الإسلام دين العدالة الاجتماعية، وقد حقق أول تجربة
تشاركية في العالم! وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الناس شركاء في ثلاث:
الماء والكلأ والنار»، وفي قول آخر يضاف «الملح»، وهي المقومات الأساسية للمجتمع في
ذلك الوقت، التي لا يجوز حرمان أحد منها، دون وجه حق. وقد حارب أبوبكر الصديق
مانعي الزكاة لأن الامتناع عن الزكاة ردة عن الإسلام، فالزكاة حق المال. وقد كانت
حروب الردة نموذجاً للدفاع عن المصلحة العمومية والعدالة الاجتماعية، لضمان زوال
الفوارق بين الطبقات، قدر الإمكان، وحتى تقام العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين
الناس.
صحيح أن النبي عفا عن قومه بعد فتح مكة، في قوله المشهور «اذهبوا فأنتم الطلقاء» ولكنه أيضاً لم يترك المنافقين «إن المنافقين يقتلون ولو كانوا متعلقين بأستار الكعبة». وقد نصت جميع الأديان على العدالة الاجتماعية وعلى الزكاة. وفي الإسلام ربع العشر من المال الموجود في آخر كل عام، إن كان المال قد بلغ نصاب الزكاة. فلو عاش الإنسان أربعين أو خمسين عاماً لمثلت الزكاة ثروة طائلة يمكن استخدامها لصالح المجتمع. والزكاة أساس من أسس العدالة الاجتماعية. ولذلك لم يكن في دولة الإسلام الأولى فقراء أو عجزة، بل كان هناك تكافل اجتماعي. كما حرّم الإسلام الربا حتى لا يتحكم بعض الأغنياء في أقوات الناس وينتهزوا فرص حاجاتهم، وهو يتوافق أيضاً مع ما عملته ثورة 1952 عندنا في مصر بالقضاء على الربا في السلفيات الزراعية. أما عمر بن الخطاب فقد أمّم الأرض ووزعها على الفلاحين كما أخذ الأرض من بعض الإقطاعيين في العراق، ووزعها على المعدِمين. ورفض عمر أن تكون هناك طبقية أو فقر.
والإسلام دين المساواة والعدل الاجتماعي وتكافؤ الفرص.
ويدعو الإسلام إلى قسمة الربح مع الآخرين، وأخذ حقوق الفقراء من أموال الأغنياء. والإسلام لا يسمح بوجود فقراء في مجتمع غني. الإسلام دين العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص «لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى».
وينص الدين على تكافؤ الفرص «إن جوهر الأديان يؤكد حق الإنسان في الحياة وفي الحرية. إن أساس الثواب والعقاب في الدين هو فرصة متكافئة لكل إنسان. إذ يبدأ كل فرد حياته أمام خالقه الأعظم صفحة بيضاء يخط فيها ما يشاء.. لا يرضى الدين الفقر والجهل والمرض لغالبية الناس.. إن الله جلت حكمته وضع الفرص المتكافئة أمام البشر جميعاً أساساً للعمل في الدنيا وللحساب في الآخرة». والغني الذي يمتلك الأموال في مجتمع فقير قد لا يكوّن ثروته عن طريق العمل بل عن طريق الاستغلال. والدين عمل، وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يعمل بيديه الكريمتين، ولم يكن الدين تجارة احتكار أو العمل استغلالاً دون وجه حق. الدين وروح العدالة الاجتماعية في الاشتراكية لا يتعارضان. نادى كل منهما بالمساواة وتكافؤ الفرص ورفع مستوى المعيشة وتذويب الفوارق قدر الإمكان بين الطبقات.
وكانت نسبة نصف في المئة تملك نصف الدخل القومي في مصر فقضت ثورة 1952 على هذا التوزيع غير العادل، وأصبح الدخل القومي موزعاً على الشعب المصري بعد أن كبحت الثورة بعض جموح الطبقة الرأسمالية. وبهذا طبقت الثورة مبادئ الإسلام، من وجهة نظر أنصارها. بل إن الإسلام وروح العدالة الاجتماعية الاشتراكية متفقان من حيث المنهج فكلاهما يتم تطبيقه بالتدريج، وقد جرى ذلك التدرج فيما يسمى بمرحلة التحول الاشتراكي. وقد أرشد القرآن الكريم إلى حكمة التدريج في صدور الأحكام كالتدرج في تحريم الخمر مثلاً.
ولكن بعض رجال الدين قد يشوهون الدين حين لا يفهمون مقاصده، ويصدرون فتاوى، بعد أن يقبضوا الثمن! وليست مهمة رجال الدين الخطابة في المساجد فقط بل النزول إلى الأسواق والحياة العامة، والتعرف على مشاكل الجماهير والعيش معها، فرجل الدين بالمعنى الصحيح لا يتاجر ولا يعجز بل يقول الحق ويعمل به.
وقد يحاول البعض الإساءة إلى الاشتراكية والإسلام معاً لحساب تحالف ذوي المصالح والأغراض والرأسمالية. والحقيقة أن الإسلام ضد الاستغلال، وضد كنز الأموال وصرفها في غير مصارفها.
ليست الاشتراكية بديلًا عن الإسلام، ولم يكن عبدالناصر ممثلاً لدين جديد، بل إن الاشتراكية، من حيث هي عمل لتحقيق العدالة الاجتماعية قدر الإمكان، جوهر الإسلام، وناصر في هذا موافق لرسالة الإسلام. ليست الاشتراكية إلحاداً كما يدعي خصومها. وليست كفراً بل تتوافق في بعض جوانبها مع شريعة العدل، وشريعة العدل هي شريعة الإسلام. والاشتراكية احترام للعائلة والدين والوطن. وليست الاشتراكية بالضرورة شيوعية أو ماركسية لينينية، لأنها في حالة مصر في زمن ثورة ناصر تؤمن بالدين والرسل وتؤمن بالله، تقوم على أسس روحية وليس على الأساس المادي وحده. ليست الاشتراكية تعدياً على الدين وحقوق الأفراد، بل هي تدخل لضمان العدل في نظام توزيع من صنع البشر نتيجة لأوضاعهم الاجتماعية، وإلا فلماذا وزارة العدل؟
ليست الاشتراكية متعارضة مع الصدقة، كما قد يقول خصومها، لأن الدين يطالبنا بالصدقة. إنهم يستحسنون الاشتراكية شعراً ويستهجنونها نظاماً. فعندما يقول شوقي «الاشتراكيون أنت إمامهم» وتغني أم كلثوم «أنصفت أهل الفقر من أهل الغنى» تنبسط أساريرهم ويصفقون بأيديهم، ولكنهم يعادونها كنظام اجتماعي يهدد مصالحهم، ويستعيد بعض ثرواتهم المسلوبة دون وجه حق من الشعب، الإسلام والاشتراكية إذن ليسا متعارضين أبداً، إذا نظرنا إليهما من زاوية العدالة الاجتماعية.
صحيح أن النبي عفا عن قومه بعد فتح مكة، في قوله المشهور «اذهبوا فأنتم الطلقاء» ولكنه أيضاً لم يترك المنافقين «إن المنافقين يقتلون ولو كانوا متعلقين بأستار الكعبة». وقد نصت جميع الأديان على العدالة الاجتماعية وعلى الزكاة. وفي الإسلام ربع العشر من المال الموجود في آخر كل عام، إن كان المال قد بلغ نصاب الزكاة. فلو عاش الإنسان أربعين أو خمسين عاماً لمثلت الزكاة ثروة طائلة يمكن استخدامها لصالح المجتمع. والزكاة أساس من أسس العدالة الاجتماعية. ولذلك لم يكن في دولة الإسلام الأولى فقراء أو عجزة، بل كان هناك تكافل اجتماعي. كما حرّم الإسلام الربا حتى لا يتحكم بعض الأغنياء في أقوات الناس وينتهزوا فرص حاجاتهم، وهو يتوافق أيضاً مع ما عملته ثورة 1952 عندنا في مصر بالقضاء على الربا في السلفيات الزراعية. أما عمر بن الخطاب فقد أمّم الأرض ووزعها على الفلاحين كما أخذ الأرض من بعض الإقطاعيين في العراق، ووزعها على المعدِمين. ورفض عمر أن تكون هناك طبقية أو فقر.
والإسلام دين المساواة والعدل الاجتماعي وتكافؤ الفرص.
ويدعو الإسلام إلى قسمة الربح مع الآخرين، وأخذ حقوق الفقراء من أموال الأغنياء. والإسلام لا يسمح بوجود فقراء في مجتمع غني. الإسلام دين العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص «لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى».
وينص الدين على تكافؤ الفرص «إن جوهر الأديان يؤكد حق الإنسان في الحياة وفي الحرية. إن أساس الثواب والعقاب في الدين هو فرصة متكافئة لكل إنسان. إذ يبدأ كل فرد حياته أمام خالقه الأعظم صفحة بيضاء يخط فيها ما يشاء.. لا يرضى الدين الفقر والجهل والمرض لغالبية الناس.. إن الله جلت حكمته وضع الفرص المتكافئة أمام البشر جميعاً أساساً للعمل في الدنيا وللحساب في الآخرة». والغني الذي يمتلك الأموال في مجتمع فقير قد لا يكوّن ثروته عن طريق العمل بل عن طريق الاستغلال. والدين عمل، وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يعمل بيديه الكريمتين، ولم يكن الدين تجارة احتكار أو العمل استغلالاً دون وجه حق. الدين وروح العدالة الاجتماعية في الاشتراكية لا يتعارضان. نادى كل منهما بالمساواة وتكافؤ الفرص ورفع مستوى المعيشة وتذويب الفوارق قدر الإمكان بين الطبقات.
وكانت نسبة نصف في المئة تملك نصف الدخل القومي في مصر فقضت ثورة 1952 على هذا التوزيع غير العادل، وأصبح الدخل القومي موزعاً على الشعب المصري بعد أن كبحت الثورة بعض جموح الطبقة الرأسمالية. وبهذا طبقت الثورة مبادئ الإسلام، من وجهة نظر أنصارها. بل إن الإسلام وروح العدالة الاجتماعية الاشتراكية متفقان من حيث المنهج فكلاهما يتم تطبيقه بالتدريج، وقد جرى ذلك التدرج فيما يسمى بمرحلة التحول الاشتراكي. وقد أرشد القرآن الكريم إلى حكمة التدريج في صدور الأحكام كالتدرج في تحريم الخمر مثلاً.
ولكن بعض رجال الدين قد يشوهون الدين حين لا يفهمون مقاصده، ويصدرون فتاوى، بعد أن يقبضوا الثمن! وليست مهمة رجال الدين الخطابة في المساجد فقط بل النزول إلى الأسواق والحياة العامة، والتعرف على مشاكل الجماهير والعيش معها، فرجل الدين بالمعنى الصحيح لا يتاجر ولا يعجز بل يقول الحق ويعمل به.
وقد يحاول البعض الإساءة إلى الاشتراكية والإسلام معاً لحساب تحالف ذوي المصالح والأغراض والرأسمالية. والحقيقة أن الإسلام ضد الاستغلال، وضد كنز الأموال وصرفها في غير مصارفها.
ليست الاشتراكية بديلًا عن الإسلام، ولم يكن عبدالناصر ممثلاً لدين جديد، بل إن الاشتراكية، من حيث هي عمل لتحقيق العدالة الاجتماعية قدر الإمكان، جوهر الإسلام، وناصر في هذا موافق لرسالة الإسلام. ليست الاشتراكية إلحاداً كما يدعي خصومها. وليست كفراً بل تتوافق في بعض جوانبها مع شريعة العدل، وشريعة العدل هي شريعة الإسلام. والاشتراكية احترام للعائلة والدين والوطن. وليست الاشتراكية بالضرورة شيوعية أو ماركسية لينينية، لأنها في حالة مصر في زمن ثورة ناصر تؤمن بالدين والرسل وتؤمن بالله، تقوم على أسس روحية وليس على الأساس المادي وحده. ليست الاشتراكية تعدياً على الدين وحقوق الأفراد، بل هي تدخل لضمان العدل في نظام توزيع من صنع البشر نتيجة لأوضاعهم الاجتماعية، وإلا فلماذا وزارة العدل؟
ليست الاشتراكية متعارضة مع الصدقة، كما قد يقول خصومها، لأن الدين يطالبنا بالصدقة. إنهم يستحسنون الاشتراكية شعراً ويستهجنونها نظاماً. فعندما يقول شوقي «الاشتراكيون أنت إمامهم» وتغني أم كلثوم «أنصفت أهل الفقر من أهل الغنى» تنبسط أساريرهم ويصفقون بأيديهم، ولكنهم يعادونها كنظام اجتماعي يهدد مصالحهم، ويستعيد بعض ثرواتهم المسلوبة دون وجه حق من الشعب، الإسلام والاشتراكية إذن ليسا متعارضين أبداً، إذا نظرنا إليهما من زاوية العدالة الاجتماعية.
الثلاثاء 27 يناير 2015
الدين والاشتراكية.. والعدالة الاجتماعية
الاتحاد -د. حسن حنفي
* أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire