الأستاذ الكاظم الزيدي يجيبنا عن الفرق بين المعتزلة و الزيدية
السّؤال
:
هل لك أن تبين لنا الفروق دقيقة بين المعتزلة و الزيدية و أقصد لامعتزلة من كان متشيعا للعترة كمعتزلة بغداد ( على ما اذكر ) أو كمؤلف شرح نهج البلاغة أو أبي الفرج الأصفهاني صاحب مقاتل الطالبيين
:
هل لك أن تبين لنا الفروق دقيقة بين المعتزلة و الزيدية و أقصد لامعتزلة من كان متشيعا للعترة كمعتزلة بغداد ( على ما اذكر ) أو كمؤلف شرح نهج البلاغة أو أبي الفرج الأصفهاني صاحب مقاتل الطالبيين
و قرأت ضمن بحوثك ان
الزيدية أنفسهم قلدوا مذهب الحنفي في العراق في فترة من التاريخ …
فهل هناك من الفروق بين
الزيدية و متشيع المعتزلة و الزيدية قلدوا مذهب الحنفي …
و شكرا
والجَواب :
أنّ السّؤال انقسمَ إلى ثلاثَة أقسَام ، الأوّل : ما الفرقُ بين الزيديّة وبين مُعتزلة بغدَاد المتشيّعَة . والثّاني : أنّ السّائل قرأ ضمنَ كتابَاتي أنّ الزيديّة قلّدت المذاهب الحَنفي في العِراق ، يستفسرُ عن هذَا ، والجوابُ على ذلك .
القسم الأوّل :
فإنّ المُعتزلَة في القّرن الثّالث تقريباً قد انقسُموا إلى مَدرستين ، المعتزلة البصريّة ، والمُعتزلة البغداديّة ، وقد كانَ بينهُم اختلافَات أصوليّة زائدةٌ عن مسائل التّوحيد والعَدل والوَعد والوَعيد ، نعني أنّ ذلك الاختلاف يعود إلى دَقيق عِلم الكَلام لا إلى أصول مَسائل التّوحيد والعَدل ، ثمّ كانَ بينَهم خلافٌ في مسألَة الإمَامة ، فقالت مُعتزلَة البصرَة ، بأنّ الإمَامة في أبي بَكر ، ثمّ في عُمر ، واختَلفوا في تقديم عليّ على أبي بكر وتوقّف بعضهُم في ذلك ، وقطعَ بعضهم بتقديمِه (ع) على عثمَان ، وقالتَ مُعتزلة بَغداد بأنّ الإمام بعد رسول الله صَلوات الله عليه وعلى آله هُو أمير المُؤمنين علي بن أبي طَالب كقولِ الزيديّة ، قال ابن أبي الحَديد : ((واختلَفُوا في التفضيل، فَقال قدماء البصريين كأبى عثمان عمرو بن عبيد، وأبى اسحاق إبراهيم بن سَيّار النظام، وابى عثمان عَمرو بن بحر الجاحظ، وأبى معن ثمامة بن أشرس، وأبى محمد هشام بن عمرو الفوطى، وأبى يعقوب يوسف بن عبد الله الشحّام، وجماعه غيرهم: أن أبَا بكر أفضَل مِن عليّ عليه السلام، وهَؤلاء يَجعلون تَرتيب الأربعَة فِي الفَضل كَترتيبهم فِي الخِلافَة. وقَال البَغداديون قَاطبَةً، قُدمَاؤهم ومُتأخّروهم، كأبى سهل بِشر بن المعتمر، وأبى موسى عِيسى بن صُبيح، وأبى عبد الله جعفر بن مبشر، وأبى جعفر الاسكافي، وأبى الحسين الخيّاط، وأبى القاسم عبد الله بن محمود البلخى وتلامذَته أنّ عَليّا عَليه السلام أفضَل مِن أبى بَكر.
وإلى هَذا المَذهب ذَهب من البَصريين أبو على محمّد بن عبد الوهاب الجبائى أخيراً وكَان من قَبلُ مِن المُتوقِّفين، كَان يَميل إلى التّفضيل ولا يُصرح به، وإذا صنّفَ ذَهب إلى الوَقف في مُصَنّفاته. وقَال في كثير من تصانيفه: إن صَحّ خَبر الطّائر فَعليٌّ أفضَل ، ثم إنّ قَاضى القضاه رحمه الله ذكر في شرح ” المَقالات ” لأبي القاسم البَلخى: أنّ أبَا على رحمه الله مَا مَات حتى قال بتفضيل عليٍّ عَليه السلام، وقَال إنّه نَقل ذَلك عَنه سَمَاعاً، ولَم يُوجد فِي شَيءٍ مِن مُصنّفَاته. وقَال أيضا: إنّ أبَا عَلي رَحمه الله يَوم مات استدنَى ابنه أبا هَاشم إليه، – وكَان قد ضَعف عن رفع الصوت – فألقى إليه أشيَاء، مِن جُملَتها القَول بتفضيلِ عَليٍّ عَليه السّلام. ومِمّن ذَهب مِن البَصريين إلى تَفضيلِه عَليه السّلام الشّيخ أبو عبد الله الحسين بن على البَصري رضي الله عنه، كَان مُتحقّقا بتَفضيلِه، ومُبالغا في ذلك وصنّف فِيه كِتابا مُفردا.
والجَواب :
أنّ السّؤال انقسمَ إلى ثلاثَة أقسَام ، الأوّل : ما الفرقُ بين الزيديّة وبين مُعتزلة بغدَاد المتشيّعَة . والثّاني : أنّ السّائل قرأ ضمنَ كتابَاتي أنّ الزيديّة قلّدت المذاهب الحَنفي في العِراق ، يستفسرُ عن هذَا ، والجوابُ على ذلك .
القسم الأوّل :
فإنّ المُعتزلَة في القّرن الثّالث تقريباً قد انقسُموا إلى مَدرستين ، المعتزلة البصريّة ، والمُعتزلة البغداديّة ، وقد كانَ بينهُم اختلافَات أصوليّة زائدةٌ عن مسائل التّوحيد والعَدل والوَعد والوَعيد ، نعني أنّ ذلك الاختلاف يعود إلى دَقيق عِلم الكَلام لا إلى أصول مَسائل التّوحيد والعَدل ، ثمّ كانَ بينَهم خلافٌ في مسألَة الإمَامة ، فقالت مُعتزلَة البصرَة ، بأنّ الإمَامة في أبي بَكر ، ثمّ في عُمر ، واختَلفوا في تقديم عليّ على أبي بكر وتوقّف بعضهُم في ذلك ، وقطعَ بعضهم بتقديمِه (ع) على عثمَان ، وقالتَ مُعتزلة بَغداد بأنّ الإمام بعد رسول الله صَلوات الله عليه وعلى آله هُو أمير المُؤمنين علي بن أبي طَالب كقولِ الزيديّة ، قال ابن أبي الحَديد : ((واختلَفُوا في التفضيل، فَقال قدماء البصريين كأبى عثمان عمرو بن عبيد، وأبى اسحاق إبراهيم بن سَيّار النظام، وابى عثمان عَمرو بن بحر الجاحظ، وأبى معن ثمامة بن أشرس، وأبى محمد هشام بن عمرو الفوطى، وأبى يعقوب يوسف بن عبد الله الشحّام، وجماعه غيرهم: أن أبَا بكر أفضَل مِن عليّ عليه السلام، وهَؤلاء يَجعلون تَرتيب الأربعَة فِي الفَضل كَترتيبهم فِي الخِلافَة. وقَال البَغداديون قَاطبَةً، قُدمَاؤهم ومُتأخّروهم، كأبى سهل بِشر بن المعتمر، وأبى موسى عِيسى بن صُبيح، وأبى عبد الله جعفر بن مبشر، وأبى جعفر الاسكافي، وأبى الحسين الخيّاط، وأبى القاسم عبد الله بن محمود البلخى وتلامذَته أنّ عَليّا عَليه السلام أفضَل مِن أبى بَكر.
وإلى هَذا المَذهب ذَهب من البَصريين أبو على محمّد بن عبد الوهاب الجبائى أخيراً وكَان من قَبلُ مِن المُتوقِّفين، كَان يَميل إلى التّفضيل ولا يُصرح به، وإذا صنّفَ ذَهب إلى الوَقف في مُصَنّفاته. وقَال في كثير من تصانيفه: إن صَحّ خَبر الطّائر فَعليٌّ أفضَل ، ثم إنّ قَاضى القضاه رحمه الله ذكر في شرح ” المَقالات ” لأبي القاسم البَلخى: أنّ أبَا على رحمه الله مَا مَات حتى قال بتفضيل عليٍّ عَليه السلام، وقَال إنّه نَقل ذَلك عَنه سَمَاعاً، ولَم يُوجد فِي شَيءٍ مِن مُصنّفَاته. وقَال أيضا: إنّ أبَا عَلي رَحمه الله يَوم مات استدنَى ابنه أبا هَاشم إليه، – وكَان قد ضَعف عن رفع الصوت – فألقى إليه أشيَاء، مِن جُملَتها القَول بتفضيلِ عَليٍّ عَليه السّلام. ومِمّن ذَهب مِن البَصريين إلى تَفضيلِه عَليه السّلام الشّيخ أبو عبد الله الحسين بن على البَصري رضي الله عنه، كَان مُتحقّقا بتَفضيلِه، ومُبالغا في ذلك وصنّف فِيه كِتابا مُفردا.
ومِمّن ذَهب إلى تفضيله
عَليه السّلام مِن البَصريين قَاضى القُضاه أبو الحَسن عَبد الجبّار بن أحمَد
رَحمه الله، ذكرَ ابن متويه عنه في كتاب ” الكفاية” فِي علم الكلام أنّه كَان من
المتوقفين بَين عليٍّ عليه السلام وأبى بَكر، ثمّ قَطعَ عَلى تَفضيل عليٍّ عَليه
السلام بكامل المَنزلَة.
ومِن البَصريين الذاهبين إلى
تَفضيله عليه السّلام أبو محمد الحسن بن متويه صاحب ” التذكره ” نص في كتاب ”
الكفاية” عَلى تفضيلِه عَليه السلام على أبى بَكر، احتج لذلك، وأطال فِي
الاحتجَاج. فَهذان المَذهبَان كمَا عَرفت. وذهبَ كَثيرٌ مِن الشّيوخ رَحمَهم الله
إلى التّوقف فيهما، وهُو قَول أبى حُذيفة واصل بن عطاء، وأبى الهذيل محمد بن
الهذيل العلاف، مِن المتقدمين.
وَهُما – وإن ذهبا إلى التوقف بَينه عَليه السّلام وبين أبى بكَر وعمر – قَاطعَان عَلى تَفضيله عَلى عُثمان.
وَهُما – وإن ذهبا إلى التوقف بَينه عَليه السّلام وبين أبى بكَر وعمر – قَاطعَان عَلى تَفضيله عَلى عُثمان.
ومِن الذّاهبين إلى الوقف الشيخ أبو هاشم عبد السلام بن
أبى علي رحمهما الله، والشّيخ أبو الحُسين محمّد بن على بن الطيب البصري رحمه
الله)) [شرح نهج البلاغَة] ، نعم! وبهذا عرفتَ أيّها السّائل الفرق بين البَصريين
والَبَغدادين من لسانِ صاحبهِم ابن أبي الحَديد المُعتزلي ، وقد كانَ في سؤالِك
ذكرُ ابن أبي الحَديد ، وذكرُ أبي الفَرج الأصفهانيّ ، فأمّا ابن أبي الحَديد فمِن مُعتزلة بَغداد صرّح بذلك في شرحِه
، قالَ : ((أمّا نَحن فَنذهَب إلى مَا يَذهب إليه شُيوخُنا البَغدَاديون، مِن
تَفضيلِه عَليه السّلام.
وقَد ذَكرنَا فِي كُتبنَا الكَلاميّة مَا مَعنى الأفضَل،
وهَل المُراد به الأكثَر ثَواباً أو الأجمَع لمََزايا الفَضل والخِلال الحَميدة،
وبَيّنا أنّه عَليه السلام أفضَل عَلى التّفسِيرَين مَعاً)) [شرح نهج البلاغَة] ،
وأمّا أبو الفرج الأصفهاني صاحب المَقاتل فزيديّ مُصنّفٌ مؤرِّخ ، والأصلُ ما
أجمعَت عليه العترَة إن ظهرَ لك خلافٌ من أقوال المُنتسبين ويكونُ ذلك منهُم رأيٌ
يخصّهم لا يحكُم على الفِكر الزيديّ .
وأمّا عن الفرق بين الزّيديّة والمُعتزلة البَغداديّة ، فإنّه قد ظهرَ لي ذلك في عدّة مسائل ، منهَا في دَقيق علم الكَلام دونَاً عن أصول مسائل التَوخيد والعَدل فإنّها مُجمعونَ عليها ، وقد ذكرَ الاختلافَات عُلماء الأصول ومحلّها هُناك ، ثمّ في مسألة إماَمة المفضول معَ وجود الفاضِل ، فإنّ الزيدية امتنعَت على ذلك ، وقالت معُتزلة بغدَاد بصحّة إمامة المَفضول مع وجود الفاضِل ، يُصححّون بذلك إمامَة أبي بَكر وعُمر وعُثمان وإن كانَ أمير المُؤمنين هُو الأولى عندَهم والمُستحقّ ، قالَ بذلك بشر بن المُعتمَر وهُو رأسُهم وقالَ به أيضاً ابن أبي الحَديد عن أصحابِه البَغداديين: ((أنّ أحَقّ النّاس بالإمَامَة أقوَاهم عَليها، وأعلَمُهم بحكم الله فيها، وهذا لا يُنافي مَذهب أصحابنا البَغداديين في صحّة إمَامة المَفضول، لأنّه مَا قَال: إنّ إمَامَة غَير الاقوى فَاسدَة، ولكنّه قَال: إن الأقوى أحقّ، وأصحَابنا لا يُنكرون أنّه عليه السلام أحقّ مِمّن تَقدّمه بالإمَامة مَع قَولهم بصحّة إمَامَة المُتقدِّمِين، لأنّه لا مُنافَاة بَين كَونه أحَقّ، وبَين صِحّة إمَامَة غَيرِه)) [شرح نهج البلاغَة] ، والزيدية أئمّة العترَة لا يقولون بتصحيح إمامَة وخلافَة أبي بَكر وعُمر وعُثمان كإمامة شرعيّة ، وإنّما يقولون أنّهم حُكّام وُلوا فَعدلوا مُجتهدين في ذلك بلا عصمَة ، قالَ الإمام النّاطق بالحق يحيى بن الحُسين الهَاروني (ع) : ((ولا يجوزُ العدولُ عَن الأفضل فيها – الفضائل والصفات – أو مَن هُو كالأفضل ، بالإمامَة إلى مَن هُو دونهُ على وجهٍ مِنَ الوجوه)) [الدّعامة] ، وقالَ الإمام نجم آل الرّسول القاسم بن إبراهيم الرّسي (ع) : ((أمَّا الإمَامَان ، فَلا يَخلُوانِ مِن أنْ يَكونَ أحَدُهُمَا أفْضلُ مِنَ الآخَر، فَيكُونُ المَفضُولُ بِفَضْلِ الآخَرِ عَليهِ قَد زَالَت إمِامَتُه، ويَلزَمُهُ تَقدِيمُ الفَاضِلِ فِي الدّينِ والعِلمِ وطَاعَته، وذَلِكَ أنَّ الله يَقولُ فِي كِتَابِه: ((وفوق كل ذي علم عليم)) [مجموع كتب ورسَائل الإمَام القاسم بن إبراهيم] ، وقالَ الإمام مجدالدّين المؤيّدي (ع) في بيعَة مَن تقدّم أمير المُؤمنين (ع) : ((وكيفَ تصحُّ البيعةُ وقَد أجمعَ أهلُ بيتِ النبوّة ، أوّلُهُم وآخرُهُم ، وسابِقُهُم ولاحِقُهُم ، على عَدَمِ صِحّتِها ، وإنّما اختلفوا في التأويل للمشائخ الثلاثة ، أمَّا أنّها صحَّت البيعَة وتمّت الإمامة ، فَلَم يَقُل بذلك أحدٌ منهم)) [مجمع الفَوائد] .
نعم! ثمّ وافقَت المُعتزلة في الأمر بالمَعروف والنّهي عن المُنكر
وكانوا أسرَع النّاس إلى بيعَة أئمّة الزيديّة والجهَاد معهِم ، وكانُوا يقولون
أنّهم زيديّة ، قالَ الإمَام المؤيّد بالله يحيى بن حمزَة (ع) : ((مُعتزلَة بَغداد
فَإنّهم يَفتخرون بأئمّة الزيديّة)) [المعراج إلى كشف أسرار المنهاج] ، وقالَ
الإمام النّاطق بالحق يحيى بن الحُسين الهَاروني (ع) : ((وَكثيرٌ مِن مُعتزلة
بغدَاد كمُحمّد بن عبدالله الإسكافي، وغيره يَنتسبون إليه فِي كُتبهم وَيقولون:
نَحنُ زَيديّة)) [الدّعامة] ، فهذا من المُعتزلَة كمَا ترّى اتّباع وائتمَارٌ
واتئمامٌ بأئمّة الزيدية الأعلام من سَادات بني الحسَن والحُسين كالإمام زيد بن
عَلي وبيعَة واصل بن عطَاء وعمرو بن عُبيد له ، وبيعتُهما للإمام النّفس الزكيّة ،
واستشهَاد بشير الرّحال مع الإمام النّفس الرضيّة إبراهيم بن عَبدالله ، وافتخَار
عُثمان الطّويل بكون أكثَر أصحابِهم هُم جُند الإمام إبراهيم بن عَبدالله (ع) ،
ونُصرَة قبائل أوربّة في المَغرب على اعتزالهِم للإمَام إدريس بن عَبدالله (ع) ،
وكذلكَ كانُوا دُعاة الإمَأم عبدالله بن موسى بن عبدالله المحض منهُم عَمرو بن
الهيثم ، وبشر بن الحسَن ، ومحمد بن يحيى الحجري ، والسّلسلة تَطول في ائتمامهِم
بأئمّة سَادات بني الحسَن والحُسين ، إلاّ أنّه قد يُقال هل ذلكَ الائتمَام منهُم
هُو على أصلِ المُعتزلة في الإمَامة وكونها في القُرشيين ، أم على أصلِ الزيديّة
وكونَها في الفاطميين ، والذي يظهَر ويحكُم به الدّليل أنّ ذلك كانَ من أكثرِهم ولا
نقولُ كلّم كانَ على أصل المُعتزلة من كونِ الإمامَة في الصّالح من القُرشيين فلَم
يجدُوا خيراً من ساَداتي بني الحسَن والحُسين علماً ومنهجاً يُعطونَ بيعاتهِم
ويبذلون دماءهُم ،وقد تردّد ابن أبي الحَديد بعد أن حكى قولَ أصحابِه وقول
الزيديّة في حصر الإمامَة حتّى ظهر وكأنّه يقول بقول الزيدية في الحَصر بالبَطنين
، قالَ شارحاً قول أمير المُؤمنين (ع) : ))إنّما الأئمّة من قُريش غُرسوا في هذا
البَطن من هاشِم)) ، أي بطنَ بني فاطمَة : ((فَإن قُلت: إنّك شَرحتَ هَذا الكتاب
على قواعد المُعتزلة وأصولهم، فمَا قَولك في هذا الكلام وهُو تَصريحٌ بأنّ
الإمَامَة لا تصلح مِن قُريش إلا في بَنى هَاشم خَاصّة، ولَيس ذَلك بمَذهبٍ
للمُعتزلة، لا مُتقدِّميهم ولا مُتأخِّريهم!
قُلت: هَذا المَوضع مُشكِل، وَلي فِيه
نَظر، وإن صَحّ أنّ عَليّا عَليه السلام، قَاله، قُلتُ كمَا قَال، لأنّه ثَبت عِندي
أنّ النبي (صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله) قَال: “إنّه مَع الحَقّ وإنّ الحَقّ
يَدور مَعَه حَيثمَا دَار” ، ويُمكن أن يُتأوَّل ويُطبَّقَ عَلى مَذهب المُعتزلَة
فيُحمَل عَلى أنّ المُراد به كمَال الإمَامة كمَا حُمِل قَوله صلى الله عليه وآله:
” لا صَلاة لجَار المَسجد إلاَّ فِي المَسجِد”، عَلى نَفي الكمَال، لا عَلى نَفي
الصّحَة)) [شرح نهج البلاغَة] ،
وقد نقلتُ لكَ كلامَه أخي السّائل كاملاً بُعداً
عن التّدليس والتّلبيس ، إلاّ أنّ ما احتملَه ابن أبي الحَديد غير صامدٍ ، ولذلكَ
وقفَ ولم يطوّل في الشّرح بعد ذلَك كعادَته ، ولو كانَ يرَى ابن أبي الحَديد نفسَه
أنّ ذلك صامداً ما كان سيقولُ عنه أنّه مُشكل ثمّ يُصحّح الحصر الهامشيّ الفاطميّ
بعد ثبوت الصّحة عن أمير المُؤمنين بل لانتقَل مباشرةً إلى ما تأوّله لأصحابِه لا
لنفسِه ، ويدلّ على ذلكَ أنّ قولَ أمير الُمؤمنين (ع) لا يحتملُ إلاّ الحصر بنفي
الصّحة لا نفي الكَمال وحَسب ، قالَ (ع) : ((إِنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ
غُرِسُوا فِي هَذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ لَا تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ وَ لَا
تَصْلُحُ الْوُلَاةُ مِنْ غَيْرِهِمْ)) [نهج البلاغَة] ، والشّاهد : ((لَا تَصْلُحُ
عَلَى سِوَاهُمْ وَ لَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ مِنْ غَيْرِهِمْ)) ، فهذا نفي صحّة
وشرعيّة في غير بني فاطمِة ، فإنّ (مِن) هُنا تبعيضيّة أي بطنَ بني عليّ وفاطمَة
من جُملَة بطُون بني هاشِم ، ولم يقُل أحدٌ من أصحاب الفِرق بحصرها في بَني هاشم
ممن يُعتدّ بهم ، وإنما هُم بين قائلٍ في قُريش بعُموم هاشميّهم وغيره ، أو قائلٌ
في عُموم النّاس ، أو قائلٌ في بني فاطمَة ذريّة الحسن والحُسين ، أو قائلٌ
بالنّصوص الخاصّة كالإماميّة والإسماعيليّة ، والحقّ باقٍ ببقاء التّكليف كما جاء
في أحاديث كثيرَة وكمَا هُو في حديث الثّقلين ، فكانَ قول الزيديّة في ذلك الحصر
هُو المُطابق لقولِ أمير المُؤمنين (ع) في النّهج ، خصوصاً مع ثبوت ضعف النّصوص
الخاصّة في الفاطميين بعدَ الإمام الحُسين صَلوات الله عَليه ، ومصداقُ ذلك القَول
في قولُ الإمَام زيد بن عَلي (ع) : ((الإمَامَةُ والشّورَى لا تَصلُح إلاّ فينَا))
[مجموع كتب ورسائل الإمام زيد بن َعلي)) ، وقد صحّحت العترَة ذلك القول عن أمير
المثؤمنين ، قال العلاّمة الفقيه ابن مداعس عن ذلك القَول : ((وَلا خِلاف بَين
أولادِه فِي صَحّة ذَلك عَنه)) [الكاشف الأمين] ، نعم! فظهرَ لكَ أخي الباحِث وجه
الفَرق بين الزيديّة ومُعتزلة بَغداد ، فكانَ أوّلاً في تصحيح إمامة المَفضول مع
وجود الفاضل ، ثمّ كان في قولِهم أنّ الإمامة في الصّالح من القُرَشيين دونَ الحصر
، ومِن أعلام المُعتزلة الذي عَادوا إلى قول الزيدية الحاكم الجشميّ صاحب كتاب
تَنبيه الغافلين عن مناقب الطّالبيين ، وغيرُه ، وبهذا تمّ الجَواب على القسم
الأوّل .
القسم الثّاني :
أنّ السّائل قرأ ضمنَ كتابَاتي أنّ الزيديّة قلّدت المذهب الحَنفي في العِراق ، يستفسرُ عن هذَا ، والحقيقَة أنّنا لم نقُل أنّ الزيدية قلّدت المذهَب الحنفيّ في العِراق ، وإنّما قُلنا أنّ الحَنفيّة قد احتضَنت فِقه الزيديّة وعَكفت عليه تفقّها وروايةً ، إلاّ أن يُؤخَذ ذلك من رسالتنا (صَرم الصّارم الحَديدي لإثبات تمذهُب السّادة الأشراف بالمَذهب الزّيدي) ، عندَ ترجمتنَا للشّريف عُمر بن إبراهيم الزّيدي الكُوفي ، ونقلَنا ما نقلَه الذّهبي عن السّمعاني : ((قَال السّمعَاني : شيخٌ كبير لَه معرفة بالفِقه والحَديث واللغة والتّفسير والنحو وله التصانيف في النّحو وهو فَقيرٌ قَانع باليَسير ، سَمعتُه يَقول : أنَا زَيديّ المَذهب لكنّي أُفتِي عَلى مَذهب السّلطَان)) [سير أعلام النبلاء:20/145] ، فهذا لا يوَجد فيه تَقليدٌ للمذهب الحَنفي ، لأسبَاب ، أوّلاً أنّ عُمر بن إبراهيم صلوات الله عَليه كان زيديّا نسباً ومذهباً ، وُمجتهداً ، والاجتهاد لا يكونُ معه التّقليد ، فصرفَ ذلك الدّعوى عن التّقليد إلى أسباٍ غيرهَا ، فكانَت إمّا إلزاماً من السّلطان لهُ بالفَتوى ، وقصرُ الفَتوى على المذهب الحَنفيّ ، أو إشاعةٌ منهُ (ع) لمَا اتّفقَت عليه الزيديّة والحنفيّة من المَسائل للعامّة وظاهرُ الفتوى أنّها حنفيّةٌ على مذهب السّلطان ، والأوّل عندي أرجَح ، والثّاني مَقبول ، نعم! وأنقُل لكَ أخي السّائل ما كُنت دوّنته في رسالة بُعنوان ((علاقَة الزيديّة بالمُعتزلَة والحَنفيّة أصولاً وفروعاً)) ، وفيها عكسُ ما فهمتُموه من التّقليد الزّيدي للحنفيّة ، قلُنا : ((فمَن اطّلع على حالِ أبي حنيفَة رضوان الله عَليه وجدَه قد درسَ على يد الإمام زيَد بن عَلي (ع) سنتان ، فأيّهم الأصلُ في التلقّي والتأثّر وأيّهم الفرع؟!. ، فلمَ لا يُقال تأثّر أبو حنيفَة (الحنفيّة) بزيد بن عَلي (الزيديّة) ، هذه قرينَة على صحّة عكس الإطلاقِ السّابق من قِبل البَعض بتأثّر الزيدية بالحنفيّة في الفُروع ، وقرينةٌ أخرَى أنّ أئمّة أهل البَيت (ع) يحكونَ أنّ لإمام الزيديّة النّفس الزكيّة محمد بن عبدالله بن الحسَن بن الحسَن بن عَلي بن أبي طالب (ع) كتابٌ في الفِقه قد نقلَ عنه وتأثّر به تلميذُ أبي حنيفَة محمد بن الحسَن الشّيباني ، قالَ إمام الزيديّة النّاطق بالحقّ الهارونيّ يحيى بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن القاسم بن الحسن بن زيد بن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) (ت424هـ) في كتابِه [الإفادَة في تاريخ الأئمّة السّادة] : ((وسمعتُ جماعة من فقهاء أصحاب أبي حنيفة وغيرهم يقولون: إن محمد بن الحسن [الشيباني] نقل أكثر مسائل السير عن هذا الكتاب)) ، نعم! ، فهل يصحّ مع هذه القَرائن بإقرارات فقهاء الحنفيّة أن يُقال تأثّرت الزيديّة بالحنفيّة في الفُروع ، أو يُقال العكس ، هذه يُجيبُ عليهَا الباحثُ المُنصِف ، وأزيدُه قرينَة ثالثَة على اهتمام والتفات الأحنَاف لفقه وفروعِ الزيديّة أنّ علي بن محمّد بن كاس النّخعي شيخُ الحنفيّة المشهُور في القرن الرّابع هُو أحد ُرواة مُسندَ الإمام زيد بن َعلي (ع) ، عن (جدّه أبي أمّه) سليمان بن إبراهيم المحاربيّ ، وأحدُ رُواة مُسلسَلة الصّلوات الإبراهيميّة عن الإمَام زيد بن عَلي (ع) ، نعم! وهُنا أذكرُ سبب التّهويل الذي أشرتُ إليه قريباً وهُو أنّ الزيدية تُحرّم التّقليد على مَن بلغ مرتبَة الاجتهَاد من الأئمّة والعُلمَاء فلذلك قد تجدُ الإمَام الزّيدي يقتربُ في بعض المسَائل من اجتهادَات الحنفيّة أو من الشّافعيّة بلا تقليدٍ منهُ لهُم ولكن لأنّ اجتهادَه ونظرَه أدّى به إلى هذا الاقترَاب ، فيتوهّم البَعض أنّ هذا تأثّرٌ وتقليد للحنفيّة أو الشّافعيّة والاجتهادُ لا يعرفُ التّقليد أصلاً ، أيضا قد يُقال ذلك مع محمّد بن الحسَن الشّيباني أو أبي حنيفَة فإنّ اجتهاداتهِم في الفُروع اقتربَت من اجتهادَات الزيديّة (زَيد بن عَلي) ، (النّفس الزكيّة) ، ولا يلزمُ منه تقليدَ الحنفيّة أو تأثّرهم بالزيديّة ، لأنّ الأصل هُو الاجتهَاد ، فعندهَا يلزمُ المُنِصف بناء على أصل التأثّر أن يقولَ بتأثّر الحنفيّة بالزيديّة لا العَكس ، وبناءً على أصل الاجتهَاد أن يقولَ لم تتأثّر الحنفيّة بالزيديّة ، ولا الزيديّة بالحنفيّة ، وإن اشتركُوا في بعض الأقوال لأنّ دافع ذلك الاجتهَاد لا التّقليد منهُم ، ثمّ سأزيدُ الباحِث بما قد يجعلُه يُرجّح تأثّر الأحناف بفقه الزيديّة بأنّ الزيديّة أشدّ منعاً للتّقليد على علماءها وأئمّتها مِن الأحنَاف على علمَاءها وأئمّتها ، أيضاً بسماع الإمام النّاطق بالحقّ الهارونيّ الحسنيّ وهُو الثَّبتُ العَدل من (جماعَةً) من فقهاء الأحنَاف يذكرونَ (نَقلَ) الشّيباني لـ (أكثَر) مسائل السّير من كتاب النّفس الزكيّة في الفِقه ، فمَن نقلَ ، ومَن تتلمَذَ ، كانَت قرينَة التأثّر له أقرَب ، ولا أقطَع ، والله يحبُ الإنصَاف.
أنّ السّائل قرأ ضمنَ كتابَاتي أنّ الزيديّة قلّدت المذهب الحَنفي في العِراق ، يستفسرُ عن هذَا ، والحقيقَة أنّنا لم نقُل أنّ الزيدية قلّدت المذهَب الحنفيّ في العِراق ، وإنّما قُلنا أنّ الحَنفيّة قد احتضَنت فِقه الزيديّة وعَكفت عليه تفقّها وروايةً ، إلاّ أن يُؤخَذ ذلك من رسالتنا (صَرم الصّارم الحَديدي لإثبات تمذهُب السّادة الأشراف بالمَذهب الزّيدي) ، عندَ ترجمتنَا للشّريف عُمر بن إبراهيم الزّيدي الكُوفي ، ونقلَنا ما نقلَه الذّهبي عن السّمعاني : ((قَال السّمعَاني : شيخٌ كبير لَه معرفة بالفِقه والحَديث واللغة والتّفسير والنحو وله التصانيف في النّحو وهو فَقيرٌ قَانع باليَسير ، سَمعتُه يَقول : أنَا زَيديّ المَذهب لكنّي أُفتِي عَلى مَذهب السّلطَان)) [سير أعلام النبلاء:20/145] ، فهذا لا يوَجد فيه تَقليدٌ للمذهب الحَنفي ، لأسبَاب ، أوّلاً أنّ عُمر بن إبراهيم صلوات الله عَليه كان زيديّا نسباً ومذهباً ، وُمجتهداً ، والاجتهاد لا يكونُ معه التّقليد ، فصرفَ ذلك الدّعوى عن التّقليد إلى أسباٍ غيرهَا ، فكانَت إمّا إلزاماً من السّلطان لهُ بالفَتوى ، وقصرُ الفَتوى على المذهب الحَنفيّ ، أو إشاعةٌ منهُ (ع) لمَا اتّفقَت عليه الزيديّة والحنفيّة من المَسائل للعامّة وظاهرُ الفتوى أنّها حنفيّةٌ على مذهب السّلطان ، والأوّل عندي أرجَح ، والثّاني مَقبول ، نعم! وأنقُل لكَ أخي السّائل ما كُنت دوّنته في رسالة بُعنوان ((علاقَة الزيديّة بالمُعتزلَة والحَنفيّة أصولاً وفروعاً)) ، وفيها عكسُ ما فهمتُموه من التّقليد الزّيدي للحنفيّة ، قلُنا : ((فمَن اطّلع على حالِ أبي حنيفَة رضوان الله عَليه وجدَه قد درسَ على يد الإمام زيَد بن عَلي (ع) سنتان ، فأيّهم الأصلُ في التلقّي والتأثّر وأيّهم الفرع؟!. ، فلمَ لا يُقال تأثّر أبو حنيفَة (الحنفيّة) بزيد بن عَلي (الزيديّة) ، هذه قرينَة على صحّة عكس الإطلاقِ السّابق من قِبل البَعض بتأثّر الزيدية بالحنفيّة في الفُروع ، وقرينةٌ أخرَى أنّ أئمّة أهل البَيت (ع) يحكونَ أنّ لإمام الزيديّة النّفس الزكيّة محمد بن عبدالله بن الحسَن بن الحسَن بن عَلي بن أبي طالب (ع) كتابٌ في الفِقه قد نقلَ عنه وتأثّر به تلميذُ أبي حنيفَة محمد بن الحسَن الشّيباني ، قالَ إمام الزيديّة النّاطق بالحقّ الهارونيّ يحيى بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن القاسم بن الحسن بن زيد بن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) (ت424هـ) في كتابِه [الإفادَة في تاريخ الأئمّة السّادة] : ((وسمعتُ جماعة من فقهاء أصحاب أبي حنيفة وغيرهم يقولون: إن محمد بن الحسن [الشيباني] نقل أكثر مسائل السير عن هذا الكتاب)) ، نعم! ، فهل يصحّ مع هذه القَرائن بإقرارات فقهاء الحنفيّة أن يُقال تأثّرت الزيديّة بالحنفيّة في الفُروع ، أو يُقال العكس ، هذه يُجيبُ عليهَا الباحثُ المُنصِف ، وأزيدُه قرينَة ثالثَة على اهتمام والتفات الأحنَاف لفقه وفروعِ الزيديّة أنّ علي بن محمّد بن كاس النّخعي شيخُ الحنفيّة المشهُور في القرن الرّابع هُو أحد ُرواة مُسندَ الإمام زيد بن َعلي (ع) ، عن (جدّه أبي أمّه) سليمان بن إبراهيم المحاربيّ ، وأحدُ رُواة مُسلسَلة الصّلوات الإبراهيميّة عن الإمَام زيد بن عَلي (ع) ، نعم! وهُنا أذكرُ سبب التّهويل الذي أشرتُ إليه قريباً وهُو أنّ الزيدية تُحرّم التّقليد على مَن بلغ مرتبَة الاجتهَاد من الأئمّة والعُلمَاء فلذلك قد تجدُ الإمَام الزّيدي يقتربُ في بعض المسَائل من اجتهادَات الحنفيّة أو من الشّافعيّة بلا تقليدٍ منهُ لهُم ولكن لأنّ اجتهادَه ونظرَه أدّى به إلى هذا الاقترَاب ، فيتوهّم البَعض أنّ هذا تأثّرٌ وتقليد للحنفيّة أو الشّافعيّة والاجتهادُ لا يعرفُ التّقليد أصلاً ، أيضا قد يُقال ذلك مع محمّد بن الحسَن الشّيباني أو أبي حنيفَة فإنّ اجتهاداتهِم في الفُروع اقتربَت من اجتهادَات الزيديّة (زَيد بن عَلي) ، (النّفس الزكيّة) ، ولا يلزمُ منه تقليدَ الحنفيّة أو تأثّرهم بالزيديّة ، لأنّ الأصل هُو الاجتهَاد ، فعندهَا يلزمُ المُنِصف بناء على أصل التأثّر أن يقولَ بتأثّر الحنفيّة بالزيديّة لا العَكس ، وبناءً على أصل الاجتهَاد أن يقولَ لم تتأثّر الحنفيّة بالزيديّة ، ولا الزيديّة بالحنفيّة ، وإن اشتركُوا في بعض الأقوال لأنّ دافع ذلك الاجتهَاد لا التّقليد منهُم ، ثمّ سأزيدُ الباحِث بما قد يجعلُه يُرجّح تأثّر الأحناف بفقه الزيديّة بأنّ الزيديّة أشدّ منعاً للتّقليد على علماءها وأئمّتها مِن الأحنَاف على علمَاءها وأئمّتها ، أيضاً بسماع الإمام النّاطق بالحقّ الهارونيّ الحسنيّ وهُو الثَّبتُ العَدل من (جماعَةً) من فقهاء الأحنَاف يذكرونَ (نَقلَ) الشّيباني لـ (أكثَر) مسائل السّير من كتاب النّفس الزكيّة في الفِقه ، فمَن نقلَ ، ومَن تتلمَذَ ، كانَت قرينَة التأثّر له أقرَب ، ولا أقطَع ، والله يحبُ الإنصَاف.
إلاّ
أنّ الذي أقطعُ عليه مع مضَى من القرائن والاستنتاجَات أنّ الزيديّة لم تتأثّر
بالحنفيّة ، وأبو حنيفَة فإمامٌ له مكانته عند الزيدّية أصولاً وفروعاً ومُناصرًة
لأهل بيتِ نبيّه (ص))) ، وبهذا تمّ الجَواب على السّؤال بقسمَيه ، والحمدُ لله .
أجاب عليه ( الأستاذ الكاظم الزيدي )
وفّقكم الله .
أجاب عليه ( الأستاذ الكاظم الزيدي )
وفّقكم الله .
اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل
محمّد …