vendredi 31 janvier 2014

الرّسالة الأولى ــــ السّلفية التعريف، الخصائص ـــمن كتاب ــ من جرائم السّلفيّة ـــ أربع رسائل ــ-سلسلة في الصّميم ـــــ حمّادي بلخشين


vendredi 31 janvier 2014


سلسلة في الصّميم ــــ السّلفية التعريف، الخصائص الرّسالة الأولى ـــمن كتاب ــ من جرائم السّلفيّة ـــ أربع رسائل ــ ـــــ حمّادي بلخشين



سلسلة في الصّميم 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السّلفية
التعريف، الخصائص 

الرّسالة الأولى
ــــــــــــــــــــــــــــــــ  من كتاب ـــــــــــــــــــــــــ
من جرائم السّلفيّة 
ـــ أربع رسائل ــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حمّادي بلخشين

 2008
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                        

بسم الله الرحمن الرحيم
وكذلك نفصّل الآيات و لتستبين سبيل المجرمين


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  2ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

محتوى

الرسالة الأولى







 قبل البدء .......................................................................................   5

إضاءة أولى : سنة و شيعة هلم جميعا الي اسلام ابي بكر و عمر وعليّ.............  5

اضاءة ثانية : حلم جحا يتكرر.............................................................. 8



الباب الأول :



فصل الحاضر غرس الماضي..............................................................    13

فصل كل ما تعد به السلفية ايمان غبي أو عقلانية ملحدة.......................         15

فصل الخلل هنا.......................................................................            17 

فصل السلفية حركة ردة شاملة.........................................................      21

السلفية هي العدوّ ...................................................................            25

الباب الثاني:   



تعريف السلفية.......................................................................            33

مكونات البيت السلفي...............................................................            41



الباب الثالث:



 صفات السلفي السعيد.............................................................              46





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 3 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإهداء



الي غيلان الدّمشقي

                         إن أمة تسقطك من ذاكرتها  ليست جديرة بالحياة. 



ـــ

أمتي كم صــــــنم مجدتـــــه   لم يكن يحمل طهر الصّنم

لا تلوموا الذئب في عدوانه   ان يك الراعي عدوّ الغـنم

عمر أبو ريشة







ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 4 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



          

قبل البدء

إضاءة أولي:

 سنة و شيعة،  هلمّ جميعا الي اسلام ابي   بكر و عمر و علي



   ليس من العيب و لا من العار ان يولد المرء سنيا او شيعيا اوبوذيا او لادينيا، فالأمر ليس إلينا، و لا بيدينا لأجل ذلك لا يحاسبنا الله على ذلك . ولكن العيب و العار، ان يلتزم الواحد منا ما وجد عليه اباءه  من عقائد باطلة وتافهة، و مثيرة للخجل(1) 

اذا نظرنا الي بلاد المسلمين وجدنا طائفتين بائستين سنة وشيعة. طائفة السنة تؤمن بالحكم الوراثي، أي باختيار الحاكم على اساس عنصري( من قريش) أو على أساس بلطجي ( اعطاء الشرعية للحاكم للإنقلابي الناجح ـ المتغلب ـ) وهذا أول الوهن .                                          

   ثاني مصائب الفكر السنيّ المعاق والمعيق، إيمان الغالبية من كهنته ومفسريه و منظريه بان الشورى غير ملزمة للحاكم، بمعني انها شكلية. والنتيجة المريعة، ان الحاكم الوراثي المدلّل قد اعطي أيضا، حق فيتو مجّاني( لم يعطه اكرم الخلق على الله) لإفساد نتيجة كل شورى تصبّ نتيجتها في صالح الأمة. فاذا قال الشعب" نعم لشيء ما"،فيكفي الحاكم الوراثي مجرّد قول"لا"، حتى يفسد نتيجة الشورى. و الحصيلة الكارثية: صنع حاكم في شكل وحش مطلق السراح، لا يسأل عما يفعل. هذا مع العلم ان الرسول عليه الصلاة والسلام، لم يثبت عنه قط ّ، انه استشار صحابته ثم عمل بغير راي أغلبيتهم، ولو خالف راي الأغلبية رأيه.                                      

  ثالث المقاتل السنية،اعتقادهم  بالإجماع الحنبلي والأشعري، ان افعال المرء مخلوقة، ولا قدرة له عليها، اي انها من صنع الله!! في نهاية المطاف،ايمانهم بالجبرية المطلقة ( معاوية اول من ارسى هذه العقيدة المميتة، فحين رجع من حربه لعلي رضي الله عنه صّرح  بان القدر و إرادة الله هي  التي حملته على كلّ ما فعل!)(2)                                                                          

  رابع الكوارث السنية، اعطاء الحاكم الوراثي والدكتاتور(والذي يعتبر هو ذاته من اعظم المنكرات التي يجب اماطتها) صلاحية تغير المنكر باليد دون سواه! اي انهم سلموا السمّ الي

  ــــــــــــ     

(1) لقيت دكاترة سلفيين لو وجدوا آباءهم يعبدون عمود كهرباء لأتبعوهم و لنظموا فيه أشعارا! 
 (2) كان مفهوم القضاء و القدر و حرية الإنسان في الفعل و الترك واضحا في تصور الصحابة و لا يقبل اي سفسطة او جدل ولا وجع دماغ، فحينما جيء لعمر رضي الله عنه بسارق سأله: ما حملك على السرقة؟ قال: قضاء الله!  فاجابه: وانا اقطع يدك بقضاء الله، وأجلدك من اجل كذبك عليه!                                               

 ـــــــــــــــــــــ 5 ـــــــــــــــــــــــــ



الجرذان التي تعيث في البيت فسادا، ثم قالوا لها :استعمليه متى يحلو لك ذلك! و في الوقت الذي يناسبك تصبحين على خير!                                                                                                                

     خامس الدواهي السنية، تحريمها الخروج على الحاكم الفاسدـ  وأخيرا، المبدل لشرع الله والمظاهر لليهود و النصارى ـ ولو سجد ذلك الحاكم لصنم، ما دام يقول لا اله الا الله .كما جعلوا الخارج عليه ملعونا في الأرض و السماء. ففي حين اعتبر القرآن الكريم ان الركون للظلمة و عدم تغيير الظلم السياسي بشتى الوسائل( الإستضعاف) يدخل صاحبه النار، حث البخاري على الصبر على ظلم الحاكم، وزودها الجنرال ابن حنبل حبتين حين حرّم على المسلم ان يبيت ليلة واحدة وهو ينكر شرعية حاكمه السفّاح!                                                                                   

    سادس المخازي السنية (على، فكرة لا علاقة لسنة الرسول التي تفسر القرآن الكريم وتوافق آياته، بتسمية هاته الفرقة) تعزية المظلومين من خلال ايهامهم بتغيير خارجي يتم عن طريق مجدد القرن(الذي لم يتقن شيئا قدر اتقانه التغيب عن موعد قدومه) او المهدي او المسيح. ففي حين يخبرنا الله  بانه "لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم" يصرالفكر السني على ان التغيير سيتم و نحن نيام، ومن قبل قوى غيبية.وفي حين يؤكد الله تعالى ان الرعية الفاسدة تعاقب بحاكم أفسد و ألعن (و كذلك نولى الظالمين بعضهم بعضا بما كانوا يكسبون) يوهم الفكر السني و الخرافي اتباعه بان الفساد السياسي يعالج ربانيا بمهدي أو مجدد قرن يملأ الدنيا عدلا.لأجل ذلك سقطنا في الحضيض ولو لم يوجد اليهود و النصارى وكل " أعداء الإسلام" لأستعمرتـنا الفقمات ولأستضعفتنا طيور البطريق، ما دامت افخاذ الفكر السني مفتوحة لكل مسافح، وما دامت المنظومة السنية تمتلك هذا الكمّ الهائل من مؤهلات السقوط  وهذا القدر المفجع من قابلية الإمتطاء و الإستعباد.                                                                                                

    اما  طائفة الشيعة فهي عمياء تماما، اذا قيست بالفكر السني الأعور. فهي تؤمن باختيار الحاكم على اساس عنصري(اهل البيت) كما تعطي لأئمتهما صلاحية حساب الناس يوم القيامة، كما نسبت اليهم تلقي الوحي و معرفة الغيب و الإطلاع على ما في الصدور، كما اضافت الي سقوطها الإيمان بتحريف القرآن ثم تكفير صحابة الرسول و اتهامهم بانهم خدعوا الله تعالى حين اثنى علي ايمانهم  و الحال انهم لم يؤمنوا في حياتهم قط !                                                              

خلاصة الأمر:

 لا خير في الشيعة و لا في السنة.فالطائفتان موجودتان معا في الفراش الأمريكي، كما انهما لا تخدمان قضايا المسلمين، بل تخدمان الجنرالات و الملوك و كهنة الشيعة الحاكمين في إيران.                                       

                                                                                                                  

 خلاصة أخرى:

 الطائفتان التعيستان تؤمنان معا بالشخص السوبرمان والمقدّس، والطائفتان متورطتان تاريخيا بالظلم والفساد،( حين حكمت الشيعة مصر، أمر الحاكم بالله الشيعي، الشعب المصري بالعمل ليلا

ـــــــــــــــــــــــــــ 6 ـــــــــــــــــــــ

والنوم نهارا كما حرّم عليهم طبخ الملوخية (سواء بالأرانب أو بالزفت)( لست ادري لماذا،ربما لأن الملوخية لم تعجبه،على كل حال بعد"الصحوة الإسلامية" يمكن للشعب المصري  طبخ ما شاء !) فلا خير في الحكم الوراثي، ولو اراد الله حكما وراثيا لترك الرسول أطفالا ذكورا اكثر من عدد اطفال بن لادن، و لكن موت ابناء الرسول يخبر كل عاقل بان الله لم يرد ارساء نظام وراثي.                                                           

                                                                                              

  ايها السادة الأفاضل، اعدكم باني ساكون عادلا في توزيع اللطمات على الخدين السني و الشيعي، لعل اتباعهما يفيقان و يؤوبان الي اسلام محمد بن عبد الله اسلام ابي بكر و عمر و عثمان و علي والحسين،اسلام العزة والكرامة والحرية، اسلام عولمة الثورة ونجدة المعذبين في الأرض، كل الأرض.                                                                                                          

أقول قولي هذا ناصحا للأمة متالما من سقوط شيعي قتيلا، من اجل شيعيته و سني من اجل حبه لأبي بكر وعمر.                                                                                              



 ــــــــــــــــــــــــ 7 ـــــــــــــــــــــــ               



إضاءة ثانية :

 حلم جحا يتكرّر !

     حدّث جحا  قال: " رأيت في منامي حلما نصفه الأول حقّ و نصفه الثاني باطل، قيل له كيف يا ابا الغصن؟ " قال رايت في منامي وكأنني عثرت على بدرة( كيس)ملئت ذهبا وفضة و دنانير ذهبية ،ولمّا حملتها سلحت على نفسي من شدة ثقـلها، وحين أفقت، وجدت النتونة و الرطوبة ولم أجد البدرة بين يديّ!                                                                                               

    ما حدث لجحا قد حدث لأمتنا في صور متعددة...أولها مع اسلامنا العظيم....حين انطلق المارد الإسلامي كاعصاركاترينا وهو يعصف بالدول ويطيح بالأمبراطوريات، ويخلع الجبابرة و المستبدين، و يرسي الأمن بين الخائفين... كان حلم الإنسانية ان يتم ذلك الخير، و يشمل كل المعمورة، وتجمع اسلحة المجرمين وتنتهي الحروب الدينية و الطائفية والقومية، وتضع الحروب اوزارها فتأمن البشرية من خوف، و تطعم من جوع، و تعيش آمنة مطمئنة تمارس عقائدها بكل حرية  تحت جناج النظام العالمي الرباني، ولمّا افاقت الإنسانيةمن حلمها، وجدت انقلابا امويّا جاهليا عنصريا يخدم مصالح اسرة وحيدة!  فقلبت كل الموازين، وضاعت آمال البشرية ، وطارت بدرتها  الثمينة، كما تلاشت بدرة جحا و بقيت الإنسانية  بما فيها الشعوب الإسلامية غارقة في النتونة والعفونة، خصوصا وقد أيّد الغباء السلفي  أو برّر على الأقل نظرياّ،" ما احدثه معاوية ميدانيا" من عبث و تغييرو مسخ لديننا العظيم.                                                         

    لما سقط كياننا السياسي سنة 1924 بتركيا، اتجهت الإنظار الي الشاطر حسن البنا وهوشاب  مصري طموح التفت حوله الملايين من الأتباع المستعدين لبذل النفس و النفيس في سبيل احياء الكيان الإسلامي المنهار على أسس قوية تضمن له اسباءالبقاء...حلم المصريون و العرب و المسلمون بان يقود حسن البنا شعبه المصري و من خلفه الشعوب الإسلامية الي ثورة حقيقية ... بعد فترة قصيرة افاقت امتنا العربية من حلمها لتجد فراشها اكثر تلوثا و اشد نتونة من فراش جحا !! الذي حدث،ان ما حسبته الأمة  لجينا قد تبين انه مجرد تراب، لقد أبدى الكير عن خبث الحديد، و تبين ان حسن البنا كان مجرد نسخة سلفية بائسة عرفت امتنا  آلافا من أمثالها.                

    حسن البنا باختصار شديد ، وقف مع الملك الفاسد فاروق و سماه الفاروق العظيم ثم كفّر كل من امتدت يده الي النظام الملكي بسوء ثم  ايد دستور1923 الدستور العلماني الذي وضعه البريطانيون في مصر عوض الشريعة الحكيمة ثم وافق على معاهدة 1936 التي تمنح بريطانيا وجودا شرعيا بمصر!!! و انتم ترون اليوم تلامذة البنا يقفون مع المحتل الأمريكي في العراق و افغانستان وفلسطين .                                                                                         

   على مستوى العالم الإسلامي ... حين احتلت دول الغرب بلاد المسلمين ،كان على السلفية ان تنادي بقتال الكفارو إجلائهم  فهب المسلمون لدحرهم فتحقق  لهم ذلك...حلمت الشعوب العربية بدول ذات دساتير تعبرعن ثقافتها ورؤيتها للحياة، كما حلمت بنظام عادل يحسن توزيع الثروات

ـــــــــــــــــــــــــ 8 ـــــــــــــــــــــــ                                                           

ويرحم شعبه. بعد حين،افاقت شعوبنا الإسلامية على نتونة تسد عليها انفاسها، حين التفتت حولها، وجدت مراحيض بشرية متنقلة تعتلى كراسي الحكم ...بيادق ذليلة لا تليق بها غير الكراسي الكهربائية، فقد تبين انهم العن الف مرة من المستعمر نفسه، ولا يختلفون عنه الا بلون البشرة. كما فوجئت شعوبنا بدساتير اروبية تحكمها بقانون هنري وميشال المخنثين و كاترين و جوزيفين العاهرتين، فالمسلم الذي يجد زوجته تضاجع في فراشه شخصا غريبا كان عليه قانونيا ان يفر كالغزال، اوأن يقدم للزاني  كاس شربات، لأنه لو دافع عن شرفه فقتله الزاني فلا شيء على الزاني، لأن الزنا تم برضا الزوجة (كل جرمها هو سوء اختيار المكان)و قد سقطت دعوى الزنا بموت الزوج صاحب الدعوي، ثم ان قتل الزاني للزوج كان دفاعا شرعيا عن النفس!                                                                          

ذات 1979 افاقت امتنا الإسلامية على انتصار الثورة الإيرانية، حسنا، هذا شاه ايران سقط ستتبعه شياهنا بكل تاكيد، ازاء تهديدات الخميني بزوال دولة اليهود، اعتقد الكثيرون أن وجود دولة اسرائيل اصبح مسالة وقت لا اكثر ولا اقل!.. حين افاق المسلمون وجدوا في كل بيت خرية ايرانية أعرض من مؤخرة جلال الطالباني..هذا ابن يلعن الصحابة وهذه ابنه تتهم الشريفة عائشة بالفاحشة، وهذه ايران تتعامل سريا واقتصاديا مع اليهود و توالي امريكا في العراق و افغانستان، وهذا ذيلهم الشيعي  حسن نصر الله يثني على تاييد مراجع العراق للإحتلال الأمريكي هناك!   

ـــــــــــــــــــــــ 9 ـــــــــــــــــ











لا يـــا دولة الـسّــفـل

أطــــلت المكث فأنتقلي

و يا ريب الزمان أفق

نقضت الشّرط في الدّول





(دعبـل)





ــــــــــــــــــــــــ 10 ـــــــــــــــــــــــ



الباب الأول

 مدخل





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 11 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







" إن الإسلام المعروض على العالم ليس اسلاما نصيّا بقدر ما هو  إسلام                   

تاريخيّ من صنع المنظومة السلفية "



(عبد الجواد يس. السلطة في الإسلام  )









ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 12 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ









فصل

 " الحاضر غرس الماضي و المستقبل جني الحاضر "









   إذا سلمنا بانه ليس في الإمكان اسوأ مما نحن عليه الآن من ضعف و تشتت و هوان .                                                                 ثم اذا سلمنا بأن " الحاضر هو غرس الماضي"،  فإن من الخيانة الإعراض عن مراجعة ماضينا  و تقييمه على هدي القاعدة القرآنية  في قراءة النكبات( و ما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم) خصوصا  و ان اعادة التقييم  لن يكون بحال من الأحوال من قبيل فضول العمل ومضيعة الوقت، ما دام  ماضينا ما زال  يشكل حاضرنا ويوجّهه نحو مزيد التردي و الإنحطاط  و التخلف .                                                                                        



   ان التردد في اسقاط هالة الهيبة الكاذبة عن كل بقرة سلفية مقدسة قد  ساهمت في صياغة ماضينا و تشكيل حاضرنا، بدعوى "عفا الله عما سلف" و" اذكروا موتاكم بخير" يعد من قبيل الخيانة العظمى. لان ذلك التردد لا يعني سوى تكريس معاناتنا و استمرارنا  في جني العوسج  والزقوم الكريه، من شجرة السلفية الملعونة التي زرعتها الملكية الفاسدة، و سقاها الغباء  السلفي المتآمر بدماء العقلاء الموحدين.                                                                         



   وإذا سلمنا أيضا أن "المستقبل هو جني الحاضر"، فيا للغد المروع، لو لم نسارع الي تغيير حاضرنا .           

    و لعلّ اجدى ما نفعل في حاضرنا، هو التوجّه رأسا الى رأس الحيّة المتمثل في المنظومة السلفية ( ما يسمى باهل السنة و الجماعة) التي يبدو قصور تصورها وضيق أفقها، وقصر نظر  رمزوها، أجلى ما يكون، في تحويلها المنقذ الإسلامي الذي كلّف بتصفية الدكتاتوريات العالمية، الي عبد  مسخر لخدمة دكتاتوريات محلية هزيلة ذات إستقلال شكلي  جثمت بقوة الإرهاب على صدورنا ، جثوم الكابوس الثقيل، و ليل امرئ القيس الطويل.                                                                                                     



   كما يتجلّى لنا قصور المنظومة السلفية( المتطفلة على سنة رسول الله)، ودنوّ همّة رموزها و وضاعة أهدافهم،  في قبول تلك المنظومة  بالقيام بدور المزلّق lubricant في عملية اغتصاب الأمة، أو مساعد اللصوص في مسك قرني البقرة المسطوّ عليها ليتم سحبها دون ضجة، وإن شئت فقل في قبولها دور مراقب الأرقاء الذي لا يرحم Slave driver وذلك  حين فرضت على المسلمين قوانين عبودية، و خطط ذل، تمرد عرب الجاهلية على قبول  معشارها،  لما فيها من مهانة  و طاعة غير مشروطة لحاكم مسخ،  يفتقرالي  مروءة الجاهليّ  وورع المسلم  .                                                                                             



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 13ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                      





"إنّ وجود الله في الكون أكثر وضوحا من وجود الكون نفسه"

صادق النيهوم







ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  14 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                                       





فصل

كل ما تعد به السلفية: إيمان غبي ّ أو عقلانية ملحدة




  منذ اكثر من ثلاثة عشر قرنــا من الزمان  تسعى السلفية، بـكلّ ما أوتيت من ضيق أفق و جهل مسلّح بحراب الحكام، الى فتـنة العقلاء من ابناء المسلمين، عبر حملهم على الإعتقاد بإستحالة الجمع بين الإسلام و العقل، استحالة  الجمع بين الماء والنار في حيّز واحد. فحضور الإسلام  يقتضى سلفيا  تغييب العقل(1)،  والإستعاضة عنه بخزعبلات المحدثين التي تناقض العقل و النقل معا . أما إستصحاب الحاسة النقدية، وأما عدم التهيب من أسماء الرجال،  وأما التركيز على ما قيل لا على من قال، فلا يتم  وفق التصوّر السلفي المتخلف، إلاّ مع الإلحاد البيّن،  والضلال البعيد، و الزندقة المكـشوفة و" والطعـن في فضلاء الأمّة والوقوف في صف أعدائها"!



  ان التشبت بالإسلام يقتضي سلفيا،  تضحية  المسلم  بحريّة النقد و التعبير واختيار الحكام  ومحاسبتهم وعزلهم، وإلا صادرت السلفية شهادة اسلامه، و ألحقته بطائفة الخوارج "كلاب  النار"،  وجعلت دمه وعرضه وماله نهبا للملكية الفاسدة، والنظم العسكرية المسعورة .                                                                                                                      



  كما تقتضي سلفية المرء،  إختياره  بين نعيم الدنيا و نعيم الآخرة، أي  بين رحمة الله  ورحمة الحكام،أما الجمع بينهما، فلن يتيسّر سلفيا،لأن الدنيا سجن المؤمن و محرقته، وما وجد المسلم فيها الا ليرهب و يهان ويضطهد ويعنّف، و يؤدّي دور ممسحة الأرجل بكل خشوع و امتياز .                                                                        



  كما تقتضي سلفية المرء،  شكه في العدالة الإلهية، عبر اعتقاده ان الله تعالى  قد أعفاه من اختيار حاكمه الذي عينه ــ سبحانه عما يقولون ـ على أساسي عرقي مقطوع الصلة بالقاعدة الربانية (ان أكرمكم عند الله اتقاكم) .



كما تقتضي سلفية المرء إيمانه بان الله(  تعالى عما يقولون علوا كبيرا)، قد اكره عباده على  المعاصي،  و ذلك  حتى لا يدرج  في خانة القدرية " مجوس الأمة".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا شك أن أبا  العلاء المعرّي  رحمه الله، كان  يمر بحالة اكتئاب حادة أفقدته التمييز، و حادت به عن جادة الصواب  حين قسم الناس الي عقلاء بلا دين و غير عقلاء بدين ، و لعل ضيقه بالغباء السلفي  هو الذي حمله على الـتعميم. وإلاّ فديننا يمجد العقل ويثني على العقلاء. لأجل ذلك، كان علي بن ابي طالب رضي الله عنه كثيرا ما يتساءل قائلا: " ربّ من وهبته العقل فماذا حرمته و من حرمته العقل فماذا وهبته؟!" .
   ولما كان  اصحاب الحديث  يعدّون اضعف الحلقات في فسيفــساء المجتمع، استهدفتهم الملكية لتستغل سذاجتهم و طيبة نواياهم  في تمرير مشاريعها  الخبيثة والسيئة النوايا، حين كلفتهم بهدهدة الأمة  بمرويات نبوية  موضوعة تهادن الفساد الإداري،  حتى تنام عن مظالمها، علها تصحو على من يبشرها بظهور" من يملأ الدنيا عدلا بعدما ملئت جورا". (تلك  الهدهدة و ذلك التنويم لم يكونا  ظاهرة  معاصرة ( سجلها احمد مطر حينما قال(اثنان في أوطاننا يرتعدان خيفة من يقظة /النائم اللص و الحاكم )! بل كانتا عادتين  ضاربتين في القدم!).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 15 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







  و لما كان الأمر على ما وصفت من السّوء،  أردت بهذا البحث إقامة الدليل،  على أن المسافة شاسعة بل قل فلكية بين دين الله و دين الملك (الذي تمثله السلفية أحسن تمثيل)، كما ان الإختلاف بيّن  بين التصوّر السلفي والتصورالإسلامي، كما أردت الإشارة الي ان تقديم كاهن سلفي كناطق رسمي للإسلام، لا يقل طرافة و لا استهانة بعقول الناس، عن تقديم  زعيم قبيلة أميّ من عراة إفريقيا، متكلما باسم علماء الفضاء !                                                



  كما أن من أهداف هاته الدراسة، الحطّ من قيمة أصنام السلفية وأهمّ مسلّماتها و أرسخ ثوابتها

عسى أن يخلص القارئ في نهاية البحث، الى الإعتقاد بأن  المسلمات و الثوابت السلفية الآنفة الذكر، لا علاقة لها باسلام  محمّد, و أن كلمة سلفي يمكن إعتبارها أشنع نعت، و أبشع تهمة يمكن أن  تقذف  في وجه أي متديّن،  بمن  فيهم عبّاد البقر!                                                                                                                  





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  16 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







فصل

 الخلل هنا 





عبرة من الماضي :                                                                                        


اتضح لي  بعد دراسة متأنية على ضوء قراءة إسلامية  لسنن الله  تعالى في معاقبة الأمم  الشاردة عن نهجه،أن السبب الأوحد في انهيا ر قلعتنا الإسلامية  امام  الصليبيين والمغول  وجيوش الإستعمار الغربي وأخيرا الإرهاب العلماني الحاكم، لم يكن قط  كثرة الأعداء، ولا عبقريتهم العسكرية ، بل بسبب إصابة امتنا  بفقدان المناعة الذي أحدثه  لها الفيروس السلفي المميت،  ليحولها الى متنزه للغزاة،  و قصعة للطاعمين .                                                                                                        



   فالسلفية  دون سواها( و منظومة أهل السنة و الجماعة بالتحديد)، هي من أناخت الشعوب الإسلامية لكل دعيّ واثب على كرسي الحكم  بعدما ذللت رقاب العباد،  وأماتت فيهم العزائم،  و زيّنت لهم مركب الذل، وبذلت جهدها الأخرق في تربيتهم على أخلاق العبيد، وفرضت عليهم  طاعة غير مشروطة يضع صاحبها في حسبانه تعرضه في كل لحظة لنزوات حاكمه  في جلد  ظهره، ومصادرة ممتلكاته وهتك عرضه، كل ذلك تحت طائلة تهديده " بميتة جاهلية" تتربص به لو غادر"حظيرة الجماعة"  قيد شبر، و تمرد على ذلك الذل  لحظة واحدة من عمره.



 ان ثقتنا المطلقة بما ورد في كتاب الله، يقتضي منا  التسليم المطلق، بأن قوى التآمر الخارجي  مجتمعة كانت و لا تزال أهزل بمسافات ضوئية،  من أن تنال ذرة واحدة  من قلعة الإسلام المحصنة ربّانيا  بضمانتين معصومتين  تستعصيان عن الإختراق حتى لو اجتمعت كل قوى الأرض على اقتحامها، وهما : الصبر و التقوى، قال تعالى ( وان تصبروا و تتقوا لا يضركم كيدهم شيئا)

فكما ان الحمّى العارضة اضعف بكثير من ان تسلب الحياة  من جسم  رياضي سليم، فان المؤامرات الخارجية، اضعف من ان تـنال من امة تعهد الله بنصرها،  لو نصرت دينه ( ان تـنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم) وتكفل بحفظها، لو حفظت  تعاليمه. ولكن أمتنا قد أوتيت من الداخل أي من قبل  منظومة  سلفية متخلفة عقليا، عبثت  بإسـلامها،  و مسخت تعاليمه الأساسية، و جعلته أضحوكة للعالمين كل ذلك لوجه الله  تعالى، و بجهل خالص النية،  و حماقة ذات ضمير حسّاس (1) ، لتحّول الضمانتين الإلهيتين اللتين تكفلان لأمتنا البقاء في المقدمة، والإستمرارفي ريادة البشرية، الى سيفين خشبييّن  ولعبتين ورقيّتين، حين مسخت مفهوم الصبر الإسلامي، الذي يعني تحمل  تكاليف جهاد الظلمة في انتظار فرج الهي حتمي الوقوع ،الى صبر سلفي يستمرئ الظلم،و يستسيغ الإضطهاد  في انتظار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  Nothing in the world is more dangerous than sincere ignorance  and conscientious stupidity                                                                     
(مارتن لوثر كينج)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 17 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







خلاص وهمي يتمّ، على يد مسيح غير دجّال(1) أو مجدّد قرن لم يتقن غير التخلف عن موعده، أو مهدي شيعي من أحاديث خرافة... ثم حين مسخت التقوى الإسلامية (التي هي  خشية الله المترجمة اسلاميا في  افراده الله  بصلاحية الأمر والنهي  ثم التقرب اليه بدماء من نازعه تلك الصلاحية, الى تقوى سلفية باردة  تراعي تكثيف الأوراد وكثرة الركوع و السجود و حفظ أنظمة الجور، اعتبارا منها،  بان ما سيسفر من قتلى و اخلال بالأمن الملكي أو العسكري الحاكم أثناء الإشتباك مع الظلمة لجرّهم من كراسيهم المغتصبة تعدّ مفسدة عظمى و " فتنة" ،  يهون من اجل تلافيها، التضحية بالعدالة و الحرية و العمل بأحكام الشريعة! اعتمادا على القاعدة الأمنية السيئة الذكر" درء المفاسد مقدم على جلب المصالح "!  و كأنّ أرواح هؤلاء  المرتزقة من الجنود، و كأنّ أرواح من تصدى لهم من المؤمنين، كانت و لا تزال أنفس من أرواح الصحابة رضوان الله عنهم،  حتى لا يخشى تقديمها قربانا لحياة هذا الدين و كرامة أهله  و غير أهله من ضحايا الجور من الأمم غير المسلمة .                                                                                        



عبرة من الحاضر :

   

    سيتجلى لكل من وفقه الله،  وأزال عن بصره غشاوة تقديس الأسماء دون تقييم اعمال أصحابها على ضوء كتاب الله و ما صحّ من سنة رسوله، أن مصدر قوة النظم الإرهابية الحاكمة  بشقيها الملكي و الجمهوري، لم يكن يكمن لا  في ضخامة أجهزتها الأمنية، ولا في الدعم  المالي و العسكري و الدعائي  الذي تتلقاه من الغرب. بل في منظومة سلفية محكمة الصياغة تمثل صمّام أمان وحيد لبقائها جاثمة على صدور المسلمين. فلو سحبت المنظومة السلفية شهادة الزور التي تثبت إسلام القائمين على تلك النظم  الإرهابية الحاكمة، لتجرّأت الشعوب على حرب تلك الكيانات ، و لتسابق البرّ و الفاجر على تقويضها بما ملكت أيديهم،  بعدما طفح الكيل و بلغت القلوب الحناجر، ولم يعد  للشعوب  شيئا تخسره.( و لعل القارئ لا يزال يذكر عرض القنوات الفضائية لشريط مسجل تبدو فيه سيدة عراقية تضع يدها على المصحف الشريف و هي تقسم بالقرآن العظيم( مما يدل على ضعف معرفتها الدينية) قبل ان تفجر نفسها في الأيام ألأولى لغز القوات الأمريكية للعراق. كل ذلك نكاية منها بالعدوّ "الكافر" الذي خلع الرئيس "المسلم" صدام حسين. كما شاهد النظارة قبل ذلك بسنين شابة فلسطينية متبرجة  تفجر نفسها تمكينا" للأخ "العلماني ياسر عرفات من قيادة فلسطين مستقلة عن وصاية اليهودي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)"اخبر الله تعالى بني اسرائيل في التوراة بانه سيرسل لهم نبيا مثل موسى ليقيم لهم الدين خلفا لموسى عليه السلام. وهذا النبي الآتي وضع عليه بنو اسرائيل لقب "المسيح المنتظر"، و قالوا انه اذا جاء سيحارب أعداءه و سينتصر عليهم، و سيفتح بلادهم، و سيملك عليها و سيقيم لله مملكة عظيمة تظل الي يوم القيامة، الي ان يرث الله الأرض و من عليها. و بنو إسرائيل( اليهود) ينتظرون هذا النبي المسيح الي هذا اليوم. ...أما المسيحيون فهم يقولون ان عيسى بن مريم هو" المسيح المنتظر" وقد جاء . و لكنه لم يحارب و لم يملك. و لسوف يعود الي الأرض مرة اخرى ليحارب و يملك، و يؤسس المملكة العظيمة لله رب العالمين ... أما نحن المسلمين فاننا نعتقد ان المسيح المنتظر هو محمد صلى الله عليه و سلم وقد جاء. و ليس من بعده مسيح ... سيأتي ليؤسس لله مملكة ظاهرة على الأرض."إهــ 
من  كتاب "عودة المسيح المنتظر لحرب العراق بين النبوءة و السياسة" صفحة 21 و 22 " لأحمد حجازي السقا ـ دكتور ازهري جريء ــ نشر دار الكتاب العربي دمشق القاهرة الطبعة الأولى2003 . و الكاتب كما هو واضح لا يعبر عن الرأي السلفي ( أهل السنة و الجماعة) في المسألة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  18 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





" الكافر".   فلو تحلى كهان السلفية بالرجولة يوما و اعلموا شعوبهم بــان صدام حسين و ياسر عرفات لا يقلان كفرا بدين الله  و مكرا بأهله عن حكام اليهود و سادة البيت الأبيض،  لما استقرت الأرض ساعة تحتها و تحت أمثالهما ،  ولكن كيف يطلب الماء المثلج من قعر الجحيم؟!



     ولما صحّ  أن بقاء الإرهاب الحاكم آخذا بخناق المسلمين،  متوقف على وجود موانع الحمل (1) السلفية التي تحول بين الشعوب و بين حمل فكر ابي ذر وسيفه،(  بسبب ما لدى جنرالات السلفية من تعليمات أمنية مغلفة بقداسة نسبتها الى سيد البشرية). حاولت جهدي في هذا العمل المتواضع تجريد السلفية من هالات المجد الكاذب الذي تدعيه، عبر إقامة الدليل على أن أشهر رموزها( بن حنبل، الشافعي و غيرهما)،  كانوا محنا حاقت بأمنا, لا منحا وهبت لها, وان تلك الرموز التي مازالت تتطأطا لذكرها الجباه،  لم تكن مصيبة في شيء، لا في انتقاء ولا في تدوين, و لا في فهم السنة النبوية،  بل  كانت في كل قدمته، مصيبة أضرت بالسنة النبوية ذاتها قبل أن تضر بالمسلمين. لأن كل تلك الجهود "الحيوية" التي  عدوّها " نصرة للإسلام، وحفاظا على السنة والدفاع عنها"، لم تكن في حقيقة الأمر، سوى فضول من العمل، و عبثا من الجهد . ومضيعة للوقت و تقوية لأعداءّ الملة و الدين. لو لم تعرف الدنيا  الزهري و ابن  حنبل والبخاري  لكان حال المسلمين أفضل بكثير مما  هو عليه الآن.                   



    إن شجرة سلفية خبيثة أنبتت مثل المفتي السعودي الوهابي عبد العزيز بن باز ( الذي أجاز إدخال قوات أمريكية لبلاد الحرمين لضرب العراق انطلاقا من قواعدها ثم أفتت لياسرعرفات باعتراف ابدي باسرائيل).

وان شجرة سلفية خبيثة انبتت  جماعة الإخوان  المسلمين(1) التي اتخذتها الإدارة الأمريكية محظية ثانية بعد الشيعة. ثم ان شجرة سلفية خبيثة اثمرت الصوفية المدمرة  و المغيبة عن الوعي ، لهي شجرة سوء يوجب الإسلام قلعها من جذورها .                                                                                            

و لعل التصدي الشفوي للمنظومة السلفية  قد لا يغني الا القليل، و لكن يبقى الخيار النبوي( الجهاد) هو الحل للقضاء على الإرهاب العلماني .لأن الإندحار الحقيقي للفكر السلفي لن يتم إلا بنسف وحش الإستبداد الذي تمثل السلفية زائدة دودية في امعائه، و قرادا عالقا بحافره. فــــفي ظلّ

الإستبداد ظهرت السلفية، و تحت رعاية الإستبداد نمت، و في مستنقعه الآسن  تغوّلت، لأجل ذلك 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المصطلح مستعار من  الشاعرالماركسي   نجيب سرور. هو القائل : يا بلادي العزيمة
 اذكريني اذا نسيتني فهارس الأعلام و بائعوا الكلام و مدمنو حبوب منع الحمل .
 منع حمل السلاح .
 كما هو القائل:
 و الناس من هول الحياة / موتى على قيد الحياة " .
(2) الإخوان المسلمون : جماعة  اسسها المدرس السلفي المصري  حسن البنا سنة 1928 و استفادت بريطانيا  قديما من خدماتها في تسكين جماهير المسلمين وتمريرالعمل باول دستور علماني في بلاد المسلمين دستور 1923. ثم بقيت الجماعة على الرفّ حتى استفاد منها الغرب حديثا بفتوى القرضاوي المجند المسلم في الجيش الأمريكي و كل جيوش الغرب  بشرعية مشاركة أي جيش غربي في غزو أي بلد اسلامي تريده الإدارة الأمريكية خصوصا و الغربية عموما . كما استفاد الغرب  من جماعة الإخوان المسلمين في تمديد عمر النظم العلمانية الشرسة، من خلال  تطعيمها  بوزراء اخوان ملتحين لتحسين وجهها القبيح امام السذج ن المسلمين،  كما استفادت  أمريكا من جماعة الإخوان في إقرار شرعية احتلال العراق و افغانستان و فلسطين  بإدخال  الإخوان في حكومات الاحتلال في العراق ـ لحزب الإسلامي ـ وأفغانستان و ـ حماس الإخوانيةـ   ( تجد كل ذلك في كتابي " فتش عن الإخوان" )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 19  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ









 فإن اندحارها المأمول  لن يتحقق الا بهلاك حليفها التاريخي، و لن  يتمّ القضاء النهائي عن السلفية بغير إستئصال دوحة الإستبداد التي تـنعق عليهاغربانها،و تهرّ من تحتها كلابها، و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، هذا اذا قدر الله لأمتنا النهوض من جديد .    





                                                                                                                                     

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 20 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ











فصل

 السّلفية حركة ردّة شاملة





  اذا ابتليت بجليس ثقيل الظل بالغ التفاهة، ينتمي الي  فصيلة " من يحرمك من متعة الوحدة  دون أن يوفر لك مباهج الصحبة " ثم حاول أن يقنعك بأن الردة الكبرى هي التي أعقبت  وفاة المصطفى عليه الصلاة و السلام، فلك الحق أن ترثي لبلادته، قبل أن تعلمه بأن ما سماها "الردة الكبرى"، كانت  مجرّد ردّة فحسب، هكذا  دون نعت أو أداة تعريف،  و ذلك لسبب بسيط،  وهو كون تلك الردة قد  بلغت من الضعف وعدم التأثير، بحيث يمكن تشبيهها بذبابة ارتطمت بمقدمة طائرة نفاثة في أوج إقلاعها.                                                         



   فبالإضافة الى أن الردة التي أعقبت موت الرسول لم تنحرف بالمركبة الإسلامية المنطلقة نحو تحرير البشرية قيد أنملة، فانها لم تترك أي اثر فكري مسّ عقائد المسلمين من بعيد أو قريب، كما لم تخلـّف ذيولا يمكن نسبة سقوطنا الراهن إليها، فقد وقع قمع تلك الردة  من قبل الصديق ابي بكر رضي الله عنه، وكأنّ شيئا لم يكن، وان كانت خسارة الصحابة الذين استشهدوا في معاركها لا تقدر بثمن, حيث جعلهم الموت يغيبون عن معارك صفين المصيرية، ويتأخرون عن مساندة  أمير المؤمنين على بن ابي طالب رضي الله عنه في القضاء على  حركة التمرد  الانفصالية التي قادها معاوية بن ابي سفيان .



   أما الردة الكبرى، فلا ينازع المنظومة السلفية براءة اختراعها و رعايتها و إقامتها على ساقها الا ظالم لنفسه مبين، حيث تكفلت السلفية، و بجهودها الذاتية الخارقة، وبقدرتها المذهلة "على تحصيل لا شيء من كل شيء "، بتولي كبر تلك الردة التي جاءت على أبشع ما تكون عليه  دابة أسطورية، من تشعب قرون، وقبح منظر، و نتونة رائحة، لتجرف  من أمامها كل ضمانة لتكريم الإنسان، و كل قيمة حضارية  رفيعة أرساها الإسلام،  مستبدلة بها كل شائه من الفكر، ومستهجن من العمل، وضارّ بالإنسانية، من قواعد و تشريعات،  تمثل دروعا للطغاة،  و منافذ نجدة خلفية للإداريين الفاسدين كانت تعاليم القرآن الكريم قد غلقتها عليهم تغليقا .                                                



    ولعل من أسوأ تلك التشوهات السلفية،  تصورّها الوثني و الماقبل ــ جاهلي للخالق عز وجل،  حيث لم تقدره السلفية سبحانه حق قدره،  فشبهت ذاته تعالى بخلقه، وتدّنت بصفاته  الى  ما يستنكف عنه الشريف من الناس،  حيث جعلته منحازا الى جهة الذكور دون الإناث متربصا بعباده، متعطشا لدمائهم،  متلهفا على إيقاع العقوبات حتى بصبيانهم، لا يقبل منهم عذرا، و لا يقيل لهم عثرة، ولا يراعي في أحكامه عليهم ظروف تخفيف ولا رحمة.                                                                                                    



   كما طالت التشويهات السلفية نبي الإسلام،  فانتهكت خصوصياته،  وصرحت بما لم يقله، بشكل  جعلته عليه الصلاة و السلام يناقض  ما ورد في القرآن الكريم، من تحريم إقرار الظلم و مهادنة الظلمة.                                                        

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 21 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ









كما شمل العدوان السلفي صحابة رسول الله، حيث ألحق بجمعهم الكريم، كل مسخ  من مخنث متشبه بالنساء،وإعرابي لم يدخل الإيمان قلبه، وطليق أصرّ على محاربة النبي الى لحظة أسره، ومؤلف القلب ببعران  ذوات عدد،  لتصوّر الصحابة العظام وهم خير أمة اخرجت للناس، في شكل فئتين منقسمتين،  تتنازعان السلطة والجاه، على أشلاء من سقط من ضحايا الفريقين (1) .                                                                                                



 كما تعدّ السلفية ردة قبلية عنصرية  في تصورها للإدارة الإسلامية, وللهدف النهائي للإسلام , حيث حولت اسلامنا الى ناد ارستقراطي خاص غير مختلط exclusive club an  مسخر لخدمة أفراد عائلة مالكة، تتعفف ديدان الأرض عن خدمتها، في حين أراد الله الإسلام رحمة للعالمين مؤمنهم و كافرهم .                                                                                                                  

    كما  تعدّ السلفية  حركة ردة الي  ما قبل الجاهلية،  في  مصادرتها حق الإنسان في الكرامة و العــدالة و الحرية و المساواة .                                   

    كما تعد السلفية حركة ردة شاملة ، ضد حقوق المرأة،  حيث تتبع الغباء السلفي كل حق وهبه

لها الإسلام بالمنع، و كل مكسب  بالمصادرة،  بشكل يمكن القول معه،  بان وضع المرأة العربية ( التي كانت في جاهلـيتها ملكة و شاعرة و قائدة جيش)  سيكون، هذا لو بعث الرسول في غير العرب، ثم  لو صرفنا النظر عن نعمة الإسلام) أفضل بكثير مما هي عليه الآن  من نواح  كثيرة منها الكرامة و الحرية و نظرة الرجل إليها .



    وعلى الجملة، فان السلفية تمثل اشمل تراجع وأحدّ ردة، وأعظم  نكبة حاقت بالبشرية جمعاء،  حيث أتت على كل انجاز نبوي، وهوت بتعاليم الإسلام و وحقوق المسلمين من أعلى عليين الى أسفل سافلين،  لتستقر بهم الى عهود  ما قبل الجاهلية .ففي حين بدأت" أروبا  نهضتها من أسفل السلم ، مــن الجهل و الضـياع، ثم بالتجربة والتعقل و حرية الفكر تدرّجت في معرج النضج و التطور والقوة و الرقيّ "(2) سلك المسلمون  تحت إمرة  الغراب السلفي المشؤوم  مسارا عكسيا بعدما " وضعهم الإسلام في قمة الرشد السياسي: حريّة فكر، و مساواة و شورى و سلما اجتماعيا, ثم ما لبثوا ان إرتكسوا في رعوناتهم و اهوائهم، و تدحرجوا في مهاوي فتنة الحكم و صراع السلطة جـيلا بعد جيل ، نزوا على الكراسي، و نطّا على العروش بمختلف الأساليب الهمجية وراثة و غلابا "(3)

   واذا كان للسلفية بعض فضل على البشرية، فلكونها اعظم دليل على فساد نظرية الجدلية المادية"التي تعتبر الأساس الفلسفي للماركسية والتي تقول بان المجتمع البشري يتطور بسلسلة من التـناقضات، فالمجتمع الراسمالي مثلا يحـــدث نقيضه البروليتاريا, فتــفضي هذه بدورها الى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) " فالسلطة لها بريق أخّاذ تقاتل عليها البشر حتى صحابة رسول الله " ( د. عمرو اسماعيل علماني مصري من مقال له في موقع عرب تايمز بعنوان الإسلام دين و دولة حقيقة أو وسيلة للوصول للسلطة "اكتوبر 2004 ) .
كما كتب   في نفس الفترة و تحت عنوان "الإسلام هو الحلّ ,عن أي حلّ يتحدّثون"ما يأتي :" اختلف الصحابة في الماضي كيف يكون الحلّ الى درجة الإقتتال وسفك دماء المسلمين الغلابة الذين انحازوا الى هذا الطرف أو ذلك"
كما كتب آخر" اما الفــتن و الحروب التي وقعت بين الصحابة و الأفعال القبيحة التي نقلها المؤرخون عن بعضهم، فقد سكت الفقهاء عنها و بعضهم اولها تأويلات تمنع المساس بهم و ستروها باغطية من الإجتهادات الفقهية "( ابراهيم فوزي " تدوين السنة" ص 210 ) .
(2) و(3) عبد الكريم مطيع الحمداوي محقق كتاب " تحفة الترك" للطرطوسي ص 24



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 22 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







تقويضه "  فلوأدرك كارل ماركس ان المنظومة السلفية قد برهنت قبل قرون عديدة من مولده، ان التناقضات المجتمعية قد تفرز تراجعا وردة، وانها لا تفرز الأفضل بالضرورة... ولو ادرك كارل ماركس ان كومة من التبر قد تتحول بجهود بسيطة الى كوم من البعر(1)  بمجرّد احتكاكها  بالفكر السلفي  لأستفاد من السلفية،  و لكان عدل  عن تخبطات هيجل الفلسفية ، و لجنب البشرية التجربة الشيوعية! .                      





ـــــــــــــــــــ

(1) و أكبر دليل على ذلك تحول اعظم ثورة ثقافية اقتصادية سياسية في العالم الى مجموعة تعاويذ و طلاسم ،لا تنفع حتى الهنود الحمر، بمجرد احتكاكها  بالفكر السلفي .



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  23 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







                             سقوني و قالوا لا تغن و لو سقوا

                                                  جبال سليمي ما سقيت لغنــّت









ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 24 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



                                        فصل

السّلفية هي العدوّ

  

  لما كانت  الدابة السلفية العمياء هي التي تقودنا، فقد كانت خسارتنا مضمونة، و خيبتنا محققة، حتى  صدق في حقنا المثل القائل :" ما صدنا شيئا، و الذي كان معنا أفــلت! " لأجل ذلك استمرت كبواتنا، وتوالت انهياراتنا، وصرنا  نفتن في كل يوم  مرتين, دون مراجعة  أو اعتبار، مولعين بتعليق هزائمنا على شمّاعة "المؤامرات الخارجـية" من يهود و نصاري ووثنيين، و الحال انه لو خلت الدنيا من هؤلاء الأعداء المذكورين،  لأغرينا بضعفنا  طيور البطريق على امتطاء ظهورنا  و استعمار بلادنا .



 و ما زالت أمتنا  في هبوط  و إنحدار، حتى تولى الإستعمار الغربي أمورنا، حين وقعنا تحت وصايته المباشرة التي أعقبتها وصاية وكلائه العلمانيين المتسابقين الي تطبيق برامجه التي صادفت مكانا خاليا من افئدة خلت من أدنى احترام ذاتيّ  و اقل اعتزاز بالإنتماء الي أطرف أمّة أخرجت للناس، أمة مهزومة لا تغري ــ في حقيقة الأمر ـ أي أحد بالإنتساب اليها، أمة بلغ يأس ابنائها من امتلاك مقومات النهوض،  يأس الكفارمن اصحاب القبور،  فهبّ ( العلمانيون) انطلاقا من تسليمهم بفقرنا التاريخي في مجال الحريات الفردية و السياسية  وكوننا لسنا منهما على شيء، يسفهون حضارتنا،  و يهونون من شأن اعلامها المستنيرين و دعاة الحرية المغمورين الذين حجبتهم ــ و لسوء الحظ ــ أسماء سلفية  مدوية،  لكنها سيئة السمعة بسبب سماحها لحكام الجور بانتهاك حقوق الإنسان المسلم  باسم الله و سنة رسوله . كما انبري العلمانيون  يهوّنون من شأننا حضارتنا، وما حفلت به من عقلانية ومعرفة وقبول الآخر، جاعلين من فترة حكم الرسول و الخلفاء الراشدين فترة استثائية و فلتة زمنية غير قابلة للتكرار، زاعمين أنّ النموذج الملكي الميكافيلي الذي أرساه  معاوية بن أبي سفيان، هو التعبير الأصيل عن الإسلام  وطبيعته الإستبدادية، و نواياه العدوانية تجاه الشعوب. كما ذهب في حسبان هؤلاء العلمانيين أن سبب  توقف النموذج الراشد في الإدارة لم يكن سوء التطبيق، بل نتيجة خلل ذاتي في منظومة الإسلام . فهبوا يدعون الى ضرورة اللحاق بركب الأمم الغربية، و قبول اطروحاتها الفكرية، و تبني تصوّراتها و فلسفتها المادية، والأخذ بتشريعاتها التي قدّروا انها ستنجح من حيث فشل الإسلام في النهوض بالمسلمين و ربطهم بالحياة. فزادت طينتا بلة بتولي العلمانيين أمورنا،  فخسرت الشعوب الإسلامية حتى هامش حرية التدين الذي كان متاحا في عهد الإستعمار و في العهود الملكية الغابرة،  ليجتمع على امتنا  المنكوبة خسارة الدنيا و الدين. كل ذلك، والمنظومة السلفية تبدي فنونا بهلوانية في مسايرة العلمانية الحاكمة وهي تهوي الي الحضيض و تبرّر مواقفها، حتى وهي  تعلن ازدراءها للإسلام عقيدة و شريعة و تتخذ  من اليهود والنصارى أولياء، مما جعل السلفية تمثل  أكبر عقبة في طريق الإسلام، و مما جعل اكبر رموزها لا يساوي بعرة (1)  في سوق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) من اعتاد دراسة سيرة اصحاب محمد سيتقزز حتما من مجرد سماع  أسماء كابن حنبل و الشافعي والقرضاوي و الشعراوي. وهذا طبيعي، لأن من اعتاد ورود الشلالات الهادرة والإختلاف الي الأنهارالمتدفقة, سيستقلّ الغدران الضحلة، و سيزدري القيعان الآسنة, و من إعتاد التطلع الى الصقور الشامخة و النسور المحلّقة في القمم  الشمّاء، سوف لن يثير انتباهه بغاث الطير، و لا نقيق الضفادع المتلبسة  بالوحل, فليعذرني القارئ لو وطئت النمل السلفي لتعذر رؤيتي لهم، لأنهم لا يرون أصلا , بل ان المرء يحتاج الى الإنحناء الى الأرض لرؤيتهم، فدعكم من تهمة "التطاول" على" علماء الأمة " الذين استطونوا الحضيض و فاقوا الديدان في إلتصاقهم بالأرض.                                                           

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  25ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



الرجال، مما حتّم عــلى كل غيور المســاهمة  في كشف اضحوكة " جــهودها العلمية"(حفظ السنة !) التي أعطتها شرعية تاريخية و دينية أكسبتها القداسة و عصمتها من النقد.

  

 لقد اصبح التصدي للبلاء السلفي المميت  فريضة اسلامية، وضرورة  حيوية، هذا  لو اردنا  الحياة. إذ لا حياة لأمتـنا مع حياة السلفية.  فكما كان نجاحنا في الصّدر الأول من تاريخنا منزها عن كل جهد و " علم" سلفي، فإن نجاحنا المستقبلي لن يتم بغير اماطة السلفية بوضع  رموزها  التاريخية على الرفّ, و تغييب الأحياء منهم عن المشهد الاسلامي (1) فلسنا  بحاجة أصلا الى رجال دين محترفين لأن" الفقيه الذي يضع عمامة على رأسه، و يلبس جبته الحريرية لكي نعرف انه فقيه و نقبل يده من باب التادب لم يجد هذا الزي في القرآن، ولم يطلب منه الله ان يميز نفسه عن بقية المواطنين، ولكنه تعلم هذه الحيلة من تاريخ الكهنوت السيئ السمعة. فرجال الدين في مصر الفرعونية كانوا يلبسون زيّا خاصا لكي يتعرف عليهم المواطن و يمنحهم ما لديه من البيض و صغار الماعز. وأحبار المعبد اليهودي كانوا يلبسون زيّا خاصا لكي يتعرف عليهم اليهودي الورع، و يسارع في تقبيل ايديهم ..و قسس الكنيسة المسيحية كانوا يلبسون زيا خاصا لكي يميزهم جباة الضرائب عن بقية الرعاع. وفقهاء المسلمين يلبسون زيا خاصا من اجل ذلك كله مرّة واحدة... ان الفقيه المسلم الذي يجلس للوعظ و الإرشاد مقابل راتبه من وزارة الأوقاف لم يجد ذلك في القرآن أيضا, و لم يطلب منه الله ان يـترك بقية الحرف و يتطوع بفرض وصايته على الدين،و لكنه تعلّم هذه الحيلة من تاريخ المعبد العبري.فالأحبار وحدهم هم الذين ابتدعوا حرفة الدين خلال القرن الأول من وصول بني اسرائيل الى ارض المعاد و اقاموا مؤسسة دينية خاصة تشرف على شؤونهم و تدفع لهم مرتباتهم من حصيلة الصدقات، حتى تحولت الديانة اليهودية نفسها الى شركة مساهمة تدعى باسم المعبد. تلك الشركة السيئة السمعة التي لم تقتصر على تحريف التوراة فحسب، بل انطلقت لزيادة نفوذ الأحبار داخل جهاز الدولة حتى وضعت الملك نفسه في خدمة أهدافها وأرغمته على أن يتقاسم معها شعب الله المختار كما يتقاسم اللصان قطيعا من البقر.وقد عادت هذه المؤسسة للظهور في التاريخ المسيحي أيضا و دعت نفسها الكنيسة ووضعت فوق رأسها مدير الأعمال المدعو باسم "البابا" الذي لم يفقد دقيقة واحدة لكي يمد نفوذه داخل أجهزة الحكم في الدول المسيحية و يرغم ملوكها جميعا على ان يتقاســــموا معه قطعان العباد الأتقياء كما يتقاسم قطاع الطرق حصيلة اية غارة ناجحة ... و الفقيه المســـلم الذي يتخذ الوعظ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  فالمعاهد الدينية التي تخرّج سنويا آلاف  الزواحف المعمّمة، لهي اشد خطرا على امتـنا من  و نوادي الرقص والغناء.لأن الدمار الذي تسببه المؤسسات الدينية يمتاز  بالشمول و العصمة من أخطاء الهدف، فيما تسبب مؤسسات الرقص  دمارا جزئيا....ان إغلاق الأزهر و كلية آل سعود وما شابههما من مصانع تفريخ طيور البطريق السلفية العاجزة، تعد اول خطوة جادة في سبيل نهضة إسلامية حقيقية. و لأن تبتلي امتنا بالف جنرال جبان، افضل لها الف مرة من ان تبتلي بمعمّم واحد يمجّد  الخيانة و يشيد بالهزيمة، و يكسبهما شرعية اسلامية( و كل المعممين جبناء لأنهم لم يدرّبوا اصلا على خوض معركة الحق والباطل، بل دخلوا كليات الشريعة لأكل العيش فقط .فالإسلام لديهم وظيفة لا قضية... يحدث هذا  في زمن  تسابقت فيه الأحزاب المسيحية في مزاحمة علمانيي بلادها مقاعد السلطة للتأكد من حسن تطبيق القوانين التي تخدم  الشعوب هناك, (على نقيض بلاد المسلمين التي تعد ميزانية الدولة مصروف جيب للعائلة المالكة اوللعلمانية الإرهابية), و لقد شاهد العالم  في الأشهر القليلة الماضية كيف نزل القساوسة و البطارقة الى شوارع اوكرانيا و أقاموا صلواتهم على ارصفة  الشوارع و أحرقوا الشموع، و جثوا على ركبهم، وتوجهوا بالدعاء لرفع شبح الدكتاتورية عن بلدهم، بعد  تصدرهم صفوف الغاضبين من أبناء الشعب الأوكراني الثائر ضد انتخابات مزيفة جاءت برئيس بغيض,  بينما تصرّ طيور البطريق السلفية على تغييب الأمة عن واقعها، واستدامة آلامها و تأبيد مآسيها من خلال تناول قضايا هامشية من قبيل الدعوة الي  هدم المسجد الحرام و بنائه  على شكل طوابق حتى يحصل الفصل الشرعي بين الذكور و الإناث! و الحيلولة دون الإختلاط المحرم( يا حبذا لو فصل ذكر من أفتى بهذا عن خصيتيه للحيلولة أيضا دون اختلاط الجنسين لأن الخصية مؤنثة!).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  26ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







حرفة لكسب العيش لا يختلف عن أي قسيس في هذه الشركات الدينية بمقدارعقلة اصبع ..ان الفقيه المسلم الذي يرفع يديه على المنبر المقام في بيت الله لكي يدعو لسيده بطول العمر و البقاء، لم يجد ذلك في القرآن و لم يطلب منه الله أن يجعل شعائر الصلاة الخاشعة بمثابة اعلان مجاني للدعاية السياسية, و لكنه تعلم ذلك من التاريخ الكهنوتي السيئ السمعة. فرجال الدين في مصر القديمة كانوا يقيمون "الصلاة " باسم الملك لأنه هو الرب نفسه,اما احبارالمعبد اليهودي فقد فقدوا لعبتهم الوثنية بتدخل التوراة فقد نقلو اسم الملك من بداية الصلاة ووضعوه في النهاية لكي يطلبوا له المغفرة من الله، و يدعون له بطول العمر.تلك اللعبة المشينة ذات التاريخ الحافل بالخدع التي عادت الى الظهور في القرن الخامس الميلادي عندما بدأ الإمبراطور الروماني يستمد سلطته من الكنيسة و يدفع الرشاوى للقس لكي يدعو له أمام المواطنين بطول العمر والبقاء، ثم استعار الملوك المسلمون هذه الخدعة و انطلقوا بدورهم عبر النفق الأسود لكي يجعلوا الفقيه المسلم مجرّد بوق سياسي أجوف في حرم بيوت الله. وبقية اللعبة بالطبع ان الفقيه المتواضع الإمكانيات ركب هذه البغلة العوراء, وانطلق يصرخ بالدعاء لسيده المضحك و يلحقه بالدوحة الشريفة حتى فاجأه "هولاكو" في وسط الخطبة وذبح له سيده مثل عنزة جرباء ... ان الفقي المسلم التي يجلس في محراب الجامع لكي يبني مملكة سماوية امام مواطنيه، ويضع لهم الله فوق العرش و يحيطه بالملائكة ثم يضع تحته الأنبياء و يترك الأولياء و الصالحون يجلسون في درجة اخرى الى اسفل فيما يحتل" المقربون"الدور التالي و يجلس" الأتباع" في الدور الذي يليه .هذا المهندس المضحك لم يتعلم فنه من القرآن و لم يقل له الله ان عرشه يشبه عرش الملك ...و لكنه تعلمّ هذه الحكمة من الميثولوجيا الدينية السيئة السمعة فالناس الوثنيون الذين عاشوا في مزبلة الفكر كانوا يتصورون " الرب" بمثابة ملك عظيم خارق القوة يسكن في السماء و يحيط نفسه بالجنود المسلحين بالسيوف السماوية لكي يرسلهم وقت الحاجة لقضاء مآربه , والقرآن المذهل الأبعاد الذي قال بوضوح((انما أمره اذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون )) وضع جميع اللعبة الميتافيزيقية على الرفّ مرة واحدة، و الى الأبد." ( 1) 



فالدين في اسلام محمد, ليس حرفة لأحد، و لا يحتاج قط الى معاهد و كليات تحت اشراف ادارة فاسدة تـتولى تفريخ كهنة مغسولي الأدمغة، يحملون شهادات ماجستير و دكتوراه، وقد لوثت عقولهم بما تنتقيه العلمانية من مناهج و مقررات لا تراعي شيئا قدر مراعاتها حفظ النظام العلماني، و تبرير الفساد الإداري, فعلوم الدين يجب تكون قواسم مشتركة بين كل المسلمين, يتلقونها مع الأبجدية في دور الحضانة و مقاعد الدراسة. فلا يتم الفرد المسلم تعليمه الثانوي, الا 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)الصّّّّادق النيهوم" تحية طيبة و بعد"من ص 187 الى ص 190دار الإنتشار العربي بيروت لبنان الطبعة الثانية 2001. والصادق النيهوم(1937/1994) مفكرموسوعي و اديب ليبي معروف تندرج كتاباته الإسلامية ضمن النقد الذاتي للبيت الإسلامي, ولئن عبرعن اعتزازه بإنتمائه الى أمة الإسلام و"شرعهاالجماعي" فقد شن حملة لا هوادة فيها على الجهاز الإداري الفاسد ومخلبه السلفي الضاري, و قد  هدته فطرته السليمة الى وضع يده على موضع الخلل في مركبتنا الإسلامية التي توقفت فجأةعن التقدم كما وضع يده على سر ذلك التوقف المزمن, والمقال المذكوراعلاه كتب بتاريخ 10ديسمبر 1969, وهو من بواكير اسلامياته. اذ سيتوجه  منذ بداية التسعينات من القرن الماضي الى وضع روائعه الثلاث: صوت الناس ــ محنة ثقافة مزورة ــ" و"الإسلام في الأسر" ثم"اسلام ضد الإسلام"وهي كتب ممنوعة من التداول في البلدان الإسلامية، نظرا لخطورتها على النظم الحاكمة و توابعها السلفية المتآمرة، و كتب النيهوم لا تخلو من شطحات خطيرة ومفاجآت غير سارة تصدم القاري، وان كنت أتلقاها شخصيا بحسن ظن غير سلفي و بكثير من التفهم و طلب المغفرة له و لكل من أضلتهم السلفية من أبناء المسلمين، و ابتغت لهم سبيل الحق عوجا .                                      

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 27ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



وقد حصل لديه من العلوم المفيدة أضعاف ما يحصل عليه دكتور سلفي بائس .لأن المعرفة الدينية ستكون مبسطة (وهي في الأصل كذلك )، وكما جاء بها رسول الله، كما ستكون مشاعة للجميع, ولن يكون لأحد أي فضل على أحد في الإلمام بها أوالإنفراد بأسرارها, اذ لا أسرار في الدين, كما سيكون أكرم المسلمين عند الله و عند اخوانه، من كان  صاحب مواقف شجاعة  لتطبيق تعاليم الإسلام على الأرض، لا في حفظ تلك التعاليم عن ظهر قلب، ليلقب  ب"سماحة الشيخ"  دون أن يعمل بموجبها, كما ان الضروري من المعارف الدينية  سيكون مبسطا و خاليا من الطلاسم السلفية وتعقيداتها اللغوية حتى تكون متاحة للجميع, كما سيكون تدريس المعارف الدينية مشتركا بين  كل ذوي الإختصاصات, فمدرس الرياضياتـ مثلاـ  يتولى تدريس كيفية توزيع المواريث والزكاة و تحديد القبلة و ظهور الأهلة, ومدرس العربية يتولى تفسير القرآن، و مدرّس التاريخ يتولى تدريس حقوق المسلم و حرمة تأييد الفساد السياسي،  و تدريس تاريخ الإجرام الملكي في حق امتنا و أسباب الوقاية من تكرار خطاياه, واستاذ العلوم يتولى تدريس الإعجاز في خلق الإنسان والكون و إحتياطات الوقاية من فيروسات الصوفية و الشيعة و السلفية بعد تشريح تلك الغدد السرطانية المدمرة للإنسان و العمران. و استاذ التربية البدنية يدرس الصلاة و الصوم و الحج,  واستاذ الكيمياء يتولى تدريس حقوق المرأة و بطولاتها الإسلامية قبل الردة الســلفية.. و هكذا...



 أخيرا:



   لئن انبريت "اطعن " في " رموز الأمة و علمائها " فلست أفعل ذلك تأسيا بالعلمانيين في سعيهم  الى صرف الناشئة عن زعاماتها الإسلامية, الى زعامات علمانية, أو لأحبب اليهم أطروحات لادينية, بل لأشدهم الى اسلامهم الذي لم يعد يغري بوجهه السلفي المكفهرّ بالإنتماء اليه, ثم لأنمّي اعتزازهم بحضارتهم الإسلامية وبما فيها من ايجابيات, و بما لدى الإسلام( لو تخلص من الزوائد السلفية المنفرة) . من قدرة على النهوض، ليس فقط بالمسلمين بل بالبشرية جمعاء و تخليصها من مظالم الإدارة الأمريكية و من سيخلفها في الهيمنة على العالم, ثم قصدت بعملي هذا إعادة الإعتبار لرجال عظام حجبتهم البالونات السلفية، رجال من صنف  غيلان الدمشقى و معبد الجهني و الجعد بن درهم و غيرهم من دعاة الحرية. رجال لا تعني اسماؤهم شيئا  بالمقارنة الى طبول جوفاء  كابن حنبل و الشافعي و الأوزاعي و بن المبارك و غيرها من الرخويات.

                                    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



   لئن  اجتمعت  في امتـنا كل اسباب الموت و دواعي الإنحطاط،  فقد تيسر لها أيضا كل مؤهل للنهوض وحافز للإقلاع ، لأن تجربة الإسلام الأولى قد اثبت نجاحها في ظروف مستحيلة, على شرط اقصاء المنظومة السلفية و حرمان المؤسسة العلمانية الحاكمة من خدماتها الحيوية. 

                                         ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



   قد يتساءل من اطلع على كتاب" فتـش عن الإخوان": إذا كنت قد بغّضت لنا الرخويات الإخوانية  بعد أن ثبت بالبرهان القاطع تعاونها في افغانستان والعراق و تركيا و الجزائر وفلسطين و غيرها من بلاد المسلمين مع أعداء أمتنا الداخليين والخارجيين و تضليلها المسلمين عبر مباركتها رحلة



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 28 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





التيه العبثية  بحثا عن مورد  عذب من بحر الديمقراطية الأجاج و الممنوع وروده  على غير الغربيين. ثم اذا كنت قد كرهت لنا الثدييات السلفية  لتحالفها  الفاضح مع العلمانية و الملكية الوراثية, فعمن نأخذ ديننا؟ و بمن نقتدي؟  والردّ هو: لا تأخذ دينك الا من عالم  ثبتت براءته من المؤسسة الحاكمة التي تبغض الدين و تحارب أهله.  لأن من غير المعقول أخذ  دروس الشرف ممن يشتغل في بيت دعارة, أو أخذ دروس الحرية و حقوق الإنسان ممن يشتغل في وزارة الداخلية وأقبية تعذيبها. و لنقل بملء أفواهنا لمن حدثنا عن الشرف من بيت الدعارة :  غادر مواخير البغاء، و تبرّأ من الداعرين، و تب الى الله و حدثنا عن الشرف نسمع لك, و لنقل لمن حدثنا عن حقوق الإنسان: أترك أقبية التعذيب، و تبرأ من أهله ثم حدثنا عن الحرية نصغي اليك. و لنقل لمن تحدث بإسم الإسلام( إخواني أو سلفي) : تبرّأ من الإستبداد و اكفر بالطاغوت ثم حدثنا عن الإسلام نأذن لك, وإلاّ فإن موقفك ليس يكون أقل سوء و مدعاة للضحك  من المتحدث عن الشرف من بيت الدعارة، و من المبشر بالحرية من أقبية التعذيب.



ــــــــــــــــــــــ





   أيها المسلم، اذا أنت تركت دين الملك ( السنة) و التزمت بدين الله,  فاعلم انك على الحق الذي لا مرية فيه. وان من واجب من عارضك  أن يخجل من نفسه، لأنه لن يكون غير كاهن سلفيّ، أو زعيم إخوانيّ، أو مشعوذ شيعيّ، أو درويش صوفي. 











ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  29 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







فتنة سلفية



" قال بعضهم: كان بالشام مجنون ... رأيته يوما وقد رفع رأسه الي السماء [ وهو يتكلم].... فقلت له: ماذا تقول ويحك قال: أعاتب ربّي !! قلت: فكيف تخاطب الله ؟ قال: قلت له: بدل ما خلقت مائة و جوّعتهم، لو كنت تخلق عشرة و تشبعهم لكان خيرا "!(*)





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) معنى قوله تعالى( وما من دابة في الأرض الا على الله رزقها) ان ما يوجد على الأرض من رزق يكفي لجميع الكائنات .أما اذا مات بعض الكائنات جوعا فبسبب تاخر الفقمات السلفية العاجزة عن استخلاص رزق تلك الكائنات من ايدي الجشعين، من الحكام و المترفين.









ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 30 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



الباب الثاني

السلفية: تعريفها













ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ    31  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ















تشكيك





" شوهد بهلول[ مجنون]  مغموما يبكي، فقيل له ما يبكيك؟ قال : كيف لا أبكي و قد جاء الشتاء و ليس لي جبّة! فقيل له: لا تبك، فإن الله لا يدعك بلا جبّة. قال: بلى و الله، عام أول[ السنة الماضية] تركني بلا جبّة ولا سراويل، و أخاف أن يدعني[ هذا] العام بلا جبّة و لا سراويل ولا قلنسوة !" (*)

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) انظر كيف شكّكت السلفية حتى المجانين في العدالة الإلهية حين صورت لهم أن الرزق سيجري وراء صاحبه أن لم يجر الأخير وراءه!! في حين ان الرزق يغتصب اغتصابا ... تذكروا قول ابي ذرّ عجبت لمن بات جائعا و لم يخرج على الناس بسيفه.







ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ      32  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



تعريف السّـلفية (*)



   يتشكل البيت الطائفي " لأهل السنة و الجماعة  (1) من مكونين رئيسين. حنابلة وشوافع  ثم اشاعرة. أما الحنابلة و الشوافع فأهل حديث وأثر لا  يتجاوزونه الى غيره حتى لو طارت المعزى  ودخل الفيل في علبة كبريت، فتجدهم  يسارعون الى تضليل و حتى  تكفير من خالفهم في قبول حديث نبوي قدّر ذلك المخالف انه عارض نصا قرآنيا أو تضمن علة تقدح في صحته، أو اتخذ ذلك المخالف  موقفا مغايرا من مسألة عقدية لا تتعلق بكفر او ايمان.  



و اما الأشاعرة( نسبة الى ابي حسن الأشعري) فهم أقل تشددا من الحنابلة، ناهيك  ان مؤسس فرقتهم كان معتزليا قبل أن يعلن رجوعه الى أهل الجماعة( حزب الحاكم)، و لكن  رجوعه  لم يشفع له لدى الحنابلة لمحو ماضيه الإعتزالي " المريب"، خصوصا، و قد ابتدع موقفا وسطا  في مسألة خلق القرآن و رؤية الله تعالى يوم القيامة،  و حرية الإنسان واختياره،  وان كانت مواقفه من المسائل المشار اليها، لا تخرج بعد (التدقيق فيها) عن كونها موافقة لما ذهب اليه الحنابلة!



   أما أمثال ابي حنيفة و غيره ممن يستحق الإحترام، من ذوي العقل و النظر و استقلالية الفكر واتساع الأفق، و مجانبة حكام الجور، و ان حسبوا على أهل السنة و الجماعة، فان نسبتهم اليها  من قبيل التجوز، فهم مجرد ضيوف شرفيين اقتضى التقسيم التقليدي بين شيعي و سني و معتزلي  وخارجي، الحاقهم بطائفة السنة و الجماعة،  كي لا يحسبوا على تلك الطوائف، و الحال انهم ليسوا منهم. هذا بالإضافة الى أن ابا حنيفة، لم يدرك القرن الثالث (عصرالتدوين)، حتى يدرج في خانة اهل السنة ( بمفهومها السياسي ذي الخلفية الأمنية).  كما ان رفض ابي حنيفة للملكيات الوراثية، وعدم تقيده بلزوم ظل السلطان و تبرير جرائمه، لا يجعله من أهل "الجماعة" التي أهدر كهنتها كل حقوق الفرد المسلم، في سيبل حفظ أمن السلطان الجائر،  لأجل ذلك، فمن غير الإنصاف  الحاق ابي حنيفة و كل من حذا حذوه من أهل الفضل،  بطائفة السنة و الجماعة، بل بالفئة المتمسكة بالإسلام النقي الذي بلغه الرسول، و عمل به الراشدون من الخلفاء، قبيل العدوان السلفي المدمّر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) لأجل أن السلفية الحنبلية تعبر اصدق تعبير على معتقدات طائفة أهل السنة والجماعة فسأركز عليها، نشأة و فكرا و رموزا.
(1) أصل كلمة" الجماعة" اخذت من عام الجماعة التي استعادت فيها الأمة  وحدتها الترابية بعد انشقاق معاوية و اقتطاعه بلاد الشام و مصر و اليمن و المدينة عن دولة الإسلام, و قد تم ذلك اثر تـنازل الحسن بن علي رضي الله عنها عن الخلافة لمعاوية ابن ابي سفيان, ثم اضيف الي اسم "الجماعة" تسمية"السنة" لتصير "اهل السنة و الجماعة", وقد تم ذلك  إثر تدوين الحديث الذي حصل بعيد" ضجّة سوق" مفتعلة  رفعت رصيد  المحدّثين من ذوي التصور الكهنوتي للدين، و منحت حكام الجور شرعية لصياغة منظومة أمنية شديدة الأحكام تسر الحاكمين و تسحق المحكومين سموها  سنة نبوية ( من فرص اللصّ ضجّة السّوق ــ مثل ــ و اعني بضجة السوق مسألة خلق القرآن التي سأتـناولها في الرسالة الثانية من هذا الكتاب .                      



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ   33ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







فالسنة و الجماعة اذا تتازعها طائفتان متنافرتان،  طائفة الحنابلة  تمثل أقلية ( حوالي الخمس )

و طائفة الأشاعرة( حوالي الأربع اخماس)، و ان كان  يوحّد بين الطائفتين النهج التبريري والولاء

 المطلق لحكام الجور، وتنزيه الماضي و رموزه، و مباركة الوضع القائم  و السعي بكل اصرار غبيّ على تثبيت الشعوب" تحت مطارق الإستبداد"، على أمل بائس وحيد يتمثل في انتظار مجدد مئوي  أو مخلص اسطوري" يملأ الدنيا عدلا بعدما ملئت جورا". وعلى هذا الإعتبار، واعتمادا على رداءة القواسم المشتركة التي تجمع الفريقين ـ حنابلة و اشاعرة ــ  ثم اعتمادا على ارضية البلاط الملكي التي يقفان عليها لتجعل منهما راس حربة واحدة في صدور الموحدين و تحديدا واحدا في وجه أي تغيير، وعقبة كأداء أمام مستقبل اسلامي افضل (يمثل الأشاعرة جسم تلك الحربة ويمثل الحنابلة و الشوافع سنّها)، فساعتبر الفئتين شيئا واحدا وغرضا مشتركا، مبرهنا بذلك عن براءتي من الطائفية الضيقة (1) واعتصامي بالمنهج النبوي الإنساني الرحب الذي حرّم  تفريق المسلمين الي شيع متنافرين, و تسميتهم  بغير ما سماهم به الله (هو سماكم المسلمين من قبل)(2)

  

أما السلفيون الذين يمثلون الجناح الحنبلي المتشدد من طائفة السنة و الجماعة، فقد"  ظهروا في القرن الرابع الهجري وكانوا من الحنابلة، و زعموا أن جملة آرائهم تـنتهي الى الإمام أحمد بن حنبل الذي أحيا عقيدة السلف و حارب دونها، ثم تجدّد ظهورهم في القرن السابع الهجري، أحياه بن تيمية و شدّد في الدعوة اليه، و اضاف اليه أمورا اخرى قد بعثت الى التفكير فيها احوال عصره : ثم ظهرت تلك الاراء في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر الهجري أحياها محمد بن عبد الوهاب (3) غير أن كلمة سلفية  لم تتخذ كتسمية لذلك التجمّع الغثائيّ إلاّ في العقود القليلة الماضية حيث تبناها الوهابيّون بعد وفاة مؤسس فرقتهم محمد بن عبد الوهاب ( 1703/1792) بأكثر من ربع قرن، لتكون لهم طوق نجاة في زمن " كانوا يتبرمون بكلمة الوهابية التي توحي بأن ينبوع هذا المذهب بكل ما يتـــضمنه من مزايا و خصائص، يقف عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فدعاهم ذلك ليستبدلوا بكلمة الوهابية هذه، كلمة السلفية، و راحوا يروجون هذا اللقب الجديد عنوانا على مذهبهم القديم المعروف، ليوحوا الى الناس، بان أفكارهذا المذهب لا تقف عند محمد بن عبـــد الوهاب، بل ترقى الى السـلف، و انهم في تبنيهم لهذا المذهب، أمناء على عقيدة السلف و أفكارهم و منهجهم في فهم الإسلام " (4)



أما اول ظهور لكلمة السلفية ففي مصر" إبان الإحتلال البريطاني لها، ايام ظهور حركة الإصلاح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  سيقال لأبي  بكر لو بعث في ايامنا هذه  " نحن آسفون، لا  مكان لك بيننا فالإسلام  الذي تعرفه قد حجز من قبل السلفيين و السنة و الجماعة و إخوتنا الرافضة و البريلوية و الصوفية !"                                                                                     
(2) لأجل ذلك قلت : أنا مسلم لا ارتضي / تسمية غير التي / أكرمني ربّي بها / أعظم بها تسميتي   فلست سنيا و لا/ ارضي بتلك النسبة! و لست شيعيا و لا أدين بالخرافة(  ما اخسر ابا جهل وابا لهب و حرمه المحترق حمالة الحطب، وما أخسر الوليد بن المغيرة لما فاتهم هذا العرض السلفي السخي الذي لا يشترط للإنخراط في نادي التوحيد،  غير نطق اللسان، و الإعتراف بقبلة واحدة  لتجنب  بهذلة الدنيا و عذاب الآخرة !) .                                                                                                                                                                              
(3) محمد ابو زهرة تاريخ المذاهب الإسلامية الفقهية ص  187
(4)  محمد سعيد رمضان البوطي السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب اسلامي ص 236



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ   34ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





الديني التي قادها ورفع لواءها كل من جمال الدين الأفغاني و محمد عبده، فلقد اقترن ظهور هاته الحركة، بإرتفاع هذا الشعار الذي رفعه اقطابها في مواجهة التيار العلماني الذي يرى الإنضمام الى ركب الحياة الغربية والتخلص حتى من الأفكارالإسلامية"(1) .



   كانت السلفية تعني عند الأفغاني( شيعي ايراني) و تلميذه المصري  محمدعبده، نبذ الخرافات و الشعوذة و الرجوع الى اسلام نقي" وهكذا تحولت الكلمة من شعار اطلق على حركة اصلاحية للترويج لها و الدفاع عنها الى لقب لقب به مذهب يرى اصحابه أنهم دون غيرهم من المسلمين(2) على حق ّو انهم دون غيرهم الأمناء على عقيدة السلف، والمعبّرون عن منهجهم في فهم الإسلام و تطبيقه"(3).



    لقد صادفت كلمة السلفية هوى في نفوس الوهابيين ورثة الحنابلة لما حققته تلك التسمية من إشباع ميولات تقديسية لأشخاص معينين، لا لمبدإ عام،  فمصلحة الإسلام و حسن تطبيق مبادئه، لا تجمع السلفيين كما يجمعهم التعصّب لأشخاص، و نصرة فكرهم حتى  لو كان ذلك على حساب  عزة الإسلام و مصلحة المسلمين.



   فــ " السلفية مذهب جديد مخترع في الدين،  كوّنه أصحابه من طائفة من الآراء الإجتهادية في الأفكارالإعتقادية، ثم حكموا بأن هذا البنيان الذي اقاموه من هذه الاراء المختارة من قبلهم، و بناء على أمزجتهم و ميولاتهم، هو دون غيره البنيان الذي يضم الجماعة الإسلامية الناجية والسائرة على هدي الكتاب و السنة، و كل من تحوّل عنه الى آراء و اجتهادات اخرى مبتدعون تائهون "(4). و يا ليت تلك الإجتهادات  كانت شرعية فيها نفع للمسلمين في دينهم و دنياهم و لكنها تخبطات بدعية و مسائل فرعية " اختلفت اتجاهات الأئمة و العلماء من قبلهم فيها، ثم مروا  بها  و تجاوزوها، وقد أعذر المختلفون بعضهم بعضا في شأنها، و لن تجد شيئا من هذه المسائل قد أعطيت سبيلا واحدا في الرأي والإجتهاد، لتجري من ورائها ذيولا من التفسيق و التضليل والتبديع، لمن رجّح فيها رأيا آخر إلاّ في ظلّ نشأة السلفيّة هذه "(5).                                                                                


   فالسلفية حركة رجعية  تتحصن بدعوي حفظ الدين، لتجلس في حجور السادة العالمين  لتـنتف لحاهم و تتبوّل على ثياب اتقاهم، مستدلة على تخبطها بما صحّ في عقلها الكليل من السنة النبوية، لاوية أعناق الآيات،حتي تســتقيم مع ما تدعو اليه من تــرّهات، مســوّية أقصى الـــذرى، بالدرك

المنحط من الثرى،  تكلمهم باسم اسلامنا وصمة عار ، ووجودهم في مقدمة ركبنا ايذان  بالهزيمة

والدمار، من كشف عوار بقراتهم المقدسة أتهم بمعداة  سيد المرسلين، و من أهمل التصدّي لهم

أتوا على الدنيا وأفسدوا الدين، فهم  كجرذان المسجد، إن سفكت دماءهــم لــوثت الحصـير، وان

ـــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) محمد ابو زهرة مصدر سابق ص 232  .    
(2) يقصد البوطي "بغيرهم من المسلمين" الأشاعرة الذي هو منهم. و قد ذهل البوطي عن حقيقة ان الحنابلة و الأشاعرة  يحملون نفس العقائد التعيسة و المدمرة، وان الجميع سلفيون في نهاية المطاف. اما غضب البوطي من تكلم الحنابلة باسم السلفية، فلأن السلفية تكفر الشيعة الذين هم حكام البوطي و قرة عينه.
(3) البوطي مصدر سابق . ص 236.
(4و5 )البوطي مصدر سابق على التوالي  242/256  .



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 35 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



تركتهم يعيثون فسادا وقعت في سوء التدبير .



السلفية حركة لغوية :


  و لما كان المثال يوضح الحال هاكم طرفة بليغة تغني عن كل كل حبكة و صيغة. ورد  في كتاب "الغيث المنسجم في شرح لامية العجم " : " سأل بعض المغفلين إنسانا فاضلا فقال له كيف تنسب الى اللغة؟ فقال لغوي. فقال اخطأت في ضمّ اللاّم، انما الصحيح ما جاء في القرآن قال الله تعالى ( إنك لغويّ مبين) القصص 14 ( ص 348) .

  ففهم السلفيين للدين، لا يتعدى فهم ذلك المغفل المهين، حيث جمع بين الجهل و الجرأة على الشرفاء ، وقد كانت خصلة سوء تكفيه، ليصفع بالحذاء .                                                               

السلفية حركة حمارية :



   السلفية حركة حمارية في تصوّرها لله عز و جل،  و في فهمها لدور للإسلام و وظيفته المحلية و العالمية، و اعني بالحمارية، نسبة الى حزب الحمارييّن، وهو حزب يمثل صنفا من المتدينين  جمع الحماقة و حسن النية في إهاب واحد. وخير من يمثل ذلك الحزب ، الإعرابي الذي حجّ فدخل مكة قبل الناس و تعلّق بإستار الكعبة قائلا  : اللهم اغفر لي قبل ان يدهمك الناس! أو الإعرابي الذي كان يقول في صلاته : الله أغفر لي وحدي فقيل له لو عمّمت المغفرة فقال أكره أن أثقل على ربّي! أو من جنس ما قاله أحمد التمّار في قصصه : لقد عظّم رسول الله ص حقّ الجار حتى قال فيه قولا أستحي أن أذكره !أوذلك الإعرابي الذي قال في دعائه: اللهم اغفرلي من ذنوبي ما علمت منها و ما لم تعلم!                                       

   أما سبب تسمية هاته الفئة بالحمارية، فنسبة الى المنخرط الحماريّ الأول، وهو رجل من بني اسرائيل حكي انه " تعبّد في صومعة فامطرت السماء فأعشبت الأرض فرأى حمارا يرعى فقال: ياربّ لو لوكان لك حمارا رعيته مع حماري! فبلغ ذلك نبيّا من انبياء بني اسرائيل فأراد أن يدعو عليه فأوحى الله تعالى اليه: إنما أجزي العباد على قدر عقولهم (اخبار الحمقى و المغفلين) "



     وإذا كان  للنبيّ  الإسرائيلي  من الحلم الى درجة انه  لم يدع علي الحماري المذكور  فأن من واجب كل مسلم الإجتهاد في الدعاء عليهم  حتى يوضع عن امتنا هذا الإصر السلفي الثقيل، لأنّهم أسوأ ألف مرة  من الحماري ّالإسرائيليّ  الذي لم يزعم قط انه ناصرالدين و حاميه و المتكلم بإسمه، كما  لم  يتورط معشار ما تورط فيه السلفيون من استهانة بذات الله و تشبيهه بالبشر، و من جعل دين الله الذي اريد به رحمة العالمين ،مطية لأسر حاكمة لا مؤهلات لها سوى نسبتها لقبيلة ما دون سواها .       



   إن محدودية المدارك العقلية السلفية هي التي اكسبتها ,عضوية دائمة في حزب حماريّ أرهق أمتنا  رفسا و دهسا و شهيقا و نهيقا و حملا لأسفار من مرويات " يستحي المرء من ذكرها "  ولو نجا السلفيون من  نار جهنم، فلأن صفة الحمارية ستكون الحيثية الوحيدة لخلودهم فيها, لأنّ  ما احدثوه في دين الله لا يجعلهم طرفة عين في عداد عوام المسلمين  فضلا عن علمائهم.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 36 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





السلفية حركة دببيّة :



    لمّا تواتر ان معظم شيوخ السلفية و رموزها كانوا متقشفين، زهادا في متع الدنيا  معرضين عن زخارفها، انتفى في حقهم نفاق الحكام لنيل بعض دنياهم، كما تبين ان اضرارهم بالمسلمين كان لوجه الله تعالى، لأجل ذلك  حقّ  نسبتهم الى حزب الدببة، نسبة الي  الدب الذي هشم راس صاحبه بحجر كان يستهدف به ذبابة حطت على راسه و هو نائم، فقد قتلتنا تلك الشريحة السلفية بوقوفها دون تحفظ في خندق حكام الجور، لا لشيء الا استعظامها رد أحاديث نبوية" صحيحة الإسناد"! تبرر انحراف هؤلاء الحكام و تعطيهم صلاحية ادارة ممالـكهم على الطريقة الإقطاعية .                                                                                    

  

  لقد تحوّل إسلامنا نتيجة الخلط السلفي للأولويات، و تعظيم للهيّن و تهوين للعظيم، الى تضخم فقه العبادات على حساب فقه محاسبات الحكام، حتى صار المسلم حيال إسلامه الذي افسده التشويش السلفي وقلب أولوياته كمثل من دخل متجرا" و قد وزعت فيه انواع الملابس على مختلف الجوانب، والطبيعي أن من يريد كسوة كاملة يمرّ بهذه الجوانب كلها ليأخذ ما يغطيه من رأسه الى قدمه و لكن يحدث أن ترى من يشتري قلنسوتين و يخرج حافيا أو من يشتري منديلا و يخرج عاريا" (1). فقد صنعت السلفية اجيالا " تهتم بشرك القبور و لا يهتم بشرك القصور" اجيال لا يعنيها شرك طاعة الحكام الذين يحملون المسلمين على التحاكم الى القوانين الكفرية ، في حين  تقيم الدنيا و لا تقعدها إذا زارت ثكلى مفجوعة قبر ولدها, لأن زيارة القبور في عرف السلفيين حرام على النساء مباحة للرجال, و كأنّ الرجل الذي حمل ولده خفّا ووضعه شهوة، أحقّ من زوجته بزيارة قبره و قد حملته كرها ووضعته كرها  ألا ساء ما يحكمون  !



السلفية حركة كهنوتية :                                                                                



  هي كذلك من حيث تصورها الضيق لدور الإسلام التي رات فيه خادما لأطماع عائلة مالكة في اقليم منسي من الأرض و ليس حركة تحرير عالمية .

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) استطاع محمد الغزالي  رحمه الله  التخلص نهائيا من آثار اخوانيته  السابقة، وكانت له مواقف شجاعة تستحق الإعجاب و التنويه، منها ما نشره في جريدة النصر العدد 23 سنة 1986 حين كتب " من حق المسلمين ان يعرضوا ما عندهم على غيرهم عرضا عاديا لا تقترن به رغبة او رهبة، فان عطلت اذاعتهم او صودرت كتبهم او حبس دعاتهم جاز لهم ان يقاتلوا حتى يتقرر لهم هذا الحق، أي جاز لهم امن يكسروا السياج الحديدي الذي تختفي وراءه بعض الفلسفات الضالة "... وكل كتب الرجل تجمع الإمتاع و الفائدة و خفة الظل و تستحق المطالعة أكثر من مرة كما يعد الغزالي أشهر من استهان بالسلفية  و نقدها نقدا لاذعا، و قد لاقى عنتا شديدا من كهنتها حيث اتهم  بعداوة السنة المحمدية، و كان ذلك يؤلمه كثيرا, و لكن كتب محمد الغزالي  لا تخلو من خيبات أمل و مفاجآت غير سارة،  حين يكتب مثلا  " و نحن نحني الرأس اجلالا للفقهاء الأربعة ابي حنيفة و مالك و الشافعي و ابن حنبل، و للأئمة الثلاثة ابن حزم و ابن القيم و ابن تيمية و للمصلحين الكبار محمد بن عبد الوهاب و ابن ادريس السنوسي و جمال الدين الأفغاني و محمد عبده و عبد الرحمن الكواكبي و حسن البنا و ابن باديس " ( من كتابه "كيف نفهم الإسلام" ص 98) فقد جمع هنا الدر و الحصى في سلة واحدة... فالعبد الفقير مثلا، لا يجد بين من ذكرهم الغزالي من  يستحق الإحترام  غير ابي حنيفة  وابن باديس و الكواكبي... كما ساءني من الشيخ ليس فقط عدم التثبت في عقيدة الشيعة فحسب، بل التنويه بالتجربة الخمينية  في مواضع عديدة من كتبه الأخيرة . 



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 37 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



كما تعدّ السلفية حركة كهنوتية من حيث استفظاعها استصحاب العقل عند  تلقي  النصوص المقدسة،  ثم دعوتها تحت طائلة التضليل والتكفير الى التوقف الكلي إزاء تلك النصوص، حتى لو خالفت المعقول، بل حتى لو ناقض بعضها بعضا ،اخذا بالمبدأ الإنجيلي المحرف" اعتقد و انت اعمى / اغمض عينيك و اتبعني.  كما تعد السلفية حركة كهنوتية من حيث نظرتها التقديسية (المتولدة عن الإنعدام الكلي للملكة النقدية) لشيوخها اخطأوا أم اصابوا،  ومن حيث جعلها تفسيرالنص الديني حكرا على فئة معينة تمتلك رموزه السرية. لأجل ذلك الإعتقاد المميت سقط الحنابلة والشافعية بخلاف ــ اهل الرأي ــ في  فخ الصوفية ذات الخلفية الشيعية / المجوسية المقدسة للأشخاص . لأجل ذلك لن نعدم  حنبليا أو شافعيا يزعم " أنّ سرّ القرآن في الفاتحة, و سرّ الفاتحة في بسم الله, و سرّ بسم الله في  الباء, و سرّ الباء في النقطة ! " حتى انه "  لأجل كشف  تلك الأسرار كلّها، أنفق أحد مشايخ الصوفية 14 سنة  بتمامها و كمالها لدراسة نقطة الباء ![ لا بدّ أنه لمّا وصل لدائرة حرف الميم بقي يدور فيها دوران الحمار بالساقية و لم يستطع الخروج منها إلى  أن فاجأه الموت، كما فاجأ لصوص المغارة شقيق عليّ بابا  الذي نسي كلمة إفتح ياسمسم فكان مصيره الذبح !]  و قد زعم بعض هؤلاء  أن رســول الله" قد أوحى إليه ثلاثة علوم : علم أمره الله بإفشائه، و هو علم الأحكام,وعلم خيّره الله فيه و هو علم الأسرار، و علم أمره بكتمه الا عن بعض خواصه، و هو علم سر القدر". كما اننا لا نعدم آخر يقول " سمعت سيدنا رضي الله عنه يقول: طلبت من سيدنا محمد بلوغ الغاية في أقصى مقام القطبانية التي ما فوقها إلاّ مقام النبوّة فقال لي : مقامك هو مقام ا م ع ن ا ا م ز ت غ ت" يقول صاحب الكتاب في تعليقه على هذا البلاء المبين : " لا ينبغي لأخ صادق أن يتجاسر في إستخراج أصحاب هذه المقامات المرموز لهم بهذه الحروف، بل الواجب عليه أن يقول : ما لنا إلاّ إتباع أحمد [ التيجاني] فما أفشاه أفشيناه، و ما أخفاه أخفيـناه, و من فتح الله عليه وأفشى شيئا من ذلك، يخاف عليه السلب والطرد والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم ! (1).



  ولمّا رسخ في أذهان عامة المسلمين، أنّ ذلك العالم السّلفي  يعلم ما لا سبيل لغيره أن يعلمه  فوّضوا اليهم كل أمورهم وأعطوهم توكيلا للـتفكير والإنجاز نيابة عنهم، وأسبغوا عليهم عصمة إن أنكروها صراحة فقد كشفها لسان حالهم، وهم يضللون كلّ تجرأ على نقد شيوخهم, حتى لو تورط هؤلاء الشيوخ فيما عف عنه ابليس، ووقع  في صريح الكفر، بمؤازرته من كفر من أولياء الأمور بل و مؤازرة المحاربين من قادة اليهود و النصارى كما فعل القرضاوي.                 

أما من جعل شيخه فوق النقد فرأى القذى في عين مخالفيه و تغاضى عن الجذع في عين شيخه, جاز تسجيله كعضو دائم العضوية في "حزب النقطة و التفويض بسبب اعتقاده الضمنّي أنّ فهم  النصوص ليس في متناول أيّ  عالم ما لم يعتكف على نقطة الباء ليسبر غورها و يكتشف أسرارها لعقد من الزمن !. أمّا كلمة التفويض فلمنح عقله إجازة مفتوحة لوجود من يفكّر عنه .  نعوذ بالله من الخبال و إتباع أشباه الرجال.                                                                             

                                                                           

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                  

(1)     الدرة الخريدة للنظيفي ص 35 طبع دار الكتب العلمية 1998 بيروت لبنان .

و الأمر  لا يختلف بالنسبة للميثولوجيا الشيعية  فقد ورد في كتاب الكافي للكليني ــ أول مصدر شيعي معتبرّ ــ ثمانية أحاديث تنصّ على: إنّ على الناس أن يقبلوا كلّ ما يصلهم عن الأئمة رضي الله عنهم بدون أدنى سؤال!  كما ورد في نفس كتاب الكافي و على لسان أحد أئمة الشيعة قوله : و نحن سر الله و أمانته(انظر كتاب كسر الصنم  ص 175آية الله العظمى ابي الفضل البرقعي) .                                                                                       

                                                                                                                        ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 38 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ           





السلفية حركة يهودية في نظرتها العدائية للمرأة :



السلفية حركة يهودية في نظرتها للمرأة لأنها تحتقرها  وتستقذرها و تهوّن من شانها, فلو اطلقنا على رموز السلفية تسمية فقهاء المرأة لما تعدينا الحقّ . فالمرأة هي حمار السلفية القصير الذي يسعهم ركوبه و ارهاقه دون خشية من خالق او مخلوق.  والمرأة عند السلفية هي اهون موجود، هي طاحونة الهواء المهجورة، و الهدف الثابت التي يمارسون عليها تصويباتهم العشوائية، و حملاتهم الدون كيشوتية و يوسعونها طعنا برماحهم الصدئة، دون أن يخافوا عقباها. فالمرأة  لوحدها هي التي يظهرون من خلالها رجولتهم( سئل جحا على من تظهر رجولتك قال على أمّي و أخواتي !) .                                            





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 39 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





لك الحمد أمّا ما نحبّ فلا نرى

                             و نبصر ما لا نشتهي فلك الحمد!



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 40 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



فصل

 مكوّنات البيت السلفي



ينقسم البيت السلفي السنّي الذي يمثل دين الملك ومصالحه، لا دين الله و تعاليمه، الي قسمين: حنبلي ـ وهابي وأشعري.                                                                                                                               

أولا : الجناح الحنبلي / الوهابي :

ينقسم الجناح السلفي الحنبلي الوهابي الي خمسة أقسام: السلفية العلمية، السلفية المخابراتية، السلفية البرلمانية، الإتجاه السلفي المثقف و السلفية الجهادية:



السلفية العلمية :



   يقصد بها السلفـــية المهتمة بدارسة و ترويج التراث الوهابي بخلفيته الحنبلية و التيميّة، و تقديمه على اساس انه صحيح الدين، أما أهمّ  الأغراض الخشبية الثابتة، و المستسلمة لطعنات الدون كيشوت السلفي " العلمي"، فالفكر الأشعري و الصوفي  والحنفي و القومي و البعثي  و الشيعي قديما، اقول قديما، لأن الإملاء الأمريكي المطاع، اقتضى  من الحكام في وقتنا الراهن،  ادماج الشيعة (بحجة الديمقراطية و احترام الأقليات الدينية)  في بعض مؤسسات الدول التي كانوا مبعدين عنها بسبب ما ابدوه من سوء نية  ومن ولاء مطلق لإيران، مع ادماجهم ايضا في التركيبة البرلمانية و الوزارية في البلدان التي نكبت بتواجدهم فيها، بعد ان كانوا منبوذين لعهود طويلة، وقد حصل هذا الدمج بعد أن اختبرت  الإدارة الأمريكية و لاءهم لها فوجدت فيهم حليفا نافعا  من شانه تمزيق النسيج الإجتماعي  للمجتمعات المسلمة، و تحقيق اهداف العم سام في تثبيت الدكتاتورية و نهب ثروات المسلمين . فبعدما كان الشيعة كفارا وروافض لدى السلفية ـ و هم كذلك ـ أصبحوا بين عشية و ضحاها  فضلاء و إخوة في الوطن و الدين(1)! و قد بلغت حساسية النظم الخليجية بكل ما يمسّ الشيعة من نقد، الي حدّ  إقدام الكويت على مصادرة كتب بن باز والعثيمين من أحد معارضها لما تحتويه من تكفير للشيعة، و ذلك  أعجب من مصادرة الإتحاد السوفياتي  لجريدة البرافدا الناطقة باسم الحزب الشيوعي الحاكم!  و يعد بن باز و الألباني و بن عثيمين و محمد ابراهيم شقرة  من ابرز  ممثلي  هذا  الإتجاه السلفي" العلمي" !.                            

                                                                                                         

السلفية المخابراتية :

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                        

(1) ردا على سؤال :" يقال انكم شاركتم في الإنتخابات الأخيرة لتقطعوا الطريق على الشيعة" أجاب غانم فضل البوعينين، المتحدث الرسمي  باسم السلفيين البحرينيـن " لو لم يشارك السلفيون في الإنتخابات، لأتى الى المجلس من هذه الدوائر ممثلون للسنة.لأن  الدوائر التي تتكلم عنها دوائر سنية، و ليس للإخوة الشيعة وجود فيها, وهذا كلام غير صحيح لأن الإخوة الشيعة لهم حظ في بعض الدوائر التي نمـثلها حاليا، و نحن خمسة فقط، فكيف نقطع الطريق على الإخوة الشيعة أو غيرهم ؟! ( مجلة الوطن العربي العدد 1428 بتاريخ 29/7/2005  .).                  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 41 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







و يقصد بها الشريحة السلفية المتميزة عن غيرها  بتكفير العلماء المناوئين للحكومة، و كل من استهدف بقراتهم المقدسة ( ولاة امورهم و رموزهم القديمة و الحديثة)  بكلمة نقد. و قد اطلق   

عليهم محمد سرور زين العابدين ( سلفي سوري  و اخواني سابق) تسمية حزب الولاة لتفرغهم لمخالفي النظم القائمة ( الخوارج) نقدا و تكفيرا. و يعد ربيع المدخلي ابرز أعضاء السلفية المخابراتية..   كما يمكن ادخال ناصر الدين الألباني ضمن هاته الطائفة  بما تميزت به دروسه من تحريض الحكام على معارضيهم الملتحين .                                                                



السلفية البرلمانية ! :

  

  وهي فئة مستحدثة  جندت  من قبل الحكام لتمثيل دور المعارضة في برلمانات أصحاب السموّ و الجلالة، و قد استخد م السلفيون كقطاع طرق على كل معارضة جادة، باستعمالهم كتروس بشرية  لشغر كراسي البرلمانات , فحال الواحد منهم في تلك البرلمانات الصورية ، كحال أطرش في زفة، لا يدري ما دوره و لم جيء به الي هناك!(1)                                                             



الإتجاه السلفي المثقف :



    وهي فئة جديدة من مدرّسي الجامعات و الكليات الدينية،  برزت في حرب الخليج الثانية عند معارضتها فتوى بن باز في وجوب ادخال قوات التحالف بقيادة  امريكا للسعودية، لإجبار قوات صدام حسين على مغادرة الكويت، وقد دفعت تلك الفئة ثمن معرضتها تـنكيلا و سجنا. وقد تميز هذا التيار قبيل تلك الفترة، بتبشيره بوضع سياسي افضل، دون مساس بالأسرة الحاكمة.ولا برموز السلفية المتواطئة قديما وحديثا مع حكام الجور. وإن كان  يكفي المراقب لإحترام هاته العينة، علمه بأنها رغم سلفيتها، قد تمكنت من تجاوز التابو السلفي بمعارضتها الحاكم،  و الوقوف ضد ارادته. و تلك سابقة غير معهودة . و على كل حال فان تلك الجرأة التي ابدتها هاته الفئة لا تكفي لكي تجعل المرء  يذهب كثيرا في  رجاء اصلاح حقيقي على يديها،  بفعل كونها ما زالت مشدودة بقوة الى الماضي السلفي و فكره المدمّر و رموزه القاتلة، و أخطائه التاريخية المميتة،  كما تمتاز هاته العينة بخطاب مرن نسبيا( وعند ذكر العمى يستحسن العور!).                             

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                               

(1) ردا على سؤال: هل تبغون الوصول الى الحكم؟ أجاب غانم فضل البوعينين المتحدث الرسمي باسم السلفيين البحرينيين ":لا.[!]  هذا لا نهدف اليه ابدا[!]، و من خلال معارضاتنا لقانون الأحزاب وضح ذلك. لأن من ادبيات قانون الأحزاب السياسية الوصول الى الحكم[!] . و كنت دائما مع انشاء جمعيات سياسية و ليس احزابا تهدف لقيادة الشارع السياسي [!]. و ليس من ضمن اهدافنا الوصول للحكم[!] . يكفيني أن يوجد من يحكم بالإسلام و بحكم الله تعالى" (مجلة الوطن العربي نفس العدد المشار اليه ) "إهــ                                                                     
  لا بد أن هذا التصريح قد احرج أولياء أمور السلفيين و فضح هدفهم من استقدام هاتيك الرخويات السلفية التي طالـما نددت قديما بحرمة تكوين الجمعيات و دخول البرلمانات.... و لعل فضيحة الحكام لا تشبهها غير فضيحة من زنى بامرأة  متخلفة عقليا, كشفت للناس ( و بنيّة سلفـــية خالصة) تفاصيل  فسقه بها ! كما يذكرني ذلك الغباء البرلماني السلفي بملك قال لصاحب شرطته "اقبض عليه اذن فهو لص" و هو يشير الى شاعر مرتزق افتتح مديحه بشطر بيت يقول فيه: سهرت و مابي عشق ولا مرض! ( اراد الشاعر ان يقول ان سبب  سهره هو ولعه بالتفكر في مآثر حاكمه!!) و يجدر بكل انسان أن يقول: اقبضوا على  هؤلاء البرلمانيين السلفيين، لأنهم قطاع طرق  قد جيء بهم لغاية دنيئة  في نفوس الحكّام.                                                 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 42 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





من ابرز رموزهذا التيار سفر الحوالي، سلمان بن فهد العودة. ناصر العمر . جمال سلطان.        



السلفية الجهادية! :



    فئة مستحدثة تلقت تدريبات عسكرية في افغانستان لتقاتل الروس ثم عساكر الرئيس الشيوعي نجيب الله هناك, و رغم ان عناصر تلك الشريحة قد ارسلت الى بلاد الأفـــــغان بـــمباركة  بعض

الحكومات العربية،( استجابة منها لإدارة أمريكية كان يسرها  هزيمة الإتحاد السوفيتي حتى على أيدي الشيطان نفسه), فسرعان ما قلبت لهم تلك الحكومات ظهر المجن، حال رجوعهم الى بلدانهم

الأصلية،  لإرتيابها  في ولائهم لها، و لشكوكها حول تحركاتهم،  خصوصا وقد تأثر فكرهم السلفي  بما سمعوه من خطاب عناصر الجماعة الإسلامية و الجهاد المصريين, مما حملهم على الذهاب الى جبهات اخرى كالبوسنة و الشيشان،  ثم دخول بعضهم  في حروب معلنة ضد العلمانية ـ الجزائر ـ ليبيا ـ مصر. و يعد اسامة بن لادن، و ايمن الظواهري اشهر تلك الرموز .            



   ورغم  خروج هاته الفئة عن طاعة الحكام(ولأول مرة يحدث هذا في التاريخ الإسلامي) فإن عقليتها السلفية المؤمنة بتوريث الحكم وتقديس رموز السلفية الهالكة( بن حنبل،بن عبد الوهاب) و النظر بشيء كثير من الإحترام الي" اجتهادات" معاوية و تاريخ الأمويين و العباسيين و العثمانيين، ولعل الفهم الضحل للدين و الإفتقار لملكة النقد و إلأعتقاد بان الشورى غير ملزمة للحاكم ، ولعلّ ــ وهذا الأبشع ــ توجههم للعدو الخارجي ــ نسف أطفال و نساء النصارى ! ـ قبل تطهير البيت الإسلامي من الإرهاب الحاكم، لعل كل هاته الأسباب مجتمعة تحول بين المرء وبين عقد آمال تتحقق على أيدي هاته الشريحة. و لئن قامت لها كيانات سياسية( وهذا مستبعد جدا) فستحمل بين جنبيها اسباب سقوطها،  و لنا عودة للحديث عن هاته الفئة.                          

ثانيا: الجناح الأشعري:



  يضم هذا الجناح،  بالإضافة الى  جيوش الكهنوت العامل لدى الإرهاب العلماني الحاكم  كمفتين وأعضاء في مجالس اسلامية عليا وأئمة مساجد  ووعاظ  و مرشدين دينيين,. قلت يضم هذا الجناح السلفي الأشعري تجمعات دعوية أخرى، تبدو لأول وهلة، و كأنها مستقلة عن النظم العلمانية، و لكنها تعدّ من صميمها ومن مكوناتها الحيوية،  بما تقدمه لها من خدمات أمنية و تخديرية. ولعل اهم تلك التجمعات : الفرق الصوفية و جماعات التبليغ، و جماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة أسسها حسن البنا ـ  سلفي مصري أشعري متصوف ــ  سنة 1928، و اتخذها الإستعمار البريطاني أداة لتمرير الدستور العلماني و حض المسلمين على التجمع حوله، كما اتخذها الغرب فيما بعد مخلب قط يستعملها الحكام لضرب الحركات الجهادية, كما استخدمتها الإدارة الأمريكية في ايامنا هذه أداة لتبرير غزوها بلاد المسلمين، مستفيدة من فتوى القرضاوي الذي أحلّ للجنود المسلمين العاملين في صفوفها قتال اخوتهم في العقيدة في أي بلاد اسلامية تقرر الإدارة الأمريكية والغربية عموما ارساله لمحاربتها، و مستفيدة( أي أمريكا) من خدمات اخوان افغانيين كقادة ميدانيين في حربهم تلك، و من خدمات اخوانية في العراق حيث تولى الإخوان رئاسة برلمان الحكومة المنصبة من قبل الإحتلال. كما استفاد الغرب عموما من خدمات اخوانية كثيرة في تركيا و الجزائر وغيرها من بلاد المسلمين . كما يمثل هذا الجناح حزب التحرير المنشق عن جماعة الإخوان والذي،وان اثبتت الأيام انه ولد ميتا، فانه لم يتورط الى حد الساعة فيما تورطت فيه جماعة الإخوان من انبطاح و عمالة للإرهاب العلماني الحاكم وللقوى الأجنبية.      

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 43 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ











تجربة!





إني و جعفـر بعدما جرّبته

                             و بلـوت في أحواله أخــلاقه

كمعيد شكّ في خرا قد شمّه

                               فأراد معرفة اليقين(*) فذاقه!!

أبو أحمد بن ابي بكر الكاتب











ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) لكن أمتي لم تعرف اليقين بعد رغم توالي القرون، و رغم غرقها الي الأذقان في المخرأة السلفية النتنة.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 44 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



الباب الثالث

 صفات السلفيّ السعيد



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ    45  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ









                                   عن الجهل و الجهلة                                                                                           



   فالواحد من هؤلاء الدكاترة السلفيين (خصوصا من الجناح الوهابي) و بتعبير المفكر الأديب صادق النيهوم " مثل ساعة مليئة بالأوساخ، تشير عقاربها عادة الى منتصف الليل، فيما يتـناول الناس إفطارهم في الصباح، انه يعيش متأخرا بضع سنوات، و أحيانا ايضا بضعة قرون، دون ان يهمّه بالطبع ان العالم من حوله لا يتحرك طبقا لتوقيته الرديء . انه شبح من مذبحة الماضي وراء قناع مواطن معاصر، جزيرة تائهة أو قارة بأسرها تائهة تتسكع في عصر منقرض، و تراقب عصرنا بازدراء، مستعدة أن تعلّق بعنقه أية تهمة تخطر ببالها، بمجرّد ان يتجرّأ على إبداء شخصيته المختلفة.إن الجاهل حارس مقبرة غير مرئية ... مقياسه الوحيد لإيجاد الخطأ من الصواب، أنّ الصواب هو ما فعله جدّه، و الخطأ هو ما يفعله أبناء جيله" (1) .   



     أما لو قلت" لم تستجهل السلفيين والحال ان من بينهم من بلغ نال درجة عالية من التعليم"، سأقول: ان حصول شخص ما على درجة معينة من التعليم، لا ترفع عنه بالضرورة بلادة جبل عليها، و لن تحيي فيه ملكة النقد و استقلالية الفكر و لن تستطيع تخليصه من التقليد الأعمى، فالجهل ليس نقيضه معرفة الكتابة، حتى يرفع (الجهل) عن الجاهل بمجرد إتقان الأخير الكتابة و القراءة، و لندع الأديب الكبير يشرح  ذلك  لنا  فقد كتب" ان الجهل لا يعني لدينا  شيئا سوى أنه "معرفة" غير صالحة. إن القرآن ايضا يستعمل اصطلاح الجهل بمفهومه المعاصر وحده. أنه لا يدعو أهل مكة باسم الجاهلية لأنهم لا يعرفون القراءة، فالواقع أن النبي نفسه كان لا يعرف القراءة، ولا يدعوهم بذلك الإسم لأنهم لا يعرفون شيئا عن منحة العبادة، بل لأنهم كانوا يعرفون"الفكرة الخاطئة" فقط، و لأن ذلك بالضبط هو الجهل في صورته الحقيقية. إنّ العجز عن قراءة الحروف يدعى في اللغة باسم الأمية، و هي ظاهرة لا علاقة لها بالجهل. القراءة قـدرة ميكانيكية مكتسبة، و ليست نشاطا عقليا من أي نوع، و العجز عن القراءة مجرّد افتقار الى قدرة ميكانيكية، و ليس افتقار الى نشاط عقلي من أي نوع... فالجهل لا يفقد أظافره بمجرّد أن يتعلم المرء كيف يلوي لسانه باللغة الفصحى، و يتسكّع في الشوارع متأبطا كتبه المهيبة المنظر، الجهل حالة عقلية خاصّة لا يمكن إستبدالها إلاّ بحالة عقلية أخرى" (2)"  إن من علامات الجهل المميزة ان يعتبر المرء كل شيء يختلف عنه بدعة خرقاء" (3).                                                                                          















ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



(1و2و3) الصادق النيهوم " تحية طيبة و بعد" على التوالي ص 50/51و62و 70دار تالة للطباعة و النشر طرابلس ليبيا الطبعة الثانية 2001




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 46 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ









من صفات السّلفيّ السّعيد



   أولا : تقديس الأشخاص و الموتى من العلماء :                                                                                                                                                   



   في صفحة 13 من  كتابه" الأصول العلمية للدعوة السلفية"  أعلن عبد الرحمن عبد الخالق و بكل صراحة ما يأتي ذكره: " إنما السلفي الحقيقيّ متبع للحقّ والدليل .. يعرف حقّ سلف الأمة و علماءها و يجلّهم و يحترمهم و يقدّسهم [هكذا !] بقدر تقديسهم للحقّ" إهـ                                  



و لما كان عبد الرحمن عبد الخالق( سلفي برلماني !!) يدرك  جيدا ما يقول، و يعلم ان التقديس ينفى كل مراجعة او نقد للشخص المقدس، أضاف: " و إذا رأى شيئا من أقوالهم مخالفا للدليل،  اتهم نفسه أولا بعدم فهم الدليل،  و عذرهم ثانيا في  اجتهادهم، فلربما لم يصل إليهم الدليل [ حتى  بعد أكثر من ألف سنة من جمع النصوص؟! ] و ربما فهموا من دلالته غير ما فهمنا نحن".                                                                



  لأجل ذلك كان انتقاد شيخ ما و تفنيد أرائه لا يختلف لدى السلفيين عن نقد الإسلام ذاته. لأجل  ذلك أيضا أعلن أحمد بن حنبل"  أذا رأيت الرجل يغمز حمّاد بن سلمة،  فاتهمه على الإسلام،  فانه كان شديدا على المبتدعة "( أعلام النبلاء 7/450) 

 فابن حنبل،  كما نرى هنا،  يبيح  إخراج منتقد حمّاد بن سلمة من دين الإسلام، و كأن بن سلمة ذاك من أركان الإسلام،( سيقال في احمد بن حنبل بعد خمس سنين من موته ما قاله هو و اشد في حماد بن سلمة) " قال احمد بن إبراهيم الدورقي : " من سمعتموه يذكر احمد بن حنبل بسوء فاتهموه على الاسلام! و قال نعيم بن حماد: اذا رأيت العراقي ــ  صاحب الرأي ــ يتكلم في أحمد بن حنبل فاتهمه في دينه،  و اكثر من هذا ما نقل أصحابه [أصحاب بن حنبل] انه كفّر من يخاصم أهل الحديث! ورد في الرواية أن رجلا بمكة قال: "أصحاب الحديث أهل سوء" و ذكر خبره لإبن حنبل فقام أبو عبد الله[ بن حنبل] وهو ينفض ثوبه فقال: زنديق زنديق زنديق و دخل بيته ( طبقات الحنابلة ص 17) .

" و في صفر رأى رجل في المنام قائلا يقول: من زار أحمد بن حنبل غفر له، فلم يبق خاصّ و لا عام الا زاره " ( بن كثير 730/12 ) .                                                           

 ففي حين يتزاحم السلفيون على زيارة قبر ابن حنبل و يبيتون عند ضريحه ـ على الرغم من اختصاصهم في  دعوى محاربة شرك القبور نراهم يحرمون زيارة قبر النبي !" و نجد فوق ذلك منـهم من يعد قول المسلم سيدنا محمد بدعة لا تجوز و يغلون في ذلك غلوا شديدا )"محمد ابوزهرة 21 )



   ثانيا:   جمود الفكر و ضيق الأفق  و مراعاة الشكليات دون المضامين



   وكل هذه  الصفات  متوقّعة ممن كانت كل مؤهلاته ملكة حفظ قوية  ليست مؤشرا على ذكاء وفطنة( عن احمد بن علي بن ثابت قال: قرأت في كتاب ابي الفتح عبيد الله بن احمد النحوي بخطه : سمعت القاضي احمد بن كامل ــ  المعروف بالخطيب البغدادي ــ يقول :  ما جمع احد من العلم ما جمع محمد بن موسى البربري،  و دخلت عليه يوما وهو مغموم فقلت له: مالك ؟ فقال فلانة ــ يعني امرأته ــ  حملتـني على ان أعتقت هذه الجارية، و قد بقيت لا أمة لي تخدمني، و لا أحد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 47 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







يعينني، قلت : وأي شيء مقدار ثمن الجارية؟ فقال ان امرأتي دفعت لي دنانير اشتري  لها بها  جارية فاشتريت هذه الجارية. فقلت : تعتق ما لا تملك؟ قال كأنه لا يجوز؟ قلت:لا الجارية لها، على ملكها فجعل يدعو لي!... كما  حدّث أبو العيناء قال حضرت مجلس بعض المحدثين المغفلين فأسند حديثا عن النبي  عن جبرائيل عن الله عن رجل ! فقلت من هذا الذي يصلح ان يكون شيخ الله . فاذا هو قد صحّفه و اذ هو عزّ و جلّ!.... حدث أبو حفص بن شاهين عن النبي ص انه قال يوشك أن الظعينة بلا خفير فصحفت فقال بلا خفّين ! و أبو حفص ذاك قال عنه بن الجوزي  قال الدار قطني بلغني ان امرأة جاءت الى على بن داود و هو يحدث و بين يديه مقدار ألف نفس : فقالت له حلفت بصدقة ازاري قال بكم اشتريته ؟ قالت باثنين و عشرين درهما قال اذهبي فصومي اثنين و عشرين يوما قال فلما مرّت اخذ يقول: آه آه غلطنا و الله أمرناها بكفارة الظهار ! ... و كان حيان بن بشر قد تولى قضاء بغداد و اصبهان و كان من جملة رواة الحديث فروى يوما أن عرفجة قطع أنفه يوم الكلام و كان مستمليه رجلا من أهل كجة  فقال: أيها القاضي انما هو [يوم]الكلاب فأمر بحبسه فدخل الناس إليه فقالوا ما دهاك؟ فقال : قطع أنف عرفجة في الجاهلية و أبتليت أنا به في الإسلام !                                                   



(ثم أعجبوا من المحدث إسحاق بن إبراهيم النهدي، رحل و حدّث عنه جماعة من أجلّ أهل دمشق [ والكلام لإبن كثير البداية و النهاية ج11ص273]"كان من عبّاد دمشق و علمائها، و قد روى عنه ابن عساكر أشياء تدلّ على صلاحه و خرق العادة له، فمن ذلك قال :اني سألت الله ان يقبض بصري فعميت ![ نعوذبالله من علم لا ينفع، و نعوذ به أكثر من علم  يعمى الأبصار بعد البصائر! ... ثم يواصل]  فلما استضررت بالطهارة، سألت الله عوده فردّه عليّ! توفي بدمشق و قد نيف على التسعين إهـــ [ هذا هو معدل عمر المحدثين الذين لا يسمع لهم ركزا أثناء قتل الحكام الناس على السلطة و تجاوزهم أحكام الشريعة، و لا يشار اليهم الا عن الإعلان عن موتهم،  و قد يموت منهم في السنة الواحدة الكثيرون] ثم انظر الى الحسن بن حامد الورّاق، كان مدرّس أصحاب أحمد و فقيههم في زمانه[أمسك كلمة فقيههم هذه] و كان معظما في النفوس [ نفوس الغوغاء الذين يقلون عنه فقها]  مقدما عند السلطان [ بطبيعة الحال ]خرج في هذه السنة[403هـ] للحجّ  فلما عطش الناس في الطريق إستـند هو الى حجر هناك في الحرّ الشديد، فجاءه رجل بقليل من ماء، فقال له بن حامد : من أين لك هذا ؟ [ فقه بارد  ذكرني برجل وقع في بيته حريق هائل،  فلما اقبل رجال الإطفاء حلف عليهم أن يكرمهم قبيل شروعهم في العمل! كما ذكرني  ببدوي ولد له خمسة أطفال فحلف على الطبيب ان يأخذ واحدا منهم ! يواصل بن كثير]  فقال[ المسعف ] ما هذا وقت سؤالك اشرب فقال: بلى هذا وقته عند لقاء الله عز وجلّ،  فلم يشرب و مات من فوره رحمه الله! " إهــ [المعلوم أنه لو جيء لهذا المحّدث بخمر مغصوب لحلّ له شربه، و لكنه الجهل و الفوضى في ترتيب جدول الذنوب، و إلاّ فلإن حظوة هذا المحدّث لدى سلاطين  الجور و أساطين الإجرام،  أشدّ ذنبا من شربه براميل الخمور في غير ضرورة.



    و لقد بلغ من تزلف بعض شيوخ السلفية الى الحكام، درجة إيهامهم بأن ذنوبهم مغفورة بمجرد تسلمهم الحكم، حتى انه يروى ان طاغية الأمويين عبد الملك بن مروان كان يتلو كتاب الله حين بلغه انتقال السلطة إليه،  فأغلق المصحف و هو يخاطبه: هذا آخر العهد بك! ثم صرّح بعد مدة  من  جلوسه على العرش انه كان يتحرج  قبل تمليكه من وطئه نملة، ثم أصبح لا يبالي بتقارير الحجاج التي تتضمن سفك دماء آلاف الناس . كما أضافوا الى مقابحهم شناعة اخرى هي  مسألة ثبوت  شفاعة الحكام في رعيّتهم! [ شحاتة اسمها ستّ إحسان!] يحــكى أن أبـا جعفر المنصور رفع إليه



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 48 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





بعض أهل الحشو[ محدّث محشوّ الدماغ بمرويات مخالفة للعـقل و النقل مــعا] حوائجه،  فلمّا قضاها قال يا أمير المؤمنين بقيت الحاجة العظمى قال: و ماهي : قال شفاعـتك يوم القيامة،  فقال له عمرو بن عبيد [ رحمه الله ] إياك و هؤلاء فأنهم قطّاع الطريق في المأمن!"(1)



   ثم اقرأ معي ما  سجله بن كثير في ترجمة محّدث آخر  في ج11ص 264  من البداية و النهاية "  على بن ممشاد بن سحنون، محدّث عصره بنيسابور، رحل الى البلدان و سمع الكثير و حـدّث و صنف مسندا أربعمائة جزء، و له غير ذلك مع شدة الإتقان والحفظ. قال بعضهم: صحبته  في السفر والحضر فلم أعلم ان الملائكة كتبت عليه خطيئة ! " إهـ... و لم لا يقال ذلك، و قد اختزلت المنظومة السلفية  دين الإسلام الى أركان خمسة  غاب من بينها أهمّ ما يدخل المرء حظيرة التوحيد و حمى الدين: وهما توحيد الألوهية،  والأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ـ فلو قلت : وشهادة لا اله الا الله، الا تتضمن توحيد الألوهية، أقول  أن المنظومة السلفية قد رضيت من شهادة التوحيد مجرد نطق اللسان، أمّا العمل  فلم  تشترطه  لصحة الإيمان، و اذا كان الشاعر قد خاطب من يحب بقوله: ما تصنعين بحجة او عمرة / لا تقبلان و قد قتلت قتيلا / أحيي قتيلك ثم حجّي و انسكي / فيكون حجـــك طاهرا مقبولا . فإن هؤلاء الحشوية من المحدثين قد قتلوا و سيقتلون أمما و أجيالا  بأكملها، حين برروا  مظالم الملوك ، و لأجل عظم جرمهم في حق شعوبهم خاصة و الإنسانية عامّة،  لم يرض الله من أمثالهم غير توبة علنية  يعترفون فيها بأخطائهم  في كتمان العلم الذي أمروا بتبليغه، حتى يتضح الحق و تستبين سبيل المجرمين، قال تعالى في حقهم (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس  في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون الا الذين تابوا و أصلحوا و بيّنوا فأولئك أتوب عليهم و أنا التواب الرحيم) البقرة، لأن توبة خدم السلطان لا تصحّ في السرّ، و لا تجبرها ألف حجة و مليون عمرة . نسأل الله العافية .

  

     و لعلّ غـفلة الولاة الذين لا يشـترط  لدي تعينهم غير رقة الدين وغلظة القلب و الولاء الأعمى لأسيادهم  والاستعداد لتـنفيذ أقذر المهام و أبعدها عن المروءة و الشرف لا تقلّ  في كثير من الأحيان عن غفلة المحدثين، و تبين لنا الحادثة التالية مدى الحصانة التي اكتسبتها  عناصر المنظومة السلفية  لدى حكام الجور، حتى أصبح المسّ بكبار الصحابة يهون في سبيل ضمان سلامة هؤلاء الكهنة من القدح والتشكيك في مهمتم الأمنية( ذكر بن عساكر ان يعقوب بن الليث صاحب فارس بلغه عنه انه يتكلم في عثمان بن عفان[ شيخ سلفي] فأمر بإحضاره. فقال له وزيره: ايها الأمير انه لا يتكلم في شيخنا عثمان بن عفان السجزي, إنما يتكلم في عثمان  الصحابي! فـقال : دعوه, ما لي و للصحابي! إنّي إنما حسبته يتكلم في شيخنا عثمان بن عفّان السجزي! ( بن كثير البداية و النهاية ج11ص 70 ) .. وهذا يذكرني  بقول الأول للثاني:  سمعت ان الشيعة في ايران يلعنون الصحابة.  فأجاب الثاني: و ألعن من ذلك كلّه، تفضيلهم عبد الحليم على أم كلثوم !)



ثالثا : التهرب من مواجهة المخالف في الرأي:                                       

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)( الكشاف للزمخشري ج3ص449) ( عملا بسنة الحشوية في طلب الشفاعة من الحكام صاح أحد عوام دمشق على قبر الحجاج  : اللهم لا تحرمني شفاعة الحجاج !)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 49 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





من صفات شيوخ السلفية  تهربهم من مواجهة المخالفين في الرأي، ثم إجماعهم على  تولية الأدبار من المواجهات المفروضة عليهم في دور العبادة و الأمـــاكن العامة،  بحجة سخيفة، وهي

تنزههم عن مجالسة " الضالين و المبتدعين" أما سبب هروبهم فخلوّ وفاضهم و ضحالة حصيلتهم العلمية التي هي حقيقة لا يختلف فيها اثنان، فالهروب من المواجهة خاصية سلفية عتيقة. ورد في البداية و النهاية ج 11ص 157 لإبن كثير وهو يؤرخ لسنة 309 هــ  " و في ذي القعدة منها أحضر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري الى دار الوزير عيسى بن عليّ لمناظرة الحنابلة في اشياء نقموها عليه فلم يحضروا ولا واحد منهم ! " إهــ 



   كما جاء في "الوجيز في عقيدة السلف الصالح,أهل السنة و الجماعة " ص 175 لعبد الله بن عبد الحميد الأثري ــ معاصر ــ" و من أصول عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة أنهم يبغضون أهل الأهواء و البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه و لا يحبّونهم"[  سيرى القارئ أن السلفيين هم أعظم من  ابتدع في دين الله  وأول من شوه معالمه،  حين فصلوه على مقاس الحكام ، فأخرجوه مسخا شائها منفّرا لا صلة له بدين محمد، دين العزة و الكرامة والحرية ...ثم يواصل]:" ولا يصحبونهم و لا يسمعون كلامهم و لا يجالسونهم، و لا يجادلونهم في الدين، و لا يناظرونهم، و يرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم" إهـ[ هم بذلك يضعون انفسهم في مقام أشرف من مقام صاحب الرسالة الذي  جادل  رؤوس الكفر بنفسه و لم يفوض احدا عنه، استجابة  لأمر الله الذي حضّه ــ وهم الكفّار ــ  ليس على مجادلتهم فحسب بل ومجادلتهم بالتي هي أحسن (وجادلهم  بالتي هي أحسن), و بل و يضعون أنفسهم الدنيئة في مقام لم يترفع الخالق عنه، حين  رد تعالى بذاته على الكفار و الملحدين ( وقالوا إتخذ الله ولدا سبحانه، بل عباد مكرمون).    



      إن التبريرات التهّربية التي ساقها السلفيون ليست في نهاية المطاف سوى توصيات بوليسية حرّرتها جهات أمنية لينفضّ الناس عن  دعاة الإصلاح،  حتى لا يلتف  الناس حولهم، لما في خطاب  هؤلاء المصلحين من قوة و صدق. يقول الأوزاعي (محدث برتبة مسؤول أمني  كبير)" لا تمكنوا صاحب بدعة من جدل فيورث قلوبكم من فتنته ارتيابا ) ( و قد نقل الإمام إسماعيل الصابوني [ والكلام لعبد الله الأثري ] في كتابه "عقيدة السلف أصحاب الحديث" إجماع أهل السنة على وجوب قهر أهل البدع و إذلالهم فقال ــ رحمه الله ــ بعد ان سرد أقوالهم : وهذه الجمل التي أثبتها في هذا الجزء كانت معتقد جميعهم لم يخالف فيها بعضهم بعضا، بل أجمعوا عليها كلها"[ مثل اختلاف حكام المسلمين في كل صغيرة و كبيرة  و اجماعم كلهم على حرب ما يسمونه بالأصولية ــ الذي يقصد به الإسلام ــ ثم يواصل معلمنا الأثري ] و اتفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم  وإخزائهم و إقصائهم و التباعد عنهم، و من مصاحبتهم ومعاشرتهم و التقرب الى الله عز و جلّ[  يقصد ــ عمليا ــ التقرب الى الحكّام ] بمجانبتهم و معاشرتهم و إقصائهم و التباعد عنهم "( نفس المصدر ص 186)إهــ   فبالله عليكم، أهذا خطاب رجل أسلم لله  تعالى، و استقر في وعيه ان الكفر بالطاغوت ركن حيوي لا يتم اسلام المرء بدونه، أم هو خطاب مسؤول أمني متشنّج؟!  ثم لاحظوا كلمات" قهر""إذلال" "اهانة" "إخزاء"... انها نفس الكلمات التي يبصقها الجلادون في  المعتقلات وأقبية التعذيب, حين  يعلنون صراحة " ان السيد الرئيس أو الأميراعطانا أمرا بإذلالكم واهانتكم !" .. ويح تلك الدواب السلفية المتحجرة القلب،  أهي تـنتسب حقا الى دين عاتب الله فيه رسوله بقوله( لعلك باخع نفسك على آثارهم ان لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا)  حين علم منه شفقة على الكفار كادت تــميته جزعا عليهم ،  لما علمه من مصير مروّع أعده الله لهم؟ ! ثم أليس لهؤلاء الخارجين عن مدرسة علماء السلاطين و نعال السلطة حرمة تراعى؟ ألـيسوا مسلمين؟ ــ  بل أليسوا من خيار المسلمين؟ ألا يمثلون بقية الحياة في جسد  ميت، و نقطة الشرف في بئر الدعارة  السلفية؟ لم كل هذا القدر من الحقد الذي تـنفثه أفـــاعي السـلفية



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 50 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







في حقّهم بتسميتهم خوارج تارة، و بغاة تارة أخرى،  حتى كأن  الشاعر قد عناهم  حين  قال:



                            كأنـــّي سلبت القوم نور عيونهم

                                             فلا الذنب مغفورا، و لا العذر يقبل !

   ألا تقال لهؤلاء عثرة  حتى  لو صدرت عنهم  تجاوزات يغفرها حسن نيتهم و حبهم لله  ورسوله،  الحب الذي برهنوا عنه عمليا بتعريض أنفسهم للتهلكة وهم في رونق الصبا و زهرة الشباب؟! و لكن الحقيقة،  وباختصار شديد، تتمثل في اعتقاد هؤلاء الكهنة بأن هؤلاء " الخوارج"  قد انفصلوا عن دين الإسلام  بخروجهم على الحكام! (1).



ان أمة تقودها  دواجن سلفية  ترى ان من أفضل القربات اهانة و اذلال  من اقتدى برسول الله و تصدى للطغيان،  لجديرة  حقا بمكانتها السفلى  بين أمم الأرض و شعوب المعمورة، كما انه حقيق بها أن تنافس هوام  الأرض في السفالة و الإنحطاط ، ففي حين أجمع  عقلاء جميع الأمم  على وجوب الثورة في وجه حكام الجور، ثم وجوب احترام من تصدى لتلك المهام القاتـلة معتبرين عمله النبيل من قبيل التضحية في سبيل المصلحة العامة بل هو من قبيل طاعة الله(3) ،  تسعى السلفية بكل تخنثها و جبنها الى شد الشعوب الإسلامية الى الأرض، لتؤمّن لها  خسران الآخرة بعد خسران الدنيا.  ففي صدد تحريض الشعب على النهوض في وجه الحكام خدمة للمصلحة العامة ( يقول براد شاو جون ــ 1602/ 1659 في محاكمة الملك شارل الثالث ان الثورة و عصيان الطغاة هي طاعة واستجابة لله ( كوني روبرتسن قاموس الشواهدDictionary of quotations edited by Connie Robertson ص 66  (اليست تلك العبارة  ترجمة وفية  لقول رسول الله" سيد الشهداء حمزة و رجل قام لملك ظالم فأمره و نهاه فقتله). كما اجمع  عقلاء   الأمم الأخرى على أن مواجهة  الظلمة ضرورة حيوية لأممهم  " يقول جون اوف ساليسبيرى ــ 1120/ 1180) انه ليس فقط من القانون قتل الطاغية بل و من العدالة و الصواب ايضا ذلك ان من استبد بالسيف لا بد ان يقتل بنفس السيف, و يذكر ايضا بأن الأمير  ليس شيئا يذكر إلاّ اذا خضع تماما لتعاليم الكنيسة,  و يرى ان القوة و البطش و القضاء على الحريات و عدم الإهتمام بمصالح العامة يبيح اغتيال و قتل الطاغية بل و يعلن : ان من تقاعس عن طلب رقبة الطاغية يسيء الى نفسه و الى الآخرين"( انظر مؤلف على بلحاج" فصل الكلام في مواجهة الحكام")  إهــ .لا شك ان الفطرة السليمة هي  التي حملت هؤلاء المفكرين الأحرار، على عدم استهانتهم بدين الله  من خلال عدم الإعتقاد بانه جاء لخدمة الإستبداد، هي التي ستحملهم أيضا على التقزز  من  تجار الأفيون السلفي الذين بطحوا امة محمد على وجهها، و جعلوها جسرا و مركبا للطغاة. و لو عثر هؤلاء الأحرار على تحفة سلفية  ممن يحترمها الملايين من أبناء المسلمين، لربطوها بحبل من رجلها ثم سلموها لصبيانهم يتلهون بها و يتخذونها مسخرة،  جزاء اتخاذها دين الإسلام مسخرة في حين أراده الله أنموذجا يقتدى به الأمم ( و كذلك جعلناكم امة وســـطا لتكونوا شهداء على الـناس و يكون الرسول عليكم شهيدا). و لقد كان رسول الله شهيدا  و رائدا في مجال الحرية                  ففي " حين قام المجتمع المدني في المدينة[ المنوّرة], كانت العصور الوسطـي ــ في اروبا ــ  تعتنق الإستبداد الديني السياسي، و كانت دولة النبي بهذه المفاهيم الشورية خارجة عن ايقاع العصر السياسي و الإجتماعي و الإقتصادي"(2) ولقد كانت الجهود النبوية محلّ تقدير المنصفــين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)" أغلب المجتهدين كانوا يجمعون على أن الخروج على الحاكم هو الخروج على الأمة، و بذلك صار اجتهادهم أيضا بغيا على الأمة و ظلما لها " ( أ . عبد الكريم مطيع الحمداوي من مقدمة تحقيقه كتاب تحفة الترك للطرطوسي).                                                                          
(2) الصادق النيهوم صوت الناس ص 139

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 51 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





من مـفكريّ الغرب أمثال  تولستوي الذي كان يقول : " يكفي محمد فخرا أنه فتح الطريق للرقيّ  و التقدم، وهو رجل جدير بالإحترام و الإجلال" و قد حرم البابا تولستوي من رحمة الله، نتيجة ذلك التصريح، كما وجد من المستشرقين  من تحامل ظلما على حضارة الإسلام و مشروعه  التحريري العظيم ثم رجع الى الصواب، شأن" جان دوانبورت  الذي ألف كتابا عنوانه: اعتذار لمحمد و للقرآن، اعتذر فـيه عن التصورات و الأحكام التي كانت شائعة في الغرب حول نبي الإسلام و القرآن الكريم "(1). و قد استفاد الغرب كثيرا من  تجربة دولة الرسول و خلفائه الراشدين، وإن عجز  على الإتيان بذلك القدرالكبير من الشفافية في الحكم و من محاسبة الحكام الى يوم الناس هذا.  كتب  الصادق النيهوم رحمه الله: " رغم ان الثورات الأروبية لم تـنجح ابدا في إقرار صيغة إدارية شاملة مثل صيغة الشرع الجماعي في الإسلام، فانها على الأقلّ نجحت  في إنهاء نظرية الحق الإلهي المقدس في الحكم، و كسرت بذلك سلسلة الإقطاع الحديدية التي طوقت عنق الإدارة منذ عصور الملوك المتألهين في دول الشرق القديم. و في اليوم الثلاثين من كانون الثاني سنة 1649 سقطت المقصلة في مدينة لندن على عنق أول ملك في التاريخ يتمّ إعدامه بموجب قرار من محكمة شعبية ...لم تكن الثورة الأنجليزية موجهة لإحتواء طبقات الناس، و لم تـنجح في إقرار شرع جماعيّ قادر على ضمان المساواة بينهم، بل أن "كرمويل" قائد قوات الثورة كان يبدي إزدراءه لفكرة المساواة نفسها، لكن الثورة الأنكليزية لها فضل إحياء حقيقتين كاد العالم أن ينساهما منذ أن سمعهما لأول مرة في لغة الإسلام: الأولى : ان الإقطاع فكرة محكوم عليها بالموت حتى من دون الإسلام، و الثانية :ان الجيش المأجور الذي تقوم عليه نظرية الإقطاع، جيش من ورق يمكن هزيمته بجيش من الناس... ولأن الإسلام نفسه لم يصل الى بريطانيا، فقد وصلت إليه صيغة مختلفة من صيغ الشرع الجماعي، و التأم شمل كبار الملاّك و التجار البريطانيين تحت سقف واحد  مفتـتحين عصر الرأسمالية الحديثة بمعركة مضمونة النتائج سلفا، بين سلطان تركي وحيد جاهل، و بين جزيرة مغطاة بالضباب يديرها جيش من الخبراء الحاذقين تحت سقف برلمان واحد " (2) لتنعم شعوب الغرب ببعض الحرية  والرفاهية، و لكن على حساب دماء و معاناة أغلبية سكان المعمورة المنكوبة بدكتاتوريات محليّة فرضتها عليهم  الإدارة الغربية و كرستها في بلادنا منظومة سلفية واطية مستوطئة متواطئة و مؤمنة حتى النخاع، بضرورة التمسك بنظرية الحكم االإلهي المقدس في الحكم، و بنظرية وجوب إطاعة الإنقلابي الناجح حتى لو كان من غير قريش، ولكن يبقى الإسلام المحمدي الذي يفصل  الثروة والثراء عن الحكم، فيقدم  الحاكم الأتقى على الحاكم الأرستقراطي الأشرس، اعتمادا على  قول محمد" و لا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ "  فلا يمكّن الرأسماليين  من شراء اصوات الناس بالترغيب و الترهيب،  يبقى دين الله الذي تحول الجلاميد السلفية دون تطبيقه، أمل البشرية و سبيل خلاصها الذي لن يتحقق قبل نحر البقرة السلفية و تقديمها قربانا لخلاص المسلمين خاصة و البشرية عامّة. و ما ذلك على الله بعزيز .                                                      



رابعا : قراءة حرفية للنص:



   من الصفات السلفية المدمرة، القراءة  الحرفية للنص دون تأويل تقتضيه اللغة العربية أو مجاراة للأسلوب القرآني الذي نزل بلغة العرب مراعيا عند نزوله" انقـــسام لغتهم الي قسمين،

ـــــــــــــــ

( 1) مقتطفات  من جدال فكري بين قارئ و صادق النيهوم اسلام ضد الإسلام ص 67 ) .                                 
(2) الصادق النيهوم صوت الناس صفحة 139



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 52 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



أحداهما الظاهر الذي لا يخفى على سامعيه و لا يحتمل غير ظاهره، و الثاني، المشــتمل على الكنايات و الإشارات و التجوزات، و كان هذا القسم المستحلى عند العرب، و متى وقع في الكلام إشارة او كناية او استعارة او تعريض او تشبـيه، كان أحلى و أحسن، و قد نزل القرآن بالقسمين، ليتحقق عجزهم عن الإتيان بمثله، فكأنه قال: عارضوه بأي القسمين شئتم، و لو نزل كله واضحا، لقالوا هلاّ نزل بالقسم المستحلى عندنا " (1).

    و بهذا الإعتبار يكون ذلك الطفيلي (الذي عرف قدر نفسه  فلم يدع انه يتكلم باسم الإسلام) أقرب الي فهم الإسلام من أدعياء السلفية المتطفلين على مائدة القرآن "( قيل لطفيلي مرة : ما علمك بكتاب الله؟ قال أنا من اعلم الناس به؟ فقيل له، ما معنى قوله : واسأل القرية التي كنا فيها ؟ فقال معناه : واسأل اهل القرية، قيل: و ما الدليل على ذلك؟ قال : كمــا تقول: أكلت سفرة فلان، و إنما تريد أكلت ما فيها!(2), وقد كان من نتائج  رفض السلفيين  التأويل، إنكارهم و جود المجاز في القرآن الكريم، وإصرارهم  على قراءة  كتاب الله بصورة تعسفية" ميزابية "(3) أسفرت عن أخطاء مروّعة حين نسبوا لله  تعالى سبحانه عما يصفون  ما تنزه عنه من تشبيه و تجسيم و مماثلة لمخلوقاته " و بهذه المناسبة حدثت هذه القصة التي كان المجتمع الأزهري يتداولها في الثمانينات : الشيخ عبد العزيز بن باز المفتي الوهابي المشهور، استضاف بعض الأساتذة المصريين المعارين  للمملكة السعودية و استعرض أمامهم سطوته الوهابية، و أكّد لهم أنه ليس في القرآن الكريم مجاز، و ان كل لفظ في القرآن على حقيقته، والمعروف ان الشيخ ابن باز ضرير البصر، فتصدى له أستاذ مصري هو الدكتور الحوفي الأستاذ المشهور وقتها في كلية دار العلوم، و كان معارا للسعودية، و حضر هذا اللقاء، و لم تكن منزلته تسمح له بالسكوت على الجهل الذي يسمعه متحصّنا بقوة الريال،اندفع الدكتور الحوفي وقال له : يا فضيلة الشيخ فأنت من أهل النار؟! لأن الله تعالى يقول( و من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى و أضل سبيلا ) و سكت الشيخ بن باز، ثم قال أخيرا" لقد أفحمتني, و يلغى عقدك !! " والجدير بالذكر ان مصطلح أعمى جاء في القرآن بمعناه الحقيقي في سياق التشريع الذي ياتي بأسلوب محدد واضح كقوله تعالى : ليس على الأعمى حرج النور 61 ... فاهل السنة رفضوا الإعتراف بالأسلوب المجازي في قوله تعالى(( يد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ابن الجوزي المدهش ص 23 بتصرف في المبنى دون المعني
(2) الخطيب البغدادي " التطفيل و حكايات المتطفلين و أخبارهم و نوادر كلامهم و أشعارهم " .
 إن تعسّف بعض  الطفيليين  في تفسير قوله تعالى(هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا) : فقال : هم الذين يردّون و غيرهم  يأكل، و قال آخر: بل الذين لا سكاكين لهم في ايام البطيخ ! فإنني اعتقد أن الأخسرين أعمالا هم رؤوس السلفية الذين باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم، و هم يحسبون انهم يحسنون صنعا،  وفي أمثال هؤلاء البائسين يقول القس الشجاع مارتن لوثر كبنج " أسخن أمكنة في جهنم مخصصة لمن لزم الحياد وقت الأزمات الأخلاقية الكبرى"... فما ظن القس بمن  قام يحرض سلاطين الجور الذين لا يساوي الواحد منهم بغرة، على أمثال الجعد بن درهم، و غيلان الدمشقي و عبد العزيز البدري، و مروان حديد و سيد قطب وغيرهم من الشرفاء؟!
(3) عن احمد بن يحيى قال : مررت بشيخ في حجره مصحفا وهو يقرأ: (( ولله ميـــزاب السماوات و الأرض)) . فقلت: يا شيخ ما معنى و لله ميزاب السماوات و الأرض ؟ قال : هذا المطر الذي تراه ! فقلت ما يكون التصحيف الا اذا كان بتفسير, يا هذا انما هو(( لله ميراث السموات و الارض))  فقال: اللهم اغفر لي، انا منذ اربعين سنة اقرأها[ هكذا] وهي في مصحفي هكذا " عبد الرحمن  بن الجوزي" أخبار الحمقى و المغفلين " ص 74 و لكن السلفيين لا يعتذرون أبدا، فهم كما قيل :" أست في الماء و رأس في السماء", أماط الله منهم الغبراء( الأرض) .




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 53 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





الله فوق أيديهم)) و اعتبروا ان لله تعالى يدا على الحقيقة، واعتبروا ان الله تعالى عينا و اعتبروا ان لله تعالى جلس على العرش كما يجلس البشر، و بذلك الغوا الفوارق بين الخالق و المخلوق، و اسندوا لله تعالى ما لا يليق بذاته العلية من صفات البشر، بل اكثر من ذلك فقد أوقعوا أنفسهم في تـناقض معيب ، فالله تعالى جعل الموت مصير كل نفس فقال ( كل نفس ذائقة الموت )ـ آل عمران 185/ الأنبياء  35 ــ ... و الأسلوب هنا تقريري حقيقي، و لكن الله تعالى يحدث عن ذاته بالأسلوب المجازي فيقول ( و يحذركم الله نفسه) ـ آل عمران 8. 30 ــ و يقول( كتب على نفسه الرحمة ) الأنعام 12. فاذا رفضنا الأسلوب المجازي هنا، كما يقول اهل السنة، واعتقدنا ان الله تعالى نفسا، فهل يعني ذلك أن ينطبق عليه جل و علا قوله تعالى  كل نفس ذائقة الموت ؟! الواضح هنا أن النفس يكون معناها مجازيا يعني ان الذات الإلهية في إطار قوله تعالى( ليس كمثله شيء )أي ان كل ما يخطر على بالك ليس مثــل الله سبحانه و تعالى، وان كل ما ياتي في القرآن الكريم عن الله تعالى، هو تقريب للصورة العقلية كي نفهم الخطاب" (1)



   وقد ادى القصور العقلي لدى السلفيين، الى اعتبار من قال بوجوب مراعاة  المجاز في الأسلوب القرآني من الضالين  الذين لا تجبر خطيئتهم غير توبة معلنة!!، و لذلك جاء في الموقع السلفي" سعيد. دوت . نات في شبكة الإنترنيت و بتاريخ 26/1/2005 هذا المقال بعنوان:  "الإيجاز في توبة الدكتور صابر طعيمة من القول بالمجاز "[!!](جمعه واعده ابوعمرـ شبكة الدفاع عن السنة): وقد جاء فيه ما يأتي: و قد بررالدكتور[ صابر طعيمة] توبته بقوله: " الذي يقول ان نصوص الشريعة لا يمكن ان تؤخذ على ظاهرها، يتطاول على قدرة الله في كلامه... أي تطاول على الله يكون ذلك الذي نصب نفسه مفسرا لما اراده الله,[ ثم يقرر مستخلصا]:  ما فيه [ ليس هناك] مجاز،[ ثم مستنكرا] تعمل مجاز في كتاب الله؟!أنا ضد هذا الكلام [ ثم يعزي هذه البدعة] الي :"الفكر الباطني الذي روج لمدرستين شاعتا في العالم الإسلامي، وهما مدرسة الأشعرية، و مدرسة التصوف "إهــ       



   وفي الختام نخرج بنتيجة مفادها أن اسلامنا قد" سقط  بين كرسييّن"، فتقطع مزقا  بين اخواني اشعري متفلّت عن نصوصه جملة، و بين وهابي جامد غائص في نقاط حروفه،أو بين  بين قامح (رافع) رأسه عن النص، و بين  داسّ أرنبة أنفه فيه، لأجل ذلك،  فلن يهتدي الإخواني لإنقطاعه عن وحي السماء، كما لن  يرشد الوهابي، لتنكبه طريق العقل و النقل و واقع العصر. كما يمكن ان يقال أن الحقيقية قد ضاعت بين لاعن للأقدمين وبين عابد  لهم، بين مضفي العصمة على كل ما اقترفه الأقدمون، بين متنكر لتاريخنا و رموزه، وبين منافح عن ذلك التاريخ بكل ما فيه من سوآت و كوارث .                                                                                                     

   

فما ارتفعت للسلفية بشقيها الوهابي و الإخواني راية، و ما راجت لهما سوق،  فلا يسعنا الا انتظار مزيد النكبات، و"الإستمتاع بالسيئ في انتظار الأسوأ" / مرددين مع  الشاعر أمل دنقل

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ( أحمد صبحي منصور التأويل فهم النصوص القرآنية  في الفكر الإسلامي من بدايته الى نصر حامد ابو زيد  ) .احمد صبحي منصور شيخ ازهري" علماني "  ينتمي الي جماعة أهل القرآن الداعية الي الإقتصار على القرآن الكريم في فهم كتاب الله و الإستغـناء كليا عن السنة النبوية . كما أنه يهاجم كبار الصحابة لأنهم" إبتدعوا" نشر الإسلام خارج الجزيرة العربية!!، كما ايّد امامة المرأة الرجال في صلاة الجمعة!! و له تخبطات كثيرة، و صلة جدّ  وثيقة بالإدارة الأمريكية!!.  يقيم الآن  في امريكا، ويفتخر بان أحلّ  الفوائد الربوية في مصر. نسأل الله له الهداية .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 54 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







لا تحلموا بعالم سعيد

 فبعد كل قيصر يموت

 قيصر جديد .(1)





  خامسا : عدم التسامح و سوء الظن بالمسلمين :                                              



      يبلغ سوء الظن السلفي حدّ " التـنقيب وراء كل فعل حسن حتى العثور له على تفسير قبيح "( التعبير لنجيب محفوظ في رواية يوم قتل الزعيم) ففي حين نراهم يدافعون عن العلمانيين الذين



ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيما يرتكس الإخوان المسلمون و على رأسهم الكاهن يوسف القرضاوي،  في الخيانة العلنية التي يستنكرها حتى عبّاد البقر و الحجر، ويضعون ايديهم بيد المحتل الأمريكي في العراق و افغانستان و فلسطين و (من قبله الإرهاب العلماني المحلي),كل ذلك لقاء مناصب زائلة لن تنفع الإسلام في شيء و على حساب دماء المسلمين.  فيما يفعل الإخوان كل ذلك،  نجد الشاعر الماركسي أمل دنقل، يرفض قبل عقود طويلة،  مجرد المصالحة التي يخسر بها شرفه في الدنيا و احترامه الذاتي  امام نفسه، و امام محبوبته و حتى امام ولده الصغير، فيكتب مستلهما قصيدته من موقف المهلهل (الشاعر الجاهلي الذي لم يقر له جفن حتى ثار لأخيه):
 لا تصالح / و لو منحوك الذهب / أترى حين افقأ عينيك ثم اثبت جوهرتين مكانهما / هل ترى / هي اشياء لا تشترى ......لا تصالح على الدم و لو بدم / لا تصالح و لو قيل راسا براس / أكل الرؤوس سواء ؟ /  أقلب الغريب كقلب اخيك ؟ / اعيناه عينا اخيـــك !؟/  و هل  تتساوى يد .. سيفها كان لك / بيد سيفها اثكلك ؟!  لا تصالح / و لو توجوك بتاج الإمارة / كيف تخطو على جثة ابن ابيك ؟ /و كيف تصير المليك على اوجه البهجة المستعارة ؟/  كيف تنظر في يد من صافحوك / فلا تبصر الدم / في كل كف ؟!                                                                                              
لا تصالح و لو توجوك بتاج الإمارة / إن عرشك سيف / و سيفك زيف / اذا لم تزن بذؤابته لحظات الشرف / و استطبت الترف[الشاعر يخاطب المهلهل بن ربيعة الذي شن حرب البسوس  الطويلة المدى للثأر من قاتل أخيه و هو القائل:  و لست بنازع سيفي و رمحي  الى ان ينزع الليل النهار! فيا ليت للسلفيين بعض رجولة الجاهليّ، بعد ان  فاتـتهم شهامة المسلم و كرهه للعار..ثم يواصل ]  كيف تنظر في عيني امراة / انت تعرف انك لا تستطع حمايتها/ كيف تصبح فارسها في الغرام / كيف ترجو غدا لوليد ينام/ كيف تحلم أو تتغنى بمستقبل لغلام / و هو يكبر بين يديك بقلب منكس؟/لا تصالح / و لا تقتسم مع من قتلوك الطعام / و ارو قلبك بالدم/ و أرو الـــتراب المقدس/ و ارو أسلافك الراقدين /الى ان تردّ العظام/ لا تصلح ...[على ذكر الطعام, كان ثوار فيتنام أوقات مفاوضاتهم مع الأمريكان المحتلين يرفضون تناول الشاي مع الأمريكان  في اوقات استراحتهم, حمية لما اصاب بني جنسهم من عدوان العم سام, في حين  نجد الإخواني العراقي طارق الهاشمي( من الحزب الإسلامي العراقي)، يؤازر امريكا في احتلالها.]أنا لا اكتب للسلفيين فإحياء الموتى ليس في امكاني ،لا اخفي عن القارئ ان من أهداف هاته الدراسة، البحث من  بين الذين اضلتهم السلفية من ابناء المسلمين  عن رجال أحرار من ذوي التأثير الإيجابي لعلهم ينصرون الإسلام بمواقفهم . لأن الصنف الموجود في المساجد (الا القليل النادر) لا يصلح  لشيء غير سد ثغرات التحصينات العلمانية .  قلت أبحث عن رجال من امثال  أمل دنقل و من صنف الماركسي عبد الرحمن منيف (الذي ابى الرضوخ لكل اغراءات النظام السعودي الذي اراد تدجينه حتى مات غريبا)  لنصرة الإسلام في حين يقبل السلفيون الذل ببلاش، و قد يكون الواحد منهم  محروما من متع الدنيا (بدعوى التقشف البارد) ليكون بمثابة من باع دنياه بدنيا غيره . 



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 55 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





اسـتبدلوا شرع الله، و يثبتون ايمانهم، نراهم يسارعون في تكفير من عارض فهمهم المختل لدين الله.  وذلك دأبهم منذ قرون " فالمكفرون من قبل الحنابلة لا يحصون عددا، فحسب مصدر حنبلي [ تاريخ بغداد] فقد  كفروا الجهمية صحابة جهم بن صفوان لقولهم بخلق القرآن و نفي الصفات مع جبريتهم الشديدة، و كفروا المعتزلة لقولهم بمقالات الجهمية  و نفي القدر و كفروا الواقفية لقولهم القرآن كلام الله و لم يقولوا انه غير مخلوق، و كفروا اللفظية لقولهم الفاظنا بالقرآن مخلوقة و كفروا الشيعة لقولهم ان عليا افضل من ابي بكر "(1)  .                                               

                              

سادسا : التشديد على المسلمين:                                                                                       



     من صفات السلفيين التشديد على الناس في أمور دينهم، فما خيّروا قطّ  بين أمرين الا إختاروا أعسرهما، واشدهما أخذا بخناق المسلمين فالواحد منهم " لا يقرأ إلا آية العذاب و كتب الصواعق"  من ذلك التشديد كره احمد بن حنبل مصافحة النساء غير المحارم  وان كان جوزه للوالد( بمعنى انه لا يجوز لأخ أن يصافح أخته)  كما جعلوا لمس الرجل زوجته ينقض الوضوء !



 سابعا : الغلظة و الدموية تجاه المسلمين:



   تأمّلوا معي  هاته الواقعة التي تبرز مدى دموية  رمز السلفية  الأول احمد بن حنبل، و مدى ضيق صدره "  قال احمد بن حنبل : بلّغ ابن أبي ذئب [ سلفي ]أن مالكا لم يأخذ بحديث " البيّعان بالخيار" فقال[ ابو ذئب ] يستتاب فان تاب و إلاّ ضربت عنقه ثم قال أحمد[ معجبا  بقول ابي ذئب] : هو أورع و اقول بالحق من مالك!  يقول  الذهبي معقبا : لو كان ورعا كما ينبغي لما قال مثل هذا الكلام القبيح  في حق إمام عظيم، فمالك إنما لم يعمل بظاهر الحديث لأنه رآه منسوخا، و قيل عمل به وحمل قوله " يتفرقا" على التلفظ بالإيجاب و القبول، فمالك في هذا الحديث و في كل حديث له اجر، و لا بد فإن اصاب ازداد اجرا آخر "( انظر اعلام النبلاء ص 142/143ج7) .                                                                           

  ثامنا: حسن ظنهم بالحكام :

                                                         

من صفات السلفيين  خفض جناح الذل للحكام،  والتسامح معهم إلى حد حسن الظن الجحوي(2)

واعطائهم الضوء الأخضر لقتل الصالحين مع ضمان حصول اجر المجتهد المخطئ, في حين ضيقوا على المسلمين  دائرة المباح، الى حدّ مطالبتهم الناس بــــأن لا يحكّوا جلودهم إلاّ بـــدليل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رشيد  الخيون " الفرق الدينية في العراق" (الخيون علماني من اصل شيعي) .أما الشيعــة، فيكفرهم  ابليس نفسه و ليس الحنابلة فقط !
(2) فوجىء حجا  و قد مر على زواجه ثلاثة اشهر بزوجته و هي  تعلن له عن ولادة غلام لهما فلما إستفسرها مستنكرا ردّت عليه متباكية: الم يمر على زواجك بي ثلاثة اشهر؟ قال: نعم هذا صحيح ! فقالت له: ألم يمر على زواجي السعيد بك ثلاثة اشهر ايضا ؟ قال و الله هذا صحيح أيضا  فقالت له : هذه ستة أشهر , ثم الم يمرعلى الغلام في بطني ثلاثة اشهر؟ قال: نعم . فقالت له  : اليست هذه تسعة اشهر ايها الظالم !! فهوى على رأسها يقبله قائلا :  زادك الله معرفة و حزما و لعن الله ابليس  كاد يفسد ظنى فيك ! ( و إن كانت السلفية اشد ثقة بأولياء امورها من جحا بزوجته, فهم لا يكلفون انفسهم حتى  مساءلة هؤلاء الحكام !) .  



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 56 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







شرعيّ !( من ذلك قولهم المأثور" لا تحك جلدك إلا بأثر!") في مقابل اعطاء الحكام صلاحية سلخ الجلود دون مساءلة، و خير مثال تتجلى به هاته الخاصية السلفية, رسالة نشرت على موقع "مفكرة الإسلام " الألكتروني ردّ فيها صاحبها الذي سمى نفسه " طالب علم "  عن مقال كتبه  أحد محمد سرور زين العابدين في مجلته "السنّة " التي تصدر في بريطانيا تحت عنوان" صدّام و الفرصة الضائعة "، و قد تقمّص طالب "العلم لسلفي"و بامتياز شديد، دور محامي الشيطان، مبادرا بالدفاع عن صدّام  حسين  قائلا :" نشأ[ صدام حسين ] بعثيا و أحيط طوال هذه الفترة برموز بعثية" إهــ [ مسكين صدّام حسين، الوالد الغلبان! انظروا الي الكاتب السلفي، و كأننا حيال اب ملهوف  يدافع أمام "حضرة الناظر"  عن ولد  قاصر غرّر به أصحاب السوء،  و ليس عن  داهية استطاع باسلوبه الستاليني العنيف تصفية رفاقه الواحد تلو الآخر والتفرد بقيادة حزب البعث، قبل ان يثب الى هرم السلطة، و قد أعدم بنفسه العالم الشجاع عبد العزيز البدري الذي كان يستهل  خطبه بقوله: اللهم انا نعوذ بك من شرور انفسنا و سيآت حكامنا... و لكنها العقلية السلفية التي تنطلق من حسن الظن بولي الأمر، ليس  باعتباره من عوام المسلمين، بل بصفته وليّ الأمر الذي تجب طاعته و تحرم معصيته! ثم عدد الكاتب السلفي مآثر صدام حسين، و جهاده من اجل تكوين الكوادر البعثية تكوينا شرعيّا! ذاكرا أنه " أنشأ ثلاثة معاهد شرعية خاصة للبعثيين الكبار، حيث يتفرغ فيها الكادر تماما من كل الإلتزامات، و تمنح له شهادة ديبلوم اذا اتم الدراسة، و يعطى كل من ياتي بتقدير امتياز شهادة تكريم و رحلة الى الحج و العمرة، و نحن نعرف أن المنهج[ الدراسي] فيه فقه السنة، و فيه منهاج المسلم [كتاب سلفي] و فيه حفظ ثلاثة اجزاء من القرآن، ألا يدلّ هذا على جديته [ صدام] في اصلاح القيادة؟"إهــ                                                                                       

 ( لا يخفى على القارئ دهاء العلمانيين و تمسحهم بالدين، و مراعاتهم للشكليات ــ التي لن تغير ظن المسلم فيهم و ان كانت تسلب لب السلفي ــ   و قد غفل طالب العلم السلفي،  عن ان جورج بوش احق بالمدح من صدام حسين، فللإدارة الأمريكية مآت المراكز المتخصصة في الدراسات الإسلامية كما ان جلسات الكونجرس تفتتح بتلاوة شيء من القرآن و الإنجيل و التوراة  لوجود اقلية مسلمة، و قد ساء السلفي كثيرا، أن تقابل جهود صدام حسين  في ذر الرماد على العيون السلفية بالحجود و النكران  من قبل السلفي  محمد سرور فكتب متسائلا :"هل يعتبره الشيخ شيطانا رجيما، بعد كل ما سردته المفكرة من انجازات شرعية؟!" ...  ثم ينبري " طالب العلم" السلفي متوسّلا الي محمد سرور زين العابدين، و بشكل مثير للشفقة "بمطلب شرعي" يتمثل في أن يعلن محمد سرور ان هناك احتمالا واحدا فقط ،أن يكون صدام صادقا في مواقـــفه الشرعية و انه قد تاب و قبلت توبته!!   لأجل ذلك  كتب يقول :" لي عند الشيخ  مطلب واحد و محدّد، ارجو ان يوافقني عليه، و خصوصاو انه مطلب شرعي، نعم انه مطلب واحد و محــدّد و مشروع، و هو ان يجعل ثمة امكانية للتنازل عن رايه، و امكانية الخطأ في موقفه [ أي في تسمية صدام طاغية ], أنا لا أريد إلاّ ان يجعل احتمالا نعم احتمالا واحدا فقط ، أن يكون صدام صادقا في مواقفه التي اتـخذها، احتمال ان يكون تائبا الى الله، و احتمال ان الله قد قبل توبته، أنا لا اريد اكثر من الاحتمال فقط،  و لا اظن الشيخ يملك منع هذاالإحتمال،  كما لا يملك بالتاكيد حجب التوبة عن هذا الرجل اوغيره "إهــ 

  فاعجبوا معى من بلادة هذا السلفي السخيف، وإلاّ،  فهل ان توبة طاغية مخلوع  من عدمها، من المسائل  التي تستحق أن تطرح على بساط البحث؟ و هل تعني تلك التوبة الرئاسية  للمسلمين شيئا ؟ ثم بحق من رفع السماء، ماذا تعنينا حسن نية صدام  لما كان بصدد فتح المعاهد الشرعية للكوادر الأمنية لحزب البعث(حتى لو كانت تلك المعاهد تدرس دين الله و ليس دين الملك) مـــا دام

يقوم في نفس التوقيت بذبحنا، عبر التضيــيق على المسلمين و تعريضهم الى حصار أسفر عن



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 57 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





قتل مليون و نصف مليون من العراقيين،  ثم وقبل كل ذلك، ايقافه العمل بشريعة الإسلام  و محاربة أولياء الله  وموالاة  أعداء الدين من نصارى و ملحدين ؟! .نجد جواب كل ذلك،  في جملة قصيرة قذفها السلفي في وجه القارئ  وهي قوله"إن العراق قبل الإحتلال[ الأمريكي] كان  يعيش فترة عزّ الدعوة السلفية " إهــ !!! يا للعجب ! أيمكن ان ينكسر الإسلام في نفس الحين الذي تزدهر فيه السلفية؟  وهل يمكن أن تـنكس راية الشريعة و يهان أتباعها، في نفس الحيز المكاني و الزماني  الذي  ترفع فيه راية السلفية وتكرّم قطعانها؟!!، هل يشك احدنا بعد كل ذلك ان السلفية هي  غيرالإسلام؟ و لكن رويدا،  فللقوم دينهم، و تعريفهم  الخاص للإسلام، و لإزدهار الإسلام،  ولتراجع الإسلام،  كما ان  لهم  ميزانهم  الخاص في تقييم الرجال،  فطالب "العلم السلفي" المغفّـّل يعيش (حسبما خيل له عقله السلفي الكليل وحسبما كتب) في عهد رئيس:" يفاخر بإسلامه[!]، و يعلن حبه للقرآن والسنة و الصحابة[!]... و أنا أحلف بالله أنني سمعته يذكر أنه يعلن طموحه الى تحقيـق نظام  الحكم الى نظام على نهج الخلافة الراشدة... و قالها في لقاءين" إهـــ                                                                                  



    إن حسن نية السلفيين  ليس مبعثها الرحمة( و إلا لرحموا المسلمين الذين يقتلون كل ساعة بفتاواهم) و لكن مبعثها الحماقة أوالجهل الصادق و" الحماقة ذات الضميرالحسّاس". ان مثل السلفيين في  تخلفهم الذهني، و في حسن ظنهم المضحك و القبيح بحكّام الجور، لا يختلف عن زوج قيل له: شاهدنا زوجتك تزنى في الغابة،  فذهب للتأكد من صحة الخبر، ثم رجع ليؤنب القوم المفترين قائلا لهم :" أيها الفجارّ،  كيف تسمّونها غابة، و ليس بها سوى  ثلاث أشجار !؟ ".                                                                   







انتهت الرسالة الأولى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ58 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  سلسلة في الصّميم   ــــ السّلفية  التعريف، الخصائص      الرّسالة الأولى  ـــمن كتاب ــ من جرائم السّلفيّة   ـــ أربع رسائل ــ     ـــــ حمّادي بلخشين   



Aucun commentaire: