dimanche 13 septembre 2015

من هو عبد العزيز الثعالبي ؟




عبد العزيز الثعالبي (15 شعبان 1293 هـ= 5 سبتمبر 1876 م - أول أكتوبر 1944 م)  سياسي .. ديني. من القليلين الذين زاوجوا بين السياسي والديني، وبين المحلي والإقليمي والعالمي في عملهم؛ للتخلص من الاحتلال وظلمه والرفعة بالمجتمع والرقي به في الوقت ذاته.

فقد كان في تونس قطبا ومناضلا بارزا ضد الاحتلال الفرنسي أولا وضد أعداء الدين الإسلامي ثانيا، فهو كما يوصف بأنه داعية الإصلاح والتجديد والمقاومة ما جعله عرضة للنفي والترحال في سبيل دعوته ومبادئه.

ولد عبد العزيز الثعالبي في مدينة تونس بالجمهوملكية افريقية. جده عبد الرحمن الثعالبي المجاهد الجزائري الذي هاجر إلى تونس رافضا العمل مع الفرنسيين الذين كانوا قد احتلوا الجزائر آنذاك.

 درس عبد العزيز في تونس. وبعد أن نال الشهادة الابتدائية التحق بجامع الزيتونة وتخرج حاملا شهادة التطويع وتابع بعد ذلك دراساته العليا في المدرسة الخلدونية انضم الثعالبي في مطلع شبابه إلى حزب تحرير تونس من الاحتلال الفرنسي وكتب في الصحف داعيا إلى الاستقلال والحرية. 

ثم اصدر صحف (المنتظر) و(المبشر) و(سبيل الرشاد). 


وقد عطلتها السلطات الفرنسية كلها لجرأة محررها ومقاومته للاستعمار. 

انشأ الثعالبي الحزب الوطني الإسلامي الذي كان يدعو إلى تحرير العالم العربي كله وقيام الوحدة الشاملة.

فر الثعالبي إلى طرابلس الغرب ثم غادرها إلى بنغازي ومن هناك سافر إلى الأستانة حيث اتصل بأقطاب الحكم العثماني يباحثهم في القضية التونسية.

 سافر بعدها إلى مصر للغرض نفسه وعاد بعد اربع سنوات من التنقل في المشرق إلى تونس حيث بدأ صفحة جديدة من الدعوة والإصلاح والتجديد السياسي والديني مما اغضب السلطات التونسية والفرنسية ورجال الدين على السواء وبما أدى إلى سجنه. ألف الثعالبي بعد خروجه من السجن كتابه (الروح الحرة للقرآن) واشترك مع علي باش حانبة في اصدار جريدة (التونسي) (1904) التي حملت لواء يقظة العرب وتحريرهم.

سافر إلى باريس بعيد الحرب العالمية الأولى مفوضا من أبناء بلاده للدفاع عن استقلال تونس امام مؤتمر الصلح والتقى هناك بسعد زغلول والملك فيصل ونسق معهم العمل على تحرير البلدان العربية واستقلالها. فاعتقلته السلطات الفرنسية واعادته إلى تونس حيث امضى في السجن ثمانية أشهر (1921). ويوم خروجه كانت الجماهير التونسية تستقبله في الشوارع متظاهرة ملتفة حوله. قرر الثعالبي سنة 1923 مغادرة تونس بعد أن عانى من الضغط الفرنسي فسافر إلى فلسطين حيث استقر في القدس. فاستقبله الحاج محمد أمين الحسيني وكلفه بتحضير المؤتمر الإسلامي الذي انعقد سنة 1932 فوضع نظامه وسهر على تنفيذه.

رجع الثعالبي إلى تونس عام 1937 حيث وجد الجو السياسي قد تبدل بعد أن وضع الحبيب بورقيبة يده على الحزب الدستوري الذي كان الثعالبي أول الداعين إلى تأسيسه وانحسار الموجة الشعبية التي كان يتمتع بها ثانيا. توفي الثعالبي في تونس منهيا حقبة بارزة من الصراع مع قوى الاحتلال وقوة التحرر والقوى المناهضة للتجدد السياسي والديني.

إنه مجاهد كبير، وعلم من أعلام الوطنية والإصلاح، وداعية من أبرز الدعاة إلى العروبة والإسلام في عصره الذي تميز بظهور عدد من العمالقة الذين وقفوا في وجه الطوفان القادم مع الاحتلال الغربي، احتلالاً للبلاد، وتشويهاً لقيم العروبة والإسلام، وتدميراً للنفوس بتدمير أخلاقها، وغزواً ثقافياً عمل على تخريب المجتمعات العربية والإسلامية، بإحلال قيم مكان قيم، ونهب الثروات، وإفقار الناس..

إنه من جيل الرواد الذين ظهروا في أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين وهو جيل فريد في تكامل شخصيته.. فهو جيل السياسة، والجهاد، والاقتصاد، والإصلاح الاجتماعي، والديني، جيل التضحية بكل شيء في سبل المثل التي يدافع عنها، والأرض التي احتلها الأجنبي، والشعب العربي المسلم الذي يستذله ويضطهده.

كان الشيخ عبد العزيز الثعالبي مجاهداً فذاً يقاتل على أكثر من جبهة، وفي أكثر من ميدان.. يقاتل طغياناً غربياً شرساً متوحشاً لا يرحم، وتحمّل في جهاده هذا الكثير من الأذى، اعتقالاً، وتعذيباً، ومحاكمات، ونفياً، ومصادرة، وتشويهاً للسمعة، ولم يعبأ بما أصابه من ألوان الإيذاء، لأنه يجاهد في سبيل الله، ومن أجل هذه الأمة، من أجل دينها، وقيمها، وأرضها، وثرواتها، وكرامتها
. https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2_%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A












عبد العزيز الثعالبي

عبد العزيز الثعالبي
عبد العزيز الثعالبي (15 شعبان 1293هـ= 5 سبتمبر 1876 م - أول أكتوبر 1944 م)  .

فهرست

النشأة

وُلِد الشيخ عبد العزيز الثعالبي بتونس الخضراء في (15 شعبان 1293هـ= 5 سبتمبر 1876م). 

ونشأ في كنف جده عبد الرحمن الثعالبي من أقطاب الجزائر وسادتها المشهورين ليرث عنه أخلاقه ومبادئه. 

وكان قد حفظ القرآن الكريم وأتم الدراسة الأولية في البيت على يد مدرس خاص، ثم دخل مدرسة "باب سويقة الابتدائية" في تونس، ثم التحق بجامع الزيتونة وتخرج فيه سنة 1896م وأخذ يتردد على المدرسة الخلدونية حتى حصل على الدراسات العليا.
وبظهور أول حزب لتحرير تونس ومقاومة الاستعمار الفرنسي فيها عام 1895م كان الثعالبي من أوائل من انضم إليه؛ ليؤسس بعدها الحزب الوطني الإسلامي الذي كان يدعو إلى تحرير العالم العربي كله وقيام الوحدة بين أقطاره.

وكان قد كتب وعمل محررا في صحيفتي "المبشر" و"المنتظر" إلى أن عطلتها الحكومة، ثم أصدر جريدة "سبيل الرشاد" وكرسها للوعظ والإرشاد والدعوة إلى الإصلاح. وبعد سنة عطلتها الحكومة وأصدرت قانونا قيدت به الصحافة.

الخروج والدعوة للقضية

وغداة عزم الثعالبي على السفر إلى خارج بلاده لنشر القضية التونسية منعته السلطة الفرنسية من ذلك ليفر إلى طرابلس، ثم يغادرها إلى بني غازي ثم قصد الآستانة عن طريق اليونان وبلغاريا عام 1898م، ثم غادر الآستانة إلى مصر للمرة الأولى، حيث اجتمع بأقطابها وطالب بفتح أبواب المدرسة الحربية العثمانية في وجه الطلاب التونسيين؛ وذلك لتخريج طائفة من الشباب تكون مؤهلة لقيادة الثورة.
إثر ذلك عاد إلى تونس عام 1902؛ ليعكف على نشر الدعوة إلى الإصلاح الاجتماعي، وتحرير العقل، ونبذ الجمود وطاف بالبلاد التونسية لهذه الغاية يلقي دروسا عامة على الناس الذين التفوا حوله وآمنوا بفكرته. غير أن الأمر لم يتم له على النحو الذي أراده وسرعان ما وجدت الإدارة الفرنسية في حركته خطرا عليها ليواجه مقاومة شديدة من الحكومة التونسية والسلطة الفرنسية انتهت باعتقاله وسجنه؛ الأمر الذي أحدث ضجة كبيرة قادت إلى إجبار الحكومة الفرنسية إلى إطلاقه سراحه.

روح التحرر في القرآن

ولم يقتصر خصومه على الاستعمار، بل على بعض الاتجاهات الإسلامية التي وبمجرد مغادرته السجن عمل على تأليف كتاب للرد على خصومه وإظهار الدين الإسلامي الحنيف في مظهر الدين المقام على أسس الحرية والعدالة والتسامح، وإقامة الدليل على أن الإسلام في شكله الصحيح لا يتنافى مع المدنية الحديثة ولا يعوق التقدم. ورأى أنه من الأصلح إصدار ذلك الكتاب باللغة الفرنسية في باريس ليضمن له رواجا أكبر ويتجنب خصومه من أهله. وقد صدر الكتاب بباريس سنة 1905م بعنوان "روح التحرر في القرآن" وقد تضمن ذلك الكتاب كثيرا من الأفكار الإصلاحية التي كانت رائجة وقتها، لا سيما منها المتعلقة بتحرير المرأة المسلمة، ومحاربة البدع، والتمسك بالكتاب والسنة، والدعوة إلى تخليص العقيدة الإسلامية مما اختلط بها من باطل مناف لروح التوحيد الخالص.

مشاركة سياسية فعّالة

في سنة 1907م انضم الثعالبي إلى الحركة السياسية التي أنشأها الزعيم "علي باش حانبة" وأصبحت تعرف في الأوساط السياسية باسم "حركة الشباب التونسي"؛ لتأثرها في بعض نواحيها بحركة الشباب العثماني ومناصرتها لفكرة الجامعة الإسلامية.

 ثم كلّف الشيخ الثعالبي برئاسة تحرير النشرة العربية من جريدة "التونسي" الناطقة بلسان حركة الشباب التونسي.
وعندما أعلنت إيطاليا الحرب على ليبيا وأغارت على طرابلس عام 1911م كان الثعالبي في مقدمة العاملين لمساعدة المجاهدين وإرسال البعثات الطبية، وقد نقم عليه الفرنسيون ذلك فقبضوا عليه وأخرجوه من تونس فسافر إلى مرسيليا وباريس داعيا إلى حرية تونس.
وإثر ذلك حاول الفرنسيون إغراءه مقترحين تقليده منصبا علميا على أن ينصرف عن السياسة، فرفض وسافر إلى سويسرا ومنها إلى ألمانيا فتركيا ثم رحل إلى الشرق وعاد إلى تونس عام 1913م. بعد الحرب العالمية الأولى دعا إلى عقد مؤتمر لحل قضية تونس واختير زعيما بالإجماع، ثم سافر إلى باريس للدفاع عن قضية بلاده أمام مؤتمر الصلح. وتمثل نشاطه منذ وصوله إلى باريس في إلقاء المحاضرات والخطب ونشر المقالات في الصحف الفرنسية المناصرة لقضايا الشعوب المولى عليها، والاتصال بقادة الأحزاب السياسية ورؤساء الجمعيات الثقافية والمنظمات الإنسانية.

"تونس الشهيدة"

وبالإضافة إلى ذلك فقد سخّر كل طاقته لتأليف كتاب "تونس الشهيدة" بالتعاون مع المحامي التونسي المقيم بباريس أحمد السقا الذي تولى نقله إلى اللغة الفرنسية، وقد أحرز الكتاب منذ صدوره في شهر يناير 1920م بتونس ضجة كبيرة، وكان يتم توزيعه في كنف السرية.
ووقعت نسخة من الكتاب بين يدي التلميذ الحبيب بورقيبة الذي قال في شأنه فيما بعد عندما أصبح أول رئيس للجمهوملكية التونسية: "لقد أخفيت الكتاب تحت غطائي وأنا متأثر شديد التأثر، فاطلعت على ما احتواه من أرقام وما تضمنه من معلومات حول الأموات والفقر، وشعرت بالإهانة الناتجة عن الاستعمار، وكنت أبكي خفية".
من صدق بونقيبة كذب مائة نبي
 وقد اقتصر الكتاب على نشر القوانين والأوامر والمراسيم التي رغبت فرنسا في تطبيقها، إضافة إلى إيضاحات لفهم تلك القوانين والأوامر.

 ومع ذلك فإن الحكومة الفرنسية اعتبرت كل مُطالع للكتاب "عدوا لفرنسا" وجعلت من قراءته جنحة حقيقية.

كذلك فعل بونقيبة و من معه في منع كل كتاب فيه نقد لدولتهم المستبدة

وقد زاد كتاب "تونس الشهيدة" في حماس الوطنين التونسيين الذين تبنوا المطالب الواردة فيه، وأجمعوا على بعث أول حزب منظم في تونس برئاسة الشيخ عبد العزيز الثعالبي وهو "الحزب الحر الدستوري التونسي" الذي تم الإعلان عن تأسيسه يوم 15 يونيو 1920م.
وقد تمثل رد فعل الحكومة الفرنسية في إلقاء القبض على مؤلف "تونس الشهيدة" ونقله يوم 28 يوليو 1920م إلى تونس، حيث اعتقل في السجن العسكري بتهمة التآمر على الدولة الفرنسية، ولكن اعتبارا لما أثاره ذلك الإجراء التعسفي من ردود فعل لدى الرأي العام سواء في تونس أو فرنسا فقد اضطرت السلطة الفرنسية إلى الإذن بإطلاق سراحه في أول مايو 1921م.

بين السياسي والإسلامي

ومما يحسب للثعالبي أن نشاطه السياسي على رأس حزبه لم يمنعه من مواصلة عمله الإسلامي ومشاركة زعماء الإصلاح في دراسة أوضاع العالم الإسلامي والخوض في المباحث الدينية والاجتماعية التي كانت تشغل بال المفكرين المسلمين وقتها.
كما استثمر مجلة "الفجر" لسان حال الحزب الحر الدستوري التونسي؛ لتوضيح المنهج النظري الذي اختاره لنشر أفكاره الإصلاحية، وهو يتلخص في "أن مصدر التوجيه هو الدين الإسلامي، وأن الدين قوامه العلم والأخلاق، ووسيلة نشره الدعوة والتناصح، وأن من حق الدعوة الإقدام في سبيلها والاستخفاف بما يتعرض إليه القائم بها من متاعب أو يناله من إرهاق".
ولم تمضِ مدة طويلة على ميلاد الحزب الدستوري حتى بدأت منذ أواخر سنة 1921م تظهر الخلافات بين بعض قادته حول طرق العمل الواجب اتباعها في سبيل تحقيق المطالب الوطنية؛ فبينما كانت الأغلبية الملتفة حول الثعالبي ترى ضرورة المطالبة بالدستور والتمسك بالمطالب الواردة في كتاب "تونس الشهيدة" كان الشق الآخر الذي يتزعمه "حسن قلاتي" يدعو إلى قبول الإصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة الفرنسية والمنحصرة في رفع الرقابة على الصحافة وتأسيس وزارة للعدل وتعويض المجلس الشوري بالمجلس الكبير.
وانتهى الأمر بهذا الشق الأخير إلى الانفصال عن الحزب الدستوري وتأسيس حزب جديد أطلق عليه اسم "الحزب الإصلاحي"، ولكن ذلك الحزب لم يستطع استقطاب الجماهير الشعبية التي ظلت وفيّة للثعالبي وحزبه.

في العراق مدرس للفلسفة

مسلسل ترحال الثعالبي لم يتوقف فقد غادر تونس يوم 26 يوليو 1923م مرة أخرى متوجها إلى إيطاليا، ومنها إلى بلاد اليونان وتركيا، ثم زار مصر والحجاز والهند ومسقط والبحرين والكويت، وانتهى به المطاف إلى بغداد التي وصلها يوم 14 يوليو 1925م فأمر الملك فيصل بتعيينه مدرسًا للفلسفة الإسلامية بجامعة آل البيت. وقد باشر مهمة التدريس من مطلع 1926م إلى أن ألغيت تلك الجامعة في سنة 1930م.
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الشأن أن الشيخ الثعالبي رأى من المفيد قبل الخوض في الفلسفة الإسلامية أن يخصص بعض المحاضرات التمهيدية لدراسة الأديان التي سبقت الدين الإسلامي سواء منها القديمة (كالديانة المصرية واليونانية والرومانية) أو السماوية (كاليهودية والنصرانية).
وقد برّر اختياره هذا بقوله: "نحن إذا تعمقنا في بحث الفلسفة الإسلامية نجد عناصرها ومقوماتها متولدة عن تطور عام في الأديان والاعتقادات؛ لذلك يجب على الباحث في روح الإسلام أن ينظر أولاً في الأديان التي تقدمته وكان لها أثر في بلاد العرب؛ لأن الروح الإسلامية هي عصارة الفلسفة المتكاملة من نقد وتمحيص فكرة الأديان. أما بدون ذلك فيعسر جدا تفهم روح الإسلام الأزلية".
ثم عُيِّن الثعالبي مراقبا لبعثة الطلبة العراقيين بمصر، وغادر بغداد في آخر شهر سبتمبر 1930م ملتحقا بمنصبه الجديد بالقاهرة. وخلال تلك الفترة قام بزيارة إلى فلسطين واستحكمت صلات المودة بينه وبين مفتي فلسطين الأكبر سماحة السيد أمين الحسيني واتفقا على القيام بدعوة واسعة النطاق لعقد مؤتمر إسلامي بالقدس؛ من أجل إثارة اهتمام الرأي العام الإسلامي وكسب عطفه وتأليف جبهة قوية تستطيع الوقوف في وجه الصهيونية. وانعقد المؤتمر الإسلامي العام فعليا بالقدس من 7 إلى 17 ديسمبر سنة 1931م وتمخض عن قرارات على غاية في الأهمية. وإثر انتهاء المؤتمر انتخب الشيخ عبد العزيز الثعالبي عضوا في المكتب الدائم للمؤتمر، ثم عُيِّن بعد ذلك مسئولا عن لجنة الدعاية والنشر.

مبعوث الأزهر للهند

كما تم إرساله مبعوثا من الأزهر الشريف لدراسة قضية المنبوذين في بلاد الهند، وكتب تقريره التاريخي الذي كشف كثيرًا من الحقائق التي كانت مجهولة آنذاك، منها أن غاندي قد سرق الحركة الوطنية من المسلمين. وبعد هجرة دامت أربع عشرة سنة عاد الثعالبي إلى تونس يوم 19 يوليو 1937م فخصّه الشعب التونسي باستقبالات رائعة واستبشر الوطنيون بمقدمه. كما ظنوا أنه سيعمل لا محالة على وضع حد للانشقاق الجديد الذي ظهر في صفوف الحزب الحر الدستوري التونسي إثر "مؤتمر قصر هلال" المنعقد في 2 مارس 1934م، وبدأت المساعي الرامية إلى التوفيق بين الحزبين الدستوريين الجديد والقديم، ولكن سرعان ما ذهبت تلك الجهود التوفيقية أدراج الرياح؛ نظرًا لتباين أفكار الشقين وطرق عملهما وتشبث كل منهما بموقفه.

ابتعاده عن السياسة ورحيله

وأدى تفاقم الوضع بين الحزبين إلى ابتعاد الثعالبي شيئا فشيئا عن حلبة السياسة، لا سيما بعد أن أوقف الحزب الدستوري القديم من تلقاء نفسه إثر حوادث 9 إبريل 1938م، ولكنه لم يتخلَّ قط عن نشاطه الفكري والثقافي؛ لأنه كان داعيا دينيا ومصلحا اجتماعيا قبل أن يكون زعيما سياسيا. ليصدر الجزء الثاني من كتابه المتعلق بالسيرة النبوية بعنوان "معجزات محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وعندما اضطره المرض العضال الذي ألمّ به إلى ملازمة بيته إثر اندلاع الحرب العالمية الثانية استمر في الاتصال بالمثقفين، ولا سيما الشبان منهم فكان يجلس في بيته كل يوم جمعة بعد العصر لإلقاء دروس على طلبة "جامع الزيتونة المعمور" حول مقاصد الشريعة أو التاريخ أو مشاهدته في البلدان الإسلامية الشرقية. وقد لبّى الشيخ عبد العزيز الثعالبي داعي ربه في أول أكتوبر 1944م فكان وقع وفاته شديدا على الوطنيين الصادقين الذين لم يغب عن أذهانهم ما قدمه ذلك المصلح العظيم من جليل الخدمات إلى بلاده خاصة، وما بذله طوال حياته من جهود للنهوض بالأمة الإسلامية قاطبة.



Aucun commentaire: