lundi 12 octobre 2015

الانجيل و التوراة

الكتاب المقدّس الدموي:
الكتاب الوحيد في العالم الذي يأمر بقتل الأطفال الرضع!
سفر العدد (31-17) فالآن اقتلوا كل ذكر من الاطفال. وكل امرأة عرفت رجلا بمضاجعة ذكر اقتلوها.
*حزقيال (9-6): " الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء اقتلوا للهلاك.ولا تقربوا من إنسان عليه السمة وابتدئوا من مقدسي. فابتدءوا بالرجال الشيوخ الذين أمام البيت"
*يشوع (6-21):" وحرّموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف"
*صموئيل الأول (15-3):" فالآن اذهب واضرب عماليق وحرموا كل ما له ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا وامرأة.طفلا ورضيعا.بقرا وغنما.جملا وحمارا"
*هوشع (13-16):" تجازى السامرة لأنها قد تمردت على إلهها.بالسيف يسقطون.تحطم أطفالهم والحوامل تشقّ"
*مزمور(137-9):" طوبى لمن يمسك أطفالك ويضرب بهم الصخرة".
الجزء الثاني: دفع شبهات الضالين عن مناظرة الشيخ ديدات وسواجرت الائيم    
نستكمل كشف أكاذيب النصارى حول المناظرة
وفي المزمور الثاني والثمانين لداود قام الله لجميع الآلهة هكذا في العبرانية ، وأما من نقله إلى السريانية فإنه حرفه فقال: قام الله في جماعة الملائكة ، وقال في هذا المزمور وهو يخاطب قوماً باروح: لقد ظننت أنكم ألهة وأنكم أبناء الله كلكم وقد سمي نفسه بذلك ) هداية الحيارى فى أجوبة اليهود و النصارى ص 292-295)
و يقول الشيخ رحمة الله الهندى : واستعمل مثل هذا اللفظ ( أى ابن الله ) في حق الصالح غير المسيح أيضاً، كما استعمل مثل ابن إبليس في حق الصالح في الباب الخامس من إنجيل متى هكذا: (طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء اللّه يدعون وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعدائكم باركوا لأعينكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسبونكم لكي تكون أبناء أبيكم الذي في السماوات) فأطلق عيسى عليه السلام على صانعي السلام والصلح على العاملين بالأعمال المذكورة لفظ أبناء اللّه وعلى اللّه لفظ الأب بالنسبة إليهم. ) ( اظهار الحق ص 290(
يقول الشيخ احمد ديدات عن المسيح عليه السلام : لنا أن ننكر و نرفض تلك الفكرة السائدة لدى غيرنا من أنه كان " إلها " ( أى المسيح ) أو كان " ابنا لإله " أو أى اعتبار أخر يعتبر به اكثر من انسان. ( نقلا عن كتاب المسيح فى الاسلام ص54) 
حرف " الحاقدون" اجابة الشيخ عندما سئل رحمه الله  " هل جاء فى القرأن أن الانجيل المقدس هدى للناس أجمعين ؟ " فكان جواب الشيخ " لا ان القرأن لا يقول أن الانجيل هدى للناس أجمعين " و ادعى الحاقدون ان اجابة الشيخ خاطئة واستدلو  بقول الله عز و جل و أنزل التوراة و الانجيل من قبل هدى للناس و أنزل الفرقان ال عمران 3.
و يبدو أن " الحاقدين" لا يعرفون  الفرق بين الانجيل و التوراة من حيث المعنى الاصطلاحى و من حيث المعنى الشرعى .
فالتوراة و الإنجيل اللذان ذكرا في آيات القرآن الكريم من سورة ال عمران هما التوراة (توراة موسى) و الإنجيل(انجيل عيسى) اللذان لم يحرفا و اللذان يخلوان من تلك العقائد الباطلة التى تقول ان لله ولد و أن المسيح إله أو إبن الإله فضلا عن عقيدة التثليث العويص و عقيدة الصلب و الفداء .
فهذا ما نعتقد أنه هدى للناس ( أى توراة موسى و انجيل عيسى(
أما تلك الاسفار و الرسائل المسماة زورًا بالتوراة و الانجيل و التى احتوت على ذلك الكفر البواح فهى التى قال الله عز و جل فيها فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون  البقرة 79 . و هى التى نعتقد كمسلمين أنها ليست هدى للناس بل شر وبال على البشرية أجمعين  !!
فهل كان السائل يسأل الشيخ عن انجيل عيسى بالمعنى الشرعى الذى جاء به القرأن أم كان يسأله عن الانجيل بالمعنى الاصطلاحى المعروف بالعهد الجديد و الرسائل لدى النصارى ؟
بالطبع كان يسأل الشيخ عن الانجيل بالمعنى الاصطلاحى المعروف باسم العهد الجديد و الرسائل الذى يؤمن هو بها ( أى النصرانى ) .
و لهذا أجاب الشيخ بهذة الاجابة الصحيحة التامة , لأن القرأن بالفعل لم يقل أن تلك الاسفار و الرسائل هدى للناس ..
و انى لاتعجب كيف يشهد القرأن لتلك العهود بالصحة و الهداية , والقرآن نفسه ينفى كل تلك العقائد الباطلة الموجودة فى طياتها , بل ان القران يكفر من يؤمن بتلك العقائد !!
يقول الامام القرطبى رحمه الله فى كتابه " الإعلام بما فى دين النصارى من الفساد و الأوهام " : ان الكتاب الذى بأيدى النصارى الذى يسمونه بالإنجيل ليس هو الإنجيل الذى قال الله فيه على لسان رسوله  : و أنزل التوراة و الإنجيل من قبل هدى للناس فظهر من هذا البحث أن الإنجيل المدعى لم ينقل تواترًا ، و لم يقم دليل على عصمة ناقليه . فإذا يجوز الغلط و السهو على ناقليه فلا يحصل العلم بشئ منه , و لا غلبة الظن , فلا يلتفت اليه , و لا يعول فى الإحتجاج عليه . و هذا كاف فى رده و بيان قبول تحريفه و عدم الثقة بمضمونه) . اظهار الحق ص 135-  136)
/10()

و سئل الشيخ أحمد ديدات : كيف حدث و أن أحدثت تسمية الكتاب المقدس بهذا الاسم في حين أن اسمه كان الانجيل ؟
فأجاب: المشكل أن كثيرا من المسلمين لا يعرفون عن ما يتحدث المسيحيون, كلمة بايبل "Bible" معناها كتاب, و النصارى يسمون كتابهم بالكتاب المقدس "The Holy Bible", لكن المسلمين عن جهالة يشيرون إلى كتاب النصارى المقدس و يقولون, هذا الانجيل , هذا التوراة, هذا الزبور, المسيحيون أنفسهم لا يقولون هذا الكلام, لكننا نـأخذ هذه المسميات على أنها من المسيحيين, وهو يسمون كتبهم بالكتاب المقدس, لماذا إذن لا نأخذ المسميات كما يسمونها إذا تحدثنا عن كتبهم ؟ عوض أن نسميها التوراة و الإنجيل ؟ حدث و أن كنت أحاضر مرة في إحدى الدول العربية, وكان المترجم بجانبي ليترجم إلى اللغة العربية , فقلت: الموضوع هو: ماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد , فترجم كلامي قائلا: ماذا تقول التوراة عن محمد , فقلت له: لم أقل التوراة و إنما قلت البايبل, فترجم مصححا: ماذا يقول الإنجيل عن محمد, فقلت له ثانية: لم أقل الإنجيل , و إنما قلت البايبل !, فأجابني إنني لا أعرف معنى كلمة بايبل, أقول: الحقيقة يا إخواني أن كلمة بايبل معناها كتاب, هولي بايبل معناها كتاب مقدس, فلماذا لا نقتصر على ما اصطلحوا هم أنفسهم عليه عوض أن نسمي كتبهم بأسماء هم لا يقرونها؟ الموجود الآن بين أيديهم ليس توراة ولا إنجيلاً و لا زبوراً, هم يسمونها العهد القديم و العهد الجديد, نحن المسلمون نؤمن أن الإنجيل هو الوحي المنزل على المسيح عيسى عليه السلام , ما يقدمونه لنا اليوم هو إنجيل متى , إنجيل يوحنا ,إنجيل مرقس , إنجيل لوقا, نحن نؤمن بإنجيل عيسى, و هو غير موجود, و نحن نسميها بالأناجيل لنزيد الأمر غموضا , ولذلك لو سأل أحد هل الإنجيل كلام الله ؟ الجواب بكل بساطة نعم , هو كلام الله و أي مسلم أنكر هذا فقد كفر ! لكن مدار الكلام و المناظرة ليس على إنجيل عيسى . لكن على الكتاب المقدس المحرف الموجود اليوم.
أرى أن الأمر مصدره قضية جهل متمثلة فى الحاقدين!!

- ادعى " الحاقدون " أن الشيخ قد أخطأ فى جنسية المرأة التى سألت المسيح ان يشفى لها ابنتها و قالو انها كنعانية  و ليست يونانية كما ادعى الشيخ  لأنه جاء فى انجيل مرقس أنها كنعانية و ليست يونانية !
إن نسخة الملك جيمس و التى كانت محور المناظرة تنص على أن جنسية هذة المرأة - يونانية - ( مرقس 7 : 26)
The woman was a Greek, a Syrophenician by nation; and she besought him that he would cast forth the devil out of her daughter.

و تعد نسخة الملك جيمس عند النصارى الترجمة الأم للترجمات المختلفة للكتاب المقدس
و لذلك عدل النص فى الترجمة العربية الحديثة ) كتاب الحياة(  باعتبار أن ما جاء فى ترجمة الفان دايك خطأ :

وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ يُونَانِيَّةً، مِنْ أَصْلٍ سُورِيٍّ فِينِيقِيٍّ . مرقس 7 : 26

فيا أيها ( الحاقدون ) ألم تعلموا أن أهل مكة أدرى بشعابها !!
فلماذا أقحمتم أنفسكم فى أرض ليست أرضكم  فكانت النتيجة أنكم وقعتتم فى أخطاء لا حصر لها !!

 أخذ يدعى " الحاقدون " أن الشيخ رحمه الله لم يكن يفرق بين طوائف النصارى لأنه قال : هناك جمعيات كثيرة قامت بترجمة الإنجيل مثل جماعة شهود يهوه الذين أصدروا ترجمة أطلقوا عليها الترجمة العالمية الحديثة و التى لا تقبلونها أنتم الأرثوذكس "    فى حين أن سواجارت و جماعته بروتستانت .
نعم , فلقد أحصى ( الحاقدون ) الستة آلاف مشاهد و كتب طوائفهم فى سجلات , و بهذا حكم " الحاقدون " عللىأن كل النصارى الذين كانوا متابعين للقاء فى القاعة بروتستانت !!, بل و علموا أن كل الذين سوف يتابعونها على التلفاز على الهواء أو بعد ذلك عن طريق شريط الفيديو انما هم بروتستانت و لا يوجد بينهم ارثوذكس !!!! 

حسبنا الله و نعم الوكيل !!





  


(الدراسة الاولي ) تحريف الكتاب المقدس

 
الكتاب المقدس هو الكتاب الذي يقدسه المسيحيون لانه يحتوي على كلام الله  للبشر وسوف نورد باختصار الادلة على انه   موحي به من الله وهل هناك انجيل واحد ام اربعة وهل تم تحريفه وتفنيد ذلك من القران نفسه.
الفصل الاول :محتويات الكتاب المقدس:
اولا : العهد القديم : وهو الكتاب الموحي به لليهود ويشمل التوارة والمزامير (الزبور) وكتب الانبياء
ثانيا:العهد الجديد : (الانجيل ) ويشتمل على:
  1. البشائر: وهي بشارة متي وبشارة مرقس وبشارة لوقا وبشارة يوحنا
  2. واعمال الرسل : وهو تشجيل لكرازة تلامبذ المسيح 0الحواريون
  3. والرسائل : وهي رسائل بولس الرسول ورسائل بطرس الرسول ورسائل يعقوب الرسول ورسائل يوحنا الرسول ورسالة يهوذا الرسول
  4. وسفرالرؤيا : وهو سفر نبوي عن الاحداث المستقبلة عبر الزمان حتي نهاية العالم
والكتاب المقدس بعهديه يسرد تاريخ البشرية في تسلسل بديع وباسلوب سهل ويتحدث عن علاقة الله بالانسان والانسان بالله والانسان باخيه الانسان ويشتمل على كل العقائد الايمانية والشرائع التعبدية والقيم الروحية
الفصل الثاني – وحي الكتاب المقدس- ادلة من الكتاب المقدس والقران:
تؤمن المسيحية بان الكتاب ا لمقدس بعهديه القديم والجديد هو موحي به من الله واليك بعض الادلة من الكتاب المقدس نفسه ومن القران الكريم
اولا ايات من الكتاب المقدس نفسه:
  1. (2 تيموثاوس 3 : 16 ) :" كل الكتاب هو موحي به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتاديب الذي في البر" فواضح من هذاالكلام ان الله قد اوحي بالكتاب المقدس كله
  2. (صموئيل الثاني 23 :1و2 ) :" وحي داود بن يسي ... روح الرب تكلم بي وكلمته على لساني" . ونفهم منها ان مزامير دواد النبي هو وحي من الله نطق بها دواد  النبي
  3. ويؤكد معلمنا بطرس الرسول ان كلام الانبياء والرسل هو وحي الله بقوله في (رسالة بطرس الثانية 1 :21 ):               " لانه لم تات نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون مسوقين منا الروح القدس"
ثانيا : القران الكريم:
يشهد القران الكريم بان الكتاب المقدس (التوراة والزبور والانجيل) هو موحي به من الله وقد اورد ايات كثيرة  جدا عن ذلك ولكننا نكتفي ببعض منها :
التوراة:
1.      سورة المائدة(44) :" انا انزلنا التوراة فيها هدي ونور يحكم بها النبيون"
2.      سورة البقرة (87) : " ولقد اتينا موسي الكتاب وقفينا من بعدهم بالرسل واتينا عيسي بن مريم البينات وايدناه بروح القدس ...  " وانظر ابضا سورة الانعام 92 وسورة الاسراء 2 وسورة المؤمنون 49 وغيرها وجميعها تشهد ان توراة موسي هي موحي بها من الله
الزبور ( المزامير):
1.      سورة الاسراء (55) :" واتينا داود زبورا ( اي المزامير) " وانظر سورة النساء 163  وسورة فاطر 25 .وهي تشهد لمزامير دواد النبي بانها موحي بها من الله وناتي ايضا الي شهادته  التالية:
 
 
كتب الانبياء:
1.      سورة النساء 163 :" انا اوحينا اليك كما اوحينا الي نوح والنبيين من بعده واوحينا الي ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والاسباط وعيسي وايوب ويونس (يونان) وهارون وسليمان واتينا دواد زبورا"                                             
وانظر ايضا : سورة النحل 43 وسورة الانبياء 25
وبذلك نكون قد راينا شهادة القران لكتب الانبياء انها موحي بها من الله وبقي لنا ان نري شهادة القران للانجيل الشريف انه موحي به من الله
الانجيل:
1.      سورة المائدة(46) :" وقفينا علي اثرهم بعيسي ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة واتيناه الانجيل فيه هدي ونور.."  - وانظر ايضا :سورة المائدة (47) وسورة الحديد (27)  وهذا ما شهد به القران للانجيل انه موحي به من الله في قوله فاتيناه اي ان الله اوحي به - واليك ايضا شهادة القران بان الكتاب المقدس كله موحي به من الله.
الكتاب المقدس كله:
1.      سورة العنكبوت (46) :" ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن .... وقولوا امنا بالذي انزل الينا وانزل اليكم والهنا والهكم واحد "  - ويوصي القران المسلمين ان لا يناقشوا اليهود والمسيحيين الذين هم اهل الكتاب الا بالحسني وان يعترفوا انهم يؤمنون بوحي الكتاب المقدس وبالاله الواحد الذي يؤمنون به
2.      البقرة(146) :" الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم" – ويوضح هنا شدة تمسك اهل الكتاب الذين هم النصاري واليهود بالكتاب المقدس الموحي به.  – وانظر ايضا سورة المائدة 68 وسورة الانعام 156 وسورة يونس 94 – وما سبق هو بعض الايات القرانية التي تشهد بان الكتاب المقدس كله بكل محتوياته هو موحي به من الله ومنزل من عنده.
 
القسم الثاني – الاعتراضات على الكتاب المقدس
1)      هل يوجد انجيل واحد ام اربعة؟
2)      الم يحرف الانجيل
الباب الاول : هل يوجد انجيل واحد ام اربعة؟
ويقول اصحاب هذا الاعتراض ان المفروض هو ان الانجيل قد انزل على سيدنا عيسي عليه السلام استنادا الي قول القران الكريم في: سورة المائدة (46) :" وقفينا على اثرهم بعيسي ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوارة واتيناه الانجيل فيه هدي ونور  " وانظر ايضا سورة المائدة (47) وسورة الحديد (27 ) فلماذا يوجد عند النصاري اربعةاناجيل هي انجيل متي ومرقس ولوقا ويوحنا؟؟  وللرد على هذا علينا ان نناقشه من عدة زوايا هي :
- مفهوم الوحي في المسيحية والاسلام
– كيف يؤمن المسلمون بانجيل برنابا ان كانوا لا يؤمنون الا بانجيل عيسي
 – الانجيل وبشائرة الاربعة والقران ونسخه السبع.
الفصل الاول : مفهوم الوحي في المسيحيةوالاسلام
الوحي في الاسلام هو ان القران مكتوب منذ الازل في لوح محفوظ كما هو واضح في :
سورة البروج 21 و 22  :" بل هو قران مجيد في لوح  محفوظ " وقد املي على النبي محمد كما هو واضح في :
سورة العلق 1:" اقرا باسم ربك الذي خلق
اما مفهوم الوحي في الكتاب المقدس فيختلف عن مفهومه في الاسلام فالوحي في المسيحية هو ان الروح القدس يوجه الرسل والانبياء فيعبرون بكلامهم عن المعاني التي يريد الله  ان  يبلغها للناس ويتضح ذلك من قول الكتاب المقدس في :
رسالة بطرس الثانية 1 :21 :" لانه لم تات نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس"
 
الفصل الثاني : كيف يزعمون بانجيل برنابا بينما لا يؤمنون الا بانجيل عيسي؟
فكيف الايمان بوجود انجيل برنابا وينكرون الاناجيل الاربعة؟ واين الايمان بانجيل واحد هو انجيل سيدنا عيسي ؟
والرد طبعا بسيط وواضح للفهماء والعقلاء قبل البسطاء
الفصل الثالث : الانجيل وبشائره  الاربعة والقران ونسخه السبع ( او ما يعرف في المصطلح الاسلامي بالاحرف السبعة)
اولا : الانجيل وبشائرة الاربع: لايوجد في المسيحية سوي انجيل واحد الذي هو بشارة المسيحية الوحيدة وهي خلاص العالم – حيث كلمة انجيل  في اليونانية لا تعني كتاب كما يظن البعض بل تعني البشارة المفرحة - ويتضح ذلك من الايات التالية:
1-    مرقس 1 : 14و15 :يقول المسيح "لقد تم الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وامنوا بالانجيل"
2-    متي 4 :23 قيل عن المسيح " كان يطوف في الجليل كله يعلم في مجامعهم ويبشر بانجيل الملكوت"
3-    رومية 1 :16  معلمنا بولس الرسول يقول "لاني لست استحي بانجيل المسيح لانه قوة لله للخلاص لكل من يؤمن"
وقد دون هذا الانجيل الواحد بواسطة اربعة من تلايذ المسيح كل كتب البشارة نفسها لكن لفئة معينة من البشر كان يخاطبهم فمتي كتب البشارة لليهود معلنا لهم خلاص المسيح ومرقس كتبها للرومان ولوقا كتبها لليونان ويوحنا كتبها لسائر الشعوب واذا اردنا ان نعبر عن هذه الحقيقة بالمصطلح الاسلامي الصحيح نقول ان الانجيل الواحد قد كتب باربعة احرف.
ربما يكون هذا الكلام غريبا على البعض فيتساءلون ما معني :كتب باربعة احرف ؟ او ما المقصود بتعبير احرف؟
دعونا نستعرض اولا استخدامه بالنسبة للقران الكريم
ثانيا : القران ونسخه السبع:
من المعروف للكل ان القران لم يكن واحدا بل كان هناك سبعة قرانات مختلفة واطلق عليها اسم "الاحرف السبعة" وقد قام الخليفة عثمان ابن عفان بحرق ستة قرانات منها وابقي على قران واحد فقط منها وهو الموجود الان بين يدي المسلمين ويسمي "مصحف عثمان"  وقد دفع عثمان حياته من اجل هذه الفعلة  فاغتالوه ومات مقتولا.
(1) الادلة على وجود القرآنات السبعة:
a.      يقول ابو جعفر النحاس في كتاب (الناسخ والمنسوخ) " يفهم من سلف الامة وخيار الاتمة معني: نزل القران على سبعة احرف  من انه نزل بسبع لغات وامر بقراءته على سبعة السن باختلاف الالفاظ واتفاق المعاني . ومن الروايات الثابتة عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وابي ابن كعب ... انهم تماروا في القران فخالف بعضهم بعضا في نفس التلاوة دون ما في ذلك من معاني. وانهم احتكموا للنبي ص فاستقر كل رجل منهم ثم صوب جميعهم في قراءتهم على اختلافها حتي ارتاب بعضهم لتصويبه اياهم فقال رسول الله ص للذي ارتاب منهم عند تصويبهم جميعا: "ان الله امرني ان اقرا القران على سبعة احرف"
b.      وقد ورد هذا التعبير ايضا  في حديث قدسي شريف للنبي محمد ص نقله الشيخ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي في كتابه ( الاتقان في علوم القران جزء 1 ص 46 و51 ) قال :" من رواية جمع من الصحابة .. واحد وعشرين صحابيا .... ان عثمان قال على المنبر : ان النبي ص قال:" ان القران انزل على سبعة احرف كلها شاف كاف فشهدوا بهذا ..."
(2) معني تعبير الاحرف السبع:
وقد علق السيوطي على هذا الحديث بقوله :" اختلف في معني هذا الحديث على نحو اربعين قولا.. (منها):
a.      ان المراد سبعة اوجه من المعاني المتفقة عبر عنها بالفاظ مختلفة ( نحو :اقبل وتعال وهلم وعجل واسرع ...) وهذا ما ايده وهب وسفيان والطبري وغيرهم"
b.      وذهب ابن عبد البر الي ان الحروف التي نزل عليها القران انها معان متفق علي مفهومها ومختلف مسموعها.
 
c.      وانهي السيوطي بحثه بقوله: قد ظن كثير من العوام ان المراد بها ( الاحرف السبعة) القراءات السبع لمصحف عثمان وهذا جهل قبيح"
d.      ويشرح الشيخ ابو جعفر محمد ابن حرير الطبري هذا الحديث الشريف في كتابه ( جامع البيان في تفسير القران ج 1 ص 48 ) قائلا:
·        ان اختلاف الاحرف السبعة هو اختلاف الالفاظ باتفاق المعاني ( فمن هذا يتضح ان القران كان له سبعةاحرف اي سبعة نصوص او سبع نسخ مختلفة )
·        ويكمل الطبري :" فان قال قائل ما بال الاحرف السته الاخري غير موجودة الان؟ رغم ان الرسول قد اقر السبعة وامر بحفظها ؟ فذلك تضييع لما امروا به"
(3) حرق القرآنات الستة الاخري:
  • يتساءل الشيخ ابو جعفر الطبري قائلا : ما القصة في ذلك؟ ويجيب على ذلك قائلا :" ان الاحرف او النسخ الستة الاخر اسقطها عثمان ومنع تلاوتها"( جامع البيان في تفسير القران ج 1 ص 66 )
  • وقد جاء في دائرة المعارف العربية المعروفة باسم (الموسوعة العربية الميسرة ص 1187 ) تحت عنوان عثمان بن عفان " قامت ضده معارضة قوية انتهت بالثورة عليه وقتله. واسباب الثورة متنوعة منها مخالفته الدين باحراقه المصاحف كلها ما عدا المصحف الذي امر بتعميمه"
  • ويوضح الامام الطبري في كتابه ( جامع البيان في تفسير القران الجزء الاول ص 66 ) السبب الذي جعل عثمان ابن عفان يحرق المصاحف الستة الاخري هو اختلاف المسلمين واقتتالهم على افضلية النسخ فكل فئة متمسكة بالنسخة التي لديهيا
خلاصــــــــــة
من كل هذا نستطيع ان نري:
اولا بخصوص القران:
1)      انه كان من عصر الرسول الي عهد عثمان ابن عفان في سبع مصاحف متفقة المعني ولكنها مختلفة في التعبير.
2)      ان عثمان بن عفان قد احرق ستة مصاحف وابقي على مصحف واحد هو الموجود مع الناس الان ويسمي مصحف عثمان
3)      لماذا احرقت تلك المصاحف الستة؟ الم يكن وجودها الان افضل من كل ما كتبه المفسرون من تفاسير متعارضة ومتضاربة لالفاظ النسخة الباقية . لعل هذا ما دفع الثوار ان يسفكوا دم عثمان وييستحلوه لانه حرق النسخ الاخري فماذا كان في تلك النسخ وحملته على حرقها باتري؟ وكان الاحري به ان يتركها معتبرا اياها نظير التفاسير الكثيرة والا كان يلزم ان تحرق كل تفاسير القران ايضا.
ثانيا : بخصوص الانجيل:
1)      شكرا لله ان نسخ الكتاب المقدس الاربعة محفوظة لدينا وفي متناول ايدينا لنقراها وندرسها ونجد مدي التطابق والتكامل بينها فيزاد ايماننا بوحدانية الانجيل رغم تعدد نسخه.
2)      اذن فوجود الاربعة اناجيل او البشائر ليس نقيصة في المسيحية بل على العكس ايجابية تفرد بها الانجيل.
الباب الثاني
عدم تحريف الكتاب المقدس
الايات القرانية التي توحي بالتحريف : يقول البعض ان الكتاب المقدس الموجود بين ايادينا الان هو كتاب محرف استنادا الي قول القران في السور التالية:
+ سورة البقرة (75 ) :" افتطمعون ان يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون"
+ سورة النساء (46) :" من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه"
+ سورة المائدة (13) :" يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به"– الذال بالضمة والكاف شدة وكسرة
+ سورة المائدة (41 ) :" .. ومن الذين هادوا سماعون للكذب ... يحرفون الكلم عن بعد مواضعه"
وللرد على ذلك نوضح ما يلي:
1)      ما اهو المقصود من هذه الايات؟
2)      شهادة الكتاب المقدس نفسه على عدم تحريفه
3)      شهادة القران على عدم تحريف الكتاب المقدس
4)      شهادة المنطق على عدم تحريف الكتاب المقدس
5)      شهادة علماء الاسلام الافاضل على عدم تحريف الكتاب المقدس
6)      شهادة علم الاثار والتاريخ عن عدم تحريف الكتاب المقدس
الفصل الاول
مفهوم الايات القرانية التي توحي بتحريف الكتاب المقدس
والسؤال الخطير هو : هل فعلا معني هذه الايات هو ان الكتاب المقدس محرف ؟ ام لها معني اخر وقصدا اخر؟؟
ونستطيع ان نضع صياغة اخري للسؤال هكذا :
هل هذه الايات القرانية  تعني يقينا تحريف نصوص الكتاب المقدس؟ ام انها تعني التحريف بمعني اخر؟؟
لهذا يلزمنا ان نتفهم معني كلمات هذه الايات الكريمة ثم نناقش المقصود من تهمة هذا التحريف.
اولا : الاية الاولي التي تتحدث عن التحريف
+ سورة البقرة (75) :" افتطمعون ان يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون" –
1)      ما المقصود من هذه الاية ؟
يقول الامام البيضاوي :" افتطمعون ان يصدقونكم ( اي اليهود) وقد كانت طائفة من اسلافهم يسمعون كلام الله اي التوراة ثم يحرفونه... من بعد ما عقلوه اي فهموه بعقولهم ولم يبق فيه ريبة" ومن كلام الامام البيضاوي يتضح جليا ان تهمة التحريف ليست في نصوص الكتاب المقدس  بل في تفسيره وتاويله.
2)      وهناك ملاحظة اخري هي:
ان هذه الاية توضح ان فريقا واحدا  من اليهود هو الذي يقوم بتحريف التفسير وليس كل اليهود وهذا يثبت  ان التحريف ليس في نص الايات
3.      وهناك ملاحظة ثالثة : وهي في قول الاية الكريمة:"يسمعون كلام الله ثم يحرفونه "  ومعني هذا ان كلام الله موجود غير محرف وهم لا زالوا يسمعونه بدليل قوله: انهم بعد سماع كلمات الله يقول" ثم يحرفونه. ( لاحظ حرف العطف "ثم"  واللغويون  يعرفن جيدا ان معني هذا  الحرف "ثم " هو افادة الترتيب في الاحداث فيكون المعني انهم يسمعون كلام الله وبعد ان يسمعوه يحرفون معناه)
4.      وملاحظة رابعة : في قول الاية الكريمة " من بعد ما عقلوه" يفيد ان هذا الفريق من اليهود يعقلون ويفهمون كلام الله نفسه ثم يقومون بتحريف معناه.
5.      كما ان هناك ملاحظة اخيرة بخصوص قول الاية الكريمة " وهم يعلمون" . الا يفهم من هذه الكلمات ان هذا الفريق اليهودي  يعلمون النص الصحيح  لكلام الله ورغم ذلك يغيرون تفسيره؟؟؟
اذن فهذه الاية الكريمة لا تعني وقوع التحريف في نص كلمات الله بل في تاويلها وتفسيرها بشهادة الامام البيضاوي وغيره من المفسرين الاجلاء.
 
 
ثانيا :الاية الثانية التي تتحدث عن التحريف:
+ سورة النساء (46) :" من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بالسنتهم  وطعنا في الدين ولو انهم قالوا سمعنا واطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وافوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا" – ولنا في هذه الاية عدة ملاحظات:
(1) في القول :" من الذين هادوا " يلاحظ انه لم يقل من النصاري وبهذه المناسبة اقول : انه لا توجد اية واحدة في القران تنسب الي النصاري تهمة تحريف الكتاب المقدس سواء في نصوصه او في معانيه.
(2) في هذا القول نفسه ينسب التحريف ليس لكل اليهود بل يقول"من الذين هادوا" اذن فبقية اليهود متمسكون بالكتاب ولا يحرفونه.
(3) في قول هذه الاية:" يحرفون الكلم عن مواضعه " لاحظ قوله عن مواضعه!!! فماذا يعني ذلك؟؟
  • يقول الامام البيضاوي في تفسير هذه الاية :" من الذين هادوا قوم يحرفون الكلم عن مواضعه اي يميلونه عن مواضعه التي وضعه الله فيها بان....يؤولونه على ما يشتهون فيميلونه على ما انزل الله فيه"
  • وقد سمي القران ذلك " ليا بالسنتهم" اي يغيرون نطق الالفاظ بحسب لغتهم العبرية واعطي القران لذلك مثلا في نفس هذه الاية اذ قال:"(وراعنا) ليا بالسنتهم" فيغيرون منطوق اللفظ راعنا (اي اصغ الينا) فينطقونه "رعنا" اي "ياارعن" بالعبرية وهي شتيمة . (كتاب تفسير القران للامام عبد الله يوسف على ص 200 )
  • فاتحريف المقصود في هذه الاية ليس المقصود منه التحريف في كلام التوارة بل التحريف في كلام اليهود مع النبي محمد بدليل قول الاية "طعنا في الدين".
  • يقول الامام الرازي:" لان الكتاب المنقول بالتواتر لا يتاتي فيه تغيير الالفاظ" (كتاب ضحي الاسلام ص346 و358 للاستاذ احمد امين) معني هذا ان الامام الرازي ينفي تهمة تحريف نصوص الكتاب المقدس.
  • ويقول صحيح البخاري :" يحرفون الكلم عن موضعه اي يزيلونه وليس احد يزيل لفظ كتاب من كتب الله تعالي ولكنهم يؤولونه على غير ناويله". – من هذا يتضح ان المقصود من اية سورة النساء ليس هو تحريف نصوص الكتاب المقدس بل تاويل المعني عن طريق لي اللسان ونطق كلمات الوحي بطريقة مغايرة بحسب الفاظ لغتهم العبرية.
ثالثا: الاية الثالثة التي تتحدث عن التحريف :
+ سورة المائدة (13) :" ولقد اخذنا ميثاق بني اسرائيل... يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به" ولنا تعليقات:
(1)   يقول الامام الرازي :" ان المراد بالتحريف هو القاء الشبهة الباطلة وتاويلات فاسدة وصرف اللفظ عن معناه الحق الي المعني الباطل بوجوه الحيل اللفظية كما يفعل اهل البدع في زماننا هذا بالايات المخالفة لمذهبهم وهذا هوالاصح"
(2)   الدليل على صحة ما يقوله الرازي هو ان صحيح البخاري ذكر نفس الشيء علاوة على ان الاية (15 ) التي جاءت في نفس سورة المائدة بعد هذا الكلام تقول:" بااهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب...." فالقران بهذا يفسر المقصود من التحريف وهو اخفاء اجزاء من الكتاب وليس تغيير الفاظ كلام الله.
(3)   وقد جاء بكتاب الجلالين تفسيرا لهذه الاية وتوضيحا للموضوع الذي حدث فيه التحريف هكذا :" ان تحريف الكلم الذي في التوراة هو بخصوص محمد صلي الله عليه وسلم وما يخفونه من الكتاب هو ما امروا به في التوراة من اتباع محمد صلي الله عليه وسلم" – وهكذا نري ان تفسير الجلالين لمعني التحريف لا يخص تغيير الكتاب المقدس بل التهمة موجهة الي انكارهم لنبوة محمد واتباعه.
(4)   وحقيقة الامر ان الخلاف في موضوع التحريف بحسب هذه الاية هو قراءة نبوة موسي التي وردت في التوراة عن "النبي الاتي" على انها "النبي الامي" – اي محمد فانكر اليهود هذا التاويل وهذا التفسير فورد بالاية "يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به" . وهذا هو موضوع الخلاف وهو لا يمس تغيير نصوص الكتاب المقدس.
رابعا الاية الرابعة التي تتحدث عن التحريف:
+سورة المائدة (41):" ....ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم لم ياتوك يحرفون الكلم عن بعد مواضعه يقولون: ان اوتيتم هذه فخذون وان لم تؤتون فاحذروا"-
(1) يقول الامام عبد الله يوسف على في تفسيره ص 260 :" يهود كثيرون كانوا شغوفين ان يمسكوا علي النبي الكذب فكانت اذانهم مفتوحة للحكايات التي تقال عنه حتي من الناس الذين لم ياتوا اليه"
(2) ويفسر عبارة"يحرفون الكلم من بعد مواضعه قائلا:" ان اليهود لم يكونوا امناء مع كتابهم اذ كانوا يحرفون معانيه".
(3) يقول الامام الزمخشري :" روي ان شريفا من خيبر زني بشريفة  وهما محصنان(متزوجان)  وحكمهما الرجم بحسب التوراة .فرفضوا رجمهما لشرفهما فبعثوا رهطا منهم .. ليسالوا رسول الله صلي الله عليه وسلم عن ذلك وقالوا ان امركم محمد بالجلد والتحميم فاقبلوا وان امركم بالرجم فلا تقبلوا وارسلوا الزانيين معهم فامرهم النبي بالرجم فابوا ان ياخذوا به فجعل بينه وبينهم حكما هو الحبر اليهودي ابن صوريا.... فشهد بالرجم " وقالوا في ختام القصة ان النبي بعد شهادة الحبر اليهودي ابن صوريا امر برجمهما . فرجموهما عند باب المسجد لاقامة حد التوارة عليهما . وهكذا اجمع المفسرون ان اسباب نزول هذا الاية في سورة المائدة هو هذه القصة . فالتحريف المقصود هو في تفسير حكم الرجم بالجلد وليس تغيير نصوص الكتاب المقدس.
(4) جاء في الجلالين :" نزلت هذه الاية في البهود اذ زني منهم اثنان فتحاكموا الي النبي فحكم عليهما بالرجم فجيء بالتواراة فوجد فيها الحكم بالرجم فغضبوا".
(5) ان استشهاد النبي محمد بحكم التوراة هو دليل اكيد على اقتناعه بعدم تحريف الكتاب المقدس. وان لفظ التحريف الذي ورد قالقران انما يقصد به موقف فريق من اليهود من حادثتين شهيرتين هما :تاويل اليهود لحكم الرجم بالجلد و نفي قراءة "النبي الاتي" على انها "النبي الامي"
الفصل الثاني شهادة الكتاب المقدس لعدم تحريفه
اولا من اقوال السيد المسيح حيث يؤكد عدم تحريفه فيقول في اكثر من موضع مثل:
(1) بشارة متي 24 : 35 ):" السماء والارض تزولان ولكن كلامي لا يزول
(2) بشارة متي 5 : 18 ) :" فاني اقول لكم الي ان تزول السماء والارض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتي يكون الكل".
ثانيا : عقوبة التحريف:
اورد الكتاب المقدس العقاب الصارم والجزاء على من يحاول ان يزيد او ينقص او يحذف شيئا منه فيقول في:سفر الرؤيا 22 : 18 – 19 :" ان كان احد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا وان كان احد يحذف من اقوال كتاب هذه النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المكتوب في هذا الكتاب". – فمن يجرؤ بعد هذه التحذيرات والانذارات ان يمس الكتاب المقدس بالزيادة او النقصان او لمجرد التفكير في عمل ذلك معرضا نفسه لعقاب الهي لا مفر منه واكيد؟.
الفصل الثالث: شهادة القران لعدم تحريف الكتاب المقدس
وللرد على الذين يدعون التحريف وقبل الرد بايات من القران نفسه لزم ان نسال سؤالا هاما وهو:
1- متي حدث التحريف ؟2-  هل قبل زمن محمد؟ 3-  ام بعد عصره؟  ودعنا ياخي العزيز نناقش ذلك :
الادعاء الاول هل حدث التحريف قبل زمن النبي محمد وهو الراي الذي ينادي به البعض؟
ان الرد على ذلك هو في منتهي البساطة وهو موجود في القران نفسه فالقران يشهد بصحة  الكتاب المقدس نفسه وانه هو كلام الله المنزل والموحي به وانه لم يتغير او يتحرف  ويتضح ذلك مما يلي:
اولا: القران يشهد لصدق وصحة الكتاب المقدس الذي كان موجودا  في زمن النبي محمد:
(1)سورة المائدة 47 :" وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه" وقد اجمع المفسرون المسلمون ان الله انزل القران بالحق مصدقا لما بين يديه "اي يصدق على ما جاء بالكتاب الموجود في زمن محمد اي التوراة والانجيل (ومهيمنا عليه) اي شاهدا له (تفسير الجلالين لهذه الاية من سورة المائدة).
(2) سورة ال عمران 3 :" نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وانزل التوراة والانجيل من قبل هدي للناس".
(3) يونس37 :" وماكان هذا القران ان يفتري من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه". ولقد ورد بالقران 12 اية تشهد ان القران يصادق على الكتاب المقدس الذي مع اهل الكتاب في زمن محمد(راجع البقرة 41—89-91-97 والنساء 46 والانعام 92 ويوسف 111 وفاطر 31 والاحقاف 22 ) فلو كان الكتاب المقدس محرفا لما قيل ان القران مصدقا له وشاهدا على صحته والا كان ذلك طعنا في القران واتهاما له بالتزوير فهل يقبل اي مسلم غيور ذلك في حق القران؟
ثانيا: القران تيوضح ان الله يامر النبي محمد والمسلمين بالرجوع الي الكتاب المقدس:
(1) الله يحيل النبي محمد الي الكتاب المقدس ليزيل اي شك في نفسه في القران نفسه:
+ سورة يونس 94 :" فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسال الذين يقراون الكتاب من قبلك"- برجاء قراءتها ثانية للتاكيد
اي اذا كان محمد في شك من القران الذي بين يديه فعليه ان يسال اليهود والنصاري الذين عندهم الكتاب من قبله  وفي هذا شهادة لصحة الكتاب حتي زمنه والا ما قيل له ان يسالهم لانه منطقيا كيف كيف يسال اصحاب كتاب محرف؟
(2) ويامر النبي محمد بالاقتداء بالكتاب المقدس والانبياء الذين هداهم :
+ سورة الانعام 90 :" واولئك  الذين اتيناهم الكتاب والحكم والنبوة ...اولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده" – ويوضح مجمع اللغة العربي في المعجم الوسيط معني كلمة اقتده بالقول( يفعل مثل فعله اي يقتدي به وفي التنزيل العزيز "فبهداهم اقتده" – المعجم الوسيط الجزء الثاني ص 720 .- فلو كان الكتاب المقدس محرفا في زمن محمد فكيف يامره ان يقتدي بهداه؟؟؟؟؟
(3) يامرهم بالرجوع الي اهل الذكر اي اهل الكتاب ليتعلموا منهم ان كانوا لا يعلمون!
+ سورة النحل 43 :" وما ارسلنا من قبلك الا رجالا نوحي اليهم فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر" – فلو كان الكتاب محرفا في زمن النبي فهل كان يامرهم بالرجوع الي اهل الكتاب؟؟؟؟
ثالثا : الايات التي تثبت ان محمدا كان يستشهد بالتوراة والانجيل الذي كانا في عهده وهذا دليل على صحتهما:
(1) سورة القصص 49 :" قل: فاتوا بكتاب من عند الله هو اهدي منهما فاتبعه.." – ما اقوي هذه الشهادة !! ففي هذه الاية القرانية : ان الكتاب المقدس – التوراة والانجيل – هو من عند الله وانه صادق ليتبعه محمد.
(2) سورة المائدة 70 :" قل : يااهل الكتاب لستم على شيء حتي تقيموا التوارة والانجيل وما انزل اليكم من ربكم"-  فهو هنا يطلب من اليهود والنصاري ان يحكموا التوراة والانجيل ويقول بما انزل الله فيه!!!! – اليس ذلك شهادة قوية على صحة الكتاب وعدم تحريفه في زمن محمد؟؟؟
(3) سورة المائدة 45 : " وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله." – وتشهد هذه الاية للتوراة التي كانت في زمن محمد بان فيها حكم الله اي يشهد بصحتها والا ما كان قد قال هذا الكلام.
(4) المائدة 47 :" وليحكم اهل الانجيل بما انزل الله فيه..." – وفيها تتضح الشهادة بصحة الانجيل في زمن محمد لانه يستشهد به ويطلب من النصاري ان يحكموا بما انزل الله فيه دلالة عدم تحريفه والا  كيف يستشهد بكتاب محرف؟.
رابعا: القران يشهد بان اهل الكتاب حافظوا عليه وكانوا شهودا علي حتي زمن محمد:
1- سورة المائدة 44 :" وانا انزلنا التوراة فيها هدي  ونور يحكم بها النبيون والذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء" – وتفسير" النبيون" حسب الامام عبد الله يوسف على ص 261 هم الذين سلموا حياتهم لارادة الله  وهم طبعا ليسوا انبياء مسلمين – لوجود نبي واحد للاسلام وان الاسلام لم يكن ظهر بعد – وهؤلاء الانبياء يحكمون على اليهود ويرشدونهم بما في التوراة من هدي ونور – اما الانبياء والربانيون (رباني في المعجم الوسيط ص 321 هو الذي يعبد الله)والاحبار(العلماء في المعجم الوسيط ص 151 ) – وكل هؤلاء حسب الاية قد ااستؤمنوا علي حفظ كتاب الله والشهادة لصحته (تفسير القران للامام عبد الله يوسف على ص 261-262 )
2- سورة البقرة 146 وسورة الانعام 20 :" الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم"
3- سورة البقرة 121 :" الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته اولئك يؤمنون به ومن يكفر به فاولئك هم الخاسرون"- ومعني يقراونه حق تلاوته كما فسر الجلالان :"يقرؤونه كما انزل" اذن فليس هو محرف لانهم في زمن محمد كانوا يقراونه كما انزل.
اي انه  بشهادة هذه الايات الواضحة والصريحة من القران لم يكن الكتاب المقدس محرفا .
 
 
الادعاء الثاني بحدوث التحريف بعد زمن محمد:
يقول هذا الفريق بان الكتاب المقدس – بعد ما تم توضيحه سابقا – قد تم تحريفه بعد زمن محمد!! – وللرد على ذلك الادعاء نورد ما يشهد به القران عن بطلان هذا الادعاء ايضا:
اولا: القران يشهد ان الكتاب المقدس ذكر من عند الله ولذلك فهو يحفظه من التحريف
(أ) القران يشهد ان الكتاب المقدس ذكر من عند الله:
سورة الانبياء 7 :" وما ارسلنا قبلك الا رجالا نوحي اليهم فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون" – ومعني الذكر كما فسره الامام عبد الله يوسف على ص 648 انه "الذكر هو الرسالة التي من الله" وقد تكررت هذه الاية بنفس الفاظها في سورة النحل 43 :"وما ارسلنا قبلك الا رجالا نوحي اليهم فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون" – وبهذا يتاكد لك عزيزي ان الكتاب المقدس هو ذكر من عند الله.
(ب) القران يشهد ان الله يحفظ الذكر من التحريف:
سورة الحجر 9 :" انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون" – لذا فان من يطعن في صحة الكتاب المقدس المنزل من الله نوارا وهدي للعالمين انما يطعن في القران نفسه الذي يقول ان الله يحفظ الذكر – فلو كان الكتاب المقدس حرف يكون الله قد عجز عن حفظه وبالتالي ينسب للقران عدم الصحة بل والتحريف فهل تقبل ذلك عزيزي المسلم؟؟
ثانيا: الايات القرانية تشهد ان القران نفسه يحفظ الكتاب المقدس من التحريف:
1- سورة المائدة 48 :"وانزلنا اليك الكتاب (اي القران) بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب(اي الكتاب المقدس التوراة والانجيل) ومهيمنا عليه.- ومهيمنا عليه تعني حسب قول المفسرون الافاضل:حافظ له من التحريف – تفسير الامام عيد الله يوسف علي ص 263 – فلو صح قول المعترضين بان الكتاب المقدس محرف فانهم يقولون بان القران عجز عن ان يهيمن على  الكتاب المقدس  وهذا طعن في صحة الايات القرانية السابقة – اذن يااخي فان كتابنا المقدس ليس محرف بشهادة القران
ثالثا: القران يشهد ان الكتاب المقدس هو كلام الله ولذلك لا يمكن تحريفه او تبديله:
1- القران يشهد ان الكتاب المقدس هو كلام الله المنزل:
- العنكبوت 46 :" ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن... وقولوا امنا بالذي انزل الينا وانزل اليكم والهنا والهكم واحد"
- النساء 135 :" يايها الذين امنوا امنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي انزل من قبل (اي التوارة والانجيل) ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا"
( انظر ايضا :المائدة 68و47و 46و44 / البقرة 146و87 /الاسراء 55و2 / الانعام 156و92 /المؤمنون 49 /النساء163 /فاطر 25 /النحل 43 /الانبياء25 / الحديد 27 /العنكبوت 46 /يونس 94 ) وكلها تشهد ان الكتاب المقدس منزل من الله وبالتالي فهو كلامه فكيف يقول البعض انه محرف؟ ان الاصرار على هذا القول هو اصرار على الطعن في القران نفسه الذي يقول انه لا تبديل لكلمات الله.
2- القران يشهد ان كلام الله المنزل لا يمكن تبديله:
- سورة يونس 64:" لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم"
- سورة الانعام 34 :" ولقد كذبت (بضم الكاف) رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا واوذوا حتي اتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله" – ولا مبدل لكلمات الله هنا لا تنطبق على القران الكريم بل بخصوص الانبياء قبل محمد اذن فهي تخص الكتاب المقدس وهي شهادة رائعة على انه لم يتبدل او يتغير.- انظر ايضا سورة الكهف 27
ملخص:
اولا:القران شهد بصحة وعدم تحريف الكتاب حتي زمن محمد – وهو يوضح ان الله امر النبي محمد والمسلمين بالرجوع الي الكتاب المقدس الموجود بين ايديهم – استشهد النبي بالتوراة والانجيل الموجودان في عهده – شهد القران بان اهل الكتاب من اليهود والنصاري قد حافظوا علي الكتاب المقدس
ثانيا:ادعاء تحريف الكتاب بعد محمد باطل لان القران يشهد بانه هو ذكر من عند الله ويشهد ان الله يحفظ الذكر من التحريف – القران نفسه يشهد بانه مهيمنا (حافظا) على الكتاب المقدس من التحريف – القران يشهد بان الكتاب المقدس هو كلام الله وان الله يحفظ كلامه من التحريف
اذن يااخي بقليل من التفكير المنطقي العقلاني والتفهم الامين لما ورد من ايات قرانية يتضح ان الكتاب المقدس لم يحرف او يتبدل
 
 
 
الفصل الرابع : شهادة المنطق علي عدم تحريف الكتاب المقدس
بعد ما سبق ذكره من ايات من القران تنفي تحريف الكتاب المقدس دعنا نسال هذه الاسئلة من وجهة النظر المنطقية:
  1. اين  تم التحريف؟
  2. من الذي قام بالتحريف؟
  3. في اي لغة تم التحريف؟
اولا : اين تم التحريف
يعلم الجميع ان المسيحية منذ عهد رسل المسيح (الحواريين) انتشرت في بقاع شتي من العالم في اسيا وافريقيا واوروبا وبالتالي انتشر الكتاب المقدس في تلك البقاع – والسؤال هو " في اي بلد من بلاد هذه القارات تم تحريف الكتاب المقدس  ؟ وفي اي بلد من بلاد اسيا ؟او افريقيا؟ او اوروبا؟ ام ان التحريف تم في جميعها ؟ وكيف يتم ذلك عمليا؟
وكلها اسئلة - للمفكر العاقل المنطقي الموضوعي -  بلا ردود مما يثبت استحالة حدوث هذا التحريف المزعوم.
ثانيا: من الذي قام بالتحريف؟
  1. هل قام اليهود بتحريف التوراة وكتب الانبياء؟
  2. وماهو الدافع لديهم للتحريف ولمصلحة من؟
  3. ام قام المسيحيون بتحريف كتب اليهود وحرفوا الانجيل ايضا؟
  4. اي مذهب في المسيحية قام بالتحريف؟
  5. ام ان اليهود اتفقوا مع المسيحيين على تحريف الكتابين معا وباي لغة-التوراة والانجيل؟
فلنناقش كل افتراض على حدة بنفس الموضوعية والعقلانية بعيدا عن الوقوع اسري لافكار سابقة:
 الافتراض الاول :اليهود قاموا بتحريف التوراة
وللرد نقول: لو ان اليهود كانوا قد قاموا بتحريف كتابهم لامكن كشف هذا التحريف ببساطة متناهية لان المسيحيين كان ولا يزال لديهم  نسخ من كتاب اليهود نفسه وما كان للنصاري ان يسمحوا لليهود ان يقوموا بتحريف حرف واحد من كلمات الكتاب المقدس الذي يحفظونه ويعرفونه كما يعرفون ابناءهم – سورة البقرة 146 الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم-   بل انهم استحفظوا عليه – اي استؤمنوا عليه – وكانو عليه شهداء – اي شهود على صحته – كما جاء بسورة المائدة 44
الافتراض الثاني: المسيحيون هم الذين قاموا بتحريف الكتاب المقدس:
وللرد نقول : وكما قلنا في الرد على الافتراض الاول : فما كان لليهود ان يسمحوا للنصاري ان يقوموا بتحريف حرف واحد من كلمات الكتاب المقدمس الذي يحفظونه ويعرفونه كما يعرفون ابناءهم – البقرة 146 – واستؤمنوا عليه وكانوا عليه شهداء اي على صحته كما جاء بسورة المائدة 44
الافتراض الثالث: اليهود اتفقوا مع المسيحيين على تحريف الكتابين معا الانجيل والقران:
وللرد  نقول : اذا كان حدث اتفاق بين المسيحيين واليهود على التحريف لتحتم عليهم الاتفاق في قضية المسيح التي هي محور الكتابين التوراة والانجيل وحيث انه لا يوجد اتفاق حول قضية المسيح فمعني ذلك انه لم يتم اتفاق على تحريف الكتاب المقدس.
 
رابعا :بالاضافة الي ذلك نقول : من ياتري في مذاهب المسيحيين قام بالتحريف.
فالمسيحية منذ القرن الرابع الميلادي اي قيل ظهور الاسلام بثلاثة قرون قد انشقت الي مذاهب( تماما مثل مذاهب الاسلام :السنية – الشيعية – المالكية – الشافعية – الحنبلية) فكان هناك شيع مثل الارثوذوكس والكاثوليك  وبدع اخري كالاريوسيين والنسطوريين وغيرهم . فمن ياتري منهم قام بالتحريف؟ وهل سيصمت الباقي امام من قام بالتحريف ام سيقوموا بمهاجمته على الملا؟ . ولان الجميع لديه نسخة واحدة هي التي في ايدي كل المذاهب فهل اتفق الفرقاء على التحريف دون ان يتفقوا على ما بينهم من اختلافات؟ هل من منطق او عاقل يقول بذلك ؟
وفي هذا قال الاستاذ على امين:" في كتابه ضحي الاسلام ج1 ص 358 - :ذهبت طائفة من ائمة الحديث والفقه والكلام الي ان التبديل وقع في التاويل لا في التنزيل... ومن حجة هؤلاء ان التوراة قد طبقت مشارق ا لشمس ومغاربها – قبل ظهور محمد والقران-   ولا يعلم عدد نسخها الا الله ومن الممتنع ان يقع التواطؤ في التبديل والتغيير في تجميع تلك النسخ بحيث لا تبقي في الارض نسخة الا مبدلة ومغيرة والتغيير على منهاج واحد وهذا يحيله العقل ويشهد ببطلانه".
عزيزي : لعلك تدرك الان استحالة تحريف كلام الله المنزل في التوراة والانجيل
رابعا: في اي لغة تم التحريف؟
من المعروف ان الكتاب المقدس قد كتب بالعبرية والارامية واليونانية وترجم الي لغات عديدة منذ ظهور المسيحية : الي اللاتينية والسريانية والاشورية والاثيوبية وغيرها . ففي اي لغة من هذه اللغات يوجد تحريف الكتاب المقدس؟
ان الواقع الفعلي الان هو ان الكتاب المقدس في كل هذه اللغات واحد ولا توجد اختلافات فيه بين كل هذه اللغات. اليس ذلك دليلا على ان الكتاب المقدس لم يصبه اي تحريف لا من قريب ولا من بعيد؟
الفصل الخامس: شهادة علم الاثار عن عدم تحريف الكتاب المقدس
يتضح من الاكتشافات الاثرية ان نسخة الكتاب المقدس التي بين ايدينا اليوم هي تتفق مع النسخ الخطية الاثرية القديمة للكتاب المقدس تماما  ومن تلك النسخ الخطية القديمة مايلي:
  1. النسخة الفاتيكانية اي الموجودة الان في الفاتيكان والتي يرجع تاريخها الي ماقبل الاسلام بحوالي 250 سنة
  2. النسخة السينائية التي اكتشفت في دير سانت كاترين بسيناء وتعود الي ما قبل الاسلام بما يزيد عن 200 سنة وهي الان في المتحف البريطاني
  3. النسخة الاسكندرية ويعود تاريخ كتابتها الي ما قبل الاسلام بحوالي 200 سنة وهي موجودة كذلك بالمتحف البريطاني
  4. لفائف وادي قمران وقد كتب الاستاذ عباس محمود العقاد في الهلال عدد ديسمبر 1959 المقال الافتتاحي تحت عنوان "كنوز وادي قمران" قال فيه:" ان هذه اللفائف الاثرية اكتشفت في احد كهوف وادي القمران بشرق الاردن... لفائف من 2000 سنة  0( اي قبل ظهور الاسلام بما يزيد عن ستة قرون) وتبين بعد تهيئة اللفائف المكشوفة للاطلاع ان اهم ما تحويه نسخة كاملة من كتاب اشعياء .. وعدة كتب مقدسة اخري ... وانه لا توجد بينها وتين الكتب الموجودة بين ايدينا الان اختلاف ولا تبديل" . –
الفصل الخامس : شهادة علماء الاسلام عن عدم تحريف الكتاب المقدس
لقد افاض علماء الاسلام الافاضل باحاديث تفيد عدم تحريف الكتاب المقدس ومنهم:
  1. الامام محمد ابن اسماعيل البخاري: قال في صحيحه على تفسير الاية القائلة ( يحرفون الكلم عن مواضعه):" اي يزيلون , والواقع انه ليس احد يزيل لفظ كتاب من كتب الله ولكنهم يحرفونه اي يتاولونه  علي غير تاويله" 0 اي يفسرونه على غير التفسير الصحيح).
  2. وقال هو نفسه في كتابه ( فتح الباري في شرح صحيح البخاري):" قد سئل ابن تيميه عن هذه المسالة فاجاب في فتواه : من اقوال العلماء ... لا تبديل الا في المعني"
  1. العلامة شاه ولي الله قال في كتابه(الفوز الكبير في اصول التفسير) :" ان في ترجمة التوراه وتفسير النصوص قد حرف اليهود معني بعض الايات ولكنهم لم يحرفوا النص الاصلي وقد اتفق على هذا القول ابن عباس ايضا".
  2. الامام فخر الدين الرازي: في التفسير الكبير في سورة البقرة 174 عن ابن عنباس انهم كانوا يحرفون ظاهر التوراة والانجيل وهذا ممتنع لانهم كانا كتابين ملقا في الشهرة والتواتر الي حيث يتعذر ذلك فيهما بل كانوا يكتمون التاويل".
  3. وقال ايضا في تفسير سورة ال عمران 78 :" كيف يمكن ادخال التحريف في التوراة مع شهرتها العظيمة لين الناس"
  4. وقال ايضا في تفسير سورة النساء 46 :" ان المراد بالتحريف القاء الشبهة الباطلة والتاويلا الفاسدة وجر اللفظ من معناه الحق الي الباطل بوجود الحيل اللفظية كنا يفعل اهل البدعة في زماننا هذا بالايات المخالفة لمذهبهم"
  5. وقال ايضا في تفسير الدر المنثور في سورة البقرة :" واخرج ابن المنذر وابن ابي حانم عن وهب بن منبه قال:" ان التوراة والانجيل كما انزلهما الله لم يغير منهما حرف ولكنهم يضلون التحريف والتاويل بكتب كانوا يكتبونها من عند انفسهم ويقولون هي من عند الله وما هي من عند الله فاما كتب الله فانها محفوظة لا تحول".
  6. الجلالان : في تفسيرهما للاية ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) قالا:" اي حفظه الله من التبديل والتحريف والزيادة والنقص"
  7. شهادة الاستاذ عباس محمود العقاد السابق الاشارة اليها فيما يخص مخطوطات وادي القمران
  8. شهادة الاستاذ على امين السابق الاشارة اليها ايضا
  9. اين هذه النسخة المحرفة وماهي الاماكن والمقاطع التي تم تحريفها – فليظهرها المدعي كدليل على صدق قضيته والا كانت خاسرة لعدم وجود الدليل الذي يبرهن الادعاء كما هو الحال عند طرح اي قضية عادية امام القضاء.
ملخص عن صحة الكتاب المقدس وعدم تحريفه
اولا : تكلمنا عن الايات القرانية التي توحي للبعض بالتحريف نتيجة سوء فهمها فهما صحيحا:
وثبت ان تلك الايات الاربعة لا تتكلم عن وقوع ما يسمونه بالتحريف في الفاظ الكتاب المقدس بل في تفسير معانيه بخصوص قضية رجم او جلد الرجل الزاني وقضية النبي الاتي ام النبي الامي ولا دخل لذلك بجوهر الكتاب المقدس والفاظه وكلماته
ثانيا : وثبت لنا ايضا ان ادعاء تحريف الكتاب لمقدس قبل زمن النبي محمد هو ادعاء باطل ايضا:
  1. لان القران شهد بصحته وعدم تحريفه حتي زمن النبي محمد – سورة ال عمران- :" نزل عليك  بالحق مصدقا لما بين يديه وانزل التوراة والانجيل من قبل هدي للناس".
  2. وان القران يوضح ان الله امر النبي محمد والمسلمين بالرجوع الي الكتاب المقدس الموجود بين ايديهم – سورة يونس 94 :" فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسال الذين يقراون الكتاب من قبلك"
  3. استشهاد النبي محمد بالتوراة والانجيل الموجودين في عهده سورة القصص 49 :" قل :فاتوا بكتاب من عند الله هو اهدي منهما فاتبعه.."
  4. شهادة القران بان اهل الكتاب اليهود والنصاري قد خافظوا عليه وكانوا شهودا له حتي زمن محمد سورة المائدة 44 :" وانا انزلنا التوراة فيها هدي ونور يحكم بها النبيون... والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء"
ثالثا : ان ادعاء تحريف الكتاب المقدس بعد زمن محمد باطل ايضا:
  1. لان القران الكريم يشهد ان الكتاب المقدس هو ذكر من عند الله ويشهد ان الله يحفظ الذكر من التحريف سورة الحجر9 :"انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون"
  2. شهادة الايات القرانية بان القران نفسه مهيمنا على الكتاب المقدس ويحفظه من التحريف سورة المائدة 48 :" وانزلنا اليك الكتاب(اي القران الكريم) بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب(اي الكتاب المقدس التوراة والانجيل) ومهيمناعليه
  1. القران الكريم يشهد ان الكتاب المقدس هو كلام الله وان الله يحفظ كلامه من التحريف سورة الانعام34:"ولقد كذبت –بضم الكاف – رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا واوذوا حتي اتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله"
رابعا: ثبت لنا ايضا عدم تحريف الكتاب المقدس بشهادة :
  1. المنطق لاستحالة تحريف الكتاب المقدس في بقاع الارض كلها مع تباين الاديان والمذاهب واللغات- وقس على ذلك هل يستطيع اي انسان او اي طائفة ما ان تحرف القران في كل بقاع الارض وهل تستطيع ان تجمع كل نسخه من كل مكان وتفرض على العالم كله النسخة المحرفه ؟ وهل يمكن ان يمر ذلك ويستتب الامر بهذه السهولة دون ان يهب المسلمون الغيورين من كل مكان معترضين على هذا العمل الخسيس؟ فكر ياخي العزيز هل هذا منطق مقبول؟ واذا كان لا - فكيف يسمح لك عقلك ان تقبله بالنسبة الي الكتاب المقدس كلام الله المنزل ؟ سامح الله كل من ادعي ذلك وبلبل عقول البسطاء المخلصين من اخوتنا المسلمين.
  2. وعلم الاثار الذي كشف عن المخطوطات القديمة التي تعود لما قبل الاسلام بمئات السنين وثبت انها مطابقة للكتاب المقدس الموجود  الان بين ايدينا.
  3. واقوال العلماء المسلمين الافاضل بما قالوه من عبارات تقطع الشك في صحة الكتاب المقدس
وختام الامر انه لا يمكن ان يكون الكتاب المقدس محرف او تم تبديله والا وقع المعترض المسلم في المحظور وهو الطعن في كتابة – القران – بعدم صحة ما يقوله من ايات. وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظك سالما من وساوس الشيطان.









 الإيمان بكتب الله التي أنزلها على رسله ركن من أركان الإيمان الستة، ولا يتحقق هذا الإيمان إلا بالإيمان بالكتب؛ حيث يؤمن كل مؤمن من المسلمين أن الله أنزل كتبًا على رسله، وجعل هذه الكتب نورًا وهدى للناس.
ويجب على المؤمن أن يؤمن بالكتب التي ذكرها الله في القرآن، وأخبرنا أنه أنزلها على رسله، وهذا إيمان "تفصيلي" بالكتب.
كما يجب على المؤمن أن يؤمن أن الله أنزل التوراة على موسى، وأنزل الزبور على داود، وأنزل الإنجيل على عيسى، وأنزل القرآن على محمد (عليهم الصلاة والسلام).

هما توراتان اثنتان

من أنكر نزول التوراة على موسى فهو كافر في حكم الإسلام، مخلَّد في نار جهنم، ومن أنكر نزول الزبور على داود فهو كافر، ومن أنكر نزول الإنجيل على عيسى فهو كافر.
لكن أي توراة تلك التي نؤمن بها؟ وأي زبور وإنجيل نؤمن بهما؟
إنها ليست التوراة الموجودة الآن بين أيدي اليهود، والتي أدخلوها ضمن ما يسمونه "العهد القديم"!! وليس هو الزبور الذي جعله اليهود أحد أسفار العهد القديم، وسموه "مزامير داود"! وليس هو الإنجيل الموجود بين أيدي النصارى الآن، والذي يسمونه "العهد الجديد"!! وهو أربعة أناجيل منسوبة لـ لوقا وبطرس ومتى ويوحنا.
إذن؛ هما توراتان وزبوران وإنجيلان! يجب أن نؤمن بأحدهما أنه كتاب الله، ومن أنكر ذلك فقد كفر، بينما يجب أن نؤمن أن الثاني الموجود الآن ليس كتاب الله، وإنما هو محرف مبدل، وهو من ثَم منسوخ مُلغى، ومن أنكر ذلك فقد كفر!!
ولنفصل القول قليلاً في هذه المسألة المهمة.

إنزال التوراة على موسى

أنزل الله التوراة على موسى ألواحًا نازلة من السماء، وذلك عندما خرج موسى ببني إسرائيل من مصر، وبعدما أغرق الله فرعون وجنوده؛ فلما كان موسى مع بني إسرائيل في سيناء واعده الله أن يأتي إلى جبل الطور، فغادر موسى بني إسرائيل، واستخلف عليهم أخاه هارون ؛ لأنه سيغيب عنهم أربعين يومًا، وبعد انقضاء الأربعين يومًا كلَّم الله موسى على جبل الطور تكليمًا، وأنزل عليه التوراة مكتوبة على الألواح، وأمره أن يأخذها إلى قومه بني إسرائيل؛ ليلتزموا بها، وينفذوا ما فيها.
قال تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ * وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ * قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ * وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} [الأعراف: 142- 145].
والتوراة الربانية التي أنزلها الله على موسى نور وهدى وضياء ورحمة، وفرقان وحق؛ لأنها كتاب الله وشرعه وكلامه وحكمه.

من صفات التوراة في آيات القرآن

وقد أثنت آيات القرآن على التوراة أحسن الثناء، قال تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: 48، 49].
التوراة في هاتين الآيتين موصوفة بأنها فرقان وضياء وذكر للعالمين، وهي هكذا لأنها كلام الله، وكل كلام الله النازل في كتبه على رسله هو ضياء وذكر للعالمين، سواء كان توراة أو زبورًا أو إنجيلاً أو قرآنًا!!
وقال تعالى: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ} [الأنعام: 91].
التوراة نور وهدى للناس، والمراد بالناس هنا بنو إسرائيل، وليس الناس جميعًا؛ لأن رسالة موسى خاصة ببني إسرائيل، وليست للعالمين؛ فمن المعلوم أن كل رسول كان يُبعث إلى قومه، ورسولنا محمد هو وحده المبعوث إلى الناس كافة.
وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} [المائدة: 44].
وأمر الله المؤمنين أن يؤمنوا بهذه التوراة الربانية الصادقة، بهذه الصفات الإيجابية الهادية، ضمن إيمانهم بكتب الله الأخرى التي أنزلها على رسله؛ وذلك في قوله تعالى: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136].
هذه التوراة جعلها الله تشريعًا وهداية لبني إسرائيل، وضمنها مجموعة من الأحكام التشريعية لهم.
وقد أخبرنا الله في القرآن عن بعض ما حرم الله على بني إسرائيل، كما في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [الأنعام: 146].
وكما في قوله تعالى خطابًا لليهود: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} [البقرة: 84].
هذه هي التوراة التي أنزلها الله على موسى ، نؤمن أنها كتاب من كتب الله، كتاب عقيدة وشريعة وأخلاق وتوجيه، كتاب نور وهدى ورحمة وضياء وفرقان، روح وشفاء، ومن لم يؤمن بذلك فقد نقض ركنًا من أركان الإيمان كما قررنا.

الأحبار لم يحملوا التوراة فكانوا كالحمار

لكن ماذا حصل لهذه التوراة النازلة على موسى ؟
كلف الله اليهود أحبارًا وشعبًا العمل بالتوراة، والمحافظة عليها، وأوجب عليهم حفظها وعدم تضييعها أو التفريط فيها. قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 63]، وقال تعالى: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} [المائدة: 44].
ومعنى {اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ}؛ أوجب الله على الربانيين والأحبار حفظ كتاب الله إليهم التوراة، ونهاهم عن تضييعه والتفريط فيه؛ فالله "أوكل" إلى الأحبار حفظ التوراة، ولم يتكفل سبحانه بحفظ التوراة كما تكفل بحفظ القرآن، وذلك في قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
فالله تعالى حكيم في طلبه من الأحبار حفظ التوراة، مع علمه أنهم لن يحفظوها، وأنهم سيضيعونها ويحرفونها؛ وذلك ليقيم عليهم الحجة، ويُحذر المسلمين كي لا يفعلوا فعلهم، وليس للمسلمين الانحراف الجذري الذي يصيب أحبار اليهود قبل أن يصيب أتباعهم من الشعب!!
كلف الله اليهود حفظ التوراة فضيعوها، وحمَّلهم التوراة فلم يحملوها، ولم ينفذوا ما فيها من أحكام وتشريعات؛ ولذلك شبههم الله بالحمار الذي يحمل على ظهره أسفار الكتب، قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الجمعة: 5].

الأحبار يحرفون التوراة

لو طبق أحبار اليهود ما في التوراة، وقاموا بالتكاليف والواجبات التي فيها لكانوا علماء ربانيين صالحين؛ ولكنهم بانحرافهم عنها صاروا "حميرًا" يحملونها بدون انتفاع بها، كما تحمل الحمير أسفار الكتب على ظهرها، مع عدم انتفاعهم بها!
ولم يكتف الأحبار بتضييع التوراة وهذا بحد ذاته جريمة عظمى، وإنما أقدموا على جريمة أعظم وأبشع، وهي "تحريف" التوراة، وإحداث التغيير والتبديل فيها، ومزج كلام الله الذي فيها بكلامهم هم!
الأحبار إذن حرفوا التوراة، وكتبوها بأيديهم، وأدخلوا فيها كلامهم، وزعموا أن هذا الكتاب الجديد هو كتاب الله، وأن هذا الكلام المختلط الممزوج هو كله كلام الله! وأسموا هذا الخليط؛ "العهد القديم"، وزعموا أنه هو "الكتاب المقدس" الذي أنزله الله على موسى وغيره من أنبيائهم!

آيات صريحة في تحريف اليهود للتوراة

وقد أخبرنا الله في آيات القرآن عن تحريف اليهود للتوراة، وذمهم ووبخهم وأوقع بهم غضبه ولعنته، وأعلن كفرهم وخلودهم في نار جهنم.
ومن الآيات الصريحة التي تقرر ذلك قوله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 75]، ومنها قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79]، ومنها قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ} [النساء: 46]. ومنها قوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المائدة: 13].
ومنها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المائدة: 41]، ومنها قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78].
هذه ست آيات صريحة من القرآن تقرر تحريف اليهود للتوراة؛ وهذا معناه أن التوراة الموجودة بين أيدي اليهود محرفة أصابها الكثير من التغيير والتبديل والتزوير، وهي المسماة الآن بأسفار العهد القديم من الكتاب المقدس.

التوفيق بين إيماننا بالتوراة الربانية وكفرنا بالتوراة المحرفة

وهذا معناه أن "العهد القديم" الذي يؤمن به اليهود، ويزعمون أنه كلام الله، ليس هو كلام الله، وليس هو التوراة التي أنزلها الله على موسى ، وإنما هو بعض كلام الله النازل على موسى وغيره من أنبياء بني إسرائيل عليهم الصلاة والسلام، وأضاف أحبار اليهود إلى هذا البعض "الكثير" من كلامهم وآرائهم ومزاعمهم وأكاذيبهم وافتراءاتهم وأساطيرهم، وقالوا: هذا من كتاب الله إلينا. وما هو من كتاب الله إليهم؛ وقالوا: هذا كله من عند الله... وما هو من عند الله.

والخلاصة:

أنه كما يجب علينا أن نؤمن أن التوراة هي كتاب الله النازل على موسى فإنه يجب أن نؤمن أن اليهود أضاعوا هذه التوراة، وأقدموا على تحريفها وتبديلها، ومن ثَمَّ نسخَها الله، ويجب أن نؤمن أن التوراة الموجودة الآن بين أيدي اليهود محرفة مبدلة، وليست كلام الله، ولا كتاب الله، وأنها مليئة بالأكاذيب والأباطيل، وأنه لا يجوز الإيمان بها؛ لأن البديل عنها هو القرآن الكريم، الصحيح الثابت المحفوظ، الباقي حتى قيام الساعة.
المصدر: موقع مجلة البيان




Aucun commentaire: