dimanche 20 décembre 2015

أمية النبي و “الخــوازيــق” اللانهائية د عماد حسن


عماد حسن

أمية النبي و “الخــوازيــق” اللانهائية

بقلم الدكتور عماد حسن
“الخازوق” آلة مدببة كانوا يجلسون عليها المذنب فيدخل من دبره ويخرج من رأسه كنوع من أبشع وسائل الإعدام…. وجرى العرف على إستعمال اللفظ حينما يدخل الإنسان في موقف حرج لا مخرج منه…. و”الخازوق” الذي أعنيه هنا هو “إدخال فكرة بشعة” في فكر المسلمين تستوجب إختلاق أفكار أكثر بشاعة للخروج من المأزق الأول وهكذا تتوالى “الخوازيق” إلى ان تموت الأمة….
“الخازوق” الذي أدخلوه فينا هو “خازوق تقديس الجهل” تحت مسمى “أمية النبي” الذي فسر خطأ وعن “قصد وإصرار” انه يعنى ان النبي كان جاهلا بالكتابة والقراءة…وسوف اعود للتأكيد على “القصد والإصرار” لاحقا…. لنفهم فظاعة الخازوق الأول نحتاج ان نتفكر في بعض المفاهيم بهدوء وعفوية…..
تخيل معي ان شخصا لا يكتب ولا يقرأ…..كيف يتعامل مع الحياة اليومية في هذا العصر؟ فهو بطبيعة الحال لن يستطيع متابعة التلفاز إلا مسموعا كالراديو، لكنه لن يستطيع حتى تغيير القنوات لأنها تتطلب قراءة أسماء القنوات… وبالطبع لن يمكنه إستعمال الانترنت ولا الرسائل التلفونية في الوتس اب وغيره…لكن دعك من هذه الأمثلة المترفة جدا..
من لا يقرأ لن يتستطيع التمييز بين صحيفة عربية او انجليزية، وعليه يمكنه ان يلف الاوساخ بالعربية جهلا منه انها لغة القرءان..لا تستهين بهذا المثال فمن يقرأ العربية لكنه لا يجيد الإنجليزية غالبا قد تكونت لديه فكرة عن بقية اللغات، فهو يمكن ان يميز الهندية من الصينية مثلا ، رغم انه ربما لا يقرأ اي منهما لكنه تعلم من قراءة العربية ان لكل لغة شكل لرسم الحروف وبالتالي تتراكم لديه خبرة بالملاحظة فقط لأشكال حروف اللغات الاخرى..لكن من لا يقرأ أي لغة لن يمتلك هذه المقدرة في التمييز بين رسم حروف اي لغة ….لكن دعك من هذا المثال فهو مترف أيضا..
من لا يقرأ ولا يكتب يمكن أن يشرب سما زعافا من إناء مكتوب عليه: “إحذر هذا سم قاتل”….بل: من لا يقرأ يمكن ان يدخل عليه قاتله يحمل ورقة مكتوب عليها “أتيت لأقتلك” فيقابله بإبتسامة ويبادره بكرم الضيافة… بإختصار: من لا يقرأ في وسط مجموعة تقرأ وتكتب حتما سيكون كالأهبل…مهما كان ذكيا وحكيما فهو يفتقر لأداة أساسية من أدوات المعرفة والحكمة ولا يمكنه ان يكون إلا تابعا لمن حوله ..هذا الجاهل يستحيل ان يكون في موضع القيادة والتوجيه….هنا لا ادخل في قلوب العباد ولا مصيرهم يوم القيامة ولكني فقط اتصور دورهم في الحياة.
إن استطعت ان تتصور مقدار العجز الفكرى والإجتماعي والثقافي والسياسي لمن “لا يقرأ ولا يكتب” فعليك ان تتصور النبي محمد عليه الصلاة وله التسليم وسط أصحابه بهذا الحال…خاصة وانه يتلو القرءان صوتا بينما كتبة الوحي “يشخبطون” حوله على جلود الماعز او الإبل او لحاء الأشجار لكن لم يكن بيده اي مقدرة ان يتابع ويراجع ما يكتبون..وتخيله أيضا يملي رسائل للقبائل والملوك ويصدر الوثائق والمعاهدات لكنه لا يستطيع الإطلاع على ما كتب بإسمه في تلك الصحف والوثائق….أي خازوق أكبر من هذا يتطلب علينا ابتلاعه ونحن نتصور رئيس الدولة جاهلا كل الجهل بما يكتب باسمه.؟..بل هو نبي الله ورسوله لكل العالمين من بعده وقد كلف شخصيا بتبليغ الرسالة لكنه لا يملك إلا ان يملي على من حوله….هذا الخازوق يفرض علينا ان نبتلع “إفتراض قهري” هو ان كل رسالة الإسلام لكل العالمين التي يتوقف عليها مصيرهم بين الجنة والنار كان ومنذ الوهلة الأولى مبني على مقدار فهم أؤلئك “الكتبة” المزعومين لما كان يمليه عليهم النبي وهو يجهل ما يكتبون …الإنسان يمكن ان يكون أمينا وحسن النية لكن مقدرته على فهم ما يُملى عليه ليكتبه شئ آخر…إذن الإسلام كله قام على مقدرة الكتبة على فهم الرسالة بحذافيرها من ناحية ، وعلى أمانتهم في كتابتها حرفيا من ناحية اخرى..
هنا ولا شعوريا نجد ان الخازوق الأول وضعنا امام كارثة كبيرة وهي ان نوجد مخرجا منه للتأكيد مئة في المئة على “فهم” ثم “أمانة” من كتب عن النبي الجاهل بالكتابة والقراءة……وهكذا أبتكر الخازوق الأول…. لكنه كما ترى صعب الإبتلاع……

وعليه ، وللخروج من خازوق جهل النبي بالقراءة والكتابة كان لا بد من ابتكار خازوق آخر ..وهو رفع أصحابه لمستوى العصمة تحت مسمى “عدالة الصحابة”…قد يقول قائل ان “العدالة” لا تعنى العصمة ، وهذه حقيقة من ناحية نظرية ، لكن الحقيقة العملية للخروج من الخازوق الأول تتطلب ان نفهم “عدالة الصحابة” بأنها تعنى “العصمة المطلقة”، لأنهم ، إذا ابتلعنا الخازوق الأول، فهم من كتب القرءان…وإن كنا لا بد ان نؤمن بحرفية حفظ القرءان المكتوب فلا بد لمن كتب القرءان يشترط فيه: إما النبوءة – ان يكون هو النبي المعصوم في تلقي وتبليغ الرسالة- أو يكون معصوما في مستوى النبي نفسه، وإلا فإن إحتمال زلل واحد في المليون سيدخل الشك في مصداقية كتابة القرءان وبالتالي تبليغ الرسالة… وعليه فإن المخرج من “خازوق جهل النبي” بما تم كتابته نيابة عنه يتطلب الإيمان الأعمى بـ “عصمة الصحابة” تحت مسمى “عدالة الصحابة”…وهكذا يدخل “الخازوق الثاني” على مضض…. لكن: لإبتلاع هذا الخازوق الثاني كان لا بد من التشعب الى عدد من الخوازيق الجديدة…
لفظ “صحابة” لم يرد في القرءان… ليس سهوا – جلّ من لا يسهو- وإنما حقيقة، لأنه لم يوجد أصلا مجتمع إسمه “الصحابة”…من كان حول النبي كلهم “صحِبه” جغرافيا وزمانيا لكن الله صنفهم تصنيفا فكريا: المهاجرون والانصار..وهؤلاء رفع السابقين منهم درجات فوق اللاحقين….وكان هناك المنافقون غير المعلومين للنبي وهؤلاء كانوا بطبيعة الحال من اللاحقين.. وكان هناك اهل الكتاب وكان هناك المشركين وكان هناك من لم يتم تصنيفهم من المذبذبين بين هؤلاء وهؤلاء….كلهم “صحِبوا” النبي وكلهم كانوا “أصحابه” بالمدلول القرءاني للصحبة، لكن لم يطلق عليهم القرءان اللفظ الوهمي المبتكر لاحقا “صحابة”….
هنا اصبح خازوق مصطلح “الصحابة” نفسه مشكلة ويحتاج لإدخال خازوق جديد لتسهيل زجه..
للخروج من هذا الخازوق كان لا بد من إبتكار خازوق جديد هو تعريف مصطلح “صحابي” ..فقالوا انه يعنى “كل من صحب النبي ومات على الإسلام”….. حسنا….يمكننا ان نقبل المصطلح لكن بشرط مستحيل وهو: كيف يمكننا معرفة من مات على الإسلام ومن مات على النفاق مع صريح العلم ان الله قال للنبي ان حولك منافقين لا تعلمهم نحن نعلمهم؟ كيف يمكن معرفة ما كان في قلوب من ماتوا زمن النبي علما بأن النبي نفسه لم يكن يعلم ما في قلوبهم بنص القرءان؟….لا بد من التنبيه هنا وبلا شك ان خير افراد هذه الأمة كانوا حول النبي، لكن أيضا كان حوله الكثيرون من الأشرار وكلهم صحبه. للخروج من هذا المأزق اختلق خازوق آخر إسمه “إجماع العلماء”…فقد “أجمع العلماء” على “عدالة الصحابة”…وعليه ، ليطمئن قلبك – رغم انفك – على مصداقية القرءان فإنه عليك ان تقبل “إجماع العلماء” على وجود مجتمع وهمي اسمه “الصحابة” غير حقيقة مجتمع أصحاب النبي الملئ بالمتناقضات كما وصفته مبسطا أعلاه..ومن ثم عليك ان تبلع “العصمة المطلقة” لأؤلئك “الصحابة” تحت مسمى “عدالة الصحابة”…
لتضح المعادلة: ليطمئن قلبك ان القرءان الذي بين يدينا هو من الله حرفيا لا بد ان تبلع “أجمع العلماء” على ” عدالة الصحابة” وان أؤلئك الصحابة كانوا جميعا كالنجوم بأيهم إقتديتم إهتديتم…وان تلك “العدالة” في عقلك الباطن لا بد ان تعني “العصمة المطلقة” وبالتالي فهم “أي مجتمع الصحابة الوهمى ” والنبي ، كانوا في مستوىً واحد من حيث تلقي الرسالة وتدوينها…هكذا فقط يمكن ان تبلع الخازوق الأول كون النبي لا يدري ماذا كتب بإسمه وعنه….لأنه كان عاجز عن القرءاة والكتابة… إما ان تبلع كل هذه الخوازيق معا وإما ان تشك في مصداقية رسالة انتقلت في قرون دموية عبر آلاف البشر من رجل لا يكتب ولا يقرأ.
لقد كتبت باسهاب في كتاب “امي كاملة عقل ودين” في “باب علوم القرءان” ان النبي كان يكتب ويقرأ، وهو من كتب القرءان حرفا بحرف وهو الرسم المحمدي الذي بين يدينا…
وسأذكر هنا مختصرا يشرح تلك الحقيقة في محورين هما تعريف كيف ومتى تعلم النبي القراءة والكتابة ثم أشرح بإختصار معنى “النبي الأمى” :
كيف أصبح النبي قارئا كاتبا:
النبي أصبح قارئا كاتبا بمعجزة انزلها الله على قلبه كما في سورة العلق:
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} العلق.

قلت إن النص هنا ليس أمرا للنبي وإنما “قولٌ كـَوْني” كفعل كُن….فكان… كقوله : {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) } الأنبياء… مِن هنا يمكننا أن نفترض أن الأمر لم يكن لمحمدٍ الذي لا يكتب ولا يقرأ أن يفعل المستحيل، وإنما كان قدرا مِن الله أن يتحول النبي صلى الله عليه وسلم لقارئ يقرأ ويكتب كأول معجزة مِن الله له هو نفسه: كُن قارئا ، فكان فكان!

وهكذا كانت أول معجزة هي تحول “الأُمِّي” بفعل كُن إلى عالم من أول كلمة نطق بها الروح الأمين . هذا التفسير يدعمه سر آخر في الآيات قَلَّمَا ينتبه له الناس. فآياتُ سورةِ العلق قد تم تحريفُها من الخارج بعد أن ترسخ في أذهاننا أن النبي ولِد أُمِّيا وعاش أُمِّيا ومات أُمِّيا، فأصبحنا جهلة لا نفهم ما نقرأ. لو تدبرنا الآياتِ نلاحظ أن الأمر ” إقرأ” قد ورد مرتين:
الأول: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} : وهذا “قولٌ كوني” جعل النبي قارئا كاتبا…كـُن فكان!
الثاني: { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)} : وهذا قَسَم إلهي أنه أصبح قارئا، أي أن الله يُقسِم للنبي بربِّه الأكرم أن يصبح قارئا، وما أقسَمَ اللهُ عليه فقدْ وقَع ولا شك. ونلاحظ اختيارَ صفة الأكرم للقَسَم لأن الله أكرمه بمعجزة مفاجئة غيَّرَته هو نفسه…. بمعنى آخرَ فإن هذه الآية كقوله: { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)} الحجر، وقوله {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (53)} يونس. ففي “إقرأ” الأولى قول كوني ليصبح قارئا، فكان. وفي “إقرا” الثانية قَسَمٌ إلهي أنّ الحدث قد وقع تكريما من الله له! وهنا يطرأ السؤال عن مدلول الأمية:
النبي الأمي:
لفظ “أُمِّي” إمَّا مشتَق مِن “أَم” أو مِن “أَمَم” أُدْغِمتْ فيها الميمات.
ولفظ “أم” في معجم مقاييس اللغة من أكثر الألفاظ تشعبا، وكَتَب فيه الرازي سِتَّ صفحاتٍ يتتبع اشتقاقاتِه، لكن ليس بينها على الإطلاق “مَن لا يقرأ ولا يكتب” كما هو شائع…. وباختصار فقد ذَكَر الرازي أن اللفظ أصلٌ واحد يتفرع منه أربعة أبواب هي : ” الأصل” ، و “المرجع”، و ” الجماعة” و “الدين”، وهذه الأربعة متقاربة، وبعد ذلك أصول ثلاثة هي “القامة” ، و “الحين” ، و “القصد”.
الأُمِّي مِن “الأم” تفيد الأصالةَ والانتماء إلى أصل كريم في وجه ، وتفيد الذي تعلَّمَ من الحياة أفضلَ ما يتعلمه الطفل من أُمِّه في اشتقاق آخر، وتُستَعمل للمدح وليس الذم حيث يوصَف سيء الخلق بأنه لا أُمَّ له. أمَّا اشتقاق أُمِّي من “أمَم” فتعني مَن ينتمي لأُمَّة لم يُنَزَّلْ عليها كتابٌ من قبْل ولكن لا يُشتَرط أنها أُمة لا تكتب أو تقرأ.
وخلصت بإختصار إلى ان وصف “النبي الأمى” يفيد انه علمه الله تعالى من “أم الكتاب” مباشرة وهو تكريم لم ينله نبي او بشر قبله…
ومركب ” ام الكتاب” ورد في القرءان ليرمز لمقام عليِّ ربما وضع الله فيه كل شفرات علوم الكون التي تنزلت على الأنبياء والمرسلين والناس بدرجات متفاوتة كما في قوله:

{ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)} الزخرف

{ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)} الرعد

إذاً “أَمَّ الشئ” تعني أفضل وأرقى حالة منه لذلك سَمَّى اللهُ مكةَ أُمَّ القرى:

{… وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا …. (92)} الأنعام
وانصح من يريد مزيدا من التفصيل ان يرجع لكتابي ” أمي كاملة عقل ودين” في الباب السادس “علوم القرءان” من دار الوطن في الرباط او يجده مجانا على الانترنت.

لكنى هنا في هذا المقال المختصر اريد ان أنسف كل تلك “الخوازيق” بتدبر آية واحدة في القرءان تنزع الخازوق الأول، وبالتالى تحرر العقول من بقية الخوازيق التي تفقد ضرورة وجودها تلقائياً… لكنها بطبيعة الحال ستدخل سدنة التراث المقدس في خوازيق جديدة سيقاتلون ضدها….. لنتدبر أولاًهذه الآيات في سورة الفرقان بهدوء وبالسهل الممتنع:
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)} الفرقان

بالإيمان ان النبي “إكتتب” القرءان وكان “يملى عليه” بنص القرءان ، ينهار الخازوق الأول كون النبي كان جاهلا بالكتابة والقراءة…. وبإنهيار هذا الخازوق لا نحتاج اصلا لا “لعصمة” ولا “عدالة الصحابة” وانما نفهم بكل بساطة وواقعية طبيعة مجتمع أصحاب النبي بكل تناقضاته التي وثقها القرءان….وبإنهيار خازوق “عدالة الصحابة” ينهار “خازوق إجماع العلماء” الذين أصلا لم ولا يجمعون على شئ الى اليوم، حتى في مؤسسة علمية واحدة كالأزهر تجدهم مختلفين…وبانهيار خازوق “أجمع العلماء” تسقط هيبة وقدسية الخطباء والأئمة…. وهنا تكون الثورة المضادة….
نعود للآيات:
الآيات توثق من الله تعالى رأي كفار مكة في القرءان الذي أتاهم به محمد في زمن التنزيل…فهم وعوا محتواه ووجدوا فيه قصص مثيرة للدهشة والكثير من الحكم والأحكام لكنهم وصفوها بأنها “أساطير الأولين”…. ماذا تعني الأساطير؟
أساطير: الاسطورة هي قصة حقيقية وقعت في زمن غابر وتم تداولها عبر الأجيال لكن بإضافات وتعديلات تناسب فهم وأهواء كل جيل. الأسطورة ليست خرافة وإنما حقيقة تم تعديلها او إخراجها في ثوب جديد. مثلا قصص الفراعنة الكثيرة عبارة عن أساطير لأن الفراعنة وجدوا حقيقة وما زالت آثارهم المادية موجودة ، لكن المعروف والمتداول عنهم ليس إلا اجتهادات تراكمت عبر العصور لكنها بطبيعة الحال لا تعكس الحقيقة حرفيا..قياسا عليه فالعرب ربما كانوا يعلمون شيئا عن نوح وإبراهيم وآدم والبيت العتيق لكن الأساطير غلبت علي الحقيقة فلما نزل القرءان يقص تلك القصص بصورة جديدة سموها “أساطير الأولين”…لكن كيف رأوا رأي العين ان تلك الأساطير وصلت النبي؟.. قالوا ” اكْتَتَبَهَا” “فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ”..” بُكْرَةً وَأَصِيلًا..”…
إكتتب: غير كتب… اكتتب على وزن إفتعل …وتعني ببساطة ان هناك مكتوب امامه فهو يكتب منه .. اي يكتتب والفاعل “هو” – اي محمد – ولم يقولوا اكتتبوها له….وللتأكيد:

تملى: كلنا نعرف الإملاء من المدرسة الأولية. الإملاء هو إلقاء مقال كلمة كلمة من المعلم والتلاميذ يكتبون ما يملى عليهم، أي يحولون الصوت المسموع الى كتاب مكتوب مقروء…بالجمع بين الصفتين نخلص الى حقيقة بسيطة جدا هي ان الكفار كانوا شهودا بنص القرءان ان النبي تلقي القرءان مكتوبا امامه فهو “إكتتبه” اي نقله حرفيا بيده من الصحف التي امامه، ومع ذلك كان الملك يقرأ له المكتوب اي “يمليه عليه” لمزيد من الدقة في الإكتتاب الحرفي…فالنقل ” اي الإكتتاب” يحتاج الى “إملاء” صوتي حتى يستوعب دقة الرسم الذي يراه ويكتتبه انه ينطق هكذا كما يسمع صوت الإملاء…. وان هذه العملية لم تقع دفعة واحدة وإنما كانت تملى عليه صباحا ومساء – بكرة وأصيلاً….
هل يوجد فاعل آخر في عملية الإكتتاب وسماع الإملاء غير النبي المشار إليه بــ “عليه” ؟ إكتتبها “هو” وكانت تملى “عليه” هو؟…
هذه الآية ترسل كتبة الوحي المزعومين في مهب الريح…وعليه لا نحتاج ان نزعج انفسنا بمدى فهمهم ولا عدالتهم لأن القرءان اكتتبه النبي نفسه وكان يملى عليه هو وحده….سواء كانوا عدولاً ام لا وسواء كانوا كلهم او بعضهم معصومين ام لا، فهذا لا يهمنا كثيرا إذ ان الرسالة اكتتبها من امليت عليه وحده وهو النبي….وهكذا ، وبإنتزاع الخازوق الأول تسقط بقية الخوازيق..فعدالة الصحابة لا شأن لنا بها….وزوال اسطورة “عدالة الصحابة” اصلا تزول مع زوال وجود مجتمع اسطوري متوهم اسمه الصحابة لم يوجد اصلا….وهكذا فإجماع العلماء المتوهم هو خرافة لم تحدث ولا تحدث اليوم ولن تحدث….
لكن: ماذا يتضرر المسلم والإنسان البسيط في اي مكان من هذه المعلومة كون النبي هو من اكتتب القرءان؟ الضرر لا يصيبك ولا يصيبني بل يصيب الجيش الجرار من الخطباء وعلماء السلاطين الذين يقوم دينهم على ” قال فلان ” و “أجمع العلماء ” و “أجمعت الأمة”…سلف هؤلاء أدخلوا الخازوق الأول عن قصد وإصرار لأنهم كانوا يريدون إبعاد العباد عن القرءان وصرفهم للإستماع إليهم هم ولسلاطينهم في الدولة الاموية والعباسية وما بعدهما…لذلك كان لا بد ان يختلقوا مجتمع الصحابة الوهمي ليستمدوا منه قدسيتهم…..وأتباعهم الى اليوم يقتاتون على ذات الفرية التي إن سقطت فسوف يفقدون آليات قدسية طالما ركعوا بها الشعوب بزج أهوائهم وأهواء من سبقهم بإسم النبي في المنابر…لان النبي كان لا يكتب ولا يقرأ.. وعليه فهناك “صحابة” “معصومين” ” كتبوا الوحي”، وهذه العصمة “أجمع عليها العلماء”، وهؤلاء العلماء يكتسبون قدسية من إجماعهم على عدالة الصحابة كتبة الوحي تساوي عصمة النبي نفسه…إذا أسقطت الخازوق الأول سقطت كل الأساطير التي بنيت عليه وفقد الخطباء سوقهم ومصدر رزقهم وسلطانهم على رقاب الناس….وهكذا ستجدهم يقاتلون على إبقاء الخازوق الأول ” النبي كان لا يكتب ولا يقرأ”……..
الخيار خيارك في تدبر القرءان… وستأتي الله يوم القيامة فردا…
www.drimadhassan.com



http://www.eljawab.com/%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%8A-%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%80%D9%80%D9%88%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D9%80%D9%80%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%87%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9.html

Aucun commentaire: