samedi 7 janvier 2017

دعـوة للتصحيــــح ليس كل ما في الصحيحــين صحيــــح م م رشيد

 عـوة للتصحيــــح
ليس كل ما في الصحيحــين صحيــــح
الفهــــــــرس
لمقدمـــــــــــــة             

ملحق (2) : إذا كنت تنكر السنة ، فهل تستطيع أن تخبرنا من خلال القرآن ، ما عدد ركعات الظهر أو العصر.

ملحق (3 ) : بين العقل والنقل

ملحق (4 ) : ما معنى مسّ الشيطان للإنسان ، وما حقيقته ؟

ملحق ( 5 ) : هل يتمثل الجن على صورة الإنسان أو الحيوان !؟؟

ملحق ( 6 ): صحيحا البخاري ومسلم ليسا هما السنة

ملحق ( 7 ) : حديث زواج النبي بعائشة وهي ابنة تسع سنين: مكذوبٌ، مكذوبٌ، مكذوب.

ملحق ( 8 ) : بــــــــراءة

ملحق ( 9 ) :امصص ببظر اللات

ملحق ( 10 ) : سنة رسول الله وسنة الفقهاء والمحدثين

                     






"عن أم العلاء وهي امرأة من الأنصار قالت: طار لنا عثمان بن مظعون في السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين، فاشتكى فمرضناه حتى توفي، ثم جعلناه في أثوابه، فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، قال: وما يدريك؟ قلت: لا أدري والله، قال: أما هو فقد جاءه اليقين، إني لأرجو له الخير من الله، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم، قالت أم العلاء: فوالله لا أزكي أحدا بعده، قالت: ورأيت لعثمان في النوم عينا تجري، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: ذاك عمله يجري له" (البخاري : فضائل الصحابة ؛ مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة)
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدري ما يفعل به ولا بالناس فهل يبشر أناسا بالجنة، ويخبر عن آخرين  أنهم من أهل النار!؟
يقول سبحانه وتعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم : "لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلْأَمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَٰلِمُونَ" ( آل عمران: 128)
فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس له من الأمر شيء، فهو قطعا لا يدري هل يتوب الله عليهم أو يعذبهم ، فكيف يميز أصحاب الجنة فيبشرهم ،وكيف يميز أصحاب النار فيخبر الناس أن هؤلاء من أصحاب النار .
1.    "عن أبي موسى الأشعري قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حائط من حوائط المدينة لحاجته، وخرجت في إثره، فلما دخل الحائط جلست على بابه وقلت: لأكونن اليوم بواب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمرني، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وقضى حاجته، وجلس على قف البئر، فكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فجاء أبو بكر يستأذن عليه ليدخل، فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك، فوقف، فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا نبي الله؟ أبو بكر يستأذن عليك، قال: ائذن له وبشره بالجنة، فدخل فجاء عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم فكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فجاء عمر، فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ائذن له وبشره بالجنة، فجاء عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم فكشف عن ساقيه فدلاهما في البئر، فامتلأ القف فلم يكن فيه مجلس، ثم جاء عثمان، فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ائذن له وبشره بالجنة معها بلاء يصيبه، فدخل فلم يجد معهم مجلسا، فتحول حتى جاء مقابلهم على شفة البئر، فكشف عن ساقيه ثم دلاهما في البئر، فجعلت أتمنى أخا لي وأدعو الله أن يأتي، قال بن المسيب: فتأولت ذلك قبورهم اجتمعت ها هنا وانفرد عثمان" (متفق عليه. البخاري : الفتن ؛ الفتنة التي تموج كموج البحر / مسلم : فضائل الصحابة رضي الله عنهم ؛ من فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه)

2.     "عن عمران قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب، قالوا ومن هم يا رسول الله؟ قال هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون، فقام عكاشة فقال: ادع الله أن يجعلني منهم؟ قال: أنت منهم، قال: فقام رجل فقال: يا نبي الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال: سبقك بها عكاشة" ( مسلم: الإيمان؛ الدليل عل دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب )

3.    "عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله، أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده جالسا في بيته منكسا رأسه، فقال: ما شأنك؟ فقال شر، كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم فقد حبط عمله وهو من أهل النار، فأتى الرجل فأخبره أنه قال كذا وكذا، فقال موسى بن أنس: فرجع المرة الآخرة ببشارة عظيمة فقال: اذهب إليه فقل له: إنك لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة" (البخاري: التفسير ؛لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي)

4.    "عن سعد بن أبي وقاص قال: ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة، إلا لعبد الله بن سلام، قال: وفيه نزلت هذه الآية: { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله }  الآية، قال: لا أدري قال مالك الآية أو في الحديث" ( البخاري : فضائل الصحابة ؛ مناقب عبد الله بن سلام رضي الله عنه )

5.    عن عبد الله بن عمرو قال: كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة، فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو في النار، فذهبوا ينظرون إليه، فوجدوا عباءة قد غلها، قال أبو عبد الله: قال بن سلام: كركرة يعني بفتح الكاف وهو مضبوط كذا" (البخاري : الجهاد والسير ؛ القليل من الغلول)

6.    "عن إياس حدثني أبي قال: عدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا موعوكا، قال: فوضعت يدي عليه فقلت: والله ما رأيت كاليوم رجلا أشد حرا، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأشد حرا منه يوم القيامة، هذينك الرجلين الراكبين المقفيين؛ لرجلين حينئذ من أصحابه" (مسلم : صفات المنافقين وأحكامهم ؛ صفات المنافقين وأحكامهم)

7.    "عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يصعد الثنية ثنية المرار فإنه يحط عنه ما حط عن بني إسرائيل، قال: فكان أول من صعدها خيلنا؛ خيل بني الخزرج، ثم تتام الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكلكم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر: فأتيناه فقلنا له: تعال يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: والله لأن أجد ضالتي، أحب إلي من أن يستغفر لي صاحبكم، قال: وكان رجل ينشد ضالة له" (مسلم : صفات المنافقين وأحكامهم ؛ صفات المنافقين وأحكامهم)

8.    "عن أبي هريرة قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، فقال لرجل ممن يدعى بالإسلام: هذا من أهل النار، فلما حضرنا القتال قاتل الرجل قتالا شديدا، فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الرجل الذي قلت له آنفا إنه من أهل النار، فإنه قاتل اليوم قتالا شديدا، وقد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إلى النار، فكاد بعض المسلمين أن يرتاب، فبينما هم على ذلك، إذ قيل إنه لم يمت، ولكن به جراحا شديدا، فلما كان من الليل، لم يصبر على الجراح فقتل نفسه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله، ثم أمر بلالا فنادى في الناس: إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر"  (متفق عليه. البخاري : الجهاد ؛ إن الله لَيُؤَيِّد هذا الدين بالرجل الفاجر / مسلم  : الإيمان ؛ غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه ...)

خامسا : حديث رؤية المنافق ربه
من أحاديث الغيب التي تخالف كتاب الله سبحانه وتعالى وتلقتها الأمة بالقبول؛حديث رؤية المنافق ربه:
"عن أبي هريرة أن ناسا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا لا يا رسول الله ، قال: فإنكم ترونه كذلك، يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيتبعونه،..." (متفق عليه . البخاري: صفة الصلاة؛ فضل السجود / مسلم:الإيمان؛ معرفة طريق الرؤيا)

ولو سلمنا جدلا أن الآية الكريمة: " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة" (القيامة : 22)  تثبت للمؤمنين رؤية الله سبحانه يوم القيامة ، فإن الآية الكريمة :" كلا إنهم يومئذ عن ربهم لمحجوبون" ( المطففون : 15 ) تنفي ذلك عن الكافرين
ويثبت الله سبحانه وتعالى كفر المنافقين :
"فَمَا لَكُمْ في ٱلْمُنَٰفِقِينَ فِئَتَيْنِ وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوٓا۟ ۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا۟ مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ ۖ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِيلًۭ * وَدُّوا۟ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا۟ فَتَكُونُونَ سَوَآءً" (النساء : 87 ،88)
وإذا افترضنا صحة رؤية المنافق ربه ؛ أوليس في الحديث ما يضيف إلى الله سبحانه وتعالى ما لا يليق به من الصفات؟ انظر إلى الصورة التمثيلية  في الفقرة التي تحتها خط من الحديث.

سادسا : حديث الشفاعة وخروج من قال لا إله إلا الله من النار
ومن أحاديث الغيب التي تخالف كتاب الله سبحانه وتعالى:حديث الشفاعة وخروج من قال لا إله إلا الله من النار، وإن لم يكن في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان
"عن أنس بن مالك قال : حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض، فيأتون آدم فيقولون له: اشفع لذريتك، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم عليه السلام، فإنه خليل الله، فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى عليه السلام، فإنه كليم الله، فيؤتى موسى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى عليه السلام، فإنه روح الله وكلمته، فيؤتى عيسى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فأوتى، فأقول: أنا لها، فأنطلق فأستأذن على ربي فيؤذن لي، فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن، يلهمنيه الله، ثم أخر له ساجدا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: رب، أمتي أمتي، فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من برة أو شعيرة من إيمان فأخرجه منها، فأنطلق فأفعل، ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع، فأقول: أمتي أمتي، فيقال لي: انطلق، فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه منها، فأنطلق فأفعل، ثم أعود إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع، فأقول: يا رب، أمتي أمتي، فيقال لي: انطلق، فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل. هذا حديث أنس الذي أنبأنا به، فخرجنا من عنده، فلما كنا بظهر الجبان، قلنا: لو ملنا إلى الحسن فسلمنا عليه وهو مستخف في دار أبي خليفة، قال: فدخلنا عليه، فسلمنا عليه، فقلنا: يا أبا سعيد، جئنا من عند أخيك أبي حمزة، فلم نسمع مثل حديث حدثناه في الشفاعة، قال: هيه، فحدثناه الحديث، فقال: هيه، قلنا: ما زادنا، قال: قد حدثنا به منذ عشرين سنة وهو يومئذ جميع، ولقد ترك شيئا ما أدري أنسي الشيخ أو كره أن يحدثكم فتتكلوا، قلنا له: حدثنا، فضحك، وقال: " خلق الإنسان من عجل" ما ذكرت لكم هذا إلا وأنا أريد أن أحدثكموه، ثم أرجع إلى ربي في الرابعة فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع، فأقول: يا رب، ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله، قال: ليس ذاك لك، أو قال ليس ذاك إليك، ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي وكبريائي لأخرجن من قال لا إله إلا الله، قال: فأشهد على الحسن أنه حدثنا به أنه سمع أنس بن مالك، أراه قال قبل عشرين سنة وهو يومئذ جميع" ( متفق عليه. البخاري : التوحيد ؛ كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم / مسلم : الإيمان ؛ أدنى أهل الجنة منزلة فيها)

أولا: حديث الشفاعة هذا يخالف كتاب الله سبحانه تعالى، فقد جاءت آيات بينات في كتاب الله سبحانه وتعالى تنفي وجود أي نوع من الشفاعة يوم القيامة، سواء للمؤمنين أو لغير المؤمنين ومن هذه الآيات:
1.      "يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا۟ أَنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَاكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِىَ يَوۡمٌ لاَّ بَيۡعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالۡكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (البقرة:254 )
الخطاب في هذه الآية الكريمة للمؤمنين"يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا۟"  ولا يستطيع أحد أن يدعي أن نفي الشفاعة هنا، خاص بالظالمين ولا يخص المؤمنين.
2.        الآية الثانية في نفي الشفاعة يوم القيامة"وَأَنذِرۡ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحۡشَرُوا۟ إِلَى رَبِّهِمۡ لَيۡسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِىٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ" (الأنعام : 51)
يطلب الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة من نبيه صلى الله عليه وسلم أن ينذر المؤمنين" الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحۡشَرُوا۟ إِلَى رَبِّهِم لَيۡسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِىٌّ وَلاَ شَفِيعٌ" ولا يستطيع أحد أن يدعي أن نفي الشفاعة هنا للظالمين دون المؤمنين.
ومع وضوح هاتين الآيتين الكريمتين،وما فيهما من خطاب للمؤمنين بنفي وجود الشفاعة يوم القيامة. يأتي من يقول لنا" بلى توجد شفاعة يوم القيامة لمن ظلم من المؤمنين، ولكن نفي الشفاعة هنا لغير المؤمنين" وما كل ذلك إلا أنهم يقدمون حديث الآحاد، على ما فيه من الاختلاف والتناقض على كتاب الله سبحانه وتعالى، ليقولوا لنا" كل ما في الصحيحين صحيح"
للأسف الشديد، لقد أعطوا أحاديث الآحاد التي في الصحيحين منزلة فوق منزلة كتاب الله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.

ثانيا: الشفاعة في الدنيا وليست  في الآخرة:
("يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا۟ أَنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَاكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِىَ يَوۡمٌ لاَّ بَيۡعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ)
 لقد حاول علماؤنا تأويل آيات كريمات في كتاب الله سبحانه وتعالى ذكرت فيها الشفاعة  ليدافعوا عن أحاديث آحاد في الصحيحين، ويثبتوا الشفاعة يوم القيامة، وهم بذلك إنما يقولون إن القرآن فيه تناقض واختلاف كبير، وحاشا لكتاب الله أن تجد فيه اختلافا صغيرا أو كبيرا"أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الۡقُرۡآنَ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ اللّهِ لَوَجَدُوا۟ فِيهِ اخۡتِلاَفًا كَثِيرًا" ( النساء:82)

 من يتدبر الآيات الكريمات التي تتكلم عن الشفاعة في كتاب الله سبحانه وتعالى ، يتبين له أنه يمكن تصنيفها إلى أربعة أصناف :
الصنف الأول :آيات تنفي وجود الشفاعة في الآخرة :
1.    يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ( البقرة : 254 )
2.    إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (غافر:18 )
3.    وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ (البفرة:48 )
4.    وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (الأنعام : 51 )
5.    أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا (الأنعام: 70 )
6.    قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ (الأعراف:53 )
7.    ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (السجدة: 4 )
8.    وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (البقرة: 123 )
9.     فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (الشعراء:100 )



الصنف الثاني :آيات تنكر على المشركين زعمهم بوجود شفعاء يشفعون لهم عند الله سبحانه وتعالى:
1.    ءَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ ءَالِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُون (يس:23 )
2.    وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ (يونس:18)
3.     وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَؤُا وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (الروم:13 )
4.    وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (الأنعام:94)
5.    أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ ( 43 ) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (الزمر:44 )
6.     وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (الزخرف: 86 ) ، وفي هذه الآية الكريمة إنكار على المشركين أن يكون  شركاؤهم  يملكون الشفاعة .أما الإستثناء في الآية الكريمة ( إلا ) فلا توجد قرينة تدل على أنه في الآخرة وليس في الحياة الدنيا .

الصنف الثالث :آيات تذكر الشفاعة ، ولكن لاتوجد قرينة تدل أن الشفاعة تكون في الآخرة وليست في الحياة الدنيا:
1.    مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ (البقرة:255 )
2.     وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ(النجم:26 )
3.     يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (يونس:3 )
4.    يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (الأنبياء:28)
5.     فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (المدثر:48)
6.     مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا (النساء:85)
7.     لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (مريم:87)
8.    وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (الزخرف:86 )

الصنف الرابع :آيتان فقط في كتاب الله سبحانه وتعالى يمكن أن يزعم  المجادلون أن فيهما قرينة تدل على يوم القيامة :
1.    يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (طــه:109)
2.    وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ (سبأ:23 )
ونلاحظ في هاتين الآيتين الكريمتين أن الفعل (تنفع) قد جاء بصيغة المضارع ليدل على يوم القيامة ، بينما جاءت صيغة الفعلين( أذن، ورضي) بصيغة الماضي لتدل على الحياة الدنيا
أي أن الشفاعة التي أذن الله سبحانه وتعالى بها للملائكة والنبيين والصالحين في الحياة الدنيا هي الشفاعة التي تنفع المؤمنين يوم القيامة ، تنفع المؤمن ولا تنفع الظالم.
 والشفاعة في الحياة الدنيا والله أعلم ، هي استغفار الأنبياء والصالحين والملائكة للناس والدعاء لهم والصلاة عليهم، في ، ينتفع بها المؤمن يوم القيامة ولا ينتفع بها الكافر.

ويؤكد المعنى الذي ذهبنا إليه، قوله سبحانه:"الَّذِينَ يَحۡمِلُونَ الۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَىۡءٍ رَّحۡمَةً وَعِلۡمًا فَاغۡفِرۡ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ الۡجَحِيمِ " ( غافر : 7 )
 وقوله تعالى: " تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِن فَوۡقِهِنَّ وَالۡمَلَآئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِمَن فِى الۡأَرۡضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الۡغَفُورُ الرَّحِيمُ " ( الشورى : 5 )
فاستغفار الملائكة للمؤمنين في الحياة الدنيا هو شفاعة لهم تنفعهم يوم القيامة بإذن ربهم، وهذا القول ينطبق أيضا على قوله تعالى "يعلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارۡتَضَى وَهُم مِّنۡ خَشۡيَتِهِ مُشۡفِقُونَ "(الأنبياء : 28) وقوله تعالى: " وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِى السَّمَاوَاتِ َلا تُغۡنِى شَفَاعَتُهُمۡ شَيۡئًا إِلَّا مِن بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرۡضَى " ( النجم : 26)
إذا شفاعة الملائكة التي يأذن الله سبحانه وتعالى ويرضى، هو استغفار الملائكة للذين  آمنوا في الحياة الدنيا،
أما شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين فهي "والله أعلم" استغفاره لهم في الحياة الدنيا، وهذا الاستغفار ينتفع به المؤمنون ولا ينتفع به المنافقون، وهذا المعنى واضح تمام الوضوح من خلال الآيات الكريمة التالية:
1.     "ومَا أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذۡنِ اللّهِ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوا۟ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَاسۡتَغۡفَرُوا۟ اللّهَ وَاسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا۟ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا" ( النساء: 64 )
2.     "خُذۡ مِنۡ أَمۡوَالِهِمۡ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيۡهِمۡ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمۡ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" ( التوبة: 103)
3.    "اسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لاَ تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغۡفِرَ اللّهُ لَهُمۡ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُوا۟ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهۡدِى الۡقَوۡمَ الۡفَاسِقِينَ " (التوبة : 80 )
4.    "سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ أَسۡتَغۡفَرۡتَ لَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ لَن يَغۡفِرَ اللَّهُ لَهُمۡ إِنَّ اللَّهَ َلا يَهۡدِى الۡقَوۡمَ الۡفَاسِقِينَ"(المنافقون:6 ) 
ثالثا: علينا  أن نلاحظ التناقض الواضح في متن الحديث، فالظاهر في بداية الحديث أن الناس يأتون آدم عليه السلام ثم الرسل من بعده ليشفعوا لهم، قبل أن يقضى بين العباد وقبل أن يدخل أهل النار النار ، وقبل أن يدخل أهل الجنة الجنة:" إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض، فيأتون آدم فيقولون له: اشفع لذريتك" وفي نهاية الحديث يَخْرُجُ المسلمون من النار: "فيقال لي: انطلق، فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار"  فهل يخرج المسلمون منها قبل أن يدخلوا فيها!؟
تناقض آخر في الحديث أن جميع ذرية آدم يأتون إلى آدم عليه السلام، ثم الأنبياء من بعده ليشفعوا لهم " اشفع لذريتك" وعندما يأتي الناس إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوافق على الشفاعة، الشفاعة لجميع ذرية آدم عليه السلام: " فأوتى، فأقول: أنا لها"  ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشفع إلا لأمته،ويقول:" : رب، أمتي أمتي" !!!!!
رابعا:يفهم من الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيخرج من النارمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان:"فيقال لي: انطلق، فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار"  أما من قال لا إله إلا الله ولم يكن في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان فيخرجه الله سبحانه وتعالى من النار:" وعزتي وكبريائي وعظمتي وكبريائي لأخرجن من قال لا إله إلا الله"
فهل نفهم من هذا أن الله سبحانه وتعالى سيخرج المنافقين من النار!!؟؟؟؟
"إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون" (المنافقون : 1)
"يا أيها الرسول لا يحزنك الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم" (المائدة : 41)
يقول الله سبحانه وتعالى في المنافقين:"إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا" (النساء : 145 )
هل نستنتج من الحديث: أن الإيمان مكانه اللسان ولا يضر كفر بالقلب ما دام اللسان مؤمنا
من يقول ذلك، فهو شر من المرجئة الذين قالوا:إن الإيمان مكانه القلب، ولا يضر كفر باللسان ما دام القلب مؤمنا
خامسا: يقول الله سبحانه وتعالى: "وَقَالُوا۟ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامًۭا مَّعْدُودَةًۭ ۚ قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ ٱللَّهِ عَهْدًۭا فَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ عَهْدَهُۥٓ ۖ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةًۭ وَأَحَٰطَتْ بِهِۦ خَطِيٓـَٔتُهُۥ فَأُو۟لَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ * وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أُو۟لَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ" 
 (البقرة : 80 ، 81 ، 82 )
ومع أن أهل الكتاب هم الذين قالوا" لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامًۭا مَّعْدُودَةً" لكن الجواب جاء ليشمل جميع المكلفين من الإنس والجن" بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةًۭ وَأَحَٰطَتْ بِهِۦ خَطِيٓـَٔتُهُۥ فَأُو۟لَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ".
 فقوله سبحانه وتعالى:" بلى من كسب سيئة" يدل على عموم  من كسب سيئة من الإنس والجن، ولو كان المقصود من كسب سيئة من أهل الكتاب فقط ، لجاءت كلمة" منكم" بعد كلمة "سيئة" لتدل على ذلك.
ويقول سبحانه وتعالى : " لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَآ أَمَانِىِّ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ ۗ مَن يَعْمَلْ سُوٓءًۭا يُجْزَ بِهِۦ وَلَا يَجِدْ لَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيًّۭا وَلَا نَصِيرًۭا" ( النساء : 123)
ويقول سبحانه وتعالى:" أَفَمَنۡ حَقَّ عَلَيۡهِ كَلِمَةُ الۡعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِى النَّارِ" ( الزمر: 19)
فهل ينقذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من في النار حتى من لم يكن في قلبه " أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان" كما جاء في الحديث !؟


يقول الله سبحانه وتعالى في  الآية الأولى من سورة النور: " سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون"

وأعجب العجاب أن يعمد أعداء الله سبحانه وتعالى إلى هذه السورة بالذات، وإلى آياتها البينات،الواضحات وضوحا لا لبس فيه، ليعمهوا على المسلمين وضوح هذه الآيات وليبدلوا ما فيها من أوامر وأحكام وحدود، وليلبسوا على المسلمين دينهم.
يقول الله سبحانه وتعالى في الآية الثانية من نفس السورة:"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين"
"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة" آية بينة واضحة وضوحا يراه كل ذي لب ، لم يقل سبحانه وتعالى الزانية غير المحصنة والزاني غير المحصن فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ، بل قال سبحانه وتعالى: " الزانية والزاني" لتدل على عموم الزناة ’ محصنين وغير محصنين ، ثيبين و أبكارا، " فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة"
 لم يقل سبحانه وتعالى : الزانية والزاني غير المحصنين فاجلدوهما مائة جلدة، والزانية والزاني المحصنين فارجموهما حتى الموت!
ثم تأتي الآيات السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة من نفس السورة لتتكلم في نفس الموضوع،  وعن النساء المحصنات بالذات، اللاتي يرميهن أزواجهن بتهمة الزنى: "والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين "
" ويدرأ عنها العذاب" عن أي عذاب تتكلم هذه الآية الكريمة!؟  لاشك أنها تتكلم عن نفس العذاب الذي جاء في الآية الثانية من نفس السورة: " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" فالآيتان الكريمتان تتكلمان في نفس الموضوع، وفي نفس السورة، وفي نفس الموضع ( في الصفحة الأولى من سورة النور)
أي أن عذاب الزانية المحصنة " ويدرأ عنها العذاب"  هو نفس العذاب الذي جاء في الآية الثانية
" وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" وهو مائة جلدة ، وليس الرجم حتى الموت، كما جاء في الروايات التي نُسِبَتْ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَوُضِعَتْ في كتب الحديث ،وتتلقاها الأمة بالقبول، وتحكم بها الأمة، وتترك الحكم بما أنزل الله.
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء:"وَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ مِنكُمۡ طَوۡلاً أَن يَنكِحَ الۡمُحۡصَنَاتِ الۡمُؤۡمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتۡ أَيۡمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الۡمُؤۡمِنَاتِ وَاللّهُ أَعۡلَمُ بِإِيمَانِكُمۡ بَعۡضُكُم مِّن بَعۡضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذۡنِ أَهۡلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالۡمَعۡرُوفِ مُحۡصَنَاتٍ غَيۡرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخۡدَانٍ فَإِذَا أُحۡصِنَّ فَإِنۡ أَتَيۡنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيۡهِنَّ نِصۡفُ مَا عَلَىٰ الۡمُحۡصَنَاتِ مِنَ الۡعَذَابِ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِىَ الۡعَنَتَ مِنۡكُمۡ وَأَن تَصۡبِرُوا۟ خَيۡرٌ لَّكُمۡ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" ( النساء: 25)
نفهم من الآية الكريمة أن الأمة إذا أحصنت، ثم زنت، فعليها نصف ما على المحصنات من العذاب.
 عن أي عذاب تتحدث الآية الكريمة !؟ لا شك أنها تتحدث عن نفس العذاب الذي جاء ذكره في سورة النور، مائة جلدة،!!؟؟ ولماذا يكون عليها نصف الجلد ولا يكون عليها نصف الرجم حتى الموت!!!؟ لماذا نطبق على الأمة المتزوجة نصف عقوبة الحرة البكر ، ولا نطبق عليها نصف عقوبة الحرة المتزوجة، أليست متزوجة مثلها .
. يقول القرطبي في تفسير الآية: "والأمر عندنا أن الأمة إذا. زنت وقد أحصنت مجلودة بكتاب الله، وإذا زنت ولم تحصن مجلودة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ولا رجم عليها؛ لأن الرجم لا يتنصف".
نعود  فنقول: آيات سورة النور بينات بمعنى واضحات وضوحا لا لبس فيه:" سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون،"
وآيات سورة النور البينات لم تفرق في العقوبة بين الزاني المحصن وغير المحصن، فكلاهما له نفس العقوبة : " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين"
من يقول برجم الزاني المحصن، إنما يقول بأن آيات سورة النور ليست آيات بينات، وهذا ما لا يقوله من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا " أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا"
يقول القرضاوى فى مذكراته تحت عنوان (أبو زهرة يفجر قنبلة): "فى هذه الندوة (ندوة التشريع الإسلامى المنعقدة فى مدينة البيضاء فى ليبيا عام ١٩٧٢) فجر الشيخ أبو زهرة قنبلة فقهية، هيّجت عليه أعضاء المؤتمر، حينما فاجأهم برأيه الجديد. وقصة ذلك: أن الشيخ وقف فى المؤتمر، وقال: إنى كتمت رأيًا فقهيًّا فى نفسى من عشرين سنة وآن لى أن أبوح بما كتمته، قبل أن ألقى الله تعالى، ويسألنى: لماذا كتمت ما لديك من علم، ولم تبينه للناس؟ هذا الرأى يتعلق بقضية «الرجم» للمحصن فى حد الزنى.
فرأيى أن الرجم كان شريعة يهودية، أقرها الرسول فى أول الأمر، ثم نسخت بحد الجلد فى سورة النور. قال الشيخ: ولي على ذلك أدلة ثلاثة:
الأول: أن الله تعالى قال: «.... فإذا أُحصِنَّ فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب» [النساء: ٢٥]، والرجم عقوبة لا تتنصف، فثبت أن العذاب فى الآية هو المذكور فى سورة النور: «وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين» [النور: ٢].
والثانى: ما رواه البخارى فى جامعه الصحيح عن عبدالله بن أوفى أنه سئل عن الرجم. هل كان بعد سورة النور أم قبلها؟ فقال: لا أدرى. فمن المحتمل جدًّا أن تكون عقوبة الرجم قبل نزول آية النور التى نسختها.
الثالث: أن الحديث الذى اعتمدوا عليه، وقالوا: إنه كان قرآنًا ثم نسخت تلاوته وبقى حكمه أمر لا يقره العقل، لماذا تنسخ التلاوة والحكم باق؟ وما قيل: إنه كان فى صحيفته فجاءت الداجن وأكلتها لا يقبله منطق.
يقول القرضاوى:" وما إن انتهى الشيخ من كلامه حتى ثار عليه أغلب الحضور، وقام من قام منهم، ورد عليه بما هو مذكور فى كتب الفقه حول هذه الأدلة. ولكن الشيخ ثبت على رأيه"
يقول القرضاوى معقبا: "توقفت طويلا عند قول الشيخ أبى زهرة عن رأيه إنه كتمه فى نفسه عشرين عاما، ولم يعلنه فى درس أو محاضرة أو كتاب أو مقالة؟ لقد فعل ذلك خشية هياج العامة عليه، وتوجيه سهام التشهير والتجريح إليه، كما حدث له فى هذه الندوة. وقلت فى نفسى: كم من آراء واجتهادات جديدة وجريئة تبقى حبيسة فى صدور أصحابها، حتى تموت معهم، ولم يسمع بها أحد، ولم ينقلها أحد عنهم!!
ولذلك حين تحدثت عن معالم وضوابط الاجتهاد المعاصر، جعلت منها: أن نفسح صدورنا للمخطئ فى اجتهاده، فبهذا يحيا الاجتهاد ويزدهر، والمجتهد بشر غير معصوم، فمن حقه - بل الواجب عليه - أن يجتهد ويتحرى، ولا يلزمه أن يكون الصواب معه دائمًا، وما دامت صدورنا تضيق بالرأى المخالف للجمهور، فلن ينمو الاجتهاد، ولن يؤتى ثمراته."( انتهى كلام القرضاوي)
كيف استطاع أعداء الله سبحانه وتعالى من اليهود وأذنابهم من إدخال فكرة الرجم، والتي هي من شريعة اليهود، والتي قد تكون أصلا خارجة عن الشرائع السماوية وإنما وضعها أحبار اليهود في كتبهم بعد أن حرفوا كتاب الله سبحانه وتعالى، التوراة التي أنزلها الله سبحانه وتعالى على نبيه موسى عليه الصلاة والسلام!!؟
لما لم يستطع أعداء الله سبحانه وتعالى من الدخول إلى الشريعة الإسلامية عن طريق كتاب الله سبحانه وتعالى ، لأن الله سبحانه وتعالى تعهد بحفظ كتابه من التبديل والتحريف والنقص والزيادة، ولجوا إلى سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم من باب واسع فحرفوا وبدلوا وزادوا ونقَّصوا،  والمسلمون في غفلة من أمرهم، ولاهون بالتقاتل حينا وبالجري وراء الملذات والإماء حينا آخر ، دخل أعداء الله سبحانه وتعالى إلى السنة النبوية الشريفة في وقت لم تكن تكتب به السنة النبوية وإنما كانت تتناقل على ألسنة الناس مشافهة، فكانت هذه الحقبة الزمنية مناسبة لهم لينقضوا على السنة النبوية المطهرة، فيبدلوا فيها ويحرفوا ويدخلوا  فيها ما يشاءون.

وسنتناول في بحثنا هذا إن شاء وتعالى الله سبحانه بعض الأحاديث التي ذكر فيها الرجم بالدراسة والتمحيص.
أولا: حديث عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم" ( مسلم : كتاب الحدود ؛ باب حد الزنى)

من الواضح أن هذا الحديث يتكلم عن الآية الكريمة من سورة النساء" وَٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً" (النساء:15)
عند مناقشتنا لهذا الحديث يجب علينا ملاحظة الأمور التالية:
1.    الآية الكريمة تتحدث عن النساء فقط، ولا ذكر فيها للرجال مطلقا، بينما الحديث يتكلم في بدايته عن النساء، ثم ينتقل إلى الكلام بطريقة غير منطقية عن الرجال والنساء، بحيث يتوهم السامع أن الآية تتحدث عن الرجال والنساء.

2.    جاء في الحديث" البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم" فماذا لو كان البكر بالثيب أو الثيب بالبكر!؟

3.    يستدل من الحديث ان المرأة البكر إن زنت تجلد وتغرب مدة عام، وتغريب المرأة البكر، لايقبله عاقل، فتغريبها ، يساعدها على اقتراف جريمة ، لعدم وجود من ينفق عليها ويرعى شأنها ويحافظ عليها من الوقوع في الفاحشة في بلاد الغربة .
 إذا لابد من معاقبة وليها ، فيغرَّب معها من غير ذنب اقترفه، لينفق عليها ويحافظ عليها من الوقوع في الفاحشة، حتى لو أدى ذلك إلى تشتت أسرته .
لذلك نجد أن الفقهاء اختلفوا في الجمع بين الجلد والتغريب:
 يقول الرازي في تفسيره:"
 قال الشافعي رحمه الله يجمع بين الجلد والتغريب في حد البكر، وقال أبو حنيفة رحمه الله يجلد، وأما التغريب فمفوض إلى رأي الإمام، وقال مالك يجلد الرجل ويغرب وتجلد المرأة ولا تغرب"

4.    كما اختلفوا هل يجمع على المحصن الجلد مع الرجم، وجمهور الفقهاء على أنه لا جلد مع الرجم ، وأحاديث رجم ماعز والغامدية ، وغيرها من الأحاديث التي زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بها ، لم يرد بها ذكر للجلد مع الرجم ( بمعنى أنها تناقض هذا الحديث)، وللخروج من معضلة الاختلاف في الأحاديث لجأوا كعادتهم إلى حجة الناسخ والمنسوخ، طبعا مع استبعاد إمكانية أن يكون الحديث موضوعا.
 "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا"

5.    يقول الله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة: "أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا" أي طريقا للنجاة أو الخلاص ، كالتوبة مثلا،أو الزواج أو غير ذلك " ولا يمكن أن يكون الموت رجما  لهن سبيلا " بل هو عليهن وليس لهن.وفي هذا ينقل الرازي في التفسير الكبير عن أبي مسلم الأصفهاني قوله:" أن القائلين بأن هذه الآية نزلت في الزنا فسروا قوله: { أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } بالرجم والجلد والتغريب، وهذا لا يصح لأن هذه الأشياء تكون عليهن لا لهن
6.   اختلف المفسرون في المراد بقوله تعالى" وَٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ " فجمهور المفسرين على أنه في الزنى بين الرجل والمرأة، واعتمدوا في تأويلهم هذا على الحديث الذي بين أيدينا، دون الاعتبار إلى كون هذا الحديث حديث آحاد، وهو ظني الثبوت، بمعنى لم يلتفتوا إلى إمكانية كون الحديث موضوعا، لأنه يخالف كتاب الله سبحانه وتعالى ،فهم إنما ينظرون إلى سند الحديث ولا يرون متنه،.
ورأى بعض المفسرين أن المراد بالآية الكريمة السحاق بين المرأة والمرأة، اعتمادا على أن الآية الكريمة تتحدث عن النساء فقط (وَٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) بينما جاء في الاية التالية لها مباشرة(واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما) وكما هو معلوم فالاسم الموصول:
 ( واللذان) يدل على المثنى المذكر ،فالآية الأولى تتكلم عن النساء ( واللاتي)، والثانية تتكلم عن الرجال ( واللذان)، لاحظ أيضا اختلاف العقوبة في الآيتين الكريمتين ، ففي الآية الأولى كانت العقوبة الحبس بالبيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا، وفي الثانية كانت العقوبة الإيذاء، ولو كانت الآيتان الكريمتان تتكلمان عن نفس الموضوع فلماذا يكون الاختلاف في العقوبة!؟

يقول الفخر الرازي في كتاب التفسير الكبير: "  المسألة الثالثة: في المراد بقوله: { وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مِن نّسَائِكُمْ } قولان: الأول: المراد منه الزنا، وذلك لأن المرأة إذا نسبت إلى الزنا فلا سبيل لأحد عليها إلا بأن يشهد أربعة رجال مسلمون على أنها ارتكبت الزنا، فاذا شهدوا عليها أمسكت في بيت محبوسة إلى أن تموت أو يجعل الله لهن سبيلا، وهذا قول جمهور المفسرين.
والقول الثاني: وهو اختيار أبي مسلم الأصفهاني: أن المراد بقوله: { وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } السحاقات، وحدُّهن الحبس إلى الموت وبقوله: "وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ" (النساء: 16) أهل اللواط، وحدُّهما الأذى بالقول والفعل، والمراد بالآية المذكورة في سورة النور: الزنا بين الرجل والمرأة، وحده في البكر الجلد، وفي المحصن الرجم، واحتج ابو مسلم عليه بوجوه:
 الأول: أن قوله: { وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مِن نّسَائِكُمْ } مخصوص بالنسوان، وقوله: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ } مخصوص بالرجال، لأن قوله: { وَٱللَّذَانَ } تثنية الذكور. فان قيل : لم لا يجوز أن يكون المراد بقوله: { وَٱللَّذَانَ } الذكر والأنثى إلا أنه غلب لفظ المذكر. قلنا: لو كان كذلك لما أفرد ذكر النساء من قبل، فلما أفرد ذكرهن ثم ذكر بعد قوله: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ } سقط هذا الاحتمال.
الثاني: هو أن على هذا التقدير لا يحتاج إلى التزام النسخ في شيء من الآيات، بل يكون حكم كل واحدة منها باقيا مقرراً، وعلى التقدير الذي ذكرتم يحتاج إلى التزام النسخ، فكان هذا القول أولى.
الثالث: أن على الوجه الذي ذكرتم يكون قوله: { وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } في الزنا وقوله: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ } يكون أيضا في الزنا، فيفضي إلى تكرار الشيء الواحد في الموضع الواحد مرتين وإنه قبيح، وعلى الوجه الذي قلناه لا يفضي إلى ذلك فكان أولى. الرابع: أن القائلين بأن هذه الآية نزلت في الزنا فسروا قوله: { أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } بالرجم والجلد والتغريب، وهذا لا يصح لأن هذه الأشياء تكون عليهن لا لهن. قال تعالى :  لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ (البقرة: 286) وأما نحن فانا نفسر ذلك بأن يسهل الله لها قضاء الشهوة بطريق النكاح، ثم قال أبو مسلم: ومما يدل على صحة ما ذكرناه قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان وإذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان "  }(التفسير الكبير للرازي)

يقول سيد سابق في كتابه فقه السنة: "ونرى أن الظاهر أن آيتي النساء المتقدمتين تتحدثان عن حكم السحاق واللواط، وحكمهما يختلف عن حكم الزنا المقرر في سورة النور. فالآية الأولى في السحاق "واللاتي ياتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا"،والثانية في اللواط "واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما".أي:
1- والنساء اللاتي يأتين الفاحشة وهي السحاق: الذي تفعله المرأة مع المرأة فاستشهدوا عليهن أربعة من رجالكم، فإن شهدوا فاحبسوهن في البيوت بأن توضع المرأة وحدها بعيدة عمن كانت تساحقها، حتى تموت أو يجعل الله لهن سبيلا إلى الخروج بالتوبة أو الزواج المغني عن المساحقة.
2- والرجلان اللذان يأتيان الفاحشة - وهي اللواط - فآذوهما بعد ثبوت ذلك بالشهادة أيضا، فإن تابا قبل إيذائهما بإقامة الحد عليهما ، فإن ندما وأصلحا كل أعمالهما وطهرا نفسيهما فأعرضوا عنهما بالكف عن إقامة الحد عليهما (فقه السنة ج2 :باب الحدود ؛ حد الزنا ؛ التدرج في تحريم الزنا)
ويقول متولي شعراوي في  تفسيره "خواطر محمد متولي الشعراوي": و { وَٱللاَّتِي } اسم موصول لجماعة الإناث، وأنا أرى أن ذلك خاص باكتفاء المرأة بالمرأة. وماذا يقصد بقوله: { فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً }؟ إنه سبحانه يقصد به حماية الأعراض، فلا يبلغ كل واحد في عرض الآخر، بل لا بد أن يضع لها الحق احتياطا قويا، لأن الأعراض ستجرح، ولماذا " أربعة " في الشهادة؟ لأنهما اثنتان تستمتعان ببعضهما، ومطلوب أن يشهد على كل واحدة اثنان فيكونوا أربعة، وإذا حدث هذا ورأينا وعرفنا وتأكدنا، ماذا نفعل؟
قال سبحانه:
{ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ } أي احجزوهن واحبسوهن عن الحركة، ولا تجعلوا لهن وسيلة التقاء إلى أن يتوفاهن الموت { أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } وقد جعل الله.
والذين يقولون: إن هذه المسألة خاصة بعملية بين رجل وامرأة، نقول له: إن كلمة
{ وَٱللاَّتِي } هذه اسم موصول لجماعة الإناث، أما إذا كان هذا بين ذكر وذكر. ففي هذه الحالة يقول الحق:{ وَٱللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً }[النساء: 16].الآية هنا تختص بلقاء رجل مع رجل، ولذلك تكون المسألة الأولى تخص المرأة مع المرأة، ولماذا يكون العقاب في مسألة لقاء المرأة بالمرأة طلبا للمتعة هو الإمساك في البيوت حتى يتوفاهن الموت؟ لأن هذا شر ووباء يجب أن يحاصر، فهذا الشر معناه الإفساد التام، لأن المرأة ليست محجوبة عن المرأة؛ فلأن تحبس المرأة حتى تموت خير من أن تتعود على الفاحشة). ( خواطر محمد متولي الشعراوي)
والقول بأن المقصود بالآية الكريمة ( السحاقيات) ينسف هذا الحديث من أصله نسفا.

ثانيا: حديث بن عباس قال: قال عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف" ( متفق عليه / البخاري: كتاب المحاربين من أهل الكفر؛ باب رجم الحبلى في الزنا إذا أحصنت /مسلم : كتاب الحدود ؛ رجم الثيب في الزنى )

لنتعرف على الآية التي يقولون أنها كانت في كتاب الله سبحانه وتعالى ثم نسخت تلاوتها ولم ينسخ حكمها ، وذلك من من خلال الأحاديث التالية:
1.  عن زر عن أبي بن كعب قال: " كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة فكان فيها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" ( رواه إبن حيان: كتاب الحدود؛ ذكر اثبات الرجم لمن زنى وهو محصن/ ورواه الحاكم:حديث رقم 3565  ) 

2. عن زر بن حبيش قال: " لقيت أبي بن كعب فقلت له: إن بن مسعود كان يحك المعوذتين من المصاحف ويقول إنهما ليستا من القرآن، فلا تجعلوا فيه ما ليس منه، قال أبي: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لنا فنحن نقول. كم تعدون سورة الأحزاب من آية؟ قال قلت ثلاثا وسبعين قال أبي والذي يحلف به إن كانت لتعدل سورة البقرة ولقد قرأنا فيها آية الرجم الشيخ والشيخة  فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم" ((سنن إبن حيان: كتاب الحدود؛ ذكر الأمر بالرجم للمحصنين إذا زنيا قصد التنكيل بهما)

3. عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه : "كأين تقرأ سورة الأحزاب أو كأين تعدها قال: قلت له: ثلاثا وسبعين آية فقال: قط لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة ولقد قرأنا فيها {الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عليم حكيم" (مسند أحمد : مسند الأنصار رضي الله عنهم ؛حديث زر بن حبيش عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه/ سنن البيهقي : كتاب الحدود؛ باب ما يستدل به على أن السبيل هو جلد الزانيين ورجم الثيب).

4. "قال عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه: "إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم أن يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله عز وجل فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا فوالذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة فإنا قد قرأناها" ( سنن البيهقي: كتاب الحدود؛ باب: ما يستدل به على أن جلد المائة ثابت على البكرين الحرين ومنسوخ عن الثيبين وأن الرجم ثابت على الثيبين الحرين )
إذن الآية التي يدّعون أنها كانت في كتاب الله سبحانه وتعالى وقرأها الصحابة ووعوها وعقلوها ويدّعون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ورجم الصحابة من بعده هي : " الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم"وفي رواية " والله عليم حكيم"
ولا بد لنا عند مناقشة هذه الأحاديث من ملاحظة الأمور التالية:
‌أ.      كلمة الشيخ في القرآن الكريم لا تدل أبدا على الرجل الثيب ،  وإنما تدل على الرجل الكبير الطاعن بالسن:
"قَالَتۡ يَاوَيۡلَتَى ءَأَلِدُ وَأَنَا۟ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعۡلِى شَيۡخًا إِنَّ هَذَا لَشَىۡءٌ عَجِيبٌ" ( هود :72)
"قَالُوا۟ يَآأَيُّهَا الۡعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيۡخًا كَبِيرًا فَخُذۡ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الۡمُحۡسِنِينَ " ( يوسف :78)
"وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدۡيَنَ وَجَدَ عَلَيۡهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امۡرَأتَيۡنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَا قَالَتَا َلا نَسۡقِى حَتَّى يُصۡدِرَ الرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيۡخٌ كَبِيرٌ" ( القصص :23)
"هُوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٍ ثُمَّ مِنۡ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخۡرِجُكُمۡ طِفۡلًا ثُمَّ لِتَبۡلُغُوا أَشُدَّكُمۡ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبۡلُ وَلِتَبۡلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ" ( عافر: 67 )
لذلك نجد واضعوا الأحاديث ، لم يجدوا مناصا من الاعتراف بأن كلمة الشيخ تدل على الرجل الطاعن في السن، ولا تدل على الرجل الشاب الثيب، فنجدهم تارة ينسبون إلى عمرو بن العاص أنه قال :" ألا ترى أن الشيخ إذا زنى وقد أحصن جلد ورجم وإذا لم يحصن جلد وأن الثيب إذا زنى وقد أحصن رجم" ومرة ينسبون هذا القول إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتارة ينسبون إلى الصحابي الجليل وكاتب الوحي زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: "  ألا ترى الشابين الثيبين يرجمان"
1.    عن كثير بن الصلت:" قال كان بن العاص وزيد بن ثابت يكتبان المصاحف فمرا على هذه الآية فقال زيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة فقال عمرو لما نزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت أكتبها فكأنه كره ذلك فقال له عمرو ألا ترى أن الشيخ إذا زنى وقد أحصن جلد ورجم وإذا لم يحصن جلد وأن الثيب إذا زنى وقد أحصن رجم.( مستدرك الحاكم : كتاب الحدود).

2.    عن كثير بن الصلت: كان ابن العاص وزيد بن ثابت يكتبان المصاحف فمروا على هذه الآية فقال زيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة فقال عمر: لما أنزلت هذه أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أكتبنيها قال شعبة: فكأنه كره ذلك فقال عمر: ألا ترى أن الشيخ إذا لم يحصن جلد وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم (مسند أحمد :مسند الأنصار رضي الله عنهم؛ حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم)

3.    عن كثير بن الصلت قال: كنا عند مروان وفينا زيد بن ثابت قال زيد كنا نقرأ الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة قال فقال مروان أفلا نجعله في المصحف قال لا ألا ترى الشابين الثيبين يرجمان قال وقال ذكروا ذلك وفينا عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه قال أنا أشفيكم من ذاك قال قلنا كيف قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأذكر كذا وكذا فإذا ذكر الرجم أقول يا رسول الله أكتبني آية الرجم قال فأتيته فذكرته قال فذكر آية الرجم قال فقال يا رسول الله أكتبني آية الرجم قال لا أستطيع ذاك" (سنن البيهقي: كتاب الحدود؛ باب: ما يستدل به على أن السبيل هو جلد الزانيين ورجم الثيب)
‌ب.               كما أن كلمة شيخ تدل على الرجل الطاعن في السن، فإن الكلمة التي تقابلها للأنثى في كتاب الله سبحانه وتعالى هي كلمة ( عجوز) وليست كلمة شيخة. "قَالَتۡ يَاوَيۡلَتَى ءَأَلِدُ وَأَنَا۟ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعۡلِى شَيۡخًا إِنَّ هَذَا لَشَىۡءٌ عَجِيبٌ" ( هود :72)
‌ج.     لن نناقش موضوع النسخ في القرآن الكريم، فالموضوع أكبر من بحثنا هذا ، ولكن ما يهمنا في موضوعنا هذا هو نسخ تلاوة الآية من القرآن الكريم مع بقاء حكمها فنقول:
1.     لماذا تنسخ تلاوة الآية من كتاب الله سبحانه وتعالى مع بقاء حكمها ، بينما  ادّعوا أن آيات من كتاب الله سبحانه وتعالى نسخ حكمها وبقيت تلاوتها، لماذا لا تنسخ تلاوة الآيات التي نسخ حكمها، ويبقى لفظ الآيات التي بقي حكمها!!؟؟
2.     التدرج في نزول الأحكام في كتاب الله سبحانه وتعالى لا يدل على نسخ حكم الآية مع بقاء تلاوتها ، فالقول أن الاية الكريمة "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون " نسخ حكمها يعني أنه يجوز للمسلم ان يقرب الصلاة وهو سكران.
 
فتحريم الخمر في الآية الكريمة
"يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام  رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" لا يعني نسخ حكم الآية الكريمة "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون "
لقد وصل الأمر ببعضهم إلى أن قالوا إن الآية  التي سَمَّوْها : ( آية السيف) نسخت أكثر من مائة آية من كتاب الله سبحانه وتعالى ، وهي الآيات التي تدعو إلى التسامح والحكمة في التعامل مع الآخرين ، كقوله تعالى:
 "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" ( النحل : 125)
وقوله تعالى : "فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين" ( المائدة : 13)
وقوله تعالى : " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم". ( البقرة :256)
فجميع هذه الآيات يرى بعضهم نسخ حكمها، قد نسخته الآية التي أطلقوا عليها آية السيف، ولقد وضعوا حديثا يدعم ما ذهبوا إليه  وادّعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله  (البخاري: كتاب الإيمان؛ باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم/مسلم : كتاب الإيمان؛ باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)
ولقد أساءوا بقولهم هذا إلى دين الله أكبر إساءة ، حتى أن كثيرا من الناس أعرضوا عن الدخول في دين الله سبحانه وتعالى ،على اعتبار أنه دين يدعو إلى القتل ، وأنه دين انتشر بالسيف ، ولا يزال كثير من المسلمين يُعْمِلون السيف في رقاب الناس اعتمادا على هذا الفهم.
الاية التي يسمونها آية السيف : فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” (التوبة:5) ، تتكلم عن قتال المشركين الذين نكثوا عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع المسلمين ، وهمّوا بإخراج الرسول وهم بدءوا المسلمين القتال أول مرة ، ولا تتكلم عن قتال المشركين كافة ، لذلك جاء قوله سبحانه وتعالى في سورة التوبة وفي نفس الموضوع الذي تتكلم فيه الآية التي يسمونها آية السيف: "أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوۡمًا نَّكَثُوا۟ أَيۡمَانَهُمۡ وَهَمُّوا۟ بِإِخۡرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخۡشَوۡنَهُمۡ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَوۡهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ" ( التوبة :13)
الله سبحانه وتعالى إنما شرع القتال لدفع العدوان عن المسلمين، ولم يطلب من المسلمين البدء بالعدوان على غيرهم من الناس : "وَقَاتِلُوا۟ فِى سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمۡ وَلاَ تَعۡتَدُوا۟ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الۡمُعۡتَدِينَ" (البقرة: 190) ، والعجب أشد العجب ممن يقول هذه منسوخة بقوله سبحانه وتعالى: "فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ "
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: " قال أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية في قوله تعالى: ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ) قال:هذه أول آية نـزلت في القتال بالمدينة، فلما نـزلت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل من قاتله، ويكف عَمَّن كف عنه حتى نـزلت سورة براءة وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم حتى قال:هذه منسوخة بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ "( تفسير ابن كثير)
ونقول لمن قال هذه الآية منسوخة . هل كان الله سبحانه وتعالى لا يحب المعتدين في بداية الدعوة الإسلامية ، وأصبح يحبهم فيما بعد!؟ سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا، إنها لمصيبة وأي مصيبة ، إنّا لله وإنا إليه راجعون..
عندما فتح الصحابة الكرام العالم من شرقه إلى غربه، وجدوا كثيرا من المشركين، المجوس والهندوس والبوذيين ، ولم يجبروا أحدا منهم على الدخول في دين الله ، ولم يقتلوا أحدا منهم ، فلم يقل أحد من الصحابة الكرام إن آية السيف نسخت الآيات التي تدعوا إلى عدم الاعتداء على الناس ، ولو قالوا بذلك لكانوا قتلوا جميع المشركين في البلاد التي فتحوها.
انظر إلى مقدار الإساءة التي يلحقها القول بالنسخ بدين الله سبحانه وتعالى ، يقولون عندما كان الإسلام ضعيفا كان يأمر بالدعوة إلى الله بالحسنى وعدم الاعتداء، وعندما أصبح الإسلام قويا؛ أصبح لا يقبل إلا السيف !!!؟؟ إنا لله وإنا إليه راجعون.
1. الآيات التي يعتمد عليها من يقول بالنسخ في كتاب الله سبحانه وتعالى ، تقول بالاستبدال ولم تقل بالمحو الكامل، بمعنى استبدال آية مكان آية " مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ( البقرة :) " وَإِذَا بَدَّلۡنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعۡلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا۟ إِنَّمَآ أَنتَ مُفۡتَرٍ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لاَ يَعۡلَمُونَ" ( النحل : 101) ، فما هي الآية التي جاء بها الله سبحانه وتعالى بدل آية الرجم؟
2.  إذا كانت سورة الأحزاب تعدل سورة البقرة ، ثم نسخت إلى ثلاث وسبعين آية، فما مقدار ما نسخ من باقي سور القرآن الكريم !؟ أليس في هذا القول إساءة لكتاب الله سبحانه وتعالى !؟ وكيف نفهم قول الله سبحانه وتعالى: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" ( الحجر : 9) وقوله تعالى : "لا تحرك به لسانك لتعجل به، إن علينا جمعه وقرآنه" ( القيامة :16، 17)
يقول الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (2913 ): "و أما حديث أبي , فيرويه عاصم بن بهدلة عن زر قال : قال لي أبي بن كعب : كائن تقرأ سورة الأحزاب ،أو كائن تعدها ? قال : قلت : ثلاثا و سبعين آية . قال : قط , لقد رأيتها و إنها لتعادل سورة ( البقرة ) , و لقد قرأنا فيها : “ الشيخ و الشيخة .. “ , و زاد : “ نكالا من الله , و الله عليم حكيم" . أخرجه النسائي ( 7141 ) و ابن حبان ( 6 / 301 / 4411 و 4412 ) و الحاكم ( 2 / 415 و 4 / 359 ) و البيهقي أيضا , و عبد الرزاق في “ المصنف “ ( 3 / 365 / 5990 ) و الطيالسي ( 540 ) و عبد الله بن أحمد ( 5 / 132 ) و الضياء في “ المختارة “ ( 3 / 370 - 371 ) و قال الحاكم : “ صحيح الإسناد “ . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا ."
روى الدارقطني وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:" : لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشرا. ولقد كان في صحيفة تحت سريري. فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته، دخل داجن فأكلها.( سنن الدار قطني:كتاب الرضاع/ سنن إبن ماجه: كتاب النكاح ؛باب رضاع الكبير )
وروى هذا الحديث أيضا الإمام أحمد في مسنده بلفظ: "لقد أنزلت آية الرجم ورضعات الكبير عشرا فكانت في ورقة تحت سرير في بيتي فلما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشاغلنا بأمره ودخلت دويبة لنا فأكلتها" (مسند أحمد: مسند السيدة عائشة) ،
فهل تصدق أن آية من كتاب الله سبحانه وتعالى نسختها داجن أودويبة ( سخلة) ومتى !؟ بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في رواية الدارقطني وابن ماجة.
وليست هذه الرواية الوحيدة التي يزعمون  فيها أن آيات من كتاب الله سبحانه وتعالى نسخت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى (مسلم)  عن عائشة رضي الله عنها؛ أنها قالت: "كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن. ثم نسخن: بخمس معلومات. فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن".( مسلم:كتاب الرضاع؛ باب التحريم بخمس رضعات) .
 أليس في هذا القول إساءة لكتاب الله سبحانه وتعالى!؟
كيف يفهمون قول الله سبحانه وتعالى : " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" ( الحجر : 9)
 يقول القرطبي في تفسير قوله سبحانه وتعالى: لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" ( فصلت: 42) ،أي لا يكذبه شيء مما أنزل الله من قبل ولا ينزل من بعده يبطله وينسخه ; قاله الكلبي . وقال السدي وقتادة : " لا يأتيه الباطل " يعني الشيطان " من بين يديه ولا من خلفه " لا يستطيع أن يغير ولا يزيد ولا ينقص
ثالثا: أحاديث ماعز والغامدية :

1.  لو سلمنا بصحة هذه الأحاديث ،ففي ذلك اتهام لنبي الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يحكم بغير ما أنزل الله .والله سبحانه وتعالى يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يحكم بما أنزل الله "وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقًۭا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلْحَقِّ ۚ لِكُلٍّۢ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةًۭ وَمِنْهَاجًۭا ۚ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةًۭ وَٰحِدَةًۭ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَآ ءَاتَىٰكُمْ ۖ فَٱسْتَبِقُوا۟ ٱلْخَيْرَٰتِ ۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًۭا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(48) وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَٱحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنۢ بَعْضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا۟ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًۭا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكْمًۭا لِّقَوْمٍۢ يُوقِنُونَ(50) " (سورة المائدة ) 

وحكم الزانية والزاني واضح في كتاب الله سبحانه وتعالى، سواء كانا محصنين أو غير محصنين : " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" (النور : 2 )
2.  ولو سلمنا أيضا بصحة هذه الأحاديث فلا يُدْرَى هل رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نزول سورة النور أم بعد نزولها ، بمعنى هل الرجم نسخ الجلد أم الجلد نسخ الرجم !!؟ وهل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجم الزاني عملا بشريعة من قبلنا من الأمم!؟
"عن أبي إسحاق الشيباني قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى هل رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قال قلت بعد ما أنزلت سورة النور أم قبلها قال لا أدري" ( البخاري: كتاب المحاربين من أهل الكفر؛ باب رجم المحصن / مسلم: كتاب الحدود ؛ باب رجم الثيب في الزنى)
3.  روايات ماعز والغامدية مليئة بالتناقضات !!! " ولو كانت هذه الروايات صحيحة لما وجدنا فيها هذا الكم من التناقضات "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا"
فتارة نرى ماعزا جاء بنفسه إلى رسول الله فقال يا رسول الله إني قد زنيت:عن أبي هريرة أنه قال أتى رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله إني زنيت....." ( مسلم : كتاب الحدود ؛ باب من اعترف على نفسه بالزنا)
 وتارة أخرى نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي سأله إن كان حقا قد زنى: عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز بن مالك: "أحق ما بلغني عنك قال وما بلغك عني قال بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان قال نعم....." ( مسلم : كتاب الحدود ؛ باب من اعترف على نفسه بالزنا)
و تارة نرى ماعزا شهد على نفسه مرتين:عن سماك بن حرب قال سمعت جابر بن سمرة يقول: "أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قصير أشعث ذي عضلات عليه إزار وقد زنى فرده مرتين ثم أمر به فرجم"( مسلم : كتاب الحدود ؛ باب من اعترف على نفسه بالزنا)
وتارة نرى ماعزا يشهد على نفسه أربعا:عن أبي هريرة أنه قال: "أتى رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه فقال له يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات......" ( مسلم : كتاب الحدود ؛ باب من اعترف على نفسه بالزنا)
وتارة حفر له حفرة ثم أمر به فرجم :عن عبد الله بن بريدة عن أبيه "أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني قد ظلمت نفسي وزنيت وإني أريد أن تطهرني فرده...... فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرجم"( مسلم : كتاب الحدود ؛ باب من اعترف على نفسه بالزنا)
وتارة ما حفروا له ولا أوثقوه:عن أبي سعيد: " أن رجلا من أسلم يقال له ماعز بن مالك أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أصبت فاحشة فأقمه علي ...... فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد قال فما أوثقناه ولا حفرنا له قال فرميناه بالعظم والمدر والخزف قال فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرة فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة"( مسلم : كتاب الحدود ؛ باب من اعترف على نفسه بالزنا)
 وتارة رجموه في بقيع الغرقد كما في حديث أبي سعيد السابق.
 وتارة رجموه بالمصلى:عن جابر أن رجلا من أسلم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال إنه قد زنى فأعرض عنه فتنحى لشقه الذي أعرض فشهد على نفسه أربع شهادات فدعاه فقال هل بك جنون هل أحصنت قال نعم فأمر به أن يرجم بالمصلى فلما أذلقته الحجارة جمز حتى أدرك بالحرة فقتل" (البخاري:كتاب الطلاق؛ باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون)
وتارة رموه بالعظم والمدر والخزف، كما في حديث أبي سعيد السابق.
وتارة رجموه بالحجارة (فلما أذلقته الحجارة) كما في حديث جابر السابق

وفي روايات الغامدية ، نراهم تارة يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرجمها حتى أرضعت وليدها: عن عبد الله بن بريدة عن أبيه "أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني قد ظلمت نفسي وزنيت وإني أريد أن تطهرني..... قال فجاءت الغامدية فقالت يا رسول الله إني قد زنيت فطهرني وإنه ردها فلما كان الغد قالت يا رسول الله لم تردني لعلك أن تردني كما رددت ماعزا فوالله إني لحبلى قال إما لا فاذهبي حتى تلدي فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة قالت هذا قد ولدته قال اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز فقالت هذا يا نبي الله قد فطمته وقد أكل الطعام فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها"( مسلم : كتاب الحدود ؛ باب من اعترف على نفسه بالزنا)
وتارة يزعمون أن رجلا من الأنصار تكفل برضاع ولدها ،وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجمها ولم ترضع وليدها: عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال "جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله طهرني..... قال ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد فقالت يا رسول الله طهرني فقال ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه فقالت أراك تريد أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك قال وما ذاك قالت إنها حبلى من الزنى فقال آنت قالت نعم فقال لها حتى تضعي ما في بطنك قال فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد وضعت الغامدية فقال إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه فقام رجل من الأنصار فقال إلي رضاعه يا نبي الله قال فرجمها"( مسلم : كتاب الحدود ؛ باب من اعترف على نفسه بالزنا)

وأخيرا أقول : نحن على أبواب حقبة شديدة الخطورة من تاريخ المسلمين ،بدأت بشائرها بالتجلي في الأعوام الأخيرة ،حقبة ندعو الله سبحانه وتعالى أن يعز فيها دينه ، ويلهم المسلمين للحكم بما أنزل في كتابه ،فالحذر كل الحذر من ترك الحكم بكتاب الله سبحانه وتعالى ،والحكم بروايات تاريخية تخالف كتاب الله سبحانه وتعالى ،وتسيء إلى دين الله الإسلام ،وندَّعي أنها من عند الله سبحانه وتعالى .
الحذر كل الحذر من رجم الزاني المحصن لأننا بذلك نكون قد قتلنا النفس التي حرم الله بغير الحق.



أحاديث في الصحيحين تضيف إلى  الله سبحانه وتعالى ما لا يليق به من الصفات

جاءت أحاديث في الصحيحين تُنْسَبُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تضيف إلى الله سبحانه وتعالى ما لا يليق به من الصفات، كالنزول، والمرض ، والأكل ، والشرب ، والتردد في الأفعال ، والهرولة ،  وأن عرش الرحمن اهتز لموت سعد بن معاذ رضي الله عنه، وجعلوا لله دارا يُسْتَأْذَنُ عليه فيها، سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا، ومن هذه الأحاديث :
أولا : إضافة صفة النزول إلى الله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا :

 "عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له" (متفق عليه.البخاري: التهجد ؛ الدعاء والصلاة في آخر الليل/  مسلم : صلاة المسافرين وقصرها ؛الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه)
لنقرأ شرح بن حجر للحديث:
يقول ابن حجر: "قوله : ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا  ـ استدل به من أثبت الجهة ، وقال : هي جهة العلو ، وأنكر ذلك الجمهور لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز ، تعالى الله عن ذلك . وقد اختلف في معنى النزول على أقوال : فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته ، وهم المشبهة ، تعالى الله عن قولهم . ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة ،وهم الخوارج ، والمعتزلة ، وهو مكابرة ، والعجب  أنهم أولوا ما في القرآن من نحو ذلك ، وأنكروا ما في الحديث ، إما جهلا ، وإما عنادا ، ومنهم من أجراه على ما ورد مؤمنا به على طريق الإجمال منزها الله تعالى عن الكيفية والتشبيه ، وهم جمهور السلف ، ونقله البيهقي وغيره عن الأئمة الأربعة ، والسفيانين ،والحمادين ، والأوزاعي ، والليث ، وغيرهم ، ومنهم من أوله على وجه يليق ، مستعمل في كلام العرب ، ومنهم من أفرط في التأويل ، حتى كاد أن يخرج إلى نوع من التحريف ، ومنهم من فصل بين ما يكون تأويله قريبا مستعملا في كلام العرب ، وبين ما يكون بعيدا مهجورا ، فأول في بعض ، وفوض في بعض ، وهو منقول عن مالك ، وجزم به من المتأخرين ابن دقيق العيد ، قال البيهقي : وأسلمها الإيمان بلا كيف ، والسكوت عن المراد إلا أن يرد ذلك عن الصادق ، فيصار إليه . من الدليل على ذلك اتفاقهم على أن التأويل المعين غير واجب ، فحينئذ التفويض أسلم . وسيأتي مزيد بسط في ذلك في كتاب التوحيد ، إن شاء الله تعالى . وقال ابن العربي : حكي عن المبتدعة رد هذه الأحاديث ، وعن السلف إمرارها ، وعن قوم تأويلها ، وبه أقول . فأما قوله : ينزل فهو راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته ، بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه ، والنزول كما يكون في الأجسام يكون في المعاني ، فإن حملته في الحديث على الحسي فتلك صفة الملك المبعوث بذلك ، وإن حملته على المعنوي ، بمعنى أنه لم يفعل ثم فعل ، فيسمى ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة ، فهي عربية صحيحة . انتهى . والحاصل أنه تأوله بوجهين : إما بأن المعنى ينزل أمره أو الملك بأمره ، وإما بأنه استعارة بمعنى التلطف بالداعين والإجابة لهم ونحوه . وقد حكى أبو بكر بن فورك أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول أي يُنزل ملكا ، ويقويه ما رواه  النسائي  من طريق الأغر ، عن أبي هريرة وأبي عيد بلفظ : إن الله يمهل ، حتى يمضي شطر الليل ، ثم يأمر مناديا يقول : هل من داع فيستجاب له  . الحديث . وفي حديث عثمان بن أبي العاص :   ينادي مناد : هل من داع يستجاب له   . الحديث . قال القرطبي : وبهذا يرتفع الإشكال ، ولا يعكر عليه ما في رواية رفاعة الجهني:  ينزل الله إلى السماء الدنيا ، فيقول : لا أسأل عن عبادي غيري   . لأنه ليس في ذلك ما يدفع التأويل المذكور . وقال البيضاوي : ولما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه ، فالمراد نور رحمته ، أي ينتقل من مقتضى صفة الجلال التي تقتضي الغضب والانتقام إلى مقتضى صفة الإكرام التي تقتضي الرأفة والرحمة" .
انتهى شرح ابن حجرللحديث.
لنلاحظ مقدار الاختلاف في فهم الحديث أو تأويله، وهذا القدر من الاختلاف، إنما يدل على مقدار الإشكال في الحديث.
 وأشك في أن أحدا ممن أولوا هذا الحديث مقتنع بما يقول، بل هم يحاولون أن يقنعوا أنفسهم وغيرهم بتأويلاتهم. ولو اقتنع أحدهم برأي الآخر؛ لاجتمعوا على رأي واحد ولما اختلفوا كل هذا الاختلاف .
ولو كان الحديث صحيحا ما اختلفوا في تأويله كل هذا الاختلاف.
ولو اقتنع علماؤنا بهذه التأويلات والتفسيرات؛ فكيف نقنع بها عامتنا، أم نقول للعامة كما يقول بطاركة الكاثوليك لعامتهم بأنهم لا يستطيعون فهم الإنجيل إلا من خلال تفسير الكنيسة.
عندما نقرا هذا الحديث في المساجد، ماذا يفهم منه المصلون؟ هل يفهمون كما فهم ابن حجر وغيره من العلماء ، أم أنهم يفهمون أن الله سبحانه وتعالى ينزل بذاته إلى السماء الدنيا!؟ سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. إنا لله وإنا إليه راجعون.
هذا الحديث يضيف إلى الله سبحانه وتعالى ما لا يليق به سبحانه من الصفات من حيث:
1.     النزول يخالف صفة الله سبحانه وتعالى ( العلي)، والعلو صفة لله ثابتة بالكتاب والسنة، قال تعالى: "وهو العلي العظيم" (البقرة: آية الكرسي)، وقال تعالى:" سبح اسم ربك الأعلى" (الأعلى:  1)  ومعنى هذه الصفة: أن الله متصف بالعلو المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله فذاته أعلى الذوات فالله فوق كل شيء ولا شيء فوقه ، وصفاته وأفعاله أعلى الصفات والأفعال وأرفعها جمالا وحسنا وكمالاً
2.     هذا الحديث يضيف إلى الله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا صفة الجسمية ( التجسيد)، ويمكن فهم ذلك من شرح ابن حجر للحديث في قوله"وقال البيضاوي : ولما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه"
3.     من صفات الله سبحانه الثابتة في كتاب الله سبحانه وتعالى؛ أنه سميع، بصير، عليم، قريب، مجيب ، فهل  نقول أن الله سبحانه وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا ليقترب من الناس ويسمع دعاءهم وسؤالهم واستغفارهم!!؟ سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا
"  وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا۟ لِى وَلْيُؤْمِنُوا۟ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" (البقرة:186 )
وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِۦ نَفْسُهُۥ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ" (ق:16)
"هُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالۡأَرۡضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسۡتَوَى عَلَىٰ الۡعَرۡشِ يَعۡلَمُ مَا يَلِجُ فِى الۡأَرۡضِ وَمَا يَخۡرُجُ مِنۡهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَآءِ وَمَا يَعۡرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمۡ أَيۡنَ مَا كُنتُمۡ وَاللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ" (الحديد: 4 )
يذكرني هذا الحديث بما جاء في كتاب النصارى المحرف في سفر التكوين[18:20]:
" وَقَالَ الرَّبُّ: لأَنَّ الشَّكْوَى ضِدَّ مَظَالِمِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَتْ وَخَطِيئَتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّاً، أَنْزِلُ لأَرَى إِنْ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ مُطَابِقَةً لِلشَّكْوَى ضِدَّهُمْ وَإِلاَّ فَأَعْلَمُ":
اعرض الحديث على كتاب الله، فإن خالف الحديث كتاب الله؛ فاعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بريء من ذلك الحديث، أيا كان راوي الحديث
ثانيا : إضافة صفات المرض والأكل والشرب إلى الله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا:

"عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يقول يوم القيامة: يا بن آدم، مرضت فلم تعدني، قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا بن آدم،استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا بن آدم، استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب، كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي" (مسلم : البر والصلة والآداب ؛ فضل عيادة المريض)
ومنهج السلفية في الصفات، أنهم يثبتون لله ما أثبته لنفسه ورسولُه، فلو أن أحدا تأول قول الله سبحانه وتعالى:" يد الله فوق أيديهم" بالقدرة، أو أنه كناية عن توثيق العهد، لانهالت عليه الاتهامات من كل حدب وصوب، وأقلها أنه من المعطلة، أما في هذا الحديث فيقولون: "إن الذي مرض هو العبد" مع أن كلمة" مرضت" واضحة كل الوضوح، وهل إذا مرض العبد مرض ربه وقعد عنده!؟ "أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده "؟ سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. فهل نقول إن هذا الحديث صحيح !؟
لاحظ أنه جاء في الحديث أيضا إضافة الأكل والشرب لله سبحانه وتعالى،"استطعمتك فلم تطعمني" ، "استسقيتك فلم تسقني"
وإضافة صفة المرض لله سبحانه وتعالى في هذا الحديث، أبعد عن إمكانية التأويل من صفتي الأكل والشرب، ذلك أنهم ينسبون إلى الله سبحانه وتعالى قوله في صفة المرض: "أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده" أما في صفة الأكل والشرب، فينسبون له سبحانه وتعالى قوله: "وجدت ذلك عندي" سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا
لنعد إلى سند الحديث، نجد أن مسلم رواه عن طريق حماد بن سلمة، الذي قال فيه الشيخ محمد زاهد الكوثري المصري في تقديمه على كتاب « الأسماء والصفات » للحافظ أبي بكر البيهقي: إنّ مرويات حماد بن سلمة في الصفات، تجدها تحتوي على كثير من الأخبار التافهة، تتناقلها الرواة طبقة عن طبقة، مع أنّه قد تزوج نحو مائة امرأة، من غير أن يولد له ولد منهن، وقد فعل هذا الزواج والنكاح فعله، بحيث أصبح في غير حديث « ثابت البناني » لا يميز بين مروياته الأصليّة وبين ما دسّه في كتبه ربيبه ابن أبي العوجاء، وربيبه الآخر زيد المدعو ب ـ « ابن حماد » ، فضلّ بمروياته الباطلة كثير من البسطاء.
وابن أبي العوجاء هذا هو الذي قال : أما والله لئن قتلتموني لقد وضعت أربعة آلاف حديث أحرّم فيها الحلال وأحلَّ فيها الحرام والله لقد فطَّرْتكم يوم صومكم وصوّمتكم يوم فطركم.

ثالثا :هل يهتز عرش الرحمن لموت بشر!!! ؟
"عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ"
وعند البخاري: "عن جابر رضى الله تعالى عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اهتز العرش لموت سعد بن معاذ، وعن الأعمش: حدثنا أبو صالح عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، فقال رجل لجابر: فإن البراء يقول: اهتز السرير، فقال: إنه كان بين هذين الحيين ضغائن، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ" (متفق عليه. البخاري : فضائل الصحابة ؛ مناقب سعد بن معاذ رضي الله عنه / مسلم : فضائل الصحابة رضي الله عنهم ؛ من فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه)
 وسأورد شرح النووي رحمه الله لهذا الحديث؛ لبيان مدى تخبط العلماء واختلافهم في تأويل الحديث.
يقول الإمام النووي رحمه الله: "اخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي تَأْوِيله , فَقَالَتْ طَائِفَة: هُوَ عَلَى ظَاهِره, وَاهْتِزَاز الْعَرْش تَحَرُّكُهُ فَرَحًا بِقُدُومِ رُوح سَعْد, وَجَعَلَ اللَّه تَعَالَى فِي الْعَرْش تَمْيِيزًا حَصَلَ بِهِ هَذَا, وَلَا مَانِع مِنْهُ, كَمَا قَالَ تَعَالَى: { وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } وَهَذَا الْقَوْل هُوَ ظَاهِر الْحَدِيث, وَهُوَ الْمُخْتَارُ. وَقَالَ الْمَازِرِيّ: قَالَ بَعْضهمْ: هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ, وَأَنَّ الْعَرْش تَحَرَّكَ لِمَوْتِهِ. قَالَ: وَهَذَا لَا يُنْكَرُ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ; لِأَنَّ الْعَرْش جِسْم مِنْ الْأَجْسَام يَقْبَل الْحَرَكَة وَالسُّكُون. قَالَ: لَكِنْ لَا تَحْصُل فَضِيلَة سَعْد بِذَلِكَ, إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّه تَعَالَى جَعَلَ حَرَكَتَهُ عَلَامَةً لِلْمَلَائِكَةِ عَلَى مَوْته. وَقَالَ آخَرُونَ: الْمُرَاد اِهْتِزَاز أَهْل الْعَرْش, وَهُمْ حَمَلَتُهُ, وَغَيْرهمْ مِنْ الْمَلَائِكَة, فَحَذَفَ الْمُضَاف, وَالْمُرَاد بِالِاهْتِزَازِ الِاسْتِبْشَار وَالْقَبُول, وَمِنْهُ قَوْل الْعَرَب: فُلَان يَهْتَزّ لِلْمَكَارِمِ, لَا يُرِيدُونَ اِضْطِرَاب جِسْمه وَحَرَكَته, وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ اِرْتِيَاحه إِلَيْهَا, وَإِقْبَاله عَلَيْهَا . وَقَالَ الْحَرْبِيُّ : هُوَ كِنَايَة عَنْ تَعْظِيم شَأْن وَفَاته . وَالْعَرَب تَنْسُبُ الشَّيْءَ الْمُعَظَّم إِلَى أَعْظَم الْأَشْيَاء , فَيَقُولُونَ : أَظْلَمَتْ لِمَوْتِ فُلَانٍ الْأَرْضُ , وَقَامَتْ لَهُ الْقِيَامَة. وَقَالَ جَمَاعَةٌ : الْمُرَاد اِهْتِزَاز سَرِير الْجِنَازَة , وَهُوَ النَّعْش, وَهَذَا الْقَوْل بَاطِل, يَرُدُّهُ صَرِيح هَذِهِ الرِّوَايَات الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِم: اِهْتَزَّ لِمَوْتِهِ عَرْش الرَّحْمَن, وَإِنَّمَا قَالَ هَؤُلَاءِ هَذَا التَّأْوِيل لِكَوْنِهِمْ لَمْ تَبْلُغْهُمْ هَذِهِ الرِّوَايَات الَّتِي فِي مُسْلِم . وَاللَّهُ أَعْلَمُ" (صحيح مسلم بشرح النووي :فضائل الصحابة ؛ من فضائل سعد بن معاذ)
عن أبي بكرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن الله تعالى يخوف بها عباده (صحيح البخاري » كتاب الكسوف » باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يخوف الله عباده بالكسوف)
الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، أما عرش الرحمن ، فيهتز لموت سعد !!؟؟
سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا
ديننا الإسلامي الحنيف ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بريئان من أمثال هذه الروايات
هذه الروايات وضعت في القرنين الثاني والثالث الهجريين قبل تدوين الحديث.

رابعا : إضافة صفتي الحلول، والتردد في الأفعال إلى الله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا:
"عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته؛ كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته" (البخاري: الرقاق ؛ التواضع)
وهذا الحديث يضيف صفة الحلول والاتحاد إلى الله سبحانه وتعالى، "كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها"
كما أن نفس الحديث يضيف صفة التردد في الأفعال إلى الله سبحانه وتعالى"وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته"
وأورد هنا شرح ابن حجر رحمه الله في فتح الباري،لهذا الجزء من الحديث، لبيان مدى تخبط العلماء في تأويل الحديث، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على عدم صحة الحديث.
يقول بن حجر: " قوله وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، وفي حديث عائشة " ترددي عن موته " ووقع في " الحلية " في ترجمة وهب بن منبه إني لأجد في كتب الأنبياء أن الله - تعالى - يقول ما ترددت عن شيء قط ترددي عن قبض روح المؤمن إلخ " قال الخطابي : التردد في حق الله غير جائز والبداء عليه في الأمور غير سائغ، ولكن له تأويلان: أحدهما: أن العبد قد يشرف على الهلاك في أيام عمره من داء يصيبه وفاقة تنزل به، فيدعو الله فيشفيه منها ويدفع عنه مكروهها، فيكون ذلك من فعله كتردد من يريد أمرا ثم يبدو له فيه فيتركه ويعرض عنه، ولا بد له من لقائه إذا بلغ الكتاب أجله؛ لأن الله قد كتب الفناء على خلقه واستأثر بالبقاء لنفسه، والثاني: أن يكون معناه ما رددت رسلي في شيء أنا فاعله كترديدي إياهم في نفس المؤمن، كما روى في قصة موسى وما كان من لطمه عين ملك الموت، وتردده إليه مرة بعد أخرى، قال: وحقيقة المعنى على الوجهين عطف الله على العبد ولطفه به وشفقته عليه . وقال الكلاباذي: ما حاصله، أنه عبر عن صفة الفعل بصفة الذات، أي عن الترديد بالتردد، وجعل متعلق الترديد اختلاف أحوال العبد من ضعف ونصب إلى أن تنتقل محبته في الحياة إلى محبته للموت، فيقبض على ذلك. قال: وقد يحدث الله في قلب عبده من الرغبة فيما عنده والشوق إليه والمحبة للقائه ما يشتاق معه إلى الموت، فضلا عن إزالة الكراهة عنه، فأخبر أنه يكره الموت ويسوءه ويكره الله مساءته، فيزيل عنه  كراهية الموت، لما يورده عليه من الأحوال، فيأتيه الموت وهو له مؤثر وإليه مشتاق، قال: وقد ورد تفعل بمعنى فعل، مثل: تفكر وفكر، وتدبر ودبر، وتهدد وهدد، والله أعلم. وعن بعضهم: يحتمل أن يكون تركيب الولي يحتمل أن يعيش خمسين سنة وعمره الذي كتب له سبعون، فإذا بلغها فمرض دعا الله بالعافية، فيحييه عشرين أخرى مثلا، فعبر عن قدر التركيب وعما انتهى إليه بحسب الأجل المكتوب بالتردد، وعبر ابن الجوزي عن الثاني: بأن التردد للملائكة الذين يقبضون الروح، وأضاف الحق ذلك لنفسه؛ لأن ترددهم عن أمره، قال: وهذا التردد ينشأ عن إظهار الكراهة، فإن قيل: إذا أمر الملك بالقبض كيف يقع منه التردد ؟ فالجواب: أنه يتردد فيما يحد له فيه الوقت، كأن يقال لا تقبض روحه إلا إذا رضي، ثم ذكر جوابا ثالثا وهو: احتمال أن يكون معنى التردد اللطف به، كأن الملك يؤخر القبض فإنه إذا نظر إلى قدر المؤمن وعظم المنفعة به لأهل الدنيا احترمه فلم يبسط يده إليه، فإذا ذكر أمر ربه لم يجد بدا من امتثاله . وجوابا رابعا وهو: أن يكون هذا خطابا لنا بما نعقل، والرب منزه عن حقيقته، بل هو من جنس قوله: ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، فكما أن أحدنا يريد أن يضرب ولده تأديبا؛ فتمنعه المحبة وتبعثه الشفقة فيتردد بينهما، ولو كان غير الوالد كالمعلم لم يتردد، بل كان يبادر إلى ضربه لتأديبه، فأريد تفهيمنا تحقيق المحبة للولي بذكر التردد، وجوز الكرماني احتمالا آخر وهو: أن المراد أنه يقبض روح المؤمن بالتأني والتدريج، بخلاف سائر الأمور، فإنها تحصل بمجرد قول كن سريعا دفعة"  (فتح الباري : الرقاق ؛ التواضع)
خامسا : هل خلق الله سبحانه وتعالى آدم على صورته، سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا!؟
"عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته"  (مسلم : البر والصلة والآداب ؛ النهي عن ضرب الوجه)
يقول الله سبحانه وتعالى : "فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"  (الشورى :11)
وأورد شرح النووي للحديث، دون حذف أو تعديل، لبيان مدى تخبط العلماء في محاولة تأويلهم للحديث:

 يقول النووي رحمه الله: "قوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِنَّ اللَّه خَلَقَ آدَم عَلَى صُورَته ) ‏‏فَهُوَ مِنْ أَحَادِيث الصِّفَات, وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَاب الْإِيمَان بَيَانُ حُكْمهَا وَاضِحًا وَمَبْسُوطًا, وَأَنَّ مِنْ الْعُلَمَاء مَنْ يُمْسِك عَنْ تَأْوِيلهَا وَيَقُول: "نُؤْمِن بِأَنَّهَا حَقٌّ , وَأَنَّ ظَاهِرهَا غَيْر مُرَاد , وَلَهَا مَعْنَى يَلِيق بِهَا" , وَهَذَا مَذْهَب جُمْهُور السَّلَف, وَهُوَ أَحْوَط وَأَسْلَم. وَالثَّانِي أَنَّهَا تُتَأَوَّل عَلَى حَسَب مَا يَلِيق بِتَنْزِيهِ اللَّه تَعَالَى, وَأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء . قَالَ الْمَازِرِيُّ: هَذَا الْحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ ثَابِت, وَرَوَاهُ بَعْضهمْ : ( إِنَّ اللَّه خَلَقَ آدَم عَلَى صُورَة الرَّحْمَن ) , وَلَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْد أَهْل الْحَدِيث, وَكَأَنَّ مَنْ نَقَلَهُ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي وَقَعَ لَهُ, وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ. قَالَ الْمَازِرِيّ: وَقَدْ غَلِطَ اِبْن قُتَيْبَة فِي هَذَا الْحَدِيث, فَأَجْرَاهُ عَلَى ظَاهِره , قَالَ: لِلَّهِ تَعَالَى صُورَة لَا كَالصُّوَرِ . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ظَاهِر الْفَسَاد; لِأَنَّ الصُّورَة تُفِيد التَّرْكِيب, وَكُلّ مُرَكَّب مُحْدَث, وَاَللَّه تَعَالَى لَيْسَ هُوَ مُرَكَّبًا , فَلَيْسَ مُصَوَّرًا . قَالَ : وَهَذَا كَقَوْلِ الْمُجَسِّمَة : جِسْم لَا كَالْأَجْسَامِ لَمَّا رَأَوْا أَهْل السُّنَّة يَقُولُونَ : الْبَارِي سُبْحَانه وَتَعَالَى شَيْء لَا كَالْأَشْيَاءِ طَرَدُوا الِاسْتِعْمَال فَقَالُوا : جِسْم لَا كَالْأَجْسَامِ . وَالْفَرْق أَنَّ لَفْظ شَيْء لَا يُفِيد الْحُدُوث , وَلَا يَتَضَمَّن مَا يَقْتَضِيه , وَأَمَّا جِسْم وَصُورَة فَيَتَضَمَّنَانِ التَّأْلِيف وَالتَّرْكِيب , وَذَلِكَ دَلِيل الْحُدُوث . قَالَ : الْعَجَب مِنْ اِبْن قُتَيْبَة فِي قَوْله : صُورَة لَا كَالصُّوَرِ , مَعَ أَنَّ ظَاهِـــر الْحَــدِيث عَلَى رَأْيه يَقْتَضِي خَلْق آدَم عَلَى صُـــــــورَته , فَالصُّورَتَانِ عَلَى رَأْيه سَوَاء , فَإِذَا قَالَ : لَا كَالصُّوَرِ تَنَاقَض قَوْله . وَيُقَال لَهُ أَيْضًا : إِنْ أَرَدْت بِقَوْلِك : صُورَة لَا كَالصُّوَرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤَلَّفٍ وَلَا مُرَكَّب فَلَيْسَ بِصُورَةٍ حَقِيقِيَّة , وَلَيْسَتْ اللَّفْظَة عَلَى ظَاهِرهَا , وَحِينَئِذٍ يَكُون مُوَافِقًا عَلَى اِفْتِقَاره إِلَى التَّأْوِيل , وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي تَأْوِيله فَقَالَتْ طَائِفَة : الضَّمِير فِي ( صُورَته ) عَائِد عَلَى الْأَخ الْمَضْرُوب , وَهَذَا ظَاهِر رِوَايَة مُسْلِم , وَقَالَتْ طَــائِفَة : يَعُود إِلَى آدَم , وَفِيهِ ضَعْف , وَقَالَتْ طَائِفَة : يَعُود إِلَى اللَّه تَعَالَى , وَيَكُون الْمُرَاد إِضَافَة تَشْرِيف وَاخْتِصَاص كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { نَاقَة اللَّه } وَكَمَا يُقَال فِي الْكَعْبَة : بَيْت اللَّه وَنَظَائِره . وَاَللَّه أَعْلَم" (صحيح مسلم بشرح النووي :البر والصلة والآداب ؛ النهي عن ضرب الوجه)


سادسا : إضافة صفة الهرولة لله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا:

"عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: إذا تقرب عبدي مني شبرا تقربت منه ذراعا، وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا أو بوعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة"
 ( مسلم : الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ؛فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله)

سابعا : جعلوا لله دارا يُسْتَأْذَنُ عليه فيها،ويدخلها النبي صلى الله عليه وسلم ويسأل حاجته ثم يخرج ،  سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا
جاء في حديث طويل في الشفاعة: "عن أنس رضى الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
... فيأتون عيسى فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم، عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، فيقول: ارفع محمد، وقل يسمع، واشفع تشفع، وسل ، قال: فأرفع رأسي، فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، فيحد لي حدا فأخرج فأدخلهم الجنة، قال قتادة: وسمعته أيضا يقول: فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأستأذن على ربي في داره، فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول، ارفع محمد، وقل يسمع، واشفع تشفع، وسل تعط، قال: فأرفع رأسي، فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، قال: ثم أشفع، فيحد لي حدا فأخرج فأدخلهم الجنة، قال قتادة: وسمعته يقول فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، ثم أعود الثالثة، فأستأذن على ربي في داره، فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت له ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: ارفع محمد، وقل يسمع، واشفع تشفع، وسل تعطه، قال: فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، قال: ثم أشفع، فيحد لي حدا فأخرج فأدخلهم الجنة، قال قتادة: وقد سمعته يقول: فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، حتى ما يبقى في النار إلا من حبسه القرآن، أي وجب عليه " (البخاري: كتاب التوحيد ، باب وجوه إلى ربها ناضرة.)

ثامنا :هل يضع الله سبحانه وتعالى ذنوب المسلمين على اليهود والنصارى ؟
"عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يجئ يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى، فيما أحسب أنا، قال أبو روح: لا أدرى ممن الشك، قال أبو بردة: فحدثت به عمر بن عبد العزيز فقال: أبوك حدثك هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، قلت نعم" (مسلم:كتاب التوبة ؛ قبول توبة القاتل وإن كثر قتله)

يقول الله سبحانه وتعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ" (فصلت : 46)
ويقول سبحانه وتعالى: "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى" (فاطر : 18)
ويقول سبحانه وتعالى: "ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ ذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ .
(يونس : 52 )
اللهم إنا نبرأ إليك من أقوال تُنْسَبُ إلى رسولك صلى الله عليه وسلم، لم يقلها، تؤذيك،  وتؤذي رسولك صلى الله عليه وسلم.


روى الشيخان في صحيحيهما أحاديث يخالف بعضها بعضا، ويصعب التوفيق بينها، حتى أنك لتجد في الحديث الواحد اختلافا كثيرا.
 "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُوا۟ فِيهِ ٱخْتِلَٰفًۭا كَثِيرًۭا" ( النساء : 82 )
اقرأ الحديث التالي الذي رواه البخاري رحمه الله، وتدبر مقدار ما فيه من الاختلاف :
"عن جابر رضي الله تعالى عنه، أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فمر النبي صلى الله عليه وسلم فضربه فدعا له، فسار بسير ليس يسير مثله، ثم قال: بعنيه بوقية، قلت لا، ثم قال: بعنيه بوقية، فبعته، فاستثنيت حملانه إلى أهلي، فلما قدمنا أتيته بالجمل ونقدني ثمنه، ثم انصرفت، فأرسل على إثري، قال: ما كنت لآخذ جملك، فخذ جملك فهو مالك...
...وقال بن جريج عن عطاء وغيره عن جابر، أخذته بأربعة دنانير، وهذا يكون وقية على حساب الدينار بعشرة دراهم، ولم يبين الثمن مغيرة عن الشعبي عن جابر، وابن المنكدر وأبو الزبير عن جابر، وقال الأعمش عن سالم عن جابر: وقية ذهب وقال أبو إسحاق عن سالم عن جابر: بمائتي درهم، وقال داود بن قيس عن عبيد الله بن مقسم عن جابر: اشتراه بطريق تبوك أحسبه قال: بأربع أواق وقال أبو نضرة عن جابر: اشتراه بعشرين دينارا وقول الشعبي: بوقية أكثر الاشتراط أكثر وأصح عندي، قاله أبو عبد الله" (البخاري :الشروط ؛ إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز)
ولن نذكر جميع الأحاديث التي ورد فيها اختلاف، وسنكتفي بذكر بعضها، حتى لا يمل القارئ.


1.    "عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة قال: كان لسليمان ستون امرأة، فقال لأطوفن عليهن الليلة فتحمل كل واحدة منهن فتلد كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله، فلم تحمل منهن إلا واحدة، فولدت نصف إنسان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان استثنى لولدت كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله" ( مسلم :الإيمان ؛ الاستثناء)

2.    "عن طاوس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال سليمان بن داود نبي الله: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كلهن تأتي بغلام يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه أو الملك: قل: إن شاء الله، فلم يقل ونسي، فلم تأت واحدة من نسائه إلا واحدة جاءت بشق غلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولو قال إن شاء الله، لم يحنث، وكان دركا له في حاجته"  (مسلم :الإيمان ؛ الاستثناء)

3.     "عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة  تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: إن شاء الله فلم يقل، ولم تحمل شيئا إلا واحدا ساقطا أحد شقيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قالها لجاهدوا في سبيل الله، قال شعيب وابن أبي الزناد تسعين وهو أصح" ( البخاري : الأنبياء ؛ قول الله تعالى ؛ ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب)

4.    "عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلها تأتي بفارس يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله، فطاف عليهن جميعا، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة، فجاءت بشق رجل، وأيم الذي نفس محمد بيده، لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون" ( مسلم :الإيمان ؛ الاستثناء في الأيمان‏)

5.    "عن‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال:  ‏قال ‏ ‏سليمان بن داود ‏ ‏عليهما السلام: ‏ ‏لأطوفن الليلة بمائة امرأة تلد كل امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله، فقال له الملك: قل إن شاء الله، فلم يقل، ونسي، فأطاف بهن ولم تلد منهن إلا امرأة نصف إنسان، قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم:‏ ‏لو قال إن شاء الله لم ‏ ‏يحنث،‏ ‏وكان أرجى لحاجته" ‏( البخاري : النكاح ؛ قول الرجل لأطوفن الليلة على نسائي)

6.     "عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين ، كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله، فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة،جاءت بشق رجل، والذي نفس محمد بيده، لو قال إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمـــــــــعون"
(البخاري :الجهاد والسير؛ من طلب الولد للجهاد)
هذه خمس روايات يخالف بعضها بعضا ، ولو افترضنا صحة إحدى هذه الروايات الخمس، فلا بد أن تكون الأربع الأخرى غير صحيحة. ليس كل ما في الصحيحين صحيح .
مائة امرأة في ليلة واحدة، كل امرأة عشر دقائق ما بين دخول بيتها وخلع إزار وقضاء حاجته منها، ثم لبس الإزار والخروج إلى بيت المرأة الأخرى، الناتج سبع عشرة ساعة تقريبا في ليلة واحدة.

ثانيا : متى يكتب رزق الإنسان وأجله وعمله؟ أبعد مائة وعشرين يوما؟ أم بعد أربعين ليلة؟ أم بعد خمس وأربعين؟ أم بعد ثنتان وأربعون ليلة !؟

1.     "عن عبد الله قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات، بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها، وان أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها" (متفق عليه. البخاري : الأنبياء ؛ خلق آدم صلوات الله عليه وذريته / مسلم : القدر ؛كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله...)

40 يوما يجمع خلقه في بطن أمه + 40يوما علقة +40يوما مضغة = 120 يوما
2.     "عن حذيفة بن أسيد يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة، فيقول: يا رب، أشقي أو سعيد؟ فيكتبان، فيقول: أي رب أذكر أو أنثى؟ فيكتبان ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه، ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص" ( مسلم : القدر ؛كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله...)

3.     "عن عامر بن واثلة، أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول: الشقي من شقى في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره، فأتى رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له حذيفة بن أسيد الغفاري، فحدثه بذلك من قول بن مسعود، فقال: وكيف يشقى رجل بغير عمل؟ فقال له الرجل: أتعجب من ذلك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضى ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب، أجله؟ فيقول ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب، رزقه؟ فيقضى ربك ما شاء ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده، فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص" ( مسلم : القدر ؛كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله...)

إذا افترضنا أن إحدى هذه الروايات صحيحة ، فلا بد أن تكون الروايات الأخرى غير صحيحة.


ثالثا : هل يؤم عيسى بن مريم عليه السلام المسلمين أم أن إمامهم منهم ؟

1.      "عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنتم إذا نزل بن مريم فيكم وَإِمامكم منكم" (متفق عليه. البخاري :الأنبياء ؛ نزول عيسى بن مريم عليهما السلام / مسلم : الإيمان ؛ نزول عيسى بن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم)

2.      "عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنتم إذا نزل بن مريم فيكم وأمكم"
(
مسلم : الإيمان ؛ نزول عيسى بن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم )

3.      "عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كيف أنتم إذا نزل فيكم بن مريم فأمكم منكم، فقلت لابن أبي ذئب: إن الأوزاعي حدثنا عن الزهري عن نافع عن أبي هريرة: وإمامكم منكم، قال بن أبي ذئب: تدري ما أمكم منكم؟ قلت: تخبرني، قال: فأمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم" (مسلم : الإيمان ؛ نزول عيسى بن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم)

4.      "عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة" (مسلم : الإيمان ؛ نزول عيسى بن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم)
لاحظ  التلاعب بالألفاظ  :  وَإِمامكم منكم   وأمكم فأمكم منكم
رابعا: هل نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر، أم أن هذا وهم من عمر بن الخطاب رضي الله عنه

أما الأحاديث التي تبين رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر، فمنها:
1.    "عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاتين: بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس" (متفق عليه. البخاري : مواقيت الصلاة ؛ الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس / مسلم : صلاة المسافرين وقصرها ، الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها )

2.    "عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس" (متفق عليه" البخاري : مواقيت الصلاة ؛ لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس / مسلم : صلاة المسافرين وقصرها ، الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها)

3.    "عن معاوية قال: إنكم لتصلون صلاة لقد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيناه يصليها، ولقد نهى عنهما، يعني الركعتين بعد العصر" (البخاري : مواقيت الصلاة ؛ لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس)
أما الأحاديث التي تبين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينه عن الصلاة بعد العصر، وكان صلى الله عليه وسلم يحافظ على صلاة ركعتين بعد صلاة العصر، فمنها:
1.    "عن عائشة أنها قالت: وَهِمَ عمر، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها" ( مسلم : صلاة المسافرين وقصرها ؛لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها)

2.    "عن عائشة أنها قالت: لم يدع رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر، قال، فقالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها فتصلوا عند ذلك" ( مسلم : صلاة المسافرين وقصرها ؛لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها)

3.    "عن عائشة قالت: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين" . (البخاري : مواقيت الصلاة ؛ ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها)

4.    "عن عائشة قالت: ركعتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعهما سرا ولا علانية، ركعتان قبل صلاة الصبح، وركعتان بعد العصر" (متفق عليه. البخاري : مواقيت الصلاة ؛ ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها / مسلم : صلاة المسافرين وقصرها ؛ معرفة الركعتين اللتين  كان يصليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العصر)

5.    "عن بن عمر قال: أصلي كما رأيت أصحابي يصلون، لا أنهى أحدا يصلي بليل ولا نهار ما شاء، غير أن لا تحروا طلوع الشمس ولا غروبها" ( البخاري : مواقيت الصلاة ؛ من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر)
خامسا: ما أول ما نزل من القرآن؟ المدثر ، أم العلق؟ وهل جاء الوحي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في غار حراء ، أم بعد أن هبط من جواره في غار حراء ؟

1.    "عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء، يتحنث فيه، وهو التعبد الليالي أولات العدد، قبل أن يرجع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى فجئه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ: قال: قلت: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: " اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم" فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع" (متفق عليه . البخاري : بدء الوحي ؛كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم / مسلم :الإيمان ؛بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم )
2.     "عن يحيى بن أبي كثير: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن قال: { يا أيها المدثر } قلت يقولون { اقرأ باسم ربك الذي خلق }  فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنهما عن ذلك، وقلت له مثل الذي قلت، فقال جابر: لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: جاورت بحراء، فلما قضيت جواري هبطت فنوديت، فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ونظرت أمامي فلم أر شيئا ونظرت خلفي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فرأيت شيئا، فأتيت خديجة فقلت: دثروني وصبوا علي ماء باردا، قال: فدثروني وصبوا علي ماء باردا، قال: فنزلت { يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر}" (متفق عليه. البخاري : التفسير ؛ تفسير المدثر / مسلم :الإيمان ؛بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)

 

م م رشيد

 
دعوة للتصحيح ، ليس كل ما في الصحيحين صحيح 


اضعط الرابط


Aucun commentaire: