عبد الملك بن مروان أنشأ المسجد
الأقصى بديلا عن الكعبة
مقدمة
1 ـ من الحُمق الاعتقاد بأن حديث
رب العزة عن مسجد الضرار الذى أقامه المنافقون فى المدينة ( التوبة 107 :
110 ) كان مجرد تاريخ انتهى ومضى ولم يتكرر . مسجد الضرار هو الذى يُستخدم فى
الاضرار بالناس ، بالتناقض مع دور المسجد الذى يجب أن يكون مكانا آمنا للتقوى
والاخلاص فى العبادة لرب العزة وحده لا شريك له . مسجد الضرار يجمع بين الكفر
الاعتقادى بتقديس البشر والحجر ( كما كانت تفعل قريش بمساجدها : ( الجن 18 : 23 )
وفى الكفر السلوكى بالاعتداء والظلم ، وهذا أيضا كانت تفعله قريش فى إرهابها
المؤمنين ومنعهم من دخول مساجد الله جل وعلا ( البقرة 114 ) . وجمعت قريش بين
النوعين فى إستخدامها للبيت الحرام ( التوبة 17 : 18 ) .
2 ــ أعادت
قريش فى خلافة الراشدين والأمويين مسيرة مساجد الضرار . لم يعد هناك وحى قرآنى
يتنزل يفضحهم كما كان الحال فى حياة النبى محمد عليه السلام فى المدينة ،فإنطلقوا
يفعلون ما يشاءون من غزو وأحتلال وسبى وسلب ، وقتال أهلى . كل ذلك مع وجود المساجد
وإنتشار بنيانها ، والمحافظة على تأدية الصلاة ، حتى وقت المعارك ، سواء كانت غزوا
للآخرين أو حربا أهلية . بل تحولت المساجد الى ساحات حرب .
3 ـ الصلاة
كانت معروفة بمواقيتها وركعاتها ضمن شعائر ملة ابراهيم والتى تشمل الصيام والحج
والتسبيح وإخلاص القلب لرب العزة جل وعلا ، بحيث تكون العبادات وسائل للتقوى .
والتقوى تنعكس فى السلام والعدل والابتعاد عن الظلم فى التعامل مع الناس ، وعدم
تقديس المخلوقات . قريش حافظت على شكل الصلاة وارتكبت فظائع فى إستغلال البيت
الحرام مركزا لتقديس آلهة العرب ، وإضطهاد النبى والمؤمنين ، وبهذا أضاعوا ثمرة
صلاتهم ( مريم 59 ).
4 ــ
الانغماس فى الظلم مع ( تأدية ) الصلاة تأدية سطحية يعنى أن تتحول الصلاة
الى وسيلة تبرر الظلم وتؤكده وتساعد عليه، أى بدلا من أن تكون وسيلة للتقوى تصبح
وسيلة للإثم والعدوان . أسلمت قريش ، وما لبث أن سيطرت فى خلافة الراشدين
فارتكبت جريمة الفتوحات ثم جريمة الفتنة الكبرى الأولى ثم الثانية . وفى كل
فظائعها حافظت قريش على ( تأدية ) الصلاة بمواقيتها وحركاتها حتى فى أثناء القتال
، بل كان الأمير على البلد المفتوح وقائد الجيش يسمى ( أمير الصلاة ) وهو الأعلى
شأنا من صاحب الجباية و القاضى . ونشروا تعليم الصلاة ، ولا زلنا نصلى بنفس
الكيفية ، ونرتكب نفس الفظائع ، نقتل ونصلى ، ننهب ونصلى ، بل يهتفون ( الله أكبر
) وهم يرتكبون الفظائع . سنعرض لتأديتهم الصلاة ومبالغتهم فيها مع تمسكهم بالقتل
والقتال فى مقال قادم .نتوقف هنا مع قيام عبد الملك بن مروان بإنشاء المسجد الأقصى
بديلا عن الكعبة
أولا : عبد
الملك وإنشاء المسجد الأقصى
1 ـ تعرضت
الكعبة للإهانة والحرق بيد القرشيين ( الجيش الأموى ، وجيش ابن الزبير ) . ولقد
إستغل ابن الزبير موسم الحج لتكثيف دعايته ضد الأمويين ، وبدأ تأثير ذلك واضحا فى
أهل الشام الذين يؤدون فريضة ويعودون وقد سمعوا الطعن فى الأمويين . خشى عبد الملك
بن مروان من أن ينفضوا عنه وأن ينضموا لابن الزبير ، وهداه تفكيره الى إنشاء ما
اسماه بالمسجد الأقصى ، و جعل الحج اليه ، واستغل ذكر اسم المسجد الأقصى فى سورة
الاسراء فى الدعوة لتقديس مسجده هذا ، وإستجاب له أهل الشام خصوصا من اسلم منهم
ولا يزال يحمل مؤثرات دينه القديم ، وتقديس الهيكل وكنيسة القمامة ، والتى تم
إنشاء المسجد الأقصى فى مكانهما . وقد قلنا فى مقالات كتاب ( ليلة القدر هى ليلة
الاسراء ) وهى منشورة هنا أن المسجد الأقصى المذكور فى القرآن هو ( طور سيناء ) .
المسجد
الأقصى الحالى لم يكن موجودا فى عصر النبى ، ولم يكن موجودا فى عصر الخليفة (عمر )
حين فتح الشام وفلسطين وزار كنيسة القمامة وصلى خارجها .هذا المسجد الأُكذوبة بناه
الخليفة عبد الملك بن مروان .
2 ـ فى
تاريخه ( البداية والنهاية ) ينقل المؤرخ الشامى ابن كثير فى أحداث عام 66: (
وفيها: ابتدأ عبد الملك بن مروانببناء القبة على صخرة بيت المقدس وعمارة
الجامع الأقصى، وكملت عمارته في سنة ثلاثوسبعين.)
ويقول
عن سبب بنائه : ( وكان السبب في ذلك أن عبد الله بن الزبير كان قد استولى على
مكة،وكان يخطب في أيام منى وعرفة، ومقام الناس بمكة، وينال من عبد الملك ويذكر
مساويبني مروان، ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الحكم وما نسل، وأنه
طريدرسول الله صلى الله عليه وسلم ولعينه، وكان يدعو إلى نفسه، وكان فصيحاً، فمال
معظمأهل الشام إليه.وبلغ ذلك عبد الملك فمنع الناس من الحج فضجوا، فبنى القبة
علىالصخرة والجامع الأقصى ليشغلهم بذلك عن الحج ويستعطف قلوبهم، وكانوا يقفون
عندالصخرة ويطوفون حولها كما يطوفون حول الكعبة.وينحرون يوم العيد ويحلقون
رؤوسهم، ففتح بذلك على نفسه بأن شنع ابنالزبير عليه، وكان يشنع عليه بمكة ويقول:
ضاهى بها فعل الأكاسرة في إيوان كسرى،والخضراء، كما فعل معاوية. )
وعن عمارته
وبنائه يقول : ( ولما أراد عبد الملك عمارة بيت المقدس وجه إليه بالأموال
والعمال،ووكل بالعمل رجاء بن حيوة ويزيد بن سلام مولاه، وجمع الصناع من أطراف
البلادوأرسلهم إلى بيت المقدس، وأرسل إليه بالأموال الجزيلة الكثيرة، وأمر رجاء بن
حيوةويزيد أن يفرغا الأموال إفراغاً ولا يتوقفا فيه.فبثوا النفقات وأكثروا،
فبنوا القبة فجاءت من أحسن البناء، وفرشاهابالرخام الملون، وعملا للقبة جلالين
أحدهما من اليود الأحمر للشتاء، وآخر من أدمللصيف، وحفا القبة بأنواع الستور،
وأقاما لها سدنة وخداماً بأنواع الطيب والمسكوالعنبر والماورد والزعفران، ويعملون
منه غالية ويبخرون القبة والمسجد من الليل.وجعل فيها من قناديل الذهب والفضة
وسلاسل الذهب والفضة شيئاًكثيراً، وجعل فيها العود القماري المغلف بالمسك وفرشاها
والمسجد بأنواع البسطالملونة.وكانوا إذا أطلقوا البخور شم من مسافة بعيدة. )
وعن إفتتان
الناس به يقول : ( وكان إذا رجع الرجل منبيت المقدس إلى بلاده توجد منه رائحة
المسك والطيب والبخور أياماً، ويعرف أنه قدأقبل من بيت المقدس، وأنه دخل الصخرة،
وكان فيه من السدنة والقوم القائمين بأمرهخلق كثير، ولم يكن يومئذٍ على وجه الأرض
بناء أحسن ولا أبهى من قبة صخرة بيتالمقدس، بحيث إن الناس التهوا بها عن الكعبة
والحج، وبحيث كانوا لا يلتفتون في موسمالحج وغيره إلى غير المسير إلى بيت
المقدس.وافتتن الناس بذلك افتناناً عظيماً، وأتوه من كل مكان، وقد عملوافيه من
الإشارات والعلامات المكذوبة شيئاً كثيراً مما في الآخرة، فصوروا فيه صورةالصراط
وباب الجنة، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووادي جهنم، وكذلك فيأبوابه
ومواضع منه، فاغتر الناس بذلك وإلى زماننا.) أآ ظل إفتتان الناس بالمسجد الأقصى
الذى صنعه عبد الملك من عهد عبد الملك فى القرن الأول الهجرى الى عصر المؤلف ابن
كثير فى القرن الثامن الهجرى ..,لا يزال حتى اليوم .
ويقول ابن
كثير عن الاسراف فى تزيين وتذهيب هذا المسجد : ( وبالجملة أن صخرة بيت
المقدس لما فرغ من بنائها لم يكن لها نظير علىوجه الأرض بهجة ومنظراً، وقد كان
فيها من الفصوص والجواهر والفسيفساء وغير ذلك شيءكثير، وأنواع باهرة.ولما فرغ
رجاء بن حيوة، ويزيد بن سلام من عمارتها على أكمل الوجوهفضل من المال الذي أنفقاه
على ذلك ستمائة ألف مثقال.وقيل: ثلاثمائة ألف مثقال، فكتبا إلى عبد الملك
يخبرانه بذلك،فكتب إليهما: قد وهبته منكما.فكتبا إليه: إنا لو استطعنا لزدنا
في عمارة هذا المسجد من حلينسائنا.فكتب إليهما: إذ أبيتما أن تقبلاه فأفرغاه
على القبة والأبواب،فما كان أحد يستطيع أن يتأمل القبة مما عليها من الذهب القديم
والحديث.)
ويقول عما
حدث لهذا المسجد فى خلافة ابى جعفر المنصور العباسى :( فلما كان في خلافة أبي
جعفر المنصور قدم بيت المقدس في سنة أربعينومائة، فوجد المسجد خراباً، فأمر أن
يقلع ذلك الذهب والصفائح التي على القبةوالأبواب، وأن يعمروا بها ما تشعث في
المسجد، ففعلوا ذلك.وكان المسجد طويلاً فأمر أن يؤخذ من طوله ويزداد في عرضه. ).
وحتى الآن لا يزال هذا المسجد مقدسا ؛ يجعلونه ثالث الحرمين .
ثانيا :
الوليد بن عبد الملك وبناء مسجد المدينة عام 88 .
1 ـ عن عمد
وإصرار أسس عبد الملك بن مروان مسجد الأقصى ، وجعله يضاهىء البيت الحرام . إبنه
الوليد بن عبد الملك أسس المسجد الذى صار فيما بعد معروفا بالمسجد النبوى ، وصار
ثانى الحرمين فى ديانات المسلمين الأرضية . لم يقصد الوليد بن عبد الملك إتخاذ هذا
المسجد ثانى الحرمين ، ولم يكن ذلك معروفا وقتها ، ولكن توسعة المسجد نشأ عنها
إدخال بيوت أمهات المؤمنين بعد موتهن ، وإدخال بيوت أخرى . ولأن النبى محمدا عليه
السلام كان مدفونا من قبل فى غرفة عائشة فإن المسلمين حين دخلوا فى تقديس النبى
وتأليهه إختاروا مكانا فى مسجد المدينة زعموا أنه مكان حجرة عائشة ، وجعلوه قبرا
للنبى بأثر رجعى ، وقصدوه بالحج والزيارة . وحتى الآن يعتقدون أن النبى يعيش حيا (
تحت الأرض ) فى حفرة ضيقة حيث يرد السلام على من يسلم عليه ، وتُعرض عليه أعمال (
أمة محمد ) فيراجعها ويتشفع فيها ، وهو يعمل كل الوقت بلا كلل وبلا ملل ، وبلا
أجهزة تساعده وبلا موظفين مساعدين.......وكم فى الديانات الأرضية من خبل وجنون .
2 ـ يقول
الطبرى فى أحداث عام 88 : ( وفيها أمر الوليد بن عبدالملك بهدم مسجد
رسول الله وهدم بيوت أزواج رسول الله وإدخالها في المسجد . . وارسل الوليد رسولا
الى عمر بن عبد العزيز الوالى على المدينة يأمره بهدم بيوت امهات المؤمنين والبيوت
الأخرى وتعويض أصحابها . تقول الرواية ( فدخل على عمر بن عبد العزيز بكتاب
الوليد ، يأمره بإدخال حجر أزواج رسول الله في مسجد رسول الله وأن يشتري ما
في مؤخره ونواحيه حتى يكون مائتي ذراع في مائتي ذراع، ويقول له : " قدم
القبلة إن قدرت وأنت تقدر لمكان أخوالك فإنهم لا يخالفونك ، فمن أبى منهم
فمر أهل المصر فليقوموا له قيمة عدل . ثم اهدم عليهم وادفع إليهم الأثمان،
فإن لك في ذلك سلف صدق عمر وعثمان . " فأقرأهم كتاب الوليد وهم
عنده ، فأجاب القوم إلى الثمن ، فأعطاهم إياه . وأخذ في هدم بيوت أزواج النبي
وبناء المسجد ، فلم يمكث إلا يسيرا حتى قدم الفعلة ، بعث بهم الوليد . )
وحضر مع عمر
بن عبد العزيز أعيان أهل المدينة : ( رأيت عمر بن عبدالعزيز يهدم المسجد ومعه وجوه
الناس ، القاسم وسالم وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وعبيد الله بن عبدالله بن
عتبة وخارجة بن زيد وعبدالله بن عبدالله بن عمر ، يرونه أعلاما في المسجد ،
ويقدرونه. فأسسوا أساسه ، لما جاء كتاب الوليد من دمشق . )
وعن الهدم
والبناء : ( قال صالح فاستعملني على هدمه وبنائه ، فهدمناه بعمال المدينة ، فبدأنا
بهدم بيوت أزواج النبي حتى قدم علينا الفعلة الذين بعث بهم الوليد . ) ( ابتدأنا
بهدم مسجد رسول الله في صفر من سنة ثمان وثمانين . وبعث الوليد إلى صاحب الروم
يعلمه أنه أمر بهدم مسجد رسول الله وأن يعينه فيه . فبعث إليه بمائة ألف مثقال ذهب
، وبعث إليه بمائة عامل وبعث إليه من الفسيفساء بأربعين حملا , وأمر أن يتتبع
الفسيفساء في المدائن التي خربت فبعث بها إلى الوليد فبعث بذلك الوليد إلى عمر بن
عبد العريز ).
آحمد صبحي منصور في الإثنين 11 ابريل 2016
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=14626
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire