( - مـا - اُنـزلَ عـلى المَـلَـكـيْـن ببـابـلَ )
البقرة 102 :
.
إنّ [ المـوضـوع
الأسـاسيّ ] في الآيـتيـن الكريمـتين : [ 101 + 102 ] مـن سـورة البقـرة ، هـو : [
نـبْـذُ ] القـرآن الكـريم و : [ اتّبـاع ] الـذي كُـتبَ فـي : [ بـابـل ] ، و قـد
حصـل هـذا مـن قِـبَـل : [ أهـل الكـتاب ] في المـدينة المنـوّرة ، و ليـس الموضـوع
الأسـاسيّ هـو : [ السـحـر ] و الشـعوذة ، فالقـرآن الكـريم ينـاقـش : [ القضـايا
الكـبرى ] ، و آيـاتـه ليسـت للسـحـر و الشـعوذة ، حـيث يسـتخـدم المـشـعوذون
الكـاذبـون ، الآيـة [ 102 ] مـن سـورة البقـرة مـن أجـل : [ فـك السـحـر و طـرد
الجـان !!!!!!!!!!!! ] ، و هـذا هـو : [ الكـفر الحـقيقـي بـآيـات الله ] .
_ و قـد بـدأ
هـذا المـوضـوع مـن الآيـة 89 : ( و لـمّـا جـاءهـم كتـاب مـن عـند الله مُـصـدّق
لِمَـا مـعـهـم .... فلمّـا جـاءهـم مَـا عـرفـوا كـفروا بـه ) البقرة 89 ، و
تـتـابـع الآيـات : ( و إذا قيـل لـهم : آمـنوا بمـا أنـزل الله ، قـالوا : نـؤمـن
بمـا أنـزل عليـنـا ، و يكـفرون بمـا وراءه و هـو الحـق مـصـدّقـاً لِمـا مـعهـم )
البقرة 91 ، إلـى أن يصـل إلـى الآيتـين : [ 101 + 102 ] ليـوضـح الحـقـائق
كـامـلة :
.
الآيتـيـن الكـريمـتين :
( و لمّـا
جاءهـم رسـول مـن عـند الله مُـصـدّقٌ لـِمَـا معـهـم ) البقـرة 101 ، أي : جاءهـم
الرسـول الكـريم صلى الله عليه و سلّم ، بالقـرآن الـذي يُصـدّق ما جـاء : [
بالتـوراة الأسـاسـيّة ] ، فكـانت النتـيجـة : ( نبـذَ فـريـق مـنَ الـذينَ -
أوتـوا الكـتَابَ - كـتابَ الله وراء ظهـورهم ) البقـرة 101 ، أي : نبـذوا القـرآن
الكريم ، ( و اتّـبعـوا مـا تـتـلوا الشـياطـينُ عـلى مُـلْـكِ سـليـمان ) البقـرة
102 ، أي : اتّـبعـوا ما قـاله [ شـياطين الإنـس ] ، لأن : [ شـيـاطـين الجـن ] لا
يتـلـون شـيئـاً عـلى البشـر ، و أمّـا : [ مـلْـك سـليمـان ] فقـد انتـهى بـعد
وفـاة سـليمـان مـباشـرةً و لـم يـبقـى لـه أثـر ، و ذلـك بنـاء عـلى دعـاء
سـليمـان بالـذات : ( ربّ اغـفـر لـي و هـب لـي مُـلـكـاً - لا يـنـبغـي لأحـد مـن
بـعـدي - ) ص 35 ، و لـكـن كـتـبوا عـن أنّ سـليمان عليه السلام قـد ماتَ كافـراً
، لأنّه قـد أحـبّ : [ آلهةَ اللـذّة = عَـشـتار ] ، فـفي : [ سـفْر الملوك الأوّل
11 / 1 - 5 ، 33 ] نجـد : [ و أحـبّ سـليمانُ نسـاءً غـريبةً كـثيرة ، فـأمالـت
نسـاؤهُ قـلبهُ وراءَ آلهـةٍ أخـرى ، و لـم يـكن قـلـبُه كامـلاً مع الـربّ ،
فـذهـبَ سـليـمان وراء عـشـتاروت - عـشـتار - ، فغـضـبَ الـربّ عـلى سـليمـان ] .
_ فجاء القـرآنُ
الكريـم ب : [ نـفي ] هـذا الكـلام الغـير صـحـيح ، و ليـقـول صـراحةً : ( و -
مَـا - كـفَـرَ سـليمان ) البقرة 102 ، و ليـقـول عـن سـليمان : ( نِعْـمَ العـبـد
إنـهُ أوّاب ... و إنّ لـه عـنـدنا لـزُلـفى و حُـسْـنَ مـآب) ص 30 .
.
مَـا [ النـافية ] :
الآية [ 102 ] من سـورة
البقرة ، هيَ : [ الآيـة النـافية ] لقـضـيّتـين ، تـمّـت كتـابتهمـا فـي [ بـابـل ] :
1 _ ( - مـا -
كَـفَـرَ سـليمان ) ، فهي : [ تنـفي ] الكـفْـرَ عـن سـليمان عليه السلام .
2 _ ( - مَـا -
اُنـزلَ عـلى المَـلَـكـيْن ببـابل هـاروت و مـاروت ) ، و هنـا تنـفي قصّـة
الملَـكـين جُـمـلةً و تفـصيلاً ، أي : [ لا يـوجـد مـلَكـين اسـمهمـا هـاروت
ومـاروت فـي بـابـل ، و لـم يـنزل عليهمـا أي شـيء ] .
_ فمـثلمـا
بـرّأت الآيـة الكـريمة سُـمـعَـةَ سـليمان مـنَ الكُـفْـر ، كـذلك بـرّأتْ سُـمعة
الملائـكة مـنَ الاعـتراض على الله ، و مـن ارتكابهـم أشـدّ أنـواع الفواحـش : [
شـرب الخمـر + القـتْـل + الزنـا ] مثـلمـا وردَ في القـصّة التـي كُـتبـت فـي : [
بـابـل ] .
_ و كـذلـك : [
تـنفي ] هـذه الآيـة الكـريمـة فكـرة : [ وجـود السـحـر ] ، التـي كـانت شـائـعة
فـي : [ بـابـل ] القـديـمـة .
_ و جـاءت هـذه
الآيـة الكـريمـة لتخـلـص المـجتمع مـن فـكرة : [ الابـاحـية الجـنسـية ] التـي
كـانت متـفشـية فـي : [ بـابـل ] ، و لـمنع انـتشـارهـا فـي المجـتمـعات ، و مـع
الأسـف بقـيت منتـشـرة حـتى الآن
.
.
القـلـيل مـن التـفكـير :
1 _ المـتقـون :
إن الانـسـان صـاحب التقـوى ، يـجـب أن يـؤمـن فقـط ، أن الله تعـالـى لا يُـنـزّل
إلاّ الخـير : ( و قـيـل للـذين اتـقـوا : مـاذا أنـزل ربـكـم ؟ قـالـوا : خـيراً
) النحل 30 ، لـذلـك : [ اتـقـوا اللـه ] و لا تقـولـوا : [ إن الله قـد أنـزل -
مَـلَكـين - و أنـزل معهمـا السـحـر و الفـتنـة و التفـريق بيـن الأزواج ] .
2 _ و الـذين
قـلـوبـهم : [ مُـنكـرة ] للحـقيقـة السـابقـة ، هـم الـذين يـؤمـنون بـأن الله
قـد أنـزل مَـلكـين فـي : [ بـابـل ] مـثل قـول أسـاطـير الأولـين ، و مـع كـل
الأسـف يـروّجـون هـذه التـفـاسـير : ( فـالـذين لا يـؤمـنون بـالآخـرة قـلـوبـهم
مُـنكِـرة و هـم مُـسـتكـبرون ، و إذا قـيـل لـهم : مـاذا أنـزل ربـكـم ؟ ،
قـالـوا : أسـاطـير الأولـين ) النحل 22 / 24 .
3 _ هـل فكـرتـم
لمـاذا : [ بـابـل ] حصـراً !!!!!!!!!!!!!!! ، و لمـاذا حصـل كـل ذلك فـي : [
بـابـل ] القـديمـة ؟ !!!!!!!!!!! ، السـبب ، كـان يـوجـد فـي بـابـل : [
كـاهـنـان شـهـيران ] ، ينـشـران الفـسـاد و يـدعـوان إلى : [ الإبـاحـية
الجـنسـية و عـدم الـزواج ] يقـول تعالـى عـنهمـا : ( يفـرّقـون بـه بيـن المـرء و
زوجـه ) البقرة 102 ، و قـد أطـلقـا عـليهـا : [ البغـاء المـقدّس ] ، و فـي [
بـابـل ] القـديمـة انتـشـرت : [ الابـاحـية الجـنسـية ] التـي كـان يعلمهـا
كـاهنـان شـهيران : ( فـيتعـلّمون - منهـمـا - مَـا يُـفـرّقون بـه بيـن المـرْء و
زوجـه ) البقرة 102 ، إنّ المقصود بالمُـثـنّى هُـنـا ، هُـمـا : [ كـاهنـان ]
كـانا يعـيشـان في [ بابـل ] القـديمة ، و ليـس مَـلَكـين : [ هـاروت و مـاروت ] !!!!!! .
_ عَـشـتـار :
كان يـوجـد فـي بـابـل
القـديمـة ، معـبد : [ مـيلـيكا - عـشـتار ] ، حـيث كـان على كـلّ أنثى أن
تُـقـدّم : [ بكارتهـا ] في صحـن المعـبد إلى رجُـلٍ غـريب ، و تُعـطي الـمال
الـذي تجـمعـه إلـى كـاهـن المعـبد ، و كانَ ذلـك يُـدعى : [ البِغـاء المـقـدّس ]
، حـيـث : [ كـلّ الـنسـاء لكـلّ الرجـال ] ، و لا زالت هـذه : [ الإبـاحـيّة ] منتـشـرة
حتـى الآن ، خاصـة في : [ نـوادي العُـراة
] .
.
الـسـحـر :
كـان الكـاهـن : [
آشـيـب ] فـي بـابـل القـديمـة ، يُـشـيـع بيـن النـاس أقـوالـه الكـاذبـة : [ إن
الجـن يسـكـنون المقـابـر و الحمـامـات و الأمـاكـن المـهجـورة .... و أنـهـم
يتـلبّـسـون الإنسـان ، و أنـه وحـده القـادر عـلى إخـراج الجـن مـن الأشـخاص
بقـراءة تعـاويـذ مـعينـة و بضـرب الإنسـان المسـحـور و الـذي يسـكـنه الجـن ] ، و
هـذا واضـح مـن سـيـاق الآية الكـريمة : ( .... و لكـنّ الشـياطـينَ كَـفـروا ،
يُعـلّـمـون النـاسَ السـحـر ) البقرة 102
.
_ و لا تـزال
هـذه الأفكـار : [ شـائـعة بيـن النـاس ] ، بالـرغـم مـن انتشـار العلـم و
المـعرفة .
.
هـام و هـام و هـام :
إنّ القـرآن الكـريم و
مـن خلال الآيـة : [ 102 ] من سـورة البقـرة ، يُعالـج القـضايا الكُـبرى التي
تضـرّ و تُـخـرّبُ المُـجـتمعات ، مثـل : [ الكُـفر + الإبـاحـيّة الجـنسـيّة ] ،
و الله سـبحانه لـمْ يُـنزل قُـرآناً : [ عـظـيماً ، كـريماً ، حـكيماً ، مجـيداً
.... ] ، مـن أجـل كتـابتـه عـلى شـكـل : [ تعـاويـذ ] ، مـنْ أجـل وهْـمٍ كـاذب
يُـدعى : [ السـحـر و تلـبّـس الجـان ] ، فالقـرآن الكـريم أعـظم مـن ذلـك بكـثير
جـداً جـداً جـداً .... .
_ فالـذي
يسـتخـدم القـرآن الكريـم مـنْ أجـل : [ الـرقـية الشـرعـية مـنَ السـحـر ، و مـن
أجـل كـتابتـه عـلى شـكـل تعـاويـذ مـنَ الجـنّ ] ، هـوَ أشـبه ما يكـون باللـذين
: [ نبـذوا كـتابَ الله وراء ظهورهـم
] .
.
بعـصـر العِـلم
يـزدادون جهـلاً .... كـأهـلِ الكهـف : أيقـاظٌ نِـيـامُ
.
( و مَـن أصـدق
مـنَ اللـه قـيـلاً ) النساء 122 ؟
!!! :
في البـداية لابـدّ
مـنَ الـرجوع إلى آيـات الله تعـالى ، و نتـأمّـل بكـلّ دقّـة هـذه الآيـة
الكـريمة : ( قـال مـوسى : مَـا جـئـتُـم بـه السـحـر - إنّ الله سـيُـبطـلـه -
إنّ الله لا يُـصلـح عَـمَـلَ المُـفـسـديـنَ ) يونس 81 ، فهـذه الآية الكـريمة :
[ تُـؤكّـد ] أنّ الله بالـذات هـو الـذي : [ يُبْـطِـلُ ] كـلّ أنـواع السـحـر ،
و الـسَـبب واضـح في آخـر الآيـة : ( إنّ الله لا يُصلـح عـمَـلَ المُـفـسـديـن ) .
_ و إذا
قُـلـنـا : إنّ السـاحـرَ قـد : [ أفـلـحَ ] و سَـحَـرَ شـخـصاً مَـا ، فإننـا
بقـولنـا هـذا نقـصدُ أنّ الله لـمْ : [ يُبـطل ] عـمَلَ هـذا السـاحـر ، و أنّ
الله قـد : [ أصـلح عَـمَـل مُـفـسـد ] ، أي كـأننـا نقـول : أنّ هـذه الآية غـير
صحـيحة : [ و العـياذ بـالله ]
.
_ يُـؤكّـدُ
الله أيـضاً : ( و لا يُـفلـحُ السـاحـرُ حـيثُ أتـى ) طه 69 ، أي : مهمـا عمـلَ
السـاحـر فـلـن يـنجـح في سـحر أحـد
.
_ و أيضاً إذا
قـلنـا : أنّ السـاحـرَ قـد : [ أفـلح ] و سَـحـرَ أحـداً ، فكأننـا نقـول : إنّ
هـذه الآية غـير صحـيحة ، [ و العـياذ بالله تعـالى ] .
.
( و نـزّلـنا
عـلـيكَ الكـتابَ ، تبـياناً لـكُـلّ شـيء ) النحل 89 :
بيّـن القـرآن الكـريم
أنّ : [ السـحـر ] هـو : [ خِـداع بـصـريّ ] فـقط ، و ناتـج عـن الخـوف : (
سـحـروا أعـيُـنَ النـاس ، و اسْـتـرهـبوهُـم ) الأعراف 116 ، و لـم يقـل : [
سـحـروا النـاس ] ، بـل قـال : ( سـحـروا أعـيُن النـاس ) ، و لا بُـدّ مـنَ
الرهْـبة و الخـوف : ( و اسـترهـبوهـم ) ، لتحـقـيق اهـتـزاز [ شـبكـيّة العـيـن ]
مـن أجـل رؤيـة صـوَر : [ وهـميّـة ] مثـلمـا نـرى الأحـلام في اللـيل .
_ و الـدليـل
عـلى أنّ : [ السـحـر ] هـو خـداع بصـريّ و : [ خـيال ] فقـط ، قـوله تعـالى : ( -
يُـخَـيّـلُ - إليـه مـن سـحـرهـم أنهـا تسـعى ) طه 66 ، لـذلك طـالب الله مـوسى
بعَـدَم الخـوف : ( قُـلـنـا لا تخَـف ) طه 68 ، ثـمّ أوضـح لـه أنَ مـا يـراه هـو
: [ كـذبة كُـبرى = إفْـك ] : ( و أوحـينـا إلى مـوسـى : أنْ ألْـقِ عـصـاكَ ،
فـإذا هـيَ تـلْـقـفُ مَـا - يـأفِـكـون - ) الأعراف 117 .
الخـلاصـة :
يـؤكّـدُ القـرآن
الكـريم :
1 _ إنّ الله
يُـبطِـلُ كـلّ أنـواع السحـر ، لأنّ : ( الله لا يُـصلـحُ عَـملَ المُـفـسـدين ) .
2 _ لـنْ : [
يُـفـلح ] السـاحـرُ مهمـا عمـلَ و مهمـا حاولَ : ( حـيـث أتـى ) .
3 _ السـحـر هـو
: [ خـداع بصـريّ ] نـاتـج عـن الخـوف : ( سـحـروا أعـيُن النـاس و اسـترهـبوهـم ) .
4 _ السـحـر هـو
: [ كـذبـة كـبرى = إفْـك ] : ( فـألقى مـوسى عـصاه فـإذا هـي تـلْـقـفُ مـا
يأفـكون ) الشعراء 45 ، ( و مَـنْ أصْـدقُ منَ اللـه قـيلاً ) النساء 122 ؟ !!!!! .
.
كـل هـذا ، و الله
أعـلـم .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire