samedi 7 janvier 2017

دعـوة للتصحيــــح ليس كل ما في الصحيحــين صحيــــح

دعـوة للتصحيــــح
ليس كل ما في الصحيحــين صحيــــح
الفهــــــــرس
لمقدمـــــــــــــة             

ملحق (2) : إذا كنت تنكر السنة ، فهل تستطيع أن تخبرنا من خلال القرآن ، ما عدد ركعات الظهر أو العصر.

ملحق (3 ) : بين العقل والنقل

ملحق (4 ) : ما معنى مسّ الشيطان للإنسان ، وما حقيقته ؟

ملحق ( 5 ) : هل يتمثل الجن على صورة الإنسان أو الحيوان !؟؟

ملحق ( 6 ): صحيحا البخاري ومسلم ليسا هما السنة

ملحق ( 7 ) : حديث زواج النبي بعائشة وهي ابنة تسع سنين: مكذوبٌ، مكذوبٌ، مكذوب.

ملحق ( 8 ) : بــــــــراءة

ملحق ( 9 ) :امصص ببظر اللات

ملحق ( 10 ) : سنة رسول الله وسنة الفقهاء والمحدثين

                     




سادسا:استقبال القبلة أو استدبارها ببول أو غائط
1.    "عن أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط، ولكن شرقوا أو غربوا، قال أبو أيوب: فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة، فننحرف عنها ونستغفر الله، قال: نعم" (متفق عليه. البخاري : الصلاة ؛ قبلة أهل المدينة، وأهل الشأم، والمشرق /  مسلم : الطهارة ؛ الاستطابة)
2.    "عن عبد الله بن عمر قال: يقول ناس إذا قعدت للحاجة تكون لك فلا تقعد مستقبل القبلة ولا بيت المقدس، قال عبد الله: ولقد رقيت على ظهر بيت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته" ( متفق عليه.البخاري :الوضوء ؛ التبرز في البيوت / مسلم : الطهارة ؛ الاستطابة)
ولو أمكن الجمع بين الحديثين لجمع بينهما ابن عمر رضي الله عنهما ولما أنكر على الذين يقولون بالنهي عن استقبال القبلة أو بيت المقدس إذا قعد للحاجة.

1.    "عن بن عباس قال: ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن وما رآهم، انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالو: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب، قالوا: ما ذاك إلا من شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة، وهو بنخل عامدين إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فرجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا، " إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا " فأنزل الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم " قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن"  (متفق عليه .واللفظ لمسلم) ولم يذكر البخاري قول بن عباس في أول الحديث " ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن وما رآهم "وذكر البخاري في آخر الحديث: " وإنما أوحي إليه قول الجن" (متفق عليه. البخاري :التفسير ؛تفسير سورة الجن "قل أوحي إلي" / مسلم :الصلاة ؛الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن)

2.     عن علقمة قال : أنا سألت بن مسعود فقلت: هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن، قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا: استطير أو اغتيل، قال: فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا، إذا هو جاء من قبل حراء، قال: فقلنا: يا رسول الله، فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فقال آتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد، فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علف لدوابكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تستنجوا بهما، فإنهما طعام إخوانكم (مسلم : الصلاة ؛الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن)
ونسأل : ماذا كان زاد الجن  قبل ذلك ، وماذا كان علف دوابهم

1.    "عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود، قلت: يا أبا ذر، ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر، قال يا بن أخي: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال: الكلب الأسود شيطان" (مسلم :الصلاة ؛ قدر ما يستر المصلي)

2.    "عن عائشة وذكر عندها ما يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة فقالت عائشة: قد شبهتمونا بالحمير والكلاب، والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وإني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة، فتبدو لي الحاجة، فأكره أن أجلس فأوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنسل من عند رجليه" ( متفق عليه . البخاري : الصلاة ؛ من قال لا يقطع الصلاة شيء / مسلم :الصلاة ؛ الاعتراض بين يدي المصلي)

روى مسلم أحاديث تبين أن الرجل إذا أتى أهله ولم  ينزل، يغسل ذكره ويتوضأ ، ولا غسل عليه:
1.    "عن أبي سعيد الخدري قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين إلى قباء، حتى إذا كنا في بني سالم، وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب عتبان، فصرخ به فخرج يجر إزاره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعجلنا الرجل، فقال عتبان: يا رسول الله، أرأيت الرجل يعجل عن امرأته ولم يمن، ماذا عليه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الماء من الماء" (مسلم : الحيض ؛ إنما الماء من الماء)
2.    "عن أبي بن كعب قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يصيب من المرأة ثم يكسل فقال: يغسل ما أصابه من المرأة، ثم يتوضأ ويصلي" (مسلم : الحيض ؛ إنما الماء من الماء)
ثم روى أحاديث أخرى تخالف هذه الأحاديث، ووضعها تحت باب: نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين :
1.    "عن أبي هريرة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب عليه الغسل، وفي حديث مطر- وإن لم ينزل-  قال زهير من بينهم: بين أشعبها الأربع" (مسلم : الحيض : نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين)

2.     "عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل، هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل" ( مسلم : الحيض : نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين)
وروى البخاري، عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وأبي بن كعب" أن الرجل إذا جامع امرأته فلم يمن يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره أي لا غسل عليه"
"عن زيد بن خالد الجهني، أنه سأل عثمان بن عفان فقال: أرأيت إذا جامع الرجل امرأته فلم يمن؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره، قال عثمان: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت عن ذلك: علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وأبي بن كعب، رضي الله تعالى عنهم، فأمروه بذلك، قال يحيى: وأخبرني أبو سلمة:أن عروة بن الزبير أخبره: أن أبا أيوب أخبره: أنه سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم " ( البخاري : كتاب الغسل ؛غسل ما يصيب من فرج المرأة)
فهل يجهل عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وأبي بن كعب، وأبو أيوب، رضي الله تعالى عنهم جميعا نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين، ويعلمه مسلم ؟
وكيف علم مسلم نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين وليس العكس؟ أي نسخ الغسل بالتقاء الختانين،  وخاصة أن حديث عائشة رضي الله عنها:" إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل" وعلى فرض صحة الحديث، وهو أمر مستبعد لأنه من الأحاديث التي تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين، فإن الغسل من التقاء الختانين كان في بداية العهد المدني، لأن الرجل سأل النبي صلى الله عليه وسلم أمام عائشة رضي الله عنها،ولا بد أن يكون ذلك قبل نزول آية الحجاب، فالأرجح أن أحاديث الماء للماء هي التي نسخت الغسل للالتقاء الختانين وليس العكس -على فرض صحة حديث عائشة رضي الله عنها-
وهذا البخاري رحمه الله، لا يجزم أيهما نسخ الآخر، وإنما يقول أن الغسل أحوط:
"عن أبي بن كعب أنه قال: يا رسول الله، إذا جامع الرجل المرأة فلم ينزل؟ قال: يغسل ما مس المرأة منه ثم يتوضأ ويصلي، قال أبو عبد الله الغسل أحوط وذاك الآخر وإنما بينا لاختلافهم" (البخاري : كتاب الغسل ؛غسل ما يصيب من فرج المرأة)

عاشرا: هل يعذب الله قوما ويجعل لهم نسلا ؟

"عن عبد الله قال: قالت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم أمتعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة، لن يعجل شيئا قبل حله أو يؤخر شيئا عن حله، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار أو عذاب في القبر كان خيرا وأفضل، قال: وذكرت عنده القردة، قال مسعر: - وأراه قال والخنازير- من مسخ فقال: إن الله لم يجعل لمسخ نسلا ولا عقبا، وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك" ( مسلم :القدر ؛ بيان أن الآجال والأرزاق لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر)

وهذه أحاديث تخالف الحديث السابق وتبين أن الله سبحانه وتعالى يجعل لمسخ نسلا وعقبا:

1.    :عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقدت أمة من بنى إسرائيل، لا يدري ما فعلت، ولا أراها إلا الفأر، ألا ترونها إذا وضع لها ألبان الإبل لم تشربه، وإذا وضع لها ألبان الشاء شربته، قال أبو هريرة: فحدثت هذا الحديث كعبا فقال: آنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: نعم، قال ذلك مرارا، قلت: أقرأ التوراة؟ قال إسحاق في روايته: لا ندري ما فعلت"(متفق عليه. البخاري :بدء الخلق ؛ خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال / مسلم : الزهد والرقائق ؛ في الفأر وأنه مسخ)

( وهل كانوا يضعون ألبان الإبل والشاء للفئران !!!!!؟؟؟؟؟؟)

2.    "عن جابر بن عبد الله قال: أُتِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب فأبى أن يأكل منه وقال: لا أدري لعله من القرون التي مسخت" (مسلم : الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان  ؛ إباحة الضب )

3.    "عن أبي سعيد أن أعرابيا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني في غائط مضبة، وإنه عامة طعام أهلي، قال: فلم يجبه، فقلنا: عاوده، فعاوده فلم يجبه ثلاثا، ثم ناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثالثة فقال: يا أعرابي، إن الله لعن أو غضب على سبط من بني إسرائيل، فمسخهم دواب يدبون في الأرض، فلا أدري لعل هذا منها، فلست آكلها ولا أنهى عنها"  (مسلم : الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان  ؛ إباحة الضب)


حادي عشر: متى صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء؟

هل صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء في مكة قبل الهجرة، لأن قريشا كانت تصومه في الجاهلية، أم صامه بعد قدومه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لما رأى اليهود يصومونه؟ .
1.    "عن عائشة قالت: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان، ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه" (متفق عليه. البخاري : الصوم ؛صيام يوم عاشوراء / مسلم :الصوم ؛ صوم يوم عاشوراء)

2.    "عن عبد الله قال: دخل عليه الأشعث وهو يطعم فقال: اليوم عاشوراء، فقال: كان يصام قبل أن ينزل رمضان، فلما نزل رمضان ترك، فادن فكل" ( البخاري :التفسير ؛ "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" 183)

3.    "عن ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏قال:  ‏قدم النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏المدينة ‏ ‏فرأى ‏ ‏اليهود ‏ ‏تصوم يوم عاشوراء فقال: ‏ ‏ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله ‏ ‏بني إسرائيل ‏ ‏من عدوهم ،فصامه ‏ ‏موسى، ‏ ‏قال: فأنا أحق ‏ ‏بموسى ‏ ‏منكم، فصامه وأمر بصيامه" (متفق عليه" البخاري : صيام يوم عاشوراء / مسلم : الصوم ؛ صوم يوم عاشوراء)



ثاني عشر: هل أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفردا أم أهل بحج وعمرة ؟

1.      "عن ‏ ‏ابن عمر  ‏ ‏في رواية ‏ ‏يحيى ‏ ‏قال‏:أهللنا ‏ ‏مع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بالحج ‏ ‏مفردا، وفي رواية ‏ ‏ابن عون:‏ ‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم‏ ‏أهل‏ ‏بالحج‏ ‏مفردا" ‏( مسلم :الحج ؛ في الإفراد والقران في الحج والعمرة)

2.      "عن أنس  رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بهما جميعا، لبيك عمرة وحجا، لبيك عمرة وحجا" ( مسلم : الحج ؛ إهلال النبي صلى الله عليه وسلم وهديه)

3.      "عن ‏ ‏بكر ‏ ‏عن ‏ ‏أنس ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال: سمعت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يلبي بالحج والعمرة جميعا، ‏قال ‏ ‏بكر ‏ ‏فحدثت بذلك ‏ ‏ابن عمر، ‏ ‏فقال: ‏ ‏لبى بالحج وحده‏فلقيت ‏ ‏أنسا ‏ ‏فحدثته بقول ‏ ‏ابن عمر ‏ ‏فقال ‏ ‏أنس: ‏ ‏ما تعدوننا إلا صبيانا، سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول: ‏ ‏لبيك عمرة وحجا" ‏(مسلم :الحج ؛ في الإفراد والقران في الحج والعمرة)

1.      عن أبي جحيفة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض قد شاب ، كان الحسن بن علي يشبهه (مسلم : الفضائل ؛ شيبه صلى الله عليه وسلم)

2.      عن أنس بن مالك أنه سمعه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم:ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، وليس بالأبيض الأمهق، ولا بالآدم، ولا بالجعد القطط، ولا بالسبط، بعثه الله على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنة وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء . (مسلم : الفضائل ؛ في صفة النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه وسنه)

3.      عن محمد بن سيرين قال: سألت أنس بن مالك: أخضب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنه لم ير من الشيب إلا قليلا" (متفق عليه . البخاري : اللباس ؛ ما يذكر في الشيب / مسلم : الفضائل ؛ شيبه صلى الله عليه وسلم )

1.      "عن جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنهما قال: عطش الناس يوم الحديبية، والنبي صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة، فتوضأ، فجهش الناس نحوه فقال: ما لكم؟ قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك، فوضع يده في الركوة، فجعل الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا، قلت: كم كنتم؟ قال لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة " (البخاري : المناقب ؛ علامات النبوة في الإسلام)

2.      "عن البراء رضي الله تعالى عنه قال: كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة، والحديبية بئر، فنزحناها حتى لم نترك فيها قطرة، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم على شفير البئر، فدعا بماء فمضمض ومج في البئر، فمكثنا غير بعيد، ثم استقينا حتى روينا وروت أو صدرت ركائبنا" (البخاري:المناقب؛ علامات النبوة في الإسلام)

1.           "عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يشربن أحد منكم قائما،فمن نسي، فليستقئ " (مسلم : الأشربة ؛ كراهية الشرب قائما )

2.           "عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما" (مسلم : الأشربة ؛ كراهية الشرب قائما)

والحديثان التاليان يخالفان الحديثين السابقين ويبينان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب وهو قائم
1.           "عن النزال قال: أُتِىَ علي رضي الله تعالى عنه على باب الرحبة بماء، فشرب قائما فقال: إن ناسا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم، وإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت"
 (البخاري : الأشربة ؛ الشرب قائما)

2.           عن بن عباس قال:" سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم" (البخاري: كتاب الحج؛ باب ما جاء في زمزم مسلم:كتاب الأشربة؛ باب الشرب من زمزم قائما)

1.      عن سهل بن سعد أن عويمرا أتى عاصم بن عدي وكان سيد بني عجلان فقال: كيف تقولون في رجل وجد مع امرأته رجلا؟ أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يصنع؟ سل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأتى عاصم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل، فسأله عويمر، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره المسائل وعابها، قال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فجاء عويمر فقال: يا رسول الله رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك، فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملاعنة بما سمى في كتابه فلاعنها، ثم قال: يا رسول الله، إن حبستها فقد ظلمتها، فطلقها، فكانت سنة لمن كان بعدهما في المتلاعنين، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظروا، فإن جاءت به؛ أسحم أدعج العينين عظيم الأليتين خدلج الساقين، فلا أحسب عويمرا إلا قد صدق عليها، وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة، فلا أحسب عويمرا إلا قد كذب عليها، فجاءت به على النعت الذي نعت به رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصديق عويمر، فكان بعد ينسب إلى أمه . (البخاري : الطلاق ؛ من أجاز طلاق الثلاث  - مسلم :اللعان ؛ اللعان.)

2.      "عن بن عباس: أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: البينة أو حد في ظهرك، فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة؟ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول البينة وإلا حد في ظهرك، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل وأنزل عليه { والذين يرمون أزواجهم } فقرأ حتى بلغ { إن كان من الصادقين } فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليها، فجاء هلال فشهد والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة وقفوها، وقالوا: إنها موجبة، قال بن عباس: فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ، فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الإليتين خدلج الساقين فهو لشريك بن سحماء، فجاءت به كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن"( متفق عليه. البخاري : التفسير؛ "سورة النور ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين" 8 / مسلم :اللعان ؛ اللعان)
ولنقرأ بعض ما جاء في شرح ابن حجر رحمه الله للحديث :"وقد اختلف الأئمة في هذا الموضع : فمنهم من رجح أنها نزلت في شأن عويمر ، ومنهم من رجح أنها نزلت في شأن هلال ، ومنهم من جمع بينهما بأن أول من وقع له ذلك هلال وصادف مجيء عويمر أيضا فنزلت في شأنهما معا في وقت واحد" (فتح الباري : التفسير؛ " سورة النور ،ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين)
وقال ابن حجر: "وقد أنكر جماعة ذكر هلال فيمن لاعن ، قال القرطبي : أنكره أبو عبد الله بن أبي صفرة أخو المهلب وقال : هو خطأ ، والصحيح أنه عويمر . وسبقه إلى نحو ذلك الطبري وقال ابن العربي : قال الناس : هو وهم من هشام بن حسان ، وعليه دار حديث ابن عباس وأنس بذلك . وقال عياض في " المشارق " كذا جاء من رواية هشام بن حسان ولم يقله غيره ، وإنما القصة لعويمر العجلاني ، قال : ولكن وقع في " المدونة " في حديث العجلاني ذكر شريك . وقال النووي في مبهماته : اختلفوا في الملاعن على ثلاثة أقوال عويمر العجلاني ، وهلال بن أمية ، وعاصم بن عدي . ثم نقل عن الواحدي أن أظهر هذه الأقوال أنه عويمر . وكلام الجميع متعقب أما قول ابن أبي صفرة فدعوى مجردة ، وكيف يجزم بخطأ حديث ثابت في الصحيحين مع إمكان الجمع" ( فتح الباري : التفسير؛ " سورة النور ،ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين)
وكون رسول الله صلى الله عليه وسلم كره المسائل وعابها، عندما سأله عاصم بن عدي، كما جاء في رواية البخاري:" فسأل عاصم عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها" دليل على أن الآيات لم تكن قد أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سأله عاصم بن عدي،  وقول النبي صلى الله عليه وسلم لهلال بن أمية في الحديث الثاني (البينة أو حد في ظهرك) دليل على أن الآيات لم تكن قد أنزلت عندما سأل هلال الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعويمر" قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك"دليل على أنها أنزلت في عويمر،وما جاء في حديث هلال:" فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل وأنزل عليه
 { والذين يرمون أزواجهم }" دليل على أنها أنزلت في هلال؛ وهذا ينفي إمكانية الجمع بين الحديثين التي ذهب إليها ابن حجر رحمه الله.
كما نلاحظ تكرار نفس الوصف للمولود المنتظر في الحديثين، فقد جاءت في الحديث الأول عبارة: "انظروا فإن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الأليتين خدلج الساقين" وفي الحديث الثاني جاءت عبارة "فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الإليتين خدلج الساقين" ، ولا أظن ذلك مصادفة؟
سابع عشر:أي عيني الدجال عوراء، اليمنى أم اليسرى؟
1.       "عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدجال أعور العين اليسرى، جفال الشعر، معه جنة ونار، فناره جنة، وجنته نار" (مسلم : الفتن وأشراط الساعة ؛ ذكر الدجال وصفته وما معه)
2.           "عن عبد الله بن عمر ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بين ظهراني الناس المسيح الدجال فقال : إن الله ليس بأعور، ألا إن المسيح الدجال أعور عين اليمنى، كأن عيينة عنبة طافية..."(متفق عليه . البخاري : الأنبياء ؛ واذكر في الكتاب مريم / مسلم : الإيمان ؛ ذكر المسيح بن مريم والمسيح الدجال)




لعل من أكثر الأحاديث التي تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونجد فيها اختلافا كثيرا، أحاديث ما يسمى بنكاح المتعة ، فرأيت أن أفردها بباب مستقل لبيان أهميتها وخطورة موضوعها ، وخاصة أن الشيعة الإثني عشرية ما زالوا يعملون بهذه الفاحشة ، ويحتجون علينا أن نكاح المتعة موجود في البخاري ومسلم . وسنناقش الموضوع إن شاء الله من عدة جوانب:
متى رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بنكاح المتعة ومتى نهى عنه ؟
1.                  هل كان نكاح المتعة مشروعا في بداية الدعوة الإسلامية، ثم نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر في السنة السادسة للهجرة ؟
"عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية"(مسلم : النكاح ؛نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم ..."
2.                  هل رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بنكاح المتعة، يوم فتح مكة، ثم نهى عنه قبل أن يخرجوا من مكة، في السنة الثامنة للهجرة ؟
1-       "عن الربيع بن سبرة أن أباه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة، قال: فأقمنا بها خمس عشرة- ثلاثين بين ليلة ويوم- فأذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء، فخرجت أنا ورجل من قومي ولي عليه فضل في الجمال، وهو قريب من الدمامة، مع كل واحد منا برد، فبردي خلق، وأما برد بن عمي فبرد جديد غض، حتى إذا كنا بأسفل مكة أو بأعلاها، فتلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة، فقلنا: هل لك أن يستمتع منك أحدنا؟ قالت: وماذا تبذلان؟ فنشر كل واحد منا برده، فجعلت تنظر إلى الرجلين، ويراها صاحبي تنظر إلى عطفها، فقال: إن برد هذا خلق وبردي جديد غض، فتقول: برد هذا لا بأس به، ثلاث مرار أو مرتين، ثم استمتعت منها، فلم أخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم" ( مسلم : النكاح ؛نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم ...)
2-       "عن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة، ثم لم نخرج منها حتى نهانا عنها" ( مسلم : النكاح ؛نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم ...)
3.                  هل رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بنكاح المتعة عام أوطاس ثلاثا ، ثم نهى عنها ؟
"عن إياس بن سلمة عن أبيه قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها"( مسلم : النكاح ؛نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم ...)
4.                  هل بقي الصحابة يستمتعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، حتى نهى عنه عمر؟
1-  ”عن عطاء قدم جابر بن عبد الله معتمرا، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال: نعم، استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر"
( مسلم : النكاح ؛نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم ...)
2-  "عن ‏ ‏عبد الله ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال‏: كنا نغزو مع النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وليس معنا نساء، فقلنا ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك. فرخص لنا بعد ذلك أن نتزوج المرأة بالثوب، ثم قرأ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ" (البخاري: التفسير؛ المائدة ، قوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم" 87)
وفي رواية مسلم : كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء، فقلنا ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل" (مسلم : النكاح ؛نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم ...)
يقول بن حجر رحمه الله في شرح الحديث: "وَظَاهِر اِسْتِشْهَاد اِبْن مَسْعُود بِهَذِهِ الْآيَة هُنَا يُشْعِر بِأَنَّهُ كَانَ يَرَى بِجَوَازِ الْمُتْعَة , فَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : لَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ بَلَغَهُ النَّاسِخ , ثُمَّ بَلَغَهُ فَرَجَعَ بَعْد"
ولا دليل عند القرطبي على أن ابن مسعود  رجع عن قوله بجواز المتعة، ولكن الدليل على أنه كان يصر على قوله بجواز المتعة، وينكر على من قال بتحريم المتعة، ويرى أن المتعة من الطيبات التي أحل الله لنا، ولا يجوز تحريمها، وذلك ظاهر في  قراءته للآية الكريمة "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ"هذا إذا افترضنا صحة أحاديث المتعة.
قال القرطبي : "واختلف العلماء كم مرة أبيحت ونسخت ; ففي صحيح مسلم عن عبد الله قال : كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء ; فقلنا : ألا نستخصي ؟ فنهانا عن ذلك , ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل . قال أبو حاتم البستي في صحيحه : قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم " ألا نستخصي " دليل على أن المتعة كانت محظورة قبل أن أبيح لهم الاستمتاع , ولو لم تكن محظورة لم يكن لسؤالهم عن هذا معنى , ثم رخص لهم في الغزو أن ينكحوا المرأة بالثوب إلى أجل ثم نهى عنها عام خيبر , ثم أذن فيها عام الفتح , ثم حرمها بعد ثلاث , فهي محرمة إلى يوم القيامة . وقال ابن العربي : وأما متعة النساء فهي من غرائب الشريعة ; لأنها أبيحت في صدر الإسلام ثم حرمت يوم خيبر , ثم أبيحت في غزوة أوطاس , ثم حرمت بعد ذلك واستقر الأمر على التحريم , وليس لها أخت في الشريعة إلا مسألة القبلة , لأن النسخ طرأ عليها مرتين ثم استقرت بعد ذلك . وقال غيره ممن جمع طرق الأحاديث فيها : إنها تقتضي التحليل والتحريم سبع مرات ; فروى ابن أبي عمرة أنها كانت في صدر الإسلام . وروى سلمة بن الأكوع أنها كانت عام أوطاس . ومن رواية علي تحريمها يوم خيبر . ومن رواية الربيع بن سبرة إباحتها يوم الفتح" (تفسير القرطبي :سورة النساء ؛ آية 24)
حاول الفقهاء التوفيق بين هذه الأحاديث، وقالوا: إن نكاح المتعة كان مباحا في بداية الدعوة، ثم حرم في غزوة خيبر، ثم أبيح في فتح مكة، ثم حرم في فتح مكة ، واعتبر بعضهم  أن فتح مكة وعام أوطاس شيئا واحدا، حيث أن غزوة أوطاس وقعت في نفس عام فتح مكة ، وقالوا: إن بعض الصحابة لم يعلموا بالنهي عن زواج المتعة حتى نهى عنه عمر رضي الله عنه .
ونقول :
أ - لو كان نكاح المتعة مباحا في بداية الدعوة ثم حرم في غزوة خيبر ثم أبيح في فتح مكة ثم حرم في فتح مكة، لما خفي ذلك على الصحابة، ولبينوا ذلك ، ولكن لم يرو عن أحد من الصحابة شيئا من ذلك ، ولكنه اجتهاد من المتأخرين بقصد التوفيق بين هذه الأحاديث وجعلها مقبولة.
ب - الاستنتاج أن عام أوطاس وفتح مكة شيء واحد غير صحيح ، ففي أحاديث الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه ، ذكر فتح مكة تحديدا "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة، ثم لم نخرج منها حتى نهانا عنها" وذكر عام الفتح ، ولو كان المقصود في عام أوطاس فتح مكة لكان أولى أن يذكر ذلك، لأن فتح مكة أشهر وأبلغ أثرا من غزوة أوطاس التي لم يسمع بها كثير من المسلمين، .ويؤيد ما ذهبنا إليه ، الحديث الذي رواه البخاري عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع قالا: كنا في جيش، فأتانا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: إنه قد أذن لكم أن تستمتعوا، فاستمتعوا" (البخاري : النكاح ؛ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة آخرا)
واضح من قول جابر وسلمة "فأتانا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن معهم في ذلك الجيش، وبما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان موجودا يوم خيبر وفي فتح مكة ،فحديث جابر وسلمة يدل على غزوة غير خيبر وفتح مكة، فإما ان تكون أوطاس، والتي لم يشارك بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو غزوة أخرى غير خيبر وفتح مكة وأوطاس وهذا ما يزيد من الإشكالات في أحاديث المتعة . هذا لو افترضنا صحة أحاديث المتعة .
جـ - وقعت غزوة خيبر في السنة السادسة للهجرة ، وفتح مكة في السنة الثامنة للهجرة،  وتولى عمر رضي الله عنه الخلافة في السنة الثالثة عشرة للهجرة ، فهل يمكن لصحابيان جليلان مثل عبد الله بن مسعود ، وجابر بن عبد الله ، رضي الله عنهما أن يجهلا تحريم زواج المتعة كل هذه المدة ؟
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي قال عنه حذيفة رضي الله عنه: " ما أعرف أحدا أقرب سمتا وهديا ودلا بالنبي صلى الله عليه وسلم من بن أم عبد" (البخاري: فضائل الصحابة ؛مناقب عبد الله بن مسعود) .وقال عنه أبو موسى الأشعري رضى الله تعالى عنه: "قدمت أنا وأخي من اليمن، فمكثنا حينا ما نرى إلا أن عبد الله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، لما نرى من دخوله ودخول أمه على النبي صلى الله عليه وسلم" (البخاري: فضائل الصحابة ؛مناقب عبد الله بن مسعود)
وعن أبي الأحوص قال كنا في دار أبي موسى مع نفر من أصحاب عبد الله وهم ينظرون في مصحف فقام عبد الله فقال أبو مسعود: "ما اعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك بعده اعلم بما انزل الله من هذا القائم، فقال أبو موسى: أما لئن قلت ذاك، لقد كان يشهد إذا غبنا، ويؤذن إذا حجبنا" (مسلم : فضائل الصحابة ؛من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه)
هل يمكن لهذا الصحابي الجليل أن يجهل نسخ زواج المتعة لو كان هناك أصلا شيء اسمه زواج المتعة !؟
د - لو كان الصحابة يستمتعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، كما في حديث جابر:"نعم استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر" لعلم بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعلم بهم أبو بكر رضي الله عنه، ولعلم بهم الصحابة الآخرون، ولنهوهم عن الاستمتاع، ولكن لم يرد شيء من ذلك.
هـ - جاء في حديث سبرة الجهني قال:" أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة..." وجاء في حديث إياس بن سلمة عن أبيه قال: "رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها" ولو كانت المتعة مباحة قبل ذلك وحرمت في خيبر، والتي كانت قبل فتح مكة وقبل أوطاس لكانا ذكرا ذلك .
و - الآية الكريمة التي أُطلق عليها آية المتعة- متعة النساء- لا تحتوي على قرينة واحدة تدل على ما يسمى بنكاح المتعة ، كما أن سياق الآيات التي قبلها والتي وبعدها تدل على النكاح الذي شرعه الله سبحانه وتعالى، النكاح الذي تتكون منه الأسرة المسلمة ، نكاح السكينة والمودة والرحمة وليست لذة ساعة ثم يذهب كل في سبيله" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم : 21 )
لنتدبر الآية الكريمة التي  يسمونها آية المتعة- متعة النساء- وما قبلها وما بعدها، فالآيات التي قبلها تبدأ بقوله تعالى: "وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ..."(النساء :22) ولا يمكن حمل ذلك على نكاح المتعة ، فليس مستساغا أن  الرجل كان ينكح زوجة أبيه نكاح متعة قبل نزول هذه الآية ، ثم جاء بعد ذلك قول الله سبحانه وتعال: "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ..."(النساء :23) أيضا يستحيل تأويل الآية الكريمة على أنها تتكلم عن نكاح المتعة ، إلا إذا كان الرجل يتزوج أمه ويتزوج ابنته زواج متعة قبل نزول الآية الكريمة،  ثم تأتي الآية الكريمة التي يسمونها آية المتعة- متعة النساء" وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"(النساء :24) والآيات مترابطة بعضها ببعض بحيث إذا أولنا إحداهن بنكاح المتعة فلا بد أن تكون الآيتان الأخريتان تتكلمان عن نفس الموضوع.
يقول الله سبحانه وتعالى في الآية السابقة "حرمت عليكم" وفي هذه الآية" وأحل لكم ما وراء ذلكم"أي أن الآيتين الكريمتين مرتبطتان ترابطا لا يمكن معه الفصل بينهما"حرمت عليكم ، وأحل لكم"  فإما أن تكون الآيتان تتكلمان عن الزواج الذي فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليه ، أو أن الآيتين تتكلمان عن الزواج المؤقت.
وقوله سبحانه وتعالى:"وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" يفسره حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بعث جيشا إلى أوطاس، فلقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا، فكأن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل الله في ذلك - والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم- أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن" ( مسلم :كتاب الرضاع ؛ جواز وطء المسبية بعد الاستبراء)

"مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ" والإحصان: العفاف، والسفاح: عكس ذلك، يقول القرطبي رحمه الله: "محصنين غير مسافحين " ومحصنة ومحصنة وحصان أي عفيفة , أي ممتنعة من الفسق .
ولنا أن نسأل: هل المتعة إحصان أم سفاح ؟
 وإذا كانت إحصانا ولم تكن سفاحا ، فلماذا نهي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بعد ؟
ففي قوله سبحانه وتعالى محصنين غير مسافحين، دلالة واضحة على أن المقصود بالآية الكريمة الزواج الشرعي الذي يحقق قول الله سبحانه وتعالى:" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً" (الروم : 21)، ولا يمكن أن يكون المقصود ما يسمى بزواج المتعة .
يقول القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: "فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً" "الاستمتاع التلذذ والأجور المهور ; وسمي المهر أجرا لأنه أجر الاستمتاع , وهذا نص على أن المهر يسمى أجرا" (تفسير القرطبي :سورة النساء ؛ آية 24)
ويتبين أن المهر يسمى أجرا ، في قول الله سبحانه وتعالى في سورة الأحزاب:"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنّ" (الأحزاب : 50 ) ولا يستطيع إنسان أن يقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج زواج متعة .
أما قوله سبحانه وتعالى:" وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ" فيمكن فهمه من قوله سبحانه وتعالى:" وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا" (النساء : 4)


ز - يفهم من الأحاديث الأمور التالية :
1-     أن المتعة إنما كانت في السفر أو في الغزو؛ حديث جابر بن عبد الله ‏ ‏وسلمة بن الأكوع :"‏كنا في جيش، فأتانا رسول رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال: ‏ ‏إنه قد أذن لكم أن تستمتعوا فاستمتعوا"(البخاري: النكاح ؛ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة آخرا)
وحديث عبد الله بن مسعود : "كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل" ( مسلم : النكاح ؛نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم ...)
ويحق لنا أن نتساءل:غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن إحداهن تتعدى الأيام أو الأسابيع القليلة على أبعد تقدير،-إذا استثنينا تبوك والتي كانت بعد خيبر وفتح مكة وبعد أوطاس- ولنأخذ مثالا على ذلك فتح مكة، فقد خرج المسلمون من المدينة على ما يذكر بن كثير لعشر مضين من شهر رمضان، وفتحها صلى الله عليه وسلم في العشرين من شهر رمضان، فهل بلغ الشبق بالصحابة في هذه الأيام العشرة أن فكروا بالاستخصاء؟ وهل كان الصحابة يستخصون عندما تلد نساءهم وتنفس إحداهن أربعين يوما ؟
2-     ممن كانت النسوة اللاتي كانوا يستمتعون بهن؟ هل كن مسلمات خرجن معهم من المدينة ، وهذا أمر مستبعد- ولو كان ذلك لتزوجهن الصحابة زواجا دائما، ولما فكروا بالاستخصاء- أم كن مشركات من القوم الذين كانوا يغزونهم ؟ والله سبحانه وتعالى يقول: "وَلَا تَنكِحُوا۟ ٱلْمُشْرِكَٰتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ"
( البقرة : 121)
3-     كان زواج المتعة بغير إذن ولي المرأة وبغير شهود، حديث الربيع بن سبرة عن أبيه:
"حتى إذا كنا بأسفل مكة أو بأعلاها فتلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة، فقلنا: هل لك أن يستمتع منك أحدنا "
هل يستطيع أحد أن يسمي هذا نكاحا !؟
4-     كان زواج المتعة لليال أو سويعات معدودة ، حديث إياس بن سلمة عن أبيه قال:"رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها" وحديث جابر بن عبد الله "كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام"
5-     كان زواج المتعة بثمن بخس لا يسمن ولا يغني من جوع ، حديث جابر بن عبد الله:" كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام"
6-     كانـا يفترقان بعد المتعـة ،ويعود كل منهما إلى وطنه، دون أن يتحققا هل حصل حمل أم لا، وإذا حصل الحمل، فأنى لها أن تبلغه بذلك والمسافة بين وطنيهما تبلغ مئات الأميال، وما مصير الحمل؟ ومن ينفق على المرأة أثناء الحمل وفي فترة الرضاع ؟ أم أنها كانت تنفق من قبضة التمر أو الدقيق الذي استمتع الرجل بها، خاصة إذا علمنا أن المجاعة بلغت بهن حدا إلى أن تمتع المرأة الرجل بنفسها بالقبضة من التمر والدقيق الأيام .
هل هذا نكاح أم سفاح ؟ هل هذا زواج أم بغاء؟ وإذا جاز لنا أن نسميه زواجا ، فلماذا نهى  رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فيما بعد؟ أم نقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحل البغاء ثم حرمه ثم أحله ثم حرمه ثم أحله ثم حرمه...وانتهى الأمر إلى تحريمه؟
ألا تسيء أحاديث المتعة هذه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى دين الله الإسلام؟
لنقرأ هذه الفقرة من حديث الربيع بن سبرة عن أبيه: "حتى إذا كنا بأسفل مكة أو بأعلاها، فتلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة، فقلنا: هل لك أن يستمتع منك أحدنا"
اعرض الحديث على كتاب الله فإن خالف كتاب الله سبحانه وتعالى فاعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ،بريئون من الحديث حتى لو رواه الشيخان .


1.      "عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل، هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل" (مسلم : الحيض ؛ نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل لالتقاء الختانين)
ويحق لنا أن نتساءل:  ألم يكن هنالك أسلوب آخر لتعليم الناس مثل هذه المسائل الفقهية ؟
هل يقبل احدنا أن يخبر رجالا أنه يفعل هذا مع زوجته، وبحضور زوجته؟
"عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها" (مسلم :النكاح ؛ تحريم إفشاء سر المرأة)
هل يفضي رسول الله صلى الله عليه وسلم  إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها ؟
 أينهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر ويفعله !؟
أوليس ( الحياء شعبة من الإيمان ) 
أليس في هذا الحديث إيذاء، وأي إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
كيف نلوم الكفار على إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نلوم أنفسنا !؟
"عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها" (متفق عليه. البخاري : المناقب ؛ صفة النبي صلى الله عليه وسلم / مسلم : الفضائل ؛ كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم)
إذا ادعى أحدهم أن الرجل يمكن أن يكون أحد محارمها ؛ فنقول إن ذلك أدعى للحياء.
"عن علي قال: كنت رجلا مذاء، وكنت أستحيي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: يغسل ذكره ويتوضأ"(مسلم: الحيض ؛ المذي)

2.      "حدثنا أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة، قال: قلت: لأنس أو كان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين، وقال سعيد عن قتادة: إن أنسا حدثهم تسع نسوة"(البخاري : الغسل ؛ إذا جامع ثم عاد، ومن دار على نسائه في غسل واحد)
لاحظ الاختلاف في نفس الحديث بين إحدى عشرة وتسع نسوة، فنتساءل : أيهما الصحيح؟ هذا إذا افترضنا صحة أحدهما.
العبارة التالية نسختها من موقع شيعي، اتخذ من هذا الحديث سهما يرمي به صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ومن أين لأنس بن مالك أن يعرف بأن رسول الله (ص) كان يجامع إحدى عشرة زوجة في ساعة واحدة ؟ فهل أعلمهُ رسول الله (ص) أم كان حاضراً ؟. أعوذ بالله من قول الزور' ومن أين أعطي قوة ثلاثين؟"
كيف نرد على أمثال هذا الشيعي !؟
إن أنس رضي الله عنه وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بريئون من أمثال هذا الحديث ، وإنما وضعت هذه الأحاديث بعد الفتن المتلاحقة التي زلزلت المسلمين زلزالا شديدا .

3.      "عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة، فأتى امرأته زينب وهي تمعس منيئة لها، فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه، فقال: إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه" (مسلم : النكاح ؛ ندب من رأى امرأة فوقعت في نفسه إلى أن يأتي امرأته أو جاريته فبواقعها)

ونتساءل:
1)هل تثور شهوة الرجل لمجرد رؤيته امرأة أجنبية، فيضطر أن يأتي أهله ، فيقضي حاجته منها؟
2)وهل كان الرجل إذا أراد أن يأتي أهله، أذّن في الناس بأعلى صوته أنه يريد أن يأتي زوجته، وإذا قضى حاجته منها، أذّن مرة أخرى أني قد قضيت حاجتي من زوجتي !؟
3)أليس في الحديث اتهام لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يغض بصره عن أعراض المسلمين؟
4)أنّى لجابر أن يرى زينب أم المؤمنين رضي الله عنها- وهي تمعس منيئة لها- وقد كان ضرب الحجاب على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يوم تزوج زينب رضي الله عنها .
5) وأنّى لجابر أن يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى حاجته من زينب رضي الله عنها !؟
6)أليس من الأَوْلى أن نقاطع هذا الحديث قبل أن نقاطع البضائع الدنمركية؟.
"إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًۭا مُّهِينًۭا"(الأحزاب :57)

4.      "عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب العسل والحلواء، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن، فدخل على حفصة بنت عمر، فاحتبس أكثر ما كان يحتبس، فغرت، فسألت عن ذلك، فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عكة من عسل، فسقت النبي صلى الله عليه وسلم منه شربة، فقلت: أما والله لنحتالن له، فقلت لسودة بنت زمعة: إنه سيدنو منك، فإذا دنا منك فقولي أكلت مغافير؟ فإنه سيقول لك: لا، فقولي له: ما هذه الريح التي أجد منك؟ فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل، فقولي له: جرست نحله العرفط، وسأقول ذلك، وقولي أنت يا صفية ذاك، قالت: تقول سودة: فوالله ما هو إلا أن قام على الباب، فأردت أن أباديه بما أمرتني به فرقا منك، فلما دنا منها قالت له سودة: يا رسول الله، أكلت مغافير؟ قال: لا قالت: فما هذه الريح التي أجد منك؟ قال: سقتني حفصة شربة عسل، فقالت: جرست نحله العرفط ،فلما دار إلي قلت له نحو ذلك، فلما دار إلى صفية، قالت له مثل ذلك، فلما دار إلى حفصة، قالت: يا رسول الله، ألا أسقيك منه، قال: لا حاجة لي فيه، قالت: تقول سودة: والله لقد حرمناه، قلت: لها اسكتي"
(متفق عليه . البخاري : الطلاق ؛ "لم تحرم ما أحل الله لك" التحريم: 1 / مسلم : الطلاق ؛ وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق)
"عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش، ويشرب عندها عسلا، فتواصيت أنا وحفصة، أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل: إني أجد فيك ريح مغافير، أكلت مغافير؟ فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال: (بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش، ولن أعود له) فنزلت: "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك - إلى - إن تتوبا إلى الله" لعائشة وحفصة: إذ أسر النبي " (متفق عليه " البخاري : الطلاق ؛ "لم تحرم ما أحل الله لك" التحريم: 1/ مسلم : الطلاق ؛ وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق)
لاحظ الاختلاف بين الروايتين ، فعند من شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم العسل؟ هل شربه عند حفصة أم عند زينب رضي الله عنهما 
من هن اللاتي تواطأن على هذا الأمر؟ هل هما عائشة وحفصة رضي الله عنهما ، أم عائشة وسودة وصفية رضي الله عنهن جميعا !؟
إذا افترضنا صحة إحدى الروايتين؛ فلا بد أن تكون الرواية الأخرى غير صحيحة.
هل تتخيل أن يصدر مثل هذا المكر والكذب والخديعة ، عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ؟
وأي كذب هذا الذي تتهم به أمهات المؤمنين عليهن السلام!؟ كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم!
لماذا نلوم الشيعة على إيذائهم أمهات المؤمنين عليهن السلام، ولا نلوم أنفسنا؟
أمهات المؤمنين عليهن السلام بريئات من أمثال هذه التهم ، فليس كل ما في الصحيحين صحيح .
"وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَٰتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُوا۟ فَقَدِ ٱحْتَمَلُوا۟ بُهْتَٰنًۭا وَإِثْمًۭا مُّبِينًۭا"(الأحزاب :58)

5.      "عن عائشة رضى الله تعالى عنها أن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كن حزبين، فحزب فيه: عائشة وحفصة وصفية وسودة، والحزب الآخر: أم سلمة وسائر نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة، فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أخرها حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة بعث صاحب الهدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة، فكلم حزب أم سلمة، فقلن لها: كلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم الناس، فيقول: من أراد أن يهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية فليهدها إليه حيث كان من بيوت نسائه، فكلمته أم سلمة بما قلن لها، فلم يقل لها شيئا، فسألنها فقالت: ما قال لي شيئا، فقلن لها: فكلميه، قالت: فكلمته حين دار إليها أيضا، فلم يقل لها شيئا، فسألنها فقالت: ما قال لي شيئا، فقلن لها: كلميه حتى يكلمك، فدار إليها فكلمته، فقال لها: لا تؤذيني في عائشة، فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة، قالت: فقالت: أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله، ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول: إن نساءك ينشدنك الله العدل في بنت أبي بكر، فكلمته، فقال: يا بنية، ألا تحبين ما أحب، قالت: بلى، فرجعت إليهن فأخبرتهن، فقلن: ارجعي إليه، فأبت أن ترجع، فأرسلن زينب بنت جحش، فأتته فأغلظت وقالت: إن نساءك ينشدنك الله العدل في بنت بن أبي قحافة، فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة فسبتها، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر إلى عائشة هل تكلم، قال: فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها، قالت: فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى عائشة وقال: إنها بنت أبي بكر، قال البخاري: الكلام الأخير قصة فاطمة يذكر عن هشام بن عروة ،عن رجل عن الزهري عن محمد بن عبد الرحمن، وقال أبو مروان: عن هشام عن عروة كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وعن هشام عن رجل من قريش، ورجل من الموالي عن الزهري عن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قالت عائشة: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنت فاطمة" ( البخاري  : الهبة وفضلها ؛ من أهدى إلى صاحبه وتحرى بعض نسائه دون بعض)

لاحظ الإسناد الأخير ، الذي تحته خط ،فيه رجلان مجهولان، وهذا يطعن في السند أيضا .


6.      "عن أنس أن جارا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فارسيا كان طيب المرق، فصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء يدعوه، فقال: وهذه، لعائشة، فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا، فعاد يدعوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهذه، قال: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، ثم عاد يدعوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهذه، قال: نعم في الثالثة، فقاما يتدافعان، حتى أتيا منزله (مسلم :الأشربة ؛ ما يفعل الضيف إذا تبعه غير من دعاه صاحب الطعام واستحباب إذن صاحب الطعام للتابع)
والكلمة التي تسيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجه في هذا الحديث هي كلمة "يتدافعان"

7.      "عن عائشة قالت: استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة، فارتاح لذلك، فقال: اللهم هالة بنت خويلد، فغرت، فقلت: وما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر، فأبدلك الله خيرا منها" (متفق عليه. البخاري : مناقب الأنصار ؛تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها /   مسلم : فضائل الصحابة رضي الله عنهم ؛ من فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها)


8.      "عن أنس أن رجلا كان يتهم بأم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: اذهب فاضرب عنقه، فأتاه علي، فإذا هو في ركي  يتبرد فيها، فقال له علي: أخرج، فناوله يده فأخرجه، فإذا هو مجبوب ليس له ذكر، فكف علي عنه، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنه  لمجبوب ماله ذكر" ( مسلم : التوبة ؛ براءة حرم النبي صلى الله عليه وسلم من الريبة )



ولنا أن نسأل:
1)      هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل بالظن دون أن يتبين ؟
يقول الله سبحانه وتعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ "(الحجرات : 6)
2)      وهل يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تهمة الفاحشة دون أربعة شهود ؟
يقول سبحانه وتعالى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"(النور : 5)
ويقول سبحانه وتعالى: "لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ"(النور : 13 )
3)      وما هي  عقوبة الزنا في الإسلام ، هل هي ضرب العنق كما في هذا الحديث ؟
يقول الله سبحانه وتعالى :"الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ"
 (النور : 2)
4)      لو افترضنا صحة الحديث ، لو لم يجد علي الرجل في ركي يتبرد لكان قتله ، ألا يكون ذلك قتل للنفس التي حرم الله إلا بالحق ؟
والله سبحانه وتعالى يقول : "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" (الإسراء :33)

هذا الحديث يسيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدة أوجه :
1-       فيه اتهام لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه كان يقتل بالظن دون وجود الشهود.
2-       فيه اتهام لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لم يكن يحكم بما أنزل الله.
3-       فيه اتهام لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يتهم حرمه دون دليل.
4-       فيه تشكيك بحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لنقرأ شرح النووي رحمه الله للحديث:
"بَاب بَرَاءَة حَرَم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرِّيبَة : ‏ذَكَرَ فِي الْبَاب حَدِيث أَنَس أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُتَّهَم بِأُمِّ وَلَده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَمَرَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - أَنْ يَذْهَب يَضْرِب عُنُقه , فَذَهَبَ فَوَجَدَهُ يَغْتَسِل فِي رَكِيّ , وَهُوَ الْبِئْر , فَرَآهُ مَجْبُوبًا فَتَرَكَهُ , قِيلَ : لَعَلَّهُ كَانَ مُنَافِقًا وَمُسْتَحِقًّا لِلْقَتْلِ بِطَرِيقٍ آخَر , وَجَعَلَ هَذَا مُحَرِّكًا لِقَتْلِهِ بِنِفَاقِهِ وَغَيْره لَا بِالزِّنَا , وَكَفَّ عَنْهُ عَلِيّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - اِعْتِمَادًا عَلَى أَنَّ الْقَتْل بِالزِّنَا , وَقَدْ عَلِمَ اِنْتِفَاء الزِّنَا . وَاَللَّه أَعْلَم" (‏صحيح مسلم بشرح النووي : التوبة ؛ براءة حرم النبي صلى الله عليه وسلم من الريبة)
ونقول لمن قال:"لَعَلَّهُ كَانَ مُنَافِقًا وَمُسْتَحِقًّا لِلْقَتْلِ بِطَرِيقٍ آخَر"لو كان ما تقولون صحيحا؛ لقتله علي رضي الله عنه، أما أنه لم يقتله ؛ فلأنه لم يكن له تهمة إلا أنه كان يتهم بِأُمِّ وَلَد النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتل المنافقين، وقد قال لعمر رضي الله عنه عندما طلب منه أن يقتل عبد الله بن أبي، عندما قال: والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال عمر: "دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال: دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه" (متفق عليه.البخاري : التفسير: سورة المنافقون ؛ قوله سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم / مسلم : البر والصلة والآداب ؛ نصر الأخ ظالما أو مظلوما )

9.      "عن نافع عن عبد الله رضى الله تعالى عنه قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا فأشار نحو مسكن عائشة فقال: هنا الفتنة ثلاثا من حيث يطلع قرن الشيطان" . (البخاري :الخمس ؛ ما جاء في بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وما نسب من البيوت إليهن)
"عن بن عمر قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة فقال رأس الكفر من ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان يعني المشرق" (مسلم :الفتن وأشراط الساعة ؛ الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان)
في الحديث الذي رواه البخاري، ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم أشار نحو مسكن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولم يذكر جهة المشرق ، و في الحديث الذي رواه مسلم ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة، ولم يذكر إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشار إلى جهة بعينها والذي قال " يعني المشرق " إذا افترضنا صحة الحديث هو ابن عمر رضي الله عنهما أو أحد الرواة الذين جاءوا بعد ابن عمر رضي الله عنهما  ، و في ذكر مسكن عائشة رضي الله عنها في هذا الحديث إساءة لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، حتى إذا المقصود من الحديث جهة المشرق .

10.    أحاديث في الصحيحين توهم السامع أن الذي يوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هم بشر:
"عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي امرأة من اليهود وهي تقول: هل شعرت أنكم تفتنون في القبور، قالت: فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إنما تفتن يهود، قالت عائشة: فلبثنا ليالي، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل شعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور، قالت عائشة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد يستعيذ من عذاب القبر" ( مسلم : المساجد ومواضع الصلاة ؛ استحباب التعوذ من عذاب القبر)


11.    استهزاء المشركين برسول الله صلى الله عليه وسلم .
يقول الله سبحانه وتعالى: "إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ" . ( الحجر : 95)
يقول بن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية:" وقوله: (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ )) أي:بلغ ما أنـزل إليك من ربك، ولا تلتفت إلى المشركين الذين يريدون أن يصدوك عن آيات الله. وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ [ القلم:9 ] ولا تخفْهم؛ فإن الله كافيك إياهم، وحافظك منهم، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [ المائدة:67 ]" (تفسير ابن كثير : الحجر : 95)
ويقول الله سبحانه وتعالى متوعدا أبا جهل، عندما أراد أن يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من السجود لله:" فَلْيَدْعُ نَادِيَهُۥ ،  سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ ، كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب" (العلق :17 ،18 ، 19 )
 "عن بن عباس رضي الله عنهما قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو فعله لأخذته الملائكة" ( البخاري :التفسير ؛ العلق ، "كلا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة" 15، 16)
فهل يعجز الله سبحانه وتعالى أن يكفي نبيه صلى الله عليه وسلم المستهزئين ، حيث زعموا أنهم عمدوا إلى جزور ذبحت ، ووضعوا فرثها ودمها وسلاها بين كتفيه صلى الله عليه وسلم  وهو ساجد .
 وأي استهزاء فوق هذا الاستهزاء ! ؟
"عن عبد الله قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة وجمع قريش في مجالسهم، إذا قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي، أيكم يقوم إلى جزور آل فلان فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها فيجيء به ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه، فانبعث أشقاهم، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا، فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك، فانطلق منطلق إلى فاطمة عليها السلام وهي جويرية، فأقبلت تسعى، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا حتى ألقته عنه، وأقبلت عليهم تسبهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال: اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، ثم سمى: اللهم عليك بعمرو بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعمارة بن الوليد، قال عبد الله فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر ثم سحبوا إلى القليب" (متفق عليه .البخاري : الوضوء ؛ إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة لم تفسد / مسلم : الجهاد والسير ؛ ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين)

12.    رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن سبابا ولا فحاشا ولا لعانا ، وكان كما وصفه الله سبحانه وتعالى: " وإنك لعلى خلق عظيم" ( القلم : 4 )

فهل كان من خلقه صلى الله عليه وسلم سب المسلمين ولعنهم ؟

"عن عائشة قالت: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان فكلماه بشيء لا أدرى ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما، فلما خرجا قلت: يا رسول الله، من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان، قال: وما ذاك؟ قالت: قلت: لعنتهما وسببتهما، قال: أو ما علمت ما شارطت عليه ربي؟ قلت: اللهم إنما أنا بشر، فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا" ( مسلم : البر والصلة والآداب ؛ من لعته النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه...)

جاء في الحديث عبارة : "شارطت عليه ربي " فهل لبشر أن يشترط على الله سبحانه وتعالى ؟
"عن معاذ بن جبل قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك، فكان يجمع الصلاة، فصلى الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، حتى إذا كان يوما أخر الصلاة، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا، ثم دخل ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعا، ثم قال: إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يضحي النهار، فمن جاءها منكم فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي، فجئناها وقد سبقنا إليها رجلان، والعين مثل الشراك تبض بشيء من ماء، قال: فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل مسستما من مائها شيئا؟ قالا: نعم، فسبهما النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لهما ما شاء الله أن يقول..."( مسلم : الفضائل ؛ في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم)

لنتعرف على بعض خلقه صلى الله عليه وسلم من خلال الأحاديث التالية:
"عن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سبابا ولا فحاشا ولا لعانا، كان يقول لأحدنا عند المعتبة، ما له؟ ترب جبينه.( البخاري : الأدب ؛ لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا)
"عن أنس رضى الله تعالى عنه قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي أف ولا لم صنعت؟ ولا ألا صنعت" ( البخاري : الأدب ؛ حسن الخلق والسخاء، وما يكره من البخل)
"عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة" ( مسلم :البر والصلة والآداب ؛ النهي عن لعن الدواب وغيرها)
"عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" ( البخاري : الأدب ؛ ما ينهى من السباب واللعن)
فهل نقول بعد ذلك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسب مسلمين ويلعنهم ؟
رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبعث لعانا، وإنما بعث رحمة "عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله؟ ادع على المشركين،قال: إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة"( مسلم :البر والصلة والآداب؛ النهي عن لعن الدواب وغيرها)
افيتحرز رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يلعن المشركين ، ويلعن المسلمين؟
"فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" ( آل عمران :159)


13.   "عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبدؤا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق، فاضطروه إلى أضيقه" (مسلم :كتاب السلام ؛ النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام)
يقول الله سبحانه وتعالى:" فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَٰقَهُمْ لَعَنَّٰهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَٰسِيَةًۭ ۖ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ ۙ وَنَسُوا۟ حَظًّۭا مِّمَّا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍۢ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًۭا مِّنْهُمْ ۖ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱصْفَحْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ" ( المائدة : 13 )
وواضح في هذه الآية أن قول الله سبحانه وتعالى: "فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱصْفَحْ"  نزل في معاملة أهل الذمة من اليهود، شرط أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وأن يلتزموا بالعهود والمواثيق بينهم وبين المسلمين.
فهل يكون العفو والصفح بأن نضطرهم إلى أضيق الطريق ؟
يمتدح الله سبحانه وتعالى نبيه بقوله : "وإنك لعلى خلق عظيم" (القلم :4) فهل كان من خلقه صلى الله عليه وسلم أن يضطر الناس إلى أضيق الطريق؟ وكيف نضطر الناس إلى أضيق الطريق؟ وماذا إن رفض الذهاب إلى أضيق الطريق؟
يقول الله سبحانه وتعالى : "لَّا يَنْهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوٓا۟ إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ" ( الممتحنة : 8 )
فهل من البر والإقساط أن نضيق عليهم الطريق ونضطرهم إلى أضيقه ؟

14.  هل كان من خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، التجسس ، وقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن التجسس فقال سبحانه وتعالى " ولا تجسسوا " الحجرات :12 "
"عن بن عمر انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب يأتيان النخل الذي فيه بن صياد، حتى إذا دخل النخل، طفق النبي صلى الله عليه وسلم يتقي بجذوع النخل وهو يختل بن صياد أن يسمع من بن صياد شيئا قبل أن يراه، وابن صياد، مضطجع على فراشه في قطيفة له فيها رمزة، فرأت أم بن صياد النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتقي بجذوع النخل، فقالت لابن صياد: أي صاف، وهو اسمه، فثار بن صياد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو تركته بين" (متفق عليه. البخاري : الجهاد ؛ كيف يعرض الإسلام على الصبي/ مسلم : الفتن وأشراط الساعة ؛ذكر بن صياد) 

15.   "عن أنس رضى الله تعالى عنه قال: قدم رهط من عكل على النبي صلى الله عليه وسلم كانوا في الصفة، فاجتووا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أبغنا رسلا، فقال: ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بإبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوها فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صحوا وسمنوا، وقتلوا الراعي، واستاقوا الذود، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم الصريخ، فبعث الطلب في آثارهم، فما ترجل النهار حتى أتي بهم، فأمر بمسامير فأحميت، فكحلهم، وقطع أيديهم وأرجلهم وما حسمهم، ثم ألقوا في الحرة يستسقون، فما سقوا حتى ماتوا. قال أبو قلابة: سرقوا، وقتلوا، وحاربوا الله ورسوله" ( البخاري: الحدود ؛ لم يسق المرتدون المحاربون حتى ماتوا)

وفي رواية مسلم : "عن أنس أن نفرا من عكل ثمانية، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام، فاستوخموا الأرض، وسقمت أجسامهم، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها، فقالوا: بلى، فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها، فصحوا، فقتلوا الراعي، وطردوا الإبل، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث في آثارهم، فأدركوا، فجيء بهم، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم، ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا، وقال بن الصباح في روايته: واطردوا النعم، وقال: وسمرت أعينهم" (مسلم :القسامة والمحاربين والقصاص والديات ؛ حكم المحاربين والمرتدين)
في هذا الحديث اتهام لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعدم الإحسان في القتل، وقد قال صلى الله عليه وسلم  :"إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته" ( مسلم  : الصيد والذبائح والقتل وما يؤكل من الحيوان ؛ الأمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة)
هذا الحديث يسيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى دين الله الإسلام أبلغ إساءة ، إذ يصور رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنتهى القسوة في القتل .
يقول صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب الرفق في الأمر كله" فهل هذا الفعل من الرفق في شيء!؟
ولقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة، فهل يفعل صلى الله عليه وسلم ذلك؟
"عن عبد الله بن يزيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن النُّهبة والمُثلة" (البخاري : الذبائح والصيد ؛ ما يكره من المثلة والمصبورة  والمجثمة)
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النحل: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا۟ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِۦ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ " (النحل:  126) لقد قتل هؤلاء الراعي وحاربوا الله ورسوله، فيطبق عليهم حد الحرابة .
وحد الحرابة : إما القتل ، وإما الصلب ، وإما تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف  - قطع يد واحدة ورجل واحدة- ويحسم مكان القطع لوقف النزيف والحفاظ على حياتهم،  وإما النفي من الأرض ، واحدة من هذه العقوبات، وليست جميعها ، لأن حرف أو في اللغة كما هو معلوم يفيد التخيير ."إِنَّمَا جَزَآءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسۡعَوۡنَ فِى الأرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا۟ أَوۡ يُصَلَّبُوا۟ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلافٍ أَوۡ يُنفَوۡا۟ مِنَ الأَرۡضِ ذَٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡىٌ فِى الدُّنۡيَا وَلَهُمۡ فِى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" (المائدة : 33)
انظر كيف يصور واضع هذه الرواية النبي صلى الله عليه وسلم : قطع أيديهم وأرجلهم، إذاً هم في عملية نزف شديد نتيجة لقطع أيديهم وأرجلهم، ولم يحسمهم لوقف النزيف، ومع هذا النزيف الشديد يأمر بمسامير فتحمى في النار ويكحلهم بها، ثم يلقيهم في الحرة يستسقون فلا يسقون!!!!!!
أسأل من كان له علم بالطب، إذا قطعنا يدي الإنسان ورجليه وتركناه ينزف، كم من الوقت يمكن أن يبقى على قيد الحياة؟ لا أظنه يبقى إلا دقائق معدودة بسبب النزيف.
 أي أن هذه الرواية لا يمكن أن تكون صحيحة من الناحية العلمية، فقبل أن تسخن المسامير على النار، ويسمر أعينهم، يكونون قد فارقوا الحياة بسبب النزيف.
16.   أُكذوبة قتل كعب بن الأشرف التي في الصحيحين ؛ تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتسيء إلى دين الله الإسلام
ديننا الإسلامي الحنيف ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام بريئون من فرية قتل كعب بن الأشرف غدرا وخيانة وغيلة، كما رواه الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما، فديننا الإسلامي الحنيف وقرآننا الكريم ينهيان عن الغدر والخيانة.
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين   ( الأنفال: 58)
يقول الطبري في تفسير هذه الآية الكريمة :".... قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ( وإما تخافن ) ، يا محمد ، من عدو لك بينك وبينه عهد وعقد ، أن ينكث عهده ، وينقض عقده ، ويغدر بك وذلك هو "الخيانة" والغدر ( فانبذ إليهم على سواء ) ، يقول : فناجزهم بالحرب ، وأعلمهم قبل حربك إياهم أنك قد فسخت العهد بينك وبينهم ، بما كان منهم من ظهور أمار الغدر والخيانة منهم ، حتى تصير أنت وهم على سواء في العلم بأنك لهم محارب ، فيأخذوا للحرب آلتها ، وتبرأ من الغدر ( إن الله لا يحب الخائنين ) ، الغادرين بمن كان منه في أمان وعهد بينه وبينه أن يغدر به فيحاربه ، قبل إعلامه إياه أنه له حرب ، وأنه قد فاسخه العقد . "
ورواية قتل كعب بن الأشرف التي رواها الشخان في صحيحيهما تخالف هذه الآية الكريمة ، وتتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمح لأصحابه بقتل كعب بن الأشرف غدرا وخيانة وغيلة:
عن  جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنهما : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله فقام محمد بن مسلمة فقال يا رسول الله أتحب أن أقتله قال نعم فائذن لي أن أقول شيئا قال قل فأتاه محمد بن مسلمة فقال إن هذا الرجل قد سألنا صدقة وإنه قد عنانا وإني قد أتيتك أستسلفك قال وأيضا والله لتملنه قال إنا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه وقد أردنا أن تسلفنا وسقا أو وسقين وحدثنا عمرو غير مرة فلم يذكر وسقا أو وسقين أو فقلت له فيه وسقا أو وسقين فقال أرى فيه وسقا أو وسقين فقال نعم ارهنوني قالوا أي شيء تريد قال ارهنوني نساءكم قالوا كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب قال فارهنوني أبناءكم قالوا كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال رهن بوسق أو وسقين هذا عار علينا ولكنا نرهنك اللأمة قال سفيان يعني السلاح فواعده أن يأتيه فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة فدعاهم إلى الحصن فنزل إليهم فقالت له امرأته أين تخرج هذه الساعة فقال إنما هو محمد بن مسلمة وأخي أبو نائلة وقال غير عمرو قالت أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم قال إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب قال ويدخل محمد بن مسلمة معه رجلين قيل لسفيان سماهم عمرو قال سمى بعضهم قال عمرو جاء معه برجلين وقال غير عمرو أبو عبس بن جبر والحارث بن أوس وعباد بن بشر قال عمرو جاء معه برجلين فقال إذا ما جاء فإني قائل بشعره فأشمه فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه وقال مرة ثم أشمكم فنزل إليهم متوشحا وهو ينفح من ريح الطيب فقال ما رأيت كاليوم ريحا أي أطيب وقال غير عمرو قال عندي أعطر نساء العرب وأكمل العرب قال عمرو فقال له أتأذن لي أن أشم رأسك قال نعم فشمه ثم أشم أصحابه ثم قال أتأذن لي قال نعم فلما استمكن منه قال دونكم فقتلوه ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه" (متفق عليه واللفظ للبخاري، البخاري : كتاب المغازي ؛ باب قتل كعب بن الأشرف /  مسلم :كتاب الجهاد والسير ؛باب قتل كعب بن الأشرف )
والعجيب أن كاتب السيناريو في هذه الرواية ، قد صور كعب بن الأشرف بالرجل الكريم الشهم  الشجاع : " قالت أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم قال إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب"
بينما نجده صور صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنتهى الخسة والنذالة والجبن والغدر والخيانة.
وإذا كان لنا من سؤال لا بد أن نسأله : " كيف علم جابر بقول امرأة كعب  وجوابه لها : " قالت أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم، قال إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة، إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب" !!!؟؟؟

17.   "عن هشام عن أبيه قال: كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشة: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل، فلما نزلت { ترجي من تشاء منهن }  قلت: يا رسول الله، ما أرى ربك إلا يسارع في هواك". (البخاري : النكاح ؛ هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد)
يقول بن حجر في شرح الحديث:"قوله ( ما أرى ربك إلا يسارع في هواك ) في رواية محمد بن بشر " إني لأرى ربك يسارع لك في هواك " أي في رضاك ، قال القرطبي : هذا قول أبرزه الدلال والغيرة ، وهو من نوع قولها ما أحمدكما ولا أحمد إلا الله ، وإلا فإضافة الهوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا تحمل على ظاهره ، لأنه لا ينطق عن الهوى ولا يفعل بالهوى ، ولو قالت إلى مرضاتك لكان أليق ، ولكن الغيرة يغتفر لأجلها إطلاق مثل ذلك" (فتح الباري : النكاح ؛ هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد)

18.   سم اليهود  لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
تعهد الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بأن يكفيه شر اليهود، "فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" (البقرة : 137)
ويقول سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الكفرين" (المائدة :67 )
. يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: " والله يعصمك من الناس " أي بلغ أنت رسالتي وأنا حافظك وناصرك ومؤيدك على أعدائك ومظفرك بهم فلا تخف ولا تحزن فلن يصل أحد منهم إليك بسوء"
( تفسير ابن كثير:
المائدة :67)
الله سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض:" وما كان الله ليعجزه من شيء في السموت ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا" ( فاطر : 44 )
 فهل يعجزه سبحانه وتعالى  أن يكفي نبيه صلى الله عليه وسلم شر اليهود ، حين  استطاعوا أن يدسوا له السم، حتى روى البخاري أنه مات من أثر ذلك السم
1)      "عن أنس أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة، فأكل منها، فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلك، قال: ما كان الله ليسلطك على ذاك، قال أو قال علي، قال: قالوا: ألا نقتلها؟ قال: لا، قال: فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم" (متفق عليه واللفظ لمسلم. البخاري : الهبة ؛ قبول الهدية من المشركين / مسلم : السلام ؛ السم)
2)      "عن عائشة رضي الله عنها، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: في مرضه الذي مات فيه: يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت إنقطاع أبهري من ذلك السم". (البخاري : المغازي ؛ مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته)
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :" ولو تقول علينا بعض الأقاويل ( 44 ) لأخذنا منه باليمين ( 45 ) ثم لقطعنا منه الوتين ( 46 ) فما منكم من أحد عنه حاجزين ( 47 )  سورة الحاقة.
والوتين لُغَةً كما جاء في المعجم الوسيط هو: "الشِّريان الرئيسُ الذي يغذِّي جسمَ الإِنسان بالدّم النقيِّ الخارج من القلب . والجمع : وُتْنٌ ، وأَوْتِنَةٌ "
وهو نفسه الشريان الأبهر، فإذا سَلَّمْنا بصحة الحديث ، نكون بذلك قد أعطينا أعداء الله سبحانه وتعالى حجة ليقولوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد تقول على الله بعض الأقاويل، لذلك قطع منه الوتين  ".... فهذا أوان وجدت إنقطاع أبهري من ذلك السم".

19.   سحر اليهود  لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
وهل يعجزه سبحانه وتعالى، أن يكفي نبيه صلى الله عليه وسلم شر اليهود، عندما سحره لبيد بن الأعصم، حتى أصيب صلى الله عليه وسلم بفقدان الذاكرة، كما جاء في بعض الروايات عند البخاري .
1)   "عن هشام عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طب، حتى إنه ليخيل إليه قد صنع الشيء وما صنعه، وإنه دعا ربه ثم قال: أشعرت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه، فقالت عائشة: فما ذاك يا رسول الله؟ قال: جاءني رجلان، فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ قال مطبوب، قال: من طبه؟ قال لبيد بن الأعصم، قال: في ماذا؟ قال: في مشط ومشاطة وجف طلعة، قال: فأين هو؟ قال: في ذروان، وذروان بئر في بني زريق، قالت: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى عائشة فقال: والله لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين، قالت: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرها عن البئر، فقلت: يا رسول الله، فهلا أخرجته، قال: أما أنا فقد شفاني الله، وكرهت أن أثير على الناس شرا. (البخاري : الدعوات ؛ تكرير الدعاء )
2)   "عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر، حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئا ولم يصنعه" (رواه البخاري : الخمس ؛ هل يعفى عن الذمي إذا سحر)
وهاتان الروايتان للحديث -على فرض صحتهما- تبينان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد أصيب بفقدان الذاكرة، نتيجة سحر اليهود له صلى الله عليه وسلم "حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئا ولم يصنعه" وفي الرواية الأخرى"حتى إنه ليخيل إليه قد صنع الشيء وما صنعه" وهذا طعن في نبوته صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن تأويل هاتين الروايتين للحديث بإتيان النساء، لأن صيغة النفي جاءت للماضي: "صنع شيئا ولم يصنعه"، "قد صنع الشيء وما صنعه” بخلاف الرواية التالية للحديث والتي جاء النفي فيها للمضارع:
3)   "عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت : سحر النبي صلى الله عليه وسلم، حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله".(متفق عليه . البخاري : الطب ؛ السحر/ مسلم : السلام ؛ السحر)
وإن جاء ذكر النساء صريحا في رواية أخرى للحديث:"عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر، حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر، إذا كان كذا" (البخاري : الطب ؛ هل يستخرج السحر)
يقول الله سبحانه وتعالى: " وَقَالُوا۟ مَالِ هَٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِى فِى ٱلْأَسْوَاقِ ۙ لَوْ لَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌۭ فَيَكُونَ مَعَهُۥ نَذِيرًا * أَوْ يُلْقَىٰٓ إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُۥ جَنَّةٌۭ يَأْكُلُ مِنْهَا ۚ وَقَالَ ٱلظَّٰلِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًۭا مَّسْحُورًا " (الفرقان :7 ، 8)
ويقول سبحانه وتعالى: "نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا" (الإسراء : 47)
وقال بعض المدافعين عن هذا الحديث إن الآيات في سورتي الإسراء والفرقان مكيتان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سحر في المدينة بعد الهجرة، فنقول: إذا جاز  سحر  النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، فما يمنع أن يكون سحر في مكة أيضا !؟
وإذا جاز عليه السحر في فترة من حياته ، جاز عليه السحر في جميع حياته.
"وَقَالَ ٱلظَّٰلِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًۭا مَّسْحُورًا " الفرقان "إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا"الإسراء
وخطورة هذا الحديث، أنه نشر الشعوذة وأعمال السحر بين المسلمين، فرسول الله صلى الله عليه عندما سحر كما يزعمون، جاءه الملكان وأخبراه بمكان  السحر وأنها في بئر ذروان ، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه فأخرجها ودفنها .
 فإذا سحر أحد من عامة المسلمين؛ فهل نطلب منه انتظار الملكين حتى  يخبراه عن مكان السحر، أم نطلب منه الذهاب إلى المشعوذين ليستعين بالشياطين حتى يخرجوا له السحر !؟
البخاري ينسب إلى سعيد بن المسيب رحمه الله- وهو من كبار التابعين- أنه كان يجيز الذهاب إلى السحرة والمشعوذين لإخراج السحر !
يقول البخاري :"باب هل يستخرج السحر، وقال قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع الناس فلم ينه عنه" ( البخاري : الطب ؛ هل يستخرج السحر)
حديث سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم  رواه الشيخان عن طريق  هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، وهشام متهم بالتدليس، والتدليس هو أخو الكذب كما قاله الشافعي رحمه الله.
يقول بن حجر في كتاب تهذيب التهذيب :"وقال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: رأيت مالك بن أنس في النوم، فسألته عن هشام بن عروة، فقال: أما ما حدث به وهو عندنا فهو، أي كأنه يصححه، وما حدث به بعدما خرج من عندنا، فكأنه يوهنه، وقال بن سعد والعجلي: كان ثقة، زاد بن سعد: ثبتا كثير الحديث، حجة، وقال أبو حاتم: ثقة إمام في الحديث، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة ثبت، لم ينكر عليه شيء إلا بعدما صار إلى العراق، فإنه انبسط في الرواية عن أبيه، فأنكر ذلك عليه أهل بلده، والذي نرى أن هشاما تسهل لأهل العراق، أنه كان لا يحدث عن أبيه إلا بما سمعه منه، فكان تسهله أنه أرسل عن أبيه مما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه، وقال بن خراش: كان مالك لا يرضاه ، وكان هشام صدوقا، تدخل أخباره في الصحيح، بلغني أن مالكا نقم عليه حديثه لأهل العراق قدم الكوفة ثلاث مرات، قدمه كان يقول: حدثني أبي قال سمعت عائشة، وقدم الثانية، فكان يقول: أخبرني أبي عن عائشة، وقدم الثالثة فكان يقول: أبي عن عائشة" (تهذيب التهذيب : حرف الهاء ؛89 )
لاحظ أن مالكا لم يرو حديث سحر اليهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الموطأ، مع أنه كان يساكن هشام بن عروة في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
"إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًۭا مُّهِينًۭا" (الأحزاب : 57 )


من الأحاديث التي تخالف كتاب الله سبحانه وتعالى وتؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين رضي الله عنهن عامة، وعائشة رضي الله عنها خاصة، أحاديث رضاعة الكبير،وأفردت لها بابا خاصا لخطورة الموضوع، وخاصة بعد صدور فتاوى معاصرة تجيز رضاعة الكبير.
"عن عائشة قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني أري في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارضعيه، قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمت أنه رجل كبير،
- زاد عمرو في حديثه وكان قد شهد بدرا- وفي رواية بن أبي عمر: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم"
 (مسلم : الرضاع ؛ رضاعة الكبير)
في قولها: "وكيف أرضعه وهو رجل كبير" دلالة على أن الرضاعة تكون من الثدي مباشرة، وهو سبب ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم. -على فرض صحة الحديث-
 قال النووي رحمه الله في شرح الحديث : " قوله صلى الله عليه وسلم ( أرضعيه ) قال القاضي : لعلها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها ولا التقت بشرتاهما . وهذا الذي قاله القاضي حسن ، ويحتمل أنه عفي عن مسه للحاجة، كما خُص بالرضاعة مع الكبر والله أعلم " (صحيح مسلم بشرح النووي : الرضاع ؛ رضاعة الكبير)
إذا القاضي لم يقطع بأنها حلبته ثم شربه واستخدم كلمة (لعلها) ،وكلمة لعل لها معانٍ أشهرها : التوقّع، وهو تَرَجِّي ما يُحَبّ، نحو"لعلّ المغتربَ راجعٌ". ولعله أراد أن يجد مخرجا من معضلة الإرضاع من الثدي. كما أن النووي لم يقنع بقول القاضي، ولذلك قال: " ويحتمل أنه عفي عن مسه للحاجة"
 وأقول متى كان سالم يدخل عليهم؟ أقبل تحريم التبني أم بعده ؟ إذا كان قبل تحريم التبني ، فقد كان ابنهم بالتبني، وكان الابن بالتبني بمنزلة الابن من النسب، يرث ويورث فلا يمكن أن يكون في نفس أبي حذيفة منه شيء وهو ابنهم ؟
وإن كان بعد تحريم التبني، فكيف يدخل سالم عليهم ولم يعد ابنهم؟ وهذا يخالف ما جاء في الحديث:"إني أري في وجه أبي حذيفة من دخول سالم" فالحديث ينقض بعضه بعضا .
وتأتي الأحاديث في صحيح مسلم، تذكر أن عائشة رضي الله عنها، كانت تدخل عليها الرجال بهذه الرضاعة، وفي هذا إيذاء لأم المؤمنين عائشة رضي الله، وانتقاص من فقهها وتقواها.
1.    "عن زينب بنت أم سلمة قالت: قالت أم سلمة لعائشة: انه يدخل عليك الغلام الأيفع الذي ما أحب أن يدخل علي، قال: فقالت عائشة: أما لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم إسوة، قالت: إن امرأة أبي حذيفة قالت: يا رسول الله، إن سالما يدخل علي، وهو رجل، وفي نفس أبي حذيفة منه شيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرضعيه حتى يدخل عليك" (مسلم : الرضاع ؛ رضاعة الكبير)

2.    "عن زينب بنت أبي سلمة، أنها سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول لعائشة: والله ما تطيب نفسي أن يراني الغلام قد استغني عن الرضاعة، فقالت: لم؟ قد جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، والله إني لأري في من دخول سالم، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرضعيه، فقالت: إنه ذو لحية، أرضعيه يذهب ما في وجه أبي حذيفة، فقالت: والله ما عرفته في وجه أبي حذيفة" (مسلم : الرضاع ؛ رضاعة الكبير)

3.    "عن زينب بنت أبي سلمة، أن أمها أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول: أبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحدا بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا" (مسلم : الرضاع ؛ رضاعة الكبير)

ولتوضيح ما نسب إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم من قولها لعائشة رضي الله عنها: انه يدخل عليك الغلام الأيفع الذي ما أحب أن يدخل علي،  وقولها : أبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحدا بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا" أورد حديثا من موطأ الإمام مالك رحمه الله يوضح ذلك.
حديث من موطأ الإمام مالك في رضاعة الكبير:
"حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب أنه سئل عن رضاعة الكبير فقال: أخبرني عروة بن الزبير، أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قد شهد بدرا، وكان تبنى سالما الذي يقال له سالم مولى حذيفة كما تبنى الرسول صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة، وأنكح أبو حذيفة سالما وهو يرى أنه ابنه، أنكحه بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهي يومئذ من المهاجرات الأول، وهي من أفضل أيامى قريش، فلما أنزل الله تعالى في كتابه في زيد بن حارثة ما أنزل، فقال " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آبائهم فإخوانكم في الدين ومواليكم " رد كل واحد من أولئك إلى أبيه، فإن لم يعلم أبوه رد إلى مولاه، فجاءت سهلة بنت سهيل، وهي امرأة أبي حذيفة، وهي من بني عامر بن لؤي، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، كنا نرى سالما ولدا، وكان يدخل علي وأنا فضل، وليس لنا إلا بيت واحد، فماذا ترى في شأنه؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها، وكانت تراه ابنا من الرضاعة، فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين فيمن تحب أن يدخل عليها من الرجال، فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال، وأبى سائر أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس، وقلن: لا والله ما نرى الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلة بنت سهيل؛ إلا رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في رضاعة سالم وحده، لا والله لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد، فعلى هذا كان أزواج النبي صـــلى الله عليه وسلم في رضــاعة الكبير" (موطأ مالك : الرضاع ؛ ما جاء في الرضاعة بعد الكبر)
يقول الله سبحانه وتعالى : "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ"
(البقرة : 233)
يقول القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية : "انتزع مالك رحمه الله تعالى ومن تابعه وجماعة من العلماء من هذه الآية أن الرضاعة المحرمة الجارية مجرى النسب إنما هي ما كان في الحولين ; لأنه بانقضاء الحولين تمت الرضاعة , ولا رضاعة بعد الحولين معتبرة . هذا قوله في موطئه , وهي رواية محمد بن عبد الحكم عنه , وهو قول عمر وابن عباس , وروي عن ابن مسعود , وبه قال الزهري وقتادة والشعبي وسفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور . وهذا يدل على ألا حكم لما ارتضع المولود بعد الحولين" ( تفسير القرطبي : البقرة ؛ 233)
يقول القرطبي : "وهذا الخبر مع الآية والمعنى , ينفي رضاعة الكبير وأنه لا حرمة له . وقد روي عن عائشة القول به . وبه يقول الليث بن سعد من بين العلماء . وروي عن أبي موسى الأشعري أنه كان يرى رضاع الكبير . وروي عنه الرجوع عنه" (تفسير القرطبي : البقرة ؛ 233)
"عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ‏ : أَنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ فَكَأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ فَقَالَتْ إِنَّهُ أَخِي فَقَالَ ‏ ‏انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ" (متفق عليه. البخاري : النكاح ؛ من قال لا رضاع بعد حولين / مسلم : الرضاعة ؛ إنما الرضاعة من المجاعة)
يقول ابن حجر :" وَقَوْله " مِنْ الْمَجَاعَة " أَيْ الرَّضَاعَة الَّتِي تَثْبُت بِهَا الْحُرْمَة وَتَحِلّ بِهَا الْخَلْوَة هِيَ حَيْثُ يَكُون الرَّضِيع طِفْلًا لِسَدِّ اللَّبَن جَوْعَته , لِأَنَّ مَعِدَته ضَعِيفَة يَكْفِيهَا اللَّبَن وَيَنْبُت بِذَلِكَ لَحْمه فَيَصِير كَجُزْءٍ مِنْ الْمُرْضِعَة فَيَشْتَرِك فِي الْحُرْمَة مَعَ أَوْلَادهَا" (فتح الباري : النكاح ؛ من قال لا رضاع بعد حولين)
 ولا عجب أن تصدر فتاوى معاصرة في إباحة رضاعة الكبير ، ولعل أغربها: الفتوى بجواز أن ترضع المرأة الموظفة زملاءها في العمل لتحرم عليهم .



1.      "عن مالك بن أوس قال: أرسل إلي عمر بن الخطاب فجئته حين تعالى النهار، قال: فوجدته في بيته جالسا على سرير مفضيا إلى رماله متكئا على وسادة من آدم، فقال لي: يا مال، إنه قد دف أهل أبيات من قومك، وقد أمرت فيهم برضخ فخذه فاقسمه بينهم، قال: قلت: لو أمرت بهذا غيري، قال: خذه يا مال، قال: فجاء يرفا فقال: هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد، فقال عمر: نعم، فأذن لهم فدخلوا، ثم جاء فقال: هل لك في عباس وعلي، قال: نعم، فأذن لهما، فقال عباس: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا الكاذب، الآثم، الغادر، الخائن، فقال القوم: أجل يا أمير المؤمنين، فاقض بينهم وأرحهم،..." (متفق عليه واللفظ لمسلم) ولكن البخاري لم يذكر قول العباس : "يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن" وقال بدلا من ذلك: "فاستب علي والعباس" (البخاري : المغازي ؛ حديث بني النضير، ومخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ... / مسلم :الجهاد والسير ؛ حكم الفيء)

2.           "عن عروة بن الزبير قال: أنا سمعت عائشة رضى الله تعالى عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عثمان إلى أبي بكر يسألنه ثمنهن مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، فكنت أنا أردهن، فقلت لهن: ألا تتقين الله؟ ألم تعلمن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول لا نورث ما تركنا صدقة؟ يريد بذلك نفسه، إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المال، فانتهى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما أخبرتهن، قال: فكانت هذه الصدقة بيد علي، منعها علي عباسا فغلبه عليها، ثم كان بيد حسن بن علي، ثم بيد حسين بن علي، ثم بيد علي بن حسين، وحسن بن حسن، كلاهما كانا يتداولانها، ثم بيد زيد بن حسن، وهي صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا"( متفق عليه. البخاري : المغازي ؛ حديث بني النضير، ومخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم .../ مسلم :الجهاد والسير ؛ حكم الفيء)
ثانيا : اتهام العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشدة الحرص وبمنع الزكاة .
1.      "عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين فقال: انثروه في المسجد، وكان أكثر مال أتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدا إلا أعطاه، إذ جاءه العباس، فقال: يا رسول الله، أعطني، فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ، فحثا في ثوبه، ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال: يا رسول الله، مر بعضهم يرفعه إلي، قال: لا، قال: فارفعه أنت علي، قال: لا، فنثر منه، ثم ذهب يقله، فقال: يا رسول الله، مر بعضهم يرفعه علي، قال: لا، قال: فارفعه أنت علي، قال: لا، فنثر منه، ثم احتمله فألقاه على كاهله، ثم انطلق، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعه بصره حتى خفي علينا عجبا من حرصه، فما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثم منها درهم" . (البخاري : الجزية ؛ما أقطع النبي صلى الله عليه وسلم من البحرين)

2.      "عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة، فقيل: منع بن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ينقم بن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله، وأما خالد، فإنكم تظلمون خالدا، قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس، فهي علي ومثلها معها"( متفق عليه. البخاري :الزكاة ؛ قول الله تعالى: "وفي الرقاب وفي سبيل الله" التوبة: 60 /  مسلم : الزكاة ؛ في تقديم الزكاة ومنعها)
العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي كان يستسقي به عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، هل يتهم بشدة الحرص وبمنع الزكاة !؟
"عن أنس رضي الله تعالى عنه أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم، فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيسقون" (البخاري :فضائل الصحابة ؛ ذكر العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه)
ثالثا : اتهام علي رضي الله عنه أنه كان شديد الحرص على السلطان ، حتى لو منعه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن حرصه على السلطان كان أشد من حرصه على الدين، حتى لو أدى ذلك إلى الفتنة، وتفريق كلمة المسلمين.
1.      "عن عبد الله بن عباس أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفى فيه، فقال الناس: يا أبا الحسن، كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أصبح بحمد الله بارئا، فأخذ بيده العباس فقال: ألا تراه أنت، والله بعد ثلاث عبد العصا، والله إني لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيتوفى في وجعه، وإني لأعرف في وجوه بني عبد المطلب الموت، فاذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسأله فيمن يكون الأمر، فان كان فينا علمنا ذلك، وإن كان في غيرنا أمرناه فأوصى بنا، قال علي: والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعناها لا يعطيناها الناس أبدا، وإني لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا" . (البخاري : المغازي ؛ مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته)
ولقد روى البخاري ومسلم أن عليا رضي الله عنه لم يبايع أبا بكر حتى توفيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه كان يطمع بالخلافة:
2.      "عن عائشة... فلما توفيت - تعني فاطمة رضي الله عنها - دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها علي، وكان لعلي من الناس وجهة حياة فاطمة، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن بايع تلك الأشهر، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد، كراهية محضر عمر بن الخطاب، فقال عمر لأبي بكر: والله لا تدخل عليهم وحدك، فقال أبو بكر: وما عساهم أن يفعلوا بي؟ إني والله لآتينهم، فدخل عليهم أبو بكر، فتشهد علي بن أبي طالب ثم قال: إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك، وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك، ولكنك استبددت علينا بالأمر، وكنا نحن نرى لنا حقا لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يكلم أبا بكر حتى فاضت عينا أبي بكر، فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل فيها عن الحق، ولم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته، فقال علي لأبي بكر: موعدك العشية للبيعة، فلما صلى أبو بكر صلاة الظهر رقي على المنبر، فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة، وعذره بالذي اعتذر إليه، ثم استغفر وتشهد علي بن أبي طالب فعظم حق أبي بكر وأنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضله الله به، ولكنا كنا نرى لنا في الأمر نصيبا، فاستبد علينا به، فوجدنا في أنفسنا، فسر بذلك المسلمون وقالوا: أصبت، فكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر المعروف" (متفق عليه .البخاري : المغازي ؛ غزوة خيبر / مسلم : الجهاد والسير ؛ قول النبي صلى الله عليه وسلم ، لا نورث ما تركنا فهو صدقة)
ولعل هذا النوع من الأحاديث قد ظهر بعد الفتنة، حيث أصبح مؤيدو كل طائفة من الطائفتين يضعون الأحاديث التي تؤيد مذهبهم. وهو ما كرّس الفرقة بين المسلمين ، وساعد على ظهور المذاهب والفرق الإسلامية .

رابعا : هل يعصي عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

"عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هلم أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده، فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت فاختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا، قال عبيد الله: فكان بن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية: ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم".
(مسلم : الوصية ؛ ترك الوصية لمن ليس عنده شيء يوصى فيه)
يقول الله سبحانه وتعالى :"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا" (الأحزاب : 36)
وإذا افترضنا صحة الحديث ، أوليس في قول عمر رضي الله عنه " وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله " حجة، وأية حجة للقرآنيين الذين ينادون بترك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون :عندنا القرآن؟ حسبنا كتاب الله .

خامسا :هل يتهم الصحابة الكرام رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجر وهو الهذيان، كما جاء في قاموس لسان العرب
"عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء، فقال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس، فقال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه..." (متفق عليه. البخاري : الجهاد ؛ هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم /  مسلم : الوصية ؛ ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي به)
سادسا : اتهام عمر رضي الله عنه أنه كان يغير ويبدل بالدين على هواه ، مخالفا كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،قائلا برأيه ما شاء، ومن ذلك:
1. متعة الحج ومتعة النساء :
1)   ‏"عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال:أنزلت آية المتعة في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينزل قرآن يحرمه، ولم ينه عنها حتى مات، قال رجل برأيه ما شاء" ( متفق عليه. البخاري : التفسير ؛ "فمن تمتع بالعمرة إلى الحج" البقرة: 196 / مسلم : الحج ؛ جواز التمتع)
2)   عن مطرف قال: قال لي عمران بن حصين: إني لأحدثك بالحديث اليوم ينفعك الله به بعد اليوم، واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أعمر طائفة من أهله في العشر، فلم تنزل آية تنسخ ذلك، ولم ينه عنه حتى مضى لوجهه، ارتأى كل امرئ بعد ما شاء أن يرتئي". (مسلم: الحج ؛ جواز التمتع) . قال مسلم: "وحدثناه إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن حاتم كلاهما عن وكيع حدثنا سفيان عن الجريري في هذا الإسناد، وقال بن حاتم في روايته:" ارتأى رجل برأيه ما شاء يعني عمر" (مسلم: الحج ؛ جواز التمتع)
3)   "عن أبي نضرة قال: كنت عند جابر بن عبد الله، فأتاه آت فقال: إن بن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين، فقال جابر: فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما . (مسلم‏ :الحج ؛ التقصير في العمرة)
4)   "عن ‏ ‏أبي موسى  أنه كان يفتي ‏ ‏بالمتعة، ‏ ‏فقال له رجل: رويدك ببعض فتياك، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في ‏ ‏النسك ‏ ‏بعد، حتى لقيه بعد فسأله فقال ‏ ‏عمر: ‏ ‏قد علمت أن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قد فعله وأصحابه، ولكن كرهت أن يظلوا ‏ ‏معرسين بهن ‏ ‏في الأراك، ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم"  (مسلم : الحج ؛ في نسخ التحلل من الإحرام والأمر بالتمام)
2. طلاق الثلاث :"عن بن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم" (مسلم : الطلاق ؛ طلاق الثلاث)
سابعا : حديث يسيء إلى أم البشر حواء عليها السلام:
"عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر". (مسلم :الرضاع ؛ لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر)
وفي رواية البخاري "عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه يعني لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها" (البخاري : الأنبياء ؛ قول الله تعالى: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة" البقرة: 30 )
في هذا الحديث اتهام لأمنا حواء عليها السلام، أنها  كانت السبب في غواية آدم عليه السلام، وأنها هي التي زينت له الأكل من الشجرة، ويضيف إليها وصف الخيانة .ويبين الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، أن الشيطان وسوس لآدم وحواء معا ،" فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ" (البقرة: 36) . "فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ لِيُبْدِىَ لَهُمَا مَا وُۥرِىَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَٰتِهِمَا" .(الأعراف :20 ) .
 وفي سورة طه ذكر الوسوسة لآدم عليه السلام دون أن يذكر حواء عليها السلام ، وهذا لا ينفي أن تكون الوسوسة لكليهما : "فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَٰنُ قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍۢ لَّا يَبْلَى"(طه : 120)
وعلى فرض أن حواء عليها السلام هي التي أكلت من الشجرة، وزينت ذلك لآدم عليه السلام ،فهل تتحمل ذرية حواء من النساء هذه الخيانة ؟ والله سبحانه وتعالى يقول : "ولا تزر وازرة وزر أخرى ".
ولو فرضنا أن حواء عليها السلام كانت السبب في خيانة بعض النساء أزواجهن؛ فما سبب خيانة بعض الرجال نساءهم ؟
ثامنا : الاحتجاج بالقدر؛ حديث يخالف كتاب الله سبحانه وتعالى ويسيء إلى موسى وآدم عليهما السلام :
 "عن أبي هريرة ‏‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال: ‏ ‏احتج ‏ ‏آدم ‏ ‏وموسى، ‏ ‏فقال له ‏ ‏موسى: ‏ ‏يا ‏ ‏آدم، ‏أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة، قال له ‏ ‏آدم: ‏ ‏يا ‏ ‏موسى، ‏ ‏اصطفاك ‏ ‏الله بكلامه وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ ‏ ‏فحج ‏ ‏آدم ‏ ‏موسى، ‏ ‏فحج ‏ ‏آدم ‏ ‏موسى، ‏ ‏ثلاثا" (البخاري : القدر ؛ تحاج آدم وموسى عند الله /مسلم : القدر ؛ حجاج آدم وموسى عليهما السلام)
ويحق لنا أن نتساءل:
1.    هل يجوز الاحتجاج بالقدر ؟
إذا قلنا بصحة هذا الحديث، فهذا يعني جواز الاحتجاج بالقدر، فمن حق السارق إذا سئل لم سرقت ، والزاني إذا سئل لم زنيت أن يقولا : أتلوموننا عل أمر قدره الله علينا ونحن في بطون أمهاتنا ؟
"عن عبد الله قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات، بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد..." (متفق عليه. البخاري : الأنبياء ؛ خلق آدم صلوات الله عليه وذريته / مسلم : القدر ؛كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله...)

يقول الله سبحانه وتعالى منكرا على المشركين الذين يحتجون بالقدر: "سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ * قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ" (الأنعام : 148 ، 149)
ويقول سبحانه وتعالى: " وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ" (النحل : 35)
2.    هل يجوز لوم من أذنب ذنبا ثم تاب الله عليه من ذلك الذنب ؟
يقول الله سبحانه وتعالى : " فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (البقرة: 37)
3.      أيقول موسى عليه السلام لأبينا آدم عليه السلام " خيبتنا "؟ أيرضى أحدنا أن يقول لأبيه خيبتنا ؟






 الباب الحادي العاشر : مخالفة الحديث للوقائع التاريخية

1.      "عن ‏ ‏عبد الله بن شقيق ‏كان ‏ ‏عثمان ‏ ‏ينهى عن ‏ ‏المتعة، ‏ ‏وكان ‏ ‏علي ‏ ‏يأمر بها، فقال ‏ ‏عثمان ‏ ‏لعلي ‏ ‏كلمة، ثم قال ‏ ‏علي: ‏ ‏لقد علمت أنا قد ‏ ‏تمتعنا ‏ ‏مع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم، ‏ ‏فقال: أجل، ولكنا كنا خائفين" ‏(مسلم : الحج ؛ جواز التمتع)
يقول النووي رحمه الله في شرح الحديث : "وَقَوْله : ( كُنَّا خَائِفِينَ ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ خَائِفِينَ يَوْم عُمْرَة الْقَضَاء سَنَة سَبْع قَبْل فَتْح مَكَّة، لَكِنْ لَمْ يَكُنْ تِلْكَ السَّنَة حَقِيقَة تَمَتُّع، إِنَّمَا كَانَ عُمْرَة وَحْدهَا"(صحيح مسلم بشرح النووي : الحج ؛ جواز التمتع) .
إذا التمتع بالعمرة إلى الحج، إنما كان في حجة الوداع،بعد فتح مكة" ولم يكونوا خائفين"، فالحديث يخالف الوقائع التاريخية.
2.      "عن غنيم بن قيس قال: سألت سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن المتعة فقال: فعلناها وهذا يومئذ كافر بالعرش، يعني بيوت مكة". "وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن سعيد عن سليمان التيمي بهذا الإسناد وقال في روايته -يعني معاوية- ". (مسلم : الحج ؛ جواز التمتع)
يقول النووي رحمه الله في شرح الحديث : "وَأَمَّا قَوْله ( وَهَذَا يَوْمَئِذٍ كَافِر بِالْعُرُشِ ) فَالْإِشَارَة بِهَذَا إِلَى مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان , وَفِي الْمُرَاد بِالْكُفْرِ هُنَا وَجْهَانِ أَحَدهمَا مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْره الْمُرَاد وَهُوَ مُقِيم فِي بُيُوت مَكَّة . قَالَ ثَعْلَب : يُقَال : اكْتَفَرَ الرَّجُل إِذَا لَزِمَ الْكُفُور , وَهِيَ الْقُرَى . وَفِي الْأَثَر عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ( أَهْل الْكُفُور هُمْ أَهْل الْقُبُور ) يَعْنِي الْقُرَى الْبَعِيدَة عَنْ الْأَمْصَار وَعَنْ الْعُلَمَاء . ‏وَالْوَجْه الثَّانِي الْمُرَاد الْكُفْر بِاَللَّهِ تَعَالَى , وَالْمُرَاد أَنَّا تَمَتَّعْنَا وَمُعَاوِيَة يَوْمئِذٍ كَافِر عَلَى دِين الْجَاهِلِيَّة مُقِيم بِمَكَّة , وَهَذَا اِخْتِيَار الْقَاضِي عِيَاض وَغَيْره , وَهُوَ الصَّحِيح الْمُخْتَار , وَالْمُرَاد بِالْمُتْعَةِ الْعُمْرَة الَّتِي كَانَتْ سَنَة سَبْع مِنْ الْهِجْرَة , وَهِيَ عُمْرَة الْقَضَاء , وَكَانَ مُعَاوِيَة يَوْمَئِذٍ كَافِرًا" (صحيح مسلم بشرح النووي : الحج ؛ جواز التمتع)
ومعلوم أن عمرة  القضاء لم يكن بها متعة- كما ذكر النووي نفسه في شرح حديث عبد الله بن شقيق ‏السابق-  وأن متعة الحج كانت في حجة الوداع وكان معاوية مسلما.
يقول النووي: "وَقَوْله : ( كُنَّا خَائِفِينَ ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ خَائِفِينَ يَوْم عُمْرَة الْقَضَاء سَنَة سَبْع قَبْل فَتْح مَكَّة لَكِنْ لَمْ يَكُنْ تِلْكَ السَّنَة حَقِيقَة تَمَتُّع إِنَّمَا كَانَ عُمْرَة وَحْدهَا ".( صحيح مسلم بشرح النووي : الحج ؛ جواز التمتع)
3.      "عن بن عباس قال كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله، ثلاث أعطنيهن قال: نعم، قال: عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان ازوجكها، قال: نعم، قال: ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك، قال: نعم، قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين، قال: نعم، قال أبو زميل: ولولا أنه طلب ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ما أعطاه ذلك؛ لأنه لم يكن يسأل شيئا إلا قال نعم" (مسلم : فضائل الصحابة ؛ رضي الله عنهم ؛ من فضائل أبي سفيان ...)
يقول الإمام النووي رحمه الله في شرح الحديث :" وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْأَحَادِيث الْمَشْهُورَة بِالْإِشْكَالِ , وَوَجْه الْإِشْكَال أَنَّ أَبَا سُفْيَان إِنَّمَا أَسْلَمَ يَوْم فَتْح مَكَّة سَنَة ثَمَان مِنْ الْهِجْرَة , وَهَذَا مَشْهُور لَا خِلَاف فِيهِ , وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَزَوَّجَ أُمّ حَبِيبَة قَبْل ذَلِكَ بِزَمَانٍ طَوِيل . قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَخَلِيفَة بْن خَيَّاط وَابْن الْبَرْقِيّ وَالْجُمْهُور : تَزَوَّجَهَا سَنَة سِتّ , وَقِيلَ : سَنَة سَبْع . قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : وَاخْتَلَفُوا أَيْنَ تَزَوَّجَهَا ؟ فَقِيلَ : بِالْمَدِينَةِ بَعْد قُدُومهَا مِنْ الْحَبَشَة , وَقَالَ الْجُمْهُور : بِأَرْضِ الْحَبَشَة . قَالَ : وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ عَقَدَ لَهُ عَلَيْهَا هُنَاكَ ؟ فَقِيلَ : عُثْمَان , وَقِيلَ : خَالِد بْن سَعِيد بْن الْعَاصِي بِإِذْنِهَا , وَقِيلَ : النَّجَاشِيّ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِير الْمَوْضِع وَسُلْطَانه . قَالَ الْقَاضِي : وَاَلَّذِي فِي مُسْلِم هُنَا أَنَّهُ زَوَّجَهَا أَبُو سُفْيَان غَرِيب جِدًّا . وَخَبَرهَا مَعَ أَبِي سُفْيَان حِين وَرَدَ الْمَدِينَة فِي حَال كُفْره مَشْهُور . وَلَمْ يَزِدْ الْقَاضِي عَلَى هَذَا . وَقَالَ اِبْن حَزْم : هَذَا الْحَدِيث وَهْم مِنْ بَعْض الرُّوَاة ; لِأَنَّهُ لَا خِلَاف بَيْن النَّاس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ أُمّ حَبِيبَة قَبْل الْفَتْح بِدَهْرٍ , وَهِيَ بِأَرْضِ الْحَبَشَة , وَأَبُوهَا كَافِر . وَفِي رِوَايَة عَنْ اِبْن حَزْم أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ : مَوْضُوع قَالَ : وَالْآفَة فِيهِ مِنْ عِكْرِمَة بْن عَمَّار الرَّاوِي عَنْ أَبِي زُمَيْل . وَأَنْكَرَ الشَّيْخ أَبُو عَمْرو بْن الصَّلَاح رَحِمَهُ اللَّه هَذَا عَلَى اِبْن حَزْم , وَبَالَغَ فِي الشَّنَاعَة عَلَيْهِ . قَالَ : وَهَذَا الْقَوْل مِنْ جَسَارَته فَإِنَّهُ كَانَ هَجُومًا عَلَى تَخْطِئَة الْأَئِمَّة الْكِبَار , وَإِطْلَاق اللِّسَان فِيهِمْ . قَالَ : وَلَا نَعْلَم أَحَدًا مِنْ أَئِمَّة الْحَدِيث نَسَبَ عِكْرِمَة بْن عَمَّار إِلَى وَضْع الْحَدِيث , وَقَدْ وَثَّقَهُ وَكِيع وَيَحْيَى بْن مَعِين وَغَيْرهمَا , وَكَانَ مُسْتَجَاب الدَّعْوَة . قَالَ : وَمَا تَوَهَّمَهُ اِبْن حَزْم مِنْ مُنَافَاة هَذَا الْحَدِيث لِتَقَدُّمِ زَوَاجهَا غَلَط مِنْهُ وَغَفْلَة ; لِأَنَّهُ يَحْتَمِل أَنَّهُ سَأَلَهُ تَجْدِيد عَقْد النِّكَاح تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ ; لِأَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا يَرَى عَلَيْهَا غَضَاضَة مِنْ رِيَاسَته وَنَسَبه أَنْ تُزَوَّج اِبْنَته بِغَيْرِ رِضَاهُ , أَوْ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ إِسْلَام الْأَب فِي مِثْل هَذَا يَقْتَضِي تَجْدِيد الْعَقْد , وَقَدْ خَفِيَ أَوْضَحُ مِنْ هَذَا عَلَى أَكْبَر مَرْتَبَة مِنْ أَبِي سُفْيَان مِمَّنْ كَثُرَ عِلْمه وَطَالَتْ صُحْبَته . هَذَا كَلَام أَبِي عَمْرو رَحِمَهُ اللَّه , وَلَيْسَ فِي الْحَدِيث أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّدَ الْعَقْد , وَلَا قَالَ لِأَبِي سُفْيَان إِنَّهُ يَحْتَاج إِلَى تَجْدِيده , فَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ : نَعَمْ أَنَّ مَقْصُودك يَحْصُل وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَقِيقَةِ عَقْد . وَاَللَّه أَعْلَم
(
صحيح مسلم بشرح النووي : فضائل الصحابة ؛ رضي الله عنهم ؛ من فضائل أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه)
4.      "عن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه قال: أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهو مردف أبا بكر، وأبو بكر شيخ يعرف ونبي الله صلى الله عليه وسلم شاب لا يعرف، قال: فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر، من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجل يهديني السبيل" (البخاري : فضائل الصحابة ؛ هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة)
يقول بن حجر رحمه الله في شرح الحديث : " قوله : ( ونبي الله شاب لا يعرف ) ظاهره أن أبا بكر كان أسن من النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس كذلك ، وقد ذكر أبو عمر من رواية حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن يزيد بن الأصم  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر : أيما أسن أنا أو أنت ؟ قال : أنت أكرم يا رسول الله مني وأكبر ، وأنا أسن منك  قال أبو عمر : هذا مرسل ، ولا أظنه إلا وهما . قلت : وهو كما ظن ، وإنما يعرف هذا للعباس . وأما أبو بكر فثبت في صحيح مسلم عن معاوية أنه عاش ثلاثا وستين سنة  ، وكان قد عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - سنتين وأشهرا فيلزم على الصحيح في سن أبي بكر أن يكون أصغر من النبي - صلى الله عليه وسلم - بأكثر من سنتين " ( فتح الباري : فضائل الصحابة ؛ هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة)

5.      "عن أنس بن مالك أنه سمعه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، وليس بالأبيض الأمهق، ولا بالآدم، ولا بالجعد القطط، ولا بالسبط، بعثه الله على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنة وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء . (مسلم : الفضائل ؛ في صفة النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه وسنه)
يقول النووي رحمه الله في شرح الحديث : "ذكر في الباب ثلاث روايات : إحداها ( أنه صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن ستين سنة ) ، والثانية : ( خمس وستون ) ، والثالثة : ( ثلاث وستون ) ، وهي أصحها وأشهرها . رواه مسلم هنا من رواية عائشة وأنس وابن عباس رضي الله عنهم . واتفق العلماء على أن أصحها ثلاث وستون ، وتأولوا الباقي عليه . فرواية ستين اقتصر فيها على العقود وترك الكسر ، ورواية الخمس متأولة أيضا ، وحصل فيها اشتباه ، وقد أنكر عروة على ابن عباس قوله : ( خمس وستون ) ونسبه إلى الغلط ، وأنه لم يدرك أول النبوة ، ولا كثرت صحبته بخلاف الباقين . 
واتفقوا أنه صلى الله عليه وسلم أقام بالمدينة بعد الهجرة عشر سنين ، وبمكة قبل النبوة أربعين سنة ، وإنما الخلاف في قدر إقامته بمكة بعد النبوة ، وقبل الهجرة  - الرسول عليه الصلاة والسلام -  . والصحيح أنها ثلاث عشرة ، فيكون عمره ثلاثا وستين ." (صحيح مسلم بشرح النووي : الفضائل ؛ في صفة النبي صلى الله سلم ومبعثه وسنه)


"عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ: "الحمد لله رب العالمين" فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبة قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقي: لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله فذكروا له، فقال: (وما يدريك أنها رقية) ثم قال: (قد أصبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم سهما"( البخاري : الإجارة ؛ ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب / مسلم : السلام ؛ جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار)
الواضح من الحديث أن هذا الحي من أحياء العرب لم يكونوا مسلمين، ولو كانوا مسلمين لما أبوا أن يضيفوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ".( الفتح : 29)
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل في القرآن شفاء لغير المؤمنين ؟
وللإجابة على هذا السؤال؛ نستعرض الآيتين التاليتين من كتاب الله سبحانه وتعالى :
 يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء:"وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا"(الإسراء :82 )
ويقول سبحانه وتعالى في سورة فصلت: "وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ" (فصلت :44)
إذا القرآن "هُدًى وَشِفَاءٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا والذين لا يؤمنون فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى" فصلت .
والقرآن "لا يزيد الظالمين إلا خسارا " الإسراء . فلا يمكن أن يكون في القرآن الكريم منفعة للظالمين من أي نوع، فهو لا يزيدهم إلا خسارا؛ فكيف يمكن أن يكون فيه شفاء لهم!؟
السؤال الثاني الذي يطرح نفسه: ما نوع الشفاء المذكور في الآيتين الكريمتين؟ هل هو شفاء لأمراض الجسد أم شفاء لما في الصدور ؟
يفسر ابن كثير الآية التي في سورة الإسراء فيقول: " شفاء ورحمة للمؤمنين " أي يذهب ما في القلوب من أمراض من شك ونفاق وشرك وزيغ وميل، فالقرآن يشفي من ذلك كله، وهو أيضا رحمة يحصل فيها الإيمان والحكمة وطلب الخير والرغبة فيه، وليس هذا إلا لمن آمن به وصدقه واتبعه، فإنه يكون شفاء في حقه ورحمة، وأما الكافر الظالم نفسه بذلك، فلا يزيده سماعه القرآن إلا بعدا وكفر"
(
تفسير ابن كثير : الإسراء ؛ 82)
ويفسر ابن كثير الآية التي في سورة فصلت  فيقول:"قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء " أي قل يا محمد هذا القرآن لمن آمن به هدى لقلبه، وشفاء لما في الصدور من الشكوك والريب" والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر " أي لا يفهمون ما فيه " وهو عليهم عمى " أي لا يهتدون إلى ما فيه من البيان"
(تفسير ابن كثير : فصلت :44)
ويقول الله سبحانه وتعالى : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ للمؤمنين" (يونس : 57 )
 ويقول ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: "يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم " أي زاجر عن الفواحش " وشفاء لما في الصدور " أي من الشبه والشكوك وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس، "وهدى ورحمة" أي يحصل به الهداية والرحمة من الله تعالى" (تفسير ابن كثير  :يونس ؛ 57)
إذا الشفاء الذي في القرآن الكريم إنما هو شفاء لما في الصدور ، وليس شفاء للدغ الأفعى كما جاء في الحديث السابق ، وليس للأمراض الجسدية عامة .
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرقى المريض بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى ، لأنه يعلم صلى الله عليه وسلم أن الشفاء إنما يكون من الله سبحانه وتعالى:
"عن عائشة رضي الله عنها:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا أتى مريضاً أو أتي به، قال: (أذهب الباس رب الناس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً" (متفق عليه. .البخاري : الطب ؛ رقية النبي صلى الله عليه وسلم / مسلم : السلام ؛ استحباب رقية المريض)
"عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده منذ أسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل: باسم الله، ثلاثا، وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" ( مسلم :السلام ؛ استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء)
كما ورد أنه صلى الله عيه وسلم كان يرقي أيضا بالمعوذات، وهن من نوع الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى، فكلمة أعوذ تعني:التجئ واعتصم واستجير، ولم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه رقى بغير ذلك من القرآن.
"عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات، فلما مرض مرضه الذي مات فيه، جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه، لأنها كانت أعظم بركة من يدي"(متفق عليه. البخاري : المغازي ؛ مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته / مسلم :السلام ؛ رقية المريض بالمعوذات والنفث)
"عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي بن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، قالت: أصبر، قالت: فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها" (متفق عليه. البخاري : المرضى ؛ فضل من يصرع من الريح / مسلم :البر والصلة والآداب ؛ ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك...)
لو جاءت هذه المرأة إلى شيخ من شيوخ زماننا، لقرأ عليها القرآن، ليخرج الجن منها ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم حديث صحيح أو ضعيف أنه كان يخرج الجن بالقرآن، كما لم يرد ذلك عن الصحابة الكرام، كما أن المرأة طلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو لها، ولم تطلب منه أن يقرا عليها القرآن ليخرج الجن منها، لأن إخراج الجن من المصروع لم يكن معروفا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا في زمن الصحابة الكرام من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن أحدثه  الناس في عصور التخلف والجهل.
أعجب أشد العجب، لمن يقول إن في القرآن شفاء لأمراض الجسد ثم يذهب إلى الطبيب، لو كان عنده يقين بما يقول ، لما طلب الشفاء إلا من كتاب الله سبحانه وتعالى .
ومهما كانت الوسيلة التي يلجأ إليها الإنسان في التداوي ، فإن الشفاء لا يكون إلا من الله سبحانه وتعالى على يد الطبيب أو بغيره "وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ" (الشعراء : 80 . )
لنلجأ إلى الله سبحانه وتعالى في طلب الشفاء ، لنقرأ القرآن، ونكثر من ذكر الله سبحانه وتعالى، ونكثر من النوافل حتى إذا شعرنا أننا قريبون من الله سبحانه وتعالى، توجهنا إليه بقلوبنا بالدعاء، عسى الله سبحانه وتعالى أن يستجيب لنا، ويكشف ما بنا من الضر .
 "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" (البقرة : 186  )
ولا ننس التداوي، ومراجعة من له علم بالطب، و ليكن يقيننا أن الشفاء إنما هو من الله سبحانه وتعالى وليس من الطبيب.
"عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء، برأ بإذن الله" (مسلم : السلام ؛ لكل داء دواء واستحباب التداوي)
"عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء"( البخاري : المرضى ؛ ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء)
"كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ" (ص : 29)
تأمل من يعالجون بالقرآن الكريم، هل تجدهم يتدبرون كتاب الله، أم أنهم يرطنون به رطنا لا يجاوز تراقيهم؟ هل ترى في قلوبهم مثقال ذرة من خشوع عندما يعالجون بالقرآن ؟
لقد اتخذ الناس من العلاج بالقرآن الكريم ضربا من ضروب الشعوذة، وابتعدوا به عن الهدف الأسمى الذي أنزل من أجله، إخراج الناس من الظلمات إلى النور
"ار كِتَابٌ أَنْلزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ" (إبراهيم : 1،2)
يقول ابن خلدون في مقدمته:
"وللبادية من أهل العمران طب يبنونه في غالب الأمر على تجربة قاصرة على بعض الأشخاص و يتداولونه متوارثا عن مشايخ الحي و عجائزه و ربما يصح منه البعض إلا أنه ليس على قانون طبيعي و لا عن موافقة المزاج‏.‏ و كان عند العرب من هذا الطب كثير و كان فيهم أطباء معروفون‏ كالحارث بن كلدة و غيره‏.‏ و الطب المنقول في الشرعيات من هذا القبيل و ليس من الوحي في شيء و إنما هو أمر كان عاديا للعرب‏.‏ و وقع في ذكر أحوال النبي صلى الله عليه وسلم من نوع ذكر أحواله التي هي عادة و جبلة لا من جهة أن ذلك مشروع على ذلك النحو من العمل‏.‏ فإنه صلى الله عليه و سلم إنما بعث ليعلمنا الشرائع و لم يبعث لتعريف الطب و لا غيره من العاديات‏.‏ و قد وقع له في شأن تلقيح النخل ما وقع فقال‏:‏ ‏"‏ أنتم أعلم بأمور دنياكم "‏.‏ فلا ينبغي أن يحمل شيء من الذي وقع من الطب الذي وقع في الأحاديث الصحيحة المنقولة على أنه مشروع. فليس هناك ما يدل عليه اللهم إلا إن استعمل على جهة التبرك و صدق العقد الإيماني فيكون له اثر عظيم في النفع‏.‏ و ليس ذلك من الطب المزاجي و إنما هو من آثار الكلمة الإيمانية" ( مقدمة ابن خلدون: في العلوم وأصنافها والتعليم وطرقه،  الفصل الخامس والعشرون ، علم الطب) 
ولعل هذا الحديث – حديث الرقية بالفاتحة –   إضافة إلى حديث سحره صلى الله عليه وسلم .كانا من أهم أسباب انتشار الشعوذة وأعمال السحر بين المسلمين، مما كان له أبلغ الأثر في تخلف الأمة الإسلامية. وخاصة إذا علمنا أن الإمام مسلم يجيز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن الكريم، فلقد عنون لهذا الحديث تحت باب "جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار"



"عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته، قال: فوجدته يصلي، فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته، فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت، فالتفت فإذا حية، فوثبت لأقتلها، فأشار إلي أن اجلس، فجلست، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال: أترى هذا البيت، فقلت: نعم، قال: كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس، قال: فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله، فاستأذنه يوما، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ عليك سلاحك، فإني أخشى عليك قريظة، فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع، فإذا امرأته بين البابين قائمة، فأهوى إليها الرمح ليطعنها به، وأصابته غيرة، فقالت له: اكفف عليك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني، فدخل، فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش، فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به، ثم خرج فركزه في الدار، فاضطربت عليه، فما يدرى أيهما كان أسرع موتا، الحية أم الفتى، قال: فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، وقلنا: ادع الله يحييه لنا، فقال: استغفروا لصاحبكم، ثم قال: إن بالمدينة جنا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان"
( مسلم : السلام ؛ قتل الحيات وغيرها)
ونتساءل :
1.       هل يحق لمن أسلم من الجن أن يدخل بيوتنا، ويطأ فرشنا بغير إذن منا؟
2.       من الواضح أن هذا النوع من الأفاعي سام جدا، فهل يجرؤ أحدنا أن يترك الحية في بيته (وعلى فراشه) ثلاثة أيام، ثم ينام مطمئنا قرير العين،  خاصة إذا علمنا أن منها جن مسلم ومنها شياطين، كما جاء في الحديث، فإن كان يأمن للجن المسلم، فكيف يأمن للشياطين؟
3.       إذا كنا نجرؤ نحن على ذلك، فكيف نقنع نساءنا وأطفالنا بذلك ؟
4.       لنفترض أن الصحابة لم يكونوا من البشر، وكانوا لا يخافون النوم في البيت الذي فيه أفاعي سامة، فهل تجرؤ نساؤهم وأطفالهم على ذلك؟ وإذا كان الجواب نعم، فلماذا هربت زوجة الصحابي من البيت عندما رأت الحية ؟
5.      هل للجن سلطان على الإنس غير الوسوسة؟. وهل يستطيع الجن قتل الإنسان ؟يقول الله سبحانه وتعالى: "وَقَالَ ٱلشَّيْطَٰنُ لَمَّا قُضِىَ ٱلْأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لي عَلَيْكُم مِّن سُلْطَٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لي"(أبراهيم: 22)
6.       هل جعل الله سبحانه وتعالى للإنسان سلطانا على الجن بعد نبي الله سليمان عليه السلام، وهل يستطيع الإنسي قتل الجني؟
7.      ما الذي يجعل الجني يتمثل في صورة حية يستطيع الإنسان قتلها، إذا كان الإنسان لا يستطيع رؤيته عندما يكون على صورته الأصلية التي خلقه الله سبحانه وتعالى عليها، فلا يسلط عليه فيقتله، سواء كان جنيا مسلما أو شيطانا .
8.        الفتى أصابته غيرة فأهوى إليها الرمح ليطعنها به، فهل كان من عادتهم إذا رأى أحدهم زوجته بين البابين قائمة،أن يطعنها بالرمح؟
9.       يقول الله سبحانه وتعالى:" لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفۡسًا إِلاَّ وُسۡعَهَا"( البقرة 286)
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: وقوله: " لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا" ( أي:لا يكلف أحدًا فوق طاقته، وهذا من لطفه تعالى بخلقه ورأفته بهم وإحسانه إليهم)

10. أليس في هذا الحديث تكليف للمسلمين فوق طاقتهم!؟




حدثنا ‏ ‏نعيم بن حماد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏هشيم ‏ ‏عن ‏ ‏حصين ‏ ‏عن ‏ ‏عمرو بن ميمون ‏ ‏قال :" رأيت في الجاهلية قِرْدَةً، اجتمع عليها قِرَدَةٌ، قد زنت فرجموها فرجمتها معهم" ‏( البخاري :: فضائل الصحابة ؛ أيام الجاهلية )
يقول ابن حجر في شرح الحديث : "وَقَدْ اِسْتَنْكَرَ اِبْن عَبْد الْبَرّ قِصَّة عَمْرو بْن مَيْمُون هَذِهِ وَقَالَ : فِيهَا إِضَافَة الزِّنَا إِلَى غَيْر مُكَلَّف وَإِقَامَة الْحَدّ عَلَى الْبَهَائِم وَهَذَا مُنْكَر عِنْد أَهْل الْعِلْم"
وبالرغم من اعتراف ابن حجر بأن أحد رواة الحديث وهو هشيم مدلس ، والتدليس هو أخو الكذب كما قاله الشافعي رحمه الله، إلا أن أبن حجر يدافع عن الحديث ، ويحاول إثبات صحة الواقعة . فجعل يتخبط تخبطا لا يخفى على ذي لب ، وأذكر هنا شرح ابن حجر للحديث كاملا ، لتحصل به الفائدة.
"قَوْله : ( حَدَّثَنَا نُعَيْم بْن حَمَّاد ) ‏فِي رِوَايَة بَعْضهمْ حَدَّثَنَا نُعَيْم غَيْر مَنْسُوب , وَهُوَ الْمَرْوَزِيُّ نَزِيل مِصْر , وَقَلَّ أَنْ يُخَرِّج لَهُ الْبُخَارِيّ مَوْصُولًا بَلْ عَادَتُهُ أَنْ يَذْكُر عَنْهُ بِصِيغَةِ التَّعْلِيق . وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ " حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم " وَصَوَّبَهُ بَعْضهمْ وَهُوَ غَلَط ‏قَوْله : ( عَنْ حُصَيْنٍ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ فِي " التَّارِيخ " فِي هَذَا الْحَدِيث " حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ " فَأَمِنَ بِذَلِكَ مَا يَخْشَى مِنْ تَدْلِيس هُشَيْم الرَّاوِي عَنْهُ , وَقَرَنَ فِيهِ أَيْضًا مَعَ حُصَيْنٍ أَبَا الْمَلِيح . ‏قَوْله : ( رَأَيْت فِي الْجَاهِلِيَّة قِرْدَة ) ‏‏بِكَسْرِ الْقَاف وَسُكُون الرَّاء وَاحِدَة الْقُرُود , وَقَوْله : " اِجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَة " بِفَتْحِ الرَّاء جَمْع قِرْد , وَقَدْ سَاقَ الْإِسْمَاعِيلِيّ هَذِهِ الْقِصَّة مِنْ وَجْه آخَر مُطَوَّلَة مِنْ طَرِيق عِيسَى بْن حِطَّان عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون قَالَ : " كُنْت فِي الْيَمَن فِي غَنَم لِأَهْلِي وَأَنَا عَلَى شَرَف , فَجَاءَ قِرْد مِنْ قِرَدَة فَتَوَسَّدَ يَدهَا , فَجَاءَ قِرْد أَصْغَر مِنْهُ فَغَمَزَهَا , فَسَلَّتْ يَدهَا مِنْ تَحْت رَأْس الْقِرْد الْأَوَّل سَلًّا رَفِيقًا وَتَبِعَتْهُ , فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَأَنَا أَنْظُر , ثُمَّ رَجَعَتْ فَجَعَلَتْ تُدْخِل يَدهَا تَحْت خَدّ الْأَوَّل بِرِفْقٍ , فَاسْتَيْقَظَ فَزِعًا , فَشَمَّهَا فَصَاحَ , فَاجْتَمَعَتْ الْقُرُود , فَجَعَلَ يَصِيح وَيُومِئ إِلَيْهَا بِيَدِهِ , فَذَهَبَ الْقُرُود يَمْنَة وَيَسْرَة , فَجَاءُوا بِذَلِكَ الْقِرْد أَعْرِفهُ , فَحَفَرُوا لَهُمَا حُفْرَة فَرَجَمُوهُمَا , فَلَقَدْ رَأَيْت الرَّجْم فِي غَيْر بَنِي آدَم " قَالَ اِبْن التِّين : لَعَلَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مِنْ نَسْل الَّذِينَ مُسِخُوا فَبَقِيَ فِيهِمْ ذَلِكَ الْحُكْم . ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْمَمْسُوخ لَا يَنْسِل قُلْت : وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد , لِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم " أَنَّ الْمَمْسُوخ لَا نَسْل لَهُ " وَعِنْده مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود مَرْفُوعًا " إِنَّ اللَّه لَمْ يُهْلِك قَوْمًا فَيَجْعَل لَهُمْ نَسْلًا " وَقَدْ ذَهَبَ أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاج وَأَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ إِلَى أَنَّ الْمَوْجُود مِنْ الْقِرَدَة مِنْ نَسْل الْمَمْسُوخ , وَهُوَ مَذْهَب شَاذّ اِعْتَمَدَ مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ مَا ثَبَتَ أَيْضًا فِي صَحِيح مُسْلِم " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أُتِيَ بِالضَّبِّ قَالَ : لَعَلَّهُ مِنْ الْقُرُون الَّتِي مُسِخَتْ " وَقَالَ فِي الْفَأْر " فَقَدِمَتْ أُمَّة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل لَا أَرَاهَا إِلَّا الْفَأْر " وَأَجَابَ الْجُمْهُور عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ قَبْل أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ بِحَقِيقَةِ الْأَمْر فِي ذَلِكَ , وَلِذَلِكَ لَمْ يَأْتِ الْجَزْم عَنْهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , بِخِلَافِ النَّفْي فَإِنَّهُ جَزَمَ بِهِ كَمَا فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود , وَلَكِنْ لَا يَلْزَم أَنْ تَكُون الْقُرُود الْمَذْكُورَة مِنْ النَّسْل , فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الَّذِينَ مُسِخُوا لَمَّا صَارُوا عَلَى هَيْئَة الْقِرَدَة مَعَ بَقَاء أَفْهَامهمْ عَاشَرَتْهُمْ الْقِرَدَة الْأَصْلِيَّة لِلْمُشَابَهَةِ فِي الشَّكْل فَتَلَقَّوْا عَنْهُمْ بَعْض مَا شَاهَدُوهُ مِنْ أَفْعَالهمْ فَحَفِظُوهَا وَصَارَتْ فِيهِمْ , وَاخْتُصَّ الْقِرْد بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفِطْنَة الزَّائِدَة عَلَى غَيْره مِنْ الْحَيَوَان وَقَابِلِيَّة التَّعْلِيم لِكُلِّ صِنَاعَة مِمَّا لَيْسَ لِأَكْثَر الْحَيَوَان , وَمِنْ خِصَاله أَنَّهُ يَضْحَك وَيَطْرَب وَيَحْكِي مَا يَرَاهُ , وَفِيهِ مِنْ شِدَّة الْغَيْرَة مَا يُوَازِي الْآدَمِيّ وَلَا يَتَعَدَّى أَحَدهمْ إِلَى غَيْر زَوْجَته , فَلَا يَدَع فِي الْغَالِب أَنْ يُحَمِّلهَا مَا رُكِّبَ فِيهَا مِنْ غَيْرَة عَلَى عُقُوبَة مَنْ اِعْتَدَى إِلَى مَا لَمْ يَخْتَصّ بِهِ مِنْ الْأُنْثَى , وَمِنْ خَصَائِصه أَنَّ الْأُنْثَى تَحْمِل أَوْلَادهَا كَهَيْئَةِ الْآدَمِيَّة , وَرُبَّمَا مَشَى الْقِرْد عَلَى رِجْلَيْهِ لَكِنْ لَا يَسْتَمِرّ عَلَى ذَلِكَ , وَيَتَنَاوَل الشَّيْء بِيَدِهِ وَيَأْكُل بِيَدِهِ , وَلَهُ أَصَابِع مُفَصَّلَة إِلَى أَنَامِل وَأَظْفَار , وَلِشَفْرِ عَيْنَيْهِ أَهْدَاب . وَقَدْ اِسْتَنْكَرَ اِبْن عَبْد الْبَرّ قِصَّة عَمْرو بْن مَيْمُون هَذِهِ وَقَالَ : فِيهَا إِضَافَة الزِّنَا إِلَى غَيْر مُكَلَّف وَإِقَامَة الْحَدّ عَلَى الْبَهَائِم وَهَذَا مُنْكَر عِنْد أَهْل الْعِلْم , قَالَ : فَإِنْ كَانَتْ الطَّرِيق صَحِيحَة فَلَعَلَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مِنْ الْجِنّ لِأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَة الْمُكَلَّفِينَ , وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَى الطَّرِيق الَّتِي أَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيّ حَسْب , وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ كَوْن صُورَة الْوَاقِعَة صُورَة الزِّنَا وَالرَّجْم أَنْ يَكُون ذَلِكَ زِنًا حَقِيقَة وَلَا حَدًّا , وَإِنَّمَا أُطْلِقَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِشَبَهِهِ بِهِ , فَلَا يَسْتَلْزِم ذَلِكَ إِيقَاع التَّكْلِيف عَلَى الْحَيَوَان . وَأَغْرَبَ الْحُمَيْدِيّ فِي الْجَمْع بَيْن الصَّحِيحَيْنِ فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث وَقَعَ فِي بَعْض نُسَخ الْبُخَارِيّ , وَأَنَّ أَبَا مَسْعُود وَحْده ذَكَرَهُ فِي " الْأَطْرَاف " قَالَ : وَلَيْسَ فِي نُسَخ الْبُخَارِيّ أَصْلًا فَلَعَلَّهُ مِنْ الْأَحَادِيث الْمُقْحَمَة فِي كِتَاب الْبُخَارِيّ . وَمَا قَالَهُ مَرْدُود , فَإِنَّ الْحَدِيث الْمَذْكُور فِي مُعْظَم الْأُصُول الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا , وَكَفَى بِإِيرَادِ أَبِي ذَرّ الْحَافِظ لَهُ عَنْ شُيُوخه الثَّلَاثَة الْأَئِمَّة الْمُتْقِنِينَ عَنْ الْفَرَبْرِيّ حُجَّة , وَكَذَا إِيرَاد الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبِي نُعَيْم فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا وَأَبِي مَسْعُود لَهُ فِي أَطْرَافه , نَعَمْ سَقَطَ مِنْ رِوَايَة النَّسَفِيّ وَكَذَا الْحَدِيث الَّذِي بَعْده , وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُون فِي رِوَايَة الْفَرَبْرِيّ , فَإِنَّ رِوَايَته تَزِيد عَلَى رِوَايَة النَّسَفِيّ عِدَّة أَحَادِيث قَدْ نَبَّهْت عَلَى كَثِير مِنْهَا فِيمَا مَضَى وَفِيمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى , وَأَمَّا تَجْوِيزه أَنْ يُزَاد فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهَذَا يُنَافِي مَا عَلَيْهِ الْعُلَمَاء مِنْ الْحُكْم بِتَصْحِيحِ جَمِيع مَا أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيّ فِي كِتَابه , وَمِنْ اِتِّفَاقهمْ عَلَى أَنَّهُ مَقْطُوع بِنِسْبَتِهِ إِلَيْهِ , وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ تَخَيُّل فَاسِد يَتَطَرَّق مِنْهُ عَدَم الْوُثُوق بِجَمِيعِ مَا فِي الصَّحِيح , لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ فِي وَاحِد لَا بِعَيْنِهِ جَازَ فِي كُلّ فَرْد فَرْد , فَلَا يَبْقَى لِأَحَدٍ الْوُثُوق بِمَا فِي الْكِتَاب الْمَذْكُور , وَاتِّفَاق الْعُلَمَاء يُنَافِي ذَلِكَ , وَالطَّرِيق الَّتِي أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيّ دَافِعَة لِتَضْعِيفِ اِبْن عَبْد الْبَرّ لِلطَّرِيقِ الَّتِي أَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيّ , وَقَدْ أَطْنَبْت فِي هَذَا الْمَوْضِع لِئَلَّا يَغْتَرّ ضَعِيف بِكَلَامِ الْحُمَيْدِيّ فَيَعْتَمِدهُ , وَهُوَ ظَاهِر الْفَسَاد , وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَة مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى فِي " كِتَاب الْخَيْل " لَهُ مِنْ طَرِيق الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ مُهْرًا أُنْزِيَ عَلَى أُمّه فَامْتَنَعَ , فَأُدْخِلَتْ فِي بَيْت وَجُلِّلْت بِكِسَاءٍ وَأُنْزِيَ عَلَيْهَا فَنَزَا , فَلَمَّا شَمَّ رِيح أُمّه عَمَدَ إِلَى ذَكَرِهِ فَقَطَعَهُ بِأَسْنَانِهِ مِنْ أَصْله , فَإِذَا كَانَ هَذَا الْفَهْم فِي الْخَيْل مَعَ كَوْنهَا أَبْعَد فِي الْفِطْنَة مِنْ الْقِرْد فَجَوَازهَا فِي الْقِرْد أَوْلَى" (فتح الباري : فضائل الصحابة ؛ أيام الجاهلية )
يدافع بعض القائلين بأن كل ما في الصحيحين صحيح عن هذه الرواية فيقولون: إن عمرو بن ميمون تابعي وليس صحابيا، وأن هذه الرواية تسمى أثرا ولا تسمى حديثا .
فنقول لهم : سواء كان عمرو ابن ميمون صحابيا ، أو تابعيا، أو إنسا ، أو جنا ، أوحتى قردا ، وسواء سميتم هذه الرواية حديثا، أو أثرا، أو سخافة، أو خرافة ، سموها ما شئتم ، فهي موجودة في صحيح البخاري ، بمعنى أنه ليس كل ما في الصحيحين صحيح .

يقول الله سبحانه وتعالى : "أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسْجُدُ لَهُۥ مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلْجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ وَكَثِيرٌۭ مِّنَ ٱلنَّاسِ ۖ "  (الحج : 18 )
هذه حقيقة قرآنية ، تقرر أن جميع مخلوقات الله سبحانه وتعالى تسجد له سبحانه وتعالى ،  وإن وقع استثناء في هذه الآية الكريمة فهو "لكثير من الناس" وهذا يتبين من قوله سبحانه وتعالى : "وَكَثِيرٌۭ مِّنَ ٱلنَّاسِ" ، ولم يقع استثناء لبقية مخلوقات الله سبحانه وتعالى، فهي تسجد لله سبحانه وتعالى طائعة له وتسبح له سبحانه وتعالى: "تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًۭا" (الإسراء :44)
ومن المُسلَّمِ به ، أن التكليف الشرعي، إنما يقع على الثقلين: الإنس والجن، دون بقية مخلوقات الله سبحانه وتعالى" وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" ( الذاريات : 56 ) . "يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌۭ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ءَايَٰتِى وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا۟ شَهِدْنَا عَلَىٰٓ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا وَشَهِدُوا۟ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا۟ كَٰفِرِينَ" (الأنعام :130)
فنجد إنسا مسلما، وإنسا كافرا، ونجد جنا مسلما، وجنا كافرا ، ولم يقل أحد بوجود حيوان مسلم، وحيوان كافر، وشجر مسلم، وشجر كافر .
يقول ابن حجر رحمه الله في شرحه لحديث القردة الزانية المذكورة في الباب السابق : " وَقَدْ اِسْتَنْكَرَ اِبْن عَبْد الْبَرّ قِصَّة عَمْرو بْن مَيْمُون هَذِهِ وَقَالَ : فِيهَا إِضَافَة الزِّنَا إِلَى غَيْر مُكَلَّف وَإِقَامَة الْحَدّ عَلَى الْبَهَائِم وَهَذَا مُنْكَر عِنْد أَهْل الْعِلْم , قَالَ : فَإِنْ كَانَتْ الطَّرِيق صَحِيحَة فَلَعَلَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مِنْ الْجِنّ لِأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَة الْمُكَلَّفِينَ" (فتح الباري : فضائل الصحابة ؛ أيام الجاهلية )
الحديثان التاليان، يخالفان هذه الحقيقة، ويثبتان الكفر لحيوان الوزغ، وشجر الغرقد .
أولا :"عن أم شريك رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ وقال: كان ينفخ على إبراهيم عليه السلام" (البخاري : الأنبياء ؛قول الله تعالى واتخذ الله إبراهيم خليلا)
1.      في هذا الحديث تقرير بكفر الوزغ، لأنه كان ينفخ على إبراهيم عليه السلام، والمقصود على نار إبراهيم كما جاء في بعض الروايات في غير البخاري ومسلم، وكما قلنا فإن الوزغ غير مكلفة حتى يحكم عليها بالكفر.

2.      إذا سلّمنا أن بعض الوزغ في عصر إبراهيم عليه السلام كان ينفخ على نار إبراهيم، فليس من المعقول أن جميع الوزغ في ذلك العصر كان ينفخ على نار إبراهيم، فلا نستطيع تكفير جميع الوزغ في ذلك العصر.

3.      إذا كان الوزغ في عصر إبراهيم عليه السلام ينفخ على نار إبراهيم، فما ذنب الوزغ في عصرنا هذا؟ أنقتله بذنب أجداده في العصور السالفة ؟ والله سبحانه وتعالى يقول "وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌۭ وِزْرَ أُخْرَىٰ " ( الأنعام : 164 )

ثانيا : "عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود" (مسلم : الفتن وأشراط الساعة ؛باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى...)
وهذا تقرير بكفر شجر الغرقد، ولو كان مسلما؛  لقال كما تقول الأشجار الأخرى: "يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله" ولكنه لم يقل؛ لأنه "من شجر اليهود"
كما أن في هذا الحديث إخبار بالغيب، ويخالف قول الله سبحانه وتعالى: "قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلَّا ٱللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ " (النمل :65)
 وقوله سبحانه وتعالى:" قُل لَّآ أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًۭا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لَٱسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِىَ ٱلسُّوٓءُ ۚ إِنْ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٌۭ وَبَشِيرٌۭ لِّقَوْمٍۢ يُؤْمِنُونَ " (الأعراف :188)
وقوله سبحانه وتعالى في سورة الأنعام: " قُل لَّآ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلَآ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّى مَلَكٌ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَىَّ ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلْأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ ۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ" (الأنعام : 50)
كما يخالف قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الحديث الذي رواه مسلم  "ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول : قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله" (مسلم : الإيمان ؛ معنى قول الله ولقد رآه نزلة أخرى...)




"عن أبي هريرة قال: أُرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام، فلما جاءه صكه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، قال: فرد الله إليه عينه وقال: ارجع إليه، فقل له يضع يده على متن ثور، فله بما غطت يده بكل شعرة سنة، قال: أي رب ثم مه؟ قال: ثم الموت، قال: فالآن، فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر"(متفق عليه. البخاري: الأنبياء ؛ وفاة موسى وذكره بعد / مسلم :الفضائل ؛ فضائل موسى عليه السلام )
وفي رواية أخرى عند مسلم :"عن أبي هريرة  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام فقال له: أجب ربك، قال: فلطم موسى عليه السلام عين ملك الموت ففقأها، قال، فرجع الملك إلى الله فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت، وقد فقأ عيني، قال: فرد الله إليه عينه وقال: ارجع إلى عبدي فقل الحياة تريد، فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة، قال: ثم مه، قال: ثم تموت، قال: فالآن من قريب، رب امتني من الأرض المقدسة رمية بحجر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر" (مسلم :الفضائل ؛ فضائل موسى عليه السلام)
سنناقش الحديث من ناحيتين :
1.                  الواضح من الرواية الثانية التي عند مسلم ؛ أن موسى عليه السلام عرف ملك الموت،وعرف أنه مرسل من ربه، وذلك ان ملك الموت قال له:"أجب ربك" ،وأخطأ من قال أن موسى عليه السلام لم يعرفه، فإن الملك عرَّفه بنفسه حيث قال له: "أجب ربك" وعرف موسى أن الملك مرسل من ربه، وأنه جاء يدعوه ليجيب دعوة ربه، وبالرغم من ذلك رفض إجابة دعوة ربه، ولطم الملك ففقأ عينه، وهذه إساءة إلى موسى عليه السلام، واتهام له بأنه عصى ربه ورفض أن يجيب دعوته سبحانه وتعالى.
2.                  هل للإنسان سلطان على الملائكة حتى يستطيع الإنسان أن يفقأ عين الملك، حتى ولو كان في صورة إنسان، والله سبحانه وتعالى يتوعد أبا جهل بالملائكة، فيقول سبحانه وتعالى: "فليدع ناديه، سندع الزبانية" ، ويبين سبحانه وتعالى قدرة الملائكة وبطشهم عليهم السلام، عندما استخف بعض كفار قريش بالملائكة، في قوله سبحانه وتعالى في سورة المدثر"عليها تسعة عشر" فأنزل سبحانه وتعالى قوله:
"وما جعلنا أصحاب النار إلّا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلّا فتنة للذين كفروا" ولو كان للإنسان سلطان على الملائكة ويستطيع أن يفقأ أعينهم، فماذا يفعل تسعة عشر ملكا بالمليارات من أهل النار من الجن والإنس؟
يقول ابن حجر في شرح الحديث:"قوله : ( قال وأخبرنا معمر عن همام إلخ ) هو موصول بالإسناد المذكور ، ووهم من قال إنه معلق ، فقد أخرجه أحمد عن عبد الرزاق عن معمر ، ومسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق كذلك ، وقوله في آخره : " نحوه " أي إن رواية معمر عن همام بمعنى روايته عن ابن طاوس لا بلفظه ، وقد بينت ذلك فيما مضى ، قال ابن خزيمة : أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث وقالوا إن كان موسى عرفه فقد استخف به ، وإن كان لم يعرفه فكيف لم يقتص له من فقء عينه والجواب أن الله لم يبعث ملك الموت لموسى وهو يريد قبض روحه حينئذ ، وإنما بعثه إليه اختبارا وإنما لطم موسى ملك الموت لأنه رأى آدميا دخل داره بغير إذنه ولم يعلم أنه ملك الموت ، وقد أباح الشارع فقأ عين الناظر في دار المسلم بغير إذن ، وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط في صورة آدميين فلم يعرفاهم ابتداء ، ولو عرفهم إبراهيم لما قدم لهم المأكول ، ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومه . وعلى تقدير أن يكون عرفه فمن أين لهذا المبتدع مشروعية القصاص بين الملائكة والبشر ؟ ثم من أين له أن ملك الموت طلب القصاص من موسى فلم يقتص له ، ولخص الخطابي كلام ابن  خزيمة وزاد فيه أن موسى دفعه عن نفسه لما ركب فيه من الحدة ، وأن الله رد عين ملك الموت ليعلم موسى أنه جاءه من عند الله فلهذا استسلم حينئذ . وقال النووي لا يمتنع أن يأذن الله لموسى في هذه اللطمة امتحانا للملطوم . وقال غيره إنما لطمه لأنه جاء لقبض روحه من قبل أن يخيره ، لما ثبت أنه لم يقبض نبي حتى يخير ، فلهذا لما خيره في المرة الثانية أذعن ، قيل : وهذا أولى الأقوال بالصواب ، وفيه نظر لأنه يعود أصل السؤال فيقال : لم أقدم ملك الموت على قبض نبي الله وأخل بالشرط ؟ فيعود الجواب أن ذلك وقع امتحانا . وزعم بعضهم أن معنى قوله : " فقأ عينه " أي أبطل حجته ، وهو مردود بقوله في نفس الحديث " فرد الله عينه " وبقوله : " لطمه وصكه " وغير ذلك من قرائن السياق . وقال ابن قتيبة : إنما فقأ موسى العين التي هي تخييل وتمثيل وليست عينا حقيقة ، ومعنى رد الله عينه أي أعاده إلى خلقته الحقيقية ، وقيل : على ظاهره ، ورد الله إلى ملك الموت عينه البشرية ليرجع إلى موسى على كمال الصورة فيكون ذلك أقوى في اعتباره ، وهذا هو المعتمد . وجوز ابن  عقيل أن يكون موسى أذن له أن يفعل ذلك بملك الموت وأمر ملك الموت بالصبر على ذلك كما أمر موسى بالصبر على ما يصنع الخضر ."(فتح الباري : الأنبياء ؛ وفاة موسى وذكره بعد)
يقول النووي رحمه الله في شرح الحديث :  "قال المازري : وقد أنكر بعض الملاحدة هذا الحديث ، وأنكر تصوره ، قالوا كيف يجوز على موسى فقء عين ملك الموت ؟ قال : وأجاب العلماء عن هذا بأجوبة : أحدها أنه لا يمتنع أن يكون موسى صلى الله عليه وسلم قد أذن الله تعالى له في هذه اللطمة ، ويكون ذلك امتحانا للملطوم ، والله سبحانه وتعالى يفعل في خلقه ما شاء ، ويمتحنهم بما أراد  ، والثاني أن هذا على المجاز ، والمراد أن موسى ناظره وحاجه فغلبه بالحجة ، ويقال : فقأ فلان عين فلان إذا غالبه بالحجة ، ويقال : عورت الشيء إذا أدخلت فيه نقصا قال : وفي هذا ضعف لقوله صلى الله عليه وسلم : " فرد الله عينه " فإن قيل : أراد رد حجته كان بعيدا . والثالث أن موسى صلى الله عليه وسلم لم يعلم أنه ملك من عند الله ، وظن أنه رجل قصده يريد نفسه ، فدافعه عنها ، فأدت المدافعة إلى فقء عينه ، لا أنه قصدها بالفقء ، وتؤيده رواية ( صكه ) ، وهذا جواب الإمام أبي بكر بن خزيمة وغيره من المتقدمين ، واختاره المازري والقاضي عياض ، قالوا : وليس في الحديث تصريح بأنه تعمد فقء عينه ، فإن قيل : فقد اعترف موسى حين جاءه ثانيا بأنه ملك الموت ، فالجواب أنه أتاه في المرة الثانية بعلامة علم بها أنه ملك الموت ، فاستسلم بخلاف المرة الأولى . والله أعلم ." ( صحيح مسلم بشرح النووي : الفضائل ؛ فضائل موسى عليه السلام)
ولقد كنا أجبنا على ما اختاره المازري والقاضي عياض من أن موسى عليه السلام لم يعرف ملك الموت ، فقلنا: أن موسى عليه السلام عرف ملك الموت،وعرف أنه مرسل من ربه، وذلك ان ملك الموت قال له:"أجب ربك" 

  الخاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــة

وأخيرا هذه دعوة للمخلصين من هذه الأمة، علمائهم وعامتهم، للدفاع عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنقيتها من الأحاديث التي تؤذي الله ورسوله وتخالف كتاب الله سبحانه وتعالى، وتسيء إلى دين الله الإسلام، أنشرها عبر صفحات الإنترنت .
 وإن قال قائل ما بال عامة الأمة، أقول إن علماء الأمة لن يستمعوا إلى هذه الدعوة إلا من خلال عامتها، لأن كثيرا من علماء الأمة  يعلمون الحق، ويعلمون أن ليس كل ما في الصحيحين صحيح، ولكنهم لا يجرؤون على رفع أصواتهم بهذا الأمر خشية التهم التي يمكن أن توجه إليهم،فآثروا القعود والعزوف عن هذا الأمر، بل إن بعضهم شمر عن ساعديه ليدافع عن أحاديث يعلم أنها تؤذي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ويعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بريء من هذه الأحاديث.
وإنني وأنا أنشر هذه الدعوة على صفحات الإنترنت، لأدرك تماما خطورة هذا الأمر، ولكن ما يدفعني إلى نشرها، أن أغلب ما نبهت إليه في هذه الدعوة موجود أصلا على صفحات الإنترنت، ولكن على شكل هجوم شرس على الإسلام والمسلمين، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى مذهب أهل السنة، وما هو موجود على صفحات الإنترنت أضعاف ما أنشره في دعوتي هذه .
 لقد اتخذ أعداء الإسلام والمسلمين عامة، وأعداء مذهب السنة خاصة، من هذه الأحاديث سهاما يرمون بها الإسلام والمسلمين ورسوله الكريم وأمهات المؤمنين والصحابة الكرام .
فمواقع النصارى، تتخذ من هذه الأحاديث سهاما ترمي بها الدين الإسلامي ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. ومواقع الشيعة،تتخذ منها سهاما ترمي بها أمهات المؤمنين عليهن السلام وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين والصحابة الكرام بريئون من هذه الأحاديث التي وضعت في عصر ما بعد الفتنة،في النصف الثاني من القرن الهجري الأول وفي القرن الهجري الثاني.
ومن الملاحظ أن أول كتاب دون في الحديث وصلنا، وهو موطأ الإمام مالك، يخلو من كثير من الأمور التي تعرضنا لها في كتابنا هذا، ولكنه لا يخلو منها تماما ، ولقد وضعه الإمام مالك في بداية القرن الثاني الهجري، سابقا البخاري ومسلم بقرن كامل من الزمان. فمن الخطأ القول بأن الصحيحين أصح من الموطأ.
إنني لأدرك تماما أني قد أكون أخطأت أخطاء جسيمة في كتابي هذا، وقد أكون ضعفت أحاديث صحيحة صدرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يغفر لي ذنبي، فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.
ولأن ننفي صحة عشرة أحاديث صحيحة، معها حديث موضوع واحد، خير من أن نثبت صحة حديث موضوع واحد معه مائة حديث صحيح، لخطورة الأحاديث الموضوعة، والتي تبدو جليا في قول عبد الكريم بن أبي العوجاء :" أما والله لئن قتلتموني، لقد وضعت أربعة آلاف حديث؛ أحرّم فيها الحلال، وأحلَّ فيها الحرام، والله لقد فطَّرْتكم يوم صومكم، وصوّمتكم يوم فطركم"
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبـــــــــــــه:
محمــــــــــــــــد مأمــــــــــون رشيد
البريد الإلكتروني :
mohammadrasheedd@gmail.com 
 

جاء في كتاب الجامع لأحكام القرآن/المقدمة/باب تبيين الكتاب بالسنة وما جاء في ذلك : "وروى سعيد بن منصور حدثنا عيسى ابن يونس عن الأوزاعي عن مكحول قال : القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن. وبه عن الأوزاعي قال قال يحيى بن أبي كثير : السنة قاضية على الكتاب وليس الكتاب بقاض على السنة قال الفضل بن زياد : سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل وسئل عن هذا الحديث الذي روي أن السنة قاضية على الكتاب فقال ما أجسر على هذا أن أقوله ولكني أقول إن السنة تفسر الكتاب وتبينه."
ومعلوم أن السنة الشريفة دونت في القرنين الثاني والثالث الهجريين ، وأن البخاري ومسلم رحمهما الله، قد دونا صحيحيهما في القرن الثالث الهجري ، حيث كان الحديث قبل ذلك يتداول مشافهة على ألسنة الرواة.
ولا يمكن لنص شفهي ( غير كتاب الله سبحانه وتعالى) أن يبقى يتداول مشافهة على الألسن ثلاثة أيام ، دون أن يلحقه التبديل والتغيير والتحريف والزيادة والنقصان ، ونحن هنا لانتكلم عن أيام و إنما نتكلم عن قرون ( مائتين وخمسين عاما تقريبا ) بقي فيها الحديث يتداول مشافهة على ألسنة الرواة ، ويأتي بعد ذلك من يقول لنا : " السنة قاضية على الكتاب ، وليس الكتاب بقاض على السنة.
لقد تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظ كتابه العزيز من التبديل والتغيير والتحريف :" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" ، ولما عجز أعداء الله سبحانه وتعالى أن يُدْخِلوا إلى كتاب الله سبحانه وتعالى ما ليس منه ، دخلوا من خلال السنة الشريفة ، فأدخلوا في ديننا ما ليس منه ، ثم أخضعوا كتاب الله سبحانه وتعالى لرواياتهم المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : " السنة قاضية على الكتاب ، وليس الكتاب بقاض على السنة
للأسف الشديد ، فإن كثيرا من المسلمين  يقدمون الحديث على كتاب الله سبحانه وتعالى، ويخضعون كتاب الله سبحانه وتعالى لأحاديث مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلوون أعناق الآيات ليّا حتى تبدو الأحاديث وكأنها لاتخالف كتاب الله سبحانه وتعالى
ولا يمكن لحديث صحيح ، أن بخالف كتاب الله سبحانه وتعالى.
وإذا خالف حديث كتاب الله سبحانه وتعالى فاعلم أنه مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بريء من ذلك الحديث، أيا كان راو الحديث


سؤال لطالما وُجِّهَ إلي : "إذا كنت تنكر السنة ، فهل تستطيع أن تخبرنا من خلال القرآن ، ما عدد ركعات الظهر أو العصر، وما مقدار الزكاة المفروضة ، وكيف نؤدي مناسك الحج ،وكيف نقوم بالعبادات كلها !!؟"
 وكان السائل في كل مرة يظن أنه أوقعني في شَرَكٍ- بفتح الشين والراء- لا خلاص لي منه، وما علي إلا الاستسلام والاعتراف بالهزيمة.

وأجيب على هذا السؤال فأقول :

أولا: نحن لا ننكر السنة ، ولكنا ننكر الروايات التي تخالف كتاب الله سبحانه وتعالى ،  والروايات التي تضيف إلى الله سبحانه وتعالى ما لا يليق به من الصفات ،وننكر الروايات التي تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وننكر الروايات التي تخالف الحقائق العلمية أو الوقائع التاريخية .
نعم نحن ننكرها ،ونقول: هي روايات مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، وديننا الإسلامي الحنيف بريئان من أمثال هذه الروايات.
نعم ننكرها ونقول هذه الروايات ليست من السنة.
لقد وضع علماء الحديث قواعد وأصول لنقد متن الحديث ، ولكن لم يجرؤ أحد ممن وضعوا هذه القواعد أن يطبقها على الأحاديث التي رواها الشيخان ( البخاري ومسلم)
لماذا ؟ لأن أي إنسان يتعرض لحديث من أحاديث البخاري أومسلم بالنقد والتحليل ، فلا بد أن يحارب ، ويتهم في دينه من قبل مجموعة نصَّبوا أنفسهم  أوصياء على الدين ، وكل من خالفهم فهو كافر،  زنديق منافق ،إلى غير ذلك من التهم التي باتت معروفة لدى القاصي والداني من المسلمين.

قواعد نقد متن الحديث التي اتفق عليها الفقهاء كما ذكر ذلك  مصطفى السباعي رحمه الله في كتابه ( السنة ومكانتها في التشريع )

1ـ ألا يخالف بدهيات العقول.
2
ـ ألا يخالف القواعد العامة في الحكمة ـ الطب ـ والأخلاق.
3
ـ عدم ركة ألفاظه.
4
ـ إلا يخالف الحس والمشاهدة، كالحقائق العلمية.
5
ـ ألا يخالف سنن الله في الكون والإنسان.
6
ـ ألا يدعو للرذيلة ـ الانحطاط بإنسانية الإنسان، فالمساس بإنسانية الإنسان حاربته جميع الشرائع.
7
ـ ألا يخالف المعقول في العقيدة والصفات.
8
ـ ألا يشتمل على سخافات يصان عنها العقلاء.
9
ـ ألا يخالف القرآن.
10
ـ ألا يخالف متواتر السنة ـ المجمع عليه المعلوم من الدين بالضرورة، كأركان الإسلام والإيمان، والحدود والقيم ـ هكذا قال الشافعي وابن القيم ـ أضاف جمهور الأصوليين ـ علماء المقاصد ـ قبول المتن ما لم يصادم مقصداً من مقاصد الشريعة.
11
ـ ألا يخالف الحقائق التاريخية المعروفة عن أيام الرسول والصحابة.
12
ـ ألا يوافق مذهب الراوي.
13
ـ ألا يكون الرسول قد أخبر عن أمر وقع في مشهد عظيم، ثم يأتي ويخبر به واحد فقط.
14
ـ ألا يشتمل على إفراط في الثواب والعقاب على الحقير من العمل.
15
ـ ألا يكون ناشئاً عن باعث نفسي
قال ابن الجوزي رحمه الله: (ما أحسن قول القائل: إذا رأيت الحديث يباين المعقول، أو يخالف المنقول، أو يناقض الأصول، فاعلم أنه موضوع) (تدريب الراوي للسيوطي 1/274)

وكم كان الرازي رائعا في رده على بعض الحشوية: حيث يقول : "واعلم أن بعض الحشوية روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « ما كذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات » فقلت الأولى أن لا نقبل مثل هذه الأخبار، فقال: على طريق الاستنكار فإن لم نقبله لزمنا تكذيب الرواة فقلت له : يا مسكين إن قبلناه لزمنا الحكم بتكذيب إبراهيم عليه السلام وإن رددناه لزمنا الحكم بتكذيب الرواة ولا شك أن صون إبراهيم عليه السلام عن الكذب أولى من صون طائفة من المجاهيل عن الكذب"..تفسير الرازي الكبير .

وكان أبو حنيفة رحمه الله يرد على الذين يتهمونه بالخروج على السنّة فقال: "ردي على رجل يحدث عن رسول الله بخلاف القرآن ليس رداً على النبي (ص) ولا تكذيباً له، ولكنه رد على من يحدث عن رسول الله بالباطل، والتهمة دخلت عليه وليس على نبي الله"

وكان يقول: "كل شيء تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين. فقد آمنّا به وشهدنا أنه كما قال"

وهذا القول يدل على أن أبا حنيفة كان غير قانع بصحة معظم أحاديث الآحاد التي كانت تروي في عصره، والتي أدخلت فيما بعد في الصحيحين.

يقول محمد رشيد رضا في تفسير المنار : " كل من ظهر له علة في الحديث فلم يصدقه فهو معذور شرعاً، ولايصح أن يقال في حقه أنه مكذب للحديث".

ويقول عن صحيح البخاري: "وما كلف الله مسلماً أن يقرأ صحيح البخاري ويؤمن بكل ما جاء فيه، وأن لم يصح عنده، أو اعتقد أنه ينافي أصول الإسلام،وليس البخاري هو ورواته معصومين عن الخطأ. وليس كل مرتاب في شيء في روايته كان كافراً".

عندما قرأت الصحيحين ، وجدت فيهما مئات الروايات التي لو جربنا أن نطبق عليها قواعد نقد متن الحديث التي وضعها الفقهاء، لوجدناها تنهار أمام أبسط قاعدة من هذه القواعد . فما كان مني إلا أن دونت بعض هذه الروايات ، في كتاب إلكتروني من نوع   PDFأسميته (دفاعا عن السنة المطهرة ، دعوة للتصحيح ، ليس كل ما في الصحيحين صحيح ) ، وقد قمت بنشره على كثير من المواقع على شبكة الإنترنت ، كما قمت بنشره أيضا على شكل مدونة إلكترونية ، تحمل نفس الاسم ، وسأقوم بنشر صفحات منه إن شاء الله سبحانه وتعالى على موقع ( فيس بوك ).

ثانيا : بالنسبة للأمور المتعلقة بالعقيدة ، كأمور الصفات ، والغيب والساعة وأشراطها، والبعث والحساب والجنة والنار ؛ففي كتاب الله سبحانه وتعالى ما يغنينا عن الرجوع إلى كتب الحديث ، خاصة إذا ماعلمنا أن مجمل الأحاديث التي تتكلم في هذه المواضيع تخالف كتاب الله سبحانه مخالفة صريحة ، وبعضها يضيف إلى الله سبحانه وتعالى ما لا يليق به من الصفات .

ثالثا: عودة إلى السؤال الذي ذكرناه في بداية هذه المقالة : "إذا كنت تنكر السنة ، فهل تستطيع أن تخبرنا من خلال القرآن ، ما عدد ركعات الظهر أو العصر، وما مقدار الزكاة المفروضة ، وكيف نؤدي مناسك الحج ،وكيف نقوم بالعبادات كلها !!؟"

وأجيب على السؤال فأقول : "أمور العبادات من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة ،والمعلوم من الدين بالضرورة هو ما لا يسع المسلم أن يجهله ،وهذه الأمور انتقلت من الصحابة الكرام إلى أبنائهم ثم إلى أحفادهم حتى وصلت عصر التدوين في القرنين الثاني والثالث الهجريين ،فلم يكن هنالك مجال للتبديل فيها أوالتغيير.


لماذا ؟ لأن هذه  الأمورلم تصل إلى عصر التدوين عن طريق خبرالأحاد ، ولا حتى عن طريق التواتر المتعارف عليه بين المحدثين .

مئات الألوف من الصحابة نقلوا الأمور المعلومة من الدين بالضرورة إلى أبنائهم من التابعين ، وملايين التابعين من أبناء الصحابة نقلوها إلى أبنائهم ، وهكذا حتى وصلت إلى عصر التدوين في القرنين الثاني والثالث الهجريين، فلم يكن هناك مجال لآن تتعرض هذه الأمور لشيء من التبديل أو التحريف .
أم تظن  أن المسلمين قد عاشوا أكثر من قرنين من الزمان دون صلاة ولا زكاة ، حتى جاء البخاري ومسلم ورووا أحاديث تبين للناس كيف يصلون ، وما مقدار الزكاة المفروضة عليهم !!!؟؟

عندما أعلم ابني ذا السنوات الست الصلاة  أقول له : " كبّر، اقرأ الفاتحة ، اقرأ سورة قصيرة مما تحفظ ، اركع ، اسجد ، ......"
الأمر نفسه ينطبق على الصحابة والتابعين رحمهم الله فعندما كان أحدهم يريد أن يعلم ابنه الصلاة يقول له  " كبّر، اقرأ الفاتحة ، اقرأ سورة قصيرة مما تحفظ ، اركع ، اسجد ، ......"
 أم تظن أن  الصحابة والتابعين كانوا إذا  أراد أحدهم أن يعلم ابنه الصلاة يقول له : روى البخاري وروى مسلم في صحيحيهما عن فلان عن فلان عن فلان .......!!!؟



ملحق ( 3 ) : بين العقل والنقل 


  أخي سلطان :
أتدري سبب تأخري بالصلاة حتى بلغ عمري ستة وعشرين عاما بالرغم من أنني من أسرة معروفة بالتدين ، وكنت في أحيان كثيرة أُجبر على الصلاة فأصلي بغير وضوء !!!؟
إنه العقل .
لقد كان السؤال الذي يمنعني من الصلاة ، هو : " إذا كان الله خلق الكون فمن خلق الله "
قبل أن أصلي مكثت ثلاث ليال أتقلب على الفراش ، وأُعمل ( عقلي ) في هذا السؤال ، حتى هداني الله سبحانه وتعالى بواسطة (العقل) الذي أودعه سبحانه وتعالى في الإنسان ، فقمت بحسابات رياضية كوني مدرس رياضيات ، وقمت بحساب أبعاد بعض الأجرام السماوية التي كانت معروفة في ذلك الوقت ( عام 1979م ) فحصلت على أرقام مذهلة ، فعلمت مقدار عظمة الكون ، وهداني ربي بواسطة (العقل ) الذي أودعه في الإنسان إلى النتيجة التالية :" إذا كان الكون بهذه العظمة ، فلا بد أن يكون من أوجد هذا الكون أعظم ،أي أن عظمة من أوجد هذا الكون تتجاوز مايسمونه في الرياضيات (نقطة اللانهاية ) ،فمن السخف أن أسال عمن أوجد هذا العظيم الذي أوجد الكون.فعبدت الله سبحانه ولم أترك عبادته يوما واحدا.
علمت عن طريق (العقل ) الذي وهبه الله سبحانه وتعالى للإنسان ،إذا بدأنا أن نسال من أوجد الخالق ، سينتج معنا سؤل آخر من أوجد الذي أوجد الخالق ، ثم من أوجد ألذي أوجد الذي أوجد الخالق ، وهكذا سيستمر السؤال .
إذا لا بد من وجود الأول .
نعم ، لابد من وجود الأول الذي أوجد كل شيء ، فعلمت أنه الله ، هو الأول الذي أوجد كل شيء، فعبدت الله سبحانه ولم أترك عبادته يوما واحدا

إنه العقل الذي أودعه الله سبحانه وتعالى في الإنسان ،وميز به الإنسان عن الحيوان ، وهو مناط التكليف فمن لا عقل له ، رُفع عنه التكليف.
نعم إنه العقل الذي تطالبني اليوم ( أنت وغيرك ) أن أدوس عليه بحذائي ، لأصدق روايات تخالف كتاب الله سبحانه وتعالى ولا يقبلها عقل من كان لديه مثقال ذرة من عقل .فقط لأن البخاري ومسلم رويا هذه الروايات ونسبوها زورا وبهتانا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بريء من هذه الروايات
تريدني أن أصدق أن قردة زنت ورجمتها القردة :‏عن ‏ ‏عمرو بن ميمون ‏ ‏قال :" رأيت في الجاهلية قِرْدَةً، اجتمع عليها قِرَدَةٌ، قد زنت فرجموها فرجمتها معهم‏( البخاري :: فضائل الصحابة ؛ أيام الجاهلية)
تريدني أن أصدق أن جميع فئران العالم من بني إسرائيل الذين مسخوا ، فلذلك (جميع الفئران ) يشربون لبن الإبل ويشربون لبن الشاء ،فقدت أمة من بنى إسرائيل، لا يدري ما فعلت، ولا أراها إلا الفأر، ألا ترونها إذا وضع لها ألبان الإبل لم تشربه، وإذا وضع لها ألبان الشاء شربته"(متفق عليه. البخاري :بدء الخلق ؛ خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال / مسلم : الزهد والرقائق ؛ في الفأر وأنه مسخ)
وتطلب مني إذا رأيت ثعبانا في بيتي أن آذنه ثلاثة أيام (إن بالمدينة جنا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان" ( مسلم : السلام ؛ قتل الحيات وغيرها)
   تريدني أن أصدق أن كتاب الله سبحانه وتعالى لقيه التبديل والتحريف بعد وفاة رسول الله سبحانه وتعالى ، أصدق روايات سخيفة تزعم أن كتاب الله سبحانه وتعالى حُرّف ، وأترك كتاب الله سبحانه وتعالى الذي يقول " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "
1- عن عائشة رضي الله عنها؛ أنها قالت: "كان فيما أنزل من القرآنعشر رضعات معلومات يحرمن. ثم نسخن: بخمس معلومات. فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن".( صحيح مسلم:كتاب الرضاع؛ باب التحريم بخمس رضعات)
2- عن علقمة قال قدمنا الشام فأتانا أبو الدرداء فقال أفيكم أحد يقرأ علي قراءة عبد الله فقلت نعم أنا قال فكيف سمعت عبد الله يقرأ هذه الآية " والليل إذا يغشى " قال سمعته يقرأ " والليل إذا يغشى " والذكر والأنثى قال وأنا والله هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ولكن هؤلاء يريدون أن أقرأ وما خلق فلا أتابعهم ( صحيح مسلم : كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب ما يتعلق بالقراءات)
وفي رواية البخاري : " عن إبراهيم قال: قدم أصحاب عبد الله على أبي الدرداء، فطلبهم فوجدهم، فقال: أيكم يقرأ على قراءة عبد الله؟ قال: كلنا، قال: فأيكم أحفظ؟ فأشاروا إلى علقمة، قال: كيف سمعته يقرأ: "والليل إذا يغشى" قال علقمة: "والذكر والأنثى" قال: أشهد أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هكذا، وهؤلاء يريدونني على أن أقرأ: "وما خلق الذكر والأنثى" والله لا أتابعهم(صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، وما خلق الذكر والأنثى )
3- عن أبي يونس مولى عائشة أنه قال أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا وقالت إذا بلغت هذه الآية فآذني " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فلما بلغتها آذنتها فأملت علي " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " وقوموا لله قانتين " قالت عائشة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صحيح مسلم ،كتاب المساجد ومواضع الصلاة،باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى صلاة العصر)
ارجو أن لاتقول لي إن القرآن أنزل على سبعة أحرف وهذه من الأحرف السبعة ، لأنها إن كانت كذلك فإنه يجوز أن يتعبد بها ، أي بمعنى إذا تعمد أحدنا أن يقرأ في صلاته : "والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ، والذكر والأنثىدون أن يقرأ " وما خلق" تكون صلاته صحيحة.
وإذا تعمد أن يقرأ في صلاته " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " تكون صلاته صحيحة
ولا تقل لي : إن ما ذكرته أم المؤمنين رضي الله عنها ، هو تفسير وليس قرآنا لأن هذا غير صحيح، لأن الذي يفسر عندما يكتب مصحفا لا يفسر كلمة واحدة فقط من المصحف، والمصحف كُتب لها أصلا فليست بحاجة إلى كتابة تفسير كلمة واحدة فقط من المصحف ، ولكن الرواية تقول " سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلمأي انها جزء من القرآن ضاع بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم طبعا حسب الرواية ، أيضا انظر إلى حرف العطف " و " في الجملة " وصلاة العصر" وحرف الواو لايفيد التفسير كما هو معلوم عند أهل اللغة
هل تريدني أن أدوس على عقلي بحذائي ، وأصدق روايات رواها الشيخان تزعم أن الذي كان يوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هم من البشر:
1-  "عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي امرأة من اليهود وهي تقول: هل شعرت أنكم تفتنون في القبور، قالت: فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إنما تفتن يهود، قالت عائشة: فلبثنا ليالي، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل شعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور، قالت عائشة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد يستعيذ من عذاب القبر( مسلم : المساجد ومواضع الصلاة ؛ استحباب التعوذ من عذاب القبر)
2- عن ‏ ‏أنس بن مالك ‏ ‏قال قال ‏ ‏عمر بن الخطاب ‏ ‏رضي الله عنه وافقت ربي في ثلاث فقلت يا رسول الله لو اتخذنا من ‏ ‏مقام ‏ ‏إبراهيم ‏ ‏مصلى فنزلت ‏واتخذوا من ‏ ‏مقام ‏ ‏إبراهيم ‏ ‏مصلى ‏ ‏وآية الحجاب ‏ ‏قلت يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن ‏ ‏البر ‏ ‏والفاجر ‏ ‏فنزلت ‏ ‏آية الحجاب ‏ ‏واجتمع نساء النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في الغيرة عليه فقلت لهن ‏ ‏عسى ربه إن طلقكن أن ‏ ‏يبدله ‏ ‏أزواجا خيرا منكن ‏فنزلت هذه الآية ‏ (صحيح البخاري : كتاب الصلاة ؛ باب استقبال القبلة )
هل تريد مني أن ادوس على عقلي بحذائي لأصدق أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ظلوا يمارسون فاحسة المتعة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي خلافة أبي بكر ، ختى نهاهم عنها عمر ؟
1- عن عطاء قدم جابر بن عبد الله معتمرا، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال: نعم، استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر"
(مسلم : النكاح ؛نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم ...)
2-  "عن ‏ ‏عبد الله ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال‏: ‏كنا نغزو مع النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وليس معنا نساء، فقلنا ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك. فرخص لنا بعد ذلك أن نتزوج المرأة بالثوب، ثم قرأ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ(البخاري: التفسير؛ المائدة ، قوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم" 87)
تريدني أن أصدق أن عرش الرحمن يهتز لموت بشر :"عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذمتفق عليه
تريدني أن أصدق أن الله سبحانه وتعالى يتردد في الأفعال :"وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته( البخاري:كتاب الرقاق ؛ لتواضع)
تريدني أن أصدق أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم على صورته :عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته(مسلم : البر والصلة والآداب ؛ النهي عن ضرب الوجه)
هذا القليل القليل من بعض ما وجدته في الصحيحين ، وإن شاء الله سبحانه وتعالى سأبين لكم كثيرا من هذه الأشياء في المستقبل القريب .
أخي الكريم : لقد عرضت جميع هذه الروايات على كتاب الله سيحانه وتعالى فوجدتها تخالف هذه الروايات ، فمن أصدق كتاب الله ، أم هذه الروايات !!!؟؟
ديننا الإسلامي الحنيف ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، بريئان من هذه الروايات.
هذه الروايات وضعت في القرنين الثاني والثالث الهجريين قبل تدوين الحديث ، حيث كان الحديث يتداول مشافهة على ألسنة الرواة.
البخاري ومسلم - رحمهما الله - دونا صحيحيهما في القرن الثالث الهجري ، حيث كانا يتلقيان الحديث مشافهة من ألسن الرواة.
لا يمكن لنص شفهي (غير كتاب الله سبحانه وتعالى ) أن يبقى يتداول مشافهة على الألسن عشرة أيام (عن فلان ، عن فلان ، عن فلان ، عن ...... )،دون أن يناله التبديل والتحريف والزيادة والنقصان ، ونحن هنا لا نتكلم عن أيام وإنما نتكلم عن قرنين ونصف من الزمان قبل أن يدون البخاري ومسلم صحيحيهما.
قبل أن تقول لي اعرض هذه الأشياء على العلماء فأجيبك لقد عرضتها على الإمامين الجليلين ابن حجر في كتابه فتح الباؤي ، والإمام النووي في كتابه شرح صحيح مسلم ، فما وجدت منهم إلا العجب العجاب
يقول ابن حجر في دفاعه عن حديث القردة الزانية :عن ‏ ‏عمرو بن ميمون ‏ ‏قال :" رأيت في الجاهلية قِرْدَةً، اجتمع عليها قِرَدَةٌ، قد زنت فرجموها فرجمتها معهم‏( البخاري :: فضائل الصحابة ؛ أيام الجاهلية )
يقول ابن حجر :, وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَة مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى فِي " كِتَاب الْخَيْل " لَهُ مِنْ طَرِيق الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ مُهْرًا أُنْزِيَ عَلَى أُمّه فَامْتَنَعَ , فَأُدْخِلَتْ فِي بَيْت وَجُلِّلْت بِكِسَاءٍ وَأُنْزِيَ عَلَيْهَا فَنَزَا , فَلَمَّا شَمَّ رِيح أُمّه عَمَدَ إِلَى ذَكَرِهِ فَقَطَعَهُ بِأَسْنَانِهِ مِنْ أَصْله , فَإِذَا كَانَ هَذَا الْفَهْم فِي الْخَيْل مَعَ كَوْنهَا أَبْعَد فِي الْفِطْنَة مِنْ الْقِرْد فَجَوَازهَا فِي الْقِرْد أَوْلَى" (فتح الباري : فضائل الصحابة ؛ أيام الجاهلية )
أخي الكريم العقل السليم لا يمكن أن يتناقض مع النقل السليم ، وإذا وجد تناقض إما في العقل أو النقل .
الله سبحانه وتعالى يطلب منا أن نتدبر القرآن .
ماذا ؟وا فيه اختلافا
نتدبر القرآن .
وكيف نتدبر القرآن ؟
نُعْمِلُ فيه عقولنا .
أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثير ا.
لقد تدبرت القرآن فلم أجد فيه اختلافا لا كثيرا ولا قليلا ، وتدبرت الصحيحين فوجدت فيهما من الاختلاف ما تشيب له العقول
اسمع :
ما عدد النساء اللاتي طاف عليهن نبي الله سليمان عليه السلام في ليلة واحدة !؟ ستون، سبعون، تسعون ،تسع وتسعون ، مائة !؟
1-  "عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة قال: كان لسليمان ستون امرأة، فقال لأطوفن عليهن الليلة فتحمل كل واحدة منهن فتلد كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله، فلم تحمل منهن إلا واحدة، فولدت نصف إنسان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان استثنى لولدت كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله( مسلم :الإيمان ؛ الاستثناء)

2-  "عن طاوس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال سليمان بن داود نبي الله: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كلهن تأتي بغلام يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه أو الملك: قل: إن شاء الله، فلم يقل ونسي، فلم تأت واحدة من نسائه إلا واحدة جاءت بشق غلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولو قال إن شاء الله، لم يحنث، وكان دركا له في حاجته"(مسلم :الإيمان ؛ الاستثناء)
3- "عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: إن شاء الله فلم يقل، ولم تحمل شيئا إلا واحدا ساقطا أحد شقيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قالها لجاهدوا في سبيل الله، قال شعيب وابن أبي الزناد تسعين وهو أصح( البخاري : الأنبياء ؛ قول الله تعالى ؛ ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب)
4-  "عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلها تأتي بفارس يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله، فطاف عليهن جميعا، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة، فجاءت بشق رجل، وأيم الذي نفس محمد بيده، لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون( مسلم :الإيمان ؛ الاستثناء في الأيمان‏)
5-  "عن‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال: ‏ ‏قال ‏ ‏سليمان بن داود ‏ ‏عليهما السلام: ‏ ‏لأطوفن الليلة بمائة امرأة تلد كل امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله، فقال له الملك: قل إن شاء الله، فلم يقل، ونسي، فأطاف بهن ولم تلد منهن إلا امرأة نصف إنسان، قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم:‏ ‏لو قال إن شاء الله لم ‏ ‏يحنث،‏ ‏وكان أرجى لحاجته" (البخاري : النكاح ؛ قول الرجل لأطوفن الليلة على نسائي)
6-  "عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين ، كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله، فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة،جاءت بشق رجل، والذي نفس محمد بيده، لو قال إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمـــــــــعون"(البخاري :الجهاد والسير؛ من طلب الولد للجهاد)

هذه خمس روايات يخالف بعضها بعضا ، ولو افترضنا صحة إحدى هذه الروايات الخمس، فلا بد أن تكون الأربع الأخرى غير صحيحة. ليس كل ما في الصحيحين صحيح .
مائة امرأة في ليلة واحدة، كل امرأة عشر دقائق ما بين دخول بيتها وخلع إزار وقضاء حاجته منها، ثم لبس الإزار والخروج إلى بيت المرأة الأخرى، الناتج سبع عشرة ساعة تقريبا في ليلة واحدة
أخي سلطان : عندما قرأت كتاب النصارى المحرف والذي يسمونه مقدسا ، وجدت فيه من الخرافات الشيء الكثير ، فقلت وقتها " لو أن بابا الفاتيكان قرأ كتابهم المقدس لترك النصرنية ، لكثرة ما في ذلك الكتاب من سخافات "
وعندما قرأت الصحيحين علمت لِمَ يترك بابا الفاتيكان كتابهم المقدس .
هل تريد أن تعلم السبب ؟
السبب أنهم يقدمون النقل على العقل .
السبب أنهم ألغوا عقولهم ، وفالوا هذا الكتاب المقدس ، لا يجوز اعمال العقل فيه ، فكل ما فيه ، ومن يناقش شيئا مما في الكتاب المقدس يعتبر ( كافرا ، زنديقا ، ملحدا ) طبعا هذه العبارات التي نطلقها نحن المسلمين على من يتجرؤ ويناقش رواية من روايات الصحيحين.
المشركون حاربوا الدعوة الإسلامية لأنهم قدموا المنقول الموروث عن آبائهم على المعقول الذي خاطبهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الله سبحانه وتعالى :بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ( 22 ) وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ( 23 ) سورة الزخرف
جميع مشركي العالم الهندوس والبوذيون وغيرهم يقدمون المنقول على المعقول: بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون
لا يمكن للعقل السليم أن يصطدم مع النقل السليم
ولذلك أتحدى أيا كان أن يأتيني بآية من كتاب الله سبحانه وتعالى تخالف العقل السليم.
ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا
أخي الكريم الله سبحانه وتعالى يدعونا إلى التدبر والتفكر وإعمال العقل ، وأنتم تدعوننا لإلغاء العقل ، فهل نطيعكم أم نطيع ىالله ؟
كلمة يعقلون وردت في كتاب الله سبحانه وتعالى 22 مرة
وكلمة تعقلون وردت في كتاب الله سبحانه وتعالى 24 مرة
وكلمة يتفكرون والتفكر في الشيء هو إعمال العقل فيه وردت في كتاب الله سبحانه 11 مرة
وكلمة تتفكرون وردت في القرآن 3 مرات
هل تعلم أخي الكريم أن عدم استعمال العقل هو السبب في دخول أصحاب النار النار.
وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير




 
م م رشيد

 
دعوة للتصحيح ، ليس كل ما في الصحيحين صحيح 


اضعط الرابط

 

Aucun commentaire: