أحداث 26 جانفي 1978: هكذا أسقط رصاص نظام بورقيبة 400 شهيد وأكثر من 1000
جريح
تفصلنا اليوم أكثر من 3
عقود على ما يعرف بـ »الخميس الأسود »…وبالتحديد 37 سنة على اندلاع
أحداث 26 جانفي 1978 تاريخ المواجهة الدموية بين الشعب التونسي ونظام الإستبداد
البورقيبي…
رغم المسافات الطويلة
التي باتت تفصلنا عن هذه الأحداث لم يسقط ذاك « الخميس » من ذاكرة
التونسيين…مازال جاثما بعذاباته وتضحياته في مخيال الآلاف من المناضلات والمناضلين
الذين شهدوا الواقعة واكتووا بلهيب شتاء 1978…
يظن جلادو الأمس أنهم أسقطوا 26 جانفي من دفاتر التاريخ…ولكن مازالت آثار الجريمة ماثلة إلى اليوم…حفظتها أجيال من النقابيين والسياسيين عن ظهر قلب…
يظن جلادو الأمس أنهم أسقطوا 26 جانفي من دفاتر التاريخ…ولكن مازالت آثار الجريمة ماثلة إلى اليوم…حفظتها أجيال من النقابيين والسياسيين عن ظهر قلب…
الأسباب متشعبة والوقائع
والشخوص لا تحصى ولاتعد…ولكن هذا لا يمنعك من إعادة تركيب صورة تتسق فيها مشاهد
القمع وأسماء الجلادين بإحكام…وتنتظم داخلها أبعاد الصراع ومآلاته بوضوح…
400 شهيد ومئات الجرحى
يسقطون برصاص النظام
مثلت بداية
السبعينات منعرجا حاسما في تاريخ تونس المعاصر حيث شهدت البلاد أزمة متشابكة
الأبعاد لا مست كل المجالات تقريبا…وقد كان الانسداد السياسي والاجتماعي
والاقتصادي سمة طاغية على المشهد…وأصبحت فئات واسعة من الشعب تتذمر من غلاء
المعيشة ومن الإجراءات اللاشعبية التي اتخذتها حكومة الهادي نويرة آنذاك…حتى
النظام السياسي كان منقسما على نفسه حيث بدأت تلوح بوضوح داخله مسألة صراع الأجنحة
حول خلافة بورقيبة المريض والعجوز….
أحداث 26 جانفي 1978 كانت
الذروة العليا لهذه الأزمة وكان الاتحاد العام التونسي للشغل المحرك الرئيسي
لها…حيث بدأ النقابيون منذ صائفة 1977 في الدعوة إلى الإضرابات وتنظيم صفوف
العمال والكادحين وطفق الخطاب النقابي يأخذ منحا أكثر تصعيدا إزاء السلطة…وقد كانت
مظاهرة صفاقس يوم 9 سبتمبر 1977 وإضراب عمال شركة « سوجيتاكس » بقصر
هلال يوم 10 أكتوبر أهم التتحركات التي أغضبت نظام بورقيبة وجعلته يشن حملة ممنهجة
على النقابيين وعلى مقرات الإتحاد… وقد مهد هذا التصعيد « الفاشستي » إلى انعقاد المجلس الوطني للاتحاد العام
التونسي للشغل أيام 8و9 و10 جانفي 1978 وصرح خلاله الأمين العام للاتحاد الحبيب بن
عاشور بالانسحاب من اللجنة المركزية للحزب الحاكم وبانسداد قنوات الحورا مع النظام،
ثم تلا ذلك انعقاد الهيئة الإدارية يوم 22 جانفي 1978 والتي قررت الإضراب العام
يوم الخميس 26 جانفي 1978.
فصول حكاية 26
جانفي 1978 يطغى عليها أزيز الرصاص وتخيم على مساحاتها شتى ألوان التنكيل
والتعذيب…حيث قرر نظام بورقيبة مواجهة المواطنين العزل والسلميين بالرصاص
والاعتقال…وقد دخل الجيش كلاعب جديد في إدارة الصراع الاجتماعي والسياسي…حيث احتل الشوارع
وفتح النار على العديد من المتظاهرين، وقد بلغ عدد الشهداء حسب تقارير مستقلة أكثر
من 400 وبلغ عدد الجرحى حوالي 1000 عكس ما أعلنت عنه حكومة الهادي نويرة التي أشار
إلى سقوط 52 قتيل و365 جريح …ثم بدأت السلطة في شن حملات اعتقال واسعة
للقيادات المركزية والوسطى للاتحاد و لكل من سولت له نفسه المجاهرة بمعارضة نظام
القمع….ثم تلت ذلك المحاكمات التي لم يحترم فيها النظام أدنى شروط المحاكمات
العادلة…وفاحت رائحة التعذيب من أقبية الاعتقال ومن زنازين النظام حيث مات بعض
النقابيين تحت التعذيب أو بسببه من بينهم الشهيد سعيد قيقة…
الكولونيل بن علي ومحمد
الصياح أبرز الجلادين
محمد الصياح
زين
العابدين بن علي
وأنت تبحث في دفاتر 26
جانفي 1978 وشخوصه البارزين…يتكرر أمامك بإلحاح اثنين من أبرز مهندسي هذه
المجزرة….هما الكولولونيل والرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ومحمد الصياح مدير الحزبالاشتراكي
الدستوري آنذاك…
وقد صعد بن علي
إلى سطح الأحذاث وساهم في قمع المتظاهرين والتنكيل بهم بشدة عندما تم تعيينه مديرا
للأمن آنذاك بعد أن كان يشغل خطة كولونيل في الجيش…وقد انتدبه وزير الداخلية
الجديد عبدالله فرحات بعد أن تم نقله من وزارة الدفاع وإقالة وزير الداخلية الأسبق
الطاهر بالخوجة…وقد كان فرحات يعرف بن علي عن كثب ويدرك متى تعطشه لإدارة الأزمة الاجتماعية
والسياسية عن طريق القمع…وتشير العديد من الشهادات النقابية إلى أن مدير الأمن زين
العابدين بن علي أشرف بنفسه على تعذيب النقابيين والتنكيل بهم في مراكز
الإعتقال…هذا وقد جيء تزامنا مع الأحداث بوزير داخلية جديد هو الضاوي حنابلية…
أما محمد الصياح، الذي
يعد من أبرز رموز الجناح « المتصلب » في نظام بورقيبة فقد استغل وجوده
على رأس إدارة الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم ليبعث خلايا « فاشستية »
موازية لأجهزة الأمن الرسمية عُرِفت آنذاك بمليشيات الصياح، وقد توزعت هذه
المجموعات في مختلف أنحاء البلاد وكانت تشارك في قمع المتظاهرين، كما كان لها دور
كبير في هرسلة النقابيين والاعتداء عليهم… ومن بين رموز هذه العصابات المأجورة اشتهر
اسم « عبدالله المبروك الورداني » الذي هدد باغتيال الزعيم الحبيب بن عاشور…وهو
ما أثار غضب النقابيين وجعل السلطة تسارع إلى لملمة الأمر وقضت بسجن هذا الأخير 4
أشهر…وقد كان عبد الله المبروك من أصدقاء محمد الصياح ومن المقربين للرئيس
بورقيبة لأنه شارك مع « زرق العيون » في اغتيال الزعيم صالح بن يوسف…
وقد حدثني أحد النقابيين
الذين شهدوا الأحداث أن محمد الصياح حوَّل مقر لجنة التنسيق الدستورية بباب بنات بالعاصمة
إلى معتقل لتعذيب النقابيين والنشطاء…وقد مر الكثير منهم من « صباط الظلام » وهو الكهف الموجود بمقر لجنة التنسيق بتونس
وتعرضوا لشتى انواع التنكيل…وهو ذات الكهف الذي مر منه الكثير من اليوسفيين من
قبلهم…
26 جانفي: انتصار بطعم
الدم والجلادون لا يعترفون بالجريمة
كانت ملحمة 26 جانفي 1978
انتصارا حقيقيا للحركة النقابية وللشعب التونسي رغم قمعها بالحديد والنار من قبل
نظام بورقيبة…وقد زعزعزت الكثير من اليقينيات والتابوهات وقذفت في نهر الحياة السياسية الكثيرمن
المياه الجديدة…وتراجع النظام خطوات إلى الوراء وكسب الشغالون جزءا كبيرا من
استقلاليتهم عن الحزب الحاكم…وبدأت سياسة الحزب الواحد تتهاوى شيئا فشيئا…والأبرز
من ذلك أن الأحداث كشفت إفلاس النظام ومهدت لأحداث الخبز في سنة 1984…
ورغم الجرائم المرتكبة ضد
النقابيين وضد الشعب إلا أن من مازال من الجلادين على قيد الحياة ما فتئ يتباهى
بدوره في الأحداث ومن بينهم محمد الصياح الذي قال في أحد حواراته بعد ثورة 14
جانفي 2011 عندما
سئٍل عن أحداث 26 جانفي 1978 بأنه « لابد من محاسبة كل من روّج هذا الكلام..
لم تكن لدينا اي ميليشيا وحتى من اسموهم بمجموعة الصياح باعتباري مديرا للحزب لم
يجدوا لها أثرا ونحن كوزراء لم نتدخل في ما حدث »….آنذاك بل تدخل الأمن
والجيش عندما عمت الفوضى ذات خميس أسود
هكذا يتحدث أبرز مهندسي
مجزرة 26 جانفي 1978 عن تضحيات الآلاف من التونسيين….
أحداث 26
جانفي 1978: هكذا أسقط رصاص نظام بورقيبة 400 شهيد وأكثر من 1000 جريح....بقلم
ياسين النابلي
أحداث 26
جانفي 1978 محور جلسة الاستماع العلنية 6 لهيئة الحقيقة والكرامة
خصصت هيئة الحقيقة والكرامة، جلسة الإستماع
العلنية السادسة لضحايا إنتهاكات حقوق الإنسان المنعقدة مساء امس الخميس بمركّب
صندوق الحيطة والتقاعد للمحامين بالمركز العمراني الشمالي بالعاصمة لأحداث
« الخميس الأسود » نظرا لتزامنها مع الذكرى 39 لهذه الأحداث الأليمة.
وتعود أطوار أحداث « الخميس
الأسود » إلى يوم 26 جانفي 1978 حيث تم إعلان الاضراب العام بالبلاد التي
استغلها النظام للتخلص من خصومه النقابيين ما أدى إلى سقوط 52 قتيلا و365 جريحا
حسب إعترافات النظام آنذاك. وتدخل الجيش وتم إعلان الحالة الطوارئ ومنع التجوال بالطريق
العام.
وجاء في تقديم الهيئة للسياق العام
لأحداث يوم 26 جانفي 1978 الذي وصف « بالخميس الأسود » أن هذا اليوم
« مثل لدى البعض طلاقا دمويا » بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحزب
الاشتراكي الدستوري (الحزب الحاكم آنذاك) وعرضت الهيئة 6 شهادات لضحايا منهم من
حضر الجلسة ومنهم من غاب عنها بسبب وفاته أثناء تلك الأحداث أو لأسباب صحية.
خير الدين الصالحي أول الضحايا الذين تولوا
تقديم شهادتهم بخصوص أحداث يوم 26 جانفي 1978 روى أنه عند عودته يوم 25 جانفي إلى مقر سكناه بعد مشاهدته شريط
سينمائي أخبره أمني بأنهم (يقصد الحكومة) لم يقرروا كيفية معاقبتهم (هو وباقي
القيادات باتحاد الشغل) إما تقديمهم لمحاكمة أو تصفيتهم جسديا، مضيفا قوله
« أشكرهم لكونهم قرروا إيداعنا السجن وإبقاءنا على قيد الحياة لنروي لكم
حقيقة ما حصل ».
واعتقل الصالحي في الليلة الفاصلة بين 26 و27 جانفي 1978 من مقر الاتحاد العام التونسي للشغل مع من كان متواجدا من القيادات وتم استنطاقه في الإدارة الفرعية لأمن الدولة ثم أحيل على قاضي التحقيق الذي أصدر في شأنه بطاقة إيداع بالسجن.
ومثل الصالحي وهو من مواليد باجة يوم 16 جويلية 1933 ومتقاعد من وزارة المالية، أمام محكمة أمن الدولة مع عدد آخر من النقابيين لمقاضاتهم من أجل ارتكابهم لجريمة الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وإثارة الهرج وحمل المواطنين على مهاجمة بعضهم بعضا وتعمد الاعتداء المقصود منه إثارة الهرج والقتل والسلب بتونس على معنى أحكام الفصل 72 من المجلة الجزائية.
واعتقل الصالحي في الليلة الفاصلة بين 26 و27 جانفي 1978 من مقر الاتحاد العام التونسي للشغل مع من كان متواجدا من القيادات وتم استنطاقه في الإدارة الفرعية لأمن الدولة ثم أحيل على قاضي التحقيق الذي أصدر في شأنه بطاقة إيداع بالسجن.
ومثل الصالحي وهو من مواليد باجة يوم 16 جويلية 1933 ومتقاعد من وزارة المالية، أمام محكمة أمن الدولة مع عدد آخر من النقابيين لمقاضاتهم من أجل ارتكابهم لجريمة الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وإثارة الهرج وحمل المواطنين على مهاجمة بعضهم بعضا وتعمد الاعتداء المقصود منه إثارة الهرج والقتل والسلب بتونس على معنى أحكام الفصل 72 من المجلة الجزائية.
وقضت محكمة امن الدولة في تاريخ 9
أكتوبر بعقاب خير الدين الصالحي ب8 سنوات أشغال شاقة.
أما محمد شقرون الضحية الثانية الذي
أدلى بشهادته فقد داهم أعوان الأمن منزله يوم 29 جانفي 1978 واقتادوه إلى مقر فرقة
سلامة أمن الدولة بوزارة الداخلية. ولدى إيقافه بالإدارة الفرعية لأمن الدولة
واستنطاقه تعرض الضحية لشتى أنواع التعذيب باستعمال العصي والحبال وإخضاعه
« لوضع الدجاجة ».
وتمت مقاضاة شقرون على معنى أحكام
الفصل 72 من المجلة الجزائية شأنه
شأن الصالحي وصدر حكم يقضي بعقابه ب5 سنوات أشغال شاقة إلا أنه أفرج عنه بعد سنتين
وثلاثة أشهر.
في الشهادة الثالثة، قدمت سعاد قاقي
ابنة الضحية سعيد قاقي، الذي توفي في 9 جانفي 1979 بعد معاناة من سرطان الرئة شهادتها
فقالت إنها كانت تحظى رفقة أخواتها السبع وأخيهن بحب وعطف أبويين كبيرين وكان
أبوها لا يميز بين أحد من أبنائه.
ذكرت سعاد إن عائلتها عائلة
« جربية » محافظة
وكان والدها هو القائم بكل شؤونها، مضيفة أن العائلة فوجئت بغيابه لأكثر من شهرين
دون معرفة وجهته ليعم العائلة قلق وحزن بالغين.
تحدثت سعاد عن المعاناة التي تعرض لها
أفراد العائلة بعد أن عرفوا جهة اعتقاله. ففي زيارتهم له تعرضوا لأشكال شتى من
التنكيل. اعتقل سعيد قاقي من مركزية الاتحاد العام التونسي للشغل يوم 27 جانفي 1978 وتعرض لأشكال تعذيب بشعة
في غرف خاصة تراوحت بين تكتيف اليدين وإدخال قضيب حديدي تحت الركبتين والتعليق بين
طاولتين لانتزاع اعترافات بالإكراه.
تدهورت الحالة الصحية لسعيد قاقي ولم يستجب
طبيب السجن المدني بتونس لطلبه الخضوع للفحص وقد لخص الفقيد معاناته في رسالة بخط
يده كتبها في 22 سبتمبر 1978 ووجهها إلى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
تمت مقاضاة سعيد قاقي على معنى أحكام الفصل
72 من المجلة الجزائية وقضت محكمة أمن الدولة بعقابه بستة أشهر مع الإسعاف بتأجيل
التنفيذ. خضع الضحية إلى فحوص طبية بمستشفى أريانة للأمراض الصدرية أثبتت إصابته
بسرطان الرئة مما عكر حالته الصحية فلازم منزله تحت الرعاية الطبية والعائلية إلى
حين فارق الحياة.
الحالة الرابعة تعلقت بالتعذيب
والايقاف التعسفي للضحية زهير بلخيرية الذي لم يتمكن من الحضور لتقديم شهادته
لأسباب صحية فاكتفت الهيئة بعرض تسجيل مصور لشهادته، والضحية من مواليد 1956 بسوسة
وهو ليس بنقابي بل فقط مصور يعمل لحسابه الخاص تم تكليفه زمن الواقعة بتغطية أنشطة
المكتب الجهوي للإتحاد بسوسة وتوثيق الاضراب المقرر يوم 26 جانفي 1978، وقد تم
القبض عليه في مساء ذات اليوم صحبة عدد كبير من النقابيين ونقلوا إلى مقر منطقة
الأمن الوطني بسوسة أين تم حجز آلة التصوير الخاصة به وتعرض أثناء بحثه واستنطاقه
إلى شتى أنواع التعذيب والضرب ثم أجبر على إمضاء محضر استنطاق تحت وطأة الاكراه.
وأضاف بلخيرية في شهادته أنه بعد 6
أشهر من الاحتفاظ خضع أثناءها إلى التحقيق القضائي أصدرت الدائرة الجنائية بمحكمة
الاستئناف بسوسة حكمها بالتخلي لفائدة محكمة أمن الدولة لخروج القضية عن أنظارها
ليتم الافراج عنه مؤقتا ثم انتهت المسألة بحفظ محكمة أمن الدولة التهمة في حقه
لعدم توفر أركانها في نوفمبر 1978.
الضحية زهير بلخيرية تعرض في شهادته المصورة
إلى حالة أكثر مأساوية من حالته باعتبارها تعلقت بحالة تعذيب أدى إلى وفاة الضحية
النقابي حسين الكوكي وهو من مواليد 1942 بأكودة من ولاية سوسة، وقد تعرض بلخيرية
إلى أطوار إعتقال النقابي حسين الكوكي في ما عرف بأحداث « الخميس
الاسود » بعد محاصرة مقر الإتحاد العام التونسي للشغل بسوسة صحبة كافة أعضاء
المكتب الجهوي ومورست عليه شتى أنواع التعذيب والتنكيل حتى أنه كان يعود إلى
الزنزانة حبوا من شدة الألم ولعدم قدرته على الوقوف.
وأضاف بلخيرية أن زميله في الزنزانة
حسين الكوكي أصيب بحمى شديدة يوم 15 فيفري 1978 حيث لم يستجب سجانوه لطلبه بعرضه على
طبيب السجن وفور نقله يومها إلى المحكمة الابتدائية بسوسة أمر قاضي التحقيق بنقله
إلى المستشفى الجهوي بسوسة حيث فارق الحياة مشيرا إلى أن تشريح جثة النقابي الشاب
آنذاك أثبت وجود ثقب في الجانب الأيمن من صدر الضحية وعدة آثار عنف أخرى بجسده دون
أن يترتب عن ذلك أي تبعات جزائية.
في الحالة السادسة المتعلقة بالتعذيب والمحاكمة
غير العادلة تحدث الضحية النقابي محمد شعبان وهو من مواليد 1937 عن أطوار ايقافه
غداة الاضراب العام صحبة المرحوم التيجاني البوكادي حيث تم نقله إلى مركز الشرطة
بصفاقس أين تم استنطاقه ثم نقل إلى فرقة سلامة أمن الدولة بمقر وزارة الداخلية أين
تم بحثه حول علاقته بالحبيب عاشور وبالنظام الليبي والأسلحة المخبأة بمقرات
الاتحاد واخضاعه إلى تعذيب ممنهج ثم تمت إعادته إلى إدارة الأمن بصفاقس أين تعرض
مجددا طيلة 10 أيام إلى التعذيب ثم تم الحكم عليه بسنتين سجنا قضاها متنقلا بين
عدة سجون.
في أواسط جانفي 1980 تمتع محمد شعبان بسراح
شرطي قبل 10 أيام من نهاية عقوبته ليفاجأ بطرده من عمله ولم يتمكن من العودة إلا
في أواخر 1980 بعد عدة مفاوضات بين الاتحاد العام التونسي للشغل ووزارة الشؤون
الإجتماعية لإعادة كافة النقابيين المطرودين على خلفية أحداث جانفي 1978.
يذكر أن الجلسة العلنية لضحايا
الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي عقدتها هيئة الحقيقة والكرامة هذه الليلة
خصصت بأكملها لضحايا أحداث 26 جانفي 1978 في ظل غياب الوجوه المعروفة للاتحاد العام
التونسي للشغل باستثناء الأمين العام المساعد السابق المولدي الجندوبي ويعزى هذا
الغياب إلى تزامن عقد هذه الجلسة مع فعاليات مؤتمر الثالث والعشرين للمنظمة
الشغيلة الذي انتهى اليوم بانتخاب مكتب تنفيذي جديد يترأسه النقابي نور الدين
الطبوبي.
توقيت
الإدراج ◔ 08:58 27.01.2017
آخر تحيين ◔ 08:58 27.01.2017
آخر تحيين ◔ 08:58 27.01.2017