lundi 13 juillet 2015

سخافات اثناعشرية


[121]


63 - شى : عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام يقول : إن الله يقدم ما يشاء ،  ويؤخر ما يشاء ، ويمحو مايشاء ، ويثبت ما يشاء وعنده ام الكتاب . وقال : فكل أمر  يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه ، ليس شئ يبدوله إلا وقد كان في علمه ، إن الله لا  يبدوله من جهل .  64 - شى : عن أبي ميثم بن أبي يحيى ، ( 1 )


_______________________________________________

سخافات اثناعشرية امامية



 عن جعفر بن محمد عليه السلام قال : 

ما من  مولود يولد إلا وإبليس من الا بالسة بحضرته ، فان علم الله أنه من شيعتنا حجبه من ذلك  الشيطان ، 

وإن لم يكن من شيعتنا أثبت الشيطان إصبعه السبابة في دبره فكان مأبونا

  فإن كان امرأة أثبت في فرجها فكانت فاجرة

 فعند ذلك يبكي الصبي بكاءا شديدا إذا  هو خرج من بطن امه ، والله بعد ذلك يمحوما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب .





_______________________________________________



  65 - شى : عن عمار بن موسى ، عن أبي عبدالله عليه السلام سئل عن قول الله " يمحو الله  ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب " قال : إن ذلك الكتاب كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت  فمن ذلك الذي يرد الدعاء القضاء ، وذلك الدعاء مكتوب عليه : الذي يرد به القضاء ،  حتى إذا صار إلى ام الكتاب لم يغن الدعاء فيه شيئا .  66 - شى : عن الحسين بن زيد بن علي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : قال رسول  الله صلى الله عليه واله : إن المرء ليصل رحمه وما بقي من عمره إلا ثلاث سنين فيمدها الله إلى ثلاث و  ثلاثين سنة ، وإن المرء ليقطع رحمه وقد بقي من عمره ثلاث وثلاثون سنة فيقصرها الله إلى  ثلاث سنين أو أدنى . قال الحسين : وكان جعفر يتلو هذه الآية : " يمحو الله ما يشاء ويثبت  
............................................................................ 
-بحار الانوار مجلد: 4 من ص 121 سطر 18 الى ص 129 سطر 18  وعنده ام الكتاب " .  67 - كا : علي بن إبراهيم ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن عبدالرحمن بن  محمد الاسدي ، عن سالم بن مكرم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : مر يهودي بالنبي صلى الله عليه واله  فقال : السام عليك . فقال النبي صلى الله عليه واله : عليك ، فقال أصحابه : إنما سلم عليك بالموت  فقال : الموت عليك ، فقال النبي صلى الله عليه واله : وكذلك رددت ، ثم قال النبي صلى الله عليه واله : إن هذا  اليهودي يعضه أسود في قفاه فيقتله . قال : فذهب اليهودي فاحتطب حطبا كثيرا فاحتمله  

_______________________________________________
( 1 ) مجهول . ( * ) 

[122]


ثم لم يلبث أن انصرف . فقال له رسول الله صلى الله عليه واله : ضعه فوضع الحطب فإذا أسود في  جوف الحطب عاض على عود فقال : يا يهودي ما عملت اليوم ؟ قال : ما عملت عملا إلا حطبي  هذا حملته فجئت به وكان معي كعكتان ( 1 ) فأكلت واحدة وتصدقت بواحدة على  مسكين . فقال رسول الله صلى الله عليه واله : بها دفع الله عنه ، وقال : إن الصدقة تدفع ميتة السوء عن  الانسان  68 - كتاب زيد النرسي ، ( 2 ) عن محمد بن علي الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :  قلت له : كانت الدنيا قط منذ كانت وليس في الارض حجة ؟ قال : قد كانت الارض وليس  فيها رسول ولانبي ولا حجة وذلك بين آدم ونوح في الفترة ، ولو سألت هؤلاء عن هذا  لقالوا : لن تخلو الارض من الحجة - وكذبوا - إنما ذلك شئ بد الله عزوجل فيه فبعث الله  النبيين مبشرين ومنذرين ، وقد كان بين عيسى ومحمد صلى الله عليه واله فترة من الزمان لم يكن في  الارض نبي ولا رسول ولاعالم فبعث الله محمدا صلى الله عليه واله بشيرا ونذيرا وداعيا إليه .  بيان : لعل المراد عدم الحجة والعالم الظاهرين لتظافر الاخبار بعدم خلو الارض  من حجة قط .  69 - ومن كتاب المذكور عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ما بد الله  بداء أعظم من بداء بدا له في إسماعيل ابني .  70 - كتاب حسين بن عثمان ، عن سليمان الطلحي ( 3 ) قال : قلت لابي جعفر  عليه السلام : أخبرني عما أخبرت به الرسل عن ربها وأنهت ذلك إلى قومها أيكون لله البداء  فيه ؟ قال : أما إني لا أقول لك : إنه يفعل ، ولكن إن شاء فعل  بسط كلام لرفع شكوك وأوهام : إعلم أن البداء مماظن أن الامامية قد تفردت به  

_______________________________________________
( 1 ) الكعك : خبز يعمل مستديرا من الدقيق والحليب والسكر أو غير ذلك .  ( 2 ) نسبة إلى " نرس " بفتح النون وسكون الراء المهملة والسين : نهر حفره نرس بن بهرام بنواحى  الكوفة . وقيل : قرية من قرى الكوفة تنسب إليها الثياب النرسية وقيل : يمكن كون تسمية القرية  بذلك باعتبار وقوعها على النهر المذكور . أقول : قد عرفت في مقدمة الكتاب حال زيد النرسى وأنه  لم يوثقه أصحاب الرجال .  ( 3 ) هو سليمان بن عبدالله الطلحى المجهول . ( * ) 

[123]


وقد شنع عليهم بذلك كثير من المخالفين ، والاخبار في ثبوتها كثيرة مستفيضة من  الجانبين كما عرفت ، ولنشر إلى بعض ما قيل في تحقيق ذلك ، ثم إلى ما ظهر لي من الاخبار  مما هو الحق في المقام .  اعلم أنه لما كان البداء - ممدودا - في اللغة بمعنى ظهور رأي لم يكن - يقال : بدا  الامر بدوا : ظهر ، وبداله في هذا الامر بداءا أي نشأله فيه رأي ، كما ذكره الجوهري  وغيره - فلذلك يشكل القول بذلك في جناب الحق تعالى ، لاستلزامه حدوث علمه تعالى  بشئ بعد جهله وهذا محال ، ولهذا شنع كثير من المخالفين على الامامية في ذلك نظرا  إلى ظاهر اللفظ من غير تحقيق لمرامهم حتى أن الناصبي المتعصب " الفخر الرازي " ذكر  في خاتمة كتاب المحصل حاكيا عن سليمان بن جرير أن الائمة الرافضة وضعوا القول  بالبداء لشيعتهم فإذا قالوا : إنه سيكون لهم أمر وشوكة ثم لا يكون الامر على ما  أخبروه قالوا : بد الله تعالى فيه ، وأعجب منه أنه أجاب المحقق الطوسي رحمه الله في نقد  المحصل عن ذلك - لعدم إحاطته كثيرا بالاخبار - : بأنهم لا يقولون بالبداء ، وإنما القول  به ما كان إلا في رواية رووها عن جعفر الصادق عليه السلام أنه جعل إسماعيل القائم مقامه بعده  فظهر من إسماعيل مالم يرتضه منه فجعل القائم مقامه موسى عليه السلام ، فسئل عن ذلك  فقال : بدالله في إسماعيل ، وهذه رواية وعندهم أن خبر الواحد لا يوجب علما ولا عملا  انتهه .  فانظر إلى هذا المعاند كيف أعمت العصبية عينه حيث نسب إلى أئمة الدين الذين  لم يختلف مخالف ولا مؤالف في فضلهم وعلمهم وورعهم وكونهم أتقى الناس وأعلاهم شأنا  ورفعة الكذب والحيلة والخديعة ، ولم يعلم أن مثل هذه الالفاظ المجازية الموهمة  لبعض المعاني الباطلة قدوردت في القرآن الكريم وأخبار الطرفين كقوله تعالى : " الله  يستهزئ بهم " ومكر الله ، وليبلوكم ، ولنعلم ، ويد الله ، ووجه الله ، وجنب الله إلى غير ذلك  مما لا يحصى ، وقد ورد في أخبارهم ما يدل على البداء بالمعني الذي قالت به الشيعة أكثر  مما ورد في أخبارنا ، كخبر دعاء النبي صلى الله عليه واله على اليهودي ، وإخبار عيسى على نبينا وآله  وعليه السلام ، وأن الصدقة والدعاء يغير ان القضاء وغير ذلك . وقال ابن الاثير في النهاية :  

[124]


في حديث الاقرع والابرص والاعمى : بدا لله عزوجل أن يبتليهم أي قضى بذلك ، وهو معنى  البداء ههنا لان القضاء سابق والبداء استصواب شئ علم بعد أن لم يعلم ، وذلك على الله  غير جائز انتهى .  وقد دلت الآية على الاجلين وفسرهما أخيرا بما عرفت ، وقد قال تعالى : " يمحو  الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب " وقال هذا الناصبي في تفسيرها : في هذه الآية  قولان :  الاول : أنها عامة في كل شئ كما يقتضيه ظاهر اللفظ قالوا : " إن الله يمحو من  الرزق ويزيد فيه ، وكذا القول في الاجل والسعادة والشقاوة والايمان والكفر ، وهو  مذهب عمرو بن مسعود ، ورواه جابر عن رسول الله صلى الله عليه واله  والثانى : أنها خاصة في بعض الاشياء دون البعض ففيها وجوه : الاول : أن المراد  من المحو والاثبات نسخ الحكم المتقدم وإثبات حكم آخر بدلا عن الاول . الثاني : أنه  تعالى يمحو من ديوان الحفظة ما ليس بحسنة ولاسيئة ، لانهم مأمورون بكتبة كل قول  وفعل ويثبت غيره . الثالث : أنه تعالى أراد بالمحو أن من أذنب أثبت ذلك الذنب في ديوانه ،  فإذا تاب عنه محا عن ديوانه الرابع : يمحو الله ما يشاء وهومن جاء أجله ، ويدع من  لم يجئ أجله ويثبته الخامس : أنه تعالى يثبت في أول السنة فإذا مضت السنة محيت  واثبت كتاب آخر للمستقبل . السادس : يمحو نور القمر ويثبت نور الشمس . السابع :  يمحو الدنيا ويثبت الآخرة . الثامن : أنه في الارزاق والمحن والمصائب يثبتها في الكتاب  ثم يزيلها بالدعاء والصدقة ، وفيه حث على الانقطاع إلى الله تعالى . التاسع : تعير أحوال  العبد فما مضى منها فهو المحو ، وما حضر وحصل فهو الاثبات العاشر : يزيل ما يشاء  من حكمه لا يطلع على غيبه أحد فهو المتفرد بالحكم كما يشاء ، وهو المستقل بالايجاد  والاعدام والاحياء والاماتة والاغناء والافقار بحيث لايطلع على تلك الغيوب أحد  من خلقه .  واعلم أن هذا الباب فيه مجال عظيم فإن قال قائل : ألستم تزعمون أن المقادير  سابقة قدجف بها القلم فكيف يستقيم مع هذا المعني المحو والاثبات ؟ قلنا : ذلك المحو  

[125]


والاثبات أيضا مما قدجف به القلم فلا يمحو إلا ما سبق في علمه وقضائه محوه ، ثم قال :  قالت الرافضة : البداء جائز على الله تعالى وهو أن يعتقد شيئا ثم يظهر له أن الامر بخلاف  ما اعتقده ، وتمسكوا فيه بقوله تعالى : " يمحو الله ما يشاء " انتهى كلامه لعنه الله .  ولاأدري من أين أخذ هذا القول الذي افترى عليهم مع أن كتب الامامية المتقدمين  عليه كالصدوق والمفيد والشيخ والمرتضى وغيرهم رضوان الله عليهم مشحونة بالتبري عن  ذلك ، ولا يقولون إلا ببعض ما ذكره سابقا أو بما هو أصوب منها كما ستعرف ، والعجب  أنهم في أكثر الموارد ينسبون إلى الرب تعالى مالا يليق به ، والامامية قدس الله  أسرارهم يبالغون في تنزيهه تعالى ويفحمونهم بالحجج البالغة ، ولما لم يظفروا في عقائدهم  بما يوجب نقصا يباهتونهم ويفترون عليهم بأمثال تلك الاقاويل الفاسدة ، وهل البهتان و  الافتراء إلادأب العاجزين ؟ ولو فرض أن بعضا من الجهلة المنتحلين للتشيع قال بذلك  فالامامية يتبرؤون منه ومن قوله كما يتبر ؤون من هذا الناصبي وأمثاله وأقاويلهم  الفاسدة .  فأما ماقيل في توجيه البداء فقد عرفت ما ذكره الصدوق والشيخ قدس الله روحهما  في ذلك ( 1 )  

_______________________________________________
 ( 1 ) تقدم توجيه الصدون بعد الخبر الواقع تحت رقم 26 وكلام الشيخ بعد رقم 41 . ولهما  ولغيرهما من أعلام الشيعة حول مسألة البداء مقالات اخرى لا يخلو ذكرها عن فائدة .  قال الصدوق في كتاب العقائد : " باب الاعتقاد في البداء " إن اليهود قالوا : إن الله تبارك وتعالى  قد فرغ من الامر : قلنا : بل هو تعالى كل يوم هو في شأن ، لا يشغله شأن عن شأن ، يحيى ويميت ،  ويخلق ويرزق ، ويفعل ما يشاء ، وقلنا : " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب " وأنه لا يمحو  إلا ما كان ، ولايثبت إلا مالم يكن ، وهذا ليس يبداء كما قالت اليهود واتباعهم فنسبنا في ذلك إلى  القول بالبداء ، وتبعهم على ذلك من خالفنا من أهل الاهواء المختلفة ، وقال الصادق عليه السلام :  " ما بعث الله نبيا قط حتى يأخذ عليه الاقرار لله بالعبودية وخلع الانداد ، وان الله يؤخر ما يشاء ،  ويقدم ما يشاء " ونسخ الشرايع والاحكام بشريعة نبينا وأحكامه من ذلك ، ونسخ الكتب بالقرآن  من ذلك ، وقال الصادق عليه السلام : " من زغم أن الله عزوجل بدا في شئ ولم يعلمه أمس فأيرء منه "  وقال : " من زعم أن الله بداله من شئ بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله العظيم " اه .  وقال الشيخ الطوسى في العدة : البداء حقيقة في اللغة هو الظهور ، ولذلك يقال : بدالنا سور  المدينة ، وبدالنا وجه الرأي ، وقال الله تعالى : " وبدالهم سيئات ما عملوا ، وبدالهم سيئات * ( * ) 

[126]


وقد قيل فيه وجوه اخر :  الاول : ما ذكره السيد الداماد قدس الله روحه في نبراس الضياء حيث قال :  البداء منزلته في التكوين منزلة النسخ في التشريع ، فما في الامر التشريعي والاحكام  التكليفية نسخ فهو في الامر التكويني والمكونات الزمانية بداء فالنسخ كأنه بداء  تشريعي ، والبداء كأنه نسخ تكويني ، ولابداء في القضاء ولابالنسبة إلى جناب القدس  

_______________________________________________
 * ماكسبوا " ويراد بذلك كله " ظهر " وقد يستعمل ذلك في العلم بالشئ بعد أن لم يكن حاصلا ، وكذلك  في الظن ، فأما إذا اضيف هذه اللفظة إلى الله تعالى فمنه ما يجوز اطلاقه عليه ومنه مالا يجوز ، فأما ما يجوز  من ذلك فهو ما أفاد النسخ بعينه . ويكون اطلاق ذلك عليه على ضرب من التوسع ، وعلى هذا الوجه يحمل  جميع ما ورد عن الصادقين عليهما السلام من الاخبار المتضمنة لاضافة البداء إلى الله تعالى ، دون ما لايجوز  عليه من حصول العلم بعد أن لم يكن ، ويكون وجه اطلاق ذلك فيه تعالى والتشبيه هو أنه اذا كان ما  يدل على النسخ يظهر به للمكلفين مالم يكن ظاهرا الهم ويحصل لهم العلم به بعد أن لم يكن حاصلالهم  اطلق على ذلك لفظ البداء .  وذكر سيدنا الاجل المرتضى قدس الله روحه وجها آخر في ذلك : وهو أن قال : يمكن  حمل ذلك على حقيقته بأن يقال : بداله تعالى بمعنى أنه ظهر له من الامر مالم يكن ظاهرا له ، و  بداله من النهى مالم يكن ظاهرا له ، لان قبل وجود الامر والنهى لا يكونان ظاهرين مدركين ،  وإنما يعلم أنه يامر أو ينهى في المستقبل ، فاما كونه آمرا أو ناهيا فلا يصح أن يعلمه الا اذا  وجد الامر والنهي ، وجرى ذلك مجرى أحد الوجهين المذكورين في قوله تعالى : " ولنبلونكم  حتى نعلم المجاهدين منكم ، بان نحمله على أن المراد به حتى نعلم جهاد كم موجودا ، لان قبل وجود  الجهاد لا يعلم الجهاد موجودا ، وانما يعلم كذلك بعد حصوله فكذلك . القول في البداء وهذا وجه  حسن جدا اه .  وقال الامام العلامة ، معلم الامة الشيخ المفيد محمد بن النعمان في كتاب تصحيح الاعتقاد  في شرح ما قدمنا من كلام الصدوق : قول الامامية في البداء طريقه السمع دون العقل وقد جاءت  الاخبار به عن أئمة الهدى عليهم السلام ، والاصل في البداء هو الظهور ، قال الله تعالى " وبدالهم  من الله ما لم يكونوا يحتسبون " يعنى به ظهر لهم من أفعال الله تعالى بهم ما لم يكن في حسبانهم  وتقديرهم ، وقال : " وبدالهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم " يعنى ظهر لهم جزاء كسبهم وبان لهم  ذلك ، وتقول العرب : " قد بدا لفلان عمل حسن ، وبدا له كلام فصيح " كما يقولون : " بدا من فلان كذا "  فيجعلون اللام قائمة مقامه ، فالمعنى في قول الامامية : بدا لله في كذا أى ظهر له فيه ، ومعنى ظهر فيه  أى ظهر منه ، وليس المراد منه تعقب الراى ووضوح أمر كان قد خفى عنه ، وجميع أفعاله تعالى الظاهرة  في خلقه بعد أن لم تكن فهى معلومة فيما لم يزل ، وانما يوصف منها بالبداء مالم يكن في الاحتساب  ظهوره ، ولا في غالب الظن وقوعه ، فأما ما علم كونه وغلب في الظن حصوله فلا يستعمل فيه لفظ * ( * ) 

[127]


الحق ، والمفارقات المحضة من ملائكته القدسية ، وفي متن الدهر الذي هو ظرف مطلق  الحصول القار والثبات البات ووعاء عالم الوجود كله ، وإنما البداء في القدر وفي امتداد  الزمان الذي هو افق التقضي والتجدد ، وظرف التدريج والتعاقب ، وبالنسبة إلى  الكائنات الزمانية ومن في عالم الزمان والمكان وإقليم المادة والطبيعة ، وكما حقيقة  النسخ عند التحقيق انتهاء الحكم التشريعي وانقطاع استمراره لارفعه وارتفاعه من وعاء  الواقع فكذا حقيقة البداء عند الفحص البالغ انبتات استمرار الامر التكويني ، وانتهاء  

_______________________________________________
* البداء ، وقول أبى عبدالله عليه السلام : " ما بدا لله في شئ كما بدا له في اسماعيل " فانما أراد به ما  ظهر من الله تعالى فيه من دفاع القتل عنه وقد كان مخوفا عليه من ذلك ، مظنونا به فلطف له في  دفعه عنه ، وقد جاء الخبر بذلك عن الصادق عليه السلام فروى عنه عليه السلام أنه قال : " ان القتل  قد كتب على اسماعيل مرتين فسألت الله في دفعه عنه فدفعه " وقد يكون الشئ مكتوبا بشرط فيتغير  الحال فيه ، قال الله تعالى : " ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده " فتبين أن الاجال على ضربين : ضرب  منها مشترط يصح فيه الزيادة والنقصان ، ألاترى إلى قوله تعالى : " وما يعمر من معمر ولا ينقص من  عمره الا في كتاب " وقوله تعالى : " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء  والارض " فبين أن آجالهم كانت مشترطة في الامتداد بالبر والانقطاع بالفسوق ، وقال تعالى - فيما خبر  به عن نوح عليه السلام في خطابه لقومه - : " استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا "  إلى آخر الايات ، فاشترط لهم في مد الاجل وسبوغ النعم الاستغفار ، فلما لم يفعلوه قطع آجالهم  وبتر أعمارهم واستأصلهم بالعذاب : فالبداء من الله تعالى يختص ما كان مشترطا في التقدير ، وليس  هو الانتقال من عزيمة إلى عزيمة ، ولا من تعقب الرأى - تعالى الله عما يقول المبطلون علوا كبيرا - .  وقد قال بعض اصحابنا : ان لفظ البداء اطلق في أصل اللغة على تعقب الرأى والانتقال من  عزيمة إلى عزيمة ، وانما اطلق على الله تعالى على وجه الاستعارة كما يطلق عليه الغضب والرضا  مجازا غير حقيقة ، وان هذا القول لم يضر بالمذهب ، اذ المجاز من القول يطلق على الله تعالى فيما  ورد به السمع ، وقد ورد السمع بالبداء على ما بينا . والذى اعتمدناه في معنى البداء انه الظهور على  ما قدمت القول في معناه ، فهو خاص فيما يظهر من الفعل الذى كان وقوعه يبعد في النظر ( الظن خ ل )  دون المعتاد ، اذ لو كان في كل واقع من أفعال الله تعالى لكان الله تعالى موصوفا بالبداء في كل أفعاله  وذلك باطل بالاتفاق . انتهى كلامه .  أقول : انما أطلنا الكلام في نقل الاقوال حتى يتضح جلية الحال في هذه المرغمة والفرية  الشائنة ، وترى الباحث أن أقوال الشيعة التى تعرب عن معتقداتهم قديما وحديثا تكذب ما عزاه  المخالفون الينا ، وأنهم لم يلتزموا بالصدق والامانة فيما يكتب عن الشيعة بل التزموا بضدها ولم  يتركون قوس افكهم منزعالم يرموا بها الشيعة ، وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون ، يوم تجد  كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تودلو أن بينها وبينه أمدا بعيدا والله خبير بما يعملون . ( * ) 

[128]


اتصال الافاضة ، ومرجعه إلى تحديد زمان الكون وتخصيص وقت الافاضة لا أنه  ارتفاع المعلول الكائن عن وقت كونه وبطلانه في حد حصوله . انتهى .  الثاني : ما ذكره بعض الافاضل في شرحه على الكافي وتبعه غيره من معاصرينا ،  وهو أن القوى المنطبعة الفلكية لم تحط بتفاصيل ما سيقع من الامور دفعة واحدة لعدم  تناهي تلك الامور بل إنما ينتقش فيها الحوادث شيئا فشيئا وجملة فجملة ، مع أسبابها  وعللها على نهج مستمر ونظام مستقر فإن ما يحدث في عالم الكون والفساد فإنما هو  من لوازم حركات الافلاك المسخرة لله تعالى ونتائج بركاتها فهي تعلم أنه كلما كان  كذا كان كذا ، فمهما حصل لها العلم بأسباب حدوث أمر ما في هذا العالم حكمت بوقوعه  فيه فينتقش فيها ذلك الحكم ، وربما تأخر بعض الاسباب الموجب لوقوع الحادث على  خلاف ما يوجبه بقية الاسباب لولا ذلك السبب ، ( 1 ) ولم يحصل لها العلم بذلك بعد لعدم  اطلاعها على سبب ذلك السبب ، ( 2 ) ثم لما جاء أوانه واطلعت عليه حكمت بخلاف  الحكم الاول فيمحى عنها نقش الحكم السابق ويثبت الحكم الآخر ، مثلا لما حصل  لها العلم بموت زيد بمرض كذا لاسباب تقتضي ذلك ولم يحصل لها العلم بتصدقة الذي  سيأتي به قبل ذلك الوقت لعدم اطلاعها على أسباب التصدق بعد ثم علمت به وكان  موته بتلك الاسباب مشروطا بأن لايتصدق فتحكم أولا بالموت وثانيا بالبرء ، وإذا  كانت الاسباب لوقوع أمر ولا وقوعه متكافئة ولم يحصل لها العلم برجحان أحدهما بعد لعدم  مجيئ أو ان سبب ذلك الرجحان بعد كان لها التردد في وقوع ذلك الامر ولا قوعه فينتقش  فيها الوقوع تارة واللاوقوع اخرى فهذا هو السبب في البداء والمحو والاثبات والتردد  وأمثال ذلك في امور العالم فإذا اتصلت بتلك القوى نفس النبي أو الامام عليهما الصلاة  والسلام وقرأ فيها بعض تلك الامور فله أن يخبر بما رآه بعين قلبه ، أو شاهده بنور بصيرته ،  أو سمع باذن قلبه ، وأما نسبة ذلك كله إلى الله تعالى فلان كل ما يجري في العالم  الملكوتي إنما يجري بإرادة الله تعالى بل فعلهم بعينه فعل الله سبحانه حيث إنهم لا يعصون الله  ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون إذ لاداعي لهم على الفعل إلا إرادة الله عزوجل لاستهلاك  

_______________________________________________
( 1 ، 2 ) في نسخة : ذلك الحادث . ( * ) 

[129]


إرادتهم في إرادته تعالى ، ومثلهم كمثل الحواس للانسان كلما هم بأمر محسوس امتثلت  الحواس لما هم به فكل كتابة تكون في هذه الالواح والصحف فهو أيضا مكتوب لله عزوجل  بعد قضائه السابق المكتوب بقلمه الاول فيصح أن يوصف الله عزوجل نفسه بأمثال ذلك  بهذا الاعتبار ، وإن كان مثل هذه الامور يشعر بالتغير والسنوح ، وهو سبحانه منزه  عنه ، فإن كل ما وجد فهو غير خارج عن عالم ربوبيته .  الثالث : ما ذكره بعض المحققين ( 1 ) حيث قال : تحقيق القول في البداء أن  الامور كلها عامها وخاصها ، ومطلقها ومقيدها ، وناسخها ومنسوخها ، ومفرداتها  ومركباتها ، وإخباراتها وإنشاءاتها ، بحيث لايشذ عنها شئ منتقشة في اللوح ، والفائض  منه على الملائكة والنفوس العلوية والنفوس السفلية قديكون الامر العام المطلق  أو المنسوخ حسب ما تقتضيه الحكمة الكاملة من الفيضان في ذلك الوقت ، ويتأخر المبين  إلى وقت تقتضي الحكمة فيضانه فيه ، وهذه النفوس العلوية وما يشبهها يعبر عنها بكتاب  المحو والاثبات ، والبداء عبارة عن هذا التغيير في ذلك الكتاب .  الرابع : ما ذكره السيد المرتضى رضوان الله عليه في جواب مسائل أهل الري  وهو أنه قال : المراد بالبداء النسخ ، وادعى أنه ليس بخارج عن معناه اللغوي . ( 2 )  أقول : هذا ما قيل في هذا الباب وقد قيل فيه : وجوه اخر لاطائل في إيرادها ،  والوجوه التي أوردناها بعضها بمعزل عن معنى البداء وبينهما كما بين الارض والسماء ،  وبعضها مبنية على مقدمات لم تثبت في الدين بل ادعي على خلافها إجماع المسلمين ،  وكلها يشتمل على تأويل نصوص كثيرة بلا ضرورة تدعو إليه ، وتفصيل القول في كل منها  
............................................................................ 
-بحار الانوار مجلد: 4 من ص 129 سطر 19 الى ص 137 سطر 18  يفضي إلى الاطناب ، ولنذكرما ظهرلنا من الآيات والاخبار بحيث تدل عليه النصوص  الصريحة وتأبى عنه العقول الصحيحة .  فنقول - وبالله التوفيق - : إنهم عليهم السلام إنما بالغوا في البداء ردا على اليهود الذين  

_______________________________________________
( 1 ) وهو الميرزا رفيعا ، قال ذلك في شرخه على الكافى .  ( 2 ) ما عده رحمه الله من الوجوه العديدة ليس الا وجها واحداو هو الذى ذكر في الرواية ومحصله كون  البداء ، نسبة حاصلة للشئ إلى علله الناقصة والقضاء نسبة إلى علته التامة وبيانه التفصيلى يحتاج  إلى محل آخر وليته - رحمه الله - اقتصر على ايراد نفس الروايات فان بيانها شاف كاف . ط ( * ) 

[130]


يقولون : إن الله قد فرغ من الامر وعلى النظام ، وبعض المعتزلة الذين يقولون : إن  الله خلق الموجودات دفعة واحدة على ماهي عليه الآن معادن ونباتا وحيوانا وإنسانا ،  ولم يتقدم خلق آدم على خلق أولاده ، والتقدم إنما يقع في ظهورها لافي حدوثها و  وجودها ، وإنما أخذوا هذه المقالة من أصحاب الكمون والظهور من الفلاسفة ، و  على بعض الفلاسفة القائلين بالعقول والنفوس الفلكية ، وبأن الله تعالى لم يؤثر حقيقة  إلا في العقل الاول فهم يعزلونه تعالى عن ملكه ، وينسبون الحوادث إلى هؤلاء ، فنفوا  عليهم السلام ذلك وأثبتوا أنه تعالى كل يوم في شأن من إعدام شئ وإحداث آخر ، وإماتة  شخص وإحياء آخر إلى غير ذلك ، لئلا يتركوا العباد التضرع إلى الله ومسألته وطاعته  والتقرب إليه بما يصلح امور دنيا هم وعقباهم ، وليرجوا عند التصدق على الفقراء وصلة  الارحام وبر الوالدين والمعروف والاحسان ما وعدوا عليها من طول العمر وزيادة الرزق  وغير ذلك .  ثم اعلم أن الآيات والاخبار تدل على أن الله خلق لوحين أثبت فيهما ما يحدث  من الكائنات :  أحدهما اللوح المحفوظ الذي لاتغير فيه أصلا وهو مطابق لعلمه تعالى . والآخر  لوح المحو والاثبات فيثبت فيه شيئا ثم يمحوه لحكم كثيرة لا تخفى على اولي الالباب ،  مثلا يكتب فيه أن عمر زيد خمسون سنة ، ومعناه أن مقتضي الحكمة أن يكون عمره  كذا إذا لم يفعل ما يقتضي طوله أو قصره فإذا وصل الرحم مثلا يمحى الخمسون و  يكتب مكانه ستون ، وإذا قطعها يكتب مكانه أربعون ، وفي اللوح المحفوظ أنه  يصل وعمره ستون كما أن الطبيب الحاذق إذا اطلع على مزاج شخص يحكم بأن  عمره بحسب هذا المزاج يكون ستين سنة ، فإذا شرب سما ومات أو قتله إنسان فنقص  من ذلك ، أو استعمل دواءا قوي مزاجه به فزاد عليه لم يخالف قول الطبيب ،  والتغيير الواقع في هذا اللوح مسمى بالبداء إما لانه مشبه به كما في سائر ما يطلق  عليه تعالى من الابتلاء والاستهزاء والسخرية وأمثالها ، أو لانه يظهر للملائكة أو للخلق  إذا أخبروا بالاول خلاف ما علموا أولا ، وأي استبعاد في تحقق هذين اللوحين

Aucun commentaire: