mardi 28 juillet 2015

حسن السقاف كيف تسرب التجسيم لهذه الأمة و بدأ فيها




كيف تسرب التجسيم لهذه الأمة و بدأ فيها
بعد أن بينا التوافق بين عقيدة المجسمة و المشبهة من هذه الأمة و بين العقيدة الاغريقية و اليونانية و عقيدة أهل الكتاب بنصوص و أدلة واضحة لابد أن نبين كيف تسرب هذا الفكر الي الأمة فنقول:
لقد تسرب هذا الفكر منذ عهد الصحابة و في صدر الاسلام و الذين أدخلوه هم أهل الكتاب الذين أسلموا و بعض الصحابة الذين كانوا يتوقون و يحبون أن يطلعوا علي ما عند أهل الكتاب، و هذا أمر معلوم عند أهل العلم لكن يحتاج الي بيان و ايضاح، فمن ذلك:
1 - قول الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (489 / 3) ان كعبا «جالس أصحاب محمد صلي الله عليه و سلم فكان يحدثهم عن الكتب الاسرائيلية».
2 - و قد اعترف الدكتور رضاء الله المبار كفوري في مقدمة تحقيقه لكتاب العظمة لأبي الشيخ الأصبهان (140 / 1) حيث صرح بذلك فقال:
«و تسرب الاسرائيليات الي المسلمين و مبدأ دخولها في علومهم أمر يرجع تاريخه الي عهد الصحابة، و ذلك لأن القرآن يتفق مع التوراة و الانجيل في ذكر بعض المسائل و الحوادث التاريخية، و ان كان بينه و بين التوراة و الانجيل فرق كبير و هو الايجاز الذي يتميز به القرآن و يجعله معجزة، و الاطناب و التفصيل اللذان يتصف بهما التوراة و الانجيل، اضافة الي تحريفهما و تغييرهما كما نص القرآن علي ذلك».
3 - و أقر بهذا الاحتمال الألباني! حيث قال أثناء تخريج حديث في سنة ابن أبي عاصم ص 249 حديث (568):
[اسناده ضعيف و المتن منكر كأنه من وضع اليهود]!!
و هذا اعتراف صريح بأن الفكر الاسرائيلي أو اليهودي له يد في وضع بعض الأحاديث التي تنبثق فيما بعد عنها الأفكار و المفاهيم!!

4 - و روي الطحاوي في شرح معاني الآثار (361 / 2) باسناد جيد أنه قيل للحسن البصري: قد كان يكره أن يضع الرجل احدي رجليه علي الأخري؟ فقال: ما أخذوا ذلك الا عن اليهود.
5 - و ذكر الذهبي في كتاب «العلو» [1] عن كعب الأحبار أنه قال:
[قال الله في التوراة: أنا الله فوق عبادي و عرشي فوق جميع خلقي و أنا علي عرشي أدبر أمور عبادي و لا يخفي علي شي ء في السماء و لا في الأرض].
قال الذهبي هناك: رجاله ثقات.
6 - و ذكر الذهبي هناك أيضا عن كعب في نص آخر في «العلو» أنه قال:
[... فما من السموات سماء الا له أطيط كأطيط الرحل في أول ما يرتحل من ثقل الجبار فوقهن].
فانظروا كيف يجعل كعب الأحبار المولي تعالي عما يقول خاضع للجاذبية الأرضية أو غيرها!
7 - و في كتاب «السنة» (477 / 2) لعبد الله بن أحمد بسنده الي وهب بن منبه أنه قال و قد ذكر عظمة الله تعالي:
[ان السموات و البحار لفي الهيكل و ان الهيكل لفي الكرسي، و ان قدميه عزوجل لعلي الكرسي و قد عاد الكرسي كالنعل في قدميه].
8 - و ذكر الذهبي في كتاب «العلو» [2] عن عبدالله بن سلام الاسرائيلي أنه قال:
[اذا كان يوم القيامة جي ء بنبيكم حتي يجلس بين يدي الله علي كرسيه.....].
و هذا ثابت عن ابن سلام [3] .

9 - قال الحافظ ابن حجر في كتاب «النكت علي كتاب ابن الصلاح» (532 / 2)شارحا قول الحافظ ابن الصلاح (اذا كان الصحابي ينظر في الاسرائيليات فلا يعطي تفسيره حكم الرفع) ما نصه:
«و كعبدالله بن عمرو بن العاص، فانه كان حصل له في وقعة اليرموك كتب كثيرة من كتب أهل الكتاب فكان يخبر بما فيها من الأمور المغيبة، حتي كان بعض أصحابه ربما قال له: حدثنا عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم و لا تحدثنا عن الصحيفة [4] ، فمثل هذا لا يكون حكم ما يخبر به من الأمور التي قدمنا ذكرها الرفع لقوة الاحتمال» انتهي كلام الحافظ و هو كلام حسن نفيس جدا.
10 - عن السائب بن يزيد أنه سمع عمر الخطاب يقول لأبي هريرة: «لتتركن الحديث عن رسول الله أو لألحقنك بأرض دوس! و قال لكعب: لتتركن الأحاديث أو لألحقنك بأرض القردة» [5] .
أقول: و أبوهريرة من الرواة عن كعب الأحبار كما يجد ذلك كل من يقرأ ترجمتهما في مثل «تهذيب التهذيب» و «تهذيب الكمال»، فعندي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه منعه من الرواية لأجل الاسرائيليات.
و يؤكد ذلك ما جاء عن بسر بن سعيد و هو من كبار التابعين و من رجال الكتب الستة و من تلاميذ أبي هريرة أنه قال:
[اتقوا الله و تحفظوا من الحديث، فو الله لقد رأيتنا مجالس أبي هريرة فيحدث عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و يحدثنا عن كعب ثم يقوم، فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب و يجعل حديث كعب عن رسول اله صلي الله عليه و آله و سلم]. رواه مسلم في كتاب «التمييز» (175 / 1). فكل هذه الأمور و النصوص تثبت دخول الاسرائيليات من العهد الأول و قد ذكرت في مقدمة تحقيق كتاب «العلو» للذهبي أشياء كثيرة من ذلك فليراجعها من شاء.

حسن السقاف
--------------------------------------------------------------------------------
[1] طبع دار الامام النووي بتحقيق العبد الفقير لله تعالي.
[2] طبعة دار الامام النووي ص (446) النص رقم (425).
[3] رواه ابن أبي عاصم في سنته ص (351) و الطبري في تفسيره (148 / 15) و الحاكم في المستدرك (569 - 568 / 4) و الخلال في سنته ص (211).
[4] قال الذهبي في «سير النبلاء» (108 / 13) انه لا يجوز تقليد جماعة من الصحابة في بعض المسائل.
[5] رواه أبوزرعة الدمشقي في تاريخه (1475) كما في حاشية «سير أعلام النبلاء» (601 - 600 / 2) و قال المعلق عليه هناك و الظاهر أنه الشيخ شعيب الأرنأووط: و هذا اسناد صحيح.



Aucun commentaire: