lundi 18 janvier 2016

التشيع العلوي والتشيع الصفوي ، الدكتور علي شريعتي


التشيع العلوي والتشيع الصفوي ، الدكتور علي شريعتي.

طرح المؤلف (المعلّم علي شريعتي )وجهة نظره في ما يسميه التشيّع الصفوي 
ووصفه بالآتي "كان على الحركة الصفوية ورجال الدين المرتبطين بها أن يعملوا كل ما من شأنه التوفيق بين القومية الإيرانية والدين الإسلامي ، ولتبدو الوطنية
 والقوميةالإيرانية بوشاح ديني أخضر ، وفي هذا الصدد أعلن بين عشية وضحاها أن الصفويين – أحفاد الشيخ صفيّ هم (سادةٌ) من حيث النسب أي أحفاد للنبي محمد
وتحول المذهب الصوفي فجأة إلى مذهب شيعي ، وصار الفقيه والمحدث بدائل عن المرشد والبديل ، وتلبس الصفويون بلباس ولاية علي ونيابة الإمام والانتقام من أعداء أهل البيت .. 
 وفي ظل كل هذه المحاولات كان الهدف الأصلي هو إضفاء طابع مذهبي على الحالة القومية ، وبعث القومية لإيرانية وإحياؤها تحت ستار الموالاة والتشيع .
في ضوء ذلك يمكن أن نفهم سر تركيز أجهزة الدعاية الصفوية على نقاط الإثارة والاختلاف إلى نقاط خلاف أو يفرغها عن قدرتها على أن تكون أرضية صلبة لموقف مشترك بين الفريقين 
.. وكنتيجة لهذا الفصل المذهبي حصل فصل اجتماعي وثقافي تبعه فصل على الصعيدين القومي والسياسي وبشكل بارز جداً .
لقد حرصت الحركة الصفوية على تعطيل أو تبديل الكثير من الشعائر والسنن والطقوس الدينية وإهمال العديد من المظاهر الإسلامية المشتركة بين المسلمين ." [1]

غلاف كتاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي

رؤية الكاتب للفرق بين التشيع العلوي والتشيع الصفوي
لخص المؤلف رؤيته للفرق في الأسس الاعتقادية بين التشيع العلوي و التشيع الصفوي في ثلاث عشرة نقطة,[2] هي:
1- العترة : الإسلام – لدى التشيع يقوم على دعامتين رئيسيتين : القرآن والعترة ، وذلك طبقاً للحديث المروي عن النبي ” إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي” وكما هو واضح فإن التشيع العلوي آمن بالعترة من خلال إيمانه بالسنة ، إن أصل (العترة) ليس في مقابل السنة ولا في مقابل القرآن ، بل ولا في مرتبتهما وإنما هي طريق مباشر ومأمون للوصول إلى القرآن والسنة . أما التشيع الصفوي فالعترة عنده هي عبارة عن أسرة ، وهي وسيلة لتعطيل العمل بالقرآن وسيرة النبي وتشويه الوجهة الحقيقية للرسالة ولمبادئها الأولى كالتوحيد ، وبالمقابل إرساء قيم مبتدعة تقوم على أساس العنصر والدم والوراثة!
2- 
العصمة : هي الأصل الثاني من أصول التشيع العلوي ، وهي هنا بمعنى أن قائد الأمة ومن بيده أمور الناس والمجتمع ويتحمل أعباءهم الدينية يجب أن يكون بعيداً كل البعد عن الفساد والخيانة والضعف والخوف والمداهنة على الحق . أما في التشيع الصفوي ، فإن العصمة كانت عبارة عن حالة فسلجية وبيولوجية وباراسيكولوجية خاصة لدى الأئمة تمنعهم من ارتكاب الذنوب والمعاصي.
3- 
الوصاية : إن الوصاية بحسب التشيع العلوي وما نفهمه نحن ليست بتنصيب ولا انتخاب ولا ترشيح بل هي بمعنى قيام النبي – من منطلق موقعه القيادي للمجتمع – بتحديد أفضل الأشخاص وأكثرهم جدارة بتحمل عبء مواصلة المسيرة وحمل الرسالة التي جاء بها ، لكي تتخذه الأمة قائداً لها وتنقاد لأوامره وتوجيهاته . في التشيع الصفوي حيث تكون (الوصاية) عبارة عن نظام وراثي وسلالات حكم تنتقل القيادة فيها من الأب إلى الابن ومن الأخ لأخيه ومن جيل إلى جيل يليه ، وعلى ضوء هذا الفهم الخاطئ للوصاية ، يقال أن الإمام الأول صار إماماً أول لأنه ابن عم النبي وصهره وأول السلسلة ، أما الإمام الثاني فصار إماماً ثانياً لأنه ابن للإمام الأول والإمام الثالث صار إماماً لأنه أخ الإمام الثاني ومن ثم استمرت الإمامة نسلاً بعد نسل.
4- 
الولاية : وهي في التشيع العلوي بمعنى التزام الناس بحكومة علي بكل أبعادها وضوابطها والتبعية له والاقتداء به وقبوله كأسوة حسنة ، والتسليم المطلق لحكومته ونظامه هو فقط لا غير! أما الولاية عند التشيع الصفوي فهي بمعنى ولاية (مولائية) نجم عنها بالتالي عناصر دخيلة مثل الإسماعيلية والعلي اللهية والباطنية والحلولية والصوفية والهندية .
وهي في قاموس التشيع العلوي عبارة عن الاعتقاد بنظام ثوري قادر على بناء مجتمع ينهض بواجبات نظام دولي مؤهل للوقوف بوجه الأنظمة القائمة ، وأمة تحمل رسالة سامية بحجم الرسالة التي تطرقت لها لدى الحديث عن الوصاية ، ومصاديقها الخاصة بعد النبي هم الأئمة الذين يتحلون بمقامات ذاتية تؤهلهم لتقلد وسام القيادة للمجتمع وتلبية مستلزمات هذه المهمة .
5- 
الإمامة : ولكن التشيع الصفوي ينظر إلى الاعتقاد بالأئمة من زاوية أخرى يكون فيها الاعتقاد بهم ليس سوى اعتقاد بـ (12) شخصية من جنس ما وراء الطبيعة واثني عشر رقماً واسماً مقدساً يجب علينا أن نحب أصحابها ونثني عليهم ونتقرب إليهم دون السعي إلى الالتزام بالتبعية والاقتداء بهم.
6- 
العدل : وهو هنا بمعنى الإيمان بأن الله عادل ، وهو في التشيع العلوي بمعنى أن كل موبقة سيكون وراءها حساب شديد كما أن كل منقبة ستكون سبباً للفوز بالثواب الجزيل. أما في التشيع الصفوي ، فالعدل معناه أن الله ليس بظالم ، وأن يزيد سيذهب بعد الموت إلى جهنم ، بينما الحسين يذهب إلى الجنة وليس ثمة علاقة لذلك بحياتنا الدنيوية وأوضاعنا الراهنة بل هو مجرد بحث علمي من شأن الفلاسفة الإلهيين ولا علاقة له بالناس!
7- 
التقية : إن التقية حسب التصور العلوي هي عامل وحدة وانسجام مع الأخ وكفاح للعدو ، بينما هي في التصور الصفوي مبرر لشل إرادة الرفض والنضال أمام العدو وفي نفس الوقت هي سبب فاعل في إثارة النعرات الطائفية والفرقة والاختلاف بين الأخوة! التقية ، في التشيع العلوي ، عبارة عن تكتيك عملي يخضع لضوابط وظروف معينة يقدرها القائد ، ولذا قد تجب التقية وقد تحرم ، بينما التقية في المنظار الصفوي هي جزء من عقائد الشيعة الثابتة والملازمة لشخصية الشيعي في كل الأحوال!
8- 
السنة ونبذ البدعة : وفي المفهوم الصحيح للسنة فإن التشيع العلوي يعد أكثر المذاهب والفرق الإسلامية تسنناً! بمعنى أنه أقرب المذاهب وأضبطها في الاعتقاد بالسنة النبوية والالتزام بها عملياً. بيد أن التشيع الصفوي يرى أن (كتاب الله وعترتي) هي بديل عن (كتاب الله وسنتي) ولا يمكن أن يجتمعا معاً .
 9-
 الغيبة : فلسفة الغيبة في التاريخ الشيعي والمقطع الزماني الذي حصلت فيه . الغيبة لها فلسفة دقيقة وأبعادها الاجتماعية والسياسية أكبر وأهم بكثير من الجانب الميتافيزيقي فيها. في التشيع الصفوي يحمل الانتظار مفهوماً سلبياً ويعبر به عن منهج التسليم والتحمل والصبر والسكوت ، وفي يكون الإمام المعصوم غائباً مما يعني ضرورة تعطيل الإسلام ببعده الاجتماعي وعدم إعادته إلى مسرح الحياة إلا بعودة الإمام وظهوره من جديد.
10-
 الشفاعة : عند العلويين تعتبر عنصراً فاعلاً وبناءً في تحقيق التكامل المعنوي والتربوي والثقافي , أما الصفويين فهي طريق لنجاة غير المستحق! .
11-
 الاجتهاد : وحقيقة الاجتهاد تكمن في أن القوانين والمقررات العامة للشريعة وأحكام الفقه المدونة قد لا تستوعب جميع الحالات الاجتماعية بالتفصيل نظراً لتعدد خصوصيات الزمان والمكان وتبدلها وتبدل النظر الاجتماعية التي تنبثق عنها ، ما يجعل الحاجة ملحة لفتح باب الاجتهاد المتحرك لكي يلبي المجتهد عبر ذلك المتطلبات المستجدة أو بتعبير الرواية (الحوادث الواقعة) ، ويتاح هذا العمل للمجتهد المحقق المتفتح في عقله وتفكيره فيعكف على استنباط الأحكام على حسب القواعد العامة ومع الأخذ بعين الاعتبار روح الشريعة السمحاء وأهدافها وخصالها الكلية من العدل والمساواة وذلك استناداً إلى الأصول الأربعة متمثلة بالكتاب والسنة والعقل والإجماع. في التشيع الصفوي ليس أكثر من ادعاء ضخم ولقب عظيم فارغ من المحتوى ، وهو مجرد منصب رسمي ديني للمجتهد أشبه ما يكون بالبطريرك أو الأسقف أو الكاردينال، خلافاً للمجتهد عند التشيع العلوي .
12-
 الدعاء : الدعاء في التشيع العلوي هو دعاء النبي ودعاء القرآن ودعاء علي ومظهر تجليه في دعاء الإمام زين العابدين ، والدعاء بهذا المعنى هو وسيلة لتلقين النفس على أن تظل طامحة دائماً إلى الأهداف والطموحات الإنسانية السامية. أما الدعاء الصفوي فهو وسيلة لتغليف مواطن الضعف والنقص والمذلة وفي إطار أناني ضيق ووضيع .
13-
 التقليد : في التشيع العلوي ، يكون العالم الباحث حراً في اجتهاده ، وعلى العامي أن يقلده ، وهذه منظومة اجتماعية علمية جديرة بالتقدير ، بينما التقليد في التشيع الصفوي يعني أن يكون الناس جميعاً صماً بكماً عمياً بإزاء من يرتدي اللباس الرسمي المعترف به من قبل أجهزة السلطة ، ولا يجوز لغيره ولوج هذا الباب ليس في المجالات الفقهية الفنية وحسب بل حتى في مضمار فهم واستنباط القضايا الاعتقادية التي يفترض أن كل إنسان يكون مطالباً بنفسه بالاجتهاد فيها. وأخيراً, حاول شريعتي اطلاع أبناء الجيل الجديد ممن لديهم وعي واحساس بالمسئولية على حقيقة المصائب التي ألحقت بنا وبديننا ومجتمعنا , لإشعارهم بحجم المسئولية التي يتعّين عليهم النهوض بأعبائها وأن وراءهم طريقاً طويلاً يحتاج إلى همة عالية وبذل المزيد من الجهود والتضحيات.


رؤية الكاتب في العلاقة بين التشيع الصفوي والتسنن الأموي
التسنن الأموي: الذي يستغل عنوان المذهب السني لتمرير المخططات الرامية لفرض الهيمنة على مقدرات الشعوب، وتبرير أعمال السلاطين، والتبرع بالأحكام والفتاوى الجاهزة، لتتناغم مع التوجه الرسمي للحكومات، ف"التشيع الصفوي" وقرينه "التسنن الأموي" كلاهما مذهب اختلاف وشقاق، والحقد والضغينة هي من خصائصهما، لأن كليهما يمثلان الإسلام الرسمي، وكلاهما دين حكومي، الأول لتبرير الحكم الصفوي والثاني لتبرير الوجود الأموي في موقع الخلافة، "كل رموز التشيع الموجود في إيران وشعائره، رموز مسيحية ومظاهر مسيحية، أدخلها الصفويون على يد طلائع الغزو الفكري الغربي، لكي يفصلوا إيران تماما عن الإسلام السني، الذي كان مذهب الدولة العثمانية عدوتها التقليدية، كما أن الصفويين قد ارتكبوا ذلك الخطأ الفادح بالتحالف مع الأوروبيين ضد العثمانيين مما أودى بإيران وبالدولة العثمانية معاً"، وينهي بقوله: "ولو خرجت كل المظاهر الدخيلة على التشيع فلن يبقى هناك أي خلاف يذكر بين مذاهب الإسلام
" يرى شريعتي "أن الحرب الدائرة هذه الأيام بين المسلمين ليست حرباً بين 
التشيع العلوي والتسنن المحمدي، 
وأنما هي حرب بين التشيع الصفوي والتسنن الأموي 
وهي أنعكاس مباشر للحروب التي دارت بين الصفويين والعثمانيين على مدى قرون 
 وأستخدمت فيها العواطف الدينية من قبل الدولتين لأغراض سياسية تخدم أهدافهما ومطامعهما التوسيعة والقومية." [3]
محتويات الكتاب
  • كلمة الناشر
  • مقدمة الطبعة الفارسية
  • أشارة
  • مقدمة المترجم
  • تمهيد
التشيع العلوي والتشيع الصفوي
  • المقدمة
  • مذهب (الخاكشيرية)!
  • الحركة والنظام
  • الامبراطورية العثمانية والغرب
  • لحظة الهجوم الغادر!
  • مثال لمنطق التشيع الصفوي!
  • النص الكامل لبيان "التعريض بالإرشاد"
  • نص البيان
  • نص الهامش الثالث للسيد العسكري
  • منطق العالم الشيعي
  • الشيخ شرف الدين الموسوي (لبنان)
  • الشيخ كاشف الغطاء (العراق)
  • الشيخ محمد جواد مغنية (لبنان)
  • آية الله الشيخ محمد صالح الحائري المازندراني (إيران)
  • الشيخ محمد تقي القمّي السكرتير العام لدار التقريب
  • مونتاج "الدين-القومية"
  • عروس المدائن في المدينة
  • باختصار
  • المذهب:الحركة(الشيعية الشعوبية)
  • التشيع إذا كان علويا!
  • الاعجاز الصفوي_الجمع بين الضدين!
  • الحيلة الشرعية = خدعة على الله!
  • السحر الأسود
إلغاء التشيع بواسطة التشيع!
الإمام في السماء مع الله
  • تنويه
  • تفسير قرآني
  • أفضلية الأئمة على أنبياء اولي عزم
  • توضيح
  • تفسير قرآني
  • خلق الأئمة
  • استنتاج صاحب (جواهر الولاية) من الحديث أعلاه
  • النتيجة النهائية
الإمام في الارض مع الخليفة
  • الإمام زين العابدين مع عبد الملك
  • الإمام عبد ليزيد
  • مقدمة كتاب (زاد المعاد)
  • نصرانية الغرب والتشيع الصفويين : الافرنجي في كربلاء!
  • ظاهرة الاغتراب لدى الشيعة
  • الخوف من المساجد
  • التقليد والعزاء
  • حرف المسار الشيعي
  • تحول نوعي آخر
  • التشيع الصفوي قبل الدولة الصفوية
  • الأسس الاعتقادية للمذهبين!
·         العترة
·         العصمة
·         الوصاية
·         الولاية
·         الإمامة
·         العدل
·         التقية
·         السنة ونبذ البدعة
·         الغيبة
·         الشفاعة
·         الاجتهاد
·         الدعاء
·         التقليد
الملاحق
  • فهرس الآيات القرآنية
  • فهرس الأعلام
  • فهرس أسماء الفرق والأقوام والطوائف
  • فهرس الكتب والمصادر
  • فهرس الموضوعات
مصادر
1.                 ^ التشيع العلوي والتشيع الصفوي,دار الأمير للثقافة والفنون,الطبعة الثانية, ص 140.
2.                 ^ التشيع العلوي والتشيع الصفوي,دار الأمير للثقافة والفنون,الطبعة الثانية, ص 246.
3.                 ^ التشيع العلوي والتشيع الصفوي,دار الأمير للثقافة والفنون,الطبعة الثانية, ص292
4.                  
5.                  
6.                  
7.                  
8.                  
محتويات



  1. https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%8A%D8%B9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%8A_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%8A%D8%B9_%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D9%88%D9%8A .
  2.  
  3.  
  4.  
  5.  
  6.  
  7.  
  8.  
  9.  
  10. حقيقة التشيع والتسنن من وجهة نظر الفيلسوف شريعتي للتقريب المذهبي
    مقال نشر في قناة الحرة (عراق) 
    تعريف جيد لما هو سني وشيعي ، رحم الله شريعتي     آمين
     
    كان من اللازم في ظل ما تعيشه الأمة من تفتت وانقسامات وتشرذم وخلافات بل وحروب يطفو المذهبي فيها علي السياسي أن نستعيد ونستذكر بعض الأصوات العاقلة الهادئة عسى أن تكون هذه الكلمات حجراً في بركة راكدة يُعد فيلسوف الثورة الإسلامية في إيران الشهيد الدكتور علي شريعتي الملقب ب"المعلم" واحداَ من القلائل الذين تجردوا عن هوى التمذهب والتشدد أو التخاصم، وسعى بكل ما أوتي من قوة إلى لملمة الصفوف تجاه الوحدة بل إنه قد خصص كتابا يُعد معلما من معالم الفكر الشيعي في العصر الحديث ألا وهو "التشيع العلوي والتشيع الصفوي"
    ".
    ولد علي بن محمد تقي شريعتي في مزيتان في منطقة خراسان عام 1933 نشأ في أسرة متدينة معروفه بالفقه والعمل، ونشط وهو في الثانوية العامة في التيار الذي قاده رئيس الوزارء السابق مصدق ثم تخرج بتفوق من كلية الآداب ليُرسل في بعثة دراسية لفرنسا، ويحصل علي الدكتوراه واحده في علم الاجتماع الديني والأخرى في تاريخ الإسلام، وهناك كان على اتصال بجبهة التحرير الجزائرية والتقى مفكرى فرنسا البارزين أمثال فرانز فانون وسارتر، ثم عاد الي إيران ليؤسس "حسينية الإرشاد" وهو المعهد الذي هاجم فيه تعصب رجال الدين من الشيعة ضد السنة، ثم مالبث أن أعتقل مرات في فرنسا وفي إيران لتبنيه أفكاراً إصلاحية ثورية كبناء الدولة الإسلامية وإعادة صياغة الذات والمجتمع اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا على نحو إسلامي حقيقي، كما اهتم بجوهر المساواة والعدل وتنقية الإسلام مما شابه عبر القرون، خلف لنا حوالي مائة وعشرون (120) عملاً ما بين الفلسفي والأدبي والاجتماعي والسياسي كلها تتخذ من الإسلام القبس، استشهد في لندن على يد جهاز المخابرات التابع للشاه- آنذالك- السافاك عام 1977
    يشيد كاتبنا بالرؤية التي يتمتع بها شيخ الأزهر السابق محمود شلتوت وإخوانه في تدعيم حركة التقريب بين المذاهب الإسلامية ويصف هذا الدور بأنه واع ومسئول، هذا بخلاف وجود النفوس العالية التي تأبى الهزيمة أمام دسائس المتصيدين في الماء العكر من أعداء الداخل والخارج
    .
    يعزو شريعتي انتشار الخلاف والخصام المذهبي إلي ما يُسميه انتشار العدوين المتآخيين "التشيع الصفوي والتسنن الأموي" وانحسارالأخوين " التشيع العلوي والتسنن المحمدي"، فما هو التشيع الصفوي والتسنن الأموي؟

    go to top of page   التشيع الصفوي: نسبه الى الدولة الصفوية التي حكمت إيران وزعمت انحدارها من نسل الإمامة لتُضفي شرعية زائفة على سلطتها الزمنية، ويرى المعلم أن الحركة الصفوية ورجال الدين المرتبطين بها عملوا على إضفاء الطابع المذهبي وبعث القومية الإيرانية والوطنية لتبدو في صورة وشاح ديني أخضر، وركزت أجهزة الدعاية الصفوية على نقاط الإثارة والاختلاف بين السنة والشيعة وأهملت نقاط الاشتراك، وحرصت على تعطيل أو تبديل أو إهمال الشعائر والسنن والطقوس الإسلامية المشتركة بين المسلمين، ويرفض ماكانت تقوم به هذه الدولة عبر رجالها الذين كانوا يجوبون الشوارع ويُرغمون المارة والعامة على لعن الشيخين "أبي بكر وعمر"، ويصف هذه الأعمال ب"الوحشية والإرهابية" ويؤكد أن السباب والشتيمه واللعن هما من منطق التشيع الصفوي، ويرمي شريعتي هذا النوع من التشيع بأنه "تشيع الجهل والفرقة والبدعة، وتشيع المدح والثناء للسلطات، وتشيع الجمود والركود بتأدية طقوس عبادية ومذهبية دخيله على التشيع الأصيل، وهو تشيع ندب الحسين، وتشيع يُعطل مسؤليات المسلم، وهو تشيع للفكر الصفوي الدخيل

    go to top of page   التسنن الأموي: الذي يستغل عنوان المذهب السني لتمرير المخططات الرامية لفرض الهيمنة على مقدرات الشعوب، وتبرير أعمال السلاطين، والتبرع بالأحكام والفتاوى الجاهزة، لتتناغم مع التوجه الرسمي للحكومات، ف"التشيع الصفوي" وقرينه "التسنن الأموي" كلاهما مذهب اختلاف وشقاق، والحقد والضغينة هي من خصائصهما، لأن كليهما يمثلان الإسلام الرسمي، وكلاهما دين حكومي، الأول لتبرير الحكم الصفوي والثاني لتبرير الوجود الأموي في موقع الخلافة،  وبكل شجاعة وندرة يُصرح الشهيد أن "كل رموز التشيع الموجود في إيران وشعائره، رموز مسيحية ومظاهر مسيحية، أدخلها الصفويون على يد طلائع الغزو الفكري الغربي، لكي يفصلوا إيران تماما عن الإسلام السني، الذي كان مذهب الدولة العثمانية عدوتها التقليدية، كما أن الصفويين قد ارتكبوا ذلك الخطأ الفادح بالتحالف مع الأوروبيين ضد العثمانيين مما أودى بإيران وبالدولة العثمانية معاً"، وينهي بقوله: "ولو خرجت كل المظاهر الدخيلة على التشيع فلن يبقى هناك أي خلاف يذكر بين مذاهب الإسلام"

    ويرد مفكرنا على التخاصم والتقاذف الحاصل بين أنصار التشيع الصفوي وبعض رجال التسنن الأموي بأن غرض هذه الأمور هي خلق الأحقاد بين المسلمين، واستغفال الأذهان لمسائل هامشية وقضايا مفتعلة، والشيع العلوي والمنهج الحسيني وتشوية صورة الحوزة العلمية الشيعية الكبري في أذهان الجيل المثقف، اما "التشيع العلوي" فهو حركة ثورية، تمارس الجهاد فكراً وسلوكاَ، لتواجه الأنظمة ذات الطابع الاستبدادي والطبقي، وهذا التشيع يتبنى إقامة العدل، ورعاية حقوق الجماهير المستضعفة، وهو تشيع الوحدة والسنة، فشعار هذه المدرسة هو ثقافة الاستشهاد ونشر الحق وإقامة العدالة، وإن الشيعي العلوي هو الذي يسير على خطى ونهج الإمام علي بن أبي طالب.
    ويخلص شريعتي إلي أن الحل في أسلوب الطرح، والنهج المتبع في المناقشة والاحتجاج، فالسبيل الوحيد الكفيل بتحقيق ذلك هو توفير قاعدة علمية مشتركة وراسخة بين الأَخوين المستعدَيَيْن "التشيع العلوي" و"التسنن المحمدي" لمواجهة العدوين المتآخيين "التشيع الصفوي" و"التسنن الأمويويصل بشريعتي الأمر الى القول بأن "الاختلاف بين التشيع العلوي والتسنن المحمدي ليس أكثر من الاختلاف بين عالمين وفقيهين من مذهب واحد حول مسألة علمية... وأن التشيع العلوي والتسنن المحمدي طريقان متلاقيان من يسير في أحدهما لابد أن يأتي اليوم الذي يلتقي فيه مع صاحبه ليصبحا معاً وحدة واحده" وفي المقابل فإن " المسافة بين وجهي التشيع العلوي والتشيع الصفوي هي عين المسافة بين الجمال المطلق والقبح المطلق".

    يقدم شريعتي شخصية الصحابي إمام المتقين ورابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب، كنموذج حي وراقي، لعملية تأسيس الوحدة الإسلامية والترفع عن الخلافات، والسعي المتواصل نحو التوحيد لا التشتيت، وهو يقدم شخصية الإمام باعتبارها باعثة على التمسك بشعار الوحدة، وشعار التفاهم، وشعار المسيرة الواحدة، والصف الواحد ضد العدو الخارجي، بل إنه يسرد بعض الأمثلة التاريخية المعبرة عن المنطق المعتدل المنصف للتشيع العلوي كاستعانة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بالإمام علي في بعض المسائل الفقهية أو المشكلات الحياتية، وهذا المنطق يضاهي في اعتداله منطق علماء التسنن المحمدي فمثلا كان علماء التسنن المحمدي يقرون بالفضل للإمام جعفر الصادق، وهذا الإمام الشافعي يعلن محبته لآل البيت، وذاك الإمام مالك بن أنس يرفض أن يُعمم على المسلمين فقهه بقرار من الخليفة المنصور، ويعلن شيخ الأزهر محمود شلتوت عن فتواه بجواز التعبد بالمذهب الجعفري، هذه مجرد أمثلة يضعها كاتبنا ليوضح الفرق بين منطقين.

    يرى الأخ الشهيد في المرحلة الثالثة من مراحل مشروعه الفكري النهضوي الكبير "العودة الى الذات الإسلامية" ضرورة العمل على قيام إسلام عالمي أممي، لا تُكونه قومية أو عرقية أو نعرات مذهبية، بل يكون الإسلام الرسالي هو الجنسية وهو الوطن، ويعطي مثالاً ب"اتحاد الغرب الرأسمالي مع الغرب الشيوعي، وبالأمس كان اتحاد المسيحية والاستعمار أو توافق المسيح والقيصر" وبالتالي " فلابد من قيام العالمية الإسلامية" وينبغي أن "تسكت الخلافات المذهبية تماماً وأن تُدرك مصادرها وتبعاتها وعواقبها والأيدي التي تحركها، وهي الأيدي نفسها التي تحرك مبدأ فصل الدين عن السياسة وتقصد بالدين الإسلام فحسب".

    ينادي كاتبنا بأعلى صوته على العلماء من الطرفين فيخاطب علماء الشيعة ويقول "على علماء ومفكري الشيعة أن يوضحوا أن أجهزة الدعاية للتسنن الأموي تستغل الأقاويل والمزاعم التي يتشدق بها رجالات التشيع الصفوي للإساءة إلى كل الشيعة، وتشويه صورتهم عند إخوانهم السنة، وفي المقابل فإن أجهزة دعاية التشيع الصفوي تفعل الشيء ذاته، فتقتنص أقاويل ودعاوى ومزاعم النواصب والوهابيين وتلصقها باسم السنة جميعا"  ويحث علماء السنه على التحري والتروي فيقول "على العلماء المخلصين من السنة أن يفندوا هذه المزاعم ويدفعوا هذه الشبهات التي تثار ضد إخوانهم من الشيعة وليقولوا لأبناء جلدتهم أن الشيعة هم من صلب الإسلام لا غير، ليسوا أعداء للمسلمين، ولا حلفاء للصهاينة...لكي لا يقعوا في شرك الأعداء وينشغلوا عن معاداه اعدائهم الذين تسللوا الي عقر دار المسلمين بمعاداة إخوانهم الشيعة".
    هكذا رسم لنا شريعتي صورته عن التقريب بين أهل المذاهب بقبول الاختلاف وإحسان الظن والبعد عن التشنجات وإعادة قراءة التاريخ وأحداثه بصورة نقدية ومغربلة، كي لا نقع في خطيئة التراشق بالتكفير والزندقة وأن ننتبه الى ما ينسجه أعداء الأمة للوقيعة بين أصحاب الملة الواحدة

     
  11.  
  12.  
  13.  
  14.  
  15.  

Aucun commentaire: