lundi 11 juillet 2016

آدم والعائلة الأولى نبيل فياض



  




مصادر القرآن الكريم(3) - ميثات خلق العالم - آدم والعائلة (...)
مصادر القرآن الكريم(3) - ميثات خلق العالم - آدم والعائلة الأولى

الأربعاء 11 شباط (فبراير) 2009

بقلم: نبيل فياض  

شارك اصدقاءك هذا المقال


ننتقل هنا للحديث عن خلق الإنسان الأول، والعائلة الأولى. إنّ قصة خلق آدم والعائلة البشريّة الأولى، المستمدّة أساساً من أساطير بلاد ما بين النهرين، هي أكثر حكايا اليهود ومن ثمّ القرآن الكريم إثارة لعلامات الاستفهام: كيف يمكن أن نبرّر حفظ الذاكرة البشريّة لقصة الخلق الأوّل، التي لا بدّ أن تكون حدثت قبل ملايين السنين، لينقطع من ثم خيط الذاكرة معاوداً الظهور قبل نحو من عشرة آلاف عام على أبعد تقدير؟ وإذا كان عمر البشريّة على الأرض يتجاوز ملايين السنين، كيف يمكن أن نفسّر أن يسمّي الإله المفترض مخلوقاته الأولى بلغة، العبريّة هنا، لم تر النور قبل بضعة آلاف من السنين؟ كيف يمكن أن نفسّر أيضاً التناقض الصارخ بين علوم الأنتروبولوجيا الحديثة، التي تحكي عن تطور في النوع البشري وصولاً للإنسان الحالي عبر ملايين السنين، واعتبار التلمود - مثلاً – أن عمر البشريّة هو ستة آلاف عام، غاضاً البصر بالكامل عن أي نوع من نشوء أو ارتقاء طال الجنس البشري؟
الميثة الثالثة عشرة : من أية مادة خُلِق آدم
لقد اعتقد القرآن، كالكتاب المقدّس، أنّ خلق الإنسان كان من التراب: (3: 52) (مد): «إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون»(1). قارن (11: 61) (3مك): [«هو أنشأكم من الأرض»]، حيث خُلِق الإنسان «من الأرض». أنظر أيضاً: (18: 37) (2مك): [«أكفرت بالذي خلقك من تراب»]؛ (30: 20) (3مك): [«خلقكم من تراب»]؛ (22: 5) (مد): [«إنا خلقناكم من تراب»]؛ (35: 11) (3مك): [«الله خلقكم من تراب»]؛ (40: 67) (3مك): [«هو الذي خلقكم من تراب»]. وفي اغلب الأحيان يظهر هذا التصوّر في الحقبة المكية الثالثة.
إنّ الجمع بين عيسى، قياساً إلى خلقه، وآدم، هو على الأرجح إفراز لرؤيا مسيحية، والتي كثيراً ما تقارن بين آدم والمسيح(2)، أو يمكن تفسيره عبر الموقف الجدلي القرآني، الذي رفض في مواقف عديدة أن يكون عيسى ابناً لله (2: 116) ومواضع أخرى، أو أن يكون هنالك وجود للثالوث على الإطلاق (4: 171) (مد)؛ (5: 73) (مد) ومواضع أخرى، أو أنّ ولادة المخلص كانت فوق طبيعية (4: 171).
لقد اعتُقد أنّ التراب هو ما جُبل منه آدم، (23: 12) (2مك): «من سلالة من طين». والإنسان، ككائن حي، مكوّن لذلك «من لا شيء»: (19: 67) (2مك): «خلقناه من قبل ولم يك شيئاً»(2).
تعلمنا (25: 54) (2مك) أن خلق الناس كان من الماء: «وهو الذي خلق من الماء بشراً». ولسنا متأكدين تماماً، إن القرآن كان يلمّح هنا إلى عملية التناسل الطبيعية، والتي يشار إليها في مواضع عديدة (22: 5) (مد): [«إنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة»]؛ (23: 12 ـ 13) (2مك)؛ 40: 67؛ (71: 14) (3مك)؛ (75: 37 ـ 38) (1مك)؛ (96: 2) (1مك)، حيث لا يُعطى الماء هنا، كما جرت العادة، تسمية أدق، مثلما ورد في (32: 8) (3مك): «من ماء مهين»، على سبيل المثال، أو: «خلق من ماء دافق» (86: 8) (1مك)، فالآية السابقة (25: 54) تتحدّث عن المائين الأصليين، العذب والمالح. ويمكن أن نجد في الأساس منظومة غنوصية، حيث يُرَد كل خلق حيواني إلى الماء. كذلك فالقرآن يجعل الحيوانات (24: 45) (مد) وكل الكائنات الحية عموماً (21: 30) تأتي من الماء.
الميثة الرابعة عشرة: تكوين الإنسان الأول
الآية (32: 9) (3مك): «ثم سوّاه(3) ونفخ فيه من روحه، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة، قليلاً ما تشكرون». قارن: (15: 29) (2مك): ؛ (38: 72) (2مك)؛ مشابهة أيضاً (82: 7 ـ 8) (1مك): «الذي خلقك فسواك فعدلك. في أي صورة ما شاء ركّبك». وفي (40: 64) (3مك)، أعطى الله الإنسان شكلاً حسناً: «صوّركم فأحسن صوركم». قارن: (7: 11) (3مك)؛ (64: 3) (مد).
يمكن أن نقارن مع تك (2: 7). كذلك يخبرنا أي (10: 8 ـ 10) عن تكوين الإنسان. قارن، أيضاً: سيرا (17: 1): [«خلق الرب الإنسان من الأرض وإليها أعاده»](4). أنظر أيضاً جامعة راباه لـ(2: 17):«يقول ح. اسحق بن ماريون: مكتوب: «جبل الربّ الإله الإنسان» (تك 2: 7)، لماذا يقال أيضاً: «الذي جبله» (تك 2: 8)؟ هذا يعني أن الله مكوِّن فنان، وهو يبدو وكأنه يتفاخر أمام عالمه ويقول: أنظر إلى خليقتي، التي خلقتها، وإلى الشكل، الذي جبلته». قارن: لاويون راباه (23: 1) وايضاً افرام السرياني(5): «... جبل بذاته جسد الإنسان بيديه هو ونفخ فيه نَفَساً وجعله يحكم في الجنة.. وأعطاه ثالثاً أيضاً اللغة، العقل والشعور الذين لكائن إلهي». وحده آدم، بعكس المخلوقات الأخرى، التي نشأت عبر كلمة الله (أبوت 5: 1 : :[«بأمرك خُلِق العالم»])، جُبل من قبل الله ذاته: :[«جزء من البشر الذي خلق بكلتا اليدين»] (أبوت ح. ناتان، النهاية؛ وكتوبوت 5 آ). من آباء الكنيسة يعلّم ذلك ثيوفيلوس(6) ، ومنهم أيضاً أفراهاط، في الترتيلة 11(7): «عبر كلمة الله كوّنت السماء، وحده آدم جبله بيديه»(8). آدم معروف أيضاً عند عدي بن زيد، الذي يحكي عنه بإسهاب(9). وهكذا فالتصوّر بأكمله يتقاطع مع مثيله عند اليهود والمسيحيين.
الميثة الخامسة عشرة: الشكل الأصلي الباهر لآدم
السورة (95: 4 ـ 6) (1مك): «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم. ثم رددناه أسفل سافلين. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات(10) فلهم أجر(11) غير ممنون».
عند فيلو(12) كان آدم خليفة الله وقد مَلَك lamqadion cai dunasteiaz الحكم والقوة والسلالة الملكية. ويقول المدراش، إن آدم قبل سقوطه كانت له فضائل جسدية وروحية خاصة، والتي أُخرِجت منه بعد الخطيئة التي اقترفها: أنظر: تكوين راباه (12: 5): « لماذا سقط (الحرف ص من كلمة êصـسصê ؟) يقول ح. يودان باسم ح. آبين: وفقاً للأشياء الستة الأولى، التي أخرجت من الإنسان الأول (بعد سقوطه في الخطيئة)، وهذه الأشياء هي: لمعانه، عمره الطويل، شكله الطويل، فاكهة الأرض (في الجنة)، فاكهة الشجر والأنوار... يقول ح. أباهو: في هذه الساعة صَغُر تكوين الإنسان وجعل طوله مئة ذراع (فقط)» قارن: تانحوما نوح وعدد راباه (13: 4). عن طول آدم الأصلي الهائل تتحدّث أيضاً تنحوما، تزرعيا؛ سانهدرين 38 ب؛ حاغيغاه 12 آ؛ تكوين راباه 19: 16؛ 21: 3؛ 24: 2؛ لاويون راباه 12: 2؛ وبسقتا ح. كاهانا، هاحوديش(13). ضرّتاه تشبهان كرتي شمس (باب بترا 58 آ). لكن بعد الخطيئة غيّر الله هيئته وطرده من الجنة (تكوين راباه 16: 1). كانت قوة البصر عند آدم تمتد من طرف العالم إلى طرفه الآخر، لكن بعد خطيئته أُخْرِجت منه واستودعت في المؤمنين الذين في الجنّة (تكوين راباه 12: 5). ويتبيّن من (خروج راباه 38: 2) أن آدم جُبل أصلاً كي يعيش إلى الأبد، أي أن لا يكون معرّضاً للموت.
أخذ الأدب المسيحي هذا التصوّر مثلاً. أفراهاط(14): «بسبب هذا اللمعان، الذي كانا مغطّيين (آدم وحواء) به، لم يكونا يخجلان من عريهما، حتى أُخِذ منهما، بعد أن تجاوزا المحرّم»(15). قارن أيضاً: «مغارة الكنز»(16): «وعندما رأت الملائكة منظره (آدم) العظيم، حرّكهم جمال وجهه، لأنهم رأوا شكل وجهه، وكأنه يشتعل في لمعان عظيم مشابه لكرة الشمس، ونور عينيه مثل الشمس وصورة جسده مثل ضوء الكريستال». أنظر أيضاً: افرام السرياني(17): «بعد أن انطفأ ذلك الجمال الباهر، الذي كان قد زُيِّن به، داهمته المعاناة، التي كان خالياً منها سابقاً»(18). ووفقاً «لحوارات المقدسين الثلاثة»(19)، وحده رأس آدم كان كبيراً، بحيث أنه يتخطى ثلاثين رجلاً. كان باستطاعة الرجل الأول قبل الوقوع في الخطيئة أن يرى حتى البعد الأبعد. أنظر أيضاً: «سفر آدم المسيحي»(20): «وقال الرب الإله لآدم: عندما كنت مطيعاً بخشوع، كانت طبيعة النور فيك، لذلك كنت ترى أبعد الأشياء؛ لكن بعدما أخرجت منك طبيعة النور، لن تستطيع بعد الآن أن ترى ما هو بعيد، بل القريب فقط». لقد أُخذت هذه العطايا من آدم بعد وقوعه في الخطيئة. عن شكل آدم وحواء الأصلي العظيم تتحدث إحدى أساطير الغنوص، وذلك كما قال ايريناوس(21):
«Adam autem et Evam prius quidem habuisse levia et clara et velut spiritualia coropa, quemadmodum et plasmati sunt; venientes autem hue denutasse in obscurins, pringuius et prigius»
«امتلك آدم وحواء في البداية جسدين خفيفين، صافيين، وروحانيين تقريباً، حيث كانا (الجسدان) من تشكيل طري؛ لكن حالما سقطا صارا أكثر عينية، أقسى وأبطأ». لكن بحسب التقليد اليهودي احتُفظ بالعطايا المأخوذة من آدم للمؤمنين في الفردوس. قارن: تنحوما بريشيت، حيث ستعطى هذه المنح لكل إسرائيلي في الفردوس. عن النور الأصلي، الذي كان باستطاعة آدم أن يرى به من طرف العالم إلى طرفه الآخر، يتحدث تكوين راباه (12: 5): « لمَ غطّاه (الله)؟ لقد احتفظ به للصالحين في العالم الآتي». قارن: تنحوما شميني. وهكذا لم يكن مستحيلاً على الإطلاق، أن يُشَار في الفقرة الإضافية: «إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات»، إلى شيء مشابه. تصوّر عطايا آدم يمكن بالتالي أن يتقاطع مع مثيله عند اليهود أو المسيحيين. وإذا ما وضع المرء في اعتباره فعلاً، أن ذكر هذه العطية متعلّق بالقسم بشجرة الجنة، والذي هو، كما سيشار لاحقاً، مأخوذ على الأرجح من تصوّر مسيحي، يجب أن يُعرف بالتالي باحتمالية أن يكون المسيحيون السند في هذه المسألة.
الميثة السادسة عشرة: اختيار آدم
السورة (3: 33) (مد): «إن الله اصطفى(22) آدم ونوحاً وآل ابراهيم(23) وآل عمران (24) على العالمين ذرية بعضها من بعض».
الهاغاداه أيضاً تسمّي آدم الصالح الأول، والذي يعقبه نوح، ابراهيم، اسحق، موسى الخ. قارن: لاويون راباه (2: 8): « مبارك الذي هو في كل مكان، والموجود دائماً، الذي يعتبر نفسه من بين المؤمنين الأوائل. لقد قدّم آدم ثيراناً كقربان على المذبح، لهذا يقال: فذلك أحب إلى الرب من الثيران(25) (مز 69: 32). لقد التزم نوح، بما هو مكتوب في التوراة، لذلك يقال: بنى نوح مذبحاً للرب (تك 8: 20). والتزم ابراهيم بالتوراة كلها، لذلك يقال: من أجل أن ابراهيم أصغى (تك 26: 5)، فهو قدّم قرباناً وقرّب كبشاً. اسحق. الخ. يعقوب الخ... الخ.. لذلك يحبّهم الله (هؤلاء الصالحين) حبّاً كاملاً». قارن: تكوين راباه (58: 4)؛ عدد راباه (20: 15)؛ جامعة راباه (7: 36)، وفي نشيد الإنشاد راباه (5: 4)، يؤلّف آدم، ابراهيم، موسى، الخ.. المزامير. أما بابا بترا (14 ب) فجعلت عشرة شعراء ـ آدم، ابراهيم، الخ ـ يؤلّفون المزامير. وسمّت سوكا (52ب) آدم أول «الرعاة»، الذين عليهم أن ينشطوا في الزمن المسياني. كذلك فإن «سفر اليوبيل»(26) يعرف سرداً مشابهاً. ابراهيم بارك يعقوب [!] بالكلمات التالية: «يعطيك الله تعالى، كل البركات التي أعطاني». يبدو آدم أيضاً كنبي. انظر: سدير عولام رباه (c. 21): « أوقع الرب الإله سباتاً عميقاً (على آدم) (تك 2: 21). أولئك هم الأنبياء، الذين ظهروا، قبل أن تُعطى توراة اسرائيل». وفي سنهدرين (38 ب)، وهو موضع من مواضع أخرى عديدة، يكشف الله لآدم المستقبل كله سلفاً. شيء مشابه لهذا نجده أيضاً عند كليمنس الاسكندري(27)، ترتوليانوس(28): «آدم.. يتنبأ» وافرام(29) السرياني(30). عند كليمنسرومان (الترتيلة III، 20، ص 67)(31)، يسمّى آدم النبي الحق، وهي تسمية تطلق عادة على يسوع. يعرف ترتليانوس(32) أيضاً، أن آدم كان نبياً(33). وفي أحد التصوّرات الغنوصية، يبدو الإنسان الأصلي وكأنه ذو وحي كامل(34). إن ذكر آدم بجانب عمران في القرآن، يتوافق مع رأي مسيحي انتشر في الشرق، يقول إن «آدم الأول وآدم الثاني» هما ممثّلان متكافئان للإنسانية(35).
إذن: إن تصوّر عبدة لله مختارين في القرآن يمكن أن يتقاطع مع مثيله عند اليهود والمسيحيين. لكن ما يوحي بتأثير مسيحي أقوى، هو الذكر الواضح للمسيح في سلسلة رسل الله المفضّلين ووصفه بأنه خَلَف العبيد المختارين السابقين.
الميثة السابعة عشرة: آدم يسمّي كل شيء
السورة (2: 30 ـ 33) (مد): «وإذ قال ربّك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة(36)، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء(37) ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك(38)؟ قال إني أعلم ما لا تعلمون. وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالوا سبحانك لا علم لنا(39) إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم(40) غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون».
إلى حكاية يهودية مشابهة يشير غايغر(41). لكنك تستطيع أن تجدها في مواضع كثيرة من الكتابات اليهودية. مع ذلك، فالأكثر توافقاً مع الصيغة القرآنية هي تلك الموجودة في عدد راباه (19: 3) : «ماذا كانت حكمته (آدم)؟ أنت تجد، أنه عندما أراد الله خلق الإنسان، استشار الملائكة الخدم. قال لهم: نريد أن نصنع إنساناً على صورتنا (تك 1: 26)! فقالوا له: ما الإنسان حتى تذكره؟ (مز 8: 5). فقال: الإنسان، الذي أريد أن أخلقه، أذكى منكم. ماذا فعل (الله)؟ جمع كل الحيوانات الأليفة وغير الأليفة وكل ما عنده أجنحة وجاء بهم أمامهم (الملائكة) ثم قال: ما أسماء هؤلاء، فلم يعرفوا ذلك. وما إن خلق الإنسان، حتى جاء بهم (الحيوانات) أمامه، وسأله: ما أسماء هؤلاء؟ فقال: هذا نسمّيه الثور، وهذا الأسد، وهذا الحصان، وهذا الحمار، وهذا الجمل، وهذا العقاب. لذلك يقال: هو أطلق عليها أسماءها (تك 2: 20). فقال له (الله) عندئذ: واسمك أنت؟ قال: آدم! ولماذا؟ لأني خلقت من أدمة الأرض. فقال له: وماذا سيكون اسمي؛ قال (آدم): الأزلي. ولماذا؟ لأنك رب كل الخلائق»(42). قارن: تنحوما حقات؛ جامعة راباه 3: 23؛ تكوين راباه 8: 4؛ 17: 5؛ سانهدرين 38 ب. ويبدو وكأن فيلو قد اشار إلى الحكاية(43): «يقول هكذا، إن الله قاد كلّ الحيوانات إلى آدم، لأنه أراد أن يعرف أية أسماء سيطلق على كل واحد منها، وليس لأنه كان يشك بأنه لا يعرفها ـ فلا شيء مجهول عند الله ـ بل هو يعرف، إنه جعل قوة التفكير في الإنسان بحركة مستقلة ذاتياً، كي لا يشترك في الشر. لقد امتحنه كما يمتحن أستاذ تلميذه، عن طريق إيقاظ النشاط في نفسه وجعله (النشاط) واحداً من وظائفه الضرورية، فيطلق الأسماء بقوته الذاتية، ليست غير صحيحة أو غير مناسبة، بل تلك (الأسماء)، التي تعبّر عن صفات الأشياء بشكل جيد جداً».
في «الشرع المقدس المجازي»(44)، يشير فيلو إلى أن موسى يُرجع ظهور الأسماء وبالتالي اللغة إلى الإنسان الأول، في حين يزعم الفلاسفة اليونان، أن الحكماء هم الذين أطلقوا الأسماء على الأشياء. وفي المصدر الذي يستخدمه فيلو كثيراً، Cic. Tusc. I. § 62، يرجع فيثاغورث ظهور الكلام إلى أحدهم، وهو الإنسان الأكثر حكمة. قارن أيضاً: (Quaest. In Gen. I § 20 f). يفترض فيلو من ناحية، أن إطلاق الأسماء يحتاج إلى الحكمة العليا(45)، ومن ناحية أخرى كان آدم أحكم البشر.
يعتقد الملائكة، كما في القرآن وتنحوما بحوقوتاي أيضاً، أنه كان باستطاعتهم أن يحلّوا مكان الإنسان الذي لم يكن قد خلق بعد، عند الله. فعلى سؤال الله:«من سيعيش بحسب قوانيني، إذا أنا لن أخلق الإنسان؟» أجابوا: « نحن نراعي تعاليمك». كذلك فنحن نجد المقولة القرآنية، بأن آدم سمّى كل شيء (ليس فقط الحيوانات)، «الأسماء كلها»، في نص أقدم في «تنحوما شميني»: وهكذا (مثلما فعل مع الحيوانات) سمّى آدم كل شيء». في هذا الصدد، وقفت الملائكة، بحسب «المرقاه السامرية»(46)، شهوداً على خلق الإنسان. والحكاية(47) موجودة في صيغة أقصر بكثير في «مغارة الكنز»(48) أيضاً. ويعلّم الإيلكاسيون(49) ، أن آدم، الذي خلق بوصفه pnema [«روحاً»]، يقف فوق الملائكة ويدعى المسيح. ويوضح مكاريوس المصري(50)، أن الإنسان أنبل من كل الملائكة قارن: ترتليانوس (II, Adv. Marcionem 8 (111, 84))(50). ورغم أن حكاية تسمية آدم للكائنات الحية لم تكن غير معروفة بالكامل في الدوائر المسيحية، وأن تصوّر الإنسان كمخترع للكلام موجود أيضاً في الكتابات الإغريقية، يبدو الأصل اليهودي هو الأكثر قرباً من النص القرآني. وعلى المرء أن يلاحظ التوافق شبه الكامل بين الحكاية القرآنية ومثيلتها في المدراش، إضافة إلى وجود تعابير، مثل «نحن نسبّح» قريبة جداً من مثيلاتها في الليتورجيا اليهودية.
الميثة الثامنة عشرة: السجود لآدم، سقوط الشيطان
السورة (15: 28 ـ 38) (2مك): «وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من صلصال من حما مسنون. فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين. فسجد الملائكة كلهم أجمعون. إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين، قال يا إبليس مالك الا تكون مع الساجدين. قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حما مسنون. قال فاخرج منها فإنك رجيم. وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين. قال رب فانظرني إلى يوم يبعثون. قال فإنك من المنظرين. إلى يوم الوقت المعلوم». تسمّي السورة (2: 34) الشيطان بالمستكبر. لكن الشيطان يبرر كبرياءه في (7: 12) بالكلمات التالية: «أنا خير منه (آدم) خلقتني من نار وخلقته من طين». وفي (18: 50)، يوصف ابليس بأنه من الجن(52). قارن أيضاً: (17: 61)؛ (38: 71 ـ 82).
لقد أثبت غايغر(53) أن الحكاية تطوير مسيحي للأسطورة المتعلقة بتعظيم عقل الإنسان الأول. عن الاحترام الذي أولته كل الكائنات الحية للإنسان الذي خلق في النهاية، يحكي فيلو(54) أيضاً: «لا بد أن يكون الإنسان آخر شيء مخلوق، حتى تشعر الكائنات الحية الأخرى بالخوف من ظهوره المفاجئ. عندما رأوا الإنسان، كان عليهم أن يندهشوا منه ويحترموه باعتباره القائد والسيّد الطبيعي. لذلك، حالما لمحوه، صاروا أيضاً أليفين جميعاً. كلّهم أيضاً، وهم الذين كانوا متوحشين جداً بطبيعتهم، صاروا عند النظرة الأولى مطيعين مباشرة وأظهر كل منهم رغبة شديدة بقتال الآخر، لكنهم نحو الإنسان وحده كانوا خانعين». لكن «حكمة سليمان» (3: 24) تحكي عن حسد ابليس(55)، الذي جاء بالموت إلى العالم. إن الحقيقة القائلة إنه لا وجود في المدراش لحديث عن السجود لآدم(56)، إضافة إلى اسم ابليس(57) وتبريره بأنه من جوهر أنبل(58)، تبرهن(59) أن تطوير الحكاية، الذي يحكي عن السجود لآدم، كان بتأثير مسيحي. ففي اليهودية يحكى أن الملائكة تشرف آدم بسبب حكمته وجماله(60)، لكن الله يمنع الملائكة من النظر إلى آدم كقديس(61)، فيأخذه في سبات عميق، كي يوضح عدم قدرته على عمل كل شيء(62). يمنع آدم المخلوقات أيضاً عن السجود له، ويطلب إليها، أن تسجد لله(63). لكن(64) يمكن دون شك أن الحكاية المسيحية عن سقوط الشيطان جاءت من الأسطورة(65) اليهودية المتعلقة بسقوط الملاك(66) .
إن أشهر عرض للحكاية المسيحية موجود في «حياة آدم وحواء»(67): «أجاب ابليس: آدم، ماذا تقول لي؟ بسببكَ أُخرجت أنا من هناك. فعندما جُبلتَ أنت، أُخرجتُ أنا من وجه الله وطردتُ من جماعة الملائكة. عندما نفخ الله فيك نَفَس الحياة وخلق وجهك ومثالك على صورة الله، جاء بك ميخائيل، وأمر أن يسجدوا لك أمام الله، فقال الرب الإله (تك 2: 4 وما بعد شَ ذـشظف minus deus» = ) أنظر يا آدم، لقد خلقتك على صورتي ومثالي. فاقترب ميخائيل ودعا كل الملائكة، على النحو التالي: اسجدوا لمَثَل صورة الرب الإله، كما أمر الرب الإله! وسجد له أولاً ميخائيل ذاته، ثم دعاني قائلاً: اسجد لمَثَل صورة الإله. فأجبت: لست بحاجة لأن أسجد لآدم. ولأن ميخائيل دفعني كي أسجد، قلت له: لماذا تدفعني؟ سوف لن أسجد لمن هو أصغر مني وأقل شأناً. لقد خُلِقت قبله. فقبل أن يخلق، كنت أنا مخلوقاً. عليه هو أن يسجد لي. وعندما سمع الملائكة الآخرون الذين هم تحت سيطرتي هذا، لم يرغبوا بالسجود له. فقال ميخائيل: اسجد لصورة مثال الله! فإن لم تفعل ذلك، سيغضب الرب عليك. فقلت: إذا غضب علي، سأرفع مكانتي فوق نجوم السماء وسأكون مثل (الإله) العلي (قارن: اش (14: 14 وما بعد)). فغضب الرب الإله علي وطردني مع ملائكتي من عليائنا، وهكذا شُرِّدنا من مساكننا إلى هذا العالم وطردنا إلى الأرض. ثم سقطنا بعد برهة في الحزن لأننا خُلِعنا من مثل ذلك العلياء الكبير. وأحزننا أنه كان علينا أن نراك في مثل ذلك الفرح والسعادة. وبالحيلة أوقعنا زوجتك في شباكنا وجعلناك تُطْرد بسببها من فرحك وسعادتك مثلما طردتُ أنا من عليائي». قارن أيضاً: «مغارة الكنز»(68): «وحالما سمع الملائكة هذه الأصوات الإلهية، ركعوا على ركبهم وسجدوا له (آدم). وحالما رأى رئيس المنظومة التحتية، أي كِبَر أعطي لآدم، حسده في ذلك اليوم، فرفض السجود له، وقال لجماعته: لا تسجدوا له ولا تسبّحوه مع الملائكة! عليه هو أن يسجد لي، أنا الذي من نار وروح، وليس علي أنا، أن أسجد للتراب، للذي جُبل من حبة رمل واحدة. هذا ما قاله المستاء فعصى وانفصل بإرادته وحريته عن الله، فرمي واسقط، هو وكل جماعته؛ وفي اليوم السادس في الساعة الثانية حدث سقوطه من السماء. وأُخْلِع ثياب مجده، وصار اسمه: «ساطانا»، لأنه كان مارقاً (سِطا -set)، و(«—ë`»)، لأنه كان مُسقطاً (اشتدي -ae-+) و«ديفا» لأنه فَقَدَ لباس جاهه («أوبيد aubed»)». كذلك فالمندائيون يعرفون أيضاً هذه الحكاية(69): «جاء ملائكة النار واستسلموا لآدم. جاءوا وانحنوا له ولم يخالفوا قوله. وحده فقط، الشرير، الذي جُبل الشر منه، خالف كلام سيّده. فوضعه الرب(70) في قيد». إذن، الحكاية القرآنية تتوافق للغاية مع مثيلاتها في الأدب المسيحي.
الميثة التاسعة عشرة: وظيفة الشيطان
السورة (17: 62 ـ 65) (2مك): «قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا. قال إذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا. واسفزز...».
أنظر أيضاً: (7: 16 ـ 18) (3مك): «قال (الشيطان) فبما أغويتني لأقعدن لهم (البشر) صراطك المستقيم. ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين. قال اخرج منها مذموماً ومدحوراً لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين». وفي (4: 119) (مد) يهدّد الشيطان بالقول: «لأمرنهم (عباد الله) فليبتكن آذان الأنعام». قارن أيضاً: (15: 39 ـ 43) (2مك)؛ (38: 82 ـ 85). وفي (14: 22) (3مك)، يسخر الشيطان من الملعونين بالقول: «إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم». قارن أيضاً: (36: 60 ـ 62) (2مك).
على ما يبدو فإن 1 مل (22: 21 ـ 22) يحكي عن دور لروح مضلّل . ويهودي هو التصوّر، الذي يرى أن الأفعى كان باستطاعتها أن تفعل الكثير لتدافع عن نفسها، لكن لم تقدم على ذلك؛ أنظر: سانهدرين (29: 10).
أما طلب الشيطان بتأجيل العقاب حتى يوم القيامة فيذكرنا برسالة بطرس الثانية(71)، (2: 4): [«فإذا كان الله لم يعف عن الملائكة الخاطئين، بل أهبطهم أسفل الجحيم وأسلمهم إلى أحابيل الظلمات حيث يُحفظون ليوم الدينونة»]. وكما يحكي القرآن عن انتقام الشيطان كذلك يحكي «أعمال أندرياس»(72): «إبليس الخالي من الحياء في كل الجوانب تماماً، سيسلّح أبناءه الخاطئين ضدهم، كي يتبعوه. ولكنه لن ينال ما يريد.. في بداية كل الأشياء.. يُجعل أيضاً العدو الشرير، الذي يعزف عن السلام، والذي إليه لا ينتمي، مُفسداً، لكن فقط لبعض الضعفاء، الذين لم ينالوا الوضوح الكامل». كذلك فإن «أعمال يوحنا»(73) تتحدث عن انتقام الشيطان. ويذكر افرام السرياني(74)، أن الشيطان حسد آدم مرة دون سبب غير سعادته ثم أغضبه أيضاً نجاح نسله. يسمى ابليس في متى (13: 25، 39) «عدواً»(75)، وفي رؤيا (12: 9) يسمّى «تنيناً» و«أفعى» و«شيطاناً»، وفي رؤيا (20: 10) يسمّى «مضلّلاً»، وفي يوحنا الأولى (3: 8) يسمّى «خاطئاً». ويصف اسحق الأنطاكي في شعره حول ابليس(76)، بطريقة واضحة تماماً، هدف الشيطان بأنه إيقاع الإنسان في شباكه، ثم يقدِّم وسيلة للهروب من تضليله. كما يذكر يعقوب السروجي(77) في شعره لتمجيد شمعون العامودي أيضاً، كيف يوظف الشيطان «جيشه» ويقدّم له الاستشارات، حتى يستطيع القيام بعمل التضليل. ويحكي اغسطينوس(78) عن الشياطين، «تلك الوسائل المزيفة والخادعة»، التي تريد حرف الناس عن طريق الله. قارن أيضاً:بابا بترا (15 ب):«ينزل (الشيطان) ويغرّر، يصعد ويثير الغضب الإلهي، يأخذ القوة كلّها ويأخذ النفس».
وهكذا، فالتصوّر المتعلّق بتهديد الشيطان بأنه يريد التغرير بالمؤمنين، وبقطع آذان الحيوانات، مرتبط على الأرجح بذكرى ظلالية من مت (26: 51): [«وإذا واحد من الذين مع يسوع قد مد يده إلى سيفه، فاستله وضرب خادم عظيم الكهنة، فقطع أذنه»]؛ مر (14: 47)؛ لو (22: 50)؛ يو (18: 10): . إذن، للحكاية القرآنية دون شك مثيل مسيحي. لكن الحقيقة أن اليهودية القديمة أيضاً تعزو للشيطان دوراً تضليلياً كذلك الذي يعزوه إليه القرآن. ففي «سفر اليوبيل» (15: 5 وما بعد؛ 19: 28؛ 48: 2؛ 9: 12) نجده رئيساً للأرواح الشريرة، مبدأ للشر في العالم، والمعارض للأحكام الإلهية. أما «العهود» فتجعل الشيطان (بليار) محاطاً بسبعة من رؤوساء الملائكة (عهد راوبين 2 ـ 3)، منه ومن الأرواح التابعة له يخرج كل الشر في الإنسان (عهد يهوذا 18)، والحيوانات المتوحشة هي وسائله (عهد نفتالي 8). يسمّي تثنية راباه (11: 6) : «الملك سامائيل ضرب قائد كل الشياطين بسبب الخطيئة»] الشيطان. وهكذا يدلّ الاسمان القرآنيان «إبليس» و«شيطان» بوضوح على استعارة مسيحية، وإضافة إلى ذلك لم يعد يلعب الشيطان دوراً بارزاً في اليهودية المتأخرة. لكن «سفر اليوبيل» و«العهود» انتقلا إلى كشكول الأدب الديني المسيحي(79).
الميثة العشرون : خلق حواء
السورة (4: 1) (مد): «الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها». قارن: (7: 189)؛ (30: 21) (3مك)؛ (39: 6) (3مك)؛ (42: 11) (3مك): [«جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً يذرؤكم فيه ليس كمثله(80)»].
من الغريب أن القرآن لم يذكر خلق حواء من ضلع آدم. وربما أراد أن يكون تعبيره عمومياً.
مع ذلك، ثمة حكاية واسعة الانتشار نشأت عند الإغريق(81)، تقول إن آدم خلق أصلاً بوجهين، ثم نُشر إلى قسمين، وهكذا وجِدَت حواء. ففيلو(82) يفصل بين الناس الذين خلقوا أولاً، الذين يتحدّث عنهم تك (1 وما بعد)، والإنسان الثاني، الذي يبدو كرجل وامرأة. والإنسان الأصلي يسمى «مثالاً»، «بدون جسد»، «روحانياً»، «لا مذكر ولا مؤنث». ويظهر لاويون راباه (14: بداية)، أن الرأي الإغريقي تغلّب على الحكاية الكتابية حول الخلق من الضلع: «يقول ريش لقيش: حالما خلقه (الله لآدم)، خلقه باثنين (duo) من الوجوه (proswpon) ثم نشره وجعل منه ظهرين، واحد للقسم المذكّر وأخر للمؤنّث. فسئل (ريش لقيش): لكنه يقال: فأخذ إحدى أضلاعه (تك 2: 21). فأجابهم: التعبير يعني: من جانبه، كما يبرهن على ذلك (خر 26: 26 ـ 27) (حيث تستخدم [وـâ «ضلع»] بمعنى جانب)». قارن. عروبين 18آ؛ تكوين راباه 8: 1؛ تنحوما فايشيب؛ براخوت 16آ؛ مدراش تهليم للمزمور 139: 5.
الميثة الحادية والعشرون: الله يرمي على آدم التحريم
السورة (2: 25) (مد): «وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين». كذلك أيضاً (7: 19) (3مك). الآية القرآنية تفترض معرفة بتك (2: 16 ـ 17) [«وأمر الرب الإله الإنسان قائلاً: من جميع أشجار الجنة تأكل، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، فإنك يوم تأكل منها تموت موتاً»] و(3: 3): [«وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة، فقال الله: لا تأكلا منه ولا تمساه كيلا تموتا»]. أما فردوس آدم فيسميه القرآن «الجنّة» = شزك (تك 2؛ 9؛ 10 الخ) ولم يسمها «جنات عدن»(83) قط.
الميثة الثانية والعشرون: طبيعة الشجرة المحرّمة
السورة (23: 19 ـ 20) (2مك): «فأنشأنا.. شجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين». وفي (95: 1) (1مك) [«والتين والزيتون وطور سينين. وهذا البلد الأمين. لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم»]، يقسم القرآن بالتين والزيتون وجبل سينين، إن الإنسان خلق في أحسن تكوين. أما السورة (24: 35) (مد)، فتصف شجرة الزيتون بتفاصيل أدق على أنها «شجرة مباركة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولولم تمسسه نار نور على نور..».
في التصوّر القرآني تحتلّ الشجرة التي يخرج منها الزيت في سيناء مكانة خاصة. لكن القرآن على الأرجح لا يقصد نَبْت سيناء، بل موضع لحادث فوق طبيعي(84). عن شجرة الزيتون التي في الجنّة يتحدث «أخنوخ السلافي»(85): «وشجرة الحياة حيث في ذلك الموضع، يستريح الله... وبجانبها الشجرة الأخرى، شجرة الزيتون، يخرج من ثمرها دائماً الزيت السائل». في الدوائر المسيحية، يجعل «حياة آدم وحواء»(86) (9) الشهير آدم يقول: «.. اطلبوا من الله أن يرحمني، ويرسل ملاكه من الجنة ليعطيني من الشجرة، التي يسيل منها الزيت». قارن: المرجع ذاته (36؛ 13؛ و40 ـ 41). وفي موضع آخر، يسمى هذا الزيت: «زيت من شجرة رحمانيته»(87). أوّل ما يعطي هذا الزيت منافعه «في الأزمنة الأخيرة»(88). كذلك فإن «أعمال توما»(89) تمجّد أيضاً شجرة الزيتون، التي أُخِذ منها خشب الصليب، الذي مات يسوع عليه. يتحدّث «سفر عزرا الخامس»(90) عن شجرة الحياة(91)، التي يفوح منها «عبق مرهم المسيح»(92). إضافة إلى ثمار زيتون شجرة الحياة، التي كوّنت في الوقت ذاته مثال صليب المسيح، يعرف التصوّر المسيحي التين أيضاً. من ذلك مثلاً، ما قاله موسى باركيفا:
«censent ergo alli frumentum fuisse hanc arborem, atque ideo Christum quoque suum corpus in pane dedisse, ut qua re contractum esset debitum eadem et solveretur. Rursus alii vitem fuisse contendant... nec haec non vera esse putamus; frumentum enim seges, non arbor dicitur neque vitis. Igitur Philon. Mabugens et multi alii existimant ficum fuisse eam arborem... credibile enim est, simul atque de ea arbore edissent, pudore correptos ex eo, quod proxime ad manum erat, subligacula sibi comparavisse»
يعتقد آخرون أن هذه الشجرة كانت شجرة فاكهة، وبذلك فالمسيح أيضاً قدّم جسده كخبز وهكذا عن هذا الطريق يتم عقد اتفاقية ويتم الفداء. من ناحية أخرى يؤكد غيرهم أنها (الشجرة) كانت كرمة.. ونحن لا نعتقد أن هذا صحيح؛ لأنه يقال إن الثمار هي حبوب، ليست شجرة ولا كرمة. وهكذا يعتقد فيلو، مابوغينس وكثيرون غيرهم أن هذه الشجرة كانت تيناً.. ومن المعقول أنهما، حالما أكلا من هذه الشجرة وأحسّا بالخجل ـ أُفْسِدا بها ـ راحا يغطيان عورتيهما بما وصلت إليه أيديهما»].
لكن كما يحدّد القرآن موضع شجرتي التين والزيتون هاتين في سيناء، كذلك تماثل المسيحية بين موضع الفردوس الذي أقام فيه آدم، ومواضع أخرى معروفة في الكتاب المقدّس. وهكذا، ففي «مغارة الكنز»(93)، خُلِق آدم في مدينة القدس في المكان الذي صُلِب فيه المخلّص، وهناك أعطى الحيوانات أسماءها. هناك أيضاً(94)، عمل مليكصادق ككاهن، وتأهب ابراهيم(95) لتقديم اسحق قربانا، وصُلب يسوع، وهذا الموضع هو مركز العالم(96). وفي تفسير لحزقيال(97) يسمّي افرام السرياني القدس، «مركز دائرة الأرض». والشي ذاته يوضحه ايرونيموس وتيودورس(98). وفي حزقيال (5: 5): ظèصéـظف رêصع شزٌف «أورشليم في وسط الأمم»، القدس هي مركز الأرض. ويعطي «سفر اخنوخ»(99) وصفاً «لوسط الأرض»، يكون فيه جبل مقدّس. وقد قصد المؤلّف بذلك مدينة القدس، وبالتحديد جبل الهيكل. هنالك دفن آدم(100) . لكن «مغارة الكنز»، ص 146، أكثر وضوحاً: «وكان عمر اسحق 22 عاماً، عندما أخذه أبوه وصعد به إلى جبل يبوس عند مليكصادق، عبد الإله العلي؛ جبل يبوس هنا يعني جبال اموراي، وعلى هذه المنطقة أقيم صليب يسوع. وفي المكان ذاته نمت الشجرة التي حملت الحمل، الذي فدى اسحق. وهذا الموضع هو مركز الأرض ومكان قبر آدم ومذبح ملكيصادق والجلجلة وجبل الصليب وغباتا. وهناك رأى داود الملاك، الذي كان يحمل في يده السيف الناري. وهناك قدّم ابراهيم ابنه اسحق قربان محرقة، ورأى (ابراهيم) المسيا والصليب وخلاص سيدنا آدم». أما «سفر اليوبيل»، الذي كان معروفاً بين المسيحيين الأحباش بترجمته الأثيوبية (أنظر مقدمته عند كاوتش Kautzsch)، والذي لم يكن له دور بين اليهود زمن محمد، فيعرف(101) ثلاثة أماكن مقدّسة: جنّة عدن، جبل سيناء، وجبل صهيون، والأخير ينظر إليه على أنه «مركز سرّة الأرض». لكن في الفصل الرابع(102)، توجد أربعة أماكن، معظّمة في عين الله: عدن، جبل المشرق (قارن: تك 2: 8: [«غرس الرب الإله جنة في عدن شرقاً»]، وهو الجبل الذي اقام فيه أخنوخ، سيناء، وصهيون. وفي الفصل الثامن عشر في الكتاب ذاته(103)، يماثل صهيون مع موريا. وفي زمن لاحق يوضّح أن هذه الأماكن كلها تبدو، على الأرجح، لأنها مواضع مقدسة على نحو خاص، وكأنها مكان واحد.
يبدو مما سبق أن الجمل القرآنية تحكي عن شجرة الجنة، حسبما يصفها الأدب المسيحي. ونفهم بالتالي أيضاً، أن القرآن يحلف بهذا المكان، لأنه يعرف أن لا مثيل له. وباسترجاعه المبهم غالباً لما سمع، كان باستطاعته أن يقوم بمماثلة هذا المكان، ذاتياً، مع سيناء، التي نعرف أن تقليد «أهل الكتاب» ربط بها أحداثاً هامة(104). التصوّر اليهودي عن شجرة الجنة ـ المرتبط كثيراً بمقابله المسيحي ـ هو من نوعية أقل توحداً في آرائها. فعند ح. مئير (براخوت 40آ)، كانت كرمة، وعند ح. نحميا شجرة تين، وعند ح. يهودا قمحاً (المصدر ذاته). لكن مئير نفسه يوضح في موضع آخر أن ثمار هذه الشجرة هي القمح، ويرى يهودا بن ايلاي أنها عنب، أما أبا بن أكو فيراها الأترج، ويوسي التين(105) . يقول المقطع الأخير من تكوين راباه (15) : قش شظêش ذصêش شêذàش؟ èَ ظشصéصâ...ذقè: رèê ذـظêذ ـâصـذ: «ماذا كان بهذه التينة؟... ح يهوشوا.. قال: النائحة (تسمّى)؛ لأنها جلبت النواح إلى العالم». أما «تنحوما قوداشيم» فتسمّي جبل الهيكل «مركز العالم»: ذèه ظéèذـ ظصéرê رذقوâظêص éـ âصـف، ٌèéـظف رêرذقوâظê éـ ذèه ظéèذـ، صرظê شقçسé رذقوâ ظèéـظف، صششظغـ رذقوâ رظê شقçسé: «تقع أرض إسرائيل [ فلسطين ] في‏وسط العالم ‏والقدس في ‏وسط أرض إسرائيل [ فلسطين ] ‏والهيكل ‏في ‏وسط القدس الخ»(106). وربما زرع سليمان الشجر هناك: (المرجع ذاته) : àطâ رشف غـ قظàظ ذظـàصê: [«زرع فيها كل أنواع الشجر»] (المرجع ذاته). لكن موريا يوصف أحياناً بأنه أهم مكان في العالم (تكوين راباه 55: 9). فمنه خرجت الوصايا العشر، فهو بالتالي ذêè قèصêذ سâـقذ :«المكان الذي يخرج منه حكم العالم». وفي الترغوم الأورشليمي للتكوين (8: 11)، وفي تكوين راباه (33: 9) جلبت الحمامة التي أرسلها نوح ورقة زيتون من جبل الزيتون قك طصè قé×ذ. وفي ترغوم نشيد الانشاد (8: 15) يجعل في موازاة سيناء(107) كمكان للقيامة. وفي «تكوين راباه» (14: 9) «خلق آدم من موضع كفارته»، أي، من تراب جبل الهيكل(108). لكن ثمة رأياً آخر، نجده في «يوما» (54 ب)، يعارض هذا الرأي.
يعرف الأدب المسيحي أيضاً أن الكرمة هي فاكهة الجنة. قارن: «سفر باروخ السلافي»(109) و«اخنوخ»(110) (32: 4). يعرف افرام السرياني(111) أيضاً، أن حمامة نوح جاءت بثلاث أوراق زيتون من جبل الهيكل، وهكذا على ما يبدو، فإن التصوّر المسيحي عن شجرة الجنة هو أقرب إلى التصوّر القرآني من مثيله اليهودي الذي كان موضع نقاش المشرّعين اليهود(112).
الميثة الثالثة والعشرون: عهد الله مع آدم
السورة (20: 114) (2مك): «ولقد عهدنا(113) إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً».
تصف الهاغاداه أيضاً علاقة الله مع آدم على أنها عهد. وكما تعدّى اسرائيل عهده مع الله (اي لم يحفظ شريعته) كذلك آدم أيضاً (سانهدرين 38ب)؛ تكوين راباه (24: 6)؛ وبهذا المعنى تفسّر (سانهدرين 38ب) «هوشع» (6: 7): [«أما هم فمثل آدم نقضوا عهدي»] بأوضح ما يمكن(114). وفي «مدينة الله» (16: 27)، يتحدث اغسطينوس أيضاً، عن عهد الله مع آدم: «testamentum autem primum, quod factum est ad hominem primum...» [«لكن العهد الأول، الذي أعطي للإنسان الأول...»].
إذن، فالتصور القرآني يتقاطع مع مثيله عند اليهود أو المسيحيين.
الهوامش:
(1) المجيء إلى الوجود عبر الأمر «كن»! معبّر عنه في (2: 117)، قارن: (3: 47)، (6: 73)؛ (16: 40)؛ (19: 35)؛ (36: 82)؛ (40: 68). من أجل هذا التصوّر، قارن: (مز 33: 9): [«انه قال فكان، وأمر فوجد»؛ ومز (148: 5): [«فإنه هو أمر فخلقت»]. اغسطينوس، في «الاعترافات» (11: 6 وما بعد)، يتحدّث بالتفصيل عن كلمة الله الخالقة، ويوضح في (Joh. Evang. Tract, I, 9 Tom III , S. 210) قائلاً:
«per illud verbim et angeli facti sunt. per illud verbim et Archangeli facti sunt, Potestates, Sedes, Dominationes, Principatus, per illud verbim facta sunt omnia Hinc cogitate quale verbum est»
«عبر هذه الكلمة خلقت الملائكة أيضاً. عبر هذه الكلمة خلق رؤساء الملائكة، البوتستاتيس، السيدس، الدوميناسيونس، البرنسيباتس. عبر هذه الكلمة كان كل شيء. هكذا نفكر كيف كانت الكلمة».
قارن أيضاً: ايريناوس، (C.2 , II), Adv. Haereses:
«Proprium est enim hoc Dei superemineniae, non indigere alliis organis ad conditionem eorum quae fiunt. Et idoneus est et sufficiens ad formationem omnium proprium eius verbum»
«إنها (كلمة الله) تنتمي إلى عظمة الله دون أن لا تمتلك الأدوات الأخرى لخلق ما يجب أن (يخلق). وكلمته هامة وضرورية لتشكيل كل ما هو أساسي».
(2) تقارن روم (5: 14 وما بعد): [«فقد ساد الموت من عهد آدم إلى عهد موسى، ساد حتى الذين لم يرتكبوا خطيئة تشبه معصية آدم، وهو صورة للذي سيأتي... الا وهو يسوع المسيح»] و1 كو (15: 21): [«عن يد إنسان (آدم) أتى الموت فعن يد إنسان أيضاً (المسيح) تكون قيامة الأموات. وكما يموت جميع الناس في آدم فكذلك سيحيون جميعاً في المسيح»] بين المسيح وآدم. ويقول أفراهاط، الترتيلة (6) (Wright, S. 131): «لأنه مكتوب هكذا: آدم الأول كان في نفس حية، وآدم الثاني كان في الروح المحيي، ويقولون، إنه كان هنالك آدمان، وتقول (1 كو (15: 49): [«وكما حملنا صورة الأرضي فكذلك نحمل صورة السماوي»]) إنه كما لبسنا صورة آدم الذي من التراب كان، كذلك علينا أن نلبس صورة آدم الذي من السماء جاء. الآدم الذي من الأرض جاء، هو الذي أخطأ، والآدم الذي من السماء جاء، هو مخلّصنا وسيدنا يسوع المسيح. وهؤلاء الذين قبلوا روح المسيح يشبهون آدم السماوي...».
أنظر أيضاً، الترتيلة (9) (Wtight, S. 189): «ارتفع آدم ثم أذل وعاد إلى التراب، إلى طبيعته الأصلية. كذلك فإن مخلصنا العظيم والعالي رُفع ونحو طبيعته الأصلية سما فزوّد في ربوبيته وجُعل كل شيء لخدمته. مخلصنا، الذي ذُلِّل، نال المجد وأكثر من المجد، وآدم الذي تعلّى، تلقى الذل واللعنات». كذلك، تقول تعاليم أفرام السرياني: (Comm. In Aggeun Prsphetan II, bei Lamy, S. Ephr. Hymni et Sermones II, S. 305): «هكذا كان (آدم)، بعدما خَلِق وجُعل في الفردوس، كان وحده صورة لله». لم تكن ولادة بالجسد لا عند آدم ولا عند المسيح (الكاتب السابق: Hymni de beata Maria XVIII, bei Lamy II, S. 609). آدم فقط عظمته عبر إغواء الأفعى ووجدها في المسيح من جديد (الكاتب السابق: Hymni in festum Epiphaniae, SII, bei Lamy I. S. 107)، وسقطت حواء وأقيمت من جديد عبر مريم (الكاتب ذاته: أنظر: De instauratione ecclesiae IV, bei Lamy III, S. 977; Murmelstein WZKM, 1928, S. 249)، يقارن يعقوب السروجي في إحدى مقطوعاته الشعرية حول مريم العذراء (Abbeloos, De vita et scriptis S. Jacobi, S. 202ff.) آدم بيسوع وحواء بمريم. ترتليانوس، من ناحية أخرى (Murmelstein WZKM, 1928, S. 247 أنظر: (Des resurectione Cornis; جعل آدم مخلوقاً على مثال يسوع، والإثنان لم يكونا متزوجين: (Tertull. De anima 43)، قارن: Murmelstein S. 247; 249. كذلك فإن ايريناوس أيضاً Adv. Haereses III, C. 33، يضع آدم مقابل المسيح:
«Unde et a Paulo typus futuri dictus est ipse Adam... Cum enim pareexistaret Salvars Opportebat et quod salvaretur fieri, uti non vacuum sit Salvans»
«بولس أيضاً يسمّي الأنموذج المستقبلي ذاته آدم... لأنه كان هنالك مخلص ما قبل الوجود من الضروري، للتأكد، أن المخلّص سوف لن يكون دون عمل». لكن الأدب اليهودي أيضاً يقيم أحياناً علاقة بين المسيح ق وآدم. فعلى المسيح أن يتغلّب على الموت، الذي جاء به آدم إلى العالم (تكوين راباه 24: 4)، والعطايا التي أُخْرِجت من آدم، سيعيدها المسيح من جديد (عدد راباه 13: 2). قارن Murmelstein, WZKM, 1928, S. 294؛ والذي يشير، (المرجع ذاته، (1929, p. 53 أيضاً، إلى أن المدراش، يواجه آدم وموسى، كلاً مع الآخر.
الغنوص اليهود المتنصّرون يماثلون أيضاً بين المسيح وآدم. يقول أبيفانس (S. 127, 3, XXX Haeres أنظر: (Brandt, Elchasai S. 83,، إن الأبيونيين يعلّمون ما يلي: «المسيح هو آدم، الذي هو (الإنسان) المكوّن أوّلاً، والذي نفخت فيه الحياة من نَفَس الله... هو (المسيح).. جسد آدم نفسه وقد ظهر كإنسان وصُلِب وقام (من بين الأموات)». في Clemensroman، (hom. III, 209, S. 67) (Brandt, Elchasai, S. 84)، يُعلن أن آدم هو النبي الحقيقي، وهو ما يقال عادة عن يسوع. كذلك فقد أشار مورملشتاين أيضاً إلى وجود طوائف غنوصية، ماثلت بين آدم والمسيح. يقال عند الغنوص إن آدم هو prwtoz(الأوّل) و jncicoz (الشخص الذي يعيش على النفس)، والمسيح هو escotoz (الحاكم يوم الدينونة) وpneumaticoz (الشخص الذي يعيش على الروح). أنظر:
Reitzenstein, Die hellenistischen Mysterienreligionen, 1910, S. 172 f
(2) إن تكوين الخلق من لا شيء (ex ouc ontwn : من لا شيء) يعلّمه أيضاً ثيوفيلوس(Ad Autolycum, II, 10). الكتابات اليهودية تشير أيضاً، في مواضع عديدة، إلى الخلق بأنه: ظé قذظك .
(3) تستخدم «سوى» في (75: 38): [«ثم كان علقة فسوّى»] و (18: 37): [«ثم سوّاك رجلاً»] للإشارة إلى تكوين الإنسان طبيعياً، لكنها تستخدم في (87: 2): «الذي خلق فسوّى» للإشارة إلى الخلق بشكل عام.
(4) Kautzsch I, S. 313.
(5) Opp. I, 22, C.
(6) Ad Autolycum II, 18.
(7) Wright, S. 240.
(8) قارن : Ginzberg, Haggada, MZWJ, 1899, S. 63
(9) قارن Cheikho, Christianisme, S. 254, und Horovitz, K.U., S. 85
(10) " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات "، هي آية ( 25:48 ) تنتمي إلى الحقبة المكيّة الأولى، كالسورة 95.
لكنها في (41: 8): [«إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون»] تبدو كجملة متميزة. وهكذا من غير الضروري أن نأخذ برأي نولدكه ـ شفالي I، ص 97، القائل إن جملة «إلا الذين»، لأنها استخدمت للمرة الأولى في زمن مكي متأخر، فقد أضيفت إلى 95: 6 في زمن لاحق. في (68: 3) يوعد محمد «أجراً غير ممنون».
(11) من أجل «أجر» في القرآن؛ قارن:
Torrey, The Commercial - theological terms in the Koran, Leyden, 1892, S. 23 ff.
وقارن أيضاً: جمل مثل: تك (15: 1): [«أجرك عظيم جداً»] واش (40: 10): [«هو ذا جزاؤه معه وأجرته قدّامه»].
(12) De opif. mundi, § 148.
(13) قياس طول الرجل الأول وتصغيره مستنبطان من çصققظصê في: لا (26: 13): [«قوميوت»]. أنظر: اسحق لوريا: لنè زـزصظف ، فرانكفورت، 1684، fol 14 c. C. 16. وفي بركة ح. اليعزر، الفصل 11، ملأ آدم العالم كلّه، أي، احتل كلّ الفضاء الفارغ. قارن أيضاً: زوهار (II، 54 ب): « قال ح. حييا: لقد حظي آدم بحكمة متعالية أكثر من الملائكة الساميين. فقد تأمل كل شيء. وعرف ربّه واعترف به أكثر من كل سكّان العالم الآخرين. لكن بعدما أخطأ، أغلقت في وجهه عيون الحكمة».
(14) Opp. I 26 E.
(15) Ginzberg, Hagga



 (4) – مصادر القرآن الكريم



ميثات خلق العالم - آدم والعائلة الأولى (تتمة)

الخميس 19 شباط (فبراير) 2009

بقلم: نبيل فياض  

شارك اصدقاءك هذا المقال


http://www.alawan.org/local/cache-vignettes/L300xH393/arton3849-c5259.jpg?1466297592
نستمرّ هنا في إظهار مدى التطابق بين النصوص الميثولوجيّة في القرآن الكريم، وما يقابلها في أسفار اليهود والمسيحيين. مع ذلك، نعتقد أنّ ما نقوم به، رغم صعوبته، لا بدّ من استكماله إن بمقارنات مع النصوص الزرادشتيّة، أو مع ميثولوجيات بلاد ما بين النهرين وسوريا الكبرى. إضافة إلى ذلك، نرى أنه من المفيد للغاية دراسة العلاقة بين نصوص القرآن الكريم الميثولوجيّة، ومقابلاتها عند اليهود أو المسيحيين، وعلاقة ذلك كلّه بالكرونولوجيّة القرآنيّة. بتبسيط أكثر: هل ثمة علاقة بين أرجحيّة تأثير مسيحي أو يهودي وبين كون هذه الآية من الحقبة المكيّة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو من الحقبة المدنيّة؟ إنّ ملاحظتنا البسيطة، خاصّة حين ندخل في تفاصيل ما يسمّى بقصص الأنبياء، هي أنّ التأثير الأغادي التلمودي المدراشي يتصاعد، مقابل شبه اختفاء للتأثير المسيحي.
الميثة الرابعة والعشرون
الله يحذّر آدم
السورة (20: 117 ـ 119) (2مك): «فقلنا يا آدم هذا عدوّ لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى. إنّ لك ألا تجوع فيها ولا تعرى. وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى».
على نحو مشابه، يقول افرام السرياني(115): «بل عندما حرّم الله عليهما (تذوق) شجرة واحدة فقط، كي يعتادا على الخضوع، وترك لهما بقية الفردوس كلها، حتى لا يُكرها على الارتداد (بسبب قلّة الطعام)». وفي «الغنزا، قسم الأخيار، ترجمة ليدزبراسكي ص 16»، يُحذّر الله الزوجين البشريين الأولين بالكلمات التالية: «لا تعبدا الشيطان.. لأن من يعبد الشيطان، يسقط في النار المشتعلة حتى يوم الدينونة.. لا تتعلما أفعال الشيطان السحرية..» لكن «تكوين راباه» (19: 3)، يتفق مع النص القرآني للحكاية أقلّ من النصين السابقين:«الله أخذه (آدم) وقاده عبر العالم كله، وقال له: هنا يستطيع الإنسان أن يزرع، وهناك أن يحصد...». وتذكر «سانهدرين» (56 ب)، أنّ الله حرّم على الإنسان شيئاً واحداً فقط، هو عبادة الأوثان، لكنه تجاوز هذا التحريم:«قال ح. يهودا: لم يحرّم على الإنسان سوى عبادة الأوثان فقط».
في الموضع ذاته يذكر مشرّعون آخرون محظورات أخرى، والتي فرضت على آدم. إذن، التصوّر المسيحي هنا أقرب إلى التصور الإسلامي.
الميثة الخامسة والعشرون:
الإغواء من قبل الشيطان
السورة (7: 20 ـ 22) (3مك): «فوسوس(116) لهما الشيطان(117) ليبدي لهما ما وري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين. وقاسمهما إني لكما من الناصحين. فدلاهما بغرور». قارن (7: 27) (2مك).
السورة (20: 120) (2مك): «فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد(118) وملك لا يبلى».
في عالم التصوّرات المسيحي نجد مماثلة الشيطان بالأفعى. قارن: يوحنا الأبوكريفي (12: 9)؛ وفي «مغارة الكنز»(118)، يُقَال: «وذهب (الشيطان) إلى الأفعى وأقام فيها ثم طار بها عبر الفضاء إلى حدود الجنة». ويذكر المرجع ذاته أيضاً، أنه فعل هذا، لأنه خاف أن ترتعش حوّاء من شكله البشع. ويقول افرام السرياني في ترتيلة عن ولادة المسيح بالجسد(120)، عن الشيطان: «الذي عضّ حوّاء في عقبها» (أي ضلّلها). في أحد تفاسيره لتكوين (3)، يسمّي افرام السرياني الأفعى مرّة بليس ومرة وسيلة ابليس. حول تك (3: 1): [«وكانت الحية أحيل جميع حيوانات الحقول التي صنعها الربّ الإله. فقالت للمرأة: أيقيناً. قال الله: لا تأكلا من جميع أشجار الجنة؟»]، يقول هذا المعلّم الكنسي، ضمن أمور أخرى، إن إبليس ربما تكلّم من الحية وطلب أن تعطى الحية قدرة الكلام لمدة ساعة. وفي «حياة آدم وحوّاء»(121)، تقول حوّاء موضحة: «عندما اقترب (آدم) فتحت فمي، لكن الشيطان تكّلم (منّي)». في «سفر آدم»، هذا «الذي انتشر للغاية في الغرب المسيحي في القرون الوسطى وكان يُقرأ كثيراً»(122)، لم يعد هنالك ذكر للأفعى عموماً، وأخذ الشيطان محلّها، في حين أنه في أسفار آدم الغنوصية ـ الأبوكريفية(123) و«سفر النحلة»(124) على سبيل المثال، تقدّم الأفعى كوسيلة للشيطان. وفي «مدينة الله»(125)، يجعل اغسطينوس الشيطان، الذي يُحكى عن تكبّره، يستخدم الأفعى كوسيلة وبوق دعاية. قارن أيضاً: اغسطينوس، في «يوحنا الانجيلي» (C. VIII, 42, 11). عن الأفعى كأداة لابليس يتحدث أيضاً هيبوليتوس(126) : «wsper gar tote en tv paradeisw enecrubh o diaboloz en tv ojei»: [ «تماماً مثلما كان الشيطان مخفياً في أفعى في ذلك الزمن في الجنة»].
القَسَم الذي يدلي به الشيطان، بحسب القرآن، حتى يقوّي كلماته، نجده أيضاً في «حياة آدم»(127) (18): «فقالت لي الأفعى: اقسم بحياة الله، أني حزينة لأجلك.. هيا، اسمع مني وكُلّ.. وستعرف بالتالي قيمة الشجرة.. لكن الله الذي يعرف أنكما ستصبحان مثله، قال لكما بدافع الحسد ليس إلا: يجب أن لا تأكلا منها، الخ..».
تجعل الهاغاداه اليهودية في زمن محمد الأفعى المغوية تقول كلاماً يشبه الكلام الذي تقوله في القرآن، لكنها لا تماثل بينها وبين الشيطان. تقول «تثنية راباه» (5: 10) على سبيل المثال :«كانت الأفعى الأصلية تتحدث كالإنسان. وحين لم يرغب آدم وحوّاء بالأكل من تلك الشجرة، بدأت تفتري على خالقها(128) وتقول لهما: من هذه الشجرة أكل الخالق وخلق عالمه،لذلك حرّم عليكما الأكل منها،حتى لا تخلقا عالماً آخر».وفي «خروج راباه» (19: 6) توضح الأفعى أيضاً:«كل إنسان يكره منافسه». قارن: تنحوما بريشيت. في الكتاب المقدّس اليهودي أيضاً يُنظر إلى الأفعى بأنها على جانب كبير من الشر وأنها معطاة رغبات بشرية. فهي تحسد آدم على رفعته، التي تضفيها عليه الملائكة (عاديات يوسفوس I؛ 1: 4؛ آبوت د. ر.ن 76 آ؛ سانهدرين 59ب)، وهي تريد حوّاء لنفسها (تكوين راباه، 8، نهاية)، وهي تريد أن تقتل آدم، حتى تستطيع تملّك حوّاء (آبوت د. ر. ن؛ طبعة شختر 76آ)؛ وبحسب أحد الآراء كانت الأفعى «أبيقورية» (تكوين راباه 19 بداية). وفي «تكوين راباه» (19: 1) كان للأفعى رجلان، بحيث وقفت منتصبة مثل ماسورة؛ بل تبدو في سانهدرين (59ب) مثل الإنسان، وكان باستطاعتها التكلم مثل الإنسان (تكوين راباه 5: 10). لكن للمرة الأولى في بركه ح. اليعزر التي ربما تحمل آثاراً إسلامية(129)، يتم مماثلة الأفعى مع سامائيل. إذن: بعد كل ما ورد، يبدو مرجحاً وجود حكاية مسيحية مشابهة كثيراً للنص القرآني.
«الشيطان» أيضاً من أصل مسيحي. ونولدكه(130) يعتقد أن الاسم العربي مأخوذ من «شيطان» الأثيوبية، وذلك بقدر ما يتعلق الأمر بالشيطان الكتابي. لكن الشيطان كان معروفاً عند الشعراء(131) ما قبل الإسلاميين، وله الوظيفة(132) ذاتها التي للجن(133). كان ممكناً الاحتفاظ جيداً بالاسم الأثيوبي، لأن فهمه ممكن بالعربية. لكن غايغر القائل إن التصوّر كله، «إذا لم يكن قد نما من أساس وأرضية يهوديين، فقد تم نقله عبر اليهود»(134)، صعب البرهان عليه إذا ما أخذنا بعين الاعتبار كل ما سبق. إنما من المحتمل أن الصورة التي صنعتها الهاغاداه اليهودية عن الشيطان، كان لها تأثير على المماثلة بين الأفعى والشيطان، لكن يمكن أن الخطاب في تك (3: 5 ـ 7) ترك تأثيراً قوياً على من جاء بعده. لقد أدرك غايغر، أن ثمة خلطاً بين تك(3: 5): [«فالله عالم إنكما في يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتصيران كآلهة تعرفان الخير والشر»] وتك (3: 22): [«وقال الربّ الإله: هوذا الإنسان قد صار كواحدٍ منا، فيعرف الخير والشر. فلا يمدنّ الآن يده فيأخذ من شجرة الحياة أيضاً ويأكل فيحيا إلى الأبد»]، حيث جُعل الشيطان يقول، إن الإنسانين الأولين إذا أكلا من الشجرة، سيصبحان مَلَكين أو خالدين(135). ثمة تقاطعات غير واضحة أيضاً بين النص القرآني: «شجرة الخلد وملك لا يبلى» ومثيلاته في الكتاب المقدس.
الميثة الخامسة والعشرون:
الخطيئة
السورة (7: 22) (3مك): «فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءتاهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين». أنظر أيضاً: (20: 121) (2مك): «وعصى آدم ربه فغوى». قارن: تك (3: 6 ـ 8 و11): [«ورأت المرأة أن الشجرة طيبة للأكل ومتعة للعيون وأن الشجرة منية للتعقل. فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت أيضاً زوجها الذي كان معها فأكل. فانفتحت أعينهما فعرفا أنهما عريانان. فخاطا من ورق التين وصنعا لهما منه مآزر. فسمعا وقع خطى الربّ الإله وهو يتمشى في الجنة عند نسيم النهار، فاختبأ الإنسان وامرأته من وجه الربّ الإله فيما بين أشجار الجنة.. قال: من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التي أمرتك ألاّ تأكل منها؟»]. نداء الله على آدم (تك 3: 9، 11): [«فنادى الربّ الإله الإنسان وقال له: أين أنت؟»]، يتضمن في القرآن تأنيباً بسبب أن الزوجين البشريين الأولين تبعا صوت الشيطان، والذي كان الله قد حذرهما منه بوضوح. وذكر الشيطان هنا يتقاطع أيضاً مع نظيره في نصوص مسيحية.
الميثة السادسة والعشرون:
الطرد من الجنة
السورة (2: 36) (مد): «فأزلّهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو». قارن: (7: 27) (3مك)؛ (20: 123) (2مك).
إنّ فنّ الإغواء عند الشيطان تسبّب إذن في أنه كان على آدم وحوّاء أن يتركا الجنة. قارن: تك (3: 23 ـ 24): [«فأخرجه الربّ الإله من جنة عدن ليحرث الأرض التي أخذ منها. فطرد الإنسان وأقام شرقي عدن»]. لكن نهاية الاقتباس تبدو وكأنها استرجاع لتك (3: 15): [«وأجعل عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها»]. والناقلون هنا كانوا أيضاً مسيحيين.
الميثة السابعة والعشرون:
اللعنة
السورة (7: 24 ـ 25) (3مك): «ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين(136). قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون». قارن: (2: 36) ؛ (20: 55) (2مك)؛ (22: 66) (مد)؛ والصياغة القرآنية هنا تبدو مشابهة للصياغة الواردة في البركة التي يُبَارك بها رسل الله. قارن: (19: 15) (2مك): «وسلام عليه (يحيى) يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً». شيء مشابه يُبَارك به «عيسى» أيضاً في (19: 33) (2مك)؛ وفي (30: 40) (3مك) والإنسان بشكل عام.
يكمن الأصل في تك (3: 19):[«بعرق جبينك تأكل خبزاً، حتى تعود إلى الأرض، فمنها أّخذت لأنك تراب، وإلى التراب تعود»]. و«سفر اخنوخ»(137) السلافي يعلّق هذه اللعنة أيضاً على وعد القيامة: «إنك تراب، وإلى التراب الذي أخذتك منه تعود، لن أقضي عليك، بل سأعيدك إلى حيث أخذتك». كذلك فإن «مغارة الكنز»(138) تربط باللعنة، التي أصابت آدم، عزاء القيامة، ومجيء المخلّص في المستقبل. قارن أيضاً: «حياة آدم وحوّاء»(139) (41). «فقال له (آدم الميت) الربّ: لقد قلت لك (ذات مرة): فإنك تراب، وإلى التراب ستعود. أعدكَ (الآن) أني سأقيمك. سأعيدك للحياة في اليوم الأخير وقت القيامة مع كل البشر».كذلك فإن تعاليم«تكوين راباه»(20: 26)،تقول ما يلي: «لأنك تراب وإلى التراب تعود (تك 3: 19)... هذا يتضمن الإشارة إلى أن التوراة تعلّم عودة الموتى
إلى الحياة من جديد. لا يقال: لأنك تراب وإلى التراب تذهب، بل: إلى التراب تعود»(140).
إذن: إن الحكاية القرآنية عن اللعنة التي ضربت الإنسان الأول، يوجد لها مثيل بين اليهود والمسيحيين أيضاً. لكن من الجدير بالذكر أن هذه اللعنة تقدّم صيغة كلامية، يعرفها محمد منذ الحقبة المكية الثانية باعتبارها الصيغة الكلامية للبركة التي يقولها الإنسان على الميت. ومنذ زمن قديم يقول اليهودي، عند ذكر اسم أحد الموتى، رغبة تقوية، هي التاليةـظص شéـف [«عليو هشالوم»] أو ضغè وسظç ـرèغش [«زكر صديق لبركة»]. ولأن الصيغة الكلامية للبركة التي تقال عن يحيى هي: «وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً»(19: 15) لها ما يماثلها تماماً عند المسيحيين، ولأن الصيغة الكلامية للعنة على آدم مشابهة جداً للصيغة السابقة، فإن إمكانية الموازاة بين هاتين الصيغتين الكلاميتين وصيغ كلامية مسيحية مقابلة، وارد جداً. لكن كلمات اللعنة، التي استحقها آدم وحوّاء، والتي يربطها الأدب اليهودي والمسيحي المابعد كتابي بوعد القيامة، ترد هنا في صيغة، اعتاد مسيحيو زمن محمد على استخدامها عند ذكر الموتى الأتقياء.
الميثة الثامنة والعشرون:
توبة آدم ورفع مكانته ثانية
السورة (7: 23) (3مك): «قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر(141) لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين».
السورة (2: 37) (مد): «فتلقى آدم من ربه كلمات (الصلاة) فتاب عليه إنه هو التوّاب الرحيم»(142).
السورة (20: 122) (2مك): «ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى»(143).
عن توبة آدم يتحدّث الأدب اليهودي والمسيحي. من ذلك، يوسيفوس، العاديات (I، 1، 4).
في «عدد راباه» (13: 5)، أراد الله لآدم أن يتوب، لكن آدم لم يرغب بذلك:[«لقد حاول أن يجعله يعود، وفتح له باباً، لكن الإنسان لم يحاول»] ويفسّر «تكوين راباه» (21: 6)، سفر التكوين (3: 22)، فيقول :هذا يعلّمنا، أن الله ترك له (آدم) باب التوبة مفتوحاً». وتقول: «تنحوما تزريعا»:«شرع الله في حديث له ينصح آدم، ما إذا كان يرغب بالتوبة». وتجعل «بس. د. ر. ك شوبا» آدم يتوب عبر قابيل: عندما ترك (قابيل) الله، قابله آدم. فسأله: ماذا حلّ بحكمك؟ فقال له قابيل: « لقد تبت. فراح آدم يضرب وجهه ويقول: هذه هي قوة التوبة، وأنا لم أعرفها. وعندها تفوّه بالمزمور 92. يقول ح. ليفي: هذا المزمور ألّفه آدم». قارن: «تكوين راباه» (نهاية 22) و«لاويين راباه» (10). وبحسب ح. مئير، فإن آدم أجرى تمرين توبة شديد (ايروبين 18 ب):«(يقول ح. مئير): كان الإنسان الأول صالحاً كبيراً: وعندما رأى أن عقوبة الموت ملقاة عليه، صام(144) 130 عاماً، وانفصل عن زوجته 130 عاماً، ووضع أوراق التين المثبتة بجانب بعضها على جسده 130 عاماً». ثمة رأي آخر، (عبودا زارا 8 آ)، يرى أن التوبة ثمرة الظلام، الذي أيقظ فيه الحسرة:«عندما رأى الإنسان الأول أن النهار نقص وصار أقصر، قال: يا ويلتاه! فلربما لأني أخطأت، أظلم العالم وسيعود ثانية إلى الخلط الأصلي. وهذا هو الموت الذي عُلِّق علي من السماء. فأمضى ثمانية أيام في الصيام والصلاة... قعد صائماً وبكى طول الليل، وبكت حوّاء مثله».
تعرف المسيحية الحكاية ذاتها(145)؛ أنظر: «حياة آدم»(146) (4): «لكنه حسن وجيد أن نحزن أمام وجه الله، الذي خلقنا. دعينا نقوم بتوبة كبيرة. فلربما يغفر لنا الربّ الإله، ويرحمنا ويعطينا شيئاً يمكننا من العيش. فقالت حوّاء لآدم: قل لي يا سيدي، ما هي التوبة، وماذا يتوجّب عليّ حتى أتوب؟ بحيث لا نكلّف أنفسنا عناء التعب، الذي لا نستطيع تحمّله، فلا يسمع الربّ طلباتنا ويشيح بوجهه عنّا، لأننا لم ننجز وعوده! كم توبة تعتقد يا سيدي، أن عليك القيام بها؟ لقد أتعبتك وأجهدتك! ليس باستطاعتك فعل الكثير مثلي، لكن قومي بما لا يجهد صحتك. أنا أريد الصوم أربعين يوماً. أما أنت فقومي واذهبي إلى دجلة، وخذي حجراً وقفي عليه في الماء حتى عنقك، حيث يكون النهر أكثر عمقاً. ولا يخرج من فمك كلام، لأننا لا نستحق أن نطلب الرحمة من الربّ، فشفاهنا غير طاهرة بسبب التحريم والشجرة. عليكِ أن تقفي في ماء النهر سبعة وثلاثين عاماً. أما أنا فأريد أن أمضي في ماء الأردن أربعين يوماً. فربما يرحمنا الله. وذهبت حوّاء إلى دجلة، وفعلت ما قاله لها آدم. وبالطريقة ذاتها ذهب آدم إلى الأردن ووقف على حجر حتى عنقه في الماء. وقال آدم: إني أطلب منك، يا ماء الأردن، أن تحزنني وتجمع حولي كل (الحيوانات) السابحة، التي هي فيك، كي تحيط بي وتحزن معي. عليها أن لا تضرب أنفسها (كدلائل على الحزن)، بل أن تضربني أنا، لأنها لم تكن هي الخاطئة، بل أنا الذي أخطأت. وبعد ذلك جاءت كل الحيوانات وأحاطت به، ووقف ماء الأردن منذ تلك الساعة دون تدفّق». ويذكر افرام السرياني أن الله في تك (3)أراد حفز آدم على التوبة.أشياء مشابهة يقولها أيضاً ثيوفيلوس(147)وأفراهاط(148)(149). إذا كان آدم تعلّم «كلمات (الصلاة)» فهذا يوافق التصوّر اليهودي(150)، الذي يرى أن الله يضع في فمه مزامير(151). على كل حال، إن حكاية إحياء الله لآدم هي من أصل مسيحي، وقد نشأت من عقيدة قيامة المسيح، الذي كثيراً ما يقارن آدم به في العديد من المقاطع. الملائكة يطلبون من الله أن يعطي آدم الغفران، وقد أعطي له(152). تقول «مغارة الكنز»(153) على نحو خاص: «وبعدما خرجا (آدم وحوّاء) حزينين، تحدّث الله إلى آدم فعزّاه وقال له: لا تحزن يا آدم لأن عليك مغادرة الجنة، بسبب ما حكمت به على نفسك، لأني سأقيم وريثك ثانية. انظر كم محبتي لك كبيرة. فبسببك لعنتُ الأرض، لكن استثنيتك من اللعنة، والأفعى ربطتُ أقدامها بجسدها(154) وأعطيتها تراب الأرض طعاماً لها وجعلت حوّاء تحت نير العبودية والتبعية. الآن، لأنك تجاوزت أمري، أخرج، لكن لا تحزن. فبعد مرور تلك الأزمنة، التي هي وبال عليكم، والتي أنتم غرباء فيها، سأرسل ابني، الذي هو خارج عالم اللعنة، وسينزل لخلاصك ويسكن عذراء ويلبس جسداً بشرياً، وبه سيُكمل خلاصك ورجعتك.. وأوحى الله لآدم بكل ما سيحصل في المستقبل، وأن ابن (الله) سيعاني بدلاً منه (آدم)». ويحكي «حياة آدم»(155) (47) بوضوح، كيف أن الله أدخل آدم في رحمته: «... اضطجع آدم ثلاث ساعات؛ وبعدها مدَّ والد الجميع(156) يده، وهو جالس على عرشه، أوقف آدم وسلّمه إلى رئيس الملائكة ميخائيل بالكلمات التالية: ارفعه في الفردوس حتى السماء الثالثة واتركه هناك حتى أقوم بالإجراءات في العالم في ذلك اليوم العظيم والكبير! فأصعد رئيس الملائكة ميخائيل آدم ووضعه هناك، حيث أمره الله. وأنشد كل الملائكة التسبيح الإلهي، مستغربين من الرحمة التي أعطيت لآدم».
وهكذا، يمكن القول إن هذا التصوّر حول آدم التائب يرجع إلى المسيحيين واليهود، لكن، بأية حال، فإن حكاية رفع شأن آدم ثانية، هي من أصل مسيحي.
الميثة التاسعة والعشرون:
حَبَل حوّاء. سقوط الإنسان الأول
السورة (7: 189 ـ 190) (3مك): «هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها، فلما تغشاها حملت حملاً خفيفاً فمرت به. فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا (ولداً) صالحاً، لنكوننّ من الشاكرين(157). فلما آتاهما (ولداً) صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما، فتعالى الله عمّا يشركون»(158).
ربما أن القرآن يتحدث عن حَبَل المرأة وعدم إيمان الإنسان عموماً(159). لكنه ربما أيضاً يشير إلى حكاية منتشرة، سمع بها الكثيرون. ففي بس.د.ر.ك (5)، شعر آدم بعد الخطيئة برغبة في الاقتراب من زوجته. وهذا مستنتج من تك (4: 25)(160) : [«وعرف آدم امرأته»]. عن حبل حوّاء يحكي «حياة آدم»(161) (18) بشكل تفصيلي: «وهناك بَنَتْ بيتاً، لأنها كانت حاملاً بطفل عمره ثلاثة أشهر. ومع اقتراب موعد الولادة، بدأت تشعر بالألم. فنادت ربّها هكذا: ارحمني، يا ربّ، وساعدني! لكن لم يُسمع منها، ولم تنزل عليها رحمة الله. فقالت لنفسها: من سيخبر سيدي آدم بذلك. أرجوكِ، يا أنوار السموات، إذا عدتِ إلى الشرق، أخبري سيّدي آدم بذلك! لكن آدم قال في تلك الساعة: بكاء حوّاء وصل إليّ، لربما أنّ الأفعى حاربتها ثانية. وعندما ذهب إليها، وجدها في حزن عميق، فقالت حوّاء: حالما رأيتك، فرحتْ نفسي المتألمة. اطلب لي الآن من الربّ الإله، أن يسمعك وينظر إليّ (برحمته) ويخلّصني من آلامي المبرحة. فترجّى آدم الله لأجل حوّاء. وها هم إثنا عشر ملاكاً وقوّتان (= aretai، اسم الملاك) يقفون بجانب حوّاء من اليمين ومن اليسار. أما ميخائيل، الذي وقف إلى جانبها الأيمن، فقد مسح عليها من وجهها حتى صدرها، ثم قال لحوّاء: مباركة أنت يا حوّاء، من أجل آدم. فلأن طلباته وصلواته كانت كثيرة، أُرْسلت إليك، حتى تحصلي على عوننا. والآن، تحضّري للولادة. وأنجبت ولداً، كان ممتلئاً بالنور»(162).
إذن، يبدو أن الحكاية القرآنية المتعلقة بحبل حوّاء قريبة من مثيلتها في «سفر آدم»، المعروف في الدوائر المسيحية؛ لكن قصة سقوط الإنسان الأول، هي على الأرجح، من أصل يهودي(163) .
في «سانهدرين» (56 ب)، كان آدم من عبدة الأوثان. وفي تك (19: 22)، يبدو آدم كافراً بالله. كما تقول «ايروبين» (18 ب)، إن الإنسان الأول بعد سقوطه في الخطيئة أنجب شياطين وأرواحاً شريرة(164).
أبناء آدم
الميثة الثلاثون
القربـان
السورة (5: 27) (مد): «واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قرّبا قرباناً(1) فتقبّل من أحدهما ولم يتقبّل من الآخر...» في القرآن يسمّى قابيل وهابيل ابني آدم عموماً. كما أن القرآن يسمّي البشرية على العموم (بني آدم)، وهم الذين تقدّم إليهم محمد ببشارته: (7: 26) (3مك)؛ (7: 27)؛ (7: 31) (7: 171)؛ (17: 70) (2مك)؛ (36: 60) (2مك).
الميثة الحادية والثلاثون:
الـحديــث
السورة (5: 27 ـ 29): «... قال (أحدهما) لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين. لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله ربّ العالمين. إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين».
إن جملة dieljwmen eiz to pedion في التوراة السبعينية أو«egrediamur foras» في الفولغاتا: [«سوف نذهب إلى الحقل»] غير موجودة(2) في نص التكوين العبراني (4: 8): [«فلما كانا في الحقل وثب قابيل على هابيل أخيه فقتله»]. أما الحديث الذي دار بين قابيل وهابيل قبل القتل، فنجد إشارات إليه في بعض المواضع من الهاغاداه. لكن مضمون الحديث لا يتطابق تماماً مع مضمون الحديث القرآني. يقول فيلو(3)، إن قابيل أراد أن يستجرّ هابيل إلى معركة كلامية، حتى يدحضه بالسفسطات المقبولة والممكنة. وفي «تكوين راباه» (22: 16)، أراد ابنا آدم اقتسام العالم بين بعضهما فانجرّا لذلك إلى قتال. قارن: «خروج راباه» (31: 18). وتفسّر «تنحوما بريشت» و«خروج راباه» (30: 13) القتل كما يلي:قتل قابيل أخاه بسبب شجار ليس إلا». قارن: الترغوم المنحول لتكوين (4: 8). في «تكوين راباه» (22: 7)، تقاتلا بسبب موضع المعبد(4)، وحسب رأي آخر، بسبب تقاسم الممتلكات(5)، أو بسبب أخوات هابيل التوائم(6) أو بسبب حوّاء الأولى(7). تجعل حكاية الأخوين في القرآن هابيل يظهر بدور المؤمن بالله، وقابيل بدور الشرير الكافر، الذي يُلقى في الجحيم. ومن المرجح هنا كثيراً، أن لا يوجد إسهاب في عرض النمطين الأخويين عند اليهود أو المسيحيين. مع ذلك لا نستبعد أن تكون عند المسيحيين قصة مسهبة مبنية على الأصل اليهودي، مشابهة لمثيلتها في القرآن. في «رسالة يوحنا الأولى» (13: 12): [«لا أن تقتدي بقاين [قابيل] الذي كان من الشرير فذبح أخاه. ولماذا ذبحه؟ لأن أعماله كانت سيئة، في حين أن أعمال أخيه، كانت أعمال برّ»]، قتل قابيل أخاه لأنّ أعماله شريرة، لكنّ أعمال أخيه كانت صالحة. وتوضّح «الرسالة إلى العبرانيين»، (11: 4): [«بالإيمان قرّب هابيل لله ذبيحة أفضل من ذبيحة قاين [قابيل]، وبالإيمان شهد له أنه بارّ»]، أن هابيل «بالإيمان» (pistei) قرّب لله ذبيحة أفضل من ذبيحة قابيل.
الميثة الحادية والثلاثون:
قتـــل الأخ
السورة (5: 30): «فطوّعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين». قارن: تك (4: 8)(8) .
الميثة الثانية والثلاثون:
ندم قابيل
السورة (5: 31): «فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه (قابيل) كيف يواري سوءة أخيه، قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب، فأواري سوأة أخي، فأصبح من النادمين».
قصة الطائر، الذي يعلّم قابيل الدفن، نجدها في «تنحوما بريشيت»:«عندما قتل قابيل هابيل، وضعه هناك، دون أن يعرف قابيل ماذا عليه أن يفعل. لذلك حدّد له الله طائرين طاهرين، قتل أحدهما الآخر، والذي (ظلّ على قيد الحياة، نبش بأظافره (الأرض) ودفنه (للميت). وتعلّم منه قابيل فنبش (الأرض) ودفن هابيل».
يقول «تكوين راباه» (22: 18) :«إن طيور السماء والحيوانات الطاهرة»، هي التي دفنت هابيل ويمكن اقتفاء آثار هذه الحكاية في الأدب المسيحي أيضاً(9). حكاية ندم قابيل كانت معروفة في الدوائر اليهودية والمسيحية. قارن: «تكوين راباه» (نهاية 22):«عندما ابتعد (قابيل عن الله)، قابله آدم، فسأله: ماذا صار بحكمك؟ فقال قابيل: لقد ندمت». قارن: «لاويون راباه» (10: 5). وتقول «تثنية راباه» (8: 1):...«قام قابيل على أخيه هابيل وقتله. فحلّ عليه الحكم التالي: تائهاً شارداً تكون في الأرض (تك 4: 12) فاقترب منه قابيل مباشرة واعترف بخطيئته أمام الله؛ يقال هكذا: وعقابي أشد من أن يطاق (تك 4: 13).. اغفر إثمي، لأنه عظيم... وللتوّ وجد الرحمة من الله...». وفي «بس. د.ر.ك» (25)، يوضّح الله، أنّه يقبل توبة الإسرائيليين، مثلما قبل ذات يوم توبة قابيل. ويقول افراهاط، في الترتيلة الرابعة عشرة(10)، إن الله نبّه قابيل كي يظهر ندمه ويتوب، لكن قابيل رفض(11).
الميثة الثانية والثلاثون:
التعليم
السورة (5: 32): «من أجل ذلك كتبنا(12) على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً».
لقد أشار غايغر(13) إلى مصدر يهودي يتضمّن تعاليمَ مشابهة؛ وهو «مشنا سانهدرين» (4: 5): نجد أنه مكتوب عن قابيل في الكتاب، بعدما قتل أخاه : إنّ صوت دماء أخيك صارخ إلي ( تك 10:4 ). إنها ليستسفظ ذ×ظع دمي أحيخ، بل سف ذ×ظع دم أحيخ، أي بالجمع وليس بالمفرد. هذا يعني: دم قابيل وذريته... لذلك خلق الإنسان وحيداً، حتى يعلمك، أن من يقتل واحداً من بني إسرائيل، يُحكم عليه وكأنما قتل العالم كلّه، لكن من ينقذ واحداً من بني إسرائيل، يحكم عليه وكأنه أنقذ العالم كله.
التوافق بين هذا النص والآية من روم ( 18:5 )، أقل بكثير من التوافق مع المشنا سانهدرين.
في غير الشواهد السابقة، لا نجد حديثاً في القرآن عن ابني آدم؛ والموضع الذي ذكره غايغر(14) (41: 29) ليست له علاقة بقصة قابيل القرآنية.
الهوامش:
(115) Opp. I, 28 E.
(116) من أجل «فوسوس»؛ قارن: (115: 5): [«الذي يوسوس في صدور الناس»]، حيث تقدّم صفات الشيطان بشكل أوضح. في (114: 4) يسمّى «الوسواس» فحسب. قارن اش (8: 19): [«اسألوا مستحضري الأرواح، والعرافين المهمهمين (المتمتمين)»] حيث يُقال عن ذرصê،ظسâصàظف : [«مستحضري الأرواح»]: شقونونظف،شقشàظف :إنهم يوسوسون في صدور الناس .
(117) في (38: 41) [«واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسّني الشيطان بنصب وعذاب»] يبدو «الشيطان» كمضلّلٍ لأيوب، ويعتبر كاسم نوعي للكائن الشيطاني أيضاً.
قارن: Horovitz, K. U., S. 120
(118) في (25: 15) يُسمى الفردوس «جنة الخلد».
(119) ed. Bez. S. 22.
(120) Hymni de navitate Christi in carne. 2 Hymn. ed. Lamy, 1886, Bd. II, S. 457.
(121) Kautzsch II, S. 522.
(122) Kautzsch II, S. 507.
(123) ed. Preuschen, S. 173 ff,; 189.
(124) Book of the Bee, ed. Budge, Oxford 1886, c. 16.
(125) XIV, 11.
(126)
أنظر: Die griech - christl. Schriftsteller der ersten drei Jahrhunderte Bd. I, 1897, S. 30.
(127) Kautzsch II, S. 521.
(128)
يزعم فيلو أيضاً (De opif. mundi §§ 156; 160; 163) أن الأفعى كانت تتكلّم.
قارن أيضاً:
Rappaport, Agada und Exegese bei Fl.
Josephus, Wien, 1930, S. 80, Anm. 20.
يشير هيرشبرغ إلى مواضع أخرى:
Der Südenfall in der altarabischen Poesie, Lwَw, 1933, S. 6.
(129) المصدر ذاته، (الفصل 13):«سامائيل، سيد السماء الكبير... أخذ (مجموعة شياطينه) ونزل فرأى كل المخلوقات التي خلقها القدّوس المبارك، ولم يجد بينها واحداً يبدو مناسباً لفعل الشر كالأفعى... فامتطاها وركبها... وكل ما تفعله، تفعله فقط تحت تأثيره، وكل ما تقوله، تقوله فقط تحت تأثيره». من أجل التحرير الحديث للبركة؛ قارن: Zuntz, Gottesd. Vorträge, 1892,S, 203.. ما يدل على حداثة العمل هو صيغ الطقوس اليهودية فيه: المقطع 20 (هبدالا)، المقطع 4 (قدوشا)، المقطاعان 6 ـ 7 (حساب التقويم). أما المقطع 30 فيظهر إلماماً بالمسائل العربية. أنظر أيضاً: Winter und Wünsche, Gesch.
D. jüd. hellenist u. talm. Literatur, Bd. I, S. 656 f.
(130) Neue Beiträge zur sem.
Sprachwissenschaft, Straكburg 1910, S. 47.
(131) Horovitz, K. U., S. 120.
(132) Goldziher, Abhandle. I, S. 106.
(133) «الجن» هي كلمة عربية قديمة. لكن نولدكه (Enc. Of Rel. and Ethics, 669;
قارن ZDWG, XLI, 1887, 717;) يوفق بين هذه الكلمة وكلمة «غانين g-n-n» الأثيوبية التي تعني «شيطاناً».
قارن:Eichler, Die Dschinn, Teufel und Engel im Koran, Leipzig 1928, S 9; 10.
(134) Geiger, S. 100
(135) S. 100.
(136) يستخدم القرآن تعبير «إلى حين» مع التهديد بالعقوبة غالباً، حيث يعبّر بذلك أنها مرجأة، أو أن مفعولها سيأتي في زمن معيّن. لقد نال شعب يونس، لأنه صار مؤمناً ـ «ومتعناهم إلى حين» (10: 98) ـ هذا الإرجاء الزمني المحدّد. ويوسف وضع في السجن (12 ـ 35) «حتى حين». ثمود (51: 43) يتمتعون إلى حين فقط. شعب نوح اعتقد أنه (نوح) به جنة وأراد بالتالي الانتظار «حتى حين» (23: 25) قبل أن يعاقبه. والشجرة الطيبة تعطي ثمارها «كل حين» (14: 25). قارن: مز (1: 3): [«يكون كالشجرة... تؤتي ثمرها في أوانه»]. وإذا لم تحل العقوبة التي يهدّد بها المكّيون، فذلك فقط «متاع إلى حين» (21: 111). وعلى الرسل أن يذروا الأحزاب في غمرتهم «حتى حين» (23: 54).
(137) AGGW, NF. I, S. 31.
(138) ed. Bezold, S. 28 f
(139) Kautzsch II, S. 527.
(140) من أجل «ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين» (2: 36)؛ قارن: Ahrens, Muhammed als Religionsstifter, 1935, S. 47. واقليمنضوس (30: 5): tw thz xwhz sou micrw cronw dliga tugcanei prz apolauain: القليل يعطى لك، خلال حياتك، لتستمتع به.
(141) يقول نوح أيضاً، الذي حزن على فقدان أولاده غير المؤمنين، عندما زجره الله: «وإلا تغفر لي» (11: 47).
(142) «التواب» هو الله، حين عفى عن الشعب، في (2: 52)، بعد خطيئة العجل.
يَصِفّ هيرشفيلد (Beiträge, S. 39) عبارتين متشابهتين بجانب بعضهما:«قابل التوب»(40: 2)و«الذي يقبل التوبة» (42: 25) ثم يشير إلى التعبير الموجود في «الصلوات الثماني عشرة»:شèصوش رêéصرش .
(143) يقال عن ابراهيم بشكل أوضح: «اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم» (16: 121).
(144) يعتبر الرقم 130 تفسيراً هاغادياً لما ورد في تك (5: 3): [«وعاش آدم مئة وثلاثين سنة»]. لكن نمط آدم التائب الزاهد في اليهودية يعود إلى تأثير مسيحي. ثمة عرض يرجع إلى الدائرة ذاتها. صُوّرت فيه توبة آدم وفق حكاية «سفر آدم». ولا بد أن ننتبه هنا أيضاً، إلى أن مئير، الذي نقل الكلام في «ايروبين» (18 ب)، حسبما يقول التلمود (حاغيغاه 15 آ ـ ب؛ خروج راباه 13؛ راعوت راباه 3: 13)، كثيراً ما كان يرافق اليهود المتنصّرين، الأفلاطونيين الجدد، وبشكل خاص المرتد «أحير». لكن بركه الحاخام اليعزر (القسم 20) تتفق بأعظم ما يمكن مع الحكاية المسيحية المتعلقة بالتوبة.
قارن؛ بشكل رئيس:
MGWJ 1899, S. 218;
Levi, Elements chrétiennes, RةJ 18;
Grünbaum, Neue Beiträge, S. 65;
Epstein, Magazin f. D. Wissensch. D. Judentums, XX, S. 252 f.
(145) تبدو حكاية سقوط آدم ونهوضه وكأنها ترجع بكاملها إلى التصوّر الغنوصي عن الإنسان الأصلي الذي سقط ضمن المادة ثم نهوضه لاحقاً.
أنظر: Bousset, Hauptprobleme, S. 169 und 171.
(146) Kautzsch II, S. 512.
(147) Ad Autolycum II.
(148) ed Wright. S. 138.
(149) Ginzberg, Haggada, MGWJ 1899, S. 158.
(150) Pes. d. R. K.`kb-; Gen. r. 22 Ende.
(151) عن صلاة آدم تتحدث أيضاً «الغنزا، فصل الأبرار، 2, XVII»، ترجمة: von Lidzbarski ص404. لكن من المستحيل أن نطابق بين «كلماتِ» واللوغوس المسيحي، وذلك كما يفعل «آيشلر»:
Eichler, Die Dschinn, Teufel und Engel im Koran, Leipzig 1928, S. 55.
(152) Leben Adams, 33 Kautzsch II, S. 524 - 25 ff.
(153) ed. Bez. S. 28.
(154) قارن: Gen. r. 20: 8.
(155) Kautzsch II, S. 526.
(156) قارنصàش شغـ في «الصلوات الثماني عشرة».
(157) الذي تحصل له مشاكل في البحر أو في البر، يصلّي إلى الله: «لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين»؛ أنظر: (6: 63 و 10: 23).
(158) أنظر: (23: 92): «عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون». قارن لأجل هذا: خر (15: 11، 18): [«من مثلك يا رب في الآلهة، من مثلك جليل القداسة، مهيب المآثر صانع العجائب؟... الرب يملك أبد الدهور»]؛ ومز (86: 8): [«ليس في الآلهة مثلك أيها السيد، ولا شيء كأعمالك»].
(159) قارن لأجل ذلك مقالة ت. فرانكلس:
T. Frankls, Die Entestehung des Menschen nach dem Koran, Prag, 1930, S. 16.
التي تتناول أساساً حَبل المرأة في القرآن من منظور طبّي.
قارن أيضاً: Karl Opitz, Die Medizin im Koran, Stuttgart 1906.
(160) قارن:
Jos. Ant. 1, 2, 3; Gen. r. 33: 5; Pes. r. § 15 (ed. Friedmann, S. 67b); Tanh. ber-a+t.
أنظر: Rappaport, Agada und Exegese bei Fl. Josephus, S. 7.
(161) Kautzsch II, S. 541 f
(162) الطبيعة النورانية لقابيل عند الولادة جاءت ربما من تك (4: 1) حيث يقول أحدهم: «قد اقتنيت رجلاً من عند الرب».
أنظر: Kautzsch II, S. 514 Anm. g
(163) أنظر النص المستشهد به سابقا ًمن سانهدرين 38 ب.
(164) الإنسان الأصلي الإيراني المدعو «يم Yim»، عاشر هو أيضاً الشياطين. أنظر: Murmelstein, WZKM, 1929, S. 67, Anm. 2. نجد التصوّر أيضاً في «تكوين راباه» (20: 11؛ 24: 6)؛ تنحوما برشيت. قارن: Aptowitzer, Kain u. Abel, S. 103, Anm 13; S. 105, Anm. 14 - 16.
قارن في المرجع ذاته: السياسة الحزبية زمن الحشمونيين، ص 210.
(1) «قربان» يمكن أن تكون من أصل عبراني أو آرامي أو أثيوبي. لكن يبدو أنها هنا من أصل يهودي.
أنظر: Ahrens, Muhammed als Religionsstifter, 1935, S. 32.
(2) لقد اعتقد Aptowitzer في كتابه، قابيل وهابيل في الهاغاداه، 1922، ص 10، أن التوراه السبعينية والسامرية تمتلكان الفقرة الإضافية ذاتها، التي استبعدت من تك (4: 8).
(3) Quad det. potiori insid. soleat § I (ed. Cohn I, S. 258).
(4) قارن: Aptowitzer, S. 18 ff.
(5) قارن: Aptowitzer, S. 15 ff.
(6) قارن: Aptowitzer, S. 19 ff.
(7) قارن: Aptowitzer, S. 20.
(8) إن الوسيلة التي قتل بها قابيل هابيل، كانت بحسب «سفر اليوبيل» (4: 31) (Kautzsch II, S. 48) حجراً. كذلك أيضاً بحسب «تكوين راباه» (22: 4): رذرك شèزص: [«مات بحجر»]. وبحسب رأي آخر (المرجع ذاته)، كانت عصا. من أجل التصوّر بكامله، أنظر: Aptowitzer, S. 44 f
(9) Grünbaum, , Neue Beiträge, S. 84; Aptowitzer, S. 53.
(10) Wright, S. 293.
(11) من أجل الأدب المسيحي، قارن: Preuschen, Die apokr. Gnost. Adamsbücher, S. 205.
(12) بالصيغة «كتبنا» (21: 105) [«ولقد كتبنا في الزبور»] يتم الاستشهاد بالمز (37: 29): [«الأبرار يرثون الأرض»] ـ النص القرآني: [«الأرض يرثها عبادي الصالحون»] ـ وفي (5: 59) يتم الاستشهاد بخر (21: 23 وما بعد). في (4: 66) تأتي «كتب» بمعنى أمر. أما المعني بالقول «وكتبنا له في الألواح»، في (7: 145) فهو الألواح، التي أعطيت لموسى.
(13) S. 103.
(14) S. 103.
نص الآية هو: «أرنا اللذين أضلانا من الجن والأنس»؛ في حين يوردها غايغر: «أرنا الذي أضلّنا من الإنس».


شارك اصدقاءك هذا المقال



 ميثات خلق العالم - آدم والعائلة الأولى (تتمة)
 
مصادر القرآن الكريم (4) - 
الخميس 19 شباط (فبراير) 2009

 

Aucun commentaire: