lundi 22 juin 2015

أحكام مرتكب الكبيرة عند الزيدية (الهادوية)



أحكام مرتكب الكبيرة عند الزيدية (الهادوية):

ترى الزيدية (الهادوية) أن مرتكبي الكبائر، من أهل الفسق، وأن اسم الإيمان قد زال عنهم بما ارتكبوا من الكبائر، فهو من أهل النار المخلدين فيها، فلا يجوز الدعاء ولا الترحم عليهم، وقد حكى الله عن نفسه وعن الملائكة والناس لعنهم فلا يجوز الاستغفار والدعاء لهم.

فيذكر القاسم بن إبراهيم في أهل الكبائر أنهم من أهل النار المخلدين فيها، وأن من زعم أنهم يخرجون منها فقد افترى على الله ورسوله الكذب فيقول: "ومن لم يتب من فسقه وظلمه، فهو من أهل النار ليس بخارج منها، ولكنه وإن كان في النار فليس عذابه كعذاب الكافر، بل الكافر أشد عذاباً، فلا يغتر مغتر، ولا يتَّكل متَّكِل، على قول من يقول- من الكاذبين على الله وعلى رسوله، صلوات الله عليه وعلى أهله - أنّ قوماً يخرجون من النار بعدما يدخلونها، يعذبون بقدر ذنوبهم".

ويقول عبد الله بن حمزة: "ومذهبنا: أنه لا يجوز إطلاق شيءٍ من الألفاظ المتقدمة_ وهي منافق أو مؤمن أو كافر- على المرتكب للكبائر من هذه الأمة مع اعترافه بصحة النبوءة ووجوب أحكام الشريعة على الكافة؛ بل نسميه فاسقاً ونقره على ذلك الاسم، ونجري عليه حكماً مفرداً عن أحكام من ذكر أولاً من المنافقين والكفار والمؤمنين".
...

ويذكر القاسم بن محمد أن أهل الكبائر من أهل النار بالدلالة القطعية في باب تحريم الدعاء بالرحمة والاستغفار لأهل الكبائر فقال: "وقال السائل: لِمَ لا يجوز الدعاء بالرحمة والاستغفار لأهل الكبائر وقد قال تعالى: ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ﴾ [الشورى:5]؟

والجواب والله الموفق: أن ذلك لا يجوز لقوله تعالى: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ الله وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا﴾ [النساء:123]، وقوله تعالى: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ [غافر:18] أي يقبل كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام:116] أي: إن تقبل، فلو كان ذلك جائزاً لكان الداعون لهم بالرحمة والمستغفرون أولياء وأنصاراً بذلك وشفعاء؛ لأن الشفاعة ليست إلا طلب الشيء للغير كطلب الرحمة لهم والمغفرة، ولقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة:113] وذلك نص صريح في تحريم الاستغفار للمشركين معلَّل أنهم من أصحاب الجحيم، والفساق مشاركون لهم في العلة؛ لأنهم من أصحاب الجحيم بالدلائل القطعية نحو ما مر الآن فثبت تحريم الاستغفار لهم لمشاركتهم للكفار فيما علق تحريم الاستغفار به، ولقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ الله لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة:96] وإذا كان لا يرضى عنهم فلا يجوز الدعاء لهم بالرحمة".

وجملة أدلتهم في أصل المنزلة بين المنزلتين كما جاء عنهم نجملها في الآتي:

1- عموم الآيات التي ذكرت أن المجرمين والفاسقين وأهل الكبائر من أهل النار، وأنه لا يجوز الترحم والدعاء لهم، كما ذكر من الآيات السابقة.

2- جملة الأحاديث التي ذكرت أن أهل الكبائر من أهل النار وهي: حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيمن قتل ذريته: (لا أنالهم الله شفاعتي ولا رأوا جنة ربي)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل حلف بعد العصر) الحديث، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ستة أنا خصمهم يوم القيامة: ناكح البهيمة ولاوي الصدقة...)، وكذلك الأحاديث الواردة في نفي دخول الجنة لمن ارتكب بعض الكبائر كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدق السحر)، كل هذه الاعتبارات تبقى مؤكدة لما دلت عليه من دخول أهل الكبائر من هذه الأمة النار، وفقد الدلالة على الخروج منها.

Aucun commentaire: