهم المطروحة ..!                  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 14 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

ـــــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص 61

باللسان و القلم، فرض كفاية،  إذا لم يقـم به البعض أثم المسلمون جميعا" إهـ(1)  

   وأخيرا، و بعد  أن سقط خيار حسن  البنا بالكامل، وبعد ان مات و قبر قبل أن يموت حسن البنا نفسـه ويقـبر(2). و بعد أن أعلن الحكام عن إستحالة وصول المعارضة للسلـطة إلاّ على جثثهم (3)، و بـعد أن دخلنا عصــرالديمقراطيات الوراثية التي يرث الولد فيها والده، وبعد أن أعلنت الحكومات صراحة، بأنها لن تقـبل بأي حزب إسلاميّ التوجه ، و بعد أن كشف النظام العالمي الجديد عن وجهه الصـليبيىّ، وعـن الجانب الدينيّ الكريه لعولمته التي يقصد منها أمركة حياة الناس، والقضاء النهائي على أدنى مظاهر التديّن الخارجيّ حتى في مهبط الوحي و بلاد الحرمين الشريفيـن، وبعد أن أسلمتنا " فكرة" الإخوان إلى السكيـن  الأمريكي، وبعد أن ضبط تلامذة "الرّجل" في فراش العم سام، و في البرلمان والحكومات المشكلة تحت حراب المحتل الأمريكي في أفغانستان والعـراق، وتحت حراب المغتصب اليهودي في فلسطين، بعد كل ذلك،  لم يعد هناك ما يدعو الى مزيد من السـكوت عـن"الرجل" الصنم " فكرته" المدمّرة  ذات الحصانة الأبدية من النقد واعادة النظر!(4)
   فلندع الكليشيه السخيف و المبتذل، والقائل بكل إستخفاف بالعقول، أن:" الرجل لم ينته بإغتياله، والفكرة لم تمت بإعتقـالها... و سوف يبـقى الرجل وتبقى الفكرة، ما دامت السماوات و الأرض"(5)( فال الله و لا فالك يا شيخ !) لأن بقاء الفكرة يعني موتا محققا لا قيامة بعده، .بعد ما ثبت أن تلك الفكرة  سم ّمجرّب.                                               

   لقد ولد "الرجل" ميتا، ولم يعش يوما واحدا كرجل حرّ، هذه هي الحقيقة المرّة ..( ألم يقل الزعيم مارتن لوثر كينج رغم نصرانيته،انّ حياتنا تبدأ نهايتها يوم نبقى صامتين إزاء القضايا الكبرى، فما بالكم بشخص كحسن البنا عاش كما سنري، يؤيد الطغيان،ويجند الشعب المصريّ بل و كل الشعوب الإسلامية لدعمه، و الإستكانة بين مطرقته و سندانه ؟!). أما " الفكرة" فقد تعيش هنيهة، بعد ان انزلها الغرب من الرفّ و نفض عنها الغبار، ولكنه عيش ذليل، رفض العربي نظيره  في جاهليته، و رضي بجهنم عوضا عنه،(في حين يدعونا فراخ البنا الى قبوله مغتبطين يقول عـنترة بن شداد العبسي: لا تسقني ماء الحياة بذلة/ بل فاسقني بالعز كاس الحنظل/ ماء الحياة بذلة لجهنم / وجهنم بالعز أطيب منزل )....  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) و هذا ضرب جديد من الجهاد الإخواني، وهو الجهاد بالمراسلة ، نسخ به البنا الجهـاد بالسلاح!
(2) حسن البنا، كما سنرى، هو أوّل من إستبدل الجهاد الإسلامي للوصول الي السلطة، بصناديق الإقتراع. وقد خاض التجربة بنفسه مرتين و فشل فيهما فشلا ذريعا. فيكون مشروعه قد سقط قبل سقوطه هو برصاص الملك فاروق (أو الفاروق العظيم  كما كان يسميه شهيد الغفلة!) .                            
 (3) حقيقة يؤكدها  لسان حال الحكام الذين ينفقون نصف ميزانية الدولة على وزارة الداخلية و أمنهم الشخصي، و إن خرج عبد الكريم قاسم حاكم العراق الأسبق عن المألوف ليعلن صراحة " جئت إلى هذا الكرسيّ بقوّة السلاح و من كانت عنده قوّة فليزحني من هذا الكرسيّ! "( انظر، الخريطة السياسية للمعارضة العراقية . شمران العجلي . ص 101 ) .
(4) يـرى صاحب دارالإعتصام الإخوانية، أنّ فكرة البنا لا تحتاج الي تقييم! فقد أورد على ظهر كتاب حسن البنا الرّجل و الفكرة ما نصّه":  فحـسن البـنا الذي أستطاع أن ينقذ شعبا وأن يحيي أمّة، ليـس في حاجة إلى تأريخ... ودعوته العالميّة التي إكتسبت صلابتها من أصالة الإسلام ليست في حاجة إلى تقييم"! إهـ. 
(5) ص 24 من كتاب" حسن البنا الرجل و الفكرة ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 15 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ذلّ من يغبط الذليل بعيش / ربّ عيش أخفّ منه الحمام .   
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 16 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص 63


فصل 
 الوثيقة التي أسقطت ورقة التوت عن  العورة الإخوانية


   إن خيبة الأمل التي إجتاحت المصدومين من أبناء الحركة الإسلامية  لدى الإطّـلاع عــلى
حقيقة فكرالإخوان المسلمين، لا تدانيها في مرارتها وشدة وقعها، إلاّ خيبة العاشق الذي إكتشف أن المرأة التي أحبّها عن طريق سماع اخبارها، ثم إستقـرّ في ذهنه أنها مثال العفّة والجمال، فعادى من اجلها العشيرة، وهجر الوطن و مراتع الصبا. محرقا سفن العودة  من ورائه، لم تكن سوى إمرأة  قعيدة شوهاء، تشتغل قوّادة في بيت دعارة!                                                                                    

و بما اني كنت أحد هؤلاء المصدومين، فلا غرابة لو بدرت منيّ بعض الحدّة، فعظم الفجيعة  بتلاشي الأمل  في يوم مشرق قريب، كان وراء ذلك القدر العظيم من الغضب  الذي حفل به هذا الكتاب.  أمّا من ناصب رؤيتي العداء، و أصرّ على إتهامي بـالتطاول على العلماء ذوي اللحوم المسمومة (1)، خصوصا بعد إفاضتي في شرح المشهد الإسلامي المريع، و بعد أن أصبح هؤلاء "العلماء" والزعماء الأخوانيون يؤدون بحذق و قلة حياء دور أبي رغال (2) فلا إعتذار ينتظره منى إليه، لأنه غير موجود  في حسباني، فهو عبارة عن جثة  تنتظر التصريح بالدفن، جثة  لا نفع فيها لغير ديدان الأرض .                                                                
  
   إن فجيعة أمثالي لدى تعرّفهم عن حقيقة الفكر الإخواني الذين عاشوا دهرا وهم يجلوّن رمزه الأوّل: حسن البنا " الرجل القرآني" أو " الإمام الشهيد" أو" مجدّد القرن " ، كانت كبيرة، لأنّ التغيير المنشود لم يكن يؤمل (حسب تصوّرنا الساذج) إلاّ من جهة تنظيمه، وإلاّ فهل كنا ننتظر نصرة الاسلام من قبل الحكّام العلمانيين،أو من يدور في فلكهم من الإكليروس السنّي المنتسب زورا و بهتانا الى سنة رسول الله،( في حين انهم يخدمون سنة فرعون و هامان والحجاج بن يوسف في إرهاب الشعوب و تهميشها)؟ أم هل كنا ننتظر نصرة الإسلام من قبل الشيعة الخمينية الميثولوجية التي لم تضع قدما واحدة في ديـن الله ؟ أم كنا نأمل نصرة هــذا الدين،  من قبل الصوفية الغائبة و المغيّبة عن الوعي ؟ أو من قبل حزب التحرير السّاذج ؟ أو من قبل جماعات التبلـيغ المعاقـة؟ أو من قبل سلفية الألباني أو سـرور زين العابدين أو بن باز أوالمدخلي العاكفة"على مهاجمة شرك القبور دون شرك القصور"؟ فمن بقي على الساحة إذن، ممن تـشرئبّ إليه أعناق،  و تتطلع إليه أنظار مــن 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) " لحوم العلماء مسمومة و عادة الله في حق هتك أستار منتقصيهم معلومة ، وان من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب " جملة  قالها بن عساكر و قد وضعت قصد إرهاب كل ناطق بالحق و منتقد لتجاوزات نعال السلاطـين من حاملي أســفار العلـم ، كما ترددها الرخويــات السلفية في كل مناسبة و هي ليست قرآنا . و لا تلزم أحدا من المسلمين...... فالعالم بشر يصيـب و يخطئ و نقده ليس نقدا للشريعة التي يتكلم باسمها. فلحم  حسن البنا و القرضاوي في خيانتهما الله و رسوله و المؤمنين، ولحم مونيكا  صاحبة كلنتن لدي سواء ،الكل صالح للإستهلاك… و بتلك العقيدة القي الله أحكم الحاكمين يوم ابعث حياّ .    
(2) أبو رغال عميل عربي  كان دليل ابرهةاثناء توجه الأخير لهدم الكعبة المشرفة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 17 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                    

يأمل الخلاص، سوى من كان" الله غايته" و" الرسول قدوته" و" الجهاد سبيله" و" الموت في سبيل الله أغلى أمانيه"؟! لكنني اكتشفت كأمثالي فور حصولي على أوّل وثيقة موضوعية تتضمن تاريخ حسن البنا، كيف كان صنم الإخوان يخفض جناح الذل من الهوان للعلمانيين، و كيف كان يعترف بشرعيّة دستورهم العلماني، بل وبشرعيّة المحتل الأنكليزي  لمصر،(في مقابل  شراسته وسوء خلقه  ضدّ من رمى المؤسسة العلمانية بحجر، حتى لو كانوا من شباب الإخوان، ثم ضيقه بكل فكر مخالف داخل الجماعة) حين اطلعت على كل ذلك،أدركت كما أدرك أبناء جيلي، أنني قد وضعت بذور آمالي بواد غيرذي زرع. كما تأكدت أن التغيير الإسلامي، لن يكون إخوانيّا بحال من الأحوال، ما أصرّت الزعامات الإخوانيـة على لزوم أكاديمية حسن البنا التي نذرت نفسها  لتخريج كوادر أمنية تشدّ أزرالإرهاب العلماني المهيمن على بلاد المسلمين، ثم لتقف أخيرا في صف الإمبريالية العالمية ورأس حربتها الأمريكية، لتؤصّل شرعيّا لإرهابها و فتكها بالمسلمين، في جرأة اخوانية وقحة، ليست فيها رجولة ولا خلق. ولا ذوق، حتى أنه لايمكن لنا تشبيه عمل القرضاوي و زعماء الإخوان في سفاهتهم ، بغيرمن تعري ليتبرز في ميدان عام غير آبه باستهجان المارّة وتقززهم،  إعتبارا منه بان الجميع  قد عموا عن رؤيته، أو أنه بصدد عرض بهلواني مـثير و محبّب  يصفق له !                                                                                               
   
    أما الوثيقة  التي وضعت النقاط على الحروف،  حين أرخت مواقف حسن البنا وكبار زعامات الإخوان(إعتمادا على مواقفهم، وأدبياتهم وما صرحوا به للصحف و المجلات عن طـيب خاطر، و دون ضغط أو اكراه) ، فكتاب " الحصاد المرّ .الإخوان المسلمون في ستين عاما " للدكتورأيمن الظواهري، وقد تجلّت موضوعية تلك الدراسة في كونها (ولأول مرة بالنسبة لي على الأقل) تناولت بالنقد الموضوعي، تاريخ جماعة الإخوان و سيرة مؤسسها، وعرضتها بعين محايدة، لم تكن عين العدّو التي لا تبدي إلاّ المساوئ، ولا عـين المحبّ الولهان التي تغـض الطرف عن كلّ عيب. بل من خلال عرض أشـهر مواقــف و تصريحات حسن البنا و حسن الهضيبي( المرشد الثاني) وعمر التلمساني(المرشد الثالث) و سواهم من قادة الجماعة المعتبرين إعلاميا، دون مديح يضلل القارئ ويصرف بصره عن المخالفات الشرعية التي سقطوا فيها، ودون ذمّ أعمى يحمل القارئ على التعاطف مع تلك القيادات الإخوانية، باعتبارها ضحية افتراء" العلمانيين الحاقدين " الذين اعمتهم كراهية إلإسلام، عن تقدير حسن البنا  و جماعته  حق قدرهم!

  لقد صنف الإخوان، على ما يزيد  من ستة عقود،  إلى ملائكة أو شياطين. ملائكة أطهار، في نظر من أحبّهم و تبنىّ رؤيتهم  في معانقتهم للطغيان، و في خطتهم الغيرالمسبوقـة في التغيـير. و شياطين لا حسنة لهم،  في نظر من ناوأهم من العلمانيـين الحاكـمين و أذيالهم  من الكتّاب والصحفيين.                                                                                         

   لقد بقيت مواقف زعامات الإخوان ( قبل ظهور كتاب الحصاد المرّ) محل تساؤل و تعجب لدى غيرالمغسولي الأدمغة من قواعد الإخوان و محبيهم، نظرا لإلقاء تلك القيادات عرض الحائط للضوابط الشرعية في تحديد مواقفها من الأنظمة القائمة وطريقة التعامل معها، ونظرا لسهولة تفلتها من دائرة الممنوعات الشرعية،ويسر قفزها على النصوص الجليّة، لوعارضت مصالحهم الحزبية، وكأنّ  لتلك القيادات فـي لامــبالاتها و تنصّلهـا من الإقتداء 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 18 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص 65

بالمنهج النبوي براءة من النار، و حصانة من مؤاخذة الواحد القهار. و كنت أعزّي نفسي ـ كأمثالي من الحائرين ـ، بأن فلانا أو علانا من زعماء الإخوان، كان يتصرف بمبادرة فردية  ما كانت تمليها عليه أية مرجعية ولا برنامج مسبق، غير الهوى الشخصيّ البحت، كما كنت اعتقد أن إستمرار الأزمة الحاضرة، والإعاقة الراهنة لمركبة الجماعة، رهيــن موت زعيم رخــو. و حلول آخر، قد يكون أكثر منه التزاما بحدود الشرع و بتعاليم" الإمام الشهيد" حسن البنا  في معاملة المستهترين بقيم المجتمع المسلم و دستوره الرباني، بالشكل الذي يصبح الإسلام فيه هو الحل، فتسير الأمور على أحسـن مـا يرام، فـتتحرر الأوطان ويكرمّ الإنسان. كنت اعتقد ذلك حتى جاء الكتاب المذكور ليؤكد لهؤلاء المخدوعين ـ و كنت أحدهم ــ أن تلك الزعامات الرخوة لم تكن تتصرف بطريقة فردية تمليها عليها اجتهادات شخصية متأثرة بظروف خاصّة، بل كانت تتصرف وفق رؤية اخوانية ثابتة ،وخطة قديمة محدّدة المعالم، قد إحتكر حسن البنا صياغتها، و تفرّد بتحديد خطوطها العريضة، ثم سار عليها من تبعه من "المرشدين" و كبار الجماعة.                                                                       

 كانت سيرة حسن البنا، بمثابة الحلقة المفقودة، كي يجد الباحث عن حقيقة الاخوان، تعليلا لما يلمسه من اصرارزعماء الجماعة على تكرار تخبطات شرعية فاضحة، و مواقف سياسية مخجلة. 

 لقد كان من الضروري لأمثالي من الحيارى والمتذمرين، الإطلاع على الوثيقة المذكورة  حتي يكتشف حسن البنا من خلال اعماله،لا من خلال ما قيل فيه من إطراء أو لعن، و حتى يجد في سيرة حسن البنا  الديكتاتور، تعليلا  لضيق صدور قادة الإخوان بكل من نظر بغير أعينهم أو فكّر بغيرعقولهم،لأن البنا الذي رباهم كان ستالينيّ القيادة، في حين أن كبار اتباعه كانوا في خضوعهم  أمام إرادته  كالموتى أمام غاسلهم.

 لقد كان من الضروريّ أن اطلع على تلك الوثيقة الحياديّة، حتى أستفيق من حلمي الجميل ( وإلاّ فان عـرض أعمال حسن البنا و قادة الإخوان على الكتاب والسنة، كان كافيا للتحقّق من فساد فكر الجماعة و استعصائها عن الإصلاح، كي أغادرها  في الإبّان).
   
   لقد كانت مواقف حسن البنا السّاقطة إسلاميّا ووطنيّا وأخلاقيّا، ثم مواقف المرشدين من بعده(كانوا نسخا كربونية من مرشدهم)، كافية لدفع كل صاحب شرف ليس فقط الى البراءة من الرجل و فكرته بل و البراءة من الأديان عموما و في مقدمتها دين الإسلام، لولا عناية الله تعالى التي جعلت  تاريخ هذا الدين،لا يحفل فقط بالأعشاب الضارة والبالونات الهوائية التعيسة من أمثال المهرّج حسن البنا بل برجال( صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدّلوا تبديلا) رجال لا تأخذهم في الحقّ لومة لائم، قد  مثلوا في حياتهم النماذج الراقية في الشجاعة و الإستهانة بالظلمة و نصرة الحق.                                                                              

    إنّ ما  سأعرضه  في هذا البحث، من مواقف تاريخية قديمة، قد صدرت عن حسـن البنا و مرشدي الإخوان، وإن كانت سترد في صور جامدة و باللون الأبيض والأسود، و إن كان سيعوزها عنصريّ الحركة والألوان الطبيعية، فان ذلك لا يفقدها أهميتها التاريخيّة التي تكمن في أنها كانت تؤسّس لإستراتيجية اخوانية فاجعة نعيش أحداثها اليوم وغدا، مواقف 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 19 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تصفعنا بها  وسائل الإعلام  بالصوت و الصورة، مواقف مشينة تعرض أمامنا بطريقة فضائحية، في شكل تحالفات أخوانية علمانية و تحالفات اخوانية امريكيةــ يهودية. 
لمثل هذا يذوب القلب من كمد ـــــ إن كان في القلب اسلام و إيمان .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 20 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                         


ـــــــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص67 

فصل
 لهاته الأسباب مجتمعة، كان لابدّ من التعرّض  للرّجل و الفكرة


 ما كنت لأهتمّ  بشأن جماعة الإخوان المسلمين، و ببقائها على الساحة من عدمه، بعد أن تحققت من كونها قد شبعت موتا، وبعد أن يئست من نهوضها  يأس الكفار من اصحاب القبور، و بعد أن نفضت يدي منها وغادرت صفوفها ( بإنفصالي عن حركة النهضة التونسية التي كانت ابنة معاقة لتلك الجماعة).                                       
  
ما كان يعنيني من أمر جماعة الإخوان المسلمين( خصوصا وانها ليست القرحة الوحيدة على الجسد الإسلامي المنهك) لولا انتشارها السّرطاني في كل بلاد العرب و العجم، و لولا سعي قياداتها بكل"حماقة حسنة النية"،إلى استغلال العاطفة الدينية  للبسطاء من اتباعها، و شدّهم اليها، لتعطيل طاقاتهم، و اطفاء جذوة حماسهم لمواجهة الظلم والظلمة،( ليس فقط بتحييدهم عن ميدان معركة الحرية والعـدالة الـتي نرى أمم الأرض تسارع لخوضها، بل لتجنيدهم كحماة للتطرف العلماني الحاكم، بعد غسل أدمغتهم بتعـديد مآثر حسن البنا بقرتهم المقدسة و صنمهم المعبود،و مؤسس نحلتهم  الباطلة، مما من شأنه أن يديم الآلام و يكرس الفساد الإداري، و يكسب الدستور العلماني شرعية  ينكرها عليه الإسلام ).                                                       
   ما كان يعنيني  بقاء  الجماعة على الساحة، لولا ثقتي بالأثر التدميري لذلك البقاء، ولولا ثقتي بعبثية إنتظار إصلاح داخليّ يتم من داخل الجماعة،لأن القيادي التقليدي من الإخوان، هو عبارة عن شخص ميت، مغسول الدماغ، مسلوب الإرادة، غيرمستقل الشخصية حضوره كغيابه، لا يفكر الا بعقل مرشده، و لا يسير الا بما تمليه عليه جماعته. لا ترجى من جهته منفعة، و لا يؤمل من طرفه إصلاح ، كما أن العضو المستفيق الضمير، سرعان ما ينبذ من الجماعة نبذ البعيرالأجرب، مما يعني حتميّة استمرارالجماعة على الخطأ وبالتالي  استمرار امتنا في تلقى اللدغات تباعا من جحرها الإخواني المميت (1). 

 ما كان يعنيني مصير جماعة الإخوان المبرّرة للوجود العلماني الكريه، لو كان هناك مثقال ذرّة من شبهة أومجال ضيّق من تأويل، ينفي عدم إنسلاخ العلمانيات الحاكمة  في الوطـــن الإسلامي عن دين الإسلام جملة و تفصيلا .                                                                                                   
ما كان يعنيني  أمر جماعة الإخوان المسلمين، لو كانت العلمانية الحاكمة في بلاد المسلمين مستقلة ولو بعض الشيء، و ليست  مسيّرة غربيّا، و لو كان لها من الشجاعة 

ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) " في غسيل المخ، لا يختلف الوطني [ الحزب الحاكم في مصر] كثيرا عن الإخوان " 
..." الفارق الوحيد  بين فتح و حماس هي طريقة الجري وراء السلطة"( ذلك ما كتبه الصحفي المصري الظريف عبد العزيز محمود).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 21 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما يخوّل لها رفض املاءات الغرب، و تدخله السافر في صياغة دستورنا، وسنّ قوانيننا، وتحديد نمط عيشنا و طريقة حياتنا في ادق تفاصيلها ، حتى يجد قادة الجماعة عند ذلك ، مسوغا للدفاع عن اسلام القائمين على تلك النظم التي تحاول بصدق الإستقلال عن الغرب، وأسلمة دستورنا و التمسك بهويتنا و لو تدريجيا ، و حتى تجد الجماعة مسوغا شرعيا لدخول برلماناتها لمحاولة إتمام مسيرة الإصلاح من الداخل، والتأثير في صياغة قوانين الحزب الحاكم ، دون خشية من تدخل الغرب في نقض ما غزلوا، و في إفساد ما قد أحدثوا من إصلاحات في اتجاه تصحيح الأوضاع.                                                                 
  
   ما كان يعنيني أمرالإخوان المسلمين، لو أعلنت زعامات الإخوان، أسـوة بالطرق الصوفية و جماعات التبليغ، أن لا إهتمام لها بالسياسية و شؤون الحكم، فلم تتورط في مسك البقرة من قرنيها، لتتولى العلمانية وأخيرا الصليبية العالمية، حلبها والسلامة من بطش قرنيها.                                                             
   ما كان يعنيني أمر الإخوان المسلمين، لو كانت تسوسنا حكومات علمانية وطنيّة، حريصة على أرواح وأعراض وأملاك رعاياها ومقـدّرات بلادهـا، ومتـبنّية للـخيارالسلمـّي في تداول السلطة عن طريـق إنتخابات نزيهة وشفافة، تسمح بهامش من الأمـل في تغيير أكيـد، و لو كان بعد عمر مديد.                                                                                       
  كما لم يكن يعنيني من أمر الاخوان المسلمين  شيء، لو كانت حريّة التديّن متاحة في بلاد المسلمين شانها شأن حريّة الفسوق والعصيان، و لو لم تكن دمـاء المسلمين( التي يتعلّل الفكر الرومانسي الإخواني أنه يسعى لحقنها عن طريق منع " العنف" و" الفتنة") تزهق بمئات الآلاف في ظلّ الأنظمة العسكرية الخانقة في حرب شرسة غيرمعلنة، ثم بسـبب التدخـين و المخدرات(1) والخمور و ما تسبّبه من إجرام و حوادث سير، و عن طريق الأمراض الجنسية و سوء التغذية نتيجة تجويع المسلمين، أو تزويدهم بالغذاء الفاسد من مزبلة الغرب لقــاء عمولات و رشاوي يحصل عليها أصحاب القرار من العلمانيين. أو بسبب تلوث الجو الناتج على إحتضان بلاد المسلمين لأشدّ صناعات الغرب تدميرا للبيئـة و تلويثا للجوّ . أو بسبب النفايات النووية المدفونة سرا في أراضي المسلمين .                                         
   
  كما لم يكن يعنيني شان جماعة الإخوان المسلمين ووقوفها سدا منيعا في وجه كل حركة تغيير، لو لم تكن دماء المسلمين تزهق في حرب معلنة من الإمبريالية الغربية فيقتل في العراق لوحده مدة الحصار ما يقدّر بأكـثر من مليون و نصف من المسلمين في عقد واحد مـن الزمن نتيجة التجويع و شحّ الأدوية.
  
كما لم يكن يعنيني شأن الإخوان  لو لم تكن النصرانية تتخطف أبناء المسلمين بعد أن فتحت لها العلمانيات الحاكمة الأبواب لقــاء رشاوي و هبات بعد أن هيّـــأ لها  تجهيل الشعب بدينه 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قد يعجب القارئ إن علم أن" مصر المحروسة " إخوانيا ، تعدّ أول دولة مستـهلكة للمخدّرات على المسـتوى العالميّ، الأمر الذي أمر لا يخفيه حكام مصر، و لمن أراد التأكّد من ذلك عليه بكتاب" في بيتنا مدمن" لإبراهيم نافع رئيس تحرير صحيفة الأهرام أكبر الصحف المصرية، حيث ذكر فيه أنّ ما لا يقلّ عـن 17% من شباب الجامعات يتعاطى المخدرات ( اضرب العدد في ثلاثة هذا لو أحسنت الظن) فيا ليت شعري ما نسبة من تعاطى تلك السموم بين عامة الشعب ؟! .  كما ذكرت الإذاعة التونسية في شهر ماي 2001 أن نسبة قتلى التدخين السنوية تعادل عشـرة آلاف و معنى هذا أن ضحايا التدخين يزيد على  المليون من المسلمين سنويّا ! .                                                                        

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 22 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ     ــــــــــــ حمادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص 69

ثم حرمانه من حقه في حياة محترمة، الأرضية الخصبة لتفعل فعلها في عقائد القوم حيث تـنصّر خمسة ملايين أندونيسي و مليوني باكستاني في السنوات الأخيرة بينما تنصرت مئات الملايين من الأفارقة في المائة سنة الماضية.                                                                                              
كما لم يكن يعنيني أمر بقاء جماعة الإخوان من عدمه، لو سكت قادتهم عن الباطل من القول فكفوا ألسنتهم، و لم يسموا القرد ملك السحر والجمال، أي لم يسموا من علم كفره بالضرورة" الفاروق العظيم"، إن قعدت بهم جيناتهم المصرية المتوارثة عن قــرون الإستـبداد الطويلة، عن قول الحقّ و الإصداع به (1).                               

كما لم يكن يعنيني أمر الإخوان في شيء،  لو لم يكونوا  كجلمود صخر في وجه السيل، لا يستفيد و لا يدع لغيره مجال الإستفادة. لا يعملون و يؤلبون التطرف العلماني ثم الصليبي على من يعمل، و يـشاركونه في تقتـيل المسلمين كما في افغانستان و العراق و الجزائر و مصر (2)  

   لو لم يكن الإخوان على ما ذكرت، ما باليت أي سبيل سلكوا، و في أيّ واد هلكوا، أمّا و قد عظمت جرائرهم، و كثرت ضحاياهم من أهل التوحيد، بعد أن كشفوا عن وجههم القبـيح دون مواراة أو خجل من خالق أو مخلوق، فقد وجب على المرء تعرية خلفـيتهم الفكرية، وفضح إجتهاداتهم القراقوشية(3) التي لا تخضع ألي ضوابط الشرع، بل الي محض الهوى 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)" ففي مصر، لا يوجد إلاّ الحاكم المطاع و الرعيّة المطيعة " (ابن خلدون). كما ذكر  الكواكبي في طبائع الإستبداد ص 152 ما نصّه:" هذا و نعترف أن فينا أقواما قد ألفوا سنين الإستعباد و الذلّ و الهوان، فصار الإنحطاط طبعا لهم تؤلمهم مفارقته، وهـذا هــو سبب أن السواد الأعظم من الهنود و المصريين و التونسيين، لا يرثون و لا يتوجعون لحال المسلمين في غير بلادهم، بل ينظرون للناقمين على أمرائهم المسلمين شذرا، وربّما يعتبرون طالبي الإصلاح من المارقين من الدّين! كأنّ مجرّد كون الأمير مسلما يغني عن كلّ شيء حتى على العدل! و كأنّ طاعته واجبة على المسلمين، و إن كان يخرّب بلادهم و يقتل أولادهم و يقودهم ليسلمهم لحكومات أجنبية".( يبدو ان شعوب العالم الإسلامي قد شملتها هاته الصفات!).

ملاحظة: كاتب السطور تونسي لا يزعجه ذكر حقيقة مشاهدة، ولعل المثل الشعبي التونسي الذي يقول" الله ينصر من صبح "( أي فلينصر الله من أصبح حاكما بقطع النظر عن ميزاته و من اين جاء)  يكفي للدلالة على ميوعة الشعب التونسي، كما ان الفساد الأخلاقي في تونس قد فاق الفساد في مصر، مؤسّسة الفساد في العالم الإسلامي، فقد طردت من أرض مصر في المدة الأخيرة مطربة تونسية خليعة بدعوى ان الفيلم كليب التي تقدمت به غير أخلاقي ! فتكون مصر( كمثل الشيطان اذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال اني بريء منك اني أخاف الله رب العالمين) اقول هذا، حتى لا أتهم بالتعصب القومي، فكلنا في العار سواء .                                                                                                        
(2)" و نتساءل أيهما أخطر على الجهاد، أن تستخدم الحكومة في مصر أو في غيرها صحافيا مأجورا لمهاجمة الجهاد أم أن تستخدم الحكومة جماعة الإخوان المسلمين في ذلك ؟ لا شكّ أنّ إستخدام جماعة الإخوان في مهاجمة الجهاد أعظم خطرا إذ تصدّ عن سبيل الله بإسم الدعوة إلى الله فتخدع بذلك ضعـاف الإيمان قليلي العلم مــن المسلمين. و لكن ( و عسى أن تكرهوا شيئا  و هو خير لكم، و عسى أن تحبوا شيئا و هو شر لكم و الله يعلم و أنتم لا تعلمون) فقد أراد الله أن تفتضح هذه الجماعة أمام المخلصين بمشاركتها الخبيثة للطواغيت في الصدّ عن سبيل الله"( الحصاد المرّ ص 119). ثم في مشاركتها أمريكا غزو افغانستان و العراق و فلسطين.                                                                  
(3) قراقوش أحد حكام المسلمين في الزمن الغابر، من إجتهاداته أنه حكم على شرطيّ طويل القامة بالإعدام شنقا ولمّا كان ذلك الشرطيّ مفرط الطول و لا يتيسّر بالتالى شنقه، إستبدله بشرطي أقصر منه !                                                                            
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 23 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                             
                                                            
 والى مراعاة  المصلحة الحزبية.             
  
ولأجل أنّ القضايا التي إجتهد فيها زعماء الإخوان، مسائل توقيفية، ولا تـندرج ضمن الأمور القابلة للإجتهاد وإعمال الرأي، ولأجل أن المخالفات الشرعية التي سقط فيها زعماء الإخوان في مصر و الجـزائر وأفغانستان والعراق و فلسطين وتركيا، لا يمكن تصنيفها تحت أي صنف غير كبريات المكفرات الشرعية ذات العيار الثقيل، مما  لا تحتمل أي تأويل، ولا تقبل أي تبرير، غـير الجهل أوالإكراه (وهما عنصران مرفوعان في قضية الحال. فأجهل قادة الإخوان يعلم حكم من ظاهر الكفار على المسلمين، كما أن زعماء الإخوان يمارسون موبقاتهم بكل حرية وعن طيب خاطر، و بدون أي ضغط مهما كان نوعه.

لأجل ما تقدم ، لم يعد في إمكان أي مسلم مهما بلغ حسن ظنه، و مهما كانت معرفته بالإسلام ضعيفة،أن يعتبر الإخوان المسلمين كجهة صديقة، بل كأعداء معلنين شـرسـين و مستعدين لأداء أقـذر المهام وأبعدها عن شرف الجاهليّ وإيمان المسلم. أعداء  لا يراعون في مؤمن إلاّ ولا ذمّـة، إذا كان الإفتاء ذبح ذلك المؤمن أو المشاركة في ذبحه، من مطالـب الحكام العلمانيين، أو من رغبات اليهود والصليـبيين.(ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون)( وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 24 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص 71

فصل 
 مخطّط بريطاني يحتاج الى من يمرّره


   " في عام 1883 أي بعد عام واحد من الإحتلال الأنكليزي لمصر، تمّ إصدار  القوانين الوضعيّة المنقولة أساسا من القانون الفرنسي للحكم بها في محاكم مصر، و حلّت القوانين الوضعية محلّ احكام الشريعة الاسلامية التي لم يعد يطــبـّق منها إلاّ بعض الأحكام المتعلقة بالأسرة أو ما يعرف بالأحوال الشخصيّة"(1). و بقيت تلك القوانين تعمل تحت حراب المحتلّ البريطاني و بتوقيعه و بإسمه ــ على الرغم من تحدّيها  الصّريح لدين الأمّة و لعقيدة التوحيد ــ مدّة تناهز أربعة عقـود من الزمن، حتى تهيّأ للمستعمرانتقاء حثالة من أبناء مصر ممّن تيقـن منهم إزدراء الدين، و التنكّر لقيم الإسلام و شرائعه، فعمل بواسطتهم على إضفاء الصّبغة الوطنية على تلك القوانين الغربيّة، حيث دفعهم إلى " وضع دستور علمانيّ يرسّخ  أسس العلمانية في مصر. وكان هذا أوّل دستور مصريّ، بل و أوّل دستور يوضع في البلاد العربيّة. وهو دستور 1923 والذي يعتبر أساس جميع الدساتير في البلاد العربية التي نقلت عنه، وحذت بقيـّـة دساتير مصر حذو دستور 1923 في هذا  الشأن، وإلى اليوم "(2)  
  
    و لعل أخطر ما في ذلك الدستور الذي فرضه البريطانيون على شعب مصر ثمّ تولّى تمصيره فراخ العلمانية من أبناء البلد، هو الإعلان جهرة،  و دون مواربة، أنّ الأمّة و من ينوب عنها، هما  مصدر التشريع تحليلا و تحريما، و ليس كتاب الله و سنة رسوله ! فقد ورد في المادة 32 من ذلك الدستور"جميع السلطات مصدرها الأمة و هي نفس المــادة 3
من دستور71، والـتي وردت بلفظ السيادة للشعب وحده، وهو مصدر الســلطات. و في دستور 1923 مادة 24 :السلطةالتشـريعيّة يتولاها الملك بالإشتراك مع مجلسـي الشيوخ والنواب، وقسمت هذه المادة في دستور1971 إلى مادتين، مادة 86 وتعطي حقّ التشريع لمجلس الشــعب و مادة 112 وتعطي حقّ إصدارالقوانين لرئيس الجمهورية، و هذه المواد تعطي حق التشريع للبشر، وهذا الشرك  الأكبرهو لبّ الديمقراطية. فلا سيادة إلاّ لله تعالى ولا حقّ  لبشر في التشريع لخلق الله تعالى سبحانه عمّا يشركون(3). فالديمقراطية "تقوم على قاعدة حاكمية العباد للعباد و رفض حاكمية الله المطلقة للعباد. وتقوم على أساس أن يكون هوى الإنسان في أي صورة من صوره، هو الإله المتحكّم. و تقوم على رفض أن تكون شريعة الله هي القانون الحاكم. قال تعالى:(ثم جعلناك على شريعة من الأمر فأتّبعها و لا تـتـبع أهواء الذين لا يعلمون) الجاثية18.إن الديمقراطية تمنح حق التشريع للبشر كما في المادة السادسـة و الثمانين في الدستور المصريّ:" يتولّى مجلس الشعب سلطة التشريع". ولمّا كان التشريع حقّا خالصا لله تعالى(إن الحكم إلاّ لله) يوسف40 فالديمقراطية تنصب الهة و أربابا و شركاء مع الله تعالى، قال تعالى( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)الشورى 21. . إنّ الإقرار بالديمقراطية هو اقرار

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (2) (3) الحصاد المرّ ص 18 د. أيمن الظواهري .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 25 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بمنح حق التشريع لأحد من دون الله تعالى، كما في مقـتضى الديمقراطية. ومن أقرّ بهذا فهو كافر، لأنه اتخذ الهة من دون الله ،لأن التشريع حق خالص له تعالى، و من شرع للبشر شيئا فقد نصّب نفسه الها لهم ، و من أقرّ له بهذا، فقد إتـخذه الها(إتّخذوا أحـبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله) التوبة31. كما أنّ من أقر ّ بحق التشريع لأحد من دون الله فقد جعل لله عدلا و نظيرا مساويا لله في سلطة التشريع ، و من جعل لله عدلا و نظيرا فقد كفر لقوله تعالى ( ثم الذين كفــروا بربّهم يعدلون) الأنعام 1 و يعني "يعدلون" أي يجعلون لله عدلا و نظيرا مساويا. لمّا كانت الديمقراطية تقوم على أساس مبدأ سيادة الأمة، و لمّا كانت السيادة سلطة لا يوجد أعلى منها، فهي المرجع الفاصل في كلّ أمر و في كلّ شأن. وإلى هذه الســلطة فصل النزاع و حسم الخلاف، فكلّ من أقرّ بهذا فهو كافر،لأنّ فصل النزاع و حسم الخلاف هو حقّ خالص لله تعالى بالنزول على حكم الكتاب و السنّة... من أنكر هذا و أقرّ بهذا الحقّ لغير الله تعالى ـ أي أقر بسيادة الأمّةــ فـهو كافر لإنكاره قول الله تعـالى( فإن تـنازعتـم في شيء فـردّوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر) النـساء 59. و قوله تعالى( وما إختلفــتم فيه من  شيء فحكمه إلى الله) الشورى 10، فالسيادة ــ أي السلطان الأعلى ــ في الإسلام للشريعة لا للأمّة و لا للشعب، و من خالف هذا فهو كافر مكذّب بآيات الله، قـال تعالى( وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون) العنكبوت 47. و لما كانت الديمقراطية تقوم على مبدأ سيادة الأمة، و لما كانت السيادة سلطة عليا لا يوجد أعلى منها  فإن هذا يعني أن سلطة الأمّة  أعلى من  سلطان الله تعالى، و أن سلطة الأمة  تقدّم على ما يقضي به الله تعالى عند التعارض، كما أن هذا يعني أن شريعة الله لا يمكن تطبيقها ما لم توافق عليها الأمة[!]، و هذا يعني أنّ كلمة الأمّة أعلى من كلمة الله تعالى، و لهذا تجد الحكومات المرتدّة تستفتي الشعب في مسألة تطبيق الشريعة، لأنّ هذا هو مقتضى مبدأ سيادة الأمّة. و كلّ هذا من الكفر الأكـبرالمـستبين و أدنى ما فيه من الكفر أن يرى الحاكم أو الشعب أنهم مخيّرون في الحكم بشريعة الله، و قد قال شارح العقيدة الطحاوية: فإنه إن إعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب و أنه مخيّر فيه أو إستهان به مع تيقّنه أنه حكم الله فهذا كفر أكبر، شرح العقيدة الطحاوية ط 1404 ص 323. وقد قال الله تعالى (ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)الأحزاب  36...أما مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق و الواجبات فإنه يعني عدة أمور كلها من الكفر .ــ منها... إسقاط جهاد المرتدّين، و منها إسقاط الجهاد في سبيل الله أي جهاد الكفار لما يقرّره الدستور من حريّة الإعتقاد ـ ومنها اسـقاط الجزية وشروط الذمة على غير المسلمين  لما في هـذا من تفريق بين المواطنين و إخلال بمبدأ المساواة في الحقوق و الواجبات، و منها إسقاط قوامة الرجال على النساء، قال تعالى(الرجال قوّامون على النساء)، فالمرأة في الديمقراطية لها حق تقلد المناصب والولايات كالرجل،لأن هذا مقتضى المساواة التي هي جوهر الديمقراطية، أما قوامة الرجال على النساء فإنها تخالف المساواة و قد قدّمنا أن ّمبادئ الديمقراطية مقدّمة على أحكام الشريعة عند التعارض... و بعد فــإنّ  الإسلام لغني عن كل هذه المبادئ الكافرة، قال تعالى(اليوم أكملت لكم دينكم) المائدة 3، فمن شكّ فى إكـتمال الإسلام و إستغائه عن غيره من أنظمة الكافرين فهو كافر مكذّب بالآية السابقة. قال الله تعالى( و ما يجحد بآياتـنا إلاّ الكافرون) العنكبوت 37،  فــالاسلام يعلو و لا يعلى و لا يقبل الخلط بغيره... قال تعالى(إنا أنزلنا اليك الكتاب بالحقّ، فأعبد الله مخلصا له الدين، ألا لله الدين الخالص) الزمر 3. و الخالص هو ما كان مبرّاءا من الخلط . هذه هي 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 26 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص73 

الديمقراطية و كفرها يا أخي، و أعضاء مجلس الشعب، يا أخي هم الأرباب من دون الله تعالى، و الذين ينتخبونهم يتخذونهم أربابا من دون الله، و ينصّبونهم طواغيت معبودة من دون الله، و هذا كاف في تحريم الترشيح في المجالس النيابية الديمقراطية، و تحريم المشاركة في إنتخابات هذه المجالس، و كلّ من شارك في هذا عالما بحقيقة الديمقراطية فهو كافر مرتدّ خارج من ملّة الإسلام. و إذا نصّت دساتيرهم على أن الدولة ديمقراطية و دينها الرسميّ الإسلام ، فإنّ هذا لا يغيّر  من كفرهم شيئا، و هذا مثل من قال أشهد أن لا اله الا الله و أن محمدا رسول الله و أن مسيلمة رسول الله، فهل يشك أحد في كفرهذا؟ فمن إدّعى الإسلام إذا أتى بمكفّر كالديمقراطية و الاشتراكية فهو كافر مرتدّ قال تعالى (وما يؤمن أكثرهم بالله إلاّ و هم مشركون) يوسف 106.و الذي يقول عن نفسه أنه مسلم ديمقراطي،أو مسلم ينادي بالديمقراطية، هو كمن يقول عن نفسه إنه مسلم يهودي أو مسلم نصراني سواء بسواء هو كافر مرتد .اهـ " ( الحصاد المرّ ص 12 و 13)  .
                                                                                    
صاروخان بريطانيان لم يحالـفهما التوفيق  :

   ولكن القوانين التي سنها المحتل البريطاني لم تحض بالقبول على المستوى الشعبي و ان رحبت بها أوساط العلمانيين الدائرين في فـلك المحتل، و لقد كان فشل أحفاد ريتشارد قلب الأسد ذريعا حين إعتمدوا لتمرير مشروعهم، على أحد الرموز المحترقة شعبيا،أي على رجل دين من فئة المحسوبين على القصر، حيث راهنوا على شخصية عجيبة و مثيرة للجدل (الى يوم الناس هذا)، لا يمكن تصنيفها في خانة العلمانيين، أو في خانة رجال الله، بل هي متأرجحة بين هؤلاء وهؤلاء،  فهي علمانية صرفة في تنظيرها، مـتدينة في شكلها الخارجي و وظيفتها الرسميّة (1). 
  
  أمّا  تلك الشخصية التي راهن عليها المحتل فتتمثل في الشيخ  محمد عبده (1849 ـ1905) مفتي مصر تحت الإحتلال الأنكليزي، وصاحب المخاريق العظام والفـتاوي العجائبيّة، والصديق الصدوق لزعماء الإستعمار البريطاني، فقد" تأثّر بالمستشرقين الذين إتصل بهم في لبنان و باريس و لندن... و كانت أروبا وقتذاك تعكف على عبادة اله جديد أسمته العقل فكل شيء فيها يجب أن يعرض على العقل... و في مصر أراد محمد عبده  أن يثبت للأروبيين أن للعقـل مكانة كبيرة في الإسلام "(2) فطفق يـهذي على نحو عجيب قرّر معـه"أنّ آدم و حواء كانا أصلا على الأرض، وقد هبطا من مكان مرتفع فيها إلى آخر منخفض! و في  تفسيره( طيرا أبابيل) زعم أنه فشا في جند ابرهة داء الجدري والحصبة ! وفي تفسيره لقوله تعالى(فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك) زعم أن المقصود ليس تقطيع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  وإن كانت تلك الشخصية قد ساهمت بشكل كبير، في تهيئة الأرضية المصرية لقبول الكـافر، والرضى بحضانته الثـقافية  بسبب كسرها للحاجز النـفـسي السميك بــين المسلـم و النصراني،  بتمييعها عقيدة الولاء والبراء، بكيفيّة سهّلت لمن بعدها السير على جثة تلك العقيدة، بغير مـبالاة بالوعيد القرآني الشديد لمن إقــتحم تلك المنطقة المهلكة للدين. و لهذا أكتسبت تلك الشخصيّة حبّ و تقدير المستشرقين والعلمانيين الحاكمين والمـثقفين من الشيوعيين الحداثيين والقوميين من النصارى وأبناء المسلمين، كما احتلت مكانة عظمى في قلوب قادة الإخوان المسلمين عامة، لأنها تعدّ الملهم الأول والأب الروحي  لحسن ألبنا. 
(2) دراسات في السيرة النبوية ص 325 . محمد سرور زين العابدين . 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 27 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطير، و إنما مؤانسته مع بقائه حيّا " (1) ثم" أفــتى بجواز لبس البرنيطة(2) و إباحة الربا اليسير، وجوازالإستعانة بغير المسلمين(3) لأجل ذلك كله حضي بعناية الانكليز الذين " لعبوا دورا في تعييه مفتيا لمصر و كان فـي كل مرة يختلف فيها مع الخديوي ( ملـك مصر و قتها) يلجأ إلى الأنجليز كما حبس كرومـر(الحاكم العسكري البريطاني) خصومه وأصحاب الجرائد الذين هاجموه بسبب فتاويه الآنفة الذكر"(4) كما  كان لمحمد عبده معرّة السبق في التقريب بين الأديان"، وما كانت لهذه الدعوى الخبيثة لتلقى قبولا في مصر لولا إقتناع الشيخ محمد عبده بها، وسعيه الدائم من أجل تحقيق أهدافها، فقد أشارالشيخ محمد رشيد رضا في كتابه" تاريخ الإمام"، إلى مفاوضات محمد عبده مع القس الأنكليزي إسحاق تيلور للتقريب بين الإسلام و النصرانية، ثم إنضمّ اليهود فيما بعد الى هذه الإجتماعات التي كانت تعقد بين الطرفين، و في لبنان كانت له صلات متميزة مع النصارى، و قد أبعدت هذه الدعوة المشبوهة محمد عبده عن علمـاء الأزهـر، و قربـه من النصارى الغربيين والشرقيين. فــقد كان من خواص جلسائه اللورد كرومر و و لفرد بلنت، و في مذكراتهما المنشورة انطباعات عن الشيخ لا تختلف كثيرا عن آراء علماءالأزهر به (5) ( أفتى بعضهم بردّته) "كما كانت للشيخ علاقات وثيقة " مع عباس نجل البهاء منظم الدعوة البهائية خلال إقامة الشيخ في بيروت، و كان عباس يداوم على مجالسة محمد عبده و حضـور دروسه، واطلع محمد عبده على رسالة بخط ميرزا، فيها بيان مذهبهم، وأعرب عن إرتياحه لما ورد فيها"!(6) و جوهر دعوة البهائية كما هو معلوم توحيد الأديان السماوية الثلاثة! فإذا أضفنا علاقة الشيخ الشهيرة بالماسوني الشيعيّ الإيراني جمال الدين الأفغاني، تبيّن لنا مدى غزارة الموارد الموبوءة التي  أسس  الشيخ  عليها اجتهاداته المميتة  . 

الإعتراف الضمني بالدستور العلمانيّ من قبل  أزهري  حائر:   

   إذا كان المحتل البريطانيّ  قد إستغلّ جهل علمانيي مصر بديـن الإسلام أو طمعـهم في زخارف الدنيا و جاهها ، ليمرّر  بواسطتهم  دستوره العلماني الذي ينازع الله تعالى أهمّ خصائص ألوهيته وهي صلاحية التشريع للعباد، فقد صرف اهتمامه أيضا الى طائفة رجال الدين حيث انتقي من ضمنهم محمد عبده، ثم علي عبد الرازق الذي ألّف عام 1925 كتابا سماه "الإسلام و أصول الحكم" شبه فيه اسلامنا العظيم بمنــظومة لاهوتية لا صلة لها بالسياسة والحكم! كما شبه نبيّنا الذي قاد الجيوش و أخضع كل الجزيرة العربيّة وعقد معاهدات السلم والحرب، وراسل مشاهيرملوك العالم، ثم شرع في مـناوشة إمبراطورية الروم(ليطيح بها تلامذته مع دولة الفرس بعيد وفاته) جعله مجرد شيـخ طريقـة صوفية لا إهتمام له  بالسياسية و شؤون الحكم !

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) دراسات في السير ة النبوية ص 328 لمحمد سرور زين العابدين.
(2) البرنيطة هي قبّعة رعاة البقر  و كانت في بداية القرن الماضي كالصليب تماما في إعتبارها شعارا نصرانيا لا غبار عليه. لأن  البرنيطة بحافاتها  البارزة و امتداداتها الأفقية  تحول دون السجود فكانت رمزا لرفض السجود،  بخلاف غطاء الرأس التقليدي الخالي من النتوءات التي لا تعوق السجود. 
(3)(4)  محمد سرور زين العابدين. دراسات إسلامية. على التوالي ص  32 و330.
(5) مجلة السنة العدد 155 آذار 1996.                                                            
(6)  دراسات اسلامية ص 329  محمد سرور زين العابدين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 28 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                    
ــــــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتــّش عن الإخوان ص75
  
 كما إعتمد المستعمر البريطاني علي علي عبد الرازق كأداة ثانية، حالفه فيها الفشل أيضا! وإن كانت دعوة الأخير(التي جاءت على استحياء)، تلمّح الى عدم التحرج شرعيا من التحاكم الى دستور1923. ولكن تلك الدعوة لم تلق تأييدا ملحوظا نظرا الي انعدام نجومية صاحبها.
   
 واذا كان الإستعمار البريطاني قد فشل في اطلاق صاروخيه التجريبين الأولين، و أخفق في صنع نجمه الذي سيقنع بواسطته الشعب المصري بضرورة التطبيع مع الدستور العلماني المعارض للشريعة الإسلامية، بسبب تورط محمد عبده وعلى عبد الرازق في الإلتصاق أكثر من اللاّزم  بالدوائر الإستعمارية و بالقصر الملكي (المكروه شعبيا)، فقد حوّل( الإستعمار) انـظاره الى شابّ سلفيّ زاهـد وغير ملوث، و بعــيد عـن القصر، و متحمس لخدمة خليط سلفي صوفي، لا يخرج في نهاية المطاف عن طاعة "ولي أمره" حتى لو كان علمانيا مظاهرا للأنجليز، ما دام يقول لا اله الا الله، و مادام شق صدره الملكي لا يجوز سنيّا ( حتى يقيّم ما فيه  من كفر أو ايمان) .

أما ذلك الشخص الذي وقع اختيار الإستعمار عليه،  فليس سوى شاطرنا حسن البنا.. الشاب السلفي الذي وجد فيه الإستعمار غايته المنشودة  لتمرير الدستور العلماني ثم جعل المصريين يلتفون حول القائمين على ذلك الدستور،  بل يفدونهم بالنفس و النفيس!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 29 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                                   فصل
     ما كانت تمليه عقيدة التوحيد على "الإمام الشهيد"                                   


    اذا جاز لنا تخيل صورة  مشرّفة تليق بشهرة حسن البنا، كمجدد  للقرن و كمحيي دين الأمة،( فعلا  لا دعاية اخوانية كاذبة و مجافية للحقيقة في أبسط صورها).                           
   إذا جاز لنا تخيل" صحوة اسلامية"على منهاج النبوة، أحدثها البنا سنـة 1928(التاريخ الرسمي لتأسيس الإخوان) كرد ايماني لجـائحة أتت على دين الأمّـة من القواعد، وتولّى كبرها من جهل الدين من علمانيي مصر، وشيوخه التقليديين المثقلين بارث سلفيي يبيح لهم طاعة الحكام  المفسدين .
   اذا تخيلنا صحوة حقيقية( وليست استعراضية جوفاء كما هي الحال) ، قام بها " مجدد القرن"، فلا بدّ أن تكون أولى أولـويّاتها، تعريف الناس من جديد بـدين الاسلام و دور الإسلام  في الحياة، و بما يصير به المرء مسلما، و بما يخرجه من حمى الدين، بتلقين عامة الناس قبل خواصهم مدلول شهادة التوحيد ونواقضها، ثم توعيتهم بواقعهم السـياسي المحارب للإسلام، وضرورة بغضهم  للدستور الصنم الذي  استبدل به المستعمر البريطاني احكام الشريعة الإسلامية الحكيمة، و وجوب مقاطعة سدنة ذلك الدستور من علمانيين يتكلمون بألسنتنا ويؤمنون بغيرمعتقداتنا، وبضرورة إعتزال هيكل الصنم(البرلمان المصري) في انتظار تجميع القوة اللازمة لتفجيره بمن فيه. 
  
   لقد كان من الطبيعيّ أن يبدأ التجديد الإسلامي في شكله الصحّي،لا الديماغوجي التهريجي،  بما بدأ به رسول الله و لقنه صحابته خلال كامل الفترة المكية.أي بشرح  حقيقة توحيد الله، حتى يحصل الإستبعاد النهائي للمفهوم السنّي السـائد لدى المسلمين بأن كفر المرء، حاكما أو محكوما،لا يتحقق ألا في صورة سجوده لصنم أو حمله صليب أواعلانه  الشفهي عن ردته، بل أن الردّة تحصل بمجرد إنكار كلمة واحدة من الوحي أوالكراهية القلبية الخفيّة لما جاء عن الله وصـّح عقلا و شرعا عن رسوله، كما ان الردّة تحصل حال الإعتقاد بعدم صلاحية شريعة الله للعباد، و غير ذلك من المكفرات المعلومة. كما كان من الضروري ان يستقر في وعي الشعب، أنه لا يعد مؤمنا، لو لم يأخذ بخناق حاكمه و يطالبه بتحكيم شرع الله فيه( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) و ذلك الشرح يكفي  وحده  لسحب الشرعية عن ذلك الـدستور و من جاء به ورضيه لمصر، وضمن له اسباب البقاء، كما كان يكفي لعزل النظام المصري و تجفيف منابعه البشرية.
   كما كان من المفروض أن يبدأ التجديد  بشقه الميداني، حين يجد البنا نفسه محاطا بأتباع مخلصين(1) بإعلام القصر عن رفض شعب مصر لذلك الدستور و كفره به وبغضه 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نحن لا نحمّل حسن البنا فوق طاقته حتى نطالبه" بشجاعة عليّ" (التي وصف بها زورا) التي  تقتضي فدائية لا نجدها في مصري صوفيّ  سلفيّ غلبان مثل البنا. حتى ننتظر منه تحرّكا فرديّا استشهاديّا لا يقدم عليه غير الأنبياء والأبطال الحقيقيين.(غاندي مثلا، رغم كل المؤاخذات حول فكره ومنهجه، واجه جنود الإستعمار البريطاني في بداية أمره بعزم صديق و شجاعة قديس، و تلقي من هراواتهم  أكثر ما يتلقاه شيعي معتوه في يوم عاشوراء، لكنه ثبت ثبات الأبطال، في حين لم يصفع  حسن البنا صفعة واحدة ولم يسجن يوما واحدا في حياته، بل وجدا طريقا تحفه الزهور و تحيط به أضواء الشهرة و أحضان السلطة).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 30 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتــّش عن الإخوان ص 77 

 للقائمين عليه، حتى يعلنوا توبتهم و يؤمنوا بالله وحده، فإن أبوا ذلك كان على" مجدد القرن و فلتة الزمان" إعلان العصيان العام، و تجفيف ينابيع النظام الحاكم،عن طريق قطع الإمداد البشري عن القائمين عليه، إستجابة لقوله تعالى( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ،ثم تصنيف ذلك النظام الحاكم تحت حـراب المستعمر الإنكليزي و العامل بدستوره الملحد في خانة أعداء الإسلام المعلنين، مهما تسمّى القائمون عليه بأسماء إسلامية، ومهما  لبسوا مسوح الإسلام، بسبب ما تضمنه دستور23 من كفر صريح و ردة معلنة، ثم إعلام الشعب المصري، أنّ حماة ذلك الدستور، لا تربطهم صلة قريبة أو بعيدة بهذا الدين، ولو إدّعــوا الإيمان. وما سيلي من أدلّة قرآنية يثبت ذلك بشـكل جلي و حاسم  حيث " تــوافرت أدلّة الكـتاب والسنة واقوال العلماء من السابقين والمعاصرين،على أن تبديل الشريعة الاسلامية بغيرها كفـر، و بالذات بهذه الصورة الشنيعة التي نراها في بلاد المسلمين الآن، وأن هذه الأنظمة المستبدلة لشرع لله خارجة عن الملّة الاسلامية للأسباب الآتية:
 أولا: عدم الحكم بشريعة الله و إستبدالها بقوانين مختلطة ملفّقة سمّاها الشيخ أحمد شاكر رحمه الله بالياسق العصري كما سنذكره إن شاء الله.
 ثانيا: الإستهزاء بالشريعة: وهل هناك إستهزاء أكبر من أن تؤخّر الشريعة أو يقدّم غيرها عليها، او تجعل ورقة تعرض على هذا الهراء الذي يسمّى مجلس الشعب فيوافق عليها من يوافـق، ويعترض من يعترض، ويعتبر هذا هو الطريق الوحيد للحكم بها!
ثالثا: الحكم بالديمقراطية وهي كما وصفها أبو الأعلى المودودي"حاكمية الجماهـير، وتأليه الإنــسان" في كتابه "الإنسان والمدنية الحديثة"
... والديمقراطية شرك بالله...الفـاصل بين الديمقراطـية والتوحيد أن التوحيد يجعل التشريع لله و الديمقراطية هي حكم الشعب لصالح الشعب... المشرّع في الديمقراطـية هوالشعب، والمشرع في التوحيد هوالله سبحانه وتعالى، فالديمقراطية شرك بالله لأنها نزعت حق التـشريع من المولى عز وجل وأعطته للشعب.
 رابعـا: إسـتحلال المحرّمات و تحريم الحلال:..كما يقول الدكتور محـمد نعيم ياسين في كتابه"الإيمان" ص130: و يكفر من إدعى أن له الحق في تشريع ما لم يأذن به الله بسبب ما أوتي من سلطان الحكم فيدعي أن له الحق في تحليل الحرام و تحريم الحلال، ومن ذلك وضع القوانين التي تبيح الزنـا والربا و كشف العورات أو تغيير ما جعل الله لها من العقوبات المحدّدة في كتاب الله و سنة رسوله".. و نحن هنا نسرد طائفة من أقوال العلماء في هذه المسألة: أوّلا : يقول بن كثير في تفسيره لقوله تعالى( أفحكم الجاهليّة يبغون و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)المائدة 50. قال: ينكر الله تعالى على من خـرج عن حكم الله المشتمل على كلّ خير الناهي عن كلّ شرّ، وعدل الى ما سواه من الآراء و الأهواء والإصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهــل الجاهلية يحكمون به من الضلالات و الجهالات مما يضعونها  بآرائهم و أهوائهم، و كما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيز خان الذي وضع لهم الياسق و هو عبارة عن كتاب مجموعة من أحكام قد إقـتبسها عن شـرائع شتى من اليهودية و النصرانيـة و الملة الإسلامية وغيرها، و فيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعا متـّبعا، يقدّمـونها على الحـكم بكتاب الله و سنة رسوله  صلى الله عليـه و سلم... فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع الى حكم الله ورسوله فلا يحكّم سواه في قليل أو كثير" تفسير بن كثير2/67. و قد علّق العلاّمة محمد حامد الفقي رحمه الله في تعليقه على كتاب" فتح المجيد شرح كتاب التوحيد(هامش ص 396 طبعة أنصار السنة المحمدية) قال:" و مثل هذا و شرّ منه من إتخذ من كـلام الفرنجة 
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 31 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوانين يتحاكم اليها في الدماء والفـروج و الأمـوال، و يقدّمها على ما تبيّن له من كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، فهو لا شكّ كافر مرتدّ إذا أصرّ عليها و لم يرجع الى الحكم بما انزل الله و لا ينفعه أي إسم تسمّى به، ولا أي عمل من أعمال الصلاة و الصيام و الحج و نحوها ..." اهـ  . ثانيا : فتاوي الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في كتابه " عمدة التفسير مختصر تفسير بن كثير "طبعة دار المعارف ج 4 ص 173 ــــ 174  حيث يقول معلّقا على كلام بن كثير السابق ذكره : " أفرأيتم هذا الوصف القويّ من الحافظ ابن كثير ــ في القرن الثامن ــ لذلك القانون الوضعي الذي وضعه عدوّ الاسلام " جنكيز خان" ؟ ألستم ترونه يصف حال المسلمين في هذا العصر، في القرن الرابع عشر إلاّ في فرق واحد أشرنا اليه آنفا : أن ذلك كان في طبقة خاصة من الحكام،أتى عليها الزمن سريعا فاندمجت في الأمة الإسلامية، وزال اثر ماصنعت، ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالا وأشد ظلما وظلاما منهم،لأن أكثر الأمم الإسلامية الآن تندمج في هذه القوانين التي يصنعها ناس ينتسبون للإسلام ثم يتعلمها أبناء المسلمين ويفخرون بذلك آباء و أبناء ، ويجعلون مردّ أمرهم إلى معتنقي هذا " الياسق العصري "!إلى أن قال:إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس.هي كفر بواح لا خـفاء فيها و لا مداورة. و لا عذر لأحد ممن ينتسب للإسلام ـــ كائنا من كان ــ في العمل بها أو الخضوع لها أو إقرارها فليحذر امرؤ نفسه، و كلّ امرئ حسيب نفسه."ا .هـ  ثالثا : فتاوى بن تيــمية حيث يقول: و معلوم بالإضطرار من دين المسلمين و بإتفاق جميع المسلمين  أن من سوّغ إتباع غير دين الاسلام أو أتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه و سلم فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض كما قال تعالى))إنّ الذين يكفرون بالله و رسله و يريدون أن يفرّقوا بين الله و رسله و يقولون نؤمن ببعض ونـــكفر ببعض و يريدون أن يتـخذوا بين ذلك سبـيلا أولئك هم الكافرون حقــّا و أعتدنا للكافرين عذابا مهينا))النساء مجموع الفـــتاوى 28/439. رابعا : الشنقيطي في " أضواء البيان " في تفسيره لقوله تعالى (( و لا يشرك في حكمه أحدا)) الكهف حيث يقول: "" و يفهم من هذه الآيات كقوله تعالى :" و لا يشرك في حكمه أحدا " أن متبعي أحكام المشرّعين غير ما شرعه الله أنهم مشركون بالله. و في تفسيره قوله تعالى " إن هذا القرآن يهدي للّتي هي أقوم" الإسراء 9 حيث يقول : و من هدي القرآن للّتي هي أقوم بيانه أن كلّ من إتبع تشريعا غير التشريع الذي جاء به سيد ولد آدم محمد بن عبد الله صلوات الله و سلامه عليه، فإتـّباعه لذلك التشريع المخالف كفر بواح مخرج من الملة الاسلامية) أضواء البيان 3/439. خامسا: رسالة تحكيم القوانين للشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله مفتي السعودية السابق التي بدأها بقوله:" إن من الكفر المستبين تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلى الله عليه و سلم ".. إلى أن قال ص 10 " الخامس ــ أي النوع الخامس من أنواع الكفر الأكبر المخرج من الملّةــ وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع ومكابرة لأحكامه ومشاقة لله ورسوله، ومضـاهاة بالمحاكم الـشرعية إعــدادا وإمدادا و إرصادا و تأصيلا و تفريعا و تشكيلا و حكما و إلزاما، و مراجع و مستندات، فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع مستمدّات، مرجعها كلها الى كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، فلهذه المحاكم مراجع هي: القانون الملفـّق من شرائع شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي والقانون البريطاني، و غيرهـا من القوانين و من مذاهب بعـض البدعييّن و المنتسبين الى الشريعة و غير ذلك. فهذه  المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام مهيأة مكملة مفتوحة الأبواب، والناس اليها أسرابا اثر أسـراب،  يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة و الكتاب، من أحكام ذلك القانون ، وتلزمهم به وتقرّهم عليه... فأي كــفر فــوق 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 32 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتــّـش عن الإخوان ص 79

هذا الكفر ؟" انتهى كلام الشيخ محمد بن ابراهيم و الرسالة كلها  يجب أن يقرأها كل أخ مسلم فهي نفيسة جدا  " إهــ                                                                      

   وحتى أجنّب القارئ البحث في رسالة الشيخ المذكورة، و حتى تكتمل لديه الصورة، إليه ما جاء فيها مجملا: كفر الحاكم كفران، كفر اعتقاد و كفرعمل. فكفر الإعتقاد له خمس صور كلّها مخرجة من ملة الاسلام احدها: أن يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله أحقيّة حكم الله و رسوله. الثاني: ان لا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله كون حكم الله و رسوله حقا لكنه إعتقد أن حكم غير الرسول صلى الله عليه و سلم احسن من حكمه و أتـمّ و أشمل .الثالث: أن لا يعتقد كونه أحسن من حكم الله و رسوله، لكن أعتقد أنه مثله فهذا كالنوعين اللذين قبله في كونه كافرا الكفر الناقل عن الملّة  الرابع: أن لا يعتقد كون حكم الحاكم بغــير ما أنـزل الله مماثلا  لحكم الله و رسوله فضلا عن أن يعتقد كونه أحسن منه لكنه أعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله.الخامس: ما ذكر أعلاه وهو إقامة المؤسسات الحاكمة بغير شرع الله من برلمانات و محاكم و بنوك ربوبية و خمارات و بيوت دعارة و تأصيـل ذلك و إلزام الناس به. و لا شكّ ان أتقى الحكام العلمانيين سيحصل على أربعة من المخرجات الخمس من الملّة! فإذا أضيف اليها كفر موالاة اليهود والنصارى و عبدة الأوثان و الملحدين، بات على خمس كلّها مخرجة  من الدين! و حصل على مجموع لا يدخله التواليت، فضلا عن جنة عرضها سبع سماوات! 

   أما الكفر العملي الذي لا يخرج الحاكم من الملّة فهو الذي يصدر عن حاكم  مسلم، دستور دولته الاسلام (فعلا لا شعارا)  حيث  تكون حـدود الله مـقامة و شـريعـته مطـبّقة، و الشورى في إختيار أولي الأمر مـتاحة، و موالاته لله و لرسوله و للمؤمنين ، ليست موضع شك ، و لكنه أخطأ ذات مرة، فحكم بدافع الهوى العارض، و من وراء الكواليس( وهذا هام  جدا) بغير ما انزل الله" مع إعتقاده أن حكم الله و رسوله هو الحقّ و إعترافه على نفسه بالخطأ، وهذا الضرب" الثمين" من الكفر الطارئ والعرضي الذي سرعان ما يثوب منه الحـاكم الي رشده،عزيز المنال، و لوعثرنا على هذا الحاكم، في هذا الزمن الأمريكي الأغبر،  لعضضنا عليه بالنواجذ، و لقبّلنا يديه و رجليه وعينه و وكلّ ما فيـه من" أيه"  ليكون علينا أميرا، ولنكون له شعبا مطيعا(1) .

    بعد الإفاضة في بيان مدى مـخالفة الدستور البريطاني للإسلام ، و إستحالة التوفيق بين الايمان به و بما أنزله رب الأنام، و بعد بيان الحكم الشـرعي القاطع بكفر من حكم أو تحاكم  إلى ذلك الدستور، لا يمكننا ان ننتظر من  حسن البنا  االمتحلي" بشجاعة علي و جرأة ابي ذر" إلاّ أن يتصرّف وفق هذه الكيفية التي صغتها بطريقة أدبيّة:             
   بعد إنسداد الأفق، و تفرّق السّبل بالمؤمنين والطــرق، وبلوغ إلفــتنة بدستور23  القمّة 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) و إن كان  يقيننا  بأنّ النظام الإسلامي الذي يفصل  بين السلطات و يعتمد على المؤسسات ، كمؤسسة القضاء و الشورى و الحسبة، سيجنّب  ذلك الحاكم مباشرة القضاء بنفسه واصدار الأحكام بمفرده، و بالتالي تجنيبه الوقوع في مطبات الهوى العارض .                                                     
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 33 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ   

بسبب تحدّى المستعمر عقيدة الأمّة، بفرض دستور علماني جلّ به الخطب، وعظمت به  الغمّة، ثم إرغامه شعب مصر على الخضوع لأحكامه تحت تهديد حراب جيشـه وأزلامه، بتواطىء مسوخ علمانية  متنكرة  لدين  رب البرية، خصوصا بعد شهادة أحد الكتّاب كانت أدعى للإستغراب، وأشدّ  مضاضة من طعن الحراب، لصدورها عن الأزهرالشريف الذي طالما حملت له ذاكرة المصريين كلّ تـشـريف، لتصـدّى حماته السابقين (1) لحملة نابليون المهين (1789ـ 1801) و بلائهم في حشد الصفوف لمنازلته، و ترك عساكره بين قتيل ورهين علّته، شهادة زور مفادها، أنّ الدستور الذي أغنينا القارئ بوصفه عن التعريـف، يجوز لمسلمي مصر العمل به في المدن والريف، نظـرا لترك الله تعالى، أمّة المصطفى عالة، على كلّ مشرّع يهودي و نصرانيّ سخيف .
  
 أقول،( مع يقيني  باني امام الله مسئول)،عند بلوغ حلكة الليل ذروتها، ونشوة المحتل بنصره قمتها، وبعد ليل مدلهمّ طويل،إنطفــأت فيه مصابيح العلم الشرعيّ الجليل،و شوهت فيه معالم الإيمان، وعبد فيه شيخ النار من دون الرحمن، في تلك الظروف، و كما  يظهر الشاطر حسن أو أيّ بطل مخلّص في أيّة حدّوتة مصرية ترويها الجدات في الليالي الشتوية ،أشرقت أنوار الإمام حسن البنا على مصر، لينصر الإسلام، أروع نصر، فيوقظ النيام  و يشتت بصلب إيمانه فلول الظلام، مهدما هيكل الدستور المقام، و مسفّها من أعطاه شرعية الدوام، بعد إقناع العوام، بضرورة سعيهم لتمريغ ذلك الدستور في الرغام، نظرا لإستحالة الجمع بين الإيمان بشرعيته، و بين عبادة الديان ونصرته، لنقض الدستور المدان كلّ عرى الإيمان  ثمّ ليتوجّه( حسن البنا) إلى الملك الدمية فاروق، رمز العهر و الفسوق، طالبا منه التخلي عن عصيانه القديم، وعمالته للنصرانيّ الزنيم، مع الإفاضة له في البيان،( إن أبى الرضوخ والإذعان)، بأن الملك و الهيلمان، لا يساوي فتيلا عند أهل الإيمان، لو إستمرّ في حرب شريعة الديان، و أنّ جده محمد عليّ رأس السلالة الملكية الذي اقتني من اروبا الشرقية، ما كان ليحرّر من العبوديّة، و يمكّن  في البلاد المصريّة، لولا السيوف المحمدية التي خلصت مصر من الجيوش الرومانية. وإنّ أي فلاّح مصري موحّد، أفضل عند الله و عند حسن البنا، من ملء الأرض من فاروق المعربد. لو انكرصاحب قصرعابدين شريعة سيد المرسلين، ووالى كل نصراني معمّد، وأن امتثال حسن البـنا ومن ورائه شعب مصر لحكم" فاروق" منوط، بإتباعه ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه دون شروط،وإلاّ فـهو والبريطاني الأقلف سواء، في تصدّره قائمة الأعداء، وأنّ خداع الأنام بان الدستور ينصّ على ان من مصادر تشريعه دين الإسلام،لا ينطلي حتى على الصبية الطغام، وان حمل فاروق مصحفا في جيب سترته، اظهارا لــنسكه، وأن شهوده صلاة الأعياد في المساجد، للتمويه على كــلّ راكع و ساجد،لا يقرّبه من الإسلام، ما والى النصارى وعمل بخلاف ما قضي به رب الأنام،  وأنّ مطالبة الملك بوجوب طاعة السلطة الملكية، للحفاظ على الوحدة الوطنيّة، مرفوض بالكليّة، فلو كانت تلك الوحدة  تساوي بعرة ملقيّة، لراعاها سيّد البريّة ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) و إن كانت  تلك النوعية  من العلماء قد انقرضت، فلم يعثر المستعمر الأنكليزى لهم على أثر  ولم يسمع  لهم ركزا ، حين وطئت أقدامه أرض مصر عام 1882. و ذلك بفعل سياسة التغريب المبكّرة و الجريئة   التي بدأها السلطان محمد على الكبير(1769ــ 1849) ( لم يكن مصريّ الأصل و لكنه وجد من أهل البلد "خير" سند و معين  للتمرّد على أولي نعمته من العثمانيين و لشن الحرب عليهم  لسنوات طويلة كانت من جملة أسباب إنهيار الخلافة العثمانية )... سياسة هيّأت الأرضية للهزيمة النفسية أمام" الخواجة "النصراني و حضارته الماديّة  المبهرة  و خلقت قابليّة  ليس  للإستعمار العسكري فحسب ، بل و التشريعيّ و الثقافي.                                                                              
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 34 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتــّش عن الإخوان ص 81

فقد شنّ عليه السلام حربا ضروسا على ذوي النسب و الأرحام، لإيمانه  بان كل رابطة غير رابطة  العقيدة قد أهدرها نبيّ الإسلام (أكفاركم) يا جبابرة مصر، خير من كفار قريش،( أم لكم براءة  في الزبر)( من سورة القمر)؟!، فملة الكفر سواء، تساوى فيها المكّي و ساكن إيلياء، فكل مواطنة لا تظللها الشريعة الربانية، ستكون خلف الظهور ملقية. فذوات الخف و الحافر  لوحدهم، من تجمعـهم وحدة الجنس والعشيرة، و حاشا لمن كرمه الله بالعقل والبصيرة، محاكاة السوائم في جعل ما يربطه بغيره، عين ما يربط  ساكني الحظيرة. فالتجمع لا يكون الا على الإسلام، فالإسلام قبل مصر، و بعد مصر، وفوق مصر، وما مصر قـبل الإسلام سوى سوق نخاســة وأهـرام،(لا تشرف أي مصري همام ، لتذكيرها كل حين بسيرة الفراعنة الظلاّم )، وما مصر بعد الإسلام، في عهود صنائع الغرب  من أهل الإجرام  سوى شوكة  مغروسة في قلب الأمة المحمدية، لحربها العساكـر العثمانية، وتبنيها الثقـافة الغربيّة  ثم تفرّدها بموافقة أهل الصلبان على فرض القوانين العلمانية. و خيانة الأمة الإسلامية، بتسهيل إستيطان اليهود في أرض الإسراء، بعد تزويد المصري ذي الإباء، بأسلحة فاسدة تسبب لمستعملها الردى، بدل أن يستقر رصاصها في صدور قتلة الأنبياء (كما حصل ذلك بسبب مكر فاروق،الذي لا يساوي قرشا، لو أقيم للشرف سوق).و إن الشعب المصري المغوار، الذي تصدّى أسلافه ذوي الفخار، لجحافل المغول التتار، في عين جالوت فأذاقهم  طعم الهزيمة و الموت، لا تنقصه الشجاعـة والإيمان، للثـورة على المحتل الجبان. حتى تحيق به الهزيمة ( كما فعل اخوانهم الأفغان، حين أبادوا الجيش البريطانيّ، على آخر ابن بغيّ). كما أن مئات الألوف من اتباع البنا سيكونون في أول الصفوف، لحرب المحتل في صورة اذعان فاروق لمطالب البنا بعد تلفّظه بشهادة التوحيد، وإرجاع عمل المحاكم الشرعية للحكم بما قضت به الشريعة الإسلامية، مع قطع دابر الإباحية، بإغـلاق المواخير والمؤسسات الربويّة، كإعلان أوّلي من الذات الملكية،عن رفضها للوصاية الغربية و تمسّك الشعب بهويته الإسلامية التي يعني ضياعها الذوبان في ملّـة الكفر بالكليّة ، فأسلمة الدستورهو لبّ الإستقلال، وعين الكمال،لأن أسوأ الإحتلال الماسخ للشخصيّة والطامس للهويّة، هو الإحتلال الدستوري بلا جدال، فاذا حصل ذلك الإستقلال، و تــميّزت الصفوف، و تبين الذئب الضاري من الخروف، وحصل التفريق بين  الموحّد، والعلماني الملحد، ضمن شعب مصر الحرية مع الإستقلال، وأمن عدم اختراق صفوفه آباء رغال، و سلم من شر كل دهري ضالّ ، كل ما يميزه على جورج و ميشال، شهادة ميلاد، و تسميته بمحمّد أو فؤاد،  تراه" بالرئيس المؤمن"  يـتلقـّب، في حين  تستجيرالأفعي  من سمومه و العقرب .

  فإن أبى الملك فاروق، ثم أصرّ على العصيان و الفسوق، و دعا حسن البنا الى دخول اللعبة السياسية، والإقرار بالشرعية الدستورية، و سلوك القنوات الرسمية و التحاكم الى صناديق الإقتراع، وفق القواعد الديمقراطية، كي يفسح له المجال بكلّ اريحية ليحكم البلاد  المصرية  لو نجح في تحصيل أصوات الأغلبيّة. فليخبر ذلك الفاروق  أنه لو كان صادقا  فيما دعا  إليه من تنازله عن حكم مصر لمن حقق في الإنتخابات  النصر، فان الأمر ليس  بيديه. فحتى لو قبل بأن تحكم الإسلام مصر عبر صناديق الانتخاب، فإنّ ذلك لن يرضي الأنكليز أصحاب الكلاب، حتى بعد رحيلهم عن بلد المآذن والقـباب، حرصا منهـــم على مصالحهم في أرض مصر، و على حفظ أمن اليهـود أهل المكر، وان تحقيق مصالح الأنكلـيز الأوباش، لن تتم الا على يدي  دكتاتور حشّاش ، فوصول راكب حمار، إلى سطــح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 35 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القمر عبر المسالك الأرضيّة، أقرب الى التحقـيق ،وأدنى إلى التصديق ، من وصول مؤمن موحّد الى حكم مصر أو غير مصرعبر القنوات الديمقراطية، إلاّ إذا تخلّى عن الإسلام وانسلخ منه إنسلاخ الجلود عن الأنعام، بعدإعترفه بشرعيـة النظام  وخيانته المسلمين بالتلبيس عليهم بكتمان حقـيقة التوحيد، و ثنائه على كل جبار عنيد، ومدحه  أهل الإجرام، و تشبيههم بالخلفاء الراشدين،على من ربّاهم  أزكى السلام . ثم مبالغته  في الإرتكاس ، بإفترائه على الله الكذب بأنّ  طاعة هؤلاء  الأنجاس،هي طاعة للرسول و خالق الناس! ثم ضرب المثل بعد ذلك في قلّة الحياء، بتكفير أهل الشهامة و الإباء، لأجل تعبيرهم باليد عّما يحملون لأهل الشرك من عداوة و حقد، فحرّف بذلك دين الربّ، و قلب مفاهيمه رأسا على عقب، كلّ ذلك بإسم الإسلام ، و بدعوى الإقــتداء بسيرة  سيّد الأنام!(1).                                              
  أما إذاعـرض فاروق على حسن البنا عقارات وأمـوالا، .بحجّة تشجيعه الدعوة لله تعالى  فليعلمه أن الله لا يقبل منها إلاّ ما كان خالصا لوجهه وحلالا، وأنّ ما يبذله فاروق من أموال، هي رشوة من غير جدال، كما انها مخالفة لطبيعة الصراع بين أهل الحق و الضلال، فقد جرت سنة الأولين، بحرب أهل اليقين، في كل دهر و حين .
و حاشا لله  ان  تتبدل  سنن المجرمين، في التعامل مع المصلحين.
   
 بعد ذلك ، كان على البنا ان يعلن  مقاطعة الملك و بدء العصيان، و تحريم الإنضمام الى دولة الكفر والطغيان، وذلك اضعف الإيمان، في انتظار تنظيم الصفوف لحرب عوان . خصوصا و قد تجمع لدى مرشـــد الإخوان الملايين، باذلين النفس و النفيس  لنصرة الحـق و الدين.  
ــــــــــــــــــــــــ
(1) كل هاته الموبقات  قد أقترفها  حسن البنا طائعا مختارا !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 36 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ      
حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتش عن الإخوان ص 83

فصل
ثم بدأ الواقع الإخواني المرير


  لست مثاليّا (1) حالما أو تجريديّا سابحا في عالم الخيال، بل لست مبالغا أيضا لمّا افترضت الموقف الذي كان من المنتظر أن يتخـذه" مجدد القرن العشرين"  من دستور 23 و ممن نافح عنه، فحسن البنا ...الرجل لذي وصفته الأسطورة الإخوانية بأنه فلتة من فلتات التاريخ،  قل الزمان أن يجود بمثلها، و حسن البنا الذي أصبح كالخمر المعتقة التي كلما زادت قدما زادت قيمة، و حسن البنا  الذي سوّدت و ما تزال تسوّد آلاف الصحائف في تمجيده و الثناء عليه، كان قادرا ( وفق حجم شهرته المدوّية والألقاب التشريفيّة التي عجزت اللغة العربية على الوفاء بتبليغها للعالمين) على القيام بأكثر مما تخيلت. كما كان قادرا (وفق النظرة التقديسية التي يسبغها عليه أتباعه) أن ينجز كل ذلك، باعتباره ظاهرة استثنائية خرقت المألوف، و طرحت للعالمين صنفا من المجددين يمتاز عن الزواحف السّلفية ذات الدماء الباردة " بشجاعة نادرة، مقوّماتها الإقدام والقدرة على إعلان الحق و تعرية الباطل" .

كان في إمكان حسن البنا وهو" البطل و المجدّد و العبقريّ " أن ينجز كل ما افترضت، حتى لو كان وحيدا دون تابع ولا نصير، أي حتى لو كان أعزلا في مواجهة  فاروق و دولته، فكيف وهو المحاط بالملايين من الأتباع الذين يفدونه بالمهج والأرواح ؟!(2). 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من خصائص التصوّر الإسلامي الواقعيّة، فالإسلام يأخذ في الإعتبار  ضعف تركيبة الإنـسان الغرائزيّة و جواذبه القويّة التى تشدّه إلى الأرض طلبا للسلامة و إيثارا للعاجلة، لأجل ذلك قبل الله تعالى منه مجرد إستنكار الظلم  وكراهيته القلبية  كتعبير أدنى عن رفضه وذلك بالإكتفاء بالترديد : اللهم هذا منكر لا أرضاه، وقد عدّ الإسلام  ذلك  القول نوعا من الجهاد " ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن"(حديث)، كما يمكن للإنسان ـ كتعبير أدنى آخرــ  أن يتسلّل  تحت جنح الظلام من أرض لم يستطع فيها عبادة الله جهرة (ألم تــكن أرض الله و واسعة فتهاجروا فيها) ـ قرآن ــ  في انتظار حشد القوى و الدخول في مواجهة  عسكرية مع الطواغيت .
(2)  أنا لم أطلب من حسن البنا أن يكون بطلا، ولا أدّعي شخصيّا قدرتي على القيام بما ذكرت أن من المفترض ان يفعله لو كنت مكانه، فذلك شرف لا أدعيه، فأنا لست مجدّدا و لست بطلا ولست فذا، و بصيرتي"على قدّها"، ورجولتي(كما يقول المثل التونسي)" تحضر و تغيب "( وإن كان غيابها أكثر من حضورها). ولست أبحث عن أضواء الشهرة، ولست أسعى لأنافس حسن البنا و لا راشد الغنوشي و لا القرضاوي مكانتهم في قلوب المغفلين من إتباعهم، ولست أسعى أيضا، كما اتهمني أحد الناس" للظهور على حساب الشرفاء"فأنا غلبان ولست" مريضا بجنون العظمة وبي أعراض خطيرة قد تجعلني أدّعي النبوّة"( كما وصفني  بذلك جورب سلفيّ نتن)،  فأنا غلبان مرة أخرى، و بي لوعة ولا أحلم ان تجلب لي كتبي شهرة أو مال، فأنا أريد أن أموت فــور فراغي من هذه المزبلة الإخوانية، ولا أطلب غير قبر مجهول وبلا شاهد...ولئن حملت على البنا و نحناح والقرضاوي فلست لكوني كبيرا، بل لأنهم صغار، و مسببون للكآبة و الإحباط، ومخيّبون للآمال بشكل ماحق... وان كان يرضي غرور إخواني او سلفي( حتى اثبت له خلويّ من الغيرة و الحسد لرموزه التي أنتهكتها) أنّ اصرّح بأني نعجة ولا أساوي شيئا فها انا اقول: باع .. باع أنـا نعجة ولا أساوي شيئا . ولولا  إحترامي لذات النطاقين، و لغزالة زوجة = 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 37 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

  لقد كان ألبنا من المتوقع ان يتصرف البنا بالشكل الذي افترضته،  لو كان فعلا بطلا من الأبطال، وفلتة من فلتات الزمان، ورمزا للحريّة جاء  ليكسر القاعدة السائدة و يحرّك المياه الرّاكدة، و يحوّل وجهة التيارالذي يمد المجرمين بوسائل الحياة، الى صالح الشعوب ليحييها و يبعد عنها أسباب الممات، لأنّ من صفات النماذج الفريدة من أصحاب المبادئ الجهر بما يعتقدون، وعرض الحقائق  دون مداهنة أو خوف أو مبالاة بقدرات الخصم (1). 
فهل تصرف حسن البنا كوطني شريف، و كزعيم مسلم فذ، أم كان مجرد نسخة سلفية مكررة في نفاق الحكام وتزويرالحقائق، و دعوة الشـعوب الي الرضوخ والإستسلام؟ سيأتيك الخبر بعد حين ..  

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 =  شبيب الخارجي (التي فر أمامها الحجاج اللعين من ساحة القتال) و لولا احترامي لجنس النساء عموما، ولخولة بنت الأزور و زينب الغزالي(المحسوبة ظلما على الإخـوان) خصوصا، لأضفت أيضا: اني إمرأة.. كما ليس لي أحقاد شخصية تجاه حسن البنا، فقد مات قبل ان أولد، ولم ألتق به قط،  ولم يكن مدّرسي، و لم اشترك معه في تجارة، و لم يرفض تزويجي ابنته، و لم يكن زوج أمّي الفظ حتى" أحقد عليه كل هذا الحقد، وأشوه سيرته العطرة كل هذا التشويه"، و ليست لي عقدة من المصريين أو كراهية لهم، بل أحبّ سيد قطب و سليمان خاطر و خالد الإسلامبولي ، وأحترم العلماني الشجاع  صنع الله إبراهيم الشيخ إمام، و كل مصريّ شريف مهما كان توجّهه الفكري.... فان كان ليس من حقي  الجهاد بدماء الآخرين، و تكليف غيري بأعمال بطولية،  فإن من حقي أن يكون بطلي كأبطال سائر شعوب الأرض، أي أن يكون بطلا فعليا لا كرتونيا، أي أن يكون  في مستوى آمالي و تطلعاتي، أن يقف في صفي و ينافح عن قضيتي. لا أن يكون نعجة عرجاء في إهاب أسد هصور، و شيطانا رجيما في رداء قديس، فلا يكتفي بإضاعة وقتي و مظاهرة عدوي عليّ، بل يكون سببا في جعل الناس ينفضّون عن كل بطل حقيقي يبرز على الساحة، بحجة أن ذلك البطل من صنف الخوارج المشكوك في إسلامهم، لأنه يخالف بطلي الكرتوني  في رخاوته،  و في خفضه جناح الذل لأهل الجور و الإفساد.                                        
(1) انظر مالكوم أكس و مارتن لوثـر كينج و شجاعتهما الفائقة، وإصرارهما العجـيب على تحدي و استفزاز الإدارة الأمريكية. ثم انظر الي شجاعة رهبان بورما، وفدائية البوذيين الفيتناميين وهم يواجهون بطش حكومتهم العسكرية أو جنود أمريكا المعتدين. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 38 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتــّش عن الإخوان ص 85

فصل 
  حسن البنا جعجعة بلا طحين


   لوحدث في العهد السوفياتي البائد، أن قيل لشيوعيّ بسيط :إنّ الناطق الرسمي لستـالين قد صرح منذ حين بما يلي"أنّ حريّة التديّن والـتعبير والملكية الفرديّة، وحريّة التمسّك بالخصوصية الثقافية لكل الأعراق المكونة للإتحاد السوفياتي، ثم إنّ تحريم الدولة تأميم وسائل الإنتاج، كل تلك الأشياء من المسائل التي لا تتعارض مع المبادئ الأساسية  للشيوعية"، لو سمع ذلك لأنفـجر ضاحكا من فوره، وأعتبر تصريح الناطق الرسمي من قبيل المزاح، أو كان  نتيجة إسرافه في شرب الفودكا، بطريقة أصبح يرى معها الديك حمارا. أمّا إذا تبيّن لذلك العامل الشيوعي البسيط ، جديّة الناطق فيما  صرّح به ، فسيجزم حتما بأنه قد جنّ، أو أن المسألة مجرد فـبركة إعلاميـة بالصوّت والصورة، قام بها المعسكرالأمريكي، لأنّ ما ورد على لسان الناطق الرسميّ، لا يؤمن به طفل صغير في إلإتحاد السوفياتي، فضلا عن عامل شيوعي بسيط، دع عنك  صدوره من قبل من  يحتلّ هرم  السلطة.                               

   لو قيل لنصراني من أهل الشذوذ، لا صلة له بدين و لا له بأهله اختلاط، أنّ  بابا  الفاتيكان قد صرّح منذ حين بما يلي" أنّ الإعتقاد بأنّ الله قد غفر لآدم أكله من الشجرة المحرّمة، وأن الإيمان بأنّ السيد المسيح لم يصلب، ثـم أنّ التصديق بان الله واحــد لا ولد له و لا شريك، كل تلك الأشياء من المسائل التي لا تصطدم مع الديانة النصرانية" المؤسسة على عقائد الخطيئة والصلب و الفداء. لو سمع ذلك التصريح لردّ  بسرعة: و لكن لم يبلغني أن البابا قد أسلم!"، فإذا قيل له: بل صحّ ذلك عنه، وهو أكثر ما يكون نصرانية، فسيقول: لا شـكّ أنّ سماحته قد شرب قليلا من الخمر، فأكثر منه، حتى أخذ يهذي بمثل ذلك الهراء الذي لا يوافقه عليه أحد من أهل الصليب .
    
    لو همس أحد الناس في أذن مجنون بما يلي:"هل بلغك تصريح  طبيب شهـير أنّ تـناول السموم و إبتلاع المبيدات الحـشرية، و قطع الحلقـوم و الأوداج بالسكين، و اللعب بالنار بعد الإنغماس في البنزين، من الأشياء التي لا تصطدم مع مبادئ حفظ الصحّة، و لا تتنافى مع إحتياطات الأمان لسلامة جسم الإنسان"، لو سمع ذلك  لكان ردّه: الحمد لله على نعمة  العقل!
               
      لو قيل لأحد المسلمين ممّن علم من الإسلام حدّه الأدنى:" أن الداعية فلان قد  صرّح بأنّ الحكم بقـوانين و تشريعات بشرية صــاغها  يــهود و نصارى، و يفضي الأخذ بهـا إلى تعطيل شرع الله و حدوده، وإشاعة الفاحشة بين الناس، من الأمور التي لا تصطدم مع الإسلام، ولا تـتعارض مع نصوصه" لأجاب: المرء لا يؤاخذ بما قاله زمن إلحاده، فلربما كان ذلك الداعية ماركسيا قبل أن يهتدي... فاذا أخبر بأن ذلك الداعية قد ثبت عنه ذلك القول بالصوت والصورة. لأجاب : ربما ذكر تلك الأقاويل في معرض نقله ما يـردّده أعداء الملة و الدين. فاذا  قيل له: بل أن أقواله هي عين ما يعـتقد ه و يضمره في نفسه... لو تأكد  ذلك المسلم من صحة الخبر لأجاب: رحم الله  كفار قريش! فقد كانوا أقرب الى دين الاسلام من هذا الداعية البائس.لأنهم قد اتخذوا الملائكة الأطهار وسائط  بينهم  و بين الله  سبحانه 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 39 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و تعالى، في حين اتخذ هذا الداعـية  المخمورين و اللوطيين، مــن المغـضوب عليهم و  الضالين، أربابا مشرعين  من دون الله!                               

      لئن لم يتورّط الناطق الرسمي الشيوعي أو البابا النصراني أو الطبيب بالتصريح بما 
صرحوا به إلاّ في خيال كاتب هاته  السطور، لأنهم  لو فعلوا ذلك فسيجعلون أنفسهم موضع  تندّر أي عامل شيوعي أو صبيّ نصراني أو أي أحمق  مغفّل، إن لم  يكونوا صرحوا بذلك فإن ّ الداعية الإسلامي الشهير قد فعلها!، و رغم أنه " فعلها" وزكمت رائحة فعلته الأنوف فإن الآلاف ما زالت  تلهج بإسمه و ترفـع من شأنه، و تلحقه تارة بالشهداء والصديقـين وتارة اخرى  بالمجددين  و إليكم  التفصيل .                                                                      
   
   لقد كان من المنتظر من الإمام الشهيد"حسن البنا، لو كان مسلما عاديا لم يوصله اسلامه الى درجة البطولة والأسطورة، وكأضعف الإيمان، أن يشرح لأتباعه، و لو سرّا( وذلك يكفي لو كان البنا جبانا ، فالإسلام كما ذكرنا يعذر المرء لو كان جبانا)، مخالفات دستور 1923  لعقيدة التوحيد، و يبيّن لهم  أنّ  الموافقة على ما جاء في ذلك الدستورــ دون إكراه أو جهل ــ لا يبقي المسلم للحظة واحدة في دين الإسلام، ولكـن الـذي فعله حسن البنا  كان  عكس ذلك تماما،  فقد كتب" البالون الإخواني الأجوف عن ذلك الدستورــ الصنم الذي نصّبه الصليبيون على أرض مصر بعد ان حكمها الاسلام لأكثر من ثلاثة عشر قرنا. كتب يقول: أن مبادئ الدستور المذكور:" تنطبق إنطباقا كاملا على تعاليم الإسلام و نظـمه و قواعده في شكل الحكم.. ويمكن القول بإطمئنان أن القواعد الأساسية التي قام عليها الدستور المصريّ لا تتنافى مع قواعد الإسلام، و ليست بعيدة عن النظام الإسلامي و لا غريبة عنه، بل أن واضعي الدستورالمصري، رغم أنهم وضعوه على أحدث المبادئ والآراء الدستورية وأرقاها، فقد توخّـوا فيه ألاّ يصطدم أيّ نصّ من نصوصه بالقواعد الإسلامية " !إنتهى كلام "الإمام  الفلتة  التي لن تتكرر( لحسن الحظ!)(1) .
( وتصريح حسن البنا المذكور أعلاه  مقتطع من  رسالة له  بعنوان " مشكلاتنا الداخلية في ضوء النظام الإسلامي". راجع ما نقلناه من بعض مواد دستـور23 لترى كيف تتعارض مع عقيدة التوحيد، لتعلم مدى تزييف حسن البنا للحقائق، ومدى تلبيـسه على أتباعه وعلى المسلمين"(الحصاد المرّ ص 36)  إهــ  ... فيا ليت شعري  و يا ليتني كنت ادري، ما عساه يبقى من  دين أحدنا، لو وافق حسن البنا فيما زعمه من بهتان؟!(2)

   ملاحظة أولى: لعلّ أوّل ما يصدم حسّ  المسلم في" شكل الحكم" لدستور23 منح ذلك الدستور صلاحية التــشريع لكلّ من هبّ و دبّ إلاّ لله سبحانه وتعالى! وهذا يغـنينا عن مضمونه ولو جاء موافقا لشرع الله تعالى(أنظر الي كفر من حكم  بغـير شرع  الله تعالى أو تحاكم إليه، و لو وافق ذلك الحكم الصواب وحقّق العدالة)،  فكيف و ذلك المضمون يخالف 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  حاشا الهي تبـتلي ــ  أمـتـــنا بـــــثـان
      من صنفه فــنـغرق ــ في الذلّ والهوان 
       ففلـتــة  واحــــدة  ــ أتت على الـبنيان
       و ذهبت بريحنا  ــ بالسقف و الأركان!                        
(2) الأسطر السابقة و البحث عموما كتب عام 2001 و نحن الآن في 2009  نشهد أسوأ ما ترتبت عنه كارثة حسن البنا، حيث  تحالف تلامذته مع قوات الإحتلال في افغانستان و العراق وتركيا و فلسطين، لقاء مصالح حزبية رخيصة.                         
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 40 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّــش عن الإخوان ص 87

الشريعة جملة و تفصيلا ؟! 

 ملاحظة ثانية:من جملة  نصوص دستور 23 التي"لا تصطدم بالقواعد الاسلامية " حسب 
تعبير حسن البنا (الذي لا أدري إن كان وهو يكتبه يعلم بأنّ الله يرى)، " المـــادة السـادسة
و الستين حيث تقول: لا جريمة و لا عقوبة إلاّ بنص، يعني كلّ ما لم ينصّ الدستورعلى تجريمه فليس جـريمة، وإن تضافرت عشرات الآيات و مئات الأحاديث على اعتباره جريمة  و مالم يكن جريمة في الدستور ولا القانون فهو حلال في الدستور والقانون، ومن حقّ أي مواطن يظله الدستور والقانون أن ياتي الفعل دون مؤاخذة،.بل ومن يحاول ان يمنعه يكون مجرما في نظرا لدستور والقانون، ولوكأن مثابا مأجورا في الشريعة، ويكون والمستحق للعقوبة"(1).
   
   فوفقا لتلك المادّة  من الدستور، فإن شرب الخمر الزنا و القمار ــ مثلا ــ  ليست جرائم تقع تحت طائلة المؤاخذة القانونية، نظرا لعدم و جود أي عقوبة لفاعلها! فشرب الخمر لا يعدّ جريمة، لأن الدولة توفّره كما توفر أماكن استهلاكه. و الزنا ايضا  ليس جريمة، لأن الدولة تـشجّع مقدّماتـه بل وتهيئ المواخير العلنيّة والسريّة ليمارسه لمن قـعد به الحـياء عن مراودة النساء !(من المضحكات المبكيات في قانون مصر، أنه إذا  فاجأ الزوج زوجته في وضع زنى مع عشيقها ثم حاول الدفاع عن شرفه فقتله الزاني فلا شيء على الزاني القاتل! لأن تهمة الزنا في بيت الزوجية تسقط بوفاة الزوج صاحب الحقّ في المتابعة القضائية، أمّا تهمة القـتل، فتسقط بدعوى الدفاع  الشرعيّ عن النفس!(ألا يهم "الإخوان" شرف نساء مصر؟ أليس لهم أمهات و زوجات و بنات و أخوات؟ أم أن هوس إرضاء الحاكم و السعي الى امتلاك بضع مقاعد برلمانية، قد أذهلهم حتى عن مفاهيم الرجولة والشرف؟ ولكن مهلا... ألم نسمع أخيرا بمطالبة اخوان تركيا بعدم تجريم الزوجة التركية الزانية،عن طريق المناداة بحذف المادة التي تدينها، كل ذلك  لتسهيل دخول تركيا في الإتحاد الإروبي ؟!     
  
    فإذا كانت الفكرة المسخ  التي بشّر بها حسن البنا هي الإسلام، فأين الكفر بالطاغوت والبراءة منـه؟ وإذا كانت" الفكرة" التي يـروّج لها هي إحـتضان الطاغوت ودعمه، فأين الإسلام الذي أتبعه الناس من أجله!؟ فأي لعب بالعقـول يـحاوله مهـرّج الإخوان؟! و أي خلـط  لم يستسغه حتى جحا، حين رفض أن يكون اللحم هو القطة و القطة هي اللحم؟ أي أن يقدّم له الشيء على انه نقيضه في فضاء لا  يتّسع إلاّ لشيء واحد !
   فإذا كان جحا قد ثارعلى زوجته و أدانها(2)..فـــإن معاصري البنا من قادة الإخوان  لـم يكلفوا أنفسهم زجر" الرجل" و دفن فكرته الخبيثة كما تدفن القطة خرءها فحسب، بل رحبوا بها كالعميان، ثم طفقوا ينشرونها  في كل سهل و جبل،  فقـاتل الله تقديــس الرجال و عبادتهم من دون الله . 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحصاد المر ص 8 أيمن الظواهري .
(2) كلّف جحا زوجته بأن تـشوى رطلا من اللحم لغدائهما، فأكلت الزوجة  اللحم لوحدها ثم زعمت بأن القـــطة الصغيرة قد ألتهمته. فسارع جحا الى وضع القطة على الميزان فوجدها تزن رطلا فقال لزوجته و هو يشير الى القطّة: إن كان هذا هو اللحم فأين القطّة؟ وإن كانت هذه هي القطة فأين اللحم ؟! 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 41 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    
   ثم ماذا يبقى لشهادة التوحيد من معنى، لوآمن المرء بدستور23،الـذي يعني حكم  الشعب بالهوى؟! فهل أن نزع حق السيادة من الله جل شانه و إسنـادها الى الغوغاء الذين يتبعون كلّ ناعق، أو إسنادها الى العلمانيين، ممّا " لا يصطدم مع أي نص من نصوص الإسلام "؟ إنّ هذا شيء عجيب، حين  يصدر عن " الإمام" و " الشهيد"  و المجدّد"!

و لكننا اذا  أخذنا في الإعتبار أننا نعيش في زمن إنقلاب الموازين،  زمن  تسمىّ فيه المرأة الساقطة بطلة و نجمة، و يسمّى فيه من رمى أمهات المؤمنين رضي الله عنهن بالفاحشة، وآمن بتحريف القرآن و كفّر الصحابة و ألّه  البشر"حجّة الإسلام" و" آية الله" ، فلا نعجب إذن إن لقبنا بـ"إلإمام الشهيد و مجدد القرن" من إدّعى أن التحاكم الى غير شرع الله، لا يعارض عقيدة التوحيد !(1) .

    فعلى ضوء ما رأينا من بهلوانيات حسن البنا قديما، و تخبطات الزعامات الإخوانية المتحالفة حديثا مع أعداء الشعوب من حكام إرهابيين و قادة صليبيين، يمكننا القول " بكلّ إطمئنان" أنّ قادة الأخوان يسيرون عراة، و أنّ  بإمكان أيّ غلام أن يشير إلى عوراتهم، و يسخر من عريهم  المفضوح! كما يمكننا القول" بكل اطمئنان" أيضا: ان الشخص الذي يصرّ بعد هذا البيان على احترام أي زعيم اخواني، يكون قد شابه المعيز، وفقد كل تمييز، وغطى رأسه بسروايله، وكشف الطيز( المؤخرة)!  
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وان كان هذا الأمر غير مستهجن في تاريخنا الإسلامي التي هيمنت عليه الصوفية  و السلفية حيث وجدنا من يترجم لشيخ ما فيكتب عنه:"...و كان رضي الله عنه لا يصلّي"؟! أو" ...و كان رحمه الله  ماسونيّا كبيرا"!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 42 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــ  حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فــتّـــش عن الإخوان 89

فصل   
كلام حول الديمقراطية...  الخيار الإخواني الخاسر  

   تزعم القيادات الاخوانية أنّ الديمقراطية التى يبشّرون بها لا غبار على شرعيتها، لأنها تستند الى مرجعيّة إيمانيّة لا مجال معها الى وضع الثوابت الإسلامية  موضع إختبار، فلا يقبل مثلا أن يجعل بيع الخمر أو عدمه، رهين قبول أو رفض أغلبية الشعب بعد عملية إستفتاء تجرى، في حين أن الهوى دون غـيره، هو مرجعية الغرب. فالعــبرة ليست بالأسماء،فالديمقراطية  بضاعة اسلامية ردّت الينا! فهل نتيه ــ كما تساءل الغنوشي ــ لمجرد إبدال المصطلح؟! .                                                                                         

    فالديمقراطية لدى الإخوان هي نقيض الديكتاتورية، فرفض الديمقراطية لايعني لديهم غير تبنى الديكتاتورية! أمّا جواب كل تلك الدعاوي السابقة فكما يأتي: قد يؤخذ كلامكم بعين الإعتبار عندما تكون مقاليد الحكم بأيديكم، و يكون شرع الله معمول به، فحين تنادون ساعتها بالديمقراطية،لا بمعناها العقائدي أي حكم الشعب بما يقرّر الشعب، بل كـآلية لـتداول السلطة و الأخذ برأي الشعب في سنّ ما لا يتعارض مع دين الاسلام من قوانين، فقد يصغى اليكم ساعتها.
 أمّا و أنتم خارج السلطة، أو موجودون فيها، و لكن حظكم منها كحظّ الأيتام من مأدبة اللئام، فلا صلاحية لديكم في ذلك النظام ، وكل وجودكم صوريّ،( فلا يقدرأحدكم حتى وهو رئيس وزراء ،أن يلبس ابنته حجابا، فيرسلها الى أمريكا كي تلبسه في جامعاتها، كما فعل رجب طيب اردوغان في تركيا! ) .
  أمّا وقد إعـترف حسن البنا كما إعترفتم أنتم، بشرعية الديمقراطية بحذافيرها و كما يتصوّرها الغرب تماما،  كصنم معبود من دون الله .
أمّا و قد سفّهتم و حاربتم و كفرتم المؤمنين الذين أغضبوا سـدنة تلك الديمــقراطية، فنافحتم عنها و غرتم عليها أكثر من غيرة سعد بن أبي وقاص على نسائه.
أمّا وقد إعترفتـم بشرعية العلمانية الدهريةالحاكمة بهـا، والساخرة من الفكر الغيبي في كلّ مناسبة . 
   أمّا وشيخكم حسن البنا الذي هو أبو الـديمقراطية وخالها وعمّها، وهوالمؤمن بـقنواتها وسيلة  يتيمة  للوصول الى الحكم،  كبديل عن  المنهج الإلهي و النبوي للتغيير( الجهاد) .
أمّا و انتم تعملون تحت ظل ديمقراطيات هزليّة  ملكية يرث فيه الولد والده  !  
أمّا و الديمقراطية التي تدافعون عنها قد سبق لسدنتها أن صرّحوا أن لا سبيل الى تكوين أحزاب ذات خلفية دينيّة في ظلّها و بالتالي فلا أمل لإسلامي في الوصول الى السلطة عبر قنواتها المسدودة  .
  أمّا و قد قبر الخيار الديمقراطي في حياة شيخكم  حسن البنا، وهلك قبل وفاته هو، و سقط كلّ مشروعه قبيل سقوطه  هو(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) " رشّح البنا نفسه مرتين خلال حياته. أمّا المرّة  الأولى فقد أخرج بأمر من الأنكليز من سباق الإنتخابات وقد أخبر النحاس باشا البنا بذلك ، و أما المرة الثانية فقد زوّرت فيها نتائج الإنتخابات لقطع الطريق على"الإمام"(الحصاد المر 88/89 ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 43 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما و قد اتخذت الديمقراطية كذريعة، أو كحصان طروادة ، لدخول الصليبيين بلاد المسلمين ثم لوقوفكم في صف الصليبيين  وهم يحاربون المسلمين لتطبيق تلك الديمقراطية الكاذبة.
أمّا و قد  حصل كل ذلك، فلا يسع المسلم إلاّ رفض الديمقراطية التي تنادون بها، لأنه لايفوح منها سوى إقرارالعلمانية القائمة.
أمّا زعمكم أن عكس الديمقراطية هي الدكتاتورية، فذلك صحـيح بالنسبة للتايلندي البوذي 
والسيريلانكي الوثني، والعلماني الملحد، اما بالنسبة للمسلمين  فنقيض الديمقراطية( التي هي حكم الشعب) هو التوحيد الذي هو حكم الله  تعالى.                                                      

الديمقراطية وصفة غربية لداء غربي :
   
  حيـن كفرأهل العقل في أروبا  بالمسيحيّة خاصة و بكلّ ما هو غيبي عامّة. وأزيح الدين هناك من حلبة السياسة، لما كان يمثله من أفيون منوّم للشعوب بسبب دعوة رجال اكليروسه الشعوب الأروبية إلى ما دعا اليه حسن البنا أهل  مصر الإسلامية من الإستكانة و الرضوخ لمستغلّيهم بمبرّر ديني مفاده أنّ الجنة ستكون من نصيب الأكثرإنحناء للظلمة و مغتصبي الحقوق عملا  بالمقولة المسيحية  الشهيرة:(من ضـربك على خدّك الأيمن فأدر له خدّك الأيسر، و من نازعك قميصك فأعطه رداءك!) .
 ثم لماكان رجال الدين حجر عثرة أمام أي إنجاز علميّ بدعوى أنّ ما أكتشفه العلماء لم يرد ذكره في الكتاب المقدّس حتى ينال مباركتـهم له و إعترافهم به! فقتلوا الآلاف من العلماء حرقا و سلخا  بدعوى الهرطقة و التجديف !                      

   لمّا قضت أروبا على هيمنة الكنيسة التي كانت عائقــا أمام الحريّة والعدالة الإجتماعية والنهضة العلمية، لجأت الى تراثها اليوناني الوثني والروماني الإباحي لتـتبنّى الديمقراطية التي تعني حكم الشعب بمعزل عن أية وصاية بـشرية أو غيـبيّة.
 و لقد كان ذلك الخيارالغربي موفّقا، لأنه إستبد النظام الملكي الجامح ومطلق الصلاحيات، بنوّاب يختارهم الشعب ليسوسونه بالعدل بقدر طاقتهم، ولقد نضجت ثمرة الديمقراطية بشكل نسبي بعدما  كانت فجّة و شكلية  في عهدها اليوناني، بما  أضيف لها منذ الثورة الفرنسية من ضمانات صارمة للتــطبيق، متمثـّلة  بمـبدأ فصل السلطات الذي يحدّ من صلاحيات الحاكم، ويؤمّن جماعية اتخاذ القرار، وجعل تطبيقه رهين مؤسسات مستقـلّة عن نفوذه، ولقد أجاد الفرنسي جون جاك روسو(وإن لم يصل حدّ الإبداع)(1)حين عبّر عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  لأنّ الإبداع هو الإتيان بالشيء على غير مثال سابق، وهذا لا ينطبق على جاء به روسو  بإعتبار أن مبدأ الفصل بين السلطات و التضييق على الحاكم من خلال وضعه في قالب لا يخرج عنه، بضاعة إسلامية خالصة، فالسلطة التشريعية في الإسلام هي لأهل الذكر بمختلف إختصاصاتهم، والتنفيذية لأجهزة الدولة التي تتحرك  في الضوء و بمرأى  من مؤسسة الحسبة. و أما السلطة القضائية فللقضاة المستقلين عن الحاكم،كلّ ذلك في إطار من الشفافية التي تتيح  النقد الحرّ الذي لا يوفّر أحدا عن المساءلة و المحاسبة  و المحاكمة .وهو الدور البنّاء للسلطة الرابعة( الإعلام) .... و يظلّ التشريع البشرى القاصر يلهث وراء القمة الإسلامية السامقة  لينتهي الى بعض ما بدأت به، فقد نزع الإسلام و لأول وهلة (لا كشأن الغرب الذي مازال يتلكّأ في المسألة)  كل حصانة  عن أي مسئول مهما عظم قدره أثناء ممارسته للحكم  لما [ ثبت في الشريعة أن الحاكم إذا أرتكب جريمة إستحقّ العقاب، فهذا عليه السلام  قد طلب القود (القصاص) من نفسه وهو مريض  حين قال: يا=
ــــــــــــــــــــــ 44 ــــــــــــــــــــ
ـــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــ فتــّش عن الإخوان ص 91

العلاقة بين الحاكم والمحكومين بالعقد الإجتماعي بما تعنيه كلمة  عقد من نديّة و وضوح و  شروط بين طرفي ذلك العقد، شروط قد تعرّض ذلك العقد للفسخ في كل لحظة إذا ما أخل الطرف المقابل ببعض بنوده الموثقة. فللشعب نقض العقد الذي عقده مع حاكمه إن إستبدّ الأخير بالـقرار و تجاوزالحدود المرسومة له وذلك عن طريق عزله بتـوخّى الوسائل السّـلمية من إضراب و إعتصام، و مظاهرات، و تعرية إعلامية.                                                                        
  
  إذا كانت الديمقراطية عقّارا ناجعا لأهل الغرب، فقد كانت سماّ زعافا لأمّتنا الإسلامية حيث صاغ لنا الغرب، بدعمه للحاكمين بإسمها في بلادنا المنكوبة، ديمقراطية لا يمكن تسميتها فقط بذات الشوكة، بل بذات الأسلاك الشائكة والمكهربة، لكونها جاءت في صيغة راعت" الخصوصية الثقافية" لأمتنا، فجمعـت بين الأصــالة و المعاصرة، بجعل تلك الديمقراطية وراثية ثم بإستنساخ شخصيّة الحجّاج بن يوسف في أسوا طبعاتها، لتطبيقها ورفع شعاراتها، دون إنتفاع الشعوب الإسلامية بإمتيازاتها، إلاّ بمقدارما ينتفع الظمآن بسماع كلمة ماء ليدفع عنه شدّة العطش! و كانت النتيجة ان جرّعــنا الغرب أسوأ ما في الديمقراطية، و ضنّ عنّا  بأحسن ما فيها، فسلب منا الدين ولم يعطنا الدنيا التي حظيت بها بعض شعوب الغرب، بما وفّرته الديمقراطية في تلك البلاد من عدالة إجـتماعية وكرامة إنسانية ورفاهية مشاعة. وكانت الحصيلة النهائية، أن حرمتنا الديمقراطية من رحمة الله و بخلت علينا برحمة البشر، بعد ان سلّط علينا أبالسة تعفّ عصابات المافيا عمّا يرتكبونه في حقّ الشعوب، حتّى أصبح المرء يستحي أشدّ الحياء، (هذا لو لم يعتــز بدينه)، من الكـشف عن هويّـته العربية التي تعني هوان الإنسان العربـي على حكامه، كما تعني قانون الغاب الذي يسوس ذلك الإنسان المسترقّ (1) .
   
  حتى بصيص الأمل الذي كان ينعش المغفلين من أمثالي بقرب فجر جديد، قد أجهضته الحقــيقة المروّعة للفكر الإخواني المعاق و المعيق، والمتبني أتعس ما أفرزته الفرق الضالة في القرون الخوالي، حيث اقتبس من الشيعة انتظار الخوارق والحلول السحرية  عبر مخلّص يرفع الكرب، و يحقق الأرب، دون أن يكلّفها أي تعب أو نصب! كما أخذ من متطرفي المعتزلة الإفراط في  العقلانية و تقديم الرأي على الجليّ من النصوص حسب ما تقتضيه المصلحة الحزبية، كما أستعار من الجهمية إثبات إيمان من ثبت كفره بحجّة تعذّر الإطّلاع على ما في قلبه لعدم إمكانية شقّ جوفه! ومن المرجئة التأصيل الشرعيّ للإستبداد 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الناس من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه و من كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه". قال الكمال بن الهمام في فتح القدير: إن الإمام إذا قتل إنسانا أو أتلف مال إنسان يؤخذ به. و قال بن خلدون في المقدمة" الخليفة لا يتميّز عن سائر المسلمين، إلاّ من حيث كونه منفّذا للأحكام و حارسا للدين) (فصل الكلام في مواجهة ظلم الحكام.على بن حاج).           
(1) يقول الشاعر احمد مطر : في بلدة منسية خلف بلاد الغال/ سألني الحمّال/ من أين أنت سيدي؟/ فوجئت بالسؤال/ كرهت أن أكشف عن عروبتي / خشيت أن يقال / بأنني من وطن تسوسه البغال!/ قرّرت أن أحتال / قلت له أنا من الأدغال!/ حدّق بي مندهشا: حقّا من الأدغال ؟/ قلت نعم من الأدغال/ قال لي هل أنت سيّدي من عرب الجنوب أم من عرب الشمال؟!(.فالأدغال لا يمكن أن تكون إلاّ عربية، بشهادة منظمات حقوق الإنسان الدولية!).           
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 45 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بحجةأنّ محاسبة المستبدين يكون يوم الدين حين يقوم الناس لرب العالمين، كما تبنى من الخوارج المسارعة إلى تكفير الموحّدين، فهم خوارج في حكمهم على المؤمنين، جبريّة في نقد العلمانيين (1).                    

الفكر الإخواني و نهاية  التاريخ:

   جعل البنا من الفكر الإخواني نهاية تاريخ الإسلام، بمعنى أنه ليس في الإمكان أحسن مما جادت به قريحة مرشد الإخوان، فلا وسيلة لـتغيير ما بالمسلمين من هوان و تحكم قوى الكفر الداخلية والخارجية في الدقيق والجليل من أمورهم، غير التحاكم إلى صناديق الإقتراع، ولا مناص للمسلمين بعد تأكّدهم من عقم ذلك الخيار و إستحالة الإستفادة منه، سوى الركون الى الأمر الواقع والدعاء بالفرج القريب(2) و تقليب الوجوه في السماء حيرة وعجزا حتى يقذف الله الرحمة في قلوب قادة الغرب ووكلائه في بلاد المسلمين ليسمحوا بإنتخابات نـزيهة و شفافة توصل الإخوان الى سدة الحكم لتنتهى الحدوتة الإخوانية نهاية سعيدة شأن الأفلام المصرية!(3) .  

غثاثـة  الفكر الإخواني  : 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) من جملة ما يبرّر به الإستشارى سيد حسن خروجه من تنظيم الإخوان المسلمين قوله "لأنها ـ أي الحركة ــ ببساطة شديدة ، تـفـضّل بقاء الجماعة على بقاء الإسلام، و تفضل مصلحة التنظيم على مصلحة الوطن و الدين، و في كثير من الأحيان تتعارض مصلحة التنظيم مع مصلحة الدين نفسه و كان يختار  قادتها مصلحة التنظيم" (مجلة  الوطن العربي) العدد 1323. الصادر  بتاريخ 12ـ7ـ 2002)...و من أمثلة الجرأة على الله في تحكيم الهوى والإجتهاد في معرض النص الصريح، إعتبارالهضيبي أنّ سجن الزاني أو السارق أو شارب الخمر أو تغريمهم وفق القانون الوضعي، يمكن إعتباره تعزيرا  يحلّ محلّ الحدود التي أمرنا الله بإقامتها على أصحاب تلك الجرائم! ( مع العلم بأن التعزير هو عقوبة  إجتهادية يقرّرها القاضي فيما لا نصّ فيه من كتاب أو سنّة!) فقد ورد في ص 38 و 39 من الحصاد المرّ  للظواهري ما ينسب إلي الهضيبي قوله بأنّ " القانون المدني القائم يتّفق مع الشريعة الإسلامية فيما عدا الربا. و إن القانون الجنائي"تعزير" يتفق مع الشريعة الاسلامية "! 
(2) شبّه محمّد الغزالي استسلام المسلمين أمام استبداد حكامهم، و عدم اعتمادهم على  غير الحلّ الإلهي لما هم فيه، بمن ابتلي بجائحة طبيعية لم يملك إزاءها سوى الإسترجاع والصبر حتى القبر فقال" إن ركام الأخطاء الذي آل إلينا على مرّ القرون جعل المسلمين المعاصرين يضطربون في الفهم والمنهج، بل جعلهم يظنون أن الحكم من نوازل القدر الذي لا تردّ، و إن إستقباله كإستقبال الآفات و المصائب الوافدة يكون بالصبر و الإسترجاع! و قد أورثتهم هذه الجبرية الخرافية إستسلاما وإستكانة لضروب الحكم الإستبدادي قلّما يعرفان في جنس آخر"( الطريق من هنا ص 78) .                                                                                             
(3) هناك أطروحات أخرى أشد إغراقا في الخيال من البعض الآخر. منها اطروحة حزب التحرير الذي يرى التغيير من خلال طلب النصرة من دول الكفر لإقامة الخلافة! ثم الأطروحة السلفية المـتخلفة التي تـشـترط حضور أمير مؤمنين لقيادة الجهاد بعد اعلان قادة الإرهاب العلماني الحاكم عن كفرهم بصريح العبارة!. ثم الأطروحة  المعتمدة على صاحب الزمان أو المهدي الشيعي الخرافي المعصوم و العالم بكل لغات و علوم الدنيا.                                                                                                                      
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 46 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتــّش عن الإخوان ص 93

  لقد إنتقل الفكر الإخواني بدين الله من محرّر للمظلومين ورحمة للعالمين، مؤمنهم وكافرهم، بشرهم وحيوانهم(1) الى جعله قضية تخص المسلمـين دون غيرهم، ثم  إختزلوا ذلك الدين في منظومة روحية لا علاقة لها بالحكم والسياسة، كما أعفوا الحكام من إرساء العدالة بين المسلمين أنفسهم. ثم  إمعانا منهم في التضليل (شأنهم في ذلك شأن القوميين العلمانيين)  جعلوا من قضية تحرير فلسطين (التي لو وقع تحريرها  فسيحكـمها علمانيّ كفور)، قضية جوهرية !(2)أوكلوا حلها الى الحكام المسلوبي الإرادة أمام إملاءات الغرب!(اخيرا شارك اخوان "حماس" العلمانيين حكم مخفر منزوع السيادة يحكمه اليهود ). فأي تجديد بائس قام به شيخ الإخوان و فراخه المهازيل؟!                   
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من صور الرفق بالحيوان في حضارتنا، منع الفقهاء قديما تحميل الحيوان أكثر مما يطيق من أحمال" و تعرّضوا لمقدار ما يستطيع البغل والحمار حمله، ومن الطريف أنّ بعض الفقهاء قدّر لكلّ منهما مقدارا لم يرض فقيها آخر، فعقّب على ذلك بقوله: لعمري ان هذا إنصاف للبغـل وإجحاف كبير  بالحمار!"( مصطفى السباعي من روائع حضارتنا. ص 113 / 114).
(2) قالت خيبر/ شبران ولا تطلب أكثر/ لا تـطمع في وطن أكبر/ هذا يكفي / المخفر في الشبر الأيمن/ والمسلخ في الشبر الأيسر(أحمد مطر).. فمخفر جديد أو وزارة داخلية جديدة تسلب فيها حياة الموحدين تحت التعذيب، و تنتهك فيها أعراضهم، هو آخر ما تحتاجه أمّتـنا، و في القريب العاجل سنرى حماس تتولي عملية نحر من تصدى لليهود.( كتبت هذه الدراسة أواخر2001، و ها هي حماس قد تصدت الي جماعة الجهاد، ثم ضربت بشدة (اغسطس2009) مجموعة جند أنصار الإسلام وهي مجموعة مسلحة ظهرت في مدينة رفح و قامت بعملية عسكرية ضد اليهود، فاقتحمت مسجدها و فجّرت شبابها، كما يفعل أي نظام علماني لا يؤمن بيوم المعاد، كل ذلك خدمة لأمن اليهود، و قد قال الناطق الرسمي لحماس عن قائد المجموعة الشيخ عبد اللطيف موسى ـ استشهد ـ " انه يبدو انه أصيب بلوثة عقلية"! كل ذلك لأنه لم يؤمن بأن الخليط الصوفي الذي جاء به حسن البنا هو الإسلام الصحيح، و" ان الإسلام الصحيح" يقتضي مهادنة اليهود، ما دام فراخ حسن البنا قد هادنوهم، و إلا فهو " مصاب بلوثة عقليّة "!( لم أكن أعلم قبل هذا  أن من أصيب بلوثة عقلية يقتل!) .   
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 47 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                                                       

فصل    
البــنّا هلــمّ نمجّد ه / قد دّمرنا سلمت يده !


  إن الفكر الإخواني الذي ملأ الدنيا يضجيجه الأجوف، لا يتعدى كونه صياغة عقليّة شابّ غرّ لم يكد يتجاوز سنّ المراهقة، صوفيّ الخلفية والتكوين(1) سلفي التصوّر و السلوك ممّا جعل العاطفة(2)والمزاج الشخصيّ(3)، و مراعاة رضا" وليّ الأمر" ، تصبغ معـــالم
ذلك الفكر الذي نكبت به أمة الإسلام إلى  يوم  الناس هذا و إلى ما شاء الله .

  و للتأكد من عاطفيّة البنا انظر حادثة مـقتل الخازندار من قبل مجموعة "متمرّدة "من الإخوان وكيف اجهش البنا بالبكاء و سارع إلى دفع ديّة القاضى القتيل الذي كان شديد الولاء للأنكليزّ! ناهيك انه قد حكم على بعض الوطنيين اللذين آذوا بعض جنود الإحتلال  بالسجن لمدة عشر سنوات!( انظر الحصاد المرّ  من صفحة 42 إلى صفحة46) و هاكم ما كتبه الظواهري تعلـيقا على إنزعاج حسن البنا لتصفية ذلك العميل:" و لعلّ السرد السابق المتعلق بحادثة إغتيال القاضي يظهر صدق ما قلناه من عــدم تبني الإخوان للحكم الصريح في الواقع الذي يواجهونه، بل انهم للأسف الشديد يتبنون حكما مخالفا للحقّ.. فقد إتفق حسن البنا و أحمد عادل كمال و محمود الصباغ و عمر التلمساني على ما يلي: تحقّ له الديّة، إعتبار حكم القاضي بسجن من ألقى القـنابل على الأنكليز في حكم المقبول ولو أخطأ ": إهـ(الحصاد المرّ ص 46) مع العلم أن من ألقى تلك القـنابل هم شباب الأحزاب العلمانية المعارضة! فكيف تكون صورةالمسلمين في نظر غير الملتزمين بالإسلام غير صورة المرتمين تحت جزمة الحاكم و المدافعين العمي عن أسيادهم الأنكليز، خصوصا و أن حسن البنا كان يرى ضرورة الإلتزام بمعاهدة 1936 التي تعطى الأنجليز وجودا شرعيا بمصر كما سنري ذلك!                                                                   

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صوفية البنا لا غبار عليها... فالمرشد  تسمية صوفية خالصة... . ثم انظر الي ما قاله البنا عن دعوته " إن دعوة الإخوان المسلمين دعوة سلفية و طريقة سنيّة و حقيقة صوفية"! (الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 26) إهـ ... إن اخطر ما في الأمر استعمال البنا أسوأ مصطلحات الصوفية دلالة على انغماس و تورط صاحبها في الدروشة الصوفية، فالحقيقة  لدى الصوفية، هي خلاف الشريعة التي تعني ما فهمه الصحابة من النصوص الشرعية إعتمادا على ما جاء في القرآن و قاله الرسول و دلّت عليه لغة العرب. أما الشريعة بمفهومها الصوفي فهي تفسير النصوص اعتمادا على أدوات أخرى مثل الإلهام  والكشف و الفيوضات الشيطانية ( حدثني قلبي عن ربّي)  فالدين لدى الصوفية لبّ و قشور، فالحقيقة هي اللب، والشريعة هي القشور. و لو اكتفى حسن البنا  بتعريف دعوته بكونها سلفـية لكفـتنا دلالة على وهن أمره، وغثاثة دعوته، لأن السلفية  ترى وجوب طاعة الإنقلابي الفاسق و الحاكم الوراثي، و لا تشترط لشرعية الحاكم  تحليه بالعلم و الورع !( و كأنها  بصدد انتداب زعيم مافيا وليس خليفة يطبق شرع الله!).. و لكن يبدو أن البنا قد جمع المساوئ من أطرافها: دروشة الصوفية، وخنوع السلفية، و ذلّ المصري و مسكنته.                                                                                        
(2)عاطفة زائفه  سرعان ما يتخلّى عنها  إذا تعلّق الأمر بالمساس بالمؤسسة العلمانية  لينقلب الى آلة قتل لا ترحم.                                                                              
(3) هل قدر أمتنا أن تحكم  وفق أمزجة فرد وحيد، فيضيع اسلامنا برمته كما ضاع بيت مقدسنا بعد إستفزازات و استدراجات  رسمتها السياسة اليهودية إعتمادا على  شخصية عبد الناصر الهوجاء و تقلباته النفسية؟!                        
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 48 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتـــّـش عن الإخوان ص 95

  اذن، وعلى خلاف الدعاية الأخوانية التي كادت ترفعه الى مصاف الأنبياء والصديقين، فقد تكاملت في حسن البنا كل صفات فقيه السلطان، وصاحب شرطته، فقد كان  يدعو اتباعه الى تلقي الصفعات ورد الإساءة بثمرة، كما كان يدعو في دروسه الى ضمان استتباب الأمن العلماني.لأجل ذلك كان مقربا من الملك، مدّاحا له بالباطل،  كما كان وصوليا من الدرجة الأولى، و براجماتيا لا توقفه النصوص القرآنية الزاجرة عن التحالف مع أعداء الإنسـان والشريعة والوطن. كما كان مسايرا لسقوط ملك مصر في مستنقع مظاهرة النصارى على المسلمين، مؤيدا له في قبول دستورهم العلماني و احتلالهم مصر، كما كان البنا يبحث عن اعتراف عالمي بالشكل الجديد للإسلام المعتدل الذي ابتدعه، لذلك سعى للتعريف بنفسه عن طريق إتصالاته بمجلس الأمن، لتهنئته  بيقظة ضميره العالمي! جاهلا أن أوان استخدام جماعته لم يحن بعد،  كما كان لا يدري ان جماعة الإخوان ستبقى على الرفّ الى حين ظهور حركات جهادية على ساحة العالم الإسلامي(ولو كانت سلفية عشوائية كتنظيم القاعدة) يحتاج معها الغرب الى تطعيم نظم الإرهاب العلماني الحاكم بثدييات إخوانية تخدم مصالحه و توحي للسذج بقرب الوصول" للحل الإسلامي".

كان الإمام الشهيد يربّي عبيدا :
     ضمن كتيّب من سلسلة "أعلامنا"(أعلام الإخوان!)، و تحت عنوان المرشد العام الثاني للإخوان المسلمين حسن الهضيبي، و في ص 29 ورد ما يلي:"  أما عن رأيه [ الهضيبي] في جمال عبد الناصر، فلم يكن يصرّح به لأنه كان رجلا عفّ اللّسان[!] و كان يحسب للغيبة ألف حساب" إهـــ[!] فأي خلط  فاحش في  مفاهيم الإسلام !؟ فالغيبة المنهيّ عنها شرعا ما كانت في حقّ المسلم العامي ّغير المجاهر بفسقه، أمّا من خلع جلباب الحياء فيجب ذكر فسقه  تحذيرا للمسلمين من  إستوداعه أمانة أو إقراضه مالا أو تزويجه. هذا بالنسبة  لعـوام الناس فكيف بحاكم علماني محارب للإسـلام و أهله؟! وهل هناك مسخ  لديـن الله و تلاعب بأخطر ما في عقيدة التوحيد( الكفر بالطاغوت) أكثر من هذا؟ و إلاّ، فمن أطلق لقب" أبى جهل" على الحكم بن هشام غيررسـول الله؟ ومن أطلق لقب" مسيلمة الكذاب" على مسيلمة مدّعي النبوّة غير رسول الله؟ و من أطلق لقب أبي عامر الفاسق على  أبي عامر غيره صلى الله عليه و سلم ؟! ألم يكن عليه السلام يحسب للغيبة حينها، ألف حساب، كمرشد الإخوان الذي انفق حياته سادنا للدستور العلماني؟!( لو كان  فهم الصحابة للإسلام كفهم زعماء الإخوان ذوي الورع البارد، لكانت حركة الردة التي أعقبت وفـاة الرسول كفـيلة بإقتلاع الإسلام من جذوره، وفي أحـسن الاحتمالات حبسه في حيّز ضيّق من جزيرة العرب، لتحرّج ابي بكر الصديق من إغتياب مسيلمة الكذاب و مانعي الزكاة،  فضلا عن عتابهم ! فاين حـزم رجال الله، من رخاوة  تلامـذة البنا الكافّـين السنتهم عن غيبة أبالسـة الإنس، و المتلقين الضربات بكل سرور عملا بقاعـدة  شيخهم الصوفي " 
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 49 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كونوا مع الناس كالشجر،  يرميها الناس بالحجر و ترميهم  بالثمر!"(1).

و أين التوصيات الإخوانية من دين خير البريّة الذي يأمر بردّ العدوان بعدوان مماثـل في القوّة  عملا بقوله عز وجلّ ( من إعتدى عليكم فأعتدوا عليه بمثل ما اعتـدى عليكم ) وقوله تعالى (و جزاء سيئة سيئة مثلها) أين ديـن الإخوان من دين  أثـنى فيه  الديّان على صفوةأتباعه بأنهم (إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) أي (إذا نالهم ظالم لم يستسيغوا ظلمه  كما ذكر القرطبي؟ ). 

كان "مجدّد" الخيبة يعيّن الكاهن الأعظم للدستور العلماني بنفسه!: 

    كان حسن البنا يعدّ من رجال القصر المقرّبين، الى درجة انه كان يستشار في أدقّ  شؤون الحكم،" فعندما و قع إختيار الملك على تولى إسماعيل صدقي الوزارة، بعث برسول إلى حسن البنا ليستشيره في أمر مجيء رئيس الوزراء الجديد، ولم يخب  ظن فاروق فقد سرّ المرشد العام من أنه أصبح يستشار في أمور السياسة العليا، و وافق موافقة تامّة على الإختيار "(الحصاد المر ّ109) كما أعفته تلك الملكية الصديقة  لقاء تلك العلاقة المحرّمة من  تبعات ما يدفعه الدعاة من تضييق و أذى، فالرجل كما يشهد التاريخ  لم يؤذ في حريته أبدا فلم يسجن و لم يعذب، بل لم يفصل من وظيفته العمومية التي يعاقب بها أبسط مسلم في وقتنا الراهن كل ذلك  لكونه " أداة نافعة بيد القصر"!                                                                                                    

كان "الإمام الشهيد" مدّاحا من الطراز الأول:

   إن نافق الشعراوي فقال في أنورالسادات انه لا يسأل عمّا يفعل، فليس ذلك بعجيب، فتلك سنّة من سبقه من علماء السلطان و مساخره، و لكن أن يصدر ذلك عن "الإمام الشهيد، معـرّي الباطل، والرافض للمساومة على حساب المبدأ" فتلك قاصمة الظهر.

    لقد كان  لحسن البنا معرّة السبق في مدح  الحاكم الجليّ الردّة،  بصيغة لو قيلت في عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعدّ قائلها آثما، بإعتبارأن الإسلام يأمر بحثّ الـتراب في وجوه المدّاحين، فما بالك و قد قيل ذلك المديح و بتلك الصيغة المبالغ فيها، في علماني كفر من جهتين، من جهة تعطيل شرع الله ، ثم من جهة تحالفه مع الأنكليزي المحتلّ؟!   

    كما كانت لحسن البنا أيضا، معرّة الرّيادة، في إعطاء الضوء الأخضرلأصحاب الكفر البواح من الحكّام، لخداع العوامّ بالمظاهر الشكليّة للإسلام، بإعتبار تلك القشور كافية للدلالة على إيمانهم،حتى طلع علينا من عتاة العلمانيين من سمّى نفسه بالرئيس المؤمن أو خادم الحرمين أوحامي الوطن والدين كما طلع عليناعبد الناصر، الذي كان يأمر باغتصاب الملتحين في معتقلاته، بتشييد مسجد سمّاه بإسمه، كما هي الموضة الشائعة في هذا الزمن 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قاعدة  حسن البنا، لا تمثّل فحسب الوجه الثاني للعملة المسيحيّة: من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدـك الأيسر، بل يعتبرالخنوع المسيحي اذا قورن بما طرحه البنا من قبيل سوء الأدب إزاء المعتدي الذي ينصرف وفق التصور المسيحي فارغ اليدين بعد فراغه من لطم أتباع البنا. دون أن يزوّد إخوانيا بما يكفي "من الثمر" للتقوّى  من جديد على العدوان!
  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 50 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتـّـش عن الإخوان ص 97

الإخواني  المثير للغثيان (1) .
  
كان"فضيلته" رائدا في  معرّة  التنصّل من أحكام النصوص القطعية الدلالة!:

    كما  فـتح حسن  البنا الباب واسعا لمن بعده،  للتنصل من صريح النـصوص و رميها وراء الظهر، لو وقفت أمام المصلحة الحزبيّة. حتى إني لم أفاجأ حين سمعت تصريح قيادي اخواني معروف اعلن فيه انه: " تاب من قال الله، قال الرسول"!(2) و إن كنت شخصيا  لم أستغرب قوله ذاك، بإعتبار قناعتي الرّاسخة بأنّ القيادي ألإخواني هو عبارة عن تجويف  يمكن أن يملأ  بأي مادّة مائعة أو صلبة، فلا شيء يحول بين قياديّ اخوانيّ و بين إعتناق أي نحلة فاسدة، أو القيام بأي دور قذر، لقاء مصلحة حزبية  تساق إليه، ما دام قد إنقطع عن وحي السّماء، وأنفصل عن التمسّك بالعروة الوثقى التي لا إنفصام لها، و ما دام بالخصوص قد أمن النقد و المساءلة ممن هم دونه، لغيـاب الأمر بالمعـروف والنهي عن المنكر بين صفوف الجماعة.          
                          
كان" فضيلته " رائدا في التطبيع مع الكافر!:
  
إن كراهية الكافر لكفره و إباحيته و تواجده على أرض الإسلام، كان عبرالقرون، مثار إستفزازالمسلم و إستثارته لقتاله بما يملك. لأجل ذلك لم تثبت الأرض الإسلامية تحت أقدام الصليبيين،  فلم تمكث أرض الاسلام و بيت مقدسنا في أيديهم طويلا . من أجل ذلك كلّه، قدّر لويس التاسع قائد آخر الحملات الصليبية، بأن لا أمل في تحقيق أهداف الصليبيين عبر الغزو المسلّح و هزيمة المسلمين بقوّة السلاح، لأنّ تحدّي المسلمين عسكريا من قبل أهل الصليب من شأنه أن يؤجّج حماستهم الدينية، و يرفع روح التحدّي  لديهم، و يدفع ببرّهـــم و فاجرهم  لطلب الموت في سبيل الله(رأينا كيف تفجر الفلسطينية المتبرجة نفسها). و لذلك رأي لويس التاسع  ضرورة  إستبدال حرب السيف و السنان بحرب الكلمة أي الغزو الثقافي أوغزو العقول الذي يكفل لهم تنازل المسلمين عن أرضـهم و مقدساتهم وحتى عن شرفهم الشخصي، خصوصا ذا أشرف على  تمرير ذلك الغزو الثقافي، من وثقت به الأمّة لــ" فتوحاته العسكرية " ( أتاتورك ) أو لمكانته الروحية ( حسن البنا) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في مدح  الملك فاروق، و تحت عنوان حامي المصحف، كتب حسن البنا في مجلة الإخوان:" أثناء رحلة الملـك للصعيد أخرج أحد المرافقين له فصّا أثريّا و قال أنه يجلب له الحظ والخير، و أخرج آخر مفـتاحا و أدّعى مثل هذه الدعوى، فما كان من فاروق إلاّ  أن أخرج مصحفا و قال إنّ هذا هو مفـتاح كلّ خير!"(الحصاد المرّ ص 20).                                                                                                          
( كان عبد الناصر أوّل من سنّ من العلمانيين بناء مسجد رئاسي لغرض دعائي بحت، ممّا جعل أحد الظرفاء يسميه المسجد الحرام  لأنه  شيد من مـال حرام!) .                     
(2) " و قد أعلن محفوظ النحناح زعيم حركة حمس( حركة مجتمع السلم) صراحة توبته من البعد الإسلامي لتوجه حركته في أحد اللقاءات الصحفية بقوله :" لقد تبت من قال الله قال الرسول"و أكّد أن حزبه ذو طابع جمهوري و تحّدى الحضور من الصحفيين بأن يكتشفوا أي إشارة في برنامج حزبه المعدّل لتطبيق الشريعة الإسلامية في الجزائر، كدليل على تنصّله من خلفيته الإسلامية السابقة .( محّرر" مجلة العصر"  في موقعها من الأنترنيت  بتاريخ 4 ماي 2002) .                                                                   
                                                                      
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 51 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فما كان لمهرّج  مثل جمال عبد الناصر أن يفرّط في بيت المقدس  بذلك الشكل السافر (1) لو كانت صحوة حسن البنا إسلامية الغاية و الوسيلة، و لم تكن افرازا مرضيا لخليط صوفي سلفي ديماغوجي مميت .                        
ان اخطرما حدث للمسلم بعد تغييب مفهوم شهادة التوحيد،  هو ازالة  الفروق بينه و بين الكافربجعل الفريقين يتساويان في الإعتقاد  في حاكمية البشر أوّلا. ثم  في تهميش مفهوم الحلال و الحرام من تصور الناس و سلوكهم ثانيا، فالحلال ما أحلّه القانون، والحرام ما حرّمه القانون، يستوى في الإمتـثال لذلك القانون،المـسلم و" الأخ" النصراني، فالدين لله والوطن للجميع، والرابطة الوطـنية فـوق إعتبارالعقيدة(2) وإطاعة رئيس الدولة لأنه ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) من المعلوم أن أول عمل قام به  عبد الناصر ( بعد نجاح  ثورته المشبوهة التي تمت تحت سمـع و بصر قوات  الإحتلال البريطاني و بمباركة ضمنية منها،  تسريح أعلى الكفاءات العسكرية  في الجيش المصري خوف منافسته على السلطة. كما أسند لما تبقى من الضباط مهاما مـدنية كرئاسة تحرير الصحف و نوادي كرة القدم ( المشير عامر الرجل الأول في  القوات المسلحة  كان رئيسا لنادي الأهلى او الزمالك عند سقوط القدس!)،  ثم إرساله الجيش المصري الى اليمن حيث هلك هناك عشرات الألوف، معطيا بذلك  فرصة  ذهبية للكيان اليهودي أن يقف على قدميه، ثم  إعلانه الحرب على إسرائيل من خلال حملة تهريجية تهديدية  كدّس لها على حدوده مع اليهود مئات الآلاف من المدنيين بجلابيبهم و دون تدريب و قد أكّد المراقبون العسكريون بأن جيش عبد الناصر الذي قاتل باليمن قبائل بدائية بالسلاح الأبيض، كان  يحتاج الى تدريب مدته خمس سنوات حتى يكون في مستوى مواجهة جيش اليهود الجيد التدريب.  ثمّ و أخيرا، إتفاقه مع الرئيس الأمريكي جونسن بأن يتلقى الجيش المصر ي الضـربة الأولى من جيش اليهود حتى تضمن مصر  لنفسها تعاطف و مساعدة دول العالم لها عسكريا حين يقوم بالردّ!، و لقد كان في حسبان عبد الناصر أن يخرج من تلك المسرحية  خروجه سنة 56 إثر العدوان الثلاثي، بطلا أسطوريا  كي تعبده الشعوب العربية  الغوغائية هاته المرة  على سنّ ورمح، و لكن الضربة الأولى كانت القاضية ( أنظر كتاب" قـتل مصر " لشفيق مقار فهو فريد في تناول هاته القضية إعتمادا على الوثائق و الأدلة). كلّ هذا و الرخويات الإخوانية  مستكينة تحت جناح عبد الناصر تستفظع مجرّد غيبته  بل و تعلن له "اسمع ياجمال إحنا بنصارحك، الديمقراطية لا بديل لها...و ان المرشد ـ حسن الهضيبي ـ قال لك بالحرف الواحد: يا جمال عندما تــشعر بضيق من الإخوان  أبلغني و أنا أسلّمك مفاتيح المركز العام و نقفلها حتى لا تقع فتنة! ( الحصاد المرّ ص 66)، و لو وقعت تلك "الفتنة" في مصر لأنشغل بها عبد الناصر عن  تقديم بيت المقدس لليهود على طبق من ذهب، بعد أن  اعطاها  مبرّر الدفاع الشرعيّ عن نفسها في مواجهة أصحاب الجلابيب. و قد اعترف أحمد حمروش رفيق عبد الناصر  في لقائه مع قناة الجزيرة ، بترحيب الكيان الصهيوني بنجاح ثورة يوليو 52،  كما كشف الصحفيّ الذي حاوره عن لقاء  دار بين ضابط يهودي و بين  النقيب جمـــال عبد الناصر أثناء حصار الفالوجة و تمنّى الأخير بأن يتقلّد ذلك الضابط اليهودي الذي تبادل معه العناق مهمّة سفير لبلده في مصر ( أنظر برنامج زيارة خاصّة في موقع قناة الجزيرة في الأنترنيت) كماوقف عبد الناصر مع  الهند الوثنية ضد باكستان  و مع هيلاسيلاسي في الحبشة ضد المسلمين و مع المطران مكاريوس في قبرص ضد الأتراك المسلمين و مع تيتو في يوغسلافيا ضد المسلمين.                                                                                                   
(2)".. وظهرت في هاته المرحلة بدعة منكرة فــقد أراد الدعاة أن يواجهوا المستعمـرين و العلمانيين بصف وطني موحّد، لا فرق بين مسلم و نصراني، و من هنا نستطيع أن نتفهّم ... لماذا حرص الشيخ حسن البنا على تعيين إثنين من الأقباط ـ النصارىـ  في مجلس الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين!) مجلة  السنة العدد 55  مارس 1996) فإذا علمنا أنّ" الإخوة الضاليّن" من  النصارى  كانوا على رأس الركب الإخواني في مهمّة " إرشاد" شباب الإخوان و شيبهم، بطل العجب و زال التـساؤل  عن سبـب ورود الإخوان =
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 52 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتش عن الإخوان ص 99

وطنيّ، تبرّرغضّ النظرعن علمانيته.والإنضواء تحت راية الدستور العلماني لكونه صياغة مصرية(1)، كفيل بإسكات صوت الضمير الديني المحتجّ على تجاوز صريح النصوص في وجوب الكفر بالطاغوت، وعدم مراعاة  صلة الرحم في ذلك، فضلا عن الرابطة الوطنية.                      

و كان "بورك فيه" يقر بشرعية  الإحتلال البريطاني لمصر!:

كان البنا يرى ضرورة الإلتزام بمعاهدة 1936 معطيا للأنجليز وجودا  شرعيا  بمصر!(2)
حول اعتراف البنا بمعاهدة الاحتلال البريطاني  كتب الظواهري:"و تعجب من أن شعارهم الجهاد سبيلنا، فتسألهم جهاد من؟ قالوا نحن لا نكفّر الحكام وإنمـا الجهاد ضدّ الأنكليز، إذا فلماذا كان البنا يرى الإلتزام بـمعاهدة 1936؟ و لماذا إستنكر إلقاء الشباب القنابل على الخمارات.. و لماذا رفض حسن الهضيبي أي مشاركة رسمية للإخوان في الأعمال الفدائية ضدّ الأنكليز في منطقة القناة عام 1951(الحصاد المرّ 46). كما ورد في ص 88 من الكتاب المذكور:" و يتضح ممّا سبق أن حسن البنا ـــ  وعن عمد ـــ كان عونا كبيرا على الإستقرار الداخلي في مصر أثناء الحرب العالمية الثانية، حتى تمكن الأنكليز من الإنتصار  فأين هذا الموقف من دعوى أن التنظيم الخاص كان هدفه  جهاد الأنكليز؟ وأين هذا من كلام حامد أبو النصر أن الجهاد يكون ضدّ العدوّ الأجنبي ؟" ( نفس المصدر) يفهم من هذا كلّه أن الجهاد الإخواني يكون ضد عدوّ خارجي و بتأييد من أولياء الأمور، كجهادهم في فلسطين أوجهادهم في القناة عام51 الذي أخذ صفة المبادرة الفـردية" الطائشة" لا التأييد الرسميّ للجماعة. وهاكم ما ذكره التلمساني ــ في معرض الفخرــ عن" فضل الجماعة " في إستتباب أمن الأنكليز أثناء إنشغالهم في خوض الحرب العالمية الثانية" يقول التلمساني:" لما قامت الحرب العالمية الثانية عام 1939 والإخوان على قوتهم،  كان من الممكن أن يسبّبوا الكثير من المتاعب للحلفاء، لكن الإمام الشهيد حسن البـنا أصدر أوامره الي كلّ الشعب و المناطق أن تلتزم جانب الهدوء و أن تتفرغ لنشر الدعوة وأن تعطـيها كلّ إهتماماتها و جهدها بعيدا عن الإستثارة حتى إنــتصر الحلفاء. و كان موقــف هذه المنطقـة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=  مطبّات التهلكة و وديان الخسران و ساحات المذلّة و  الهوان، فقد خاب من كانت العميان تهديه. و الضالون يرشدونه. و قديما قيل: إذا كان الغراب دليل قوم / يمرّ بهم على جيف الكلاب!( يا حبّذا لو إستعان حسن  البنا بــشويّة مغضوب عليهم  من الإخوة اليهود  هذا ان لم يكن فعلها ـ حتى تأخذ رحلة التيه التى بدأها كلّ حظوظ التخبّط و الضياع و عدم الرجعة. ملاحظة هامّة: مكتب أو مجلس الإرشاد،كما تعرّفه دائرة سفير للمعارف الإسلامية ، [ذات الإتجاه الإخواني] في مجلدها  9ـ10 ص 711:" هو الهيئة العليا للإخـوان و المشرف على سير الدعوة ، و الموجّه لسياستها و إدارتها " إهــ.
(1) " أعلن صالح عشماوي رغم إعترافه بأن الدستور ثوب أجنبيّ، فإن الجماعة لا  تنكر الإحترام الواجب له، بإعتباره نظام الحكم المقرّر في مصر، و لا تحاول الطعن عليه و إثارة الناس ضدّه و حضّهم على كراهيته"  فأين البراءة الواجبة من الكافرين و كفرهم من هذا الكلام؟!؟( الحصاد المرّ   ص 36).                                               
(2) لم يعجب القارئ مما فعل البنا، وقد اعترفت حماس الإخوانية بمعاهدات أوسلو في أواسط التسعينات، التي تعترف فيها منظمة عرفات بشرعية إحتلال اليهود فلسطين و إقرارها على البقاء هناك الى الأبد، كما ساهم إخوان العراق و أفغانستان في حكومات شكلها المحتل لتكون رأس حربة له!؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  53 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ    

التي تعجّ بالإخوان المسلمين في كلّ مكان سببا من أسباب إنتصارهم ولكنهم جازوا الإمام الشهيد جزاء سنمار؟" (الحصاد المر ص 88)( من أعان ظالما سلطه الله عليه). 
هكذا كان الإخوان( قديما و حديثا) في  ركب السلطان، و الإخوان هم الإخوان، في كل زمان و مكان عربا كانوا اوعجما، يبدون من أنواع الخضوع والتأييد، ما يحسدهم عليه العبيد، ( حدث في المدة الأخيرة و تحت قبة البرلمان الباكستاني أن سحب كافة الأعضاء العلمانيين ثقتهم فــي الحاكم العسكري برويز مشرّف( الذي سمح لأمريكا بضرب الأفغان انطلاقا من الأراضي الباكستانية و الذي حنث بعهد تخليه على السلطة و الرجوع الى  ثكنته  بعد مدة  أتفق عليها) و لم يثبت على مبايعته غير الثدييات الإخوانية مما جعلهم هدفا لتندر العلمانيين بكلّ أطيافهم، وتساؤلهم عن معني حملهم شعار المعارضة ما دامت الحكومة تستخدمهم كأوراق تواليت؟!

و كان" فضيلته"  يقرّ الظلم على مستوى المعمورة!:

" كان البنا وصوليا باتم ما في الكلمة من معنى، فمصلحة حزبه كانت فوق كل اعتبار، فهو لا يتورع عن التدنس بأكاذيب الساسة و قلبهم للحقائق، ففي رسالة منه الى مجلس الأمن  خطّ البنا شهادة زور كتب فيها:" و أنتهز الفرصة  فأؤكد لأعضــــاء المجلس و الهيئة أنّ شعب وادي النيل عظيم الأمل في لجوء الأمم والشعوب إليها وتتضاعف ثقتهم بمبادئ العدالة العالمية و يقظة الضمير العالمي..." إهــ!" و هل الأمم المتحدة إلا طاغوت صنعه المنتصرون في الحرب العالمية الثانية ليسبغوا به الشرعية الدولية على إجرامهم "(الحصاد المرّ ص 103 ــ 104).؟!فأيـن كان ذلك الضمير العالميّ وملايين المسلمين يقتلون في الجزائر وغيرها، في لحظة توجّه البنا بخطابه التعيس الي مجلس الرّعب  العالميّ؟!                                                                     

     ففي نهاية المطاف، فإن حسن البنا لا يختلف في كثرة الألقاب و فراغ الوطاب، عن مشائخ الصوفية الذين حفلت الكتب الصفراء  بترجماتهم التي غالبا ما تنتهي  بعد طول مديحهم و  تعداد كراماتهم، على هذا المنوال:" و كان رضي الله عنه يشرب الخمر... و كان رضي الله عنه لا يصلي!...  و كان رضي الله عنه اذا رأى امرأة أو غلاما راودهما عن نفسها ... و كان رضي الله عنه يخطب الجمعة عاريا"! و يبقى على المزورين انتظار قارعة تصيبهم جزاء تزويرهم وخداعهم المسلمين و جعلهم يعقدون الآمال على الجثث المحنطة التي شبعت موتا (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) .    
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 54 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتـّش عن الإخوان 101

فصل 
حسن البنا وكمال أتاتـورك(1) مقـارنة بين أداتين

      قد يفـزع البعض لهاته المقارنة التي قد تبدو وقحة بين حسن البنا و مصطفى كمال أتـاتورك، بإعتبار ما علم من عداوة أتـاتورك للإسلام، مقارنة بما علم و أشتهر مـن سعي الفلتة الفقيد، والإمام الشهيد  لنصرة الإسلام و تجديده. و لكن ما دامت الحصيلة المأساوية التي تمّت على أيدي الرجلـين واحدة، فسواء لـدى أي مراقب للتأثير الوبائيّ للرجلـين على
مسار أمتنا، أكانت نيّة أتاتورك في قذف الصخرة صوب رأس"الرجل المريض"هي الإجهاز عليه، أو كانت نيّة البنا في قذف تلك الصخرة على الرجل الذي ازداد مرضا هي عين نيّة الدبّ الذي قتل صاحبه وهو ينوي إبعاد ذبابة حطت على رأسه وقت نومه، فالحصيلة واحدة وهي الهلاك المحقق. فسواء لديّ،أكان ذابحي يلعنني وهو يجهز علي، أو كان يستغفر لي، فإن النتيجة أيضا واحدة. فليخجل أحدنا من نفسه لو أصر على التمسّك بعاطفيته أثناء تناول تاريخ رجل كحسن البنا، كتب تاريخ أمة ومازال يؤثر بفكره الوبائي في لزومها الحضيض، و ليكفّ عن الإحتجاج بضرورة "احترام ذكرى رجل بذل حياته في سبيل فكرته" فعجلة التاريخ لا تبالي بالعواطف، كما لا تقدّمها أو تـؤخّرها النوايا الطيبة و
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) الذئب الأغبر مصطفى كمال أتاتورك ـــ 1881/1938ــ (أتاتورك: أبو الأتراك: سمّي كذلك لأنه كان مجهول النسب و قيل كان من يهود الدونمة، و لا يصّح أن ينسب شرفاء تركيا اليه فلهم دينه ولأتاتورك دينه) هو أول رئيس جمهورية لتركيا العلمانية، ألغى نظام  الخلافة الإسلامية  سنة 1924 منهيا حكم الأسرة العثمانية ( لا تستحق تسميتها بالخلافة  نظرا لتناقض كلمة خلافة مع الحكم الوراثي، فالإسلام لا يقر غير الشورى وسيلة  لإختيار خليفة المسلمين) و قد أطلق الغرب على العثمانيين .تسمية الرجل المريض نظرا لطول بقاء العثمانيين  في حالة احتضار رغم عوامل الفناء المحيطة بهم، و قد بلغ من ضعفهم المبكّر أنهم لم يحرّكوا ساكنـا  عام 1830 و فرنسا تحتلّ الجزائر، و من قبلها بسنوات موريطانـيا و من قبلها غزو نابليون لمصر في أواخر القرن الثامن عشر...  وقد بدت نذر الشرّ لإكتمال مأساتنا المعاصرة تطلّ برأسها في أوج قوّة العثمانيين، حيث كسر السلطان سليمان القانـوني(1520/1566) الحاجز النفسي الرافض لشريعة غير شريعة الإسلام ، حين " بدأ عملية إدخال القوانين الأروبية لتحكم بها المحاكم في الدول الإسلامية فيما جدّ من الأمور التي لم  يتناولها الفقهاء القدامى، وكان بابا  عظيما من الشرّ قد فتح حينئذ، فقد كان الإنحراف خطيرا من وجهين الوجه الأول أنه أحدث مبدأ خطير في ذاته و هو مبدأ الإستمداد من فكر غير إسلامي. والوجه الثاني انه أحدث وهما في نفوس الناس مؤدّاه أنّ الشريعة صالحة للتطبيق فيما بقي على حاله في أمور الحياة لم يتغيّر منذ نزول الشريعة، أمّا ما جدّ  من الأمور فإن الشريعة لا تصلح لمواجهته و توجيهه"(محمد قطب واقعنا المعاصر ص 161).
   ولئن تركنا السطحية والتبسيط  جانبا  في قراءة مأساتنا، فإن سقوط الخلافة  قد  تمّ بالفعل سنة 980 ميلادية أو 60 هجرية تاريخ إستبدال الشورى الإسلامية بالملكية القيصريّة، وهو التاريخ الفعلي الذي تمّ  فيه تحويل  مسار أمتنا نحو اتجاه معاكس  لما أريد لها من تحرير الأمم غير الاسلامية ــ  فضلا عن تحرير المسلمـين التي عـــــدّ الاسلام حريتهم و كرامتهم و رفاهيتهم من تحصيل الحاصل. و لقد أسلمتنا تلك الملكيات الوراثية الي الإحتلال النصراني و منه الى علمانية النظـم العسكرية  التي أضاعت البلاد وأذلت العبـاد.                                                                                                        
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 55 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المقاصد الحسنة. فنيّة حسن البنا إن صلحت فـتلك مسالة شخصية لا تعني غيره، فمصير البنا عـند الله لن يضير أمتنا، في حين  يضيرها ما تكابده و ما سيستقبلها من شقاء و هوان على حكامها و على أمم الأرض، بسبب ما أقترفه" الرجل القرآني" من عدم مراعاته كتاب الله المقروء في كيفية التعامل مع أعداء الرسالات السماوية، وعدم مراعاته سنة الرسول في مواجهته لأكابر مجرميّ زمانه، و عدم مراعاته كتاب الله المنظور ــ أي سننه الكونيةــ في حتميّة المشاركة الإيجابية في الصراع المسلّح الذي خاضه الأنبياء(وهم  أشرف خلق الله و أكثرهم رحمة بالناس) لنصرة الحق، ذلك الصراع  الدامي الذي هو أغنى ما يكون عن إستحضار الميوعة الإخوانية وورعها البارد لخوضه، كي يكون مهرا  لنيل  الحقوق و فرض الإرادة ونصرة العقائد، وتحرير البشرية واسعادها( أثبتت دراسة اكاديمية                                                                                                      حديثة ان البشرية قد تمتعت بسنة سلام واحدة  مقابل 14 سنة حرب  خلال الألفيات الأربع السالفة  من تاريخها!).

   إذا كان أتاتورك قد أستخدم من قبل الغرب كأداة قهريّة لعلمنة تركيا بعد تقويض مؤسسة الخلافة، فإن حسن البنا قدّ أدّى نفس الدوّر للغرب الصليبي لكن بسهولة و رفق، وسط  صيحات الإكبار و الإعجاب و التقدير .
   
واذا  كان أتاتورك قد  أدخل العلمانية الى تركيا وهو" يلعن" الخلافة و الثقافة الإسلامية  فان حسن البنّا قد وطّد أركان العلمانية في مصر وهو" يعلن"الخلافة.( التي عرضها على الفاروق العظيم و كاد يقنعه بها) و ينادي بإحياء الثقافة الإسلامية.
  
واذا كان أتاتورك قد أدخل  العلمانية الى تركيا  سافرة  وعارية الفخذين و على رأسها برنيطة، فان حسن البنا  أدخل نفس العلمانية الي برّ مصر، وعلى كتفيها العباءة العربية وعلى رأسها العمامة الصوفية الخضراء .                              

    اذا كانت  علمانية أتاتورك في حرمتها عبارة عن وجبة مكونة من لحم خنزير ذكر عليه
 اسم الله، فأن علمانية حسن البنا في حرمتها كانت عبارة عن وجبة مكوّنة من لحم حلال ذكر عليها غير إسم الله .
   
   لقد حقـّق حسن البنا للغرب الصليبيّ ما عجز عن تحقيقه خلال حروبه الصليبيّة مجتمعة لقد حقق له إحـتلال الأرواح و العـقول، حين نجح  بتليسه على المسلمين واقناعهم بان الدستورالعلماني هو شريعتنا بدّل إسمها! وأن المضمون واحد و الغاية واحدة و هي تحقيق العدالة ولا عبرة في إختلاف المصطلحات. أمّا  لو كان المشرّع في الديمقراطية هـم البشر، و في شـريعة الإسلام هو الله تـعالى، فمسألة شكلية لا تفسد للودّ قضية ! المهمّ أن تتحقّق المسـاواة والعدالة الإجتماعية التي هي غاية الرسالات السماوية!( حتى تلك العدالة لم تتحقق، فالمصري يعدّ أشقى وأتعس وأذلّ و أفقر و أهون على حكامه من أي مواطن على وجه الأرض).
    كما حقق حسن البنا للغرب، ما لم تبلغه أشد أمانيّ أساطينه إغراقا في الخيال، وهو إكساب احتلاله بلاد المسلمين شرعية إسلامية، سارت عليها جماعة الإخوان المسلمين الذين رأيناها في العراق و افغانستان و تركيا و فلسطين  تتعاون مع المحتلّ وتتولى أعلى المراكز في سلطة الإحتلال(حصل أخيرا إنتخاب الإخواني العراقي حاجم الحسني ــ الحزب  الإسلامي ــ كرئيس لمجلس النواب العراقي، ومن قبله الإخواني محسن عبد الحميد، ومن 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 56 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتـــّــش عن الإخوان ص 103

قبله طارق الهاشمي الذي عينه الحاكم العسكري بول بريمر في خطة رئيس اركان الجيش العراقي العامل تحت الإحتلال! قبل أن يصير نائبا لرئيس العراق المحتلة، كما شاهدنا انتخاب إخوان أفغانستان كوزراء ثم أخيرا كرؤساء دولة محتملين في ظل الإحتلال الأمريكي هناك( كان المرشح الثاني الذي خاض انتخابات الرئاسة هو الإخواني محمد يونس قانوني)...حتى غدت فراخ حسن البنا الـمهازيل هي الأحصـنة الرابحة التي تراهن عليها الإدارة الأمريكية وتــسعى لفرضها في الساحة و لو بالقوة العسكرية، كبديل ــ  أو كشريك ــ للإنظمة العسكرية الخرقاء (1) .

   و لقد ترجمت الإدارة الأمريكية استنتاجات نوح فيلدمان( الهامش) في ضرورة اتقاء الغرب بالإخوان لحرب أي خط جهادي جادّ يبرز على الساحة الإسلامية و الدعاية ضدّه ،الى تحركات على الأرض حيث"اشارت مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في أعقاب زيارتها الأخيرة الى مصر،أنها ترحب بمشاركة الإخوان المسلمين وترى ضرورة الحوار معهم، وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس قد أشارت في تصريحات صحفية مؤخرا الى أن المخاوف التي تطرحها الأنظمة من التيّارات الإسلامية لا يجب أن تعوق عملية الإصلاح، وهذا أمر إعتبرته الدوائر المعنيّة بمثابة ضوء اخضر للحوار مع هذا التيار في العالم العربي و الإسلامي"( صحيفة الأسبوع العربي العدد 419 بتاريخ 24 صفر 1426من مقال بعنوان: واشنطن تعد لسيناريو الفوضى في مصر: كوندليزا رايس تفتح الطريق امام الإخوان!).( يحق لمرشد اخوان مصر أن ينشد لأتباعه: ماما زمنها جايّة! و يا حبذا تعيين القيادي عصام العريان بدله ليكون بغل المرحلة بعد ان فقد الأخوان كل ما يستر عوراتهم!).
   
    وهكذا ستشهد حكومات العالم الإسـلامي حكاما ملتحين يطاردون الموحدين و يمنعون الحجاب ويفصلون كل ملتزم بشعائر الإسلام من الوظائف العمومية(فعلها اربكان واردغان في تركيا) و يكافحون" العنف"(الجهاد) حتى في فلسطين، من أجل إرضاء العمّ سام، كما  ستشهد دول العالم الغربي تنافسا بينها لتقرير من يذهب منها بالمومس الإخوانية الذلول، لـتمتيعه دون غيره، و تسلميه دون سواه مفاتيح بلادنا كي يعمّق  احتلالها ثقافيا، ويجعلها نهبا  لشركاته المتعددة للجنسيات.
 فأفّ لكم،  يا قادة الإخوان و لما تعبدون من دون الله . أفلا تعقلون؟                     
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  يصف نوح فيلدمان (اكاديمي يهودي  كلفته الإدارة الأمريكية بإعداد مسودة الدستور لعراق ما بعد صدام حسين) كل الإسلاميين الذين يؤمنون باللعبة الديمقراطية بالإسلاميين الديمقراطيين وبالنتيجة يطالب الولايات المتحدة الأمريكية بأن تدفع بخيار الإسلاميين المعتدلين، و أن تسمح للأحزاب السياسية الإسلامية بان تـخوض انتخابات حرّة  بل و يدعو الى فرض الديمـقراطية و لو كانت الديمقراطية الإسلامية كما يسمّيها و لو بالقوّة العسكرية! بعدما قرّر في تقرير كتبه ما نصّه: ينبغي على الحكومات الأمريكية أن تدفع بخيار الإسلامييـن المعتدلين، وأن تسمح للأحزاب السياسية الإسلامية أن تخوض انتخابات حرّة تستحقّ تجربة الديمقراطية الإسلامية أن تعطى فرصة. و في الحقيقة فإن الإسلاميين الديمقراطيين هم أفضل أمل في مستقبل العالم الإسلامي و هم يستحقون إعجابنا و دعمنا! (جريدة الشعب بتاريخ 5/9/2004 من مقال لمنتصر حمادة بعنوان" درس نوح فريدمان للأنظمة الحاكمة في التعاطى مع الإسلاميين:إسلام لا يتعارض مع الديمقراطية، و اسلاميون لا يعارضون المصالح الأمريكية).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 57 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


فصل    
   حسن البنا في الميزان

  لمّا كانت شهادة لا اله الا الله  تمثل شعار معارضة  و تمرّد على الطغيان، أمـكن تجزئتها 
الى خمس مراحل اعتقادية و سلوكية: التشخيص و الوصف ــ الإعتزال ــ العداوة ــ البغضاء ـــ المواجهة.  

التشخيص و الوصف:

  كانت مهمّة الأنبياء و المصلحين تسمية من جحد ألوهية الله تعالى بإسمه( يا أيها الكافرون) دون تردّد، نظرا  الى خطورة الغفلة عن تلك الخطوة  بإعتبارها ضرورة لا تتم المفاصلة الإيمانية بدونها، فكما أنّ من واجب الطبيب إخبار من ساكن مريض الطاعون  بحقيقة المرض و خطورته، لأهميّة ما يتطلّبه ذلك من إتّخاذ  مسافة أمان لا تستمرّ  عافية الأصحّاء و حياتهم  بدونها، كان على النبي والمصلح تسمية الأشياء بمسمياتها و نعت الكافرين لأتباعهم حتى يجنّبوهم  فتنة إتباعهم، أو حتى الركون القلبي إليهم(ولا تركنوا الي الذين ظلموا فتمسكم النار).
  مـا قام به  حسن البنا، هو تسمية الموبوء بسيّد الأصحّاء و ملك العافية ،لا لشيء إلاّ  لأن  ذلك الموبوء قد أمسك بيديه وصفة دواء ناجح ! فيكفي أن يخرج الملك الكفور فاروق  مصحفا من جيبه، كي يضفي  عليه مرشد الإخوان،  ليس فقط صفة المؤمن العادي، بل ليجعله حامي المصحف و" الفاروق العظيم " (1)، كما كان يكفي أن يتصّدر الدستور الكفري بند ينصّ على أنّ  الإسلام هو دين الدولة الرسميّ لتسمية تلك الدولة إسلامية!   

الإعتزال : 

   يعدّ إعتزال المجرمين  من أعظم سنن  المرسلين، نظرا لإختلاف وجهة هؤلاء مع أهل الإيمان، فالكفـر و الإسلام  قطبان متباعدان و نقطتان متنافرتان،  بقدر ما تقترب من  الأولى تبتعد عن الثانية.هذا بالإضافة إلى أنّ الإسلام لا يراهن أبدا على التغيير الداخلي عبر ما يسميه الإخوان  بالقنوات الحكومية،  كما انه لا يعتمد على الإنقلابات، بل يعمل في وضح النهار، و بإستعلاء  إيماني يربأ  به أن يداهن أو يلجأ إلى الـتقيّة.
 ما فعله البنا هو الإمـتزاج بمؤسسة الكفر و معانقتها، الى حدّ أعطي فيه صلاحية إخـتيار الكاهن الأول والحبرالأعظم الموكّل  بخدمة هيكل الطاغوت(رئيس الحكومة) كما رأينا ! 

العداوة  : 
  
عداوة الطاغوت بديهة إسلامية لا يحتاج إثباتها لكبير جهد، فأن تحبّ أعداء وطنك، أكــبر
دليل على فقدانك للوطنية. و أن تحبّ أعداء حبيبك الذين يتآمرون على حياته، أكـبر حجة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  لا شكّ أنّ  تلك التسمية الطريفة قد أثارت قرف حاشـية فاروق خاصّة، و العلمانيين عامّة، بإعتبار أن "حامي المصحف" كان عبارة عن آلة جنسيّة رهيبة تستهدف كلّ  أنثى ذات روح تتحرك في مجال رؤيته الملكية! 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 58 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص 105

على كذب إدّعائك صدق ذلك الحبّ. و أن تحبّ  أعداء دينك المجاهرين، أكبر دليل على هوان ذلك الدين عليك! (1) لأجل ذلك  لم يكن الـتمسك بالشعائر الظاهرة هو مؤشر تدين فرد ما، بل كان كفره  بالطاغوت ثم مواجهته( وفي أضعف الأحوال لعنه و التشنيع عليه و تمني زواله) هو الفيصل بين كفره و ايمانه(2). قال الوفا بن عقيل " إذا أردت ان تعلم محلّ الإسلام من أهل الزمان، فلا تـنظر إلى إزدحامهم  في أبواب الجوامع، و لا ضجيجهـم في الموقـف  بلبيك، و إنما أنظر إلى مواطأتهم اعداء الشريعة " .
  وليس أدلّ على تقدير و توقير حسن البنا لأعداء الشرع الحكيم،  من تصريحه  بأنه من جنود فاروق! ثم  تكفيره  من عبّر  بيده عن عداوة  فاروق، لتكون أوثق عرى الأيمان في دين البنا ليس الحب في الله أو البغض في الله، بل  الحبّ في  فاروق و البغض في فاروق.

البغضاء :
 البغضاء هي الكراهية القلبية لأعداء الله" وإن كانت البغضاء متعلقة بالقلب فإنها لا تنفع حتى تظهر آثارها" و لعلّ أوضح آثارها العكسيّة، مسيرة حسن البنا نحو قصر فاروق للتعبير له عن الحب العميق!(3) ( وقد تتابعت  تصريحات زعماء  الإخوان عن حبهم وولههم بقادة الإرهاب العلماني، تأسيا بشيخهم المقبور) .

المواجهة : 
   تعد المواجهة قدرا لا مهرب منه  لكلا الفريقين، فأهل الكفر يرون في تجمّع المؤمنين نذير فناء مؤكد  يجب مواجهته بكل وسيلة، والمؤمنون يعتقدون إستحالة عبـادة الله بغيــــر
الإطاحة  بمؤسسة الكفر، و على الأقل  تجريدها من مخالبها. فتجنّب حتمية الصدام  غير وارد في ذلك الصراع على البقاء ،الا في ذهنية شابّ صوفيّ سلفيّ مصريّ غلبان مثل حسن ألبنا،  أو في حسبان رهبان البراهمة. فالإستئصال صفة لازمة لمعسكري الحق و الباطل، بذلك  قضت السنن الإلهية، و إن أراد الإخوان عكس تلك السنن بعد أن شاب الدّهر على جلبة المعارك و صليل السيوف  لتحديد الجواب عن السؤال التقليدي: لمن السلطة ؟                                            
    لقد استبدل البنا المواجهة الدامية التي لم يسقطها خير البرية من حسابه، بالمصالحة ثم الرضى بقوامة الملكية الفاسدة عليه، بـما أنفقت على جماعته من أموالها! بعدما أكتشف القصر(ومن قبله بريطانيا و كما ستكتشف أمريكا و اسرائيل فيما بعد) أن جماعة  الإخوان المسلمين " أداة مفيدة "(4)!
نتيجة التقييم صفر من خمسة!
ــــــــــــــــــــــــــــ 
(1) يقول الشاعر: إذا صافى صديقك من تعادي / فقد عاداك و أنقطع الكلام .
(2) الصحابة كانوا سادة المؤمنين وهو لا يؤدون أي شعيرة ..لا صلاة و لا صوم و لا زكاة بل كانوا يعبّرون عن ايمانهم بشهادة لا اله الا الله إي بكفرهم بالطاغوت.  
(3)" و بإعادة إصدار صحيفة الإخوان في 29 أغسطس 42، تصدّر الغلاف صورة فاروق و في يده المسبحة و ذهب وفد برئاسة حسن البنا  إلى قصر عابدين لرفع هذا العدد : إلى صاحب الجلالة الملك المحبوب أيّده الله "( الحصاد المرّ) .                                                  
(4)  التعبير للسفير البريطاني في اربعينات القرن الماضي، و قد عبر عنه مأمون الهضيبي مرشد الإخوان بقلة حياء منقطعة النظير حين صرّح " أن وجود الجماعة يمثل مصلحة للحكومة لأنها تلجأ الينا كثيرا لضبط التيار المتطرف"( انظر الحصاد المر ص 58).                                  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 59 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فصل
  هل جاء حسن البنا على قدر،  أم كان صنيعة بريطانية ؟

  لا شكّ أن تلقّي دستور 23  بمباركة " إسلامية" ليحكم أمة الإسلام بدل شريعة الرحمن هي رابع أكبر جريمة دهت أمة الإسلام، بعد انقلاب معاوية على الشورى  في إختيارالحكام . ثم بعد إرساء الفكر الإرجائي الذي أجّل محاكمة أصحاب الجرائم التجاوزات من الحكام إلى يوم القيامة( بإعتبار أن الله وحده هو المخوّل للحكم على ما يفعلون و محاسبتهم على ما يقترفون وما يعلنون من صريح الكفر). ثم بعد الجريمة الثالثة التي هي قيام  السلطان العثماني سليم القانوني بإستيراد قوانين غربية وان لم تخالف الاسلام فانها فتحت بابا للشكّ في قدرة ديننا على النهوض والقيام بنفسه.                       

  فأن تحتلّ أراضينا، و يستباح حمانا، و يقتّل رجالنا، فتلك  سنة الهية في تقليب الأيام بين الناس هبوطا و صعودا، سنة لم تدّخر أي أمة من الأمم مهما علا شأنها( وتلك الأيام نداولها بين الناس)، ولكن أن نفتح قلوبنا للمحتلّ من خلال التبنّى الطوعيّ لثقافته، والتقمّص المخزي لشخصيته، وإلإعتناق الإختياري لتشريعات سنها وفق تصورات إباحيته ووثنيته،  بما يطمس هويّتنا الإسلامية ، و ينتهك خصوصيتنا  العربية (1) ...أن يحدث ذلك التنازل المخزي باسم العروبة فذلك عارالدهر،أمّا أن يحدث ذلك بإسم الإسلام المهيمن، الذي سفّه أصحاب كلّ والملل وسلب منهم أحقيّة حكم أنفسهم فضلا عن حكم غيرهم، ومنعهم من إقامة كيانات مستقلة عن نظام الإسلام العالمي وإكتـفى بجعلهم هامشا في شكل تجمّعات دينيّة ونوادي ثقافية منزوعة السلاح، تعيش تابعة سياسيا (وان كانت مكرمة على جميع المستويات) تحت جناح نظامه القويّ (2) بما علم الله تعالى منهم من ظلـم وعدوان وأثرة إن إستقلّوا بحكم أنفسهم، وقامت لهم دول وكيانات مستقلة( والكافرون هم الظالمون) البقرة 254(3). أن يحدث ذلك التنازل المشين باسم دين رب العالمين فتلك هي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الخصوصية العربية التي أبت حتى و هي في أوج جاهليتها الأولى أن  تتنازل عن  قيم الشرف و الحرية المتمثلة في رفض التبعية السياسية لــ" دين ملوك " بني جلدتهم( انظر قول الشاعر العربي في معرض المدح لبني رياح الذين أبوا أن يحكمهم في جاهليتهم دين أيّ ملك ــ أي نظامه ـــ :   لعمر أبيك و الأنباء تنمى / لنعم الحيّ في الجلّى رياح / أبوا دين الملوك فهم لقاح/ إذا نودوا  الى الحرب أشاحوا).فما بالك اذا كان ذلك التنازل و تلك التبعية لنصراني ديوث جاء من وراء البحار لينتهك خصوصيتنا الثقافية و ويستبيح اعراضنا ، و يصادر حرّياتنا،  و يحتكر مقدّراتنا،  و يعاملنا معاملة القصّر؟!
(2) يؤخذ ذلك من قوله تعالى:(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة و يكون الدين كله لله)، فالدين هنا معناه الحكم و النظام، وإلإّ فإن الدين بمعنى العقيدة لا إكراه  في إعتناقه ، قال الله تعالى (لا إكراه في الدين) ويفهم ذلك من قول الرسول" الناس تبع لنا" لأجل ذلك انطلق صحابته في أرجــاء المعمورة يفتحون الدول القاصية و يعصفون بالدكتاتوريات القائمة لتحقيق مراد الله و رسوله في إرساء النظام العالمي الإسلاميّ، حتى أبتلينا بمعاوية الذي حوّل الصّراع الى الدّاخل و صرف جهود المسلمين الي قمع المعارضين لسياسته الكسروية الجائرة، حتى جرت علينا السّنن الإلهية في إهلاك الظلمة و المفسدين  فإجتاح النصارى ديارنا  وعربدوا في عرصاتنا و ملكوا رقابنا و سامونا الخسف، و ما ربّك بظلاّم للعبيد .                                      
(3) جعل الله  للمسلمين القوامة علي سائر الأمم   كما جعل  القوامة للرجال على النساء ... و إلاّ  كيف يسمح الله بالسيادة والقوامة لقوم يزوجون الذكر بالذكر، و يعطون  اللوطي حق تبني الأطفال الأبرياء و يتركون مائة الف نفس بشرية تهلك جوعا يوميا في حين يرمون القمح في البحر؟!  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 60 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ حمادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فــتّـش عن الإخوان ص 107

المصيبة العظمى، والطامة الكبرى، فعلى قادة الإخوان تعديل سلوكهم أو حذف اسم "المسلمين" من  إسم جماعتهم (1) لأن تعليق تواطئهم على شماعة الإسلام، من شأنه فتنة الناس، وهز ثقة ابناء المسلمين بشخصية نبّيهم و بدين الإسلام عموما .                                              
   
و لئن حمــّلت حسن البنا دون سواه مسـئولية  اقرار شرعية دستور 23 و تأييد القائمين عليه، ثم اقرارالإحتلال الأنكليزي لمصر، فلأنه كان( نظريا على الأقل)، يمثل الحاجز الأول الذي كان ينتظر منه الصمود في وجه مؤامرة فرض الدستورالسيء الذكر، فلا الملك الفاسد فاروق، ولارؤساء الأحزاب العلمانية، ولا شيوخ الأزهر الدائرين في فلك السلطة، كان يتوقع منهم رفـض مشروع المسخ البريطاني لشخصية الأمة وعقيدتها. لم يبق سوى " مجدّد القرن".. ( الذي تبين انه مجرّد مجدّد أحزان وقروح، لا غير).                                                                 

  لقد جاءت بدعة البنا  ــ شأنها  شأن كلّ بدعة ــ على غير مثال سابق من نواح ثلاث تكفي واحدة منها فقط لإدراج صاحبها ضمن أكبرالهدّامين.أمّا الناحية الأولى فتبنّيه للمفهوم الكنسي للدين، عبر مباركته الدستورالعلماني، وجعل تطبيق الشريعـة من الفيوضات الملكية، والمنح السلطانية التى توهب ولا تنتزع، بل يترك تقدير توقيت العمل بها  إلى ضمير الملك ! 
  أما الناحية الثانية فاستفظاعه  كل " عنف" يصحب تلك المطالبة المحتشمة بالعمل بكتاب الله، وإستبعاده نهائيا لسيناريو الوصول للسلطة عن طريق الجهاد(2)، الى حد تكفيره أصحاب ذلك الخيار، و إصدار قرارات حرمان بابوبة في شأنهم . و أمّا الناحية الثالثة فإنتقال " الإمام المجدد" من النظرية إلى التطبيق الفعلي للعبة الديمقراطية، عبر تحاكمه  شخصيّا الى صناديق الإقتراع في مناسبتين خاسرتين، و مؤسّستين لمنهج جديد ما سبقه به من أحد من المسلمين . 

  لقد حقّقت" فكرة " البنا رغبة دفينة في نفوس أهل الصليب، رغبة بذل أسلافهم في سبيلها دماء كثيرة  إنقطعت آمالهم و ازهقت مهجهم  دون تحقيقها . فأغنت فكرته غير المسبوقة (3) عن حراب المستعمر التي كان سيشرعها  لدفع عملية التغريب بقوّة السلاح، بعدما وقف صنم دستور 23 على قدميه و إستوى على سوقه بفضل مجهودات "الإمام المجدد" .                                          

   بعثوره علي بيضة الديك المتمثلة في هذا النموذج الفريد من الإسلام الرومانسي الذي يغشى عليه من رؤية الدّم ،أدرك المستعمر البريطاني أنه حقق هدفين كبيرين، أوّلهما : إفراغ الإسلام من محتواه بعد أن ذوّب حسن البنا كتل الجليد السّميكة و الفاصلة بين الكفر 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بلغ الإسكندر المقدونيّ أن جنديّا في جيشه يتسمّى بنفس إسمه ، كان  يولّي دبره هاربا كلما بدأ إلتحام الجيش بالعدو!  فدعاه  إلى مقرّ قيادته و قال له: يا هذا إمّا أن تغيّر إسمك أو تغيّر  مسلكك!
(2) قلت لبعض من  علم من جهل أعضاء حركة النهضة التونسية الشيء الكثير:  هل أنّ  هؤلاء  الذين يسمون الجهاد عنفا،  ينتسبون فعلا الى دين يعاتب فيه الله رسوله أشدّ عتاب  على إتخاذه أسرى عوضا عن الإجهاز عليهم ( ما كان  لنبيّ أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا ! و الله يريد الآخرة و الله عزيز حكيم) الأنفال 67، فقال لي : لو  أثيرت هاته النقطة على من أعرف منهم  على أساس انها من قول البشر لقال:  هذا غلوّ  كبير !
(3)  سيعرف هذا الإتجاه بمدرسة الإمام حسن البنا للوسطية و الاعتدال.   
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 61 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                
 و الإيمان وثانيهما تحقيق مصالحه بما فيها  ضمان أمنه و أمن إسرائيل(1) الناشئة ، مع ضمان أمن العلمانية الحاكمة  في بلاد المسلمين، ولو الي حين. فهل جاء حسن البنا عفوا وعلى قدر، ليؤدّي لأعداء الإسلام خدمات جليلة لا تقدّر بثمن(2) ؟ فيكون المستعمر البريطاني عند هاته الفرضية ، قد قفز على عربة الإخوان وهي تسير بعدما  قدّر وفق معرفته بحقيقة الإسلام ، أنها تقوده إلى حيث يريد  و يشتهي دون تكلفة ؟. أم  قد جيء بمرشد الإخوان قصدا، لإسباغ الشرعية على الدستور العلماني الوليد، و دعوة الشعب للإلتفاف حوله ، ثم ليدخر( الغرب) فكرته الزئبقية (التي تعيث مع الذئب و تبكي مع الراعي ) لزمن الشدائد، حن تلوح في الأفق حركات اسلامية جادة تـهدد مصالحه  في بلاد المسلمين، و تضيق بالعلمانية و تستهدفها من القواعد، متوخية الجهاد طريقة للتغيير؟
  
هل جاء حسن البنا على قدر أم جيء به(3)؟!  جواب ذلك لا يعنينا  في شيء، ما دامت البصرة قد خرّبت فعلا ، فلا يغيّر من واقع خرابها أن يكون القصد  جنائياّ أو عفويا .        
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
(1) " إن بعض الأعمال التي يقدمها الإخوان للشباب اليوم على أنها من مآثرهم كالقتال في فلسطين عام 1948، و في القناة عام 1951 كي تثبت الجماعة للشباب أنها جماعة مجاهدة و أن ممارستها للسياسة الجاهلية اليوم إنما هي للمصلحة و تكتيك مؤقّت،هذه الأعـمال التي تـفـتـخر بها الجماعـة و تخدع بها الشباب لنا عليها ملاحظات:  أ ـ لم تكن جماعة الإخوان وحدها هي المشاركة في فلسطين و القناة بل شارك كثير من الأحزاب و الجماعات و الأفراد بالتطوّع في هذه المعارك ب  لأن القتال في فلسطين كان متفقا مع السياسة الرسمية للدولة بل بتشجيع من الدولة..و يؤيد ما ذكرناه ان اليهود  ما زالوا موجودين بفلسطين و منذ عام 48 لم يقدم الإخوان على ازعاجهم يوما طالما أن الحكومة لم تسمح ( الحصاد المر ص 118/119) ... أما  اخوان فلسطين "حماس " فقد كانوا جسرا عبر عليه "الأخ " عرفات  الى رئاسة مخفره اليهودي  فيما عرف بمهزلة انتفاضة اطفال الحجارة، وهاهم إخوان فلسطين يدخلون مجلس العلمانية التشريعي هناك، بل و هاهم يرأسون حكومة احتلال تأتمر بأوامر الصهاينة، و ها هو الإخواني التركي رجب اردغان يزور اسرائيل و يقابل نظراءه هناك،  الأمر الذي لم يتجرّأ  العلمانيون على القيام به بعد أنور السادات.    
(2) هذا ما اذهب اليه، فسلفية البنا التي تفرض عليه إطاعة الحكام مهما كفروا و مهما تآمروا مع العدو الخارجي ضد دين أمته و مصالحها،  كانت تسوقه حتميّا الي ذلك الخيار القاتل ( انظر الرسالة الثالثة من هذا البحث لتتأكد من ذلك).                                      
(3)" في مدينة الإسماعيلية و في الثالث والعشرين من مارس آذار عام 1928 اجتمع تسعة  أشخاص من العاملين في معسكرات الأنكليز بالأستاذ حسن البنا مدرس اللغة العربية في المدرسة الإبتدائية الأميرية بالإسماعيلية وأعلن السبعة أشخاص أنفسهم جماعة الإخوان المسلمين بقيادة الأستاذ حسن البنا الذي لقب نفسه بالمرشد و كان عمره اثنين و عشرين عاما فقط" ( ماهر ذكي " ليسوا اخوانا و ليسوا مسلمين " موقع آراب تايمز 20 مارس 2006). شخصيا لا أورط نفسي بالموافقة على عمالة البنا المقصودة،  فالرجل فيما اعتقد نحرنا بكل إخلاص وحسن  نية، و على العموم،  فالمصيبة ليست في حسن البنا،  بل في فكره السلفي المدمر،  كما سنرى لاحقا.                                               
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 62 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ               
ـــــــــــــــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتــّش عن الإخوان 109

فصل 
 موتة استعراضية لبطل  من ورق


  في ظروف عاديّة، و في مجتمع مسلم،  إمتلك افراده المقاييس الشرعية التي تقاس بها أعمال الرجال، لترفعهم أو تطيش بهم،  وفق قربهم أو بعدهم عن المنهـج الإلهي و النبوي  و في مجتمع ينفي تقديس أي زعيم مصلح مهما حدثت على يديه الكرامات السياسية أو العسكرية، (دع عنك تقديسه و المخازي تجري على يديه، و الهزائم معقودة بركابه) . 

  في مجتمع يقال فيه للقادة و الزعماء و دون تهيب: هات دليلك الشرعي فيما فعلت و تركت  في مجتمع لا يؤمن بعصمة أحد، ولا يستثني إخضاع أي مسئول للمساءلة و النقد ( ما دام أفضل البشر قد دعا الى القصاص من نفسه و إحتمل أسوأ الناس أدبا ــ أي الإعرابي الذي عنّفه ــ دون ضيق او تبرّم ).. في مجتمع يستعظم أفراده  جريمة الإجتماع في هيكل الصنم مع سدنته المشركين ( دع عنك مدح الصنم و القائمين عليه فليس ذلك في الحسبان ولا يمـكن  وروده على خاطر إنسان).
 في مجتمع يمتلك تلك الخصائص الإيمانية التي تعصمهم من أن يستخفهم ّ أي مهرّج أو ديماغوجي، ولو مشى على الماء أو طار بلا  أسباب في الهواء، في مجتمع ذلك شان افراده كان من الطبيعي أن تكون نهاية حسن البنا على يد أحد المؤمنين الذين أذهلتهم جرأة مرشد الإخوان عـلى قلب الحقائق و تزييف مفهوم شهـادة التوحيد، ونسف الثوابت العـقائدية و تجاوزها، وعدم مبالاته بالصّريح و الصحيح من النصوص التوقيفية. و مدحه  من إستحقّ اللعن، و معانقته من إستحق الطعن، من دستـور كفري و مسوخ بشرية مرتدّة تحميه .                                                                    
   
فلو كان البنا يعيش بيننا، لما كان مصيره يختلف عن مصير أتباعه الذي يطاردون في الجزائر والعراق وأفغانستان كالأرانب البريّة، أو عن مصير الإخواني الجزائري محفوظ النحناح، التصفية أو الإختفاء داخل المنطقة الخضراء هربا بجلده من غضب الجماهير(1) .

  ولو حدث مصرع البنا بتلك الكيفية، لما اختلف موته عن موت أي قـطة  صومالية جرباء 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أوردت  مجلة المجتمع الكويتية ـ اخوانية ـ عدد 1111 بتاريخ اغسطس 1994 متباكية عن حالة النحناح الأمنية ما نصّه:" في الوقت الذي يعيش فيه الشيخ محفوظ النحناح في الجزائر عدم الإستقرار في مكان معين بعد تعرضه للعديد من محاولات الإغتيال، يتجوّل سعيد سعدي البربري الفرنكفوني  في سيارتين مصفحتين قدمتا له كهدية من بلد خارجي من أجل حمايته:" إهـ كما جاء في نفس المجلة عدد 1094 ابريل 1994 ما فحواه " مصادر مطلعة اكدت للمجتمع، أن الشيخ محفوظ النحناح رئيس حركة المجتمع الإسلامي حمس بالجزائر، قد تعرض لأكثر من عشرين محاولة اغتيال بعد تلقيه تهديدات من جهات مجهولة، و أن الله نجّاه من إحداهن بأعجوبة، وأكّدت نفس المصادر، أنّ الشـيخ اصبح مستهدفا من جهات كثيرة داخلية و خارجية لما له من تأثير في عملية تجنيب البلاد كارثة الدّمار و الخراب لها من طرف تلك الجهات" إهــ                                                                         
(لا أدعو شخصيا الي تصفية قادة الإخوان، بل محاكمتهم أو حبسهم كالزانيات(حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا).)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 63 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في زقاق خلفي معتم من قرية لا وجود لها على الخريطة. لو حدث مصرع البنا بتلك الكيفية  لدفنت جماعة الإخوان مع مؤسسها، ولكن مقتله الذي تمّ بالطريقة الدرامية على يد " ملك ظالم"، وفي ظرف كان المصريون يذكرون فيه جهاد الإخوان في فلسطين و يجعلون التخلص من البنا وثيق الصلة بضياع فلسطين! كل ذلك جعل سمعة الرجل تأخذ وجهة معاكسة .                                                                                            

   إنّ ديماغوجية حسن البنا، و قدرته الفائقة على تكديس الأتباع، و تجميع الجماهير، و تحريك الشارع(بعد إثارة الرؤوس الفارغة من مدلول شهادة التوحيد)... ثم إن الشعار الرنّان للجماعة :"الإسلام دين و دولة مصحف و سيف"...ثم ذلك الإخراج المثير المتمثل في مبايعة الشيخ  لمريديه عن طريق إستحضار مصحف و مسدس!..ثم إنّ  تأسيس البنا للجهاز الخاصّ ذي الصبغة العسكرية (الذي ثبت فيما بعد أنه أسّس لنصرة قضية فلسطــين ناهيك أن المحكمة المصرية  فيما عرف بقضية سيارة الجيب قد برّأت جماعة الإخوان  من كون إتخاذها ذلك الجهاز أداة للإخلال بأمن المحروسة مصر) كلّ تلك العوامل المريبة، جعلت نواقيس الأنذار( التي لم تستطع عكاظيات الشيخ و مدائحه المفرطة لسيده فاروق أن تسكتها) تدقّ في رأس الملك الفاسق  لتدفعه بالتعجيل بالتغدّي بالشيخ قبل أن يتعشى  به الأخير. خصوصا إذا أضفنا الى ذلك، كون حسن البنا قد وقع إستهلاكه إعلاميا بالكامل، ولم يعد لوجوده فوق الأرض ما يبرره. بعدما وقفت عصابات اليهود على قدميها في فلسطين المحتلّة، بماوفّره لها "مجدد القرن" من ظروف ملائمة للإزدهار بسكوته عن العلمانية الحاكمة و تغاضيه عن خيانتها(1).
    وإذا أضيف إلى كلّ ذلك ما أشيع من عزم حسن البنا تغيـير سياستـه في إتـجاه سلوك المنهج النبويّ للتغـيير، ثم  بلوغ الدوائر البريطانية نبأ تلك النيّة و ذلك العزم، بدت لنا جليّا مصلحة الأنكليز في تصفية البنا قبل أن ينقض الأخير، وبشكل علني، ما غزل، ويقوّض عمليّا، ما أقام من معالم مدرسته الإنبطاحية المتآمرة .                                                                                      
    فسواء لدينا أصرّح البنا  أو لم يصرّح بعزمه تغيير سياسته، فإنّ  ذلك لا يغيّر من الأمر شيئا ما دام لم يعلن عن قناعاته الجديدة،  ولم يضعها موضع التطبـيق، ثم مادام تلامذتـه قد ساروا حرفيا على هدي شيخهم فـي طبعـته الرسمية الأولي المعروفـة وغير المنقحة، وقناعاته التي بشّر بها وأشتهرت عنه، وألتزموا بأدبيّاته وسلوكياته التي أصبحت من دون 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تمثلت خيانة فاروق و أعوانه وفق ما  ذكر أيمن الظواهري في كتابه الحصاد المرّ على لسان محمود الصبّاغ أحد قياديّ الإخوان  بالأمور التالية "ــ أوّلا: أسلموا القيادة العامة للجيوش العربية المسلّحة إلى أنكليزي صهيوني هو جلوب باشا  و تلك هي ذروة الخيانة . ثانيا: سمحوا بتوغّل الجيش المصري في فلسطين دون أن يضعوا خطّة عمليّة لفضّ الجيوب اليهودية الخطيرة التي توزعت في صحراء النقب حتى يحاصر هذا الجيش من الجنوب بقوات مستعمرات النقب و من الشمال بالقواّت اليهودية في المستعمرات الصهيونية فتتحقق بذلك هزيمته و إعلان إسرائيل. ثالثا: قبول الهدنة الأولى والثانية لإعطاء اليهود  فرصة نادرة لإستجلاب أحدث أنواع الطائرات و الدبابات و نحوها، و حبسوا و إعتقلوا أبناء مصر البررة المتطوعين في سبيل الله فمنعوهم من مواصلة العمل رابعا:غيّروا دون سبب معقول، هدف الجيش المصري في إحتلال تل أبيب و هو يتقدم إلى الشمال دون مقاومة مخافة أن ينهار العدو بإحتلال عاصمته. خامسا: سلّحوا الجيش المصريّ بأسلحة ترتدّ على جنوده لتـقـتلهم ولا تــندفع إلى الأمام لـتنصرهم "إهــ (الحصاد المر ص47).                                                                                                
   ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 64 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
ـــــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص 111

 كتاب الله و سيرة رسوله، المعيار الذي  يقاس به بعد أو قرب أي فرد أو حركة  من حقيقة  الإسلام ! 
  
  إنّ مقتل البنّا في ذلك التوقيت الذي إرتفع فيه رصيده الشعبي إلى أقصى حدّ  ممكن، حيث توّج أكليل الغار و سربل بوشاح البطولة و الفداء  بعيد رجوع كتائب الإخوان من قتال اليهود في فلسطين. ثم إن مقتله بيد فاروق الذي يعتبر من أسفل من عرفت مصر من الحكام  خيانة و فسادا. ثم ان مقتل البنا بتلك الصورة و في تلك الظروف، قد  ساهم في  رفعه من قبل أتباعه الى مصاف أقطاب  الصوفية و أبدالها، كما جعل  التشكيك في شخصه و في" فكرته" يندرجان ضمن المحرّمات، و الأسرارالعليا التي لا يجوز الشكّ فيها، فضلا عن نقدها(1).حتّى أتي حين من الدهر لم يكن  الباحث  عن حقيقة حسن البنا يجد  غيرالكتاب العلمانيين الذين صنفوا الشيخ في خانة الشياطين،أو كتّاب الإخوان الذين ألحقوه بالقديسين، إلى أن صنّف الظواهري(2) كتابه الوثائقي" الحصاد المرّ " ( ظهر في مطلع الثمانينات من القرن الماضي)، الذي ضم سيرة الشيخ وأدبياته،  فكان فيصلا للحكم على البنا و دعوته، فما إن يشرع المرء  في مقارنة ما أمر به الإسلام بمواقف الشيخ وكبار مريديه،حتى تبدأ صورة " مجدّد القرن" بالإهتزاز ثم بالترنح  ثم  بالسقوط ثم بالإلتصاق بالأرض، قبل الفراغ من آخر صفحاته (3).( هذا بالنسبة لمن استخدم عقله و ذلك نادر جدا).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  كتب هذا النص  سنة 2001  قبل ان تصبح  فضيحة الإخوان منشورة بالألوان الطبيعية ، بحيث لا يغطيها ليل و لا يسترها ذيل،( بلغني اخيرا ان  قواعد الإخوان ضبطوا في ديالى  وهم  يقاتلون جنبا الي جنب مع الأمريكان) و لكن يبقى على الباحثين ازالة الغشاوة  كاملة بتحطيم الصنم  الأكبر لمؤسس الجماعة.                                                                                                                
(2) إنّ إستدلالي بنصوص أي كاتب لا يعني بالضرورة إتفاقي  مع ما يحمل من فكر. فلا أوافق مثلا الظواهري على عشوائياته في استهداف المدنيين ثم جعله أمريكا هدفه الرئيسي ،لأنه بذلك يـتناقض مع ما جاء في نفس كتابه المذكور في ضرورة الإلتفات الى العدوّ الأصلي و الأخطر وهم وكلاء الغرب في بلاد المسلمين فقد أجهز عليه السلام على كفار قريش  قبل توجهه الى منازلة الرّوم .
(3) بلغ تقززي من كثرة مدح الإخوان لحسن البنا  أنني كنت اكتفي بتصفح مجلة "المجتمع" الإخوانية الكويتية( بعد تورطي بالإشتراك فيها لسنة واحدة حرصا مني على ما تحتويه من تقارير مفيدة عن وضع المسلمين في العالم)  ولكنني فقدت شجاعتي في نهاية الأمر و لم اعد أجرؤ على فتحها، فكنت أتخلص منها غير مفضوضة الغلاف!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 65 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                      
                                                  
فصل 
 هل غــّير حسن البنا   أفكاره  قبيل  مصرعه؟


    إدّعى المهندس الإستشاري سيد محمد حسن في مجلة"الوطن العربي" في عددها 1323 الصادر بتاريخ 12ـ7ـ 2002 أن حسن البنا قد غيّر في سنواته الأخيرة منهجه السّلميّ المائع، بالمنهج النبوي  الراشد،  فكتب ما هذا نصه:" و يمكن القول إن الشيخ  البنا  قد إستـنفذ في العشر سنوات الأولى الطرق السلمية و الدعوة السلمية في أدبـيّاته الخاصــّة و رسائله، و قد أعلن الرّجل عن توقـّف هذه المرحلة... الشيخ البنا غيّر فكره في العامين 38 / 39 و قال إن الفكر السابق لم يعد يصلح ... كانت وجهة نظره أن الناس كلها عرفت عن الإسلام والدعوة، فمن أراد أن يسلم فليسلم، والآن لا بدّ أن نستعمل منطق  القوّة... و من أجل ذلك أنشأ النظام الخاص... و قرّر إنهاء النظام العامّ بعد أن إختار مجموعة من حوالي ستة أشخاص و ضمّهم للجناح الخاص، و إعتبر أن النظام القديم فكرا و ناسا لا يصلحون، وركّز على النظام الخاصّ الذي لم يقده إلاّ حسن البنا... هو إشــتغل عشر سنوات على الدعوة السلمية، وقد أرسل في هذه الفترة الرسائل و الدعوات لملــك مصر و للوزراء، وقال في مقال له بجريدة النيل:" إننا أرسلنا لهم وكلّمناهم بودّ، فإن إستجابوا فإنهم أنقذوا أنفسهم منّا " إنتهى .                            

  إن هذه الدعوى الغريبة، تنقضها مشاركة حسن البنا  في إنتخابين رشح لهما نفسه بعد سنة 39  بسنوات، مرورا بسنة 1946 حينما بعث الملك فاروق يستشيره في أمر مجيء رئيس الوزارة الجديد إسماعيل صدقي (انظر الحصاد المرّ ص 27) كما ينقضها مدحه بعد ذلك الملك فاروق قبيل ثورة يوليو بعيد زيارته له في قصره بجملته الشهيرة التي أثارت غيظ الضباط  "الأحرار" وهي قوله :" زيارة كريمة لملك كريم " !

   ثمّ هل من المعـقول في شيء، أن تصل الي فاروق و وزرائه،(هكذا فجأة وبلا أي مقدمات) رسائل من البنا تتضمن تهديدا صريحا بشن الحرب عليهم بحجّة أنه " إستنفذ معهم طاقته في تعريفهم بإلإسـلام" فمن أراد أن يسلم فليسلم"؟! فهل ضمن" التعريف بالإسلام" الذي حصل لديهم من أدبيات الشيخ و خطابه المباشـر لهم، مدح الدستور العلماني و تسمية الملك الكفورعميل الأنكليزي المحتل بالفاروق العظيم؟! ثمّ هل أنّ من نتيجة وعي تلامذة حسن البنا حقيقةالإسلام الذي عرفّه لهم مرشدهم، إقدام أحد هؤلاء التلامذة العميان على مدح  رئيس الوزراء إسماعيل صدقي  بنفس الكلمات التي مدح الله بها النبي اسماعيل! فقال فيه:( وأذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد و كان رسولا نبيّا)! على ما علم من أن ذلك "الإسماعيل الصدّيق النبيّ" هو مجرد " رأسمالي شريك  لليهود متعاطف معهم في قضيّة فلسطين، وعميل للأنكليز وداع للتفاهم معهم علمانيّ حتى النخاع مزوّر للإنتخابات، و باطش بجموع الشعب و ساحق إنتفضاته"(1).                                                                 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   ايمن الظواهري  الحصاد المرّ ص 107 و 110 .                                                                  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 66 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص 113

   كما علّل الإخواني السابق سيد محمد حسن إنصراف أتباع البنا كلّيا و إلى يوم الناس هذا إلى تبنّي فكره الأوّل المهادن دون فكره الجهادي، بحجة لا  تخلو من طرافة حين كتب: " نعم إنتهت الحركة بإستشهاد البنا لأن النظام الخاص الذي بناه كان كلّه تحت الأرض وليس فوقها .. النظام العلني كان حسن البنا قد تركه لمدة عشر سنوات دون رعاية فكان هناك إنفصال فكري بين النظام العام  و حسن البنا، بحيث إن الذين ما زالوا باقين في الإخوان كانوا فكريا متخلفين عشر سنوات عن البنا. فعندما مات،  كان الموضوع بين آخرين و كان الشيء المنطقيّ، أن يتولّى النظام الخاص القيادة، و لكن كيف وهم تـحت الأرض، و كلهم مؤمنون بالعمل السريّ ولا يصلحون أن يكونوا رجال دولة و ليسوا مؤهلين لذلك ؟" إهــ                          

   فياليتـني كنت أدري ما حاجة رجال النظام الخاص لمواصلة ما بدؤوه،  الى دخول أجهزة الدولة ليكونوا من رجالها، ما داموا قد اعرضوا عن الخيار السلمي؟! ثم لماذا قرروا بالإجماع دخول عصرالغيبية الكبرى التي يقول بهاالشيعة، أي لزوم  سراديبهم الى يومنا هذا ؟! ثم لماذا لم نسمع خلال خمسين سنة، و على مساحة الوطن الإسلامي عن نشوء تنظيم مسلح  ينسب نفسه  لحسن البنا  معتمدا سياسته الجديدة التي مات دون تحقيقها ؟!  كل ذلك يحملنا على الجزم بأن رواية سيد محمد حسن لا اساس لها من الصحّة، خصوصا وقد أثنى صاحبها على جمال عبد الناصر بقوله: " و لو كان أي شخص غير عبد النـــاصر لفعل بهم[الإخوان] ذلك، و أنا أحترمه وأجد فيه بطلا، ولكن لا أؤيده في المجازر التي فعلها ضدّ الإخوان و الشيوعيين" إهـ .

   وممّا يدحض هاته الرواية الغريبة، عدم ورودها فيما كتبه اللواء حسن صادق في تقريره البوليسيّ"جذور الفـتنة في الفرق الإسلامية منذ عهد الرسول حتى إغتيـال السادات" الذي اعتمد  فيه على التقارير الأمنية ومحاضر جلسات الشرطة. فلو كانت تلك الرواية صحيحة لتصدّرت محضرإتّهام البنا، الذي لم يسق فيه من أدلّة الإثبات، إلاّ وجود جهازالنظام الخاص الذي أسس لخدمة القضية الفلسطينية.                                                   
  
و مما يدحض رواية سيد محمد حسن و بشكل قاطع، الشهادة التي أدلى بها فريد عبد الخالق ألصق تلميذ لحسن البنا،الى محطة الجزيرة التلفزيونية(1)، والتي ضمت حقائق إخوانية كثيرة من ذلك دحض ادعاء  سيّد محمد حسن كون حسن البنا قد إعتزم قبل مصرعه سلوك المنهج النبوي في التغيير، فقد ذكر عبد الخالق أن مرشده  ندم أصلا على حشر نفسه في  السياسة!، وكان يعتزم التفرغ للتربية الروحية !(2) فعندما سئل فريد عبد الخالق عن تقييمه تجربة الإخوان كان ردّه:"حسن البنا قال كلمة للتاريخ و للإخوان و للعمل الإسلامي، قال آخر كلام له قال: لو إستقبلت من أيامي ما أستدبرت، لعدت الى ما كنت عليه، أعلّم الإسلام و أربّي الناس عليه " إهــ(3) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)رفضت متابعتها تقزّزا، ثم اطلعت عليها منسوخة من موقع محطة الجزيرة في الأنترنيت. 
(2) حتى هذا النوع البائس والعقيم من التسيّس الإخواني الكارثي قد صرف البنا عنه النظر، ليرجع الى زاويته الصّوفيّة و أصوله السّلفية!
(3) روح يا شيخ منّك لله، فهذا لا نرضاك له !                                                                  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 67 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 



فصل
  سـيرة " مرشد" إخوانيّ


في أحد لقاءاته الصحفية تساءل عمر التلمساني المرشد الثالث  للإخوان المسلمين (1) : هل جاء الإخوان بدين جديد ؟ "
  وجوابنا: نعم . لقد جاء الإخوان بدين جديد،  دين لا يؤمن فقط  بالطاغوت، بل يوفّر له الحماية  وأسباب البقاء، دين يعارض بكلّ صفاقة  من سلك السبيل  الشرعي والوطني لحرب ذلك الطاغوت.  دين أقرب  ما يكون الي دين الأهيمسا الهندية الذي يضع أتباعـه كمامات على أفـواههم و أنوفـهم و يمشون حفاة خوف إذاية الكائنات المجهريّة، مع فارق يتمثل في عدم شفقة الإخوان( بخلاف رهبان الهنود ) على أرواح أعداء الملك المتخلفين عن الإلتحاق  بمدرسة البنا،  ثم  تواطئهم المفضوح  مع الإرهاب العلماني و العدوّ الصليبي، و لعبهم دور الغابرين من كهنة الكنيسة بشكل  لن يضرّ معه الحاد الملحد  ما دام الإسلام بمفهومه الإخواني هو العمالة و الخيانة و الخسة البالغة (2)، و التفاخر بالمخازي  التي يستحيى منها عرفا و شــرعا.

    وهاكم  مـا صرّح  به عمر التلمساني في معرض الفخر، وبوقاحة منقطعة النظير، مفصحا  دون لف او دوران عن عمالته  لأجهزة الأمن المصرية ( ما يرد بين ظفرين هو من تعليق كاتب السطور) يقول المرشد البائس :" و ساهمت في الكثير من المواقف التي كانت تحتاج الحكومات إلى معونة الإخوان المسلمين  فيها، و البداهة تـقـضي بأنه إعتراف ضمني من  الحكومات بوجود الإخوان على الساحة رغم الأمر بحلّ جماعتهم " إنتهى (  كيف لا تعترف الحكومات ضمنيا بوجودكم، و أنـتم تـؤدّون لها ما يعجز عنه المأجورون من أهل الصحافة و المتمرّسون من رجال المخابرات و علماء السلطة) ثم يواصل "  و كنت على شبه اتصال دائم برجال الأمن في وزارة الداخلية أقدّم كلّ ما يسهم في ترسيخ الأمن في مصر"انتهى  (الله وحده يعلم أن الأمن المتاح في مصر هو أمن المجرمين  والشواذ و الساقطين، أمّا الرجل الشريف فلا يعلم متى تنقض عليه مخالب زوارالفجر لتهتك  عرضه، و تمزق لحمه (3).
ثم  يواصل" وما كنت أجعـل أحدا فيهم[رجال الأمن] صغـيرا أو كبيرا يحضر اليّ ( سبحان الذي سخّر لنا هـذا) و أكتفي بأن يتّصلوا بي تلفونيّا لأذهب إليهم في الوزارة  اللهمّ إلاّ في بعض المناسبات الصحيّة أو الأعياد فكانوا يزورونني مشكورين"(المرشد أذكى من ان يعتقد أنهم يزورونه لسواد عينيه، و بصفتهم الشخصية، و إنـــما مهمتهم الأمنيــة تقتضي 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المرشد هو مخبر الشرطة أو الجاسوس، سنرى لاحقا كيف اتقن عمر التملساني ذلك الدور الكريه. 
(2) جاء أحدهم الى إبن شبرمة الفقيه و قال له :" قلت  لإمرأتي أنت طالق إن لم يكن الحجّاج بن يوسف  من أهل النار، فماذا ترى؟  فأجابه إرجع إلى زوجتك يا بنيّ فإن لم يكن الحجاج من أهل النار فليس  يضرّك  أن تزنى!                                              
(3) حتى المومسات  المصريات ممن يقع تجنيدهن من قبل المخابرات المصرية  لتسهيل عقد صفقات سياسية مع غير مصريين عن طريق فعل الزنا، حتى تلك المومسات قد تعرضن الى الإغتيال كلما بدرت منهن بادرة توبة. ورد ذلك في فيلم كشف المستور للمخرج عاطف الطيب وفيه أعترفت الحكومة  المصرية جهارا بكل ما ذكرت. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 68 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                              
ــــــــ حمادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتــّـش عن الإخوان ص  115

تلك الزيارات ) يواصل المرشد ": و كان من فضل الله علي ّأنـني ما ذهبـت إلى كلية ثائـرة لأمر من الأمـور إلاّ و عدت  موفّقا"إهـــ   
( ما أسمج كلمة" من فضل الله عليّ" لو صدرت عن مخبر اخواني، فهي لا تختلف عن ذكر أيّ راقصة" فضل الله عليها" في انجاح  مسيرتها، ثم كيف لا يحالفك التوفيق يا سيادة اللواء، و الطلبة يعلمون أنك قادر على إصدار فتوى في الحال تجيز ضربهم بالمليان لم يفرنقعوا عنك و يـرجعوا  الى رشدهم!... فيا لشماتـةالعلمانيين وإحتقارهم دين الإسلام في طبعـته الإخوانية المسخّرة لخدمة الإرهاب في  أبشع إهاب)(1) .
   ثم يواصل المرشد" وكان جهدي موضع شكر المسؤولين في وزارة الداخلية "(فيا له من عمل صالح  يرفعه الله الى اسفل ) و لعلّ أحدا لم ينس موقفي من أحـــداث الزاوية الحمراء (اطمئن فكل  كبير أو صغير  مستطر، حتى لو نسيته الحكومة نتيجة عنفها  أحيانا بمن خدمها منكم. و أمّا  ما يعنيه من أحداث الزاوية الحمراء فمصادمات وقعت بين الأمن المصري و بعض افراد من جماعات الجهاد  بعض أهل الجهاد و التوحيد في مصر التي هاجمت بعض أوكار الشرطة، والعجيب هنا ان يذكر التلمساني في معرض الفخر ما هو جدير بأن يواريه كما يـوارى السنّور رجيعه، ولكــن اذا كنت اخوانيا  فاصنع ماشئت) ثـم يواصل:" و ما تفضّل به وزير الداخلية حسن ابـو باشا مـن تصريحات خاصة بي "( حسن  أبو باشا هذا ، من أسوأ ما عرفت وزارة الداخلية  من الجلاّدين في تاريخها، وكفى بالمرء خيانة أن يكون عونا للخونة، وكفى بالمرء إجراما أن يحظى بثناء أكابر المجرمين)" وبأن الإخوان أبعد ما يكونون عن الإرهاب و التخريب (و أبعد ما يكونون أيضا عن اسلام سيد المرسلين )" وان الجماعات لم تخرج من عباءة الإخوان المسلمين فكان أوّل مسئول عن الأمن أفضى بهذه الحقيقة التي طالما شوّهتها إذاعات خصوم الإخوان ( سيرة مرشدكم الأول خير كتاب ناطق بهاته الحقيقة و هي تغني عن شهادات  العدول) و قد أخذت على نفسي يوم أن كنت أكتب إفتتاحيات مجلة الدعوة بألاّ أمسّ أي إنسان من ناحيته الشخصية  و كنت التزم بالموضوعية البحتة، و أدعو إلى ضبط الأعصاب عند الأحداث المثيرة، حتى قال لي أحد المعتقلين من الأحزاب في سبتمبر أيلول 1981 إنني جمّدت أعصاب الشباب  و ضعتها في ثلاجة، ولست أدري أكان يمدح أو يقدح، وعـلى كلّ حال فقد شكرت له قوله انني صاحب تأثير( أمّا غبطتك بقوّة تأثيرك، فإبليس اللعين يفوقك في هاته الخاصيّة، إن كنت لا تبالي بسلبية تأثيرك أوإيجابيته) ثم يواصل الشيخ المفتون بقلة حياء تحسده عليه راقصة الكباريهات :" ورغم ذلك لم أنـج من غمزات بعض الكتّاب و لكن على خفيف ــ و إنصافا للسادات رحمني و رحمه الله و غفر لي وغفر له الله .أنه أتاح للإخوان جوّا من الحريّة لا بأس به فأعدنا إصدار مجلة الدعوة و كنا نقيم الإحتفالات في المناسبات الدينية في شتى أرجاء القطر"! 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في قناة الجزيرة القطرية و في برنامج شاهد على العصر، وفي لقائه مع أحد مؤسسي حزب البعث الشيوعي في سوريا، سأل المذيع الإخواني أحمد منصور ــ بعدما علم من ضيفه أنه إلـتقى حسن البنا في القاهرة ــ عن سرّ عدم تأثره بفكر مؤسس الاخوان. فتبسم الرجل إبتسامة ذات معنى متجاهلا سؤاله، و كان في غاية الأدب لأنه لم يعلن أمام الملايين بان أبناء جيله من الشاردين كانوا يرون في حسن البنا و جماعته امتدادا لرجال الكنيسة في تحالفها مع الملوك الظلمة.                                                                         
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 69 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(يا للفتوحات الإخوانية الباهرة بعد ثمانين سنة من"الجهاد" الإخواني سفكت فيها دماء المئات من الأتباع الغافلين، و أنتهكت فيه أعراض المؤمنات و المؤمنين ، فـلا عجب،اذا كان  تصوّر التلمساني لمــطالب أهل التوحيد بتلك السطحـية، ان يقال للمعذبين في مخافر الشرطة وزنازين الداخلية:" يا أبناء القحاب تريدون تطبيق شريعة الإسلام؟ ألا تكفيكم المساجد المفتوحة، والبرنامج الديني نورعلى نور؟!). ثم يواصل " و فــي بعض الأحيان كان وزير الداخلية يرسلني إلى بعض كليّات الجامعة، وحين كنت أخطب في الشباب كانوا يتقبّلون كلامي رغم أنهم كانوا لا يعرفونني" (هذا تواضع كبير من المرشد الثالث للإخوان و إلاّ فهل تخفى البقر؟ أمّا  سكوت الطلبة وقبولهم لكلامه، فهو بدون شكّ من قبيل الحذر لعلمهم بالمهمة الأمنية التي يضطلع بها المرشد، و ليقينهم انهم في حضرة رجل مخابرات ابي ذقن بيضة من بقية سلف البنا ثم يواصل) " و كانوا يقبلون كلامي و نصيحتي ضدّ التظاهر و ضدّ العنف و ضدّ الإضراب و ضدّ التخريب و الإعتصام "(انظروا جمعه كلمات التظاهر، العنف، الإضراب، التخريب، الإعتصام في سلّة واحدة، بإعتبارها جرائم مخلّة بالأمن! ولا فارق لـتجريم من أتى بعضها  أكان مقترفا لـ"جريمة" التظاهرــ التي تعد وسيلة مشروعة عند أمم الأرض للتعبير على الرأي إن أصابها  ضيم عند إنغلاق قنوات الحوارـ أو مقـترفا  للتخريب الذي يأباه أيّ عاقل إعتبارا بأن تجهيزات الجامعة هي من عرق الفلاّح المصري البسيط . ثمّ ليت شعري و ليتني كنت أدري،أي بدائل طرحها  مرشد النظام على هؤلاء الطلبة الغاضبين، للتعبيرعن مطالبهم في ما يستقبلونه من أيّام ، بعد أن أغلق أمامهم  سيادة اللواء جميع وسائل الضغط المدنيّة؟! لعله عرض عليهم الإنضمام الى جماعة الإخوان ليسهل عليهم الظلم و الهوان؟!

         ثم يواصل" كلّ هذه المظاهر كنت أقاومها بمنتهى الوضوح  ومنتهى الصراحة.. و في الزاوية الحمراء أنا أوّل إنسان إتصل به السيد النبوي إسماعيل و أنا أوّل إنسان خدمته( طبعا و بمن تريده أن يتصل  في مثل تلك الملمّات التي كاد أن يدركهم فيها الغرق، إن لم يتّصل "بهيئة  الطوارئ الإخوانية، هل تريده أن يتصل بعمرعبد الرحمن أو بالشيخ المحلاوي أو بعبد الحميد كشك؟! فأيّ خزي وأي عار على من تشدّق بمثل هذا الكلام بإسم الإسلام الذي  يعتبر الإستضعاف جريمة توجب لصاحبها جهنم، الإسلام الذي يعدّ الموت دفاعا عن الممتلكات الشخصية من موجبات الشهادة ( من قتل دون ماله فهو شهيد من قتل دون عرضه فهو شهيد من قتل دون دينـه فهو شهـيد. أي خزي لمن  يزعم ان الاسلام دينه أن ينحدر الى حضيض خدمة مجرمي وزارة  الداخلية التي لا  تسند إدارتها و العمل بها  إلاّ لمن نضب معين الرحمة و الإنسانية من حياتـه، و غارت من وجدانه قيم الشرف و المروءة والرجولة. وزارة تضطلع بأقذر المهامّ، حتى إننا لو شبهنا الحكومة بمنزل ذي غرف و مرافق متعدّدة، لكانت وزارة الداخـية مرحاضه ومجمع قاذوراته. وزارة من مهامها الإشراف على بيوت الدعارة السريّة والعلنيّة والشقق المفروشة المهيّئة للمومسات وأهل اللواط وخدمة السياحة الجنسية. وزارة من مهامها دخول غرف نوم المحصنات عبر إجهزة التصوير الدقيقة لغرض التجسـسّ و من مهامها تجنيد المومــسات لغايات أمنـية، وزارة من مهامها الإشراف على ديوان الخمور، وتسليم رخص المراقص ودور القمار، وتشديد المراقبة على بيـوت الله لمنع القاء الدروس على غير كهنة النظام، بل ومنع تحفيظ القرآن أيضا. ثم معاقبة المخالفين بالحبس حسبما ينصّ عليه قانون المساجد، وزارة من مهامها سجـن وتعذيب الموحدين مع إعـطـاء جلاديهم  حصانة مهنية 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 70 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتــّـش عن الإخوان ص 117

للحيلولة دون وقوعهم  تحت طائلة التتبّّع الجنائي في صورة وفاة المستنطق تحت التعذيب(1) الذي يبــدأ بكشف العورات ثم بالضرب و الصـعق الكهربائي و ينتهي بثقب الرأس بالثقّابات و بتر أطراف من يئسوا من إدلائه بما يشتهون. كلّ هـــذا مع هتك العرض و ترك السجين الموحّد و لو كان في علم و ورع و هيبة أبي حنيفة نهب مجرمي الحقّ العام يلوطون به دون أن تؤخذ شكواه بعين الإعتبار، هذا إن سلم من إغتصاب الجلادين  بعد  تعصيب عينيه حتى لا يحدّد هويّة الفاعل، و من أضعف وسائل الإذلال لمن جنّبه الله أن تفعل به الفاحشة المباشرة أن تدخل في دبره عصا أو أن يجلس بالقوّة على قارورة مكسّرة الفـتحة. و لقد أفسدت الأجهزة إلأمنية المصرية حتى فطرة الكلاب البوليسيّة بتدريبها على فعل فاحشة اللواط  بأهل التوحيد، و أسماء تلك الكلاب معلومة لدى من ألقت به المقادير هناك، و قد بلغت الدناءة بمجرمي وزارة الداخلية التي يفتخر عمر الــتلمساني " المرشد" الثالث للإخوان بخدمة المسوخ البشرية التي تديرها، إلى تهديد  المعتقل الشابّ بالقتل قصد إكراهه على فعل الفاحشة  بوالده ( شهد بذلك عبد الحميد كشك في خطبة جمعة يتداولها الناس) والشقيق بشقيقه (ذكر النصراني روكس معكرون ضمن شهادته التي سماها أقسمت أن أروى"  قوله في معرض حديثه عن تعذب الإخوان و بالتحديد الإنتهاكات الجنسية التي يتعرضون اليها فكتب: و لم يكتف سلومة (جلاد برتبة ملازم أول)  بهذا القدر من التحقير بل سولت له نفسه أن يأمر أحدهم أعرفه جيدا يدعى محيى الدين عطية و هو طالب في كلية الحقوق أمره أن يضاجع أخا له.. و أقشعرّت الأبدان أبدان السجناء كل السجناء و بكى محيى الدين من فرط الالم و أستنكر بشدة... فأوقعته السياط مغشيا عليه " إهـ كل ذلك مع كشف عورة الأم أمام إبنها، و كشف عورة البنت امام  أبيها أو أخيها لغاية تدميرهم نفسيا  إن أعيتهم معهما الحيل، كلّ ذلك مع سبّ الله سبحانه و تعالى بأشنع الصيغ و أبلغها في الكفر...فأي دركة من  الإنحطاط هوى مرشد الإخوان و أي حضيض استقر فيه  بعد تفاخره بالمعرّات  و مجاهرته بأرذل الدنايا التي يستحي رجال العصابات من الإرتكاس فيها، فلهؤلاء شرف مهنة، و قوانين فتوّة تربأ بهم عن القيام بدور مبلــّغ الشرطة، وأي عار على من كان تكلم بإسم الإسلام  أن يقوم بدور شاويش يلهث بين مخافر الشرطة و مراكز الأمن كبغل الطواحين، لضمان حسن سير العمل في وزارة ليس للعاملين فيها رجولة مشركي قريش، ولا نخوتـهم العربية التي تربأ بهم عن كشـف عـورة إمرأة اجنبية باعتباران" كل ذات صدار خالة " كما يقول المثل العربي القديم، أي كلّ إمرأة بعدت أو قربت هي خالة في ضرورة مراعاة حرمتها و الذبّ عمّن قصدها من السفهاء بسوء، و لمن أراد أي يعلم علم اليقين كيف تعامل المرأة في أقبية و زنزانات تلك الوزارة  أن يقرأ كتاب" أيام من حياتي" للسيدة زينب الغزالي، ليطّلع على ما لا قته من أهوال يعجز عن حملها  ذوي العزم من الرجال، فقدمت المثل الأعلى في إستعلائها الإيماني حين رفضت تلك المرأة الباسلة مقابلة عبد الناصر حين دعاها لمقابلته، 
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هاكم مثلا القانون السوري ــ لعدم توفر مادة القانون المصري بين يديّ  ــ فكلاهما في الشرّ سواء " : فبموجب قانون إحداث إدارة أمن الدولة بالمرسوم التشريعي رقم 14 بتاريخ 15ـ1ـ 1969 و المعمول به حتى اليوم ، يستفيد السجانون الذين يمارسون التعذيب من الحماية التي تنصّ عليها المادة 16 إذ تقول: " لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمّات المحدّدة الموكولة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلاّ بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير"( مجلة  السنة  ص 68 العدد118 أغسطس 2002 ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 71 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                                

مبرّرة رفضها بكون أيدي عبد الناصرملطخة بدماء  أهل  التوحيد. فما كان من " بطل  العروبة " إلاّ أن أصدر أمرا بإعتقالها و بأن تعذّب بما يعذّب به الرجال، و لم يكفه ذلك بل و شهد بنفسه بعض فصول ذلك التعذيب المريع.                                                                    

   و لئن أطلت نقد  زعماء الإخوان فلأجل أنه لا بدّ للمكروب من زفرات،  و للمحزون من عبرات، و للموجوع من آهات تعبّر عن خيبة الأمل  في جماعة كان يرتقب منها نصرة الإسلام ـــ  وفي أضعف الإيمان إلتزام جانب الحياد ــ فإذا هي تتقدّم ركب الظالمين، و تقوم بمهمّة الدليل الخرّيت للإرهاب العلماني و للجيوش الصليبية في تركيا وأفغانستان و العراق،  حـتّى كأنّ الشاعر القديم و على الرغم من الفاصل الزمني السحـيق، قد عناها دون سواها حين أنشد عن غدرالإخوان": وإخوان  إتخـذتهمو  دروعا / فكانوها، و لكن للأعـادي! / و خلتهمو سهاما صائبات / فكانوها و لكن في فؤادي!

فلنحمد الله  الذي الذي لا يحمد على مكـروه سواه ، و لنطو بساط أحلامنا الوردية الذي حلّق بنا في وديـان المنى، وخيل لنا أن نصرالله و فتحه  القريب على قاب قوسين منا  أو أدنى،  ولنسأل الله  تعالى أن يكفي أمة  التوحيد شر ّ قيادة الإخوان ما بطن منها وظهر للعيان، ولنردد مع الشـاعر المخدوع و الصبّ،  قـوله  فيمن رجا نفعه و أحبّ :

                      و كنت أذمّ الزمان إليـك فأصبحت منك أذمّ الزمانا
                      و كنت أعدك للنائبات / فها انا اطلب منك الأمانا !
                                                                                                 
   
 و لئن ضججت بالشكوى، فقد ضجّت بها قبلي السيدة أمينة قطب حين ترجمت تلك الزفرات إلى قصيدة توجهت فيها بالخطاب الى شـــقيـقها سيد قطب حين طفح بها الكيل  بعد معاينتها التواصل الفضائحي و التعانق العلـني لقادة الجماعة  مع أساطين الإجرام . و إن أخطأها التوفيق لمّا ذكرت أن"خطّ الحداة"(أي منهج و سياسة الجماعة ) قد تـغــيّر نحو" مدّ الجسور مع المجرمين" بتعبيرها. و تلك مجافاة لحقيقـة  سرعان ما تكشف لكل باحث لم تعمه هالة حسن البنا الكاذبة) وهي كون الجسورالفولاذية التي أقامها" مهندس "الجماعة ومرشدها الأول،هي ذاتها التي تعبر عليها اليوم و غدا القـيادات الإخوانية  للوصول إلى ضفّـة  الإجرام العلماني و التحالف الصليبي" فجميع المخالفات الشرعية التي سقط فيها الإخوان سواء في ذلك مداهنة الحكام و مدحهم بغيرالحق ووصفهم بالشـرعية و الإعتراف بالشرعية الدستورية  ووجوب التزام الدستور و اتباع الأساليب الديمقراطيــة، و دخول الإنتخابات البرلمانية..والإنتهازية السياسية بالدخول في الصراعات الحــزبية مع الـتبرؤ من العنف، كل هذه الموبقات سبق اليها حسن البنا و نقول هذا للذين يدّعـون ان الإخوان المعاصرين خرجوا عن خط  حسن البنا و منهجه هذا غير صحيح، و ما ذكـرناه في كتابنا هذا من وقائع يـدلّ  دون أدنى شكّ على سبق البنا الى إرتكاب جميع هذه المخالفات. وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده  من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا .. فهل يـكون تجديد الدين هكذا !؟ وهل يكون مجدد القرن الرابع عشر الهجري بهذه الصفات و الأعمال "(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحصاد المر 117 و 118.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 72 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتـــّـش عن الإخوان 119
   
 أما جريمة التعاون مع أهل الصلبان فقد سبق حسن البنا اقترافها، بإقراره شرعية الإحتلال الإنكليزي لمصر بعد موافقته على معاهدة 1936 كما رأينا آنفا . و لئن كان الأمر مستغربا  وعصيّا عن التصديق، قبيل سنوات قليلة، فهاهي مظاهرة الإخوان الكفار على المسلمين، تشاهد اليوم بالصوت والصورة، وبالألوان الطبيعـية، فـي تركـيا وأفغانستان و العراق وفلسطين، و البقية تأتي .
     
أمّا من يحسب على الجماعة مـن عناصر" متـنطّعة" و مغردة خارج السرب، أمثال سيد قطب وعبد القادر عودة، فإن الأخيرين يمثلان بركة نقية معزولة على هامش المستنقع الإخواني الآسن، فسيد قطب لم يلتحق بالإخوان حين كانوا في شهر العسل مع نظام عبد الناصر، بل التحق بهم بعد حظر جماعتهم، وأدخل كبار قادتها السجن، فأراد سيد قطب استغلال غياب تلك الرخويات عن ادارة الإخوان، لتوخي الخيارالنبوي في التغيير لكن سرعان ما أكتشف أمره. 
  و أثناء التحرك الجهادي لسيد قطب، إرتفع نقيق اخواني من وراء أسوارالسجن. أصدره مرشد الإخوان الجديد حسن الهضيبي مفاده أن جماعته" دعاة لا قضاة"(1) أي انهم مجرد جماعة تبليغ فاشلة لا شأن لها بمحاسبة الحكام! كما لاشأن لها بما يفعله سيد قطب، وفكره المرفوض  و الدخيل عن الجماعة(2) .
    
     لأجل ذلك قوبل سيد قطب بشتى اتهامات التطرف من قبل زعماء الإخوان و لعل آخرهم يوسف القرضاوي الذي بالغ في تسفيه خط سيد قطب، الى درجة دفعت الإخواني محمد عباس الى عتاب كاهنه القرضاوي حين خصه بحاشية في كتابه الذي سيرد ذكره، جاء فيها:" الدكتور يوسف القرضاوي... أقف معه بجماع قلبي و أندّد بأولئك السفهاء الأشرار الذين يهاجمونه وهم في صف أمريكا و اسرائيل و الشيطان، واعترف بأنه كان يوجد مكان 
هذه الحاشية حاشية اخرى طويلة كنت أعاتبه فيها لموقفه غير المبرر من الشهيد سيد قطب في الأسابيع الأخيرة إلاّ اني أستبعدت الحاشية.... فالخلاف بيننا و بين شيخنا الجليل(3) هو خلاف داخلي اما الهجوم عليه فلا يشارك فيه الآن إلا صليبي أو صهيوني أو عميل"! إنتهى كلام محمد عباس، و قد ورد  ضمن رسالة له بعنوان " نداء الى الإخوان المسلمين، الإسلام مصدر الشرعية فلا تلتمسوها في سواه " مع الإشارة الى أن الرسالة 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) " دعاة لا قضاة" كتاب  ينسب الى حسن الهضيبي، وقيل انه من تأليف  مخابرات عبد الناصر و هو يردّ على كل أفكار سّيد  قطب المستقاة من القرآن الكريم و التي تخالف فكر الجماعة. أما الهضيبي نفسه  فرجل عينته مخابرات عبد الناصر ليرأس الإخوان حيث كان قاضيا طوال حياته.                                                                                        
(2)" فسيد قطب لم يتولّ أي منصب داخل مكتب الإرشاد و هو الهيئة القيادية العليا للإخوان. و أفكار سيد قطب لم يتمّ تبنيّها فعليا من قبل  حركة الإخوان التي اكتفت بنشر تراثه و إحياء ذكراه و البكاء على أطلاله دون أن تجد لفكر قطب كبير  أثر في سيرة الحركة، و في أواخر أيامه انتقد نقدا شديدا من قبل أفراد و قادة  حركة الإخوان في السجن ) سري سمور، سيد قطب المتهم البريء موقع عرب تايمز 20 فيفري 2005. 
(3) يقصد سيد قطب!... انظر ايضا كتابنا" كوكتيل سلفي" (الرسالة الثالثة) و فيه فصل طويل بعنوان: قراءة متأنيّة في رسالة عشق إخواني، وفيه تحليل لمقال كتبه محمد عباس بعنوان" هجوم القرضاوي على سيد قطب مذهل".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 73 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قد صيغت بعد فضيحة القرضاوي، و بعد تعاون الإخوان مع الصليبيين في افغانستان و تركيا و العراق ، ورغم  ذلك  يصم  محمد عباس من تهجم على شيخه القرضاوي البائس، بالوقوف في صف اليهود و النصارى والشيطان! و قد غاب عنه ان اليهود و النصارى لا  يشرفهم انتماء كاهن بائس كالقرضاوي الى ملتهم ، لأنهم  لم يتورطوا فيما تورّط  فيه القرضاوي  من التفريط بدماء و أعراض  أبناء ملته لصالح  ملة أخرى!
   
   و قد بلغت السذاجة بالكاتب الإخواني محمّد عبّاس الى مناشدة القرضاوي تخليه عن فتواه الأمريكية( موضوع رسالتنا أولى) في رسالة له بعنوان " الفظها فإنها مسمومة"! جاهلا حقيقة بسيطة وهي  أن السمّ لا يضرّ أفعى الإخوان، لأنه جزء من تركيبتها ...  فلله في خلقه شؤون،  فأنها لا تعمى الأبصار و إنما تعمى القلوب التي في الصدور. ثم هاكم بعض ما قالته  السيدة أمينة قطب  في معرض  شكواها:
                     إليك أخي هذه الخاطرات  / تجول بنفســـي مع الذكريات
                   ..أخي انه لحديث يطول /  وفيه الأسى و عمـــيق الشجون
                    رأيت تبدل خط الحداة    /  بما نالهم مـــــن عناء السنين
                    فمالوا الى هدنة المستكين/ و مدوا الجسور مع المجرمين
                    حزنت لما قد أصاب المسير/ و ما يملك القلب غير الدعاء
                    بأن ينقذ الله تلك السفـين /    و يحـــــمي ربانها من بلاء 
                    و أن يحذروا من ضلال المسير/ و مما يـــدبر طي ّالخفاء .

ثم تتساءل عن مستقبل المسيرة الإخوانية:

                    ترى هل يعودون أم أنهم / يظــــنون ذلك خطّ النجاح
                   و في وهمهم أنّ مدّ الجسور / سيمضي بآمالهم للفلاح . 

ثمّ تعرض الطرح " المتطرّف" و الممقوت اخوانيا :

 و ينسون أنّ طريق الكفاح / به الصدق و الفوز رغم الجراح ( إنتهى) ..

غفر الله لك و أحسن خاتمتك و عظم أجرك  في مصابك، و جمعك ( في جنات و نهر في  مقعد صدق عند مليك مقتدر) مع  أحبابك،  فحسب علمي المتواضع فإن السفينة الإخوانية، قد إستوت على ضفاف قصر عابديـــن منذ سنوات ناهزت الثمانين .              

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 74 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ














    






ـــــــــ حمادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتّش عن الإخوان ص 121  

فصل   
 نموذج  من الـتزييف الإخواني

   
   لئن قيل قديما من راقب الناس مات غمّا، فالأولى أن يقال اليوم  من راقب الإخوان شبع  غمّا، و جاءه الموت من كلّ مكان و ما هو بميّت، فقد ورد في مجلّة " الوطن العربي" في عددها 1328 الصادر بتاريخ 16/ 8 / 2002 نصّ مقابلة مع د. رشاد بيّومي عضو مكتب الإرشاد و مسؤول الحركة الطلابية بجماعة الإخوان و الأستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة، أكّد فيها أن شيخه حسن البنّا لم يكن واقعا تحت أي ضغط لمّا كفّر بعض شباب الإخوان الذين إقترفوا "خطيئة" الجهاد باليد، فأجهزوا على رمز فاسد من سدنة العلمانية ـ النقراشي ـ فقال بالحرف الواحد:" ما أعرفه أنّ النقراشي كان له إتجاه يختلف مع إتجاه الإخوان ووقعت هاته الحادثة  التي لم تكن محلّ رضا على الإطلاق و لم يكن هناك أبدا أي نوع من أنواع الضغط على حسن البنا ليصدر قراره بأنّ هؤلاء كفار وليسوا من المسلمين"إهـ.

    فما رأي السيد البيومي في الخلاصة التالية: إن كان كل قتلى فاروق المسلم من الكفّار فأين يصنّف شيخه القـتيل يا ترى؟! وهو ــ كما هو معلوم ــ من ضحايا " الفاروق العظيم "؟! لكن سرعان  ما يناقض د. بيومي نفسه ليؤكد بأن التكفير ليس من شأن الجماعة حين كتب:" نحن جماعة ندعو الى الحقّ، ولكـــن أن يصــل الأمر بأن أضع  نفسي فـي مــوضع
القوامة على الناس، هذا أمر مرفوض تماما، لذلك كان  كتاب الأستاذ حسن الهضيبي"دعاة لا قضاة " واضح جدّا في المسألة: لن نقف على أبواب الجنة لنفـرز الناس و نقول هذا مسلم و ذاك كافر "إهــ .                                                                                                  
   
  وعندما سئل: هل الفكر الذي تدعو إليه جماعة الإخوان هو تفسير بشري للإسلام؟" أجاب: الإسلام كما ورد في كتاب الله و في سنة رسول الله ليس فيه أي إجتهاد  شخصيّ على الإطلاق، و لكن إستـنادا الى النصوص  الدينيّة الصحيحة"، ثم لما سئل:" معنى ذلك أن من يعارض فكر الإخوان أيّا كان تيّاره و أيّا كان مذهبه تعتبرونه خارجا عن الإســـلام ؟ 
" كان من المفروض أن يكون جوابه ـ بعد جعله مبادئ الإخوان هي نفس مبادئ الإسلام  ــ كالآتي: إذا كان الرأسماليّ يتمّ طرده فورا من الحزب الشيوعي إن أبدى مخالفة صريحة لمبادئ لينين الأساسية، فهل هان الإسلام إلى درجة أن يضمّ بين صفوفه من هبّ ودبّ ممّن لا يحمل فكره بل و يحاربه؟! و لكنّ  ردّ د.بيومي كان إخوانيّا  صرفا حيث أجاب:"  مسلم على عيني و راسي، و لا يستطيع إنسان لا أنا ولا غيري أن يقول عنه غير ذلك(1) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا منطق شخص علماني  لم يعرف عن نواقض الإيمان قليلا أو كثيرا ... فخلاصة القول أن  من رضي عنه الإخوان فلا مضلّ له، سبحانك اللهمّ هذا إفك مبين. و الكلام الذي قاله البيومي  ظاهر البطلان، و لو كان الأمر كما يزعم  لقبل الرسول  من المشركين مجرد التلفظ  بكلمة التوحيد،  وكفـى نفسه و صحابته  عناء المحاصرة و العذاب و ألم الجراح و الأوصاب، لو حدث ذلك  لما  تخطّى الإسلام جزيرة العرب و لكان اسم البيومي الآن: رع عنج آمون!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 75 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا أستطيع إطلاقا أن أحكم على حقيقة إنسان لأنّ هذه القضيّة بين الإنسان والربّ(1). ولست أنا ممسكا بمفاتيح أبواب الجنة كي أقول هذا رجل مسلم وهذا غير مسلم...لا أستطيع أن أملك هذا الأمر على الإطلاق(2)"إهـ .ولو كان لمحاوره بعض الوعي الإسلامي لما استمرّ في مناقشته مسألتي الكفر والإيمان و قد أغناه  محاوره منذ مطلع الحوار عن كـل ذلك، حين أخبره أنّ نصرانيا أودع أولاده أحد مساجد الإخوان" قصد تربيتهم على حبّ الخير"! فما دام مسجد الإخوان قد تحوّل إلى دار حضانة لأطفال النصارى، فأي نفع يرجى من جماعة ذاك شأنها (3) .

    ولقد كانت ميوعة الإخوان و تهاونهم بشأن العقيدة و تمييعهم لمفاهيمها وراء جرأة  العلمانية الحاكمة بمصر على إدخال طقوس العبادة الكنسية الي بيوت كلّ المصريين عبر النقل التلفزيّ المباشر لأعياد الأقبـاط و ترانيمهم الجنائزية، في حين تنص أحكام الشريعة الإسلامية على منع هؤلاء من إظهار شركياتهم أمام المسلمين بما في ذلك حمل الصليب على الصدور أو على الكنائس و بما فيه أيضا وجوب دقّ النواقيس داخل جدران الكنائس بكيفية لا تجعلها تطرق سمع المسلمين ..

   ولعلّ عراقة الإخوان في التأصيل لهاته المسألة و تبسيطها الى حد التطبيع هي التي جرأت أنور السادات على تبني فكرة وحـدة الأديان و التفكير في انشاء مؤسسة تضم مسجدا و كنيسة وبيعة يهودية، كما جرأ ت حسن الترابي على اباحة زواج المسلمة بيهودي أو نصرني  كما جعل  الدكتور عبد الله شحاته لا يجد اي حرج وهو يجيب سيّدة مسلمة سألته عن حكم شهودها صلاة النصارى في بيوتهم ( باعتبارها قد ربّيت بينهم ) وهل هذا يتعارض مع الإسلام، مع العلم بأن زوجها غير راض عن ذلك، بأنـه لا مانع من زيارتها لهم و حضورها صلواتهم مستدلاّ بحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت عليّ أمّي و هي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فأستفتيت رسول الله قلت أفأصل أمّي قال نعم صلي أمّك" ونسي الدكتوران رسول الله  عليه السلام إنما رخّص لأسماء في صلة أمها المشركة بهدية و نحوها، و ليس بحضور صلوات الكفار التي لا تـنفكّ عن الشرك بالله، ثمّ قال موضّحا:" إنّ الأديان كلّها قد جاءت بعبادة الله و الدعوة إلى مكارم الأخلاق و انه شخصيّا قرأ التوراة و الإنجيل و الزبور و صحف إبراهيــم 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تماما كما تزعم السلفية الإرجائية  التي تشترط فتح قلب المخالف للتأكد من كفره " أما أهل التوحيد  فيؤمنون "أن الكفر يكون بالقلب  كمن إعتقد أن لله ندا أو شريكا ،كما يكون بالقول و اللسان كمن سبّ الله و رسوله، وإستهزأ بالدين و سخر من بعض أحكام الشرع .. و يكون بالعمل الظاهر كمن يقاتل الأنبياء و يعـذب أتباعهم و يكـرم  المرتدين و يتحاكم الي الطاغوت"( انظر سفر الحوالي, ظاهرة الإرجاء) .
(2) قال الطفل لمدرّسه : أخبرني والدي  أن أصلنا قرد ! فأجاب الأستاذ : تلك مسألة  عائلية لا  يجوز لي حشر نفسي فيها ! و أنا أقول بدوري إن كنت لا تملك تحديد المسلم من الكافر بعد ستين سنة من إنتمائك لتنظيم الإخوان  فتلك مسألة  شخصية! و إن كانت كارثـيّــة، و ليت شعري ما يقول بيّومي عن" الإخوة عبدة الشيطان" في مصر، و هل يسمح لنفسه أن يـزوّج  إبنته أحد هؤلاء ؟! 
(3)" أذكر أن نقيب المحامين في سوهاج و كان رجلا مسيحيّا جاء إلينا حيث كنت في المسجد وقال: أنا جئت بأولادي كي تأخذوهم و تربّوهم، لقد إستشعر الرجل بأن الجماعة أنشأت فينا بعض الأمـور التربويّة مما جعله يدفع أولاده إلى الجماعة لينـشئوا مثــلنا على حبّ الخير "!                                                                                                
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 76 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــ حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتــّــش عن الإخوان ص 123

و صحف موسى، و أنه يتأثر كثـيرا بما يقرأ في تلك الكتب، و ذكر مثلا على ما يتأثر به قول المسيح من ضربك على خدك لأيمن فادر له خدك الأيسر! و أشار أخيرا  أنه ينبغي أن نتعامل مع أهل الكتاب بقاعدة  نتعاون فيما إتفـقـنا عليه و يعذر بعضنا بعضا فيما إخـتلفنا فيه! (انظر مجلة  السنة العدد102 شباط 2001).

 و في نهاية اللقاء، لم يترك البيومي الفرصة تضيع دون أن يجدّد ولاءه للشرعيّة الدستوريّة مع تأكيده في نفـس الوقت إحترامه للقـيم و الأصـول،و لست أدري أي قيم و أصول يعني ؟! ، فـإن كان يقصد القيم و الأصول العلمانية فهي مصانة و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، أمّا إن كان يعني بهما القيم و الأصول الإسلامية فهي أهون من قعـيس على عمّته (1) و أضيع من الأيتام على مأدبة اللئام في ظلّ الإرهاب العلماني (2)  و الحمد لله على كل حال و نعوذ بالله من حال أهل النار.                    
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مثل عربي .. يذكر فيه أنه  بلغ من هوان قعيس على عمّته أن أدخلت كلبها  في ليلة شاتية إلى بيتها  و تركت أبن اخيها قعيسا  الذي حلّ عليها  ضيفا  يعاني البرد خارج البيت حتى مات !                                                                                           
(2) " سئل بيّومي:"وما زلت تجد صدى لدعوتك داخل الجامعة ؟ فأجاب: بلا شكّ و إذا أتيحت لك فرصة المشاهدة ستجد العجب الذي يخدم هذا البلد و الذي لا يخرج أبدا عن شرعيّتها على الإطلاق، لأننا ننادي بإحترام الشرعية و إحترام القيم و إحترام الأصول. و أنا لم أحاول أبدا في يوم من الأيام أن أدعو أبنائي أن يكون لهم ردود فعل فيها شيء من العنف لأن دعوة الإسلام دعوة سامية و عالية جدّا"( الوطن العربي العدد1328 16/8/2002) .                                                                                            
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 77 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                        
فصل 
 قادة الإخوان أتباع كل ناعق



  كان الإخوان من أوائل من بارك ثورة خميني الشيعيّة  في إيران، على الرغم من فساد عقيدة القائمين عليها و صلتهم الوثيقة بالكيان الصهيوني ،حتى ان راشد الغنوشى صاحب حركة النهضة التونسية الذي يعدّ من أكبر المفـتونين بتلك الثورة ، قد ذكر في أحد كتبه أنه فوجىء لما اطّلع على عقيدة الخميني في أئمته و إعتقاده  بكونهم أصحاب مقام لا يبلغه نبي مرسل و لا ملك مقرّب!، غير انه  برر كفريات الخميني  بكونها مجرد  زلة قلم، سيتداركها قريبا في طبعة موالية... و لكنه الخميني لم يفعل! .... و رغم كل ذلك فصلة راشد الغنوشي و الإخوان عامّة  لم تنقطع بإيران بعد إعتراف القرضاوي بأخوّة الشيعة للمسلمين، حفاظا منه على صلة أرحام إخوانيّة في إيران!( في إيران جماعة إخوانية رشّحت نفسها لدخول البرلمان، و هذا أيضا من البلاء!) . فتبا  للمصالح الحزبية  التي تعمي البصائر و تبلّد المشاعر و تميّع العقائد و تدفع بزعامات الإخوان و مشاهير عمائمهم إلى مستنقع الــتواطىء مع أعداء الملّة و الدين و كتمان الحقّ بعدما تبيّن لكلّ ذي بصيرة (1). و إلاّ فما الفرق بين أيّ سياسيّ علماني تونسي  يزور ايران قصد تحقيق مصالح دنيويـة  لحزبه الحاكم و بين زيارة الغنوشي إذا تجاهل الأخــير و هو يزور إيران المعانـاة الشديدة للمسلمين هنـاك و حرمانهم من أي حقوق (2) ثم  كي يختم زيارته  بالثناء الباطل على ديمقراطية الجمهورية الإسلامية التي يرأسها  رجل اكليروس  معصوم!( الدستور الإيراني ينص على أن مرشد الثورة معصوم).و ما الفرق بين أي مرتزق حكومي أزهري ّ ترسله الحكومة المصرية لإيران لأي هدف ــ طبعا غير إبتغاء وجه الله  ــ و بين زيارة القرضاوي إذا تجاهل  الأخير تقـتيل الشيعة لـعلماء المسلمين هناك و إدخال أهل التوحيد في دين التشيع أفواجا، طوعا وكرها .                        

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  كم كان موقف الإخوان مقززا( و كل مواقفهم مقززة ) حين انبروا يستنكرون ما تعرض له  وزير الخارجية المصري أحمد ماهر في المسجد الأقصى من ضرب بالنعال  بعيد ذهابه له فور مقابلة زعماء اليهود .و لعل ذلك الإستـنكار" البايخ " آخر ما ختم به المرشد مأمون الهضيبي به عمله قبيل هلاكه.(ما أن يهلك منهم  شيخ حتي يقوم مقامه أشيخ منه حتى كاننا حيال رؤساء الإتحاد السوفياتي في آخر أيامه).                            
(2) بما فيها حظر  بناء مسجد واحد لأهل السنة في طهران" فبرغم أن عدد أهل السنة يصل الآن إلى حوالي 20% من إجمالي عدد سكان ايران .. إلاّ انهم محرومون من تولي الوظائف الرئيسية فـي الدولة،  و من صلاة العيدين، و من بناء مسجد لهم بطهران العاصمة على الرغم من وجود 12 كنيسة للنصارى و بها معبدين لليهود و مثلهما للمجوس و آخرين للهندوس " دائرة سفير للمعارف  الإسلامية ج 3 ص182).         
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 87 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
           
                                                                                                                
ـــــــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فـتـــّـش عن الإخوان 125
فصل    
  قلت في الإخوان ( شعر)

  قلت رحمني الله يوم أموت،  و رحم والديّ و جميع من مات من المسلمين على الإيمان بالله والكفر  بالطاغوت:                                                                        ..            
أعوذ بالرحمن / من فـتنـة الشيطـان / فإنـه لطالما / بالـسّوء قد أغــراني / فأمــح الهي زلّـتي / بالصــّفح و الإحسان / حاشاك ربّي تجـمع / بؤسـا  مـع النيـران/ كفى عذابا أنني   
 في زمن  الإخوان / أكابد ساعاتـه / الثّقال و الثــواني / بغصّــة و لوعـة / كم منهما أعـاني .                               

ربّ الإخوان طمسـوا / معالم الإيمان/ ثـم رضوا من بعـدها / بالصّنم العلماني / و بالدستور الملحد / صنيعـة النصـراني/ فكفّروا من كفر / بشرعة المجّان / و قالوا قد تطــرّف / و باء بالخسران/ من خرج عن نهجهم/ نهج الشويخ الباني/ لصرح مدرستهم/" فليتة الزمان"/
 أي خالف مدرسة/ البنا ذات الإحسان/ للكفر و الطاغوت / و الـتأليه للإنسان/ مدرسة تحـرّم / تكفير أي جــان/ مهما عــلا و أعرض/ عن شرعة الـديّان/ و صرّح بكفـره / في السرّ و الإعـلان / أسوتهـــا في ذلك / جهم بني صّفوان/ في حصره الإيمان/ في التصديق بالجنان / من غير نطق بالفــم / أو عمل الأركان (1) .مدرسة تجاهلت / ما جاء في الفرقان / و سنة خير الورى/ في الدفع و الطعان / فأعلـنت بأنّ من / و سائل الشجعان / لنصرة إسلامنا/"الفـتح البرلماني"/ إن جوّزوا لحـزبنا / الدخول في الميدان/ و منح  التأشيرة/ من صـاحب السلطان / هذا اذا وافقه/ الرئيـس الأمريكاني / و قال:" ياس ، يـو كان دو ضات "!/ أي أنّ في الإمكان/ إعطاءهم ما طلبوا/ يا أطوع غلماني/ ما لم يمانع سادتي / اليــهود في الإبّـان/ بمالهم من سطـوة / في مجلس الأعيـان/ مجالس الشيوخ / لا مجالس الغلمان !              

ربّ  الإخوان أفـتروا /  زورا مع البهتان / إفكا بإسم  أحمد / نبيّـنا العدناني / و ناحر الكفرة / بشفرة السّـنان/  من دون أن يـبالي / بوحدة الأوطان / إن كان مهـر الوحدة / السّجود للأوثان (2) . 
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                                      
 (1)  الجهم بن صفوان : عاش في صدر الإسلام ، ينسب اليه القول  بأن المؤمن  من آمن  بقلبه  حتى لو لم ينطق بشهادة التوحيد و لم يؤدّ اية شعيرة من شعائر الإسلام، بل حتى و لو مزق القرآن و أهانه و صرّح  بما يخرجه من الملّة  بل و لو عبد الأصنام و مات ساجدا لها، لأن الإيمان في حسبانه لا ينسخه قول و لا عمل (وهذا عصي عن التصديق لأن الرجل قتل و هو يحارب بني امية! فنسبة أقواله الى السلفية السنيّة اجدر من نسبتها الي الجهم). 
(2) صيانة الو حدة الوطنيّة: أكبر أصنام العصر، و أعظم حجّة للناكصين، تلك التي يسعى الإخوان للمحافظة عليها، فيقرّون من أجلها بالشرعية الدستورية المبدّلة لدين الله،  وأخيرا يظاهرون من أجلها النصارى على المسلمين، و يعطلون من أجل تلك الوحدة التي ما أغاظت عدوّا و لا سرّت صديقا، فريضة الجهاد خوف الفتنة التي قد تعصف بتلك الوحدة و تسفك دماء أهل الإجرام، وحدة لم تطعم المواطن من جوع و لم تؤمّنه من خوف، فهي لا تحفظ سوى أمن إسرائيل و مصالح أمريكا في المنطقة و لا تصون سوى عروش أكابر المجرمين. 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 79 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                     

أعظم بها من فرية / فاسدة البرهان / أن يحشر محمّد / في عبث الصّبيان / فيسمح بإسمـه / للكافر الجبان / بأن يسوق أمّتي / للذبح كالبعـران / و هو نبيّ الملحمه / و قائد الفرسـان / صلّ عليه دائما / على مدى الأزمان / ما حرّكت ريح الصّبا / غصنا من الأغصان.           



والآن

 هلمّ بنا، لو شئتم لنتعرف على المدرسة السنيّة ـــ الإرجائية التي تخرج منها حسن البنا، حتى  نخلص الى حقيقة خالية من التعقيد، و هي  أن مرشد الإخوان  كان مجدّد آلام، و مجرد حامل فيروس مرض قديم ما زال يفتك بامتنا. و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 80 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



إن تجاهل التاريخ خطيئة عقابها أن يتجاهلك الواقع""
الصادق النّيهوم رحمه الله


"إنّ في مقدوري أن اتفهّم الجهل، و لكنني لا أستطيع القبول بتمجيده و أقلّ من ذلك، القبول بحقّه في السّيادة"
يونغ تشانغ

هذا الكتاب

    ما هي ظروف تأسيس جماعة الإخوان المسلمين  التي يمثلها اليوم وعلى المستوى السياسي. الإخواني الفلسطيني إسماعيل هنية الذي استهل رئاسته الشكلية لحكومة السلطة الفلسطينية المنصبة تحت  حراب  اليهود، بعتاب الكيان الصهيوني على بطئه في تنفيذ خطة خارطة الطريق التي تهدف في شكلها النهائي الى الإعتراف بالإحتلال اليهودي لفلسطين و الى حرمان  المسلمين من بيت المقدس. لقاء ارضاء علمانيي حركة فتح  بمخفر منزوع السيادة و السلاح تتقاسم ادارته مع حركة حماس الإخوانية؟!                                                                  
   ما هو تاريخ " جماعة الإخوان المسلمين " التي يمثلها اليوم  طارق الهاشمي  نائب الرئيس العراقي العامل تحت  حكومة الإحتلال التي شكلتها امريكا في العـراق، و التي يمثلها كذلك أكثر من وزير إخواني في حكومة افغانستان المنصبة بإمرة أمريكا و حلفائها؟ 

  ما هو التاريخ الحقيقي  لجماعة الإخوان التي مثلها برهان الدين رباني الذي قاد تحالف الشمال في غزو امريكا لأفغانستان، و التي يمثلها اليوم رئيس الوزراء التركي رجب  طيب اردغان الذي سمح لأمريكا باتخاذ قاعدة عسكرية في تركيا ثم سهل  لقوات العم سام اتخاذ اراضي تركيا معبرا لمرور قواته الغازية  نحو العراق ، و الذي  تجرا بعد ذلك على  اتخاذ خطوة لم يقدم عليها أي علماني بعد انور السادات ألا وهي  زيارة تل ابيب ؟! .
               
    ما هو تاريخ  جماعة الإخوان  التي يمثلها على الصعيد الكهنوتي د. يوسف القرضاوي صاحب الفتوى الشهيرة  التي اطلقها سنة 2001 و التي سوّغ بموجبها للمجندين المسلمين في الجيش الأمريكي قتال اخوانهم في الدين  في كـل بلد إسلامي توجههم إليه الإدارة الأمريكية!؟.

    ما هو تاريخ جماعة الإخوان والتي يمثلهاعلى الصعيد" الدّعوي" النجم عمرو خالد الذي أفتي ضمنيا للكيان الصهيوني بأحقية ملكية المسجد الأقصى بحجة ان الأرض التي اقيمت عليها أولي القبــلتين و ثالث الحرمين هي ملكية رجل يهودي تبرع بها الى النبي سليمان عليه السلام !؟ .
                                                                                  
   كيف صنع هذا المركب الإخواني الذلول الذي وجد فيه الغرب  ضالته المنشودة و المتمثلة في اسلام ناعم مغناج لا يرد يد لامس.و يمكّن الغرب  من  تغريب دساتيرنا ونهب مواردنا ودوام استرقاقنا مع ضمان سلامة الكيان الصهيوني، دون تكلفة تذكر، كما يمكّنه من ذبح كل من نادى بتطبيق الشريعة أو سعى لفرضها عن طريق الخيار النبوي ـ الجهاد ـ دون إثارة  ريبة المسلمين .لأن الذابح هاته المرة  ليس حاكما عسكريا لا يفرق بين آية قرآنية ومثل شعبي ، بل وزير داخلية اخواني ملتح يستهل الذبح و يختمه  بذكر الله تعالى؟
   
 كيف وجد الغرب في  جماعة الإخوان المسلمين قناعا اسلاميا  مزيفا  سيمكنه حينا من الدهر، قد  يقصر و قد يطول، من التمديد في أنفاس النظم الإرهابية  الحاكمة في بلاد المسلمين، وتبيض وجهها الكالح، عبر تطعيمها بوجوه إخوانية ملتحية  تتكلم باسم الله، لتقوم بمهمة طمأنة المسلمين  بشرعية تلك الأنظمة  ثم، و(هذا أهمّ  و أخطر ما في الأمر)   لتقطع الطريق على أي جماعة جهادية تتوخى المنهج النبوي في التغيير ـ الجهاد ـ كي تشنع عليها و تتهمها بالإرهاب و الخروج على أولياء الأمور العلمانيين؟!                         
ذلك ما تحاول هذه الدراسة المستقلة عن كل جهة سياسية  داخلية أو خارجية ، و عن كل حزب أو طائفة ، الإجابة عنه، عبر أربع رسائل يمكن قراءة كل واحدة منها على حدة .               

و ما توفيقي الا بالله عليه توكلت و إليه أنيب.

حقوق المؤلف غير محفوظة .                         
   يسمح لأي جهة نشر الكتاب في أي شكل كان  على شرط  عدم احتكار حق نشره .                                      


تمّ و لله الحمد





في الصّميم حمّادي بلخشين لا شيء غير الحقيقة

اذا لم تتعرف
 على حقيقة الإخوان
و السلفية( السنة) و الشيعة،
فستكون حيال المشهد السياسي لأمتك
تماما كأطرش حقيقيّ  في زفّة
فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل


Afficher l'image d'origine

في الصّميم
حمّادي بلخشين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا شيء غير الحقيقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
     صاحب الموقع      
  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


     
تعرّف علي جماعة الإخوان المسلمين ، من البداية الي النهاية : من مهدها البريطاني الي لحدها الأمريكي .
تعرّف أيضا على الشيعة كما ولدتها أمها، و علي ضوء قراءة اسلامية خالصة من التعصب الطائفي .
تعرف على الوضع المهين و المروّع لأمتك المسلمة، حتى لا تتوهم يوما ما ان النصر منا قريب، و انك ستفيق يوما على تحوّل سياسي أو أجتماعي أو حقوق ــ انساني يسرّ المؤمنين .
  تعرف في هذا الموقع ايضا على عظمة اسلامك و عظمة حضارتك الأسلامية و قيمها العليا و تاريخها المشرف في مجال العلم و قبول الآخر المخالف في الدين ( التسامح الديني) حتى لا يهوى بك اليأس بسبب واقعنا المروّع الي زعزعة الثقة في نفسك و في اسلامك العظيم .
تعرف على الأسباب الحقيقية لسقوط الكيان الإسلامي و دولة الإسلام .
اذا لم تتعرف على حقيقة الإخوان و السلفية( السنة)  و الشيعة، فستكون حيال المشهد السياسي لأمتك تماما كأطرش حقيقيّ في زفّة . فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل .

   
   أنا مسلم لا أرتضي    تـسـمية غير التي
   أكرمنــــي ربّي بها   أعـظم بها تسميتي
   فلسـت سنــــيّا ولا   أرضى بتلك النسبة
  و لست شـــيعيّا ولا   أدين بـــــالخــرافة
       حمادي بلخشين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حين أردّ أحاديث رواها البخارى و مسلم فلثقتي بان النبي لم يقلها أصلا و حاشاه ان يفعل    


إن كان قال فقد صدق
أزكى و أطهر من نطق
خير البريّة أحمــــــــــد
ما جــــــــاءنا إلا بحقّ
حمادي بلخشين

و قد وصلت  أمّتنا الى مفترق خطير، امّا الإعتقاد بأن الله قد أنزل دينا لا يصلح كمنظومة لتسيير دولة و حماية فرد، و إمّا انكار ما جاء في ّ "الصّحاح " من مرويات فاسدة أوصلتنا الى الحضيض 
حمادي بلخشين

صاحب هذا الموقع يدعو الي دين الله، دين ابي بكر و عمر و دين علي و دين ابي حنيفة  و يندّد
  بدين الملوك (السنة) ويشنع على دين الكاهن( الشيعة).


سلسلة رسائل" في الصّميمو تتضمن:
كتابا عن الشيعة وآخر عن الإخوان و ثلاث كتب عن السلفية  مع اكثر من 200 قصة قصيرة لما بعد النوم

الجديد :مجموعة قصصية بعنوان برهان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                




كتابالشيعة و التشيع، قراءة حيادية بعيدة عن المؤثرات الطائفية ست رسائل                    


الرسالة الثانية :كسر الصنم الشيعي بايدي اكبرسدنته في
الرسالة الثالثةأصل التشيع و اصوله
الرسالة الرابعةالشعب الأربع للفتنة الشيعية
الرسالة السادسة لماذا و كيف تم انجاح الثورة الخمينية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب فتّش عن الإخوان ـــ دراسة تأريخية حول نشاة وسقوط جماعة الإخوان المسلمينأربع رسائل
الرسالة الأولى:تكامل السقوط الإخواني
الرسالة الثانية خفايا و اسرار الصندوق الإخواني الأسود
الرسالة الثالثة الخلفية السلفية المدمرة لحسن البنا.
الرسالة الرابعة : سبيل الرسول أم سبيل حسن الب
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  كتاب  "من جرائم السلفيّة". أربع رسائل .
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  كتاب " السلفية هي العدوّ" خمس رسائل
   ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  كتاب " كوكتيل سلفي " ثلاث رسائل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مآذن خرساء
رواية من ست اجزاء








ــــــــــ قصص قصيرة ـــــــــــ





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إدانة: قصص قصيرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إغتصاب:مجموعة قصصية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








 ــــــــــــــــــ   ــــــــــــــ 

إن تجاهل التاريخ خطيئة عقابها أن يتجاهلك الواقع
الصادق النيهوم

ـــــــــــــــــــــــــــ

 

سلسلة في الصّميم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تكـــامل السّــقوط الإخــوانـي 

 نماذج من السّقوط العقائديّ والسّياسيّ والوطنيّ لجماعة الإخوان المسلمين






Aucun commentaire: