lundi 10 octobre 2016

من الاَغلاط الشائعة نسبة الزيدية إلى المعتزلةـ في أُصول الدين والتوحيد وعلم الكلام ـ







كلام بعض المعاصرين من الزيدية :
إنّ لبعض المعاصرين من علماء الزيدية تحقيقاً رائعاً في المقام نأتي بنصه ـ مع طوله ـ :
«من الاَغلاط الشائعة نسبة الزيدية إلى المعتزلةـ في أُصول الدين والتوحيد وعلم الكلام ـ
والقول بأنّ الاِمام زيد بن علي قد تتلمذ على رئيس المعتزلة واصل ابن عطاء.
ولعل الشهرستاني المتوفى 548هـ هو أوّل من سجّل هذه الغلطة في كتابه (الملل
والنحل) ثم تابعه أكثر من بحث عن الاعتزال والمعتزلة
_______________________________________________________________
. إمّا لاِهمالهم الفحص والتمحيص لما يروونه، وإمّا لاَنّه قد وافق ما يريدون قوله عن الزيدية والزيديين.
ولا أعتقد أنّ للشهرستاني أيَّ دليل قوي على قوله. وربّما أنّه جعل من التوافق بين الزيدية والمعتزلة في أكثر مسائل الاَُصول الدينية دليلاً على قوله،
ولكن هذا غير كاف قطعاً لاِلحاق فرقة بأُخرى. لاَنّه لو اعتبر التوافق في رأي ما، دليلاً على توحيد فرقة مع أُخرى لما تميزت فيما بينها كل المذاهب الاِسلامية المعروفة اليوم وقبل اليوم، لاَنّها تتوافق في كثير من المسائل وبالاَخص الفقهية الفرعية منها.
________________________________________
(1) أبو زهرة: الاِمام زيد: 39 ـ 40.
________________________________________
(160)
أمّا القول بأنّ الاِمام زيداً قد تتلمذ لواصل بن عطاء. من أجل أن يحصل على علم الاَُصول والفروع حتى يتحلّـى بالعلم كما يقول الشهرستاني ـ فهو أغرب وأعجب.
_______________________________________________________________
ذلك لاَنّ المعلوم عند جميع الموَرخين والباحثين والعالمين ـ أنّ المدينة المنورة ـ وليست البصرة ـ هي معدن العلم ومدينته، كما قال الاِمام أبو حنيفة ـ رحمه اللّه ـ لمن سأله عمن تلقى علمه فقال: كنت في معدن العلم ولزمت فقيهاً من فقهائهم. وهو يعني الاِمام جعفر الصادق ـ رحمه اللّه ـ حيث لازمه عامين، وكان يقول: لولا السنتان لهلك
النعمان» (1).
_______________________________________________________________
فهل من المعقول أن يخرج الاِمام زيد من معدن العلم وينبوعه ومدينته ليذهب إلى البصرة ليحصل على علم الفروع والاَُصول حتى يتحلّـى بالعلم كما قال الشهرستاني؟ إنّه لاَمر غريب وعجيب حقاً!! وهو مع ذلك قول مخالف لما أجمع عليه الموَرخون فقد قالوا إنّ واصل بن عطاء هو الذي أخذ العلم من معدن العلم ومدينته، ولازم أهل البيت النبوي الشريف الذي يعد من مشاهيره في عصره الاِمام زيد بن علي.
وأجمعوا على أنّ واصل بن عطاء كان مولى لآل محمد بن علي بن أبي طالب _ عليهم السلام _
_______________________________________________________________
ـ أي آل محمد بـن الحنفيــة ـ
_______________________________________________________________
وأخذ العلم عن ابنـه أبي هاشم عبد اللّه بن الحنفية. وأنّه بعد 21 عاماً من عمره سافر إلى البصرة سنة 101 هـ حيث التقى فيها بالزاهد عمرو بن عبيد فزامله في حلقة الحسن البصري حتى حدث الخلاف بين واصل وأُستاذه الحسن البصري في تسمية مرتكب الكبيرة من المسلمين حيث قالت الخوارج هو كافر.
_______________________________________________________________
وقالت المرجئة: هو موَمن.
_______________________________________________________________
فقال الحسن البصري: هو منافق.
_______________________________________________________________
فقال واصل: هو فاسق.
_______________________________________________________________
والفسق منزلة بين المنزلتين: منزلة الكفر والنفاق. ومنزلة الاِيمان، وبعد أن رجع عمرو بن عبيد إلى قوله وفارقا حلقة الحسن، أطلق عليهما لاعتزالهما الحلقة (اسم المعتزلة) ثم صار
________________________________________
(1) أبو زهرة: الاِمام الصادق _ عليه السلام _: 28.
________________________________________
(161)
اسماً لمن تابعهم في مسائل علم الكلام، بل لقد نصّ المحقّقون من المعتزلة والزيدية على أنّ مسألة المنزلة بين المنزلتين هذه قد أخذها واصل بن عطاء من أُستاذه أبي هاشم عبد اللّه ابن محمد بن الحنفية (1).
_______________________________________________________________
وإذا كان لابد من نسبته إلى فرقة من الفرق فينسب إلى الفرقة (العدلية) والعدلية كلمة تطلق على كل من يقول بالعدل والتوحيد وينفي الجبر والتشبيه والتجسيم للّه، تعالى اللّه عن ذلك،
ولهذا صحّ للقاضي عبد الجبار بن أحمد المتوفى 415 هـ. وللاِمام المهدي أحمد بن يحيى بن المرتضى، ان يجعلا من رجال الطبقة الاَُولى للعدلية كلَّ الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة ممن صرح بالعدل ونفي الجبر.
وقد جعلا الاِمام زيد بن علي وأبا هاشم عبد اللّه بن محمد بن الحنفية أُستاذ واصل من رجال الطبقة الثالثة وجعلا واصل بن عطا وعمرو بن عبيد من رجال الطبقة الرابعة.
وقد توهم البعض من المتأخرين أنّ الطبقات التي أشرت إليها هي طبقات المعتزلة والصحيح غيره. لاَنّ البحث في طبقات القاضي وفي الملل والنحل للمهدي كان عن العدلية،
وليس عن المعتزلة، ولفظه في الملل والنحل (2)مسألة (له) أي قالت المعتزلة: وأجمعت العدلية على أنّ للعالم محدثاً قديماً قادراً عالماً حياً ...
حتى قال: وقد رتب القاضي ـ أي عبد الجبار ـ طبقاتهم ونحن نشير إلى جملتها.
ثم أشار في المسألة التي تلتها إلى طبقاتهم.
فالاِمام المهدي حكى عن المعتزلة روايتهم لما اجمعت عليه العدلية.
ثم رتب طبقاتهم كما فعل القاضي عبد الجبار مستدلاً بأقوالهم في العدل ونفي الجبر(3).
________________________________________
(1) شرح الاَُصول الخمسة: 137 ـ 138.
(2) البحر الزخار: 1|44 ـ 45.
(3) علي بن عبد الكريم شرف الدين: الزيدية نظرية وتطبيق: 21.
________________________________________
(162)
وبعد هذا البيان الضافي من العلمين، لا يبقى أي شك في أنّه لم يكن لوليد البيت النبوي أية دراسة لدى واصل بن عطاء، وأقصى ما يمكن أن يقال: كانت بينهما مزاملة أو محادثة في تطبيق أصل الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على الساحة الاِسلامية. ونضيف في المقام أمرين:
1 ـ أنّه لو تتلمذ زيد على واصل أو كان معتزلياً في العقائد، لانعكست آراء أُستاذه في الكتب الموروثة منه، مع أنّه ليس من تلك الاَُصول فيها عين ولا أثر، غير التركيز على الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي استنتجه من الكتاب والسنّة واختمر به منذ شبابه إلى التحاقه بربه.
_______________________________________________________________
2 ـ أنّ ابن المرتضى، جعل زيد بن علي في طبقاته مقدماً على طبقة واصل ابن عطاء (1) ولو صحّ الزعم المعروف كان عليه أن يجعله متأخراً عنه، لكونه في الاعتزال عيال عليه.
________________________________________
(1) ابن المرتضى: المنية والاَمل: 17و 28، تحقيق سوسنة ديفلدفلزر، بيروت 1380هـ ـ 1961م؛ والقاضي عبد الجبار الهمذاني: فرق وطبقات المعتزلة: 32 و 41، تحقيق الدكتور علي سامي النشار وعصام الدين محمد علي، دار المطبوعات الجامعية، القاهرة، 1972م



http://abu-dhar-al-ghifari3.blogspot.fr/2016/01/blog-post_8.html?spref=fb

Aucun commentaire: