سلسلة في الصّميم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حسن البنا، خلفيّة سّلفيّةمدمّرة
الرّسالة الثالثة
ـــــــــــ من كتاب ــــــــــــــ
فتّش عن الإخوان
دراسة تأريخية حول نشأة و سقوط جماعة الإخوان المسلمين
أربع رسائل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حمّادي بلخشين
2002
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
و إن هذا صراطي مستقيما فأتبعوه و لا تتبعـوا السبل فتفرق بكم
عن سبيله
صدق الله العظيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" ليس هناك في العالم
أشد خطرا من جهل مخلص، وحمق ذي ضمير"
(1)
مارتن لوثر كينج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ) Nothing in the world is more dangerous than
sincere ignorance and conscientious stupidity .
Martin Luther King
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ
حمادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتــّـش عن الإخوان ص 129
محتوى الرسالة الثالثة
ملخص ما سبق في الرســالتين السابقتين ....................................4
فصل/ جذور المأساة...............................................................8
فصل /مفهوم الإيمان على عهد رسول الله ...................................10
فصل/ الإرجاء متى و لمـاذا و كيف؟..........................................12
فصل/ من دين الله الى دين الملوك.............................................16
فصل/دور الفكر الإرجائي في انحدارنا قديما و
حديثا......................18
فصل/ تصحيح مفاهيم تأسيسية فاصلة بين الكفر
والإيمان .............22
فصل / نسف شامل لبنى الإخوان التحتية....................................27
فصل/ حسن البنا "مجدد" أحزان و كروب...................................31
فصل/ الزيف العملي لشعار الإخوان: الإسلام هو الحل
...................37
فصل/ من المغالطات الإخوانية الكبرى.......................................39
فصل/ شيء من السخافات الإخوانية
.........................................42
فصل/ أصنام كثيرة تنتظر الكسر
..............................................50
المقامة الإخوانية..................................................................52
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملخص ما سبق في الرسالتين الأولى و الثانية
الحمد لله الذي انعم علينا و هدانا للإسلام حمدا
كثيرا طيـبا مباركا فيه، والصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطيبين و رضوان
الله تعالى على المهاجرين والأنصار صحابته
المجاهدين. أما بعد فقد كان موضوع الرسالة الأولى التي حملت عنوان" تكامل سقوط الإخــوان
المسلمين ــ نماذج من السقط العـقائدي و السياسي و الوطني لجماعة الإخوان المسلمين
ــ "عرض فتوى الدكتور يوسف القرضاوي كبير
الإخوان، و التي صاغها إثر حوادث الحادي عشر من سبتمبر2001 ، مع مجموعة من كبار الإخوان المسلمين وأجاز بموجبها للإدارة الأمريكية (وغير
الأمريكية، لكونها فتوى عامة) الإستعانة بالمجندين
المسلمين في جيشها لقتال إخوانهم في العقيدة في أي بلد إسلامي تقرّر القيادة
الصليبية إرسالهم إليه تحت إمرتها!
ولا يزال الشيخ يصرّ على فتـواه، و يتهم من عارضها بالجهل و قصر
النظر، مع إصرارعجيب على الباطل لا يوجد
نظيره سوى لدى زعماء الإرهاب العلماني الحاكم في بلاد المسلمبن، معتمدا في كل ذلك على
سكوت قواعد الإخوان (والشارع الإسلامي عموما )، بفعل ثقتهم العمياء في زعاماتهم،( ثقة
مرضية تبلغ درجة ثقة الشيعة واعتقادهم في أئمتهم" المعصومين " الذين
عبدوهم من دون الله تعالى ).
كما تضمنت الرسالة الأولى
إشارة سريعة الى فـتوى قرضاوية أخرى سبق أن صفع بها مشاهدي قناة الجزيرة القطرية وعلى الهواء مباشرة مساء 9 اكتوبر2000 و سوّغ بموجبها للشرطي العامل لدى الإرهاب العلماني الحاكم في
بلاد المسلمين إطلاق النار على من تظاهر من الجماهير العزلاء لنصرة فـلسطين ! وقد طمأن الشيخ الشرطي
المتلطّخ بدماء المسلمين بأن المسئول عما
ينتج من فتحه النار على الجماهير المتظاهرة، هو آمره المباشر وليس هو! متجاهلا أنه لا
يحلّ للمسلم سفك دم غيره حتى لو هدّد
بالقتل في صورة إمتناعه،لأنّ النفس التي سوف يفتدي بها نفسه تتساوى و نفسه في الحرمة. كما تجاهل القرضاوي
أيضا أنه لا يحلّ لأحد إطاعة أوامر أحد مهما كان عظم قدر ذلك الآمر، إذا كانت تلك الطاعة فيما يعصى به الله، و بالتعبير
القرآني" في غير المعروف"، فاذا كان الخالق تعالى لم يعط
حتى نبيّه الخاتم عليه السلام
صلاحية أن يطاع في معصية الله أو " في غير المعروف"(1) فكيف يتبرع القرضاوي بتلك الصلاحية لضابط متهوّر يضمه جيش أو جهاز شرطة قد وضع نفسه تحت تصرف نظام علماني يحارب شريعـة
الله في وضح النهار، و يلاحق المطالبين بتطبيـقها إغتصابا وتعذيبا و قـتلا و
تشـريدا و انتهاكا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال الله تعالى:( يا أيها
النبيّ إذا جاءك المؤمنات
يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا و لا
يسرقن و لا يزنين ولا يقتلن أولادهن و لا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن
و لا يعصينك في معروف فبايعهن) الممتحنة
12.. فقد حصر تعالى إطاعة رسول الله فيما يأمر به عليه السلام من معروف،
فلم يعطه شيكا على بياض حتى يأمر بما شاء ــ و حاشاه أن يأمر بغير المعروف
ــ، فاذا لم تعط صلاحية الأمر بغير المعروف لأكرم البشر عليه السلام و فهي ممتنعة
بالتالي على من هو دونه من الإداريين
الأفاضل الملتزمين بنصوص الشريعة، فكيف تعطى للسفلة والجلادين؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ
حمادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتّش عن الإخوان ص 131
لآدميتهم؟
أما الرسالة الثانية التي
كانت بعنوان" خفايا و أسرار الصندوق الإخواني الأسود " فتناولت الفكر الإخواني الذي اتخذه القرضاوي مرجعا لفتواه، وقد رأينا كيف أجاز حسن البنا التحاكم الى أول دستور علماني وضع في بلاد المسلمين كبديل للشريعة الإسلامية كما رأينا ثناءه على
ذلك الدستور البريطاني ، كما مرّ بنا كيف كفّر بعض المتمردين من شباب الإخوان ممن حاول
التعرض الى سدنة ذلك الدستور، كما رأينا كيف دعا حسن البنا الى ضرورة الإلتزام بمعاهدة
1936 التي تعطي للأنكليز وجودا شرعيا بمصر!
ملاحظة : تبدو فتوى حسن البنا عادية جدا في أيامنا
الإخوانية هذه، و نحن نرى الإخوان في العراق و افغانستان و تركيا يباركون الإحتلال
الأمريكي و يعـملون تحت إدارته و يـترأسون برلمان العراق و يتولون الوزارات في افغانستان تحت الإحتلال الأمريكي، و نحن نرى
كبير إخوان تركيا رجب الطيب اردوغان يزور اسرائيل و يضع يده في يد سفاحها شارون،
كما رأينا التنظيم الإخواني الفلسطيني
حماس وهو الأكثر قدسية و طهرا لدى
المسلمين لكونه يهتم بملف" القضية
الفلسطينية و تحرير بيت المقدس، يعترف باتفاقيات اوسلو التي اعترف قادة فتح
بموجبها بحق اليهود في التواجد في فلسطين بصفة دائمة، بل رأينا نجمه خالد مشعل(1) يحث الإدارة اليهودية فور تشكيل الإخوان وزارتهم على
المسارعة الى اتمام خطة خارطة الطريق، و يتهم اليهود بتجميدها ! و المعلوم أن خارطة
الطريق خطة يهودية تجعل القدس عاصمة أبدية لإسرائيل في مقابل تمكن علمانيي فلسطين
من مخفر منزوع السيادة و السلاح يرضي غرور قادة فتح و أعوانهم من الإخوان المسلمين
مما دفع بعض العلمانيين (الذين حملهم
التناقض الإخواني العجاب، ولصوق قياداتهم بزعماء الإرهاب العلماني لصوق القراد بمؤخرات
الدواب، الى الكفر بجميع الغيبيات و لعن كل رسول و كتاب) على التعجّب من قادة حماس عندما كانوا يحرّمون
التعامل مع اليهود و الإعتراف بدولتهم حين كانوا في المعارضة، ثم قبولهم بكل تنازلات العلمانيين، حين تولوا السلطة. مما دفع بأحدهم الى القول: " حماس شأنها السياسيّ شأن فتح، ألا ترون معي أنها
تتمنع كالغواني و تفوض أبي مازن ليكون العرّاب والقوّاد . اليوم سيتيقن كل فلسطيني،
أن الخمر حرام ولكن تبيحه المحظورات،
فأوسلو حرام أن تؤخذ على الريق لكنها حلال أن تشرب بالتنقيط !"إهــ
أما الرسالة الثالثة التي بين يديك
فسنخصّصها لكشف الفكر السلفي السنّي صاحب النظرة الإرجائية تجاه الحكّام. و
هو الفكر المميت الذي يمثل القاعدة التي
انطلق منها حسن البنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بلغت حفاوة و إهتمام نظم الإرهاب العلماني بخالد مشعل، إلى إنقاذ
حياته حين حاول اليهود" تصفيته"
بمواد سامّة، لمّا تدخّل الملك الأردني حسين لصالحه و نجاحه في إقناع اليهود بحقن الزعيم الإخواني
"المحتضر" بمادة مضادة لتلك السّموم و موافقة اليهود على ذلك، كما تلقّى
النجم الإخواني من نظام عربي آخر، تنبيها من محاولة يهودية شبيهة تستهدفه! كل ذلك
من أجل صنع شعبية تمكّنه و هو" بطل الحرب والسّلام "( شأنه شأن سادات
مصر) من نيل ثقة المسلمين ليتمكّن من تمرير مخططات يهوديّة في تصفية القضية الفلسطينية
بشكل نهائيّ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
5 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليخبط عشوائيا بالشكل
الذي ذكرناه، حيث سولت له تلك المرجعية
المتهافتة ليس فقط مهادنة العلمانية
المجاهرة بعدائها لدين الإسلام عقيدة و
شريعة، بل و الإقرار بشرعيتها ثم تقديم دماء المسلمين مهرا لديمومتها.
وقد كان محرّكي للشروع في هاته الدراسة، ما لاحظته من تناول النقاد و العلماء لفتوى الشيخ الإخواني بالتحليل بمعزل عن المرجعية الإخوانية لمفتيها، و الحال
أن مفتي الإخوان كان يسـتند الى المدرسة الإخوانية و يغترف من تعاليمها حينما أفتى بما أفتى
به . وهي مدرسة كما مرّ بنا في الرسالة الثانية، لا تبالي أوقعت
على الحرام أم وقع الحرام عليها، مدرسة تسوّغ كل محرّم و محظور إذا كان يرضي الحكّام و
فيه المصلحة الحزبية للجماعة،الأمر الذي شدّ انتباه المراقب لمسيرة الجماعة، كما
لفت أيضا إنتبــاه العلمانيين
من أبناء المسلمين، إلى
حدّ دفع وائل عباس إلى الكتابة تحت عنوان:" ماذا يحدث لو حكم الإخوان
المتأسلمون مصر" ما هذا نصه:" عندما أستمع الى المقولة الشهيرة الغاية
تبرر الوسيلة، فإني لا أتذكّر ميكافيلي و كتابه الشهير الأمير، و لكن الغريب أنه
يتبادر الى ذهني جماعة الإخوان المسلمين
الذين أعطوا لهذه العبارة رونقها و معناها العمليّ في أنجع صوره، رحم الله
ميكافيلي، فللوصول الى سدّة الحكم، هم على استعداد لتقديم كافة التنازلات و
الإنحناءات و المبادرات. وهم على استعداد لفتح ابواب مصر على مصراعيها لأي ّ كان و
لو كان الغازي الأمريكي نفسه، فقط ليصلوا الى الحكم و أرجو أن لا يكذبني أحد، فاتصالات
الإخوان على مرّ التاريخ بالسفارات الأمريكية و البريطانية و قبلهم الفرنسية لا
يخفى على أحد، وموثقة في كثير من الكتب و
الدراسات، والإخوان على استعداد تام لدعم الفاشية و الدكتاتورية لنيل مرادهم "إهــ
(1).
أمّا وقد أصبح القرضاوي و قادة الإخوان أفضح و أخزى من جمالة(2)، أما بعد فضيحة إخوان العراق، فقد تتابعت كتابات مشمئزة من قبيل ما كتبه سمير
عبيد بموقع آراب تايمز بتاريخ
20/12/2005 تحت عنوان" الحزب
الإسلامي العراقي مواقف شائنة و عمليات تزوير ما انزل الله بها من سلطان" ما
يلي:" لقد كشر الحزب الإسلامي عن أنيابه في الإنتخابات القادمة و تبين انه
الحزب رقم واحد في عمليات التزوير و الحزب رقم واحد في إجادة التحالفات السريّة مع
الإحتلال، والحزب رقم واحد في نسف العهود حيث تعاهد مع الخصوم القدامى ضد الأصدقاء
القدامى ليكون الخصـم حليفا و الصديق عدوا و بهذا نجحت السفارة الأمريكية في بغـداد
في قلب الموازين لصالحها و ضد التيارات الوطنية و الرافضة للإحتلال و نجحت في شق الصف
المعارض للإحتلال، لذا هناك قسما كبيرا من العراقيين لم تبهرهم المفاجأة، بل
يقولون هذا هو ديدن الإخوان المسلمين في جميع الدول العربية تقريبا، والكلام لبعض
الإخوة من صحفيــين و باحــثين قدامى، و هذا هـــو ديــدن الحزب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المقال خاص بموقع آرب تايمز، و قد كتب قبل ضبط الإخوان في الفراش الأمريكي في كل من أفغانستان و تركيا و العراق وغيرها من
البلدان، و قبل اظهار الإخوان تعاون
العلنيّ مع أهل الصليب، وقبل زيارة كبير
اخوان تركيا إلى اسرائيل و عرض خدماته الإخوانية عليها وقبل دخول إخوان فلسطين
(حماس) كشريك في سلطة احتلال يهودي استيطاني.
(2) رجل
من بني قيس بن ثعلبة، دخل على ناقة له في العطن باركة تجترّ، فجعل ينكحها، فقـامت
الناقة و تشبث ذيله بمؤخرة كورها، فأتت به كذلك وسط الحيّ و القوم جلوس فجرت فيه
هذه الأمثال. فقالوا أشبق من جمالة، و أخزى من جمالة و أفضح من جمالة .(.عن مجمع الأمثال للميداني مجلد 1ص 487
منشورات دار الكتب العلمية /بيروت) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــ حمادي
بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتش عن الإخوان ص 133
الإسلامي الذي هو فرع
للإخوان المسلمين في مصر و الحزب الذي كان له علاقة طيبة مع نظام صدام حسين و
خصوصا أمينه العام السابق محسن عبد الحميد... أما أمينه العام الجديد فهو الدكتور
طارق الهاشمي.." ثم طفق الكاتب يذكر السقطات الشخصية و الأخلاقية للمرضعة
الإخوانية، وهو أمر لا أعيره إهتماما لأني لا اعتمده قط كدليل ادانة .. فرغم
السقوط الإخواني الرهيب في مظاهرة العلمانيين ثم أخيرا النصارى و اليهود على
المسلمين، فانني لا اتهمهم بالخيانة، بمعنى التواطؤ بقصد تحقيق أغراض شخصيّة من
مناصب أو مال أو جاه. بل أتهمهم بالخيانة بمفهومها الإسلامي و التي هي تعـريض أرواح
و ممتلكات و عقائد المسلمين للضياع بترك السير على المنهج النبوي و الهدي القرآني في
مواجهة أعداء الحرية و الكرامة الإنسانية، فأنا أحرص على آخرتي من أن يدينني
اخواني بما هو بريء منه، بل أن حسن ظنى الإسلامي
ــ غير السلفي ــ يدفعني الى الإعتقاد بان
الإخوان يقتلوننا لوجه الله تعالى، و بنية الدبّ الذي قتل صاحبه و هو ينوى إبعاد
ذبابة تزعج نومه الهادئ، أي ان غباء الإخوان من قبيل" الجهل الخالص النية والقصد
والحماقة المتحلية بالضمير الحساس" حسب الجملة الشهيرة للمناضل الأسود الكبير
مارتن لوثر كينج (1929/ 68) )الرجل الذي أتشرف بمصافحته بكل سرور لو كنت لقيته في
الطريق، بالمقدار الذي أتقزز منه، لمجرد
سماع كلمة قرضاوي أو إخ إخ خواني بصورة عامة)، فغباء الإخوان المطلق وحسن ظنهم
الجحوي (1) و عاطفتهم المرضية، و سعيهم المهاتما
غاندي بتجنيب اثارة " الفتنة"، ثم تصورهم الخيالي في نصرة الإسلام
بالطريقة التي رسمها حسن ألبنا، هو ما دفعهم الى شد الرحال الى تشيرنوبيل لشم
النسيم العليل، و الى التماس الماء
المثلج في قعرالأفران المعدة لصهر الحديد، حين إعترفوا
بشرعية الدستور العلماني، و باسلام القائمين عليه، ثم حين دخــلوا البرلمانات العلمانية
وفي نهاية المطاف حين تحالفوا
علنيا مع النصارى و اليهود تحت شعار" الله غايتهم " و في نيتهم نصرة
الإسلام، وهذا لا يمنع محاكمة من جر تعاونه مع العدو الى إزهاق النفس البريئة بغير
حق لأن من ظاهر العدو ووفر له الفتوى و الرجال لقتل المسلين لا يعد عمله من قبيل
القتل الخطأ ، بل ينفذ فيه حدّ من قتل نفسا بغير حق.
إذن هاته الرسالة هي ثالث أربع رسائل تمثل دراسة للفكر الإخواني تحمل
عنوان " فتش عن الإخوان ـ دراسة تأريخية
لسقوط الإخوان المسلمين ــ " وضعتها كي أجلّى حقيقة المشهد الإسلامي المروّع (والذي لا يبدو
من نفقه المظلم نقطة ضوء) دون خداع أو تزييف حتى يكف الحالمون في الظهيرة عن انتظار
فتح قريب في ظلّ الحضور الإخواني
المزعج، أو في ظل هيمنة الفكر السني المتخلف أو جعجعة الرحى الإيرانية الشيعية الذي لم يضع أصحابها قدما واحدة في الإسلام. كما وضعتها أيضا لإيصال
حقيقة مفادها أنّ الفتح القريب
لن يمرّ إلاّ على جثّة المنظومة الإخوانية و على جذاذ صنم مؤسسها حسن البنا
...كما كتبتها على أمل أن تحاصر حرارة
الإيمان الثلاجة الإخوانية لتذيب عنها الجليد فينطلق من كان محجوزا في جنباتها لنصرة دين الله
بالأسلوب الشرعي بعد تحرّره من تقديس الأشخاص
الذين اوجبوا عليه طاعة محرمة
للعلمانية المحاربة لدين الله ، ثم طاعة حديثة لقادة الجيوش الصليبية !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حينما عاتب جحا
زوجته بسبب وضعها مولودا بعد ثلاثة اشهر من زواجهما، أجابته : ألم يمر على زواجي
بك ثلاثة أشهر، و زواجك بي ثلاثة اشهر،هاته ستة.... فاذا اضفنا لها ثلاثة اخرى
التي هي مدة بقاء المولود في بطني الا تصير تسعة؟! فأجابها بورك فيك، واعذريني
على سوء ظنى يا حياتي!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
7 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل
جذور المأساة
لأجل تقصّي الإمتدادت الزمنية للخلفية الفكرية التي تحصن بها الإخوان في إعتصامهم
بحبل الإرهاب العلماني، وفي منافحتهم عن رموزه، وفي تعاونهم العلني مع العدوّ الخارجي لأمتنا، لا بد
لنا من تناول المنظومة السلفية بالدراسة، لأنها
تمثل مرجعية حسن ألبنا، و مخزنه الخلفيّ الذي إستمدّ منه كل
موادّ التدمير، و بؤرته التي انطلقت منها حركته المميتة... من أجل ذلك، كان لا بدّ لنا من الرجوع الى الوراء لأكثر من
ثلاثة عشر قرنا من الزمان، حيث حدث الإنحراف العقائدي الكبير الذي اتخذ اسم
السلفية( المتخفية وراء مصطلح السنة النبوية الشريفة) شعارا له.
فمأساتنا الحقيقية تكمن في
الفكر السنيّ ذي النظرة التبريرية
تجاه الحكام حتى في حال مخالفتهم الصريحة لتعاليم الإسلام و سفكهم الدماء انهارا،
ما دام هؤلاء الحكام حسب التصور السلفي المعاق والمعيق، يعلنون أثناء ذبحهم لنا، أنهم يؤمنون بالله الذي
اصطفاهم للجثوم على صدورنا، ذلك أن الفكر
السلفي الإرجائي يرفض ـــ و بشكل مخالف لدين الله ـــ الحكم على من خرج من الحكام عن
دين الله مؤجلا حسابهم ــ في أقصى حد لتنازله ــ الى يوم القيامة،إعتبارا منه أن الحكم عليهم، شأن
الهي بحت (هلا شققت على صدره)، لا دخل للبشر فيه، لعجزهم عن معرفة ما في الصدور.
فحين
حالف حسن البنا ملك مصر فاروق، و سماه بالفاروق العظيم، و حين اخرج بعض
شباب جماعته ممن كره حكم فاروق من دين الإسلام،
بصك حرمان بابوي ، باتا فيهم بقوله ليسوا
اخوانا و ليسوا مسلمين ، حين فعل ذلك كان ملتزما بخط سلفي عتيق ، و لم يكن بدعا ممن سبقه من كهنوت السلفية، في وقوفهم دون
تحفظ في صف الملكيّة والإقطاع الجائرين ،
و إنما كان يقتدي بهم، و يسير على آثارهم،
كما
سنرى لاحقا.
فحسن
البنا الذي رفعه اتباعه الى علياء السماء،
لا يعدو أن يكون مجرّد نسخة مكرّرة عرف تاريخنا الإسلامي الآلاف من مثيلاتها، و إذا
أصرّ من كان به صبّا، وهام به حبّا، على تسميته بالمجدد، فلنقل: نعم، هو مجدّد،
ولكنه مجدّد هموم ونكبات أصابت أمتنا منذ فترة مبكرة من تاريخها، فأنحرفت بمسيرتها لتحرير
البشرية من عبودية البشر الى عبودية الله الي جعل تلك الأمة، مسخرة إياها لخدمة
دكتاتوريات محلية مجرمة.
ثم دعكم من
الحديث الذي وضعه حمقى الحشوية و
المنسوب زورا إلي رسول الله عليه السلام والذي يزعم أن الله يبعث لهاته الأمة من يجدد لها دينها،
لأن القرآن ينفيه و يدحضه، لمّا قرر أن
تغيير أمر المسلمين لا يتم الا بتغيير ما بأنفسهم (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا
ما بأنفسهم) و حين قرر تعالى ان الرعية
الفاسدة تعاقب بحاكم افسد والعن( وكذلك نولى بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون).
كما أن الواقع التاريخي يكذّب ذلك الأفيون السلفي المغلف بسنة محمد، لأن ديننا ومنذ أدخله معاوية إلى غرفة العناية المركزة، لم
يسترد عافيته الى يومنا هذا. وقد كانت غاية الحكام من ترويج الحديث المذكور إقناع المغفلين بأن الإصلاح لم
يحن بعد، و إذا كان لا بدّ منه، فسيتم
بغير قدرة بشرية!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــ حمّادي
بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتــّش عن الإخوان 135
الجحر السّلفي الذي لدغنا
منه حسن البنا:
لعل أعظم خطب نزل بساحتنا على وجه
الإطلاق، هو الإنقلاب على الشورى الذي أسفر عن تغييب صوت المسلم و مصادرة حـريته في اختيار حاكمه، وفي محاسبته، و استبداله بغيره. و
لعل أعظم من ذلك الخطب و أجلّ، تواطؤ أهل الحديث من رؤوس السلفية (وأكثرهم من
الموالي المهزومين نفسيا)، على إسباغ شرعية كاذبة على مظالم الملوك و الباسها ثوبا شرعيا. فالمنظومة السلفية
بجناحيها الحنبلي و الشافعي، هي أول من أرسى قواعد الإرجاء
الملكي الذي يقتضي في أعلى درجات الحزم
تأجيل محاسبة الملوك الى يوم الحساب مهما أجرموا في حق العباد، كما " اجتهد" البعض فاثبت لهؤلاء السفاحين براءة في الزبر، و
أستدل بمرويّات تؤكّد بأن الله سبحانه و تعالى قد غفر لهؤلاء الملوك
ما تقدم من ذنبهم و ما تأخر!
و لعل من قبيل أداء الأمانات الى أهلها، مسارعتنا في ردّ الإرجاء الي المنظومة السلفية دون نسبته (وكما
هو شائع)، الى الجهم بن صفوان، لسبب بسيط
يتمثل في كون المنظومة السلفية عاشت الإرجاء
و تمثلته، و مارسته عمليا خلال قرون متطاولة ، بخلاف جهم بن صفوان الذي سرعان ما تتهافت دعوى ارجائيته بمجرد العلم
بأنه قد سقط قتيلا وهــو يحارب الملكية الفاسدة !
أما الآن فلنتوجه، الى
اعظم خطايا السلفية اطلاقا، الي خطيئة مسخ مفهوم الإيمان. وإخراجه
خلقا آخر لا يمتّ بصلة الي الإيمان الذي قام على أساسه دين خاتم الأنبياء. وأعلن
بسببه الولاء و البراء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل
مفهوم الإيمان على عهد
رسول الله
لولا
المدرسة الإخوانية التي فرّخت لنا القرضاوي، ما كانت الفتوى الأمريكية لترى النور. ولولا المرجعية السلفية السنيّة
المدمّرة، ما كانت مدرسة ألبنا لتجد لها مكانا، ولا لتحشد لها أعوانا. و لولا
فئة من قاصري العقول تسمي نفسها أهل الحديث، وتزيّن لها غباوتها التكلم بإسم رسول الله بما يخالف ما أنزل الله،
ما كان لحكام الجور أن يجدوا حجّة تدرأ عنهم غضبة الشعوب وثورتها، و ما كان يتهيّأ
لهم ظلّ نملة تقـيهم صهد النصوص القرآنية المسلطة
على المستبدين و المعريّة لهم. من قبيل قوله تعالى ( ولا تطيعوا أمر المسرفين
الذين يفسدون في الأرض و لا يصلحون) و قوله تعالى ( ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا
و اتبع هواه و كان امره فرطا).
لقد شوهت السلفية معالم
الدين، و مسخت مفاهيم حيوية كانت تعدّ على عهد رسول الله من البديهيات التي لا
يختلف فيها اثنان .
و لعلّ مفهوم الإيمان التي جعلته السلفية شعارا
أجوفا يرفعه الحاكم ليفعل بعدها ما يعنّ له، هو أعظم ما تعرض له ديننا من عبث
سلفيّ مميت، فبدعة الإرجاء تتلخص في الإدعاء
بأنّ الإيمان هو قول بلا عمل، الأمر الذي
يمثل مخالفة وقحة لما علم من دين الإسلام بالضرورة من كون حقيقة
الإيمان" أنه قول و عمل، متواترة على تأييده النصوص متضافرة عليه الأدلّة
لم يخالف فيه إلاّ مبتدع متنكّب عن طريق الحق معرض عن دلالات نـصوص الوحي و شواهد
العقل"(1) لأن القول و العمل " تتكون منهما حقيقة
واحدة جامعة لأمور متعدّدة مثلما تـتركب حقيقـة الإنسان من الجسد و الروح بحيث
يكون فقدان أحدهما بالكليّة نفيا للحقيقة ذاتها "(2)
و لذلك قيل: "ما إبتدعت في الإسلام بدعة هي أضرّ على أهله من هذه، يعني
الإرجاء. فالإيمان" قول و عمل و نيّة
و ان الأعمال كلها داخلة في مسمّى الإيمان لقوله تعالى (إنما المؤمنون الذين إذا
ذكر الله و جلت قلوبهم ...الى قوله تعالى الذين يقيمون الصلاة و ممّا رزقناهم
ينفقون ) فجعل الأعمال كلّها إيمانا، وكما
نطق حديث أبي هريرة: يعني حديث الإيمان بضع و سبعون شعبة" (3) .
لقد كان
مفهوم الإيمان في فجر الإسلام مبسّطا و في متناول فهم الجميع و لم يكن قط معقدا أو
نخبويّا ،أو ذهنيا تجريديا، و كانت الألوان المتاحة هي الأبيض أوالأسود: الإيمان
أو الكفر، كما كانت الخيارات المتاحة هي التزام معسكر الكفر، أو الإلتحاق بمعسكر الإيمان، مما جعل أهل النفاق يتحرّكون على عهد رسول الله على أرض عراء، فلم
يسعهم لإثبات إيمانهم وتأكيد حسن نواياهم
تجاه الدين الجديد، وولائهم للقيـادة المسلمة، غير أداء الصلاة وإيتاء الزكاة بل حمـل السلاح و القتال مع رسول الله بسبب أنهم " لم يكن يخفى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)(2)
(3) سفر
الحوالي، ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي . على التوالي ص 635 . نفس الصفحة ، ص 20، ص83/84 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
10 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ حمّادي بلخشين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتــّش عن الإخوان ص 137
عليهم قطّ أن الإيمان جهاد
وأعباء وواجبات وفرائض على النفس والمال، و على القـلوب وعلى الجوارح. و لذلك لم
يدر في خلدهم أن يستخدموا منطق الأمة الإسلامية في عصورها الأخيرة فيقولوا للرسول
صلى الله عليه و سلم حين استفزهم للغزو: لن نجاهد معـك في هذا، لأنّ حقيقة الإيمان
الحيّة أمامهم في حياة النبيّ صلى الله عليه وسلم وصحبه لم تكن تسمح لهم بذلك،
فقول كهذا، في مجتمع مؤمـن كهذا يعـدّ لغوا وهذيانا، لو قالوا هذا أو قريبا منه،
لكشفته السورة وأزالت شبهته ، لكنه لم يصل في تفكيرهم الى درجة الشبهة ، ولهذا
لجأوا إلى أعذار و تعلاّت عليه مسحة من الشرعية مثل:
ــ الإعتذار بأنهم ليسوا محلّ تكليف، إذ مناط
التكليف الإستطاعة و هم غير مستطيعين ( لو إستطعنا لخرجنا معكم )التوبة 42 .
ــ الإعتذار بشدّة الحرّ
الذي جعله الشارع سببا في الترخيص و التخفيف كمـا في الإبراد بصلاة الظهر( وقالوا
لا تنفروا في الحرّ) التوبة 81 .
ــ الإعتذار بوقوع مفســدة تضيع معها مصلحة الجهـاد
و هي الإفتتان ببنات الروم( ائذن لي و لا تفتنّي) التوبة 49 .
ــ الإعتذار بالقياس حين طلبوا من النبيّ أن
يعذرهم كما يعذر من رفع الله عنه الحرج من الضعفاء و المرضى ( ذرنا نكن مع
القاعدين) التوبة 86، وغير ذلك من الأعذار المفتعلة التي هي شرعـية في فقه
المنافقين أو أصول فقههم، و رحم الله من قال في الفرق بين منافـقي الصدر الأول و القرون المتأخرة:
"كانوا يراءون بما يعملون فأصبحوا يراءون بما لا يعملون".(1)" حقا إن ما سهّل للمرجئة نشر عقيدتهم أن
حقيقة الإسلام الحية الكاملة لم تكن قائمة في عصور الإنحراف، فكان يسيرا عليهم أن
يقنعوا أمة غير عاملة بأن العمل ليس من الإيمان، إذ ليس أشهى إلى الكسول من أن يجد
ما يـبرّر كسله. و لكن المعيار الوحيد هو الجيل الأوّل، ذلك الجيل الذي كان
منافقوه يجاهدون و يحجّون و ينفقون"(2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (2) سفر الحوالي . ظاهرة الإرجاء في الفكر
الإسلامي على التوالي ، ص83/84 ثم ص 83 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
11 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل
الإرجاء متى لماذا و كيف ؟
حين أزعج القائمين على المؤسسة الملكية وضوح الخطاب القرآني الذي سماه الله تعالى
مبينا تارة ( القرآن المبين) و ميسّرا تارة اخرى( و لقد يسرنا القرآن للذكر)، وحين
أزعج جبابرة بني أمية والعباس(1) شيوع فهم تعاليم الذكر الحكيم بين عوام الناس، وغزارة
نصوصه التحريضية التي تلهب ظهور الساكتين عن الظلم والمهادنين لأهله. و حين تورط
الإنقلابيون والملكيون في جريمة انتهاك نصوص قرآنية تندد بالظلمة و تحث على جهادهم،(
بل تعد المستكين للظلم بنار جهنم و بئس
المصير) كان لا بد لحكام الجور هـؤلاء ، من البحث عن حلّ جذري و حاسم، يكفف عنهم
الطّلب، و يجنّبهم الملاحـقة و يعفيهم من
المساءلة، و يسلب مناوئيهم (أو ما يسمّونهم بالخوارج) أقوى مبرّرات الخروج التي تمثلت في فسادهم الإداري و تهتكهم الخلقي،
وإنتهاكهم للشورى، وسفكهم لدماء المخالفين بغير وجه حق، فوجدوا أنّ اقصر حلّ يتمثل في تأميم الإيمان الذي أعلنت عليهم الثورة بسبب
وهنه أو فقدانه لديهم(2).وأعني بتأميم الإيمان، إخراج
نسخة حكومية مشوهة منه، تستعيض بها عن
الإيمان الشرعي، و تتمكن بواسطتها من تغييب مفهوم الإيمان الحق عن العوام، و
إبعاده عن فهم الجمهور، ثم الإنتقال به من كونه حقيقة مبسّطة في متـناول الجميع، الى كونه نظرية فلسفية مسيّجة بأسلاك شائكة من الإصطلاحات المعقّدة
التي لا سبيل لإدراكها من قبل رجل الشارع.
و لعلّ المنظومة السنية دون سواها من يحمل وزر تحقيق ذلك المشروع الملكي
المدمّر بما أعطته من حوافز، و بما وفّرته من مواد خام لتشكيل رؤية تجريدية
للإيمان، بما طرحته من مرويات وافقت هوى الحكام، و كوّنت منظومة أمنية محكمة
الصياغة، جعلت تعيين الحاكم أمرا الهيا وراثيا
لا دخل للبشر فيه، كما جعلت مجرّد التلفظ بالشهادتين كفـيلة بدخول صاحبها الجنة حتى لو زنى و سرق و فعل الأفاعيل، إستنادا الى
رؤية جبرية تعفي المرء من تبعات أعماله بإعتبارها من خلق الله و صنعه لا من فعل
الإنسان وكسبه. ليتحول الإيمان الإسلامي الذي أطاح بدول، وغير
خارطة العالم و في مدة قياسية، إلى معادلة لفظية جافة، و نظرية ذهنية مجرّدة ، ميدانها
الفكر والوجدان، وبطون الكــتب ومجالس المناظرات، بعدما كان واقعا حيّا معاشا يحرّك
الجيوش، و يعصـف بالتيجان، و يغير الدول .
فما كانت مسألة توقيفيّة كماهية الإيمان، لتطرح
على بساط البحث كمادة للجدل، وموضوع للأخذ
و الردّ، لولا المنظومة السنية التي دعمت
الملكية الفاسدة و وفرت لها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كما
أزعج سلفهم من منافقي صدر الإسلام زمن رسول الله عليه السلام ، حتى ألجأهم كما ورد آنفا
الى بذل الأموال و المخاطرة بالمهج
، حين خذلهم نفاذ منجم الأعذار للتفلّت من
تكاليف شهادة التوحيد، والقيام بأعبائها.
(2)
بعد أن برهن هؤلاء الحكام بما يشبه الإجماع
و بصفة ميدانية متعددة الأشكال، عن نضوب ذلك الإيمان من وجدانهم ، ومن تلك الأشكال عـدم المبالاة
بالوعيد الإلهي، وعدم التورع عن تناول المسكرات، و إرتكاب كل الفواحش
و إراقة الدماء بغير حق، و ترك الشورى
و الإستهانة بالدين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
12 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ حمّادي بلخشين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتــّـش عن الإخوان ص 139
من المتاريس الفقهية والحيل
الشرعية، و من مرجعية الإجماع الملزم و المؤسّس بمعزل عن النص، ما يدرأ عن أصحابها
الحدود، وما يثبت حقهم الإلهي المزعوم في
حكم المسلمين، هذا إن كانوا قرشيين، و في تحريم
الخروج عليهم ان كانوا من مغامري العرب و العجم، من خلال إقرار شرعية الإمام المتغلب ( الإنقلابي)"
قال الحافظ بن حجر كما في الفتح ج13 ص 17 ( و قد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة
السلطان المتغلّب و الجهاد معه و إن طاعته خير من الخروج عليه لما فيه من حقن
للدماء و تسكين للدهماء)" فرضوا بولاية العهد وإمامة المتغلب و بالسكوت عن الأئمّة الظلمة و
الفسقة، وكان رضاؤهم يرجع الى الخشية من الفتنة و ما علموا أنهم في الفتنة سقطوا
بما رضوا من الخروج عن أمر الله و بما سكتوا عن إقامة أمر الله "(1) .
ومما زاد في إبعاد ماهية الإيمان عن الجماهير، ليتناول و
بصفة نهائية في دوائر أكاديمية مغلقة، ما
كان من إقدام معاوية بن ابي سفيان على
ترسيخ مفهوم الحتـمية القدرية المسبقة والقاهرة، و التي تعفي الحاكم من جرائمه، و
تعلقها على شماعة القضاء و القدر، حين زعم
أن خروجه لقتال خليفة شرعيّ و عساكر الخلافة كان قدرا مقدورا لم يكن يملك حياله أي دفع ولا ردّّ! و قد سوغت
الزواحف السنيّة أمثال أحمد بن حنبل عمل
معاوية و المرتزقة من جنده، حين اعتبرت شق عصا الطاعة على خليفة شرعي، ثم تجميع
الجموع والخروج على السلطة المركزية و تقسيم دولة الإسلام، ثم إراقة دماء
مائة ألف من خيار المسلمين من قبيل الإجتهادات المأجورة!
و لعل
اعتبار معاوية من جملة الصحابة، وبالتالي تقييم أعماله بشكل متأثر برؤية
تقديسية وتأويلية مسليّة(2)هو الذي ورط
أحمد بن حنبل وابن تيمية م وغيرهما فيما ذهبوا اليه من اطراء و تقديس باطلين
لجبار بني امية( تقديس و تأويل فاسد أسست على خلفيته طائفة السنة و الجماعة التي أهدرت
قيما حيوية كبرى كحرية الفرد المسـلم وعـصمة دمه و عرضه و ماله، و ضرورة خضوع
الحاكم لمشيئته باعتباره خادما له، وجعلت تلك القيم في مرتبة هامشية، و أوكلت
رعاية تلك الضمانات الإسلامية الي الصدفة العمياء المتمثلة في قدوم حاكم صالح بين
سلسلة حكام سوء في مقابل مراعاة المنظومة
السنية أولوية امن الحاكم الإرهابي الذي فدي أحيانا بتقتيل ثلثي المعارضين من الرعية، في سبيل الإبقاء على
ثلث صامت و شديد الغباء .
كما
جاء الخليفة العباسي المأمون (170 ــ 218 هــ 786ـــ 833 م ) ليرسخ دين الإرجاء على المستوى الفكري، حين وقع في
عهده و تحت إمرته إستيراد كتب فلسفة اليونان
ثم ترجمتها الى العربـية لإخضاع نصوص الوحي إلى ترّهاتها، بعد ليّ أعناق تلك
النصوص لتتكيّف معها. لتنتج علم الكلام
الذي تتمثّـل زبدته في نتيجة
واحدة هي إثبات وجود الله، أي توحيد ربوبيّته تعالى، أي كونه الخالق( الحقيقة التي يقرّها ابليس و لا ينكرها أبو جهل!) و هي أقصى
غايـة الفلاسفــة و مبلغ علمهم.
وما أبعد الشقة بين الفكر الديني المقاتل الذي
يعمل أهله بين الأسنة و الحراب لإحقاق الحق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبد القادر عودة. الإسلام و أوضاعنا القانونية ص 170 .
(2) و الحال ان معاوية لم يسقط سيفه من يده . الا مع مجيء نصر
الله و الفتح حيث انه اسلم يوم فتح مكة واستفاد من عفو نبوي لو كان
تأخر لتمّ إعدامه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
13 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحقّ وابطال الباطل وإماطة المفسدين من الأرض، وبين
الفكر الفلسفي المجرّد الذي دأب أساطينه
على الإستغراق في تهويماتهم التجريدية ووديان تخيلاتهم الإفتراضية، ولزوم ابراجهم
العاجية، واستنكـافهم عن معايشة هـموم الناس، فضلا عن نصرتهم ببذل العــرق و
الدماء.هذا بالإضافة الي"الإختلاف[ الكبير] بين الفلسفة و الدين، على الرغم
من أن الموضوع الذي تعالجه الفلسفة هو الموضوع الذي يعالجه الدين إذ يزعم الفلاسفة
أن مباحثهم تهدف الى معرفة أصـل الوجود وغايته و معرفة السبيل الذي يحقّق السعادة
الإنسانية عاجلا و آجلا، و هذان هما موضوع علم الفلسفة بقسميها العملي و العلمي"(1) وعلى الرغم من ذلك الهدف المشترك، إلا " أن
الإختلاف بين الدين و الفلسفة اختلاف كبير، فهما يختلفان في المصادر والمنابع، و في
المنـهج و في السبيل، وفي قوّة التأثــير
و السيطرة، و في الأسلوب و طريقة الإستدلال... فالفلسفة في كلّ صورها عمل إنسانيّ ...
و لذا، فإن أساطين الفلسفة لم يستطيعوا أن يتخلصوا من التأثر بالبيئة، فكانت تصوّراتهم
و معتقداتهم فيها صدى كبير لما يحيط بهم... اسمع ما يقوله العقاد في أفلاطون:غلبت
البيئة الوثنية أفلاطون على تفكيره بحكم العادة و تواتر المحسوسات، فأدخل في
عقيدته أربابا و أنصاف أرباب لا محلّ لها في ديانة التوحيد... أما العقيدة
الإسلامية فهي وحي من الله... و أقصى مطالب الفلسفة أن تعرّفنا الحق والخير، ما
هما و أين هما، ولا يعنيها بعد ذلك موقفنا من الحقّ الذي تعرّفه، والخير الذي
تحدّده، أمّا الدّين فيعرّفنا الحقّ لا لنعرفه فحسب، بل لنؤمن به ونحبّه و نمجّده
"(2) ونجاهد من
أجل إقراره .
فالفلسفة كما مر بنا (شانها شأن المنظومة
السنية السلفية و ذيلها الإخوانيّ) نظرية مجردة
لا تطعم جائعا و لا تؤمن خائفا، و لعل ذلك ما دفع بالإسكندر الأكبرالى القول " لوأردت أن أعاقب
مقاطعة ما فسأجعل الفلاسفة يحكمونها"!
لقد كانت حصيلة ذلك العبث الملكي المدمّر، و السلفي الخانع المتآمر أن
" إنـتقلت الأمّة من البحث في أعمال الإيمان و فرائضه ليحقّقـوه بكماله، إلى
البحث فـي ماهيته المجرّدة و حدّه المنطقي
"(3) وأصبح تناول مسألة الإيمان بالبحث، ضرب
من الترف الفكري الذي لا يحقّ حقّا و لا يبطل باطلا، بعد تلبّسه بفلسفة اليونان
الهائمة في الخيال باعتبار أن" غاية الفلسفة نظرية حتى في قسمها العمليّ ، وغاية
الديـن عمليّة حتى في جانبه العلمي"(4) .
و كانت النتيجة المروّعة
أن جمّد الفكر الإرجائي الإيمان في قلوب الناس فلم يعد حقيقة متحركة و محرّكة
للمظلومين تهدم بهم صرح الباطل و تميط بهم المبطلين، و تلاحق الفساد وتعصف بالمفسدين،
بل أصبح نظرية مجرّدة لا صلة لها بواقع الحياة الذي جاء الإسلام ليحكمها و يلونها
بصبغته، فأنكفأ الناس على خويصة أنفسهم يعتكفون في الزوايا و التكايا أو يغترفون
من اللذات ما أحلّ منها و حرّم، ما دام الإيمان بنسخته السلفية التعيسة هوالإقرار
بوجود الخالق فحسب، حتى إذا تحرّك الضمير المؤمن بفعل الخطاب القرآني
الصريح في عدم فصل الإيمان عن العمل، حاولوا
إسكات ذلك الضمير المؤرق برجاء واسع مغفرة
الله تعالى مادامت شفاعة رسول لله
قد جهزت مسبقا لخدمة اصحاب المعاصي و
السادة الفضلاء م نأهل الكبائر من أمته، ومادام
التوحيد موجودا، شعارهم قول الشاعرالماجن: إن لم أكن أخلصت في طاعتك/ فأني أطمع في
رحمتك/ وإنما يشفع لي
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (2) عمر سليمان الأشقر. العقيدة
في الله ص 35 ـ42)
(3) ظاهرة
الارجاء ص 193
(4) العقيدة في الله ص42.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
14 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــ حمّادي بلخشين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتــّش عن الإخوان 141
أنني/ قـد عشت لا أشرك في
وحدتك! ومـادام فقهاء الإرجاء و أصحاب
الكلام قد جعلوا الإقرار بكون الخالق هو الرب
والخالق و المدير للكون، هي أقصى الغايات وأعظم الأعمال التي لا تضر مع الإقرار بها معصية، وهي عين الغاية "التي يرمي اليها
المتكلمون الذين يقرّرون التوحيد في كتب الكلام و النظر هو إثبات وحدانية الخالق
دون شريك، و يظنون أن هذا هو المراد بلا اله الا لله الا الله "(1) على خلاف التصور
الإسلامي للمسألة " إذ أنّ مجرّد الإقرار بوحدانية الخالق التي هي نهاية
مطلوب علماء الكلام،..على الرغم من أهميتها لا يكفي مجرّد الإقرار بها، و ذلك لم تنفع
المشركين الذين حاربهــم رسول الله مع إقرارهم بذلك"(2)
فكانت النتيجة أن أصبحت فلســفة اليونان، وآراء الصابئة و البراهمة و خرافات المجوس
و النصارى، تقف موقف الندّ المنافس لما أنزل الله من الوحي المحفوظ المعصوم"(3) فتنفّس الملوك الصعداء حين فصلوا العمل من مسمّى
الإيمان بعد أن أعجزوا الناس عن إدراك حقيقته التي أوهموهم أنه لا يدركها إلاّ جهابذة المتكلّمين و حذّاق
الدارسين وفطاحل اللغويين، فقرّ قرارهم فباضوا وفرّخوا
بعدما خلا لهم الجوّ، وأمنوا العقاب في الدنيا بسبب" انحسار مفهوم الإيمان وغموض
مفهوم الكفر، والغـفلة عن كثـير من ضــروبه و أنواعه، ممّا جعل الأمة الإسلامية تغفل
عن تكفير المرتدين قصدا وجهارا فضلا عن الهازلين الساخرين " (4) .
و من العجيب أن الفقهاء من أصحاب الفكر الإرجائي
الذين أحسنوا الظن في الملوك وحاشيتهم من شعراء و أرباب دولة، كانوا يتسقطون وبنشاط
مسعور، كلمات المعارضـين من أصحاب الفكر الحرّ، ويحاكمونهم بما يعتمل في صدورهم، ويجول
في ضمائرهم، ثم يعدمونهم بتهم الزندقة حينا والقدرية حينا آخر، حتى قتل رجال أبرار
و مفكرون أخيار أمثال غيلان المشقي و الجعد بن درهم و معـبد الجهني بغير ذنب جنوه،
غير دفاعهم عن حقائق قرآنية لا تشوب صحتها شائبة، إلا انها كانت تزعج الملكية
الفاسدة والمدعومة كهنوتيا من قبل السلفية الحمقاء. و لو كانت أسماء أمثال هؤلاء الشهداء الأفاضل على لسان كل مسلم،
وفي ذاكرة كل فرد من أمتنا، نقـتفي آثارهم، ونستنير بفكرهم، بدل زواحف سلفية عمياء
أمثال ابن حنبل و الـبنا و القرضاوي، لما كنا في هذا الذل والهوان على حكامنا، و
على أمم الأرض جميعا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (2)
الأشقر العقيدة في الله على التوالي ص و 38 و 39ــ 40 .
(3)(4) ظاهرة الإرجاء على التوالي ص 420 و ص 82 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
15 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل
من دين الله الى دين
الملوك
بإرساء الفكرالإرجائي الذي عصمهم من التتبعات،
تنفس الملكيون والإنقلابيون الصعداء بعد
أن أقضت مضاجعهم، و زلزلت أركان دولتهم حركات العصيان المتتابعة. ولعل المأمون
العباسي لم يتجاوز الحقيقة قيد أنملة، حين أطلق على الإرجاء تسمية دين الملوك، نظرا لموافقته أهواء اصحاب السلطان،
بسبب قدرة المنظومة السنية( التي تأسس الإرجاء على ضوء تعاليمها) على إسكات الخصوم
وإحراجهم أمام العامة، لتكلمها باسم الرسول عليه السلام، على الرغم من مخالفتها
الصريحة للسـنة النبوية، ومنافاتها لروح الإسـلام و مقاصده في تحرير المسلم من
الخضوع للحكم الفردي، و تحرير غير المسلم من ربقة استبداد أخيه الإنسان، ثم تبريرها
الظالم والمضحك، لتفلت الملوك ليس فقط من قيود الشرع، بل من ضوابط المروءة ومكارم الأخـلاق، بشكل يخدم الإستبداد لقرون
متطاولة، قد لا يكون قرننا هذا آخرها، خصوصا، وأن الغيوم السلفية والإخوانية تنذر
بكل شر، ولا تترك مجالا لنقطة ضوء وحيدة تلوح في نهاية نفقنا الإسلامي المعتّم.
لقد صيغ الفكر الإرجائي على مقاس الحكّام،
ليكسبهم شرعيّة كاذبة و مسوّغا كافيا لتصفية
من استنكر تجاوزاتهم، حيث أنه كان من
الدسامة والثراء و قوة الحجة المسوغة نبويا، كما كان له من القدرة على التمطط و
القابلية للتأويل، بشكل يكفل له تبرير ما تقترفه
المؤسسة الملكية من موبقات، و ما ترتكبه من مخالفات شرعية، بطريقة لا تضمن لها
الثبات في مواقعها من السلطة فحسب، بل والتكلم باسم الإسلام بلهجة من منح حقا الهيا لملكية الأرض و من عليها،
بالإضافة الى صلاحية تتبع المخالفين قتلا و تشريدا، بتهمة الخروج على ولاة الأمور
الشرعيين. وها نحن نكاد نرى المأمون يفرك يديه غبطة بذلك المكسب الملكيّ الذي لا
يقدر بثمن.
و لئن كان الإرجاء السني قد صيغ في أساسه و
منشئه للإستعمال الملكيّ، فقد فتح أبواب
الشرّ على مصراعيها، حيث شاعت الفواحش بين عامة الناس، حتى نجد شاعرا كأبي نواس يستنكر
بوقاحة منقطعة النظير من نهاه عن شرب الخمر، مسميا ذلك الإنكار بدعة! بالنظر الي صيرورة تناول
المسكرات من التقاليد الملكية الثابتة والتي لا تقدح في صلاح الأمراء، فينشد متعجّبا " و لاح لحاني [ لامني
بشدة ] كي يجيء ببدعة / و تلك لعمريّ خطّة
لا أطيقها / لحاني كي لا أشرب الراح إنها/ تورّث وزرا فادحا من يذوقها / فما زادني
اللاّحون إلاّ لجاجة /عليها لأني ما حييت رفيقها/ أأرفـضها و الله لم يرفض إسمها /
و هذا أمير المؤمنين صديقها ؟!
ثم هاكم قصيدة كاملة يؤسس فيه شاعر هارون الرشيد! لقيم مغايرة للمنظومة الأخلاقية التي أرساها الإسلام ، بعد
أن أمن التبعة، حاثّا غيره على مجاراته حين قال يخاطب نديمه " يا أحمد المرتجى
في كلّ نائبة / قم سيّدي نعصي جبّار السماوات! كما دعا إلى علانية الشرب بعدما أمكن الجهر:
اشرب فديت علانية / أمّ التستّر زانية / أشرب فديتك و أسقني / حتى أنام مكانيه![ و
كيف لا يعلن عصيانه لجبار السموات و قد فتحت الحانات إلي درجة بيع الخمور على
أبواب المساجد فترة قدوم جحافل التتار]. كما يقول في قصيدته " فتوى
الفقيه" قل للعذول بحانة الخمـــّار/ و الشرب عند فصاحة الأوتار / إني قصدت
الى فقيه عالم / متـــنسّك حبر من الأحبار / متعمّق في دينه متفقّه/ متبصّر في
العلم و الأخبار / قلت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
16 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــ
حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتــّـش عن الإخوان ص 143
النبيذ
تحلّه فأجاب لا/ إلاّ عقارا ترتمي بشرار / قلت الصلاة فقال فرض واجب / صلّ الصلاة
و بت حليف عقار/ إجمع عليك صلاة حول كامل/ من فرض ليل فأقضه بنهار[ أي أجمع صلاة
سنة كاملة لتؤديها مع بعضها] قلت الصيام ؟/ فقال لي لا تنوه / وأشدد عرى الإفـطار بالإفطار/
قلت الـتصدّق و الزكاة فقال لي/ شيء يعدّ لآلة الشـطّار /قلت المناسك أن حججت فقال
لي /هذا الفضول و غاية الإدبار[ أي أنّ كمال الخسران في الحجّ الذي يكفّر الذنوب و
الذي يقول في شأنه رسول الله صلى الله
عليه وسلم من حج فلم يرفث و لم يفسق رجع كيوم ولدته أمّه]. قلت الطغاة ؟ فقال لي
لا تغزهم/ لو أنهم قربوا من الأنبار[ ليس
هناك أحقّ بالغزو من قوم أنت منهم] سالمهم وأقتصّ من اولادهم/ إن كنت ذا حنق على
الكفّار[كذلك فعل حكام المسلمين حيث إنتشرت في أيامنا هاته فضيحة زنا أحد المشايخ
بممثلة أمريكية من الدرجة الثانية لقاء مليون دولار لليلة واحدة.غير أن حنق
الحكّام الآن صرف كلّه ضد دعاة اسلمة
دساتير بلاد المسلمين] وأطعن برمحك بطن تلك و ظهر ذا / هذا الجهاد فنعم عقبى الدار[قمّة
الزندقة، فعجز البيت كما هو معلوم آية قرآنية] قلت الأمانة هل تردّ فقال لي/ لا
تردد القطمير من قنطار/ لا همّ إلاّ أن تكون مضمّنا/ دينا لصاحب حانة خمّار/ فأردد
أمانته عليه و دينه/ و أحتل لذاك ولو ببيع إزار[ أي أجحد أمانة كلّ أحد إلاّ دين الخمّار فأدّه و لو بعت ثيابك] قلت
أعتزمت فما ترى في عازب/ متغّرب متقارب الأسفار فأجابني لك أن تلذّ بزنية / من جـارة
و تلوط بإبن الجار/ و دنا الي و قال نصحك
واجب / زين خصالك هذه بقمار(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ديـوان ابي نواس ص
201/202 دار الكتاب العربي بيروت.
مع الإشارة الى أن هذا الشاعر
الخليع الفارسي الأصل ، قد لقي حظوة من قبل أكثر من خليفــة و مسئول عبّاسي ، والطيور على امثالها تقع، لا فرّق الله بينهم و جمعهم في امهم الهاوية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
17 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل
دور الفكر الإرجائي في انحدارنا قديما وحديثا
في مناخ الإرجاء المتسيّب و المنفلت عن كلّ
مؤاخـذة (مادام ربّ البيت بالطبل ضاربا، و
ما دام " أمير المؤمنين صديقها") تغوّلت الملكية الفاسدة، و و جدت الأفكار
المنحرفة مرتعا خصبا لها. بسبب أن حاملي أسفار العلم السلفي المشبوه" كانوا
يحجمون عن تكفير ملاحدة وحدة الوجود وأمثالهـم من الزنادقة أو الساخرين بالدين من
الكتاب والشعراء، و ينتحلون لهم التأويلات و التبريرات"(1). كما كانوا يحجمون أكثر عن الجهر بفـسق من تولّى
إمارة دون مشــورة من المسلمين. أمّا في أيامنا هذه، فقد أصبح الإسلام لدى
المنظومة السلفية السائرة في ركاب الطغيان، كما لدى نغلها الإخواني البغيض" وراثة لازمة كما تـورث
الأسماء و أحرف تكتب في الهويّة لا ينسخها عمل و لا قول يرتكبه حاملها، و لذا
تجرّأ الملاحدة زعماء و كتّابا على دين الله سخرية و إستهزاء (2) و أصبح هـذا ميدانا للـزعماء و المفكّرين، وملهاة
للشعراء و الصحفيين، وجرت ألفاظ الإستهزاء
على ألسنة العوام فأصبحت في بعض البلدان كالسلام! وعمّ البلاء حتى تعدّى مجال
الإستهزاء الي مجال الكفر الجاد الجلي الذي كان أمرا محظورا ــ و لو عرفا و عادة
ــ فنسي الناس تكفـير الباطنية و القرامطة و الدروز والنصيرية وأشباههم بل نسي
بعضهم أو شك في كفراليهود و النصارى (3) وأمـثالهم
و غاب عنهم تماما كفر طـواغيت الدجل و الخرافة و السحر بل سمّوهم أولياء وصالحين!أمّا
طواغيـت الحكم والتشريع فقد نسخوا شريعة الله جهارا نهارا وحكّموا شرائع الطواغيت في
الدماء والأموال والأعراض و ألزموا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سفر الحوالي. ظاهرة الإرجاء ص83
(2) من
صور الكفريات التي جرت علـى ألسن الكتاب
ما جاء في رواية "حدث في برّ مصر" لمؤلّفها يوسف القعيد حيث ورد في ص
101 قوله على لسان أحد أبطاله:" لأنه
لا يوجد عدل في عالمنا و أننا إن قرّرنا
إحترام إنسانيتنا لا بدّ و أن نطالب الله
بالعدل. و إن رفض مطلبنا هذا لا بدّ لنا أن نبحث عن ربّ غيره " ثم يستخلص بعد
ذلك " عموما إن كان الله قد إختار صفّ الأغنياء و قرّر أن يكون ربّهم وحدهم
فما على الفقراء إلاّ البحث عن ربّ لهم"!
وقد بلغت
الجرأة على الله منتهاها حين خطبت الشاعرة المغربية حكيمة الشاوي في مجـموعة من
النسـاء بمناسبة العيد العالمي للمرأة ( 8 مارس 2001) فقالت بالحرف الواحد"
ملعون يا سيّدتي من قال إنك خلقت من ضلــع
أعوج" (مجلة المجتمع العدد 1459 بتاريخ 32 ربيع الآخر 1422 هــ الموافق ل 14/7/ 2001)
(3) "و كيف يكفّرونهم و ذلك يخالف ما تنصّ عليه الدساتير من كون
الوحدة الوطنية مبدأ مطلقا ، و أن الإخلال بها خيانة عظمى !! ووسائل الإعلام تصنع
من أبناء هذه الطوائف أبطالا و تسميهم زعماء الإستقلال و روّاد الإصلاح، و المناهج
الدراسية كذلك ...وأعظم أعيادهم الوطنية هو ما يحتفلون فيه بذكرى هاته
الدساتيروالقوانين وتأسيس الأحزاب وقيامها ( سفر الحوالي . ظاهرة الإرجاء في الفكر
الإسلامي ص 84) .
و لعل الإخواني الشهير حسن الترابي هو اشهر من نفى الكفرعن اليهود و
النصارى " و إذا قيل له : ألم يقل الله عز و جل عن اليهود كذا و كذا أجاب :
يهود اليوم ليسوا هم اليهود الذين ورد
ذكرهم في القرآن الكريم( عن مجلة الطالب السوداني). و في محاضرة له في جامعة
الخرطوم أجـاب:"اليهود الذين أتحدث عنهم ليســوا صهاينة". وإذا قيل له:
لقد أخبرنا الحقّ جل و علا في محكم كتابه بأن اليهود و النصارى كفار أجاب:"
كلمة الكفر لا تعني الخروج من الملّة و إنما بمعنى تغطية بعض الحق مثل المسلم الذي
يقارف معصية ثم يتوب منها ثم يمضي الترابي قائلا " بل سماهم الله في القرآن
أهل الكتاب فهم مؤمنون " (قد يكون القرضاوي اسس فتواه على أخوة بوش في الله
حتى أوكل اليه تطبيق حد الحرابة !) و في موضع آخر يقول:" اننا لا نريد الدين
عصبيّة عداء و لكن وشيجة إخاء في الله
الواحد "!( لقاء مع مجلة المجتمع العدد 736 بتاريخ 8 / 10 / 1985) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
18 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــ
حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتــّش عن الإخوان ص 145
وألزموا الناس في مناهجهم ووسائل تربيتهم بموالاة الكفّار وتقديس عظماء
الكفر من فلاسفة وقادة و حكام، و نشــروا من استحلال المكفـرات و الموبـقات ضروبا
وألوانا، و سخروا من الحدود والحجاب و تعدّد الزوجات و أحكام الميراث و العبادات و
الأخلاق ... كلّ هذا و الشعب لا يرفع عليهم رأسا، و لا يرى به بأسا والجريء منهم
يعتبره خطأ أومعصية، واذا وعظ واعظ أو خطب
الخطيب فذكر بعضا من هذه الأمور، ووصفها بالمعصية والفجور، ثارعليه من يثور، واتهموه
بنقص الحكمة والتشهير بالناس و تهييج العامّة على ولاة الأمور، والمنافقون من أصحاب
العمائم يقولون كما قال أحدهم : لو كان لي من الأمر شيء لجعلتك في منزلة من لا
يسأل عمّا يفـــعل(1) وانضــم أغلب الطبقة المثقفة
كما يسمّونها الى الأحزاب الكفرية(2) والمنظمات
الإلحاديّة و المذاهب الأدبيّة التي تستر الكفر بالشعر، حتى أن بعض معـاقل الإسـلام
التاريخية أصبح في كلّ قرية منها و مدرسة فرع للحزب الملحد "(3).
مرجئة
عصرنا أسوا من أسلافهم :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
مالم يذكره الحوالي أن قائل هاته الجملة هو محمد متولى الشعراوي صاحب
العمامة الكبيرة و محبوب ملايين المغفلين، مما جرّأ السادات على القول:" ما
يبـدّل القول لديّ و ما أنا بظلاّم للعبيد!" و لقد سبق الشعراوي من الزواحف الأزهرية من قال
للينين وهو مسجّى في تابوته" طبت حيّا و ميّتا!" (الكلمة التى قالها ابو
بكر للرسول و قد فارق الحياة!) ، كما سبقه الخطيب المصريّ الذي مدح ملك مصر لمّا إستقبل الأخـير طه حســين
و أكرمه قائلا " لم يعبس و يتولّ لمّا جاءه الأعمى !" ولكن سقطة
القرضاوي لا تعادلها سقطة.
(2) وأبشع من ذلك كله ما قام حسن
البنا من تجويف الفرد الإخواني ثم تفريغه كليّا من كل شعور بالتفرّد والإختلاف عن الآخر من ناحيتي التصور و السلوك، وجعله قابلا لكل حشوة مريبة
يحشى بها، كما جعله أيضا جوكيرا يسدّ أي
فراغ يصادفه في أي حزب علماني.( لعل من قبيل نكران الجميل عدم اعتبارالإدارة
الأمريكية حسن البنا من رواد العولمة الثقافية!).
(3) ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي .
على التوالي ص 83/84 .
في مذكراته المخجلة، حدثنا
عمر التلمساني المرشد الثاني للإخوان عن
صولاته في احزاب المعــارضة و سهولة
انتقاله وانتقال الإخواني بصورة عامة، من
حزب لآخر، و القدرة العجيبة على الجمع بين عضويتين و أحيانا أكثر في نفس الحين،
بعد أن ذوّب حسن البنا شخصيته الى حد التلاشي، و أكسبه القدرة على التفلت من
مجالات الرؤية، بفضل طاقية الإخفاء الإخوانية، فيقول مفتخرا" كانت صلتي
بالأحزاب كلها صلة مودّة، رغم إنعطافي الى الوفد في مطلع حياتي، و أذكر أن صلتي
بالمرحوم أحمد حمزة باشا وزير التموين في ذلك العهد جعلته يقيّد إسمي في دفاتر
الوفد بإعـتباري عضوا بلجنة الوفد المركزية في مديرية القليوبية، وفي ذلك الوقت
نفسه، أدرج المرحوم محمد الفقي بك عضو مجلس النواب في شبين القناطر عن الأحرار
الدستوريين اسمي في عضوية ذلك الحزب دون أن يؤخذ رأيي في هذا او ذلك، و ما
كنت أرى في ذلك حرجا لأن المرحوم محمد عبد الرحمن نصير النائب عن بنها في
حزب الأحرار الدستوريين كان عضوا في الهيئة التاسيسية لجماعة الإخوان المسلمين[!] و ما كان للإمام
الشهيد أي إعتراض على ذلك، ففي ذلك الحين، كان الوفدي او الحرّ الدستوري أو السّعدي
او الكتلي او الحزب الوطني، يستطيع أن يباشر عضويته في تلك الأحـزاب وهـو إخوانيّ،
ما دامت مبادئ الإخوان و الدعوة إلى الله
هي هدفه!...كما يحكي أنه رغم دخوله الإنتخابات عن الإخوان " كان المسئولون عن
الوفد في القليوبية يكتبون إسمي في عضوية الوفد وكان الأحرارالدستـوريون يكتبون
إسمي في عضوية حزب الأحرار الدستوريين، و كنت أسكت على إستحياء لعدم قدرتي على رفض
ما يطلب مـني ما دام لا يخرجني من دائرة الحلال و لا يدخلني في دائرة الحرام"[!!]
و هذا الكلام لا يصدر إلاّ من رجل لم يعرف يوما ما عقيدة الولاء و البراء و الحبّ
و البغض في الله الذي هو أوثق الإيمان" ( الحصاد المرّ . أيمن الظواهري ص 84
ـ87 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
19 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و" كما أن المرجئة القدامي تصوّروا و جود الإيمان في قلب من عاش دهره كله لم يسجـد
لله سجدة و لا صام له يوما و لا أدّى من زكاة ماله درهما و لا عقد النية على حج ..
جاء المرجئة المعاصرون فقالوا : إن من كان لا يحكم بكتاب الله و سنة رسوله صلى
الله عليه و سلم و لا يقيم من شريعة الله إلاّ جزءا قد يقلّ و قد يكثر، ــ لا يقـيمه
لأنه من أمر الله و إمتثالا له و إيمانا
بدينه، بل لأنه موافق للهوى و المصلحة الذاتية ــ .. فإنه لا يكفر إلاّ إذا علمنا
أنه في قلبه يفضّل شرائع البشر على شريعة أحكم الحاكمين، و ما لم نطّلع على ذلك فكلّ
أعماله هي على سبيل المعصية، حتى و هو يصدر القوانين تلو القوانين و يترصّد
للمطالبـين بتطبيق الشــريعة و يلاحقهم بصــنوف الأذى، و يظهر الموالاة الصريحة
للكفّار، ويلغي ما شرعه الله من الفروق الجليّة بين المؤمنين والكفّارمن الرعيّة، و
يرخّص بإقامة أحزاب لا دينيّة كلّ ذلك معاص لا تخرجه من دائرة الإسلام ما لم نطّلع
على ما في قلبه فنعلم أنه يفضّـــل شرعـا و حكمـا على غير شرع الله و حكمه أو
يصرّح بلسانه أنه يقصد الكفر و يعتقده و أنه مستحلّ للحكم بغير ما أنزل الله!..
فمرجئة عصرنا أكثر غلوّا من جهة أنهم لم يحكموا له بشيء من أحكام الكـفر لا ظاهرا و لا باطنا، و أولئك لم
يخالفوا في أجراء الأحكام الظاهرة عليه لكن جوّزوا ايمانه باطنا فقالوا: لو قتلناه لأنه سبّ
الله و رسوله فهذا السب دليل على كفره و هو يوجب علينا تكفيره و قتله في أحكام
الدنيا، لكن إذا كان في قلبه مقرّا بصدق الرسول فهو مؤمن ناج عند الله، أمّا هؤلاء
فيحكمون بإيمان من ذكرنا مثاله ظاهرا و باطنا و لا يرونه مستوجبا لحد فضلا عن تكفيره، بل يصرحون له
بالولاء و التأييد "(1) .
الفكر الإخواني وريادته للإرجاء في طبعته المعاصرة:
يعدّ حسن البنا ، دون
منازع، أشهر من تولّى ريادة الفكر السلفي
الإرجائي في عصرنا ، حين "انطلق في دعوته بدون منهج واضح، ولا تصوّر إعتقادي
متكامل، فلم يتناول الأمر بالتأصيل العلمي بل بالتهويش العاطفي... فهرب من التكفير
الى التبرير، و أخذ يسند هذا الواقع المنحرف و يؤصّله بنظريات بدعيّة، و وجد في
مذهب المرجئة الذي أصبح كما قلنا هو
الظاهرة الفكرية العامّة بغية و سندا فنسي نفسه، و نسي مهمّته الأساسية، وهي
تغـيير الواقع لا تبريـره "(2) (3) . فلئن كان حسن البنا قد " أحيا مذهب
الإرجاء غضّا طريّا ونقله من
الدوائر الأكاديمية إلى منهج العـمل والتغيير"(4)
فإن حسن الهضيبي قد أعلن عنه دون تورية ولا
تهذيب، و"على عينك يا تاجر"، و في ثوب إخواني معاصر، حين إختزله في كلمتين خفيفتين على اللّسان، كريهتين عند أهل
الإيمان،عظيمتين في افكهما على الرحمن، وهو قوله في تعريفه لمدرسة ألبنا للإرجاء والأمن العلماني: نحن" دعــاة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) و (2)
سفر الحوالي ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي
على التوالي ص697 و 696 و 16.
(3) لم يذكر سفر الحوالي حسن البنا بالإسم،
و إنّما ردّ عمل من لجأ الي التبرير إلي" الآخر " المقابل للأوّل"
أي لمعمّم الناس بالتكفير الذي" فطن
إلى أصل القضيّة و مكمن الداء فأراد أن يصحّح الأصول و يجلّي بديهات الدين و يربط
ذلك بالعمل و ضرورته، لكنه سلك في سبـيل ذلك حرفية عقيمة في الفهم، و إشارة موغلة
في الغلو، ظانّا أن هذا هو منهج العزيمة و الإستقامة فوقع في طامّة التكفيرــ أعني
تكفير أعيان عوام المسلمين من المخالفين
ــ..
(4) لم
يذكر صاحب كتاب ظاهرة الإرجاء سيرة حسن البنا و لا جماعته بالإسم، وإنما
إقتطعت هاته الجملة مع الفقرة السابقة لتطابقهما التامّ
مع ما اقترفه البنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
20 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصلح نحويا
ـــــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فـــتّش عن الإخوان ص 147
لا قضاة "، ممّا
أدّى إلى" تحويل الإر جاء من بدعة نظرية يدين بها أفراد معدودة، إلى
ظاهرة عامّة تسيطر على الفكر الإسلامي بل والحياة الإسلامية"(1) بسبب إجـتياح الوباء الإخواني لبلاد العـرب والعجم، وإنتشاره
المريب في كلّ يابسة ويمّ، فلو رفعت حجرا ملقيّا أو ثوبا مرميّا، لوجدت تحته تنظيما إخوانيّا، يفدّي
البنا بمهجته، و يسفّه من أنكر طريقته (و لو شاء ربك ما فعلوه فذرهم و ما يفترون)
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
سفر الحوالي. ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي ص 369 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
21 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل
تصحيح مفاهيم تأسيسيّة فاصلة بين الكفر و الإيمان
الرجاء من
القارئ التركيز قليلا، لأن المعلومات التالية، و المقتطعة من كتاب" ظاهرةالإرجاء
في الفكر الإسلامي "، شديدة الأهمية لكونها مؤسسة على رؤية قرآنية خالصة، و
بموجـبها حكمنا على القرضاوي ومن قبله حسن البنا، بمخالفتهما تعاليم الإسلام و دخولهما
في دائرة المارقين منه، و لو لم يجرف التسونامي السلفي هكذا مفاهيم حيوية، لكان ما
سياتي من معلومات، مما يحفظه أطفال المسلمين بعد حفظهم الشهادتين.(1)
والدكتور سفرالحوالي صاحب االكتاب المشاراليه
آنفا، شخص يستحق الإحترام و التقدير و المتابعة، ليس فقط لخروجه عن التقليد السلفي
في مدح الحكام بالباطل و تسويغ جرائمهم، بل في معارضته لهؤلاء الحكام، حيث دفع ثمن معارضته
دخول القوات الأمريكية بلاد الحرمين الشريفين، سجنا و تعذيبا نسأل له الثبات و حسن
الختام. وكان لا بدّ لي من عرض ما ورد في كتابه حتى امحو كليا أكاذيب الإخوان في
إدّعاء شرعية الوقوف في صف الحاكم العلماني
المبدل لشريعة الله، الأمر الذي ورّطهم فيما بعد،
في مظاهرة عساكر الفرنجة على
المؤمـنين بموجب شرعي و باسم الله ايضا! في بادرة لم تسبق قط .
تجربة البنا بنيت منذ انطلاقها على الخطأ:
تعدّ تجربة البنا لتأسيس الإسلام
الديمقراطي خاطئة من أساسها، لأنها بنيت
على ثوابت سلفية خاطئةأهمها تحريم التكفير الشرعي لولاة الأمر مهما كفروا، ثم تجريم الخروج عليهم
ما لم يستحلوا الحكم بغير شرع الله أي ما لم تبلغ بهم الغباوة الى الإعلان بصريح
العبارة عن كفرهم بدين الإسلام و ضيقهم بشريعته!و كأنّ الكفر لدى الرخويات السلفية،
و الثدييات الإخوانية لا يحصل بغيرالنطق باللسان، في حين انه يتحقق بما يلي" .أوّلا : أ ــ بالإعتقاد في القلب: كمن إعتقد بأنّ لله ندّا أو شريكا أو
مثيلا أو أنه لا يعلم كل شيء أو لا يقدر على كل شيء، أو أن الساعة غير آتية و ان الله
لا يبعث من في القبور، أو إعتقد أن القرآن اشتمل على باطل. أو أن شيئا ممّا جاء به
النبيّ صلى الله عليه و سلم غير حقّ أو أنّ شريعة الإسلام لا تصلح لهذا العصر، أو
أن الأولياء يتصرفون في الكون أو يستجيبون لمن دعاهم و إستغاث بهم . و من ذلك
النفاق الأكبر بكل ألوانه و صوره، و هو باب واسع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يحرص زعماء الإخوان على تغييب هاته المعلومات
الأساسية عن قاعدتهم العريضة، حتى يستمر سريان مفعول سحرهم في هؤلاء الأتباع العميان و الحسني النية، فلو فـتح الله بصيرة المعجبين بالقرضاوي فعلموا ما يصير به المرء كافرا، لتحول "الإمام القرضاوي" الى شيطان
رجيم في اعتبارهم، و لكن هيهات، فذلك بعيد
المنال، لأن فقدان المروء ة و الشرف و التنكر لأخوة العقيدة ، التي أبداها القرضاوي
و عصابته الإخوانية وهم يسمحون لعساكر
الغرب باجتياح بلاد المسلمين والشروع في
تقتيل أهلها، كان اجدر بايقاظ هؤلاء الغافلين من عامة الإخوان، و تنبيههم
الى حرمة الوقوف في خندق قياداتهم
المخذولة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
21 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــ حمّادي بلخشين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتــّش عن الإخوان ص 149
ب ــ و يكون بالقول باللـسان كمن سبّ الله
و رسـوله و مدح الأصنام و هجا الأنبياء وإستهزأ بالدين و دعا الى الكفر و الردة و
سخر من بعض أحكام الشرع و صنّف في ذلك أو قاله بأي وسيلة.
ج ــ ويكون بالعمل الظاهركمن يقاتل الأنبـياء و
يعذب اتباعهم و يهدم المساجد ويحرق
المصاحف و يذبح لغير الله و يسجد للأصنام و يتعلم السحر أو يعلمه و يقاتل المؤمنين مع الكافرين
أوينصرهم بالمال والسلاح على المؤمـنين، و يكـرم المرتدّين و يعظمهم و يهين
المؤمنين و يحتقرهم و يتحاكم الى الطاغوت و يذهب الى الكاهن و يصدقه و نـحو ذلك (*) وعلى هذا تدلّ نصوص قطعية من الكتاب و السنة و عليه
إجماع المسلمين قبل ظهور البدع و تبعهم فقهاء الملّة في أبواب حكم المرتدين من
كتبهم.. فحصر الكفر في قول القلب وحده ضلال عظيم و خطأ بيّن، إن لم يكن كفرا صريحا
كما هو حال من التزم لوازمه.
ثانيا
: أنّ الإستحلال كـفر برأسه : سواء فعل صاحبه ما
أحلّ من المحرّمات أو لم يفعل .. ولذا من شرّع الزنا أو الربا أو شرب الخمر و أصدر
لها المراسيم و القوانين التي ترخص بها و تحدّد لها الأنظمة في عملها و تعيين
المحاكم التــي تخصّ بفـضّ النزاع فيها و رتّب حراستها، وألزم بمقتضى ذلك، فقد كفر
و إن لم يزن مرة واحدة، أو يشرب من الخمر قطرة واحدة ، أو ياكل من الربا درهما .
ثالثا: أن الكفر أعظم
المعاصي بإطلاق و الإستحلال ينقل المعصية التي دون الكفر الـي مرتبة الكفر بإجماع
أهل السنة و المرجئة سواء، فإذا ثبت ذلك فإلي أي مرتبة ينقل الإستحلال الكفر و ليس
وراءه مرتبة اخرى ،بل هو بذاته كفر، فدلّ ذلك على أنّ موضوعه المعاصي التي هـي دون
الكفر لا الكفـر. فإذا إقتـرن بالكفر كان زيادة فيه كمن يكفر بالبعث ثم يكفر بالله
.
رابعا أنه لا يجوز أن يقال : لا بدّ أن يكون المستحلّ
مكذبا بالدين حتى يكفر،كما لايجوز ان يقال في المكذب بالدين: ان يكون مستحلا
للتكذيب، فكذلك المعــاند المســتكبر والشـاكّ وغيره، فتبين أنه لا يصحّ عل أحد
أنواع الكفر شرطا في الأنواع الأخرى أو قيدا فيها (فمن جعل نوعا من انواع الكفر
شرطا في النوع الثاني عامدا فهو كمن جعل ناقضا من نواقض الصلاة أو الوضوء لا
يبطلها إلاّ بشرط وقوع ناقض آخر، كمن يشترط لبطلان صلاة من صلى الى غير القبلة أن
يكون تاركا للنية و إلا فصلاته صحيحة،أو
من نام حتى أصبح فوضوؤه صحيح إلاإذا احدث) .
خامسا : أن الإستحلال نفسه
يكون بالإعتقاد و القول والعمل: فالإعتقاد واضح، و القول : كمن يقول إن الزنا أو
الربا أو شرب الخمر حلال، و من ذلك قصة قدامة بن مضعون ومن معه في شرب الخمر (
انظر مجموع الفتاوي 7/ 610). والعمل: كقصة الرجل الذي تزوّج إمرأة أبيه فامر
النبيّ صلى الله عليه و سلم بقتله و تخميس ماله و لم يأمر بسؤاله أأنت مستحلّ أو
مقرّ ؟
سادسا: إن حصر الكفر في
الإستحلال يقتضي أن لا يكفر أحد ، و يقول أنا غير مســتحل، و انا أعتقد أن هذا حرام
، مهما عمل من المكفرات حتى من سبّ الله و رسوله و أهان المصحف و نجّس المسجد و
نصر الكفار على المؤمنين، و شرع الكفر بكلّ أنواعه،واذ لم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) وهذا قسم آخر
غير ما يسميه بعض الفقهاء الكفر العملي و
يقصدون به الأصغر فقط ، فيجب التنبيه لهذا لأن الخلط بينهما قد يؤدي الىالظن بان
كفر العمل كله لا يخرج من الملّة ، و هذا هو حقيقة مذهب المرجئة كما رأيت ، ( هامش
اورده المؤلف في نفس المصدر ص 42
ــ 44 ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
23 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يصرّح بالإستحلال أوصرّح باعتقاد أن ذلك حرام في الشرع،
وعلى هذا لا يكاد يكفر مـــن
الناس الا
القليل، فإن أبا طالب مات على دينه وهو يعتقد أنه باطل و ان دين محمد صلى الله
عليه و سلم هو الحقّ، و هرقل أقام على دينه مع إعتقاده أن ذلك حرام عليه و لكن
شهوة الملك غلبت داعي الحقّ، و كذلك أحبار أهل الكتاب الذين إعتقدوا بقلوبهم وجوب إتـّباعه صلى الله عليه وسلم و لكن لم
يتبعوه، بل كثير من كفّار قريش لم يكونوا
يعتقدون صحّة عبـادة الأصنام وانها خير من
التوحيد. وأن الله لم يحرم عبادتها! و هكذا. فأكثر كفـر الخلق هو من جهة الإبـاء
والإستكبار وترك الإنقياد والإتباع، لا من جهة إعتقاد أن الكفر حلال، فإن أكثر
المتدينين في العالم يرتكبون المحرمات في دينهم و لا يقولون نعتقد انها حلال فكيف
إذا إرتكـبوا الكفر؟ و لا سيما أهـل الإسـلام الذيـن يـعلمون ان الخـروج مـن
الإسلام أكبر الذنوب بإطلاق فيندر أن تـجد مسلما
لا يعتقد أن الكفر حرام و أن عاقبته النار و لنضرب مثالا لكفر العمل و آخر لكفر القول: أ
ــ مثال كفر العمل السحر: فإن الله تعالى قد بيّن حال أهله فقال( وأتّبعوا ماتـتلوا
الشياطين على ملك سليمان، وما كفر سليمان و لكن الشياطين كفروا يعلّمون الناس
السّحر و ما أنزل على الملكـــين ببابل هــاروت وماروت و ما يعلّمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة
فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرّقون به بين المرء و زوجه، وما هم بضارّين به من
أحد إلاّ بإذن الله، و يتعلّمون ما يضرّهم و لا ينفعهم و لقد علموا لمن إشتراه
ماله في الآخرة من خلاق) البقرة 102. فإن الله حكم عليهم بالكفر و بيّن أن كفرهم
هو تعليم السحر، و بيّن أنهم يعلمون أنّ ذلك كفر و يقولون للمتعلّم إنما نحن فتنة
فلا تكفر، ويعتقدون أن عاقبة عملهم هذا هي الخسارة الكبرى في الآخرة، فلم يجعل
علمهم بأنه كفر، وتحذيرهم المتعلم منه، وإعتقادهم سوء عاقبته، مانعا من تكفيرهم. فهؤلاء
لم يكفروا لأنهم كذبوا بالله ورسوله واليوم الآخر، ولا لأنهم كذّبوا الرسل في قولهم
إن الله حرّم السحر، ولا لأنهم إعتقدوا حلّ السحر أو فضّلوه على كتاب الله، و
لكنهم نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كما في الآية التي قبلها،أي تركوا العمل به و
اختاروا ما يعلمون و يعتقدون قطعا أنه مفضول بل كفر وخيم العاقبة على ما يعلمون
قطعا انه فاضل بل حقّ محض، و بهذا حكم الله عليهم بالكفر و نفى عنهم الإيمان و
التقوى. قال شيخ الإسلام : فهؤلاء الذين إتبعوا ما تتلوالشياطين على ملك سليمان و
نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون انه لا خلاق لهم في الآخرة و مع هذا
فيكفرون( مجموع الفتاوي 7/ 559) .
فلو قدّرنا أن من يحكمون بالقوانين الوضعية لم
يزيدوا على هؤلاء شيئا، بل غايــة فعلهم انهم تركوا العمل بكتاب الله و أتبـعوا ما
تقرره شياطين التـشريع في الشرق والغرب وحذّروا
الناس من التحاكم الى هذه القوانين و بينوا لهم انها كفر وأعتقدوا أن مصيرهم الى النار
إن فعلوا ذلك لكنهم ظلّوا يشرّعونها و يحكمون بها؟ فهل يكون حكمهم سوى الكفر؟!
فكيف و هؤلاء كما يعلم الناس بالتواتر لا يحذّرون من قوانينهم بل ولا يقولون أنّ أصحابها
من أهل النار، ولا أنّ الشريعة أفضل منها ــ مجرّد قول مع أنه غير نافع ــ بل
يفخرون بإصدارها ويجعلون ذلك عيدا أو شبه عيد، ويحاربون من دعاهم الى تحكيم الشرع
أيّما محاربة و يقولون بأنفسهم إنّ الشريعة قاصرة عن ملائمة الحياة،وانّ أحكامها
لا تصلح لهذا العصر و يقولون أن تحكيم هــذه القوانين يحقـّق المصلحة الوطنية والخير
والتقدم و حسن العاقبة..الخ مما يتردّد على ألسنة الزعماء وأعـضاء المجالس التشريعيية
و الصحفيين و سائر وسائل الإعلام ، فكيف يقال مع هذا أن هؤلاء لايكفرون إلاّ إذا
كذّبـــوا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
24 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــ
حمّادي بلخشين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتّش عن الإخوان ص 151
و جحدوا أو إستحلّوا أو فضّلوا أو ساووا، ونحو ذلك
من العبارات التي تدلّ على شيء واحد، وهو أن يضمّوا الي هذا النوع من الكفر نوعا
آخر منه. ورحم الله الشيخ محمد بن ابراهيم،
حيث فصّل هاته الأنواع وجعل كلاّ منها كفرا بذاته كما هو في كتـاب الله و سنة
رسوله ...ثم ... قال أجزل الله له مثوبته :" لو قال من حكّم القوانين : أنا
أعتقد انه باطل ، فهذا لا أثر له، بل هو
عزل للشرع كما لو قال أحد: أنـا أعبد الأوثان وأعتقد أنها باطل !"(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أدلى محمد
الحوراني عضو المجلس التشريعيّ الفلسطيني بتصريح الى قـناة الجزيرة الفضائية،لا
يتجاوز نصه خمسة أسطر قال فيه ثــلاث مـرّات و بالحرف الواحد :"
نحن نبني سياستـنا على المصـلحة لا على الحلال و الحرام"... ثمّ تطالعنا بعد
ذلك الوجوه الملـتحية لحماس
الإخوانية لتسمّي ياسر عرفات "الأخ
القائد " ثم ليسميه القرضاوي شهيدا ثم ليطالب اليهود إخوانيا بالتحقيق في مقتله و ربما الإستفادة من ديته!
فيا لخيبة أمل من جهل أمركم. و يا للّبون
الشاسع بين القاعدة المؤمنة التي تفجّر نفسـها طلبا لما عند الله تعالى، و بين
القيادات الإخوانية التي مازالت تحبو و لم تقف على قدميها و لم تعرف شهادة التوحيد حقّ المعرفة. و إن كنت شخصيا لا
أرضى بتلك التفجيرات أولا لعبثيتها و كونها لا تحرّر أرضا ولا ترجع حقا سليبا،
زيادة على كونها غير مسنودة بدليل شرعي(اتخيل غبطة قادة فتح و اليهود لتخلصهما من
عنصر إستشهادي كان يمكن أن يستفاد منه
أكثر). ثم لإستهدافها مدنيين بينهم أطفال و شيوخ عجز و نساء ثم لكونها إسرافا في
الطاقات البشرية الجهادية و توجيهها في غير وجهتها الصحيحة كما ان تلك التفجيرات تعجل في
أعطاء منظمة فتح مخفرا تمارس فيه إرهابها ضد الفلسطينيين بتأييد من حركة حماس
الإخوانية .
ثم هاكم ما
ختم به الشيخ أحمد ياسين عمله فقد كتب نص رسالة أعدها قبل اغتياله و كان ينوي
ارسالها للقمة العربـية لو لم تعاجله المنيـة " بسم الله الرحمن الرحيم..أصحاب
الجلالة و الفخامة و السمو السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[!] انا أناشدكم أن
تأخذ القمة بعين الإعتبار القضايا التالية: أولا أرض فلسطين أرض عربية إسلامية أغتصبت
بقوة السلاح من قبل اليهود الصهاينة و لن تعود الا بقوة السلاح [!] ثانيا : الجهاد
في فلسطين حق مشروع للشعب الفلسطيني وهو فرض عين على كل مسلم و مسلمة[!] المسجد
الأقصى يناشدكم فمن له بعد الله أن لم تكونوا انتم [!؟] الإمضاء أخـوكم [!!]أحمد
ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس./غزة فلسطين(جريدة الحياة العدد9248 بتاريخ
23/4/ /2004)... اذا تحققت مطالب الشيخ فقد يتحقق قبلها قول أعمي لأصمّ خلينا
نشوفك! ثم إذا كان عرفات قد صرّح كما هو معلوم
بأنه سوف يقول لإبنتـه لمّا تكبر
بأنّه قد أحبّ رابين أحد أبناء عمومته،
ثمّ اذا كان خالد مشعل يعترف باخوة عرفات، ثم اذا طبقنا المثـل السائر الذي يقول صديق صديقي هو صديقي، ففي أي حضن سيجد
مشعل نفسه؟( كتبت هذا قبل ان يجد خالد مشعل نفسه في أحضان اليهود و الشيعة) ثم
أنظروا الى الكاهن عكرمة صبري، مفتي عرفات
كيف أفتى بذبح راعي فلسطيني بلغ من العمر
عتيّا لأجل بيعه قطعة من أرضه لليهود، في حين أنه يغضّ الطرف عن
تنازل عرفات عن أكثر من تسعة أعشار أرض فلسطين لقاء مخفر ذليل يؤدي فيه مع حماس
دور كلب الحراسة لأسياده اليهود. ثم أنظروا
كيف يساق الشاب الفلسطيني الذي ما كاد يبلغ الحلم سوقا غليظا الى ساحة
الإعدام بتهمة التعاون مع العدوّ ليظهر بعد ذلك من أصحاب اللحى الكهنوتية من يبارك
صنيع " الأخ" عرفات في قتل أمثال ذلك الشاب الخائن تاليا قوله تعالى(إنما جزاء الذين يحاربون الله
و رسوله و يسعون في الأرض فسادا أن يقتّلوا
أو يصّلبوا أو ينفوا من الأرض) فيا ليتني كنت أدري كيف يغضّ الإخوان الطرف عن عمالة و خيانات عرفات
المكشوفـة، و يقتل الشاب الغرير الذي يعيش تحت خطّ الفقر؟! ألآ يمكن تشبيه ذلك
الصنيع بجلد فتاة صغيرة لإرسالها إشارة
غرام الى ابن الجيران، في حين تكرم والدتها
صاحبة المواخير المشرعة الأبواب؟! ( يحدث أحيانا ان يكون القتيل بريئا
فتسارع حماس بتقديم اعتذار لأهله!)( هذا الهامش للمؤلف لصاحب كتاب فتش عن الإخوان)
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
25 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ب ـــ و مثال كفر القول النطق بالكفر من غير إكراه
، و دليل ذلك قوله تعالى : (( من كفر بالله من بعد إيمانه إلاّ من اكره و قلبه
مطمئنّ بالإيمان و لكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله و لهم عذاب عظيم ذلك
بأنهم إستحبّوا الحياة الدنيا على الآخرة )) النــــحل 106/ 107 و ذلك من جهتين :إحداهما : أن الله تعالى
بيّن سبب استحقاقهم الوعيد بقولــه( ذلك بأنهم إستحبّوا الحياة الدنيا على الآخرة)الآية
، فهم لم يستحبّوا الكفر على الإيمانو لم يكذّبوا الرسل في ذلك، و لم يعتقدوا أن
الكفر حلال، لكنهم تكلّموا بذلك مستحبين الحياة الدنيا على الآخرة. والأخرى: أنه
إستثنى المكره دالاّ على أنّ من تكلّم بالكفر من غير إكراه فإن صدره منشرح به بدون
إشتراط أو تقييد.
سابعا
الإستحلال
عند أهل السنة والجماعة إنما متعلقه الذنوب التي دون الشرك أو الكفر كما سبـق ،
ولذلك يذكرون هذه العبارة (أي لا نكفر مرتكب الذنب ما لم يستحلّه) في الردّ على
الخوارج والمعتزلة الذيـن يكفّرون بالكبائر العمليّة التي هي من حنس المعاصي
كالزنا و شرب الخمر كما هو معلوم" إهــ (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سفر الحوالي
ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي ص 695 /721 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
26 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتش عن الإخوان ص 153
فصل
نسف شامل لبنى الإخوان
التحتيّة
زيادة في التأكيد على اننا لسنا في حاجة الى تصريح الحكام العلمانيين عن ردتـهم
حتى ننهض الي جهادهم،هاكم ما يدحض شبهات عظيمة الأثر، اعتمدتها الزعامات الإخوانية
كمسلّمات لا ريب فيها ، واتخذتها ذريعة لتبرير تواجدها المخجل( وغيرالمبرّر لا
اخلاقيا ولاوطنيا(1)) تحت مظلّة الإرهاب العلماني وفي
خندقه، لتهوي معه أخيرا، في حضيض مظاهرة اليهود وأهل الصلبان على المسلمين .
و من جملة تلك الشبهات، ما نقل عن ابن عباس من
قوله ان كفر الحاكم بغير ما أنزل الله هو:" كفرغير مخرج من الملة وهو كفر دون
كفر، و ليس كمن كفر بالله و ملائكته و اليوم الآخر و ذلك عند تـفـسير قوله تعالى( و من لم يحكم بما أنزل
الله فأولئك هم الكافرون) من سورة المائدة . وقد اعتمدت السلفية وفي أثرها الإخوان
قول ابن عباس كقرآن يتلى دون مراعاة للسياق الزمني الذي قيل فيه. ومن جملة تلك
الشبهات، الزعم بأن الآية السالفة الذكرلا تخصّ غيرحكّام اليهود،أما حكام المسلمين
فهم خارج الوعيدالإلهي! بفعل الحصانة السلفية التي اسبغت عليهم !كما سنشهد
تهافت شبهة القول بعدم جواز الــتكفير بالذنب . ثم شبهة عدم جواز التكفــير
بذنب اذا لم يستحـلّه صاحبه، و تلك الشبهات جميعا، تشكل الركائزالواهية التي تعتمد
عليها مؤسسة الإكليروس السنيّ بوجهيها الإخوانـي الأشعري والسلفي الوهابي. و بدحض تلك
الحجج، تكون مهمة المدافع عن قادة الإخوان ورموز السلفية الكريهة ،لا تـقلّ بؤسا
في عبثيتها عن مهمّة محامي الشيطان .
دحض
شبهة عدم جواز التكفير بالذنب :
لمّا
" قال علماء أهل السنة في وصف إعتقاد
أهل السنة و الجماعة انهم لا يكفرّون أحدا من أهل القبلة بذنب" كان ذلك منهم"
إشارة إلى بدعة الخوارج المكفرة بمطلق
الذنوب" و الخطـأ إنما نشأ من الفهم القاصر و التعميم بها على
كلّ الذنوب، وهو ما لم يقـصده
الأئمّة الذيـن أطلقوا هذه العبارة، و
يزول الإشكال في هـذه العبارة بأحد وجهين : الأول ما ذكره شارح
الطحاوية ابن ابي العربي من أن كثيرا من أهل السنة إمتنع عن إطلاقها،وأن الصواب أن
يقال فيها: لا نكفرهم بكلّ ذنب، و ذلك ليفرّق بين مذهب الخوارج الذين يكفرّون بكلّ
الذنوب، ومذهب أهل السنة الذين يكفّرون ببعض الذنوب المكفّرة التي ورد الدليل
الصريح بكفر صاحبها و لا يكفّرون بكلّ الذنوب.الثاني: أن المقصود
بالذنوب المعاصي التي لا يكفر فاعلها كالزنا و السرقة و شرب الخمر.. إلاّ إذا
إستحلّها، أمّا الذنوب المكفّرة كسبّ الله تعالى و عبادة الأصنام و إهانة المصحف
فهذه يكفر صاحبها سواء إستحلها أو لم يستحلّها 21).
دحض
شبهة انه لا يكفر الا من استحل الذنب :
"
أمّا القول بأن السابّ و نحوه لا يكفر في الدنيا إلاّ أن يصرّح بالجحد وإستحلال
السبّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
دع عنك دينيا ولو كان على مستوى عبدة الضفادع
و الجرذان .
(2) سفر الحوالي.
ظاهرة الإرجاء ص 721 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
27 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فهذا مذهب غلاة المرجئة الذين يقولون انّ من ورد
في الشرع كفره بقول أو عمل و فعل مكفّر فانه لا يحكم بكفره في أحكام الدنيا إلاّ
أن يصرّح بالجحـد و التكذيب "(1) " ..
حيث ظنوا أنّ الإيمان مجرّد تصديق القلب و
علمه، و لم يجعلوا أعمال القلب من الإيمان، وظنوا انه قد يكون الإنسان مؤمنا كامل
الإيمان بقلبـه، وهـو مع هذا يسـبّ الرسـول و يعـادي الله ورسـوله و يعادي أوليـاء
الله و يوالى أعـداء الله، ويقـتل الأنبياء، ويهدم المساجد و يهـين المصحف، ويكرم
الكفار غاية الكرامة، و يهين المؤمنين غاية الإهانة، قالوا: و هذه كلها معاص لا
تنافي الإيمان الذي في قلبه بل يفعـل هذا
و هو في الباطن عند الله مؤمن(2) "و قد كفّر
السّلف... من يقول بهذا القول، وقالوا: إبليس كافر بنصّ القرآن، وإنما كفره بإستكباره
وإمتناعه عن السجود لآدم، لا لكـونه كـذّب خـبرا(*)
وكذلك فرعون وقـومه، قال الله تعالى في شـأنهم:(وجحدوا بها وأستيقـنتها أنفسهم
ظلما وعلوّا)(3) فمن ترك الإنقياد كان مستكبرا
فصار من الكافرين و إن كان مصدّقا.ألا ترى نفرا من اليهود جاءوا الى النبي و سألوه
عن أشياء فأخبرهـم فقالوا نشهد انك نبي ولم يتـبعوه، وكذلك هـرقل وغيره، فلم ينفعه
هذا العلم و هذا التصديق، و لذلك قال أهل السنـة: كما أنّ الإيـمان يكون بالقلب واللّـسان
والجوارح، فكذلك ما يضادّه، فيكون الكفر بالقلب أو باللـسان أو بالجوارح أو بها
جميعا "(4).
ثم"
إليك عددا من الأمثلة: ـــ من استهزأ بالله و بدينه أو بالرسول كفر، قال تعالى( و
لئن سألتهم ليقولن انما كنـا نخوض و نلعب قل أبالله و آياته و رسوله كنتم تستهزئون
لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم)التوبة
65ــ 66 ... لهذا قيل(لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) فدلّ على أنهم لم
يكونوا عند أنفسهم قد أتوا كفرا بل ظنوا
أن ذلك ليس بكفر، فبيـّن أنّ الإستهزاء بالله و آياته و رسله كفر يكفر به صاحبه
بعد إيـمانه ــ و إبليس كفر لإمتـناعه عن السجود لآدم مع أنه عارف بالله و حلف
بعزّته و طلب منه الإنذار إلى يوم يبعثون فهو مصدق بالله عارف به مصدق باليوم الآخ
ـــ وقد أجمع الصحابة على كفر مانعي الزكاة الذين قاتلوا عليها، والشاهد، أن
المانعين للزكاة كفروا بمجرد المنع سواء كانوا جاحدين لوجوبها أو غير جاحدين، والصحابة
كما يقول بن تيمية :" لم يقولوا لمانع الزكاة هل أنت مقرّ بوجوبها أو جاحد
لها.هذا لم يعهد بحال بل قال الصدّيق لعمر رضي الله : والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدّونها لرسول الله لقاتلتهم على منعها،
فجعل المبيح للقـتال مجرّد المنع لا جحد و جوبها، و قد روي أنّ طوائف منهم كانوا
يقرّون بالوجوب لكن بخلوا بها ،ومـن هذا فسـيرة الخلفاء فيهم سيرة و احدة و هي قتل
مقاتلتهم و سبي ذراريهم و غنيمة أموالهم و الشهادة على قتلاهم بالنّار و سمّوهم
جميعا أهل ردّة "(5) " إنّ هؤلاء الذين
يقعّدون القواعد فيقولون لا يكفر إلاّ الجاحد، ويجعلونها قاعدة سلفية من خرج عليها
فهو من الخوارج، إنمّا يتهمون اولئك الأئمة الفضلاء قديما وحديثا بهذه التهمة والأمر
كذلك يقال في مسألة الحكم بغير ما انزل الله من غير جحود "(6) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (2) (3) ظاهرة الإرجاء على التوالي ص و 369 و292 و300 /301
(*)
حيث انه سمع الأمر له بالسجود من الله
مباشـرة فانـتفت من دواعي كفره مسألة
التكذيب و الجحود لتبقى فقط مسالة عدم
إطاعة أمر الله و لذلك قال المؤلف:" و هي أعلى درجات قيام الحجة " ص 305.
(4)
(5)(6) د.عبد الرحمن بن صالح
المحمود .الحكم بغير ما انـزل الله . على
التوالي ص 308 و 245 و 314 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
28 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــ حمّادي
بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتــّش عن الإخوان ص 155
دحض
شبهة أن الحكم بغير ما أنزل الله لا يخرج الحاكم
من الملّة :
"
إحتجّ من يرى أن الحاكم بغير ما أنزل الله لا يكفر مطلقا إلاّ إذا إستحلّ، بما
ورد عن ابن عباس في آية المائدة حين قال:
كفر دون كفر و ليس كمن كفر بالله و ملائكته واليوم الآخر ". فهل فيه حجّة لمن
زعم أنه لا يكفر من إستبدل بشـريعة الله القوانين الوضعـية و فرضها و ألـزم بها
الناس و قدمها على شريعة الله ؟ الحق أنه ليس فيها حجة، و يمكن بيان ذلك من خلال
ما يلي: انّ هذه الآية و هي قوله تعالى: ( ومــن لم يحكم بما انـــزل الله
فأولئك
هم الكافرون) جعلها الخوارج أصلا من أصولهم في كفر مرتكب الكبيرة و تخليده في النار،
ومن ثمّ تجد العلماء إذا عرضوا لهذه المسألة و ذكروا قول الخوارج و حججهم لمذهبهم
فيما يذكرون، مما يذكرون من أدلّتهم هذه الآية "" فمثلا ذكر الــقاضي
أبو يعلى حجج الخوارج والمعتزلة على قولهم في مرتكب الكبيرة : و احتجوا بأشياء منها..وإحتجوا
بقوله تعالى( ومـن لم يحكم بما أنزل الله فأولـئك هــم الكافرون) و ظاهر هذا يوجب
إكفار أئمة الجور، و هذا قولنا "... و إحتجاجهم كان مشهورا عند الخلفاء والأمراء
من بني أمية و بني العباس" " والغرض من هذا أن الصحابة و هم يفسرون
القرآن، كانت قضــية الخوارج و حجـجهم التي يسمعونها منهم حيّة يعايشونها، و من
أبرز ما يحتجون به آية المائدة على تكفير من خالفهم فجواب بن عباس و قوله في
تفسيرها، لا ينبغي ان يفهم بعيدا عن هذا ... و الدليل على ذلك أنه كانت له معهم
مناظرات رواها اهل الحديث وصحّ إسنادها
" هذا بالإضافة الى أنه " لم
يكن في زمن بن عباس سواء في زمن عليّ او من بعده من يظن مجرد ظن أنه يمكن أن يحكم
المسلمون بغير شريعة الله و لا أن يسنّ أحد قانونا مخالفا للكتاب و السنة ثم يلزم
الناس بالإحتكام إليه "(1) و لذلك قال الشيخ
أحمد شاكر تعليقا على ما روي عن ابن عباس:" و هذه الآثار ــ عن ابن عباس و
غيره ــ مما يلعب به المضلّلون في عصرنا هذا من المنتسبين للعلم و من غيرهم من
الجرآء على الدين يجعلونها عذرا أو إباحة
للقوانين الوثنية الموضوعة التي ضربت على بلاد الإسلام "(2)
و يبقى على القارئ أن يضع في حسبانه أن ابن
عباس قد استغل من قبل أخلافه الحاكمين وبشكل فاحش حيث نسبت اليه مرويات كثيرة
لا تخدم غير إرهابهم و أهدافهم السلطوية .
تهافت
الزعم بأن آيات المائدة تخصّ أهل الكتاب ! :
"
فمدلول الآيات ليس خاصا في أهل الكتاب و
سيتضح هذا بالوجوه التالية : ـــ إن ظاهر لفظ الآيات العموم لأنها جاءت بلفظ من
الدال على العموم و لهذا لما ذكر بن القيم القول بانها في أهل الكتاب عقّب بقوله: وهو بعيد وهو خلاف
ظاهر اللفــظ فلا يصار إليه. و على فرض أن هذا القول قال به البعض ــ أعني القول
بأنها خاصة في أهل الكتاب ــ فإن رأي جماهير السلف أنها عامّة و هو قول من جاء
بعدهم من علماء الإسلام، و هو الذي دلّت عليه الآيات الأخرى في كتاب الله مثل
الأمر بالحكم بكتاب الله و نفي الإيمان عمن لم يتحاكم الى الكتاب و السنة و النهي
عن التحاكم الى الطاغوت، و على هذا فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو
معلوم ...." (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (2)
(3) د.عبد
الرحمن بن صالح المحمود "الحكم بغير ما انزل الله "، على التوالي 314 و215،
214 و255.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
29 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولو فرضنا جدلا أنّ الآية المذكورة تخص أهل
الكتاب دون غيرهم، فلايجوز بل و يستحيل عقلا و شرعا ان تنطبق على اسلامنا، و تشمل
حكامنا ،لأن رسالتنا عالمية على خلاف رسالة من كان قبلنا، فان يترك الحاكم المسلم
ما انزل الله دون الضرب على يديه و نسفه نسفا، يعني ضياع حقوق العالمين اجمعين
مسلمهم و كافرهم، وبالتالي عدم تحقيق غاية شريعتنا التحريرية التي جاءت رحمة
للعالمين وليست هدية لحكام اقليميين مفسدين، و لكن أنى لتلك الخشب السلفية المسندة
التي لا ترى في الدين الا خلاصا فرديا، أن تدرك مقاصد الإسلام و غاياته العظمى.
ثم دعنا قبل ذلك كله من مسألة كفر الحاكم من
عدمه فأن يترك الحاكم بندا واحدا من ديـن الله، (أن يمنع مثلا الآذان في قرية واحدة منسية) يكفي للخروج عليه،
فكيف وقد نبذت شريعتنا ونحن الآن نستهدف في لحانا وأغطية رؤوس نسائنا ، ثم كيف و
اتقى حكامنا يكفره ابليس، و يستعيذ بالله من مكره و شروره.
دحض الشبهة القائلة بأن تحكيم القوانين من الكفر
العملي الذي لا يخرج صاحبه من الملة:
أمّا
" الحاكم بغير ما انزل لله فله حالتان
ــ الحالة الأولى : أن
يضع تشريعا عاما أو قانونا ملزما مخالفا للشريعة فهذا الذي تبيـــّن مـــن خلال
البحث كفر ه الكفر المخرج من الملة . الحالة الثانية : أن
يحكم في واقعة معيّنة بغير ما أنزل الله لهوى، مع إلتزامه بالحكم بما انــزل الله
و إقراره به . فهذا فاعل لكبيرة و كفره كفر أصغر غير مخرج من الملّة ..و لا بدّ
أنه لكي يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفرا أصغر من القيود التالية :ـــ أن تكون السيادة
للشريعة الإسلامية و اصل التحاكم مبنيّا على الكتاب و السنة ــــ أن تكون في حوادث
الأعيان لا في الأمور العامّة التي تفرض على جميع الناس بحيث تصبح قانونا عاما .ــ
أن يقرّ بأنّ حكم الله هو الحكم الحقّ .
"(1) و هاته الحالة تخصّ فقط الحاكم المطبّق
لشرع الله، الذي حكم بغير ما انزل الله من
وراء الكواليس، في واقعة فردية ، و لا تعني جبابرة عصرنا الذين تنصّ دساتيرهم بأن
السيادة للقانون الغربي! و لذلك بادر المؤلف بالقول" : و هذه الحالات لا
تنطبق على: ـــ من جعل لنفسه حق التـشـريع و الـتحليل و التحريم من دون الله تعالى
سواء كان فردا أو مجموعة أوهيئة برلمانية أو غيرها بحيث أصبح هـــؤلاء يسنّون القـوانين
المخالفة لشرع لله و يفرضونها على الناس و يأبون عليهم التحاكم الي شريعة الله . ـــ
من وضع نظاما أو قانونا مخالفا لشرع الله، وهذا مثل القوانين الوضعية المطبقة في
كثير من البلاد الإسلامية التي توجب و تحرّم و تحـلّل من دون الله تعالى مخالفة
لما في الكتاب والسنة"(2) والحمد لله على كلّ
حال، ونعوذ بالله من حال أهل النار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) و(2) د.عبد الرحمن بن صالح
المحمود "الحكم بغير ما انزل الله ", على التوالي ص 214 و 204
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
30 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــ
حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتــّش عن الإخوان ص 157
فصل
حسن البنا كان"مجدّد"
أحزان و كروب
يمكننا أن نستخلص ممّا سبق عرضه أن حسن البنا كان مجدد أحزان و كـروب و ناقل فيروس مزمن انهك
أمتنا قديما و حديثا، و لقد أبّنه الأمريكي
روبيـر جاكسـون بحزن و أسى( حسب تعبير الإخواني
جابر قميحة ) و اعتبره كنزا ضاع من الشرق فقال فيه بلوعة الثكلى التي ذبح
ابنها بين يديها: " هذا الشرق لا يستطيع ان يحتفظ طويلا بالكنز الذي يقع في يده" (انظر مجلة
المجتمع العدد 1279لسنة 1997) .
ولئن مدح مرشد الإخوان المسلمين بذلك الشكل فان
مدحه لا يزيدنا فيما نعتقده فيه الا رسوخا، وإلاّ فمتى كان المسلم يرضى عنه من قبل
الكافر ما لم يتبع ملته( و لن ترضى عنك اليهود و النصارى حتى تتبع ملتهم). فحسن ألبنا،
وان قيّم أمريكيا على هذا النحو: " رجل لا ضريب له في هذا العصر" ( نفس
المداح و نفس المصدر) فهو بالميزان الإسلامي لا
يختلف عمن سبقه من خدمة السلطان، سوى وقوفه في مربّع المعارضة الصورية، و
هذا فيما اعتقد سرّ بقاء الإخوان إلى اليوم. فتهرّب الإخوان من تحديد موقفهم من
العلمانية الحاكمة، ثم كتمانهم حكم الشرع في الواقع الذي يواجهونه، هو سرّ بقائهم
على الساحة كلّ هذا العمر المديد، ففي الوقت الذي يعترفون فيه بشرعية دستور1923،العلماني،
و بحسن إسلام القائمين عليه( كما مر بنا ذلك في الرسالة الثانية) نجدهم ينادون بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية تحت شعارالإسلام
هو الحلّ ! و تلك لعمر الحقّ تركيبة إخوانية موغلة في السيريالية، من قبيل أن
يقال" للثوب أبيض أسود " و للمرأة زانية عفيفة و للرجل كافر مسلم، كل
ذلك فى آن واحد. وتلك تناقضات مستساغة
اخوانيا " ذلك أنه في أثناء محاكمة
محمود عبد اللطيف الذي حاول اغتيال الرئيس عبد الناصرعام 54 ، طلب الدفاع عنه
استدعاء حسن الهضيبي(المرشد الثاني للإخوان) كشاهد نفي وانهال عليه في جلسة 18
تشرين الثاني بسيل من الأسئلة من بينها أسئلة تركز على أن المرشد العام أمضى 27
سنة يعمل في القضاء و يطبق القانون الوضعي و ليس الشريعة الإسلامية..و في اجابته
عن تلك الأسئلة قال الهضيبي انه كان يطبق القانون الوضعي وهو مرتاح الضمير، لأن
القانون المدني المطبق في مصر يتفق مع الشريعة الإسلامية في كثير من المسائل، وانه يعود الى أصول شرعية
في ما عدا مسألة واحدة هي مسـألة الربا،أما فيما يتـعلق بالقانون الجنائي فإن
العقوبات التي وردت في القرآن والسنة لا تزيد على سبع و من حق ولي الأمر شرعا أن
يوقف تطبيق الحدود فإذا أمر بذلك وجبت على المسلمين الطاعة!
كما يذهب الهضيبي في كتابه دعاة لا قضاة الذي انتهى الى تأليفه و تعميمه بين
مسجوني الإخوان عام 1969. و إن كان لم ينشر الاّ عام1977 الى ان مصطلح الحاكمية لم
يـرد في آية أو حديث و ليس أساسا لوضع أحكاما فقهية... و لم يقض الهضيبي على عكس
ما ذهب اليه سيد قطب بأن الدولة من أصول الإعتقاد، بل قرر أن عدم وجود هذه الدولة
بالمعني الذي وضعه الفقهاء لشروط الإمامة الصحيحة لا ينتقص من إسلامية الأمة أو
صحة إسلامها " !! إهــ(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من
مقال لصلاح عيسى جريدة الحياة 15034
بتاريخ 27/5/2004) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
31 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لو فرضنا جدلا أن القانون المصري يوافق الشريعة
الإسلامية ليس فقط في " كثير من
المسائل" بل في 99 بالمائة من المسائل، فان حكام مصر يكفرون بذلك. ألم يسمّّ
الله الحكم بعض ما انزل الله و ترك البعض
الآخر كفرا؟ ( أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم
الاخزي في الحياة الدنيا و يوم القيامة يردون الى أشد العذاب و ما الله بغافل عما
تعملون) البقرة 85. و أي خزي أشد من أن يطرح الإخواني العراقي محسن عبد الحميد أرضا لتطأ رقبته جزمة جندي أمريكي
و لمدة عشرين دقيقة، في رسالة أمريكية تقول للإخوان: هذا مقداركم عندنا، فما أنتم سوى خونة لدينكم ووطنكم ؟( برر
الأمريكان فعلهم به، بانهم لم يتعرفوا عن راحلتهم الإخوانية! و هل يضل الزاني عن
ماخور البلد؟!)(1)
ثم من أعطى لحكام مصر و
غير مصر صلاحية تعطيل حدود الله و إستبدالها دون موجب بعقوبات من القانون الفرنسي،
مع إلزام الشعب المصري بالرضوخ الي تلك القوانين الدخيلة و المخالفة لأحكام
الشريعة؟
ثم ما بالنا نبحث موافقة القانون للشريعة من عدمها
، وقد اغنانا الهضيبي بقوله بأن الدولة ككيان يقام لحفظ الشريعة ليست من اصول الإعتقاد ؟!(2)
ثم ما الذي يمنع القصر من تعيين من يشاء لإدارة
جماعة الإخوان ( التي نعتها المراقب
البريطاني بكونها "اداة مفيدة " في يد القصر) وهو قبل ذلك قوّام عليها
بما انفق عليها من أمواله؟! أما فيما يخص حادث إغتيال عبد الناصر فهو من تدبير
المخابرات الأمريكية لرفع شهرته على حساب الرئيس محمد نجيب، و اما الجهاز الخاص فقد
أقيم لتدريب متطوعي فلسطين و إن كان بعض الإخوان غير المنضبطين والذي وقع تكفيرهم
بسبب ذلك من قبل البنا ، قد استعملوه لغرض "غير شريف"اخوانيا!
إن تواجد الإخوان على الساحة و في قلوب اتباعهم
الغافلين، يقتضي منهم مسك العصا من الوسط،
فلو أعلنوا بصراحة أن العلمانية الحاكمة لا تطبّق شريعة الرحمن، ولا تـنوي
العمل بما جاء فيها ، لوقعوا في حرج كبير لنكوصهم
عن مواجهة تلك العلمانية بالخيارالمهمّش ــ الجهاد ـ و لو أعلنوها صريحة: أن
العلمانية الحاكمة تطبّق شرع الله لسفهها الناس و انفضّوا مـن حولها، لما يلمـسه الجميع من إنتهاك
العلمانية لثوابت الإسلام و شرائعه. فهدف الإرهاب العلماني في البقاء الآمن، لا
يتحقّق في حال إعلان الإخوان بأن الشريعة
لا تطبّق في مصر، كما أن هدف الإخوان في اســـتمرار التواجــد علـى الساحة و في
قلوب المغفلين من الأتباع ،لا يتحقّق في حال إعلانهم كون الشريعة تطبّق في مصر،
لذلك اعتمدوا صياغة عجيبة عبّرت عنها
الوثيقة التي أمضاها القرضاوي حيث جاء فيها بالحرف الواحد، حسبما ورد في كتاب
الحصاد المر ص 35" نحن نعتقد في
إيمان المسئولين بمصر بأنهم لا يردّون على الله حكما، ولا ينكرون للإسلام مبدأ
"!
فالصلاح كلّ الصلاح للجهتين، توخّي منزلة مابين
المنزلتين و الجلوس بين الجبهتين، بتبني الإخوان موقف عدم مسّ العلمانية و فدائها
بدماء المسلمين بإعتبار أن القائمين عليها لا "يردّون على الله حكما"هذا
من ناحية، و من ناحية أخرى عدم الإندماج والذوبان
ـــــــــــــــــــــــ
(1)
في احد نشراتها الإخبارية صرح محسن عبد الحميد الأمين العام للحزب الإسلامي
العراقي الي قناة الجزيرة القطرية بان جنديا أمريكيا طرحه أرضا ثم أبقى جزمته
العسكرية على رقبته لمدة تزيد عن ربع ساعة !( بحجة عدم تعرف الجندي الي هوية
المرضع الإخوانية!) .
(2) و
هو عين ما يذهب اليه العلمانيون الأقحاح! وذلك التصريح لا يستغرب ممن كان " مرشح القصر الملكي لخلافة البنا
بحكم مصاهرته لسالم باشا ناظر الخاصة
الملكية ووصفه أعضاء الجناح الخاص بأنهم
مجرمون يجب تطهير الجماعة منهم ( الحياة نفس العدد) ؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
32 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــ
حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتّش عن الإخوان ص 159
تماما في مؤسسات تلك
العلمانية لأنها لا تعترف بأن الإسلام هو
الحلّ بعدما جعل الإخوان تطبيق الشريعة من
المحسّنات الإيمانية والنوافل التطوّعية، كما مرّ بنا هضيبيّا، و كما عوى بذلك محمد
سليم العوّا أحد رموز الإخوان، وأحد محرري الفتـوى الأمريكية، فقد أوردت صحيفة"
الشرق الأوسط" في عددها 9387 بتاريخ 10 اكتوبر 2004 أن القائد ألإخواني قد صرّح
بأن "العلاقة بين الدين و الدولة في الإسلام اجتهادية"!(1) .
إن
ما يمارسه الإخوان في واقع الأمر، هو مجـرّد شعـوذة مبتوتة النسب بدين الله دين العزة و الحرية و
الكرامة الإنسانية، و قبل ذلك كله، كراهية الظلم والظلمة. كما تمثل ديماغوجية فجّة
لا تؤتي أكلها إلاّ في مناخ معدم من العلم
الشرعي(2) و محارب لأيّ فكر ناقد نظرا الي"
غياب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و وجوب الطاعة العمياء و الثقة المطلقة في القيادة"
(الحصاد المرّ ص 118) كما تحتاج تلك الشعـوذة إلى شخصية معصومة و مقدّسة تغني
المريدين عن طلب الدليل الشرعي فيما فعلت وتركت، لتصبح مواقف تلك الشخصية ذاتها هي
الدليل الشرعي و البرهان القاطع !(3).
فالفتنة بالإخوان تكمن في وقوفهم وسط الطريق
و مسكهم العصا من الوسط. ففي حين انهم يسبغون على النظام صفة الإسلام، نجدهم يطالبون بتطبيق الشريعة الإسلامية!(4) و لكنهم يجعلون ذلك التطبيق من المستحيلات(5) فالإخــوان يتحرقـــون شــــوقا الي تطـبيق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
والشيء من مأتاه لا يستغرب أو كما قال الشاعرأحمد مطر:" هو ابليس.. فلا تندهشوا..
لو تمادى في الضلال ! " .
(2)
أشار الظواهري في كتابه الحصاد المرّ
إلى ظاهرة " الفقر العام في
العلوم الشرعية خاصة المتعلقة بالتوحيد، و قد وجدنا أن من يدرس هذه العلوم خاصّة
من أفراد الجماعة غالبا ما يـتركها.( الحصاد المرّ ص 118) . طبعا لأن تلك الدراسة
لا تضمن النجوميـة والوصول إلى القمّة، و يحضرني قول شيخ من قدماء الزيتونة كان قد خالط بعض قياديّ حركة النهضة التونسية فلمس منهم خلوّ خطابهم و
أدبياتهم من ذكر الله و الرسول على
حساب منافستهم الحداثيين في استخدام
المعقد من المصطلحات حيث قال:" إن ما
يميّز جماعة النهضة عن العلمانيين هي الصلاة لا غـير".
(3) كتبت مجلة "المجتمع"
الكويتية ــ اخوانية ــ : أنه ليس هناك
حرج شرعيّ في إنشاء حزب سياسي على مبادىء الإسلام ، فالإمام الشهيد حسن البنا خاض
المعركة الإنتخابية مرتين والإمام الهضيبي
رحمه الله قد وافق قبل الصدام مع عبد الناصر على مبدا إنشــــاء حزب سياسي
"وهذا الكلام يبيّن فساد طرق الإستدلال الشرعي عند الإخوان، فالحجة عندهم في
أعمال مرشـــدهم لا في الكتــاب والسنة"إهـ الحصاد المر ص 38 .
(4) " نحن
نلتزم القوانين الوضعية و إن كنا لا نحترمها و نطالب بإلغائها "تصريح عمر
التلمساني (الحصاد المرص 39) أي نـحن نعبد هـبل و نحترمه و نكفّر من كفر به، في
حين اننا نطالب بكسره ... هل فهمتم شيئا
؟!!". كما إستخلصت المحكمة المصرية في حكمها ببراءة الإخوان من العنف وأهله
في قضية سيارة الجيب و" من نصوص ما كتبه الإمام الشهيد ، بأن الإخوان
المسلمين لا يناهضون نظام الحكم القائم في مصر بل يرونه متفقا مع النظم الإسلامية
" (الحصاد المرّ ) ص 41 . فهل يعقل يا معشر الإخوان بعد ذلك كله تسمية شيخكم قتيل نظام الفاروق العظيم بالشهيد ــ ؟! فأسحبوا هذا اللقب عن شيخكم
لتدفعوا عن أنفسكم تهمة سوء الظن بأولياء أموركم وآمنوا بدلا عن ذلك بأن قتل فاروق
شيخكم كان من قبيل المصالح البريطانية المرسلة التي يترك لوليّ الأمر تقديرها وفق فيوضات و إلهامات "خارجية". و إن
لم تفعلوا و لن تفعلوا فكفّوا عن الصراخ والتألمّ عن العلمانية حتى قبل أن تصرخ و
تتألم هي .إن رماها مسلم بحجـر.
(5) أو
بالتعبير القرآني (( كباسط كفّيه إلى الماء
ليبلغ فاه و ما هو ببالغه)) الرعد
14" ـ أي إلاّ كمن يبسط كفيه
للماء من بعيد يدعوه و يناديه ليصل الماء الى فمه و الماء جماد لا يحسّ و لا
يسمع .... و لا يشعر بعطشه " صفوة
التفاسير . محمد علي الصابوني ج 2 ص 534 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
33 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشريعة
لكنهم يجعلون تطبيقها رهين سيناريو وحيد، وهو أن توجّه الى حضراتهم دعوات متوسلة
من العلمانية الحاكمة ليتشرفوا بحكم مصر وغير مصر بشريعة الإسلام في صورة فوزهم في
الإنتخابات. دون أن يكلّفوا أنفسهم حتى مشاركة " الإخوة العلمانيين" عدّ
الأصوات لمعرفة ما أسفرت عنه نتائج الإنتخابات! وقد عبّر المرشد الرابع للإخوان عن
هاته السريالية السياسية حين صرّح(كما ورد في الحصاد المرّص40) :" وأكرّر
مرّة أخرى إننا لن نأتي إلى الحـكم إلاّ إذا أستدعينا لهــذا عن طريق الإنتخابات"
إهـ كل ذلك إعتمادا على نزاهة أهل القبلة من العلمانيين! فــتـقدير متى يـــقام
دين الله مـتروك لهم بلا إحراج، و حتى لو لم يقـع " إستدعاءهم " أصلا فسيعتصمون
بالصبر حتى دخول القبر، لما وطّنوا أنفسهم عليه وفق ما علموه بالتجربة منذ حياة
شيخهم، ما عسى أن يشوب الممارسة الإنتخابية مــن" بعض القصور(1)الغير المتعمّد طبعا، والذي قد يكون سببه " المعقول"حدوث
رجّة أرضية في مراكز الإقتـراع ينــتج عنها خـروج بطـــاقات من إنــتخب الإخــوان
من الصـناديق لوحدها و مغادرتها مراكز الإقتراع مع بقاء بطاقات من إنتخب الحزب الحاكم في أمكنتها!أو
من قبيل تخلّف الموتى من ذوي الإتجاه الإسلامي عن التصويت للإخوان، على حساب قدوم
مكثّف و غير متوقّع لموتى الناصريين والملكيـين و" الإخوة الأقـباط " وقوم
عاد وإرم ذات العماد و الفراعنة (2)!
وفي إنتظار أن يتحقّق ذلك الإستدعاء الذي قد
يسبقه خروج مهـديّ الشيعــة العريان بمآت السنين(3)
يجب على الإخوان لزوم السكينة ومراعاة أمنالإرهاب العلماني حتى لا يعكر صفوهم معكر،
وهم يزهقون الأرواح، و ينتهكون الأعراض بدعوى القضاء على "الإرهاب الأصوليّ
". كما على الإخوان ملازمة السكينة و تجنّب أي ضغط على الحكومة، من قبيل المسيرات
السلمية أو الإجتماعات المفتوحة والمغلقة و المسّماة بالمؤتمرات (من التآمر)،أومن قـبيل
الإضرابات( المشتقّة من الضرب) والإعتصامات (4)!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) "
يقول فريد عبد الخالق أحد كبار الإخوان: و
سيجد الإخوان أنفسهم مطالبين في ممارسة العمل السياسي بالــتحرك من خلال قنواته
الدستورية و القانونية مهما شاب الممارسة من قصور " الحصاد المرّ ص 40
.
(2) إتّسع
صدر النظام المصري للأحياء والأموات على السواء ، فأخذ بعين الإعتبارأصوات أصحاب العظام النخرة، واللّحوم المقدّدة في
الأهرامات ، حيث انه، و في سابقة ديمقراطية سفّهت فولتير و روسو و كشفت غياب
حسّهما الديمقراطي، أدرج حكام مصر أصواتهم
ضمن من إنتخبه !( الأمر ليس مزحة بل حقيقة
سجّلتها أحزاب المعارضة المصرية في معرض شكواها من تزوير الحكومة لنتائج
الإنتخابات حيث إكتشفت أن الكثير من أصحاب
الأسماء المدرجة على قوائم الإنتخابات قد
نبت الربيع على قبورهم !أي أنهم في ضيافة هادم اللذات و مفرّق الجماعات منذ عديد السنوات، وفي الإنتخابات الأخيرة ثبت قيام بعض
القضاة الذين أشرفوا على سير الإنتخابات من قبورهم لتأدية تلك المهام، مع العلم
بانه قد مضى على موت بعضهم أكثر من أربع سنوات! فسبحان من أشرك النظام المصريّ مهدي الشيعة الخرافيّ في خاصيّة
إيقاظ الموتى قبل يوم الزحام !
(3) " يحكم مهدي الشيعة حين يخرج
بشريعة داوود ! و بقرآن جديد ليس هو الذي بين أيدينـــا
و يتكلم بالعبرانية و أتباعه من اليهود ــ إسألوا القرضاوي عن تفسير كلّ هذا وان
كانت كتابة الدستور العراقي الأخير من قبل يهودي قد تفتح مجالا للقول بان مهدي
الشيعة قد ظهر على دبابة أمريكية ليمكنهم من حكم العراق بجهود اخوانية تذكر فتلعن
ـ و من المضحكات ما روي عن الإمام الرضا ظهور
المهدي عاريا أمام قرص الشمس! يعلّق صاحب موقع الإنترنت ليقول: و لا أدري هل
الشيعة سرقوا ملابسه و هو في السرداب ؟!كلّ شيء جائز !( أنظر حوار هادىء مع
الشيـعة) سودينت. كوم .
(4) كتب عمر التلمساني" بهذا التاريخ
الأبيض الناصع يتحدّث الإخوان المسلمون عن تطبيق الشريعة الإسلامية، ولا يقرّون
المسيرات و لا المؤتمرات ولا مناصبة الحكومة العداوات ! "( الحصاد المرّ ص
58) فما اسعد العلمانية بالمرطبات
الإخوانية !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
34 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــ
حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتــّش عن الإخوان ص 161
تنبيه: السطور السابقة و الدراسة جملة كتبت سنة 2002 أو أواخر 2001 أي
بعيد فتوى القرضاوي، حيث كان سيناريو وصول الإخوان للسلطة حينها رهين امكانية
مستحيلة واخري متوقعة، أما المستحيلة فسماح الإرهاب العلماني الواقع تحت املاءات
الغرب و المسيّر بجهازه المتحكم عن بعد، بإنتخابات نزيهة و شفافة توصل الإخوان
للحكم و أما الإمكانية المتوقعة، فإشتداد
ضربات الحركات الجهادية على كيان الإرهاب العلماني بصفة تدفع الأخير الى التنازل و
السماح للإخوان برئاسة حكوماتهم قصد تسليطهم لحرب الجهاديين بإسم الله ورسوله، وفق
منهج البنا و" الإسلام الإخواني". ولـكن الإخوان بلغوا اليوم سدة الحكم،
حين فتحت لهم النظم العلمانية في أفغانستان و تركيا و العراق أبوابهـا على
مصراعيها، دون أن تشتد ضربات الحركات الجهادية على تلك النظم (بل تراخت وكادت
تضمحل). بل بسبب ظهور أسامة بن لادن من بين أشدّ أجنحة السلفية تطرفا في الدعوة
الى إطاعة الحكام (الجناح الوهابي)، ثم شروعه في عشوائيات راقت للإدارة الأمريكية التي
استخلصت منها نتيجة مفادها، أن الإرهاب العلماني الحاكم قد تجاوز الحدود في حربه الإسلام دون مبرّر مما ولّد "أصولية
جهادية" قد تسفر عن أوضاع أمنية غير مستقرة
تعصف بمصالح الغرب في بلاد المسلمين، لذلك رأت من الصالح إشراك الحليف الإخواني في
الحكم، قطعا للطريق على حركات جهادية جادة، وضمانا لحسن سير المصالح الأمريكية و اليهودية في بلاد
المسلمين، تلك المصالح التي لا يرى الإخوان في تحقيقها ما يعارض خططهم، خصوصا
بعدما برهنوا أنهم خير من يعتمد عليهم أمريكيّا( بعد الشيعة) ، لما لهم من خصائص
اخوانية خسيسة تؤهلهم لتلك المهام القذرة(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
من تلك الخصائص البراجماتية و الميكافيلية و تحلي قادة الإخوان بضمائر مضادة للرصاص، ثم الطاعة العمياء
للقيادة المنحرفة، ( صرّح د .محمد مورو الإخواني المفصول للوطن العربي بتاريخ
2/8/2002 بما يأتي " الإخوان يحرصون على
التـنظيم أكثر من حرصهم على الإســلام، و يضعون حركتهم تحت أقدام الحكومات العربية
و هذا يفسّر الضعف المتناهي الذي يصيب الإخوان." كما يؤكد الدكتور دكتاتورية القيادة الإخوانية بقوله " هناك
خطأ في المنهج الذي يعتمد مبدأ السمع و الطاعة، ووسط هذا المناخ لا أعتقد أن أحدا
سيبرز في هذا المناخ غير الصحّي، إلاّ هؤلاء الأكثر طاعة و الأكثر إرضاء لهم و
الإنتهازيون. وهؤلاء لن يكون بينهم مبدع لأن المبدع هو الذي يفكّر و قد يعترض، و
لذلك سيطبق عليه قانون الإخوان من إعترض إنطرد ! "إهــ
كما غاص الدكتور في المستنقع
الإخواني ليلمس بعض جذور المأساة حين أعلن:" من أخطاء حسن البنا القاتلة، أنه
لم يترك آلية لعمل قيادات صفّ ثان، البعض يدافع عنه و يقول أنّ حسن البنا لم يكن
لديه الوقت الكافي لتفريخ مثل هذه الأجيال، لكنّ الحقيقة أنّه قتل الإنسان وجعله
مسخا يرتـبط بشخص واحد و بدونه لا يفلح!" إهــ . كما خطّأ الدكتور حركة الإخوان على الخيار السلمي الذي
سلكته منذ البداية فيقول:" ولو أنها عملت
منذ البداية كفاحا شعبيّا مسلّحا و منظما كانت المنطقة تغيرت، و كانت الأوضاع تحسنت
كثيرا عن هذا, وهذه أول خطوة في فقه الإقلاع، كان يجب أن تكون هناك ثورات مستمرة
"اهــ
كما المح
د.عبد الله النفيسي في العدد 1325 من مجلة " الوطن العربي" إلى
مسألة قدسيّة القيادة الإخوانية و عدم خضوعها
للمساءلة والمحاسبة فقال:" الذي يتفحّص النظام العام للإخوان، أي
النظام الأساسي للجماعة، ويركّز في قراءته على العضوية و شـروطها مــن المادة 4ــ7
يلحظ أنّ كلّ المواد تتحدث عن واجبات العضو، والعــقوبات و والإجراءات الجزائية
التي تتخذ في حقّه إذا قصّر في الأداء، و لكن ليس هناك نصّ واحد يتحدّث عن حقوق
هذا الـعضو إزاء الجماعة ـ هيئات و قيادات ـ! و لذا صارت قواعد الإخوان لا تتحسّس
حقوقها بل لا تشعر بأنّ لها حقوقا إزاء قيادتها و نظرا لهذا التدنّي في الوعي
الحقوقي، إنفرزت أجواء غير سليمة في الهيئات القيادية ذلك أنها أدركت حصانتها من
المساءلة و المراقبة. من جهة ثانية، صارت عمليّة فصل العناصر المتبرّمة أو تجميد
عضويتها أو عزلها عزلا تدريجيا شيئا عاديّا و يوميّا تمليه مزاجــيّا أشخاص
معيّنين في الهيئة القيادية ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
35 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما البراهين الدالّة على استعداد الإخوان لخدمة مصالح الغرب فكثيرة،
منها فتوى القرضاوي الشهيرة(1)، و منها مسارعة إخوان أفغانستان الى قيادة تحالف
الشمال في حربها ضد طالبان ثم دخولهم في الحكومة العميلة التي شكلها الإحتلال
الأمريكي ، ثم مسارعة أخوان تركيا في زيارة الكيان الصهيوني في حركة مكشوفة تشير
الى اعتراف الإخوان بدولة اليهود ورضاهم بمخفر منزوع السيـادة و السلاح وبدون بيت
المقدس، ومنها ايضا تحالف اخوان العراق(
الحزب الإسلامي والحزب الكردي الإخواني) مع قوات الإحتلال الأمريكية والبريطانية
ثم اكتمال النصاب الإخواني، بسقوط منظمة حماس التي كانت تعد المرأة الشريفة في طابور" الأخوات
المستسلمات" لكل لامس بل و لكل مسافح
، بعدما تبين أخيرا انها لا تتردد عن الزنا مقابل يقطينة نصفها متعفن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عن عموم
الفتوى ــ الجريمة، كتب السيد عامر عبد المنعم في جريدة الشعب بتاريخ 2 /11/2001
ما هذا نصه: الفتوى ليست خاصة كما يقول الدكتور القرضاوي في التوضيح الذي نشره
فيما بعد, و( كما يقول) الأستاذ فهمي
هويدي في مقاله الثاني، بل هي لأي مسلمين
في أي جيش في العالم، فقد قالوا في
مقدمتها "أن السؤال يعرض قضية شديدة التعقيد وموقفا بالغ الحساسيّة يواجهه إخواننا
العسكريون المسلمون في الجيش الأمريكي و في غيره من الجيوش التي قد يوضعون فيها في
ظروف مشابهة " وهذا يعني ان أصحاب الفتوى يتجرأون في فتواهم، و يريدون ان
يكون رأيهم هذا، هو المرجعية للمسلمين في جيوش العالم " إهـــ (تجد الفتوى منشورة في جريدة الشرق الأوسط العدد
8356 بتاريخ 14 اكتوير 2001 و العدد 8350
بتاريخ 8 اكتوبر 2001 ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
36 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــ حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فــّش عن الإخوان ص 163
فصل
الزيف العملي لشعار الإخوان الإسلام هو الحلّ
حين رفع الإخوان لافتة "القرآن دستورنا و
الإسلام هو الحلّ " لم يتحرّّكوا قيد أنملة نحو تطبيق ذلك" الحلّ"
إلاّ بقدر تحرّك الشاعر العربي القديم الذي جعل كلّ أدواته لــتحقيق الوصال بمن يعشق، هي الأماني
الصرفة، و السيناريوهات الغريبة و المستحيلة الوقوع إلاّ في مشاهد صورالأطفال
الكرتونيّة. فقد تصوّر ذلك الشاعر أنّ الله سوف يسوق له المرأة التي يهواها ثم يبطحها له في
أرض عـراء، ثمّ يلقيه عليها، ثم يرسل سّـحابة تغسلـه و محبوبته من الجنابة! كلّ
ذلك دون أن يكلّف نفسه أي جهد! و قد سجّل هلوسته
تلك حين قال: لعل الله يأتيني بليلى/ فيبطحها
و يلقيني عليها / لـتأت بعد ذاك سحاب مزن/ تطهّرنا و لا نسعى إليها ! فكذلك شأن الإخوان في نفخهم في قربة
الديمقراطية المثقوبة التي سوف تنقلهم حسب تصورهم في رحلة بحريّة شاعريّة محفوفة
بنسمات النيل العليلة إلى قصر عابدين لتولّي حكم أرض الكنانة بشريعة ربّ العالمين،
و ذلك بعد أن يقذف الله فجأة في قلوب حكّام البيت الأبيض الزهد في حطام الدنيا
فيتنازلوا عن مصالحهم الحيوية في بلاد المسلمين.كما يقذف في قلوبهم الشفقة على أمة
محمّد فيكفـوا عن دعم الحكومات العسكرية التي تسومهم سوء العذاب و تصرفهم عن إسلامهم
بشتى الطرق حتى لا تــقوم قائمة" لأصوليّة دينيّة" تهدّد أمن ربيــبتها إسرائيل. وذلك بعد أن يقذف الله
فجأة في قلوب حكام المسلمين(الذين قالوا للآخرة غرّي غيرنا فقد طلقناك ثلاث) الرغبة
فيما عنده فيسمحوا بإنتخابات نزيهة توصل
الإخوان إلى الحكم .
أما وقد جعلت عشوائيات بن لادن الرياح تهبّ
لصالح السفن الإخوانية، وتمكّن الإخوان من للوصول الي السلطة على الدبابات الأمريكية
في العراق و افغانستان, أما وقد حصل
ذلك فاني اسأل بقية الحركات الإخوانية
التي ما زالت تنتظر انـتداب الأمريكان لها:" ما دمتم قد صرحـتم في أدبيّاتكم
بأنّ الدستور العلماني لا يتعارض مع شريعة الرحمن، فلماذا تستمرّون في رفع شعار
المعارضة؟ لماذا تخدعون شباب المسلمين وتوهمونهم بأنكم تعادون العلمانية و بأنكم
كما يقول قرضاويكم لستم من علماء السلطة و لا فقهاء الشرطـة، والحال أنّ الذي يقوم
بدور رجال الشرطة للحيلولة دون ثورة الشعوب الإسلامية ليست وزارات الداخلية، لأنها
على ما يرصد لها من أموال و طاقات بشرية، أهزل من أن تقف أمام إرادة الشعوب(1) بل أن من يحرس تلك الأنظمة الهشّة هو الفكر الإخواني
السلفي المتخلف أربعة عشر قرنا عن فهم رسالة الإسلام التحريرية، والأشدّ إنحرافا في
تعيين وسيلة رفع الظلم الواقع على أمّة الإسلام عبر إصراره الغبيّ على التمسّك بوهم أن يعطي الظالم للمظلوم
سيفا يطعنه به، أي أن يسمح الإرهاب العلماني بممارسة ديمقراطية تسمح بحرية تعبير
تبرز سوآتهـا وتكشف عوراتها، و بشفافية إنتخابية
يكونون أوّل ضحاياها. إلا اذا كانت تلك الديمقراطية مزيّفة غايتها تطعيم أجهزة
حكم الإرهاب العلماني الحاكم بثدييات إخوانيّة
لا تختلف في تبعيتها للغرب و في عدم
خدمتها للدين و الدنيا، عن الإرهاب
العلماني الحاكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إن وجدت تلك الشعوب من يحرّك فيها
الوازع الديني لتغـيير ما بها، وهـي التي صمــدت في الجزائر أمام آلة فرنسا
العسكرية، و تصمد اليوم أمام أمريكا و بريطانيا في العراق، ببطولة فائقة
أربكت حسابات كل المحللين العسكريين و السياسيين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
37 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإخوان
انتقلوا من قضية المطالبة بحرية القول، الى المطالبة بحرية البول!
كانت
حصيلة ما يقارب عن ثمانين سنة من التيه الإخواني، تراجع الإخوان بأجندة الإسلام من
مطلب تحرير الشعوب غير الإسلامية، إلى إعطاء جلاّدي الشعوب الإسلامية الضوء الأخضر
لممارسـتة ثلاثيتهم البغيضة:النهب والإرهاب و فتنة الناس عن دينهم، وقد حصل ذلك
التراجع حين إعترف حسن البنا ومن بعده من
قادة الإخوان بالشرعية الدستورية للإرهاب العلماني، ثم حين شنوا الحرب على من خالف
فهم حسن البنا السقيم للإسلام، ثم حين
سمحوا مؤخرا للجيوش النصرانية باجتياج بلاد المسلمين مدعومين بالمجندين
المسلمين، و حين قبلوا باتخاذهم مطيــة لتمرير
خطــط الغرب في نهب ثرواتنا و تغييب
دستورنا الإسلامي عن الحكم، عن طريق مشاركتهم العلمانيين في حكم بلاد المسلمين، أو
تحت حراب الإحتلال المباشر، كما فـي العراق وافغانستان وفلسطين. فأصبحت مطالب
المسلمين في هذا العصر الإخواني الكئيب،أشدّ تعاسة من مطلب السياسي اليمني الذي
كان مسجونا في اليمن فنقله عبد الناصر الى سجون مصر حيث منع هناك من قضاء حاجته
البشرية متى تعرض له، فقال قولته الشهيرة " كنّا نطالب بحريّة الـقول فأصبحنا
نطالب بحريّة البول". حيث تراجعت مطالب المسلمين في ظلّ الإرهاب العلماني الذي
زوّر له الإخوان شهادة صحّة نسب لا يستحقّها، ليصبح سقفها الأعلى، الموت تعذيبا في
أقبية وزارات الداخلية،أو برصاص الجــيش و
الشرطة، وسقفها الأدنى الدخول تحت مظلة الشرعية الدستورية المحاربة للشرع الحكيم، و
الشرعية الدولية الظالمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
38 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــ
حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فــتـّش عن الإخوان ص 165
فصل
من المغالطات
الإخوانية الكبرى
إيهام
الشعوب الإسلامية بأنها تعيش تحت نظم إسلامية يجب إطاعتها شرعا :
وهم
يدعون الناس الى الإلتفاف حول النظم العلمانية الحاكمة، ومدّها بوسائل البقاء والتغوّل
يستدل قادة الإخوان،(اعتمادا على خلفية سلفية مدمرة) بنصوص شرعيّة لا تنطبق بالمرّة
على الوضع الذي تعيشه أمّتنا، بل تنطبق
على أوضاع يحكم فيها بشرع الله تعالى مع شيء من جور الحكّام، جور لا يصل بحال من
الأحوال الي درجة ترك الحكام الشورى في
إختيار وعزل الحكام، و إنما هو جور من قبيل محاباة الأقارب وإعطاء الرعيّة أقلّ
ممّا تستحقّه من حقوق كفـيلـة بضمان عيش كريم، وهذا هو الوضع الذي أمر فيه
المسلمون بالصبر وعدم العجلة في خروج على الحاكم بشريعة الإسلام(1) في حين اننا نواجه أوضاعا أصبحت فيها ردّة الحكام جليّة ولا غبار عليها،.بعد أن استبدلوا الشريعة
الغراء بالقانون الغربي وبعد ان عبّروا بصراحة عن إزدرائهم للشريعة الربانية، وإحتقارهم
للمنادين بالتحاكم إليها، ثم اعتقالهم و تعذيبهم وانتهاك أعراضهم وإعدامهم بعد رميهم بالــتحجّر الفـكري و الهوس الديني والظلامية
الرافضة لمسايرة العصر. كما لجأ هؤلاء الحكام إلى أخسّ الوسائل و أبشع السبل للتنكيل بشعوبهم التي إجتمع عليها ظلم ابن الوطن
الخائن، و جور الأجنبي الذي يسيّره من وراء البحار، إلى حدّ ضجّ معه بعض مفكري
الغرب من ذوي بقايا الضمائر الحيّة فكتب احدهم(2) مخاطبا
الرئيس بوش: "ايها السيد الرئيس،أنت لم تخبر الشعب الأمريكي عن حقيقة لم نحن
أهداف للإرهاب، و قد ذكرت بأننا هدف للإرهاب لأننا نقف مع الديمقراطية والحريّة وحقوق
الإنسان في العالم، وهذا هراء! فحن هـدف للإرهابيين لأننا نقف مع المسـتبدّيـن والدكتاتوريين
ومستغلّي شعوب العالم. إننا هدف للإرهابيين لأننا مكروهون. ونحن مكروهون لأن حكومتنا
إرتكبت أشياء مقيتة، ففي كم بلد من بلدان العالم أطحنا بزعمائها المنتخبين ذوي
الشعبيّة وأحللنا مكانهم دمى من الدكتاتوريين العسكريين الذين كانوا على إستعداد لبيع
شعوبهــم للشركات الأمريكيّة؟!(وبعد ذكره بعض الأسماء و البلدان أضاف): و قد
فعلناها في العراق حيث قتـلنا ربع مليون مدني في محاولة فاشلة للإطاحة بصدام حسين
و قتلنا مليون إنسان آخر منذ ذلك الوقت بعقوباتنا، و تجدر الإشارة إلى أنّ حوالي
نصف أولئك الضحايا من الأطفال تحت سنّ الخامسة من العمر "(3) .
الجهاد
عند الإخوان لا صلة له بنصرة الدين :
قد يتساءل البعض عن
سرّ رفع الإخــوان شعار" الجهاد سبيلنا" الذي يتناقض تماما مع توخيهم
آلية الديمقراطـية المتمثـلة في الإحتكام إلي صناديق الإقـتراع كوسيلة يتيمـة للوصول
الى السلطة، و تلك الوسيلة لا تتطلب الجهاد أصلا. هذا بالإضافة إلى كونهم دعاة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
من قبيل حديث ليس منا من رفع علينا
السلاح.أو من قبـيل حديث: إذا إقــتتل المسلمان فالقـاتل و المقتول في النار. أو
حديث من فارق الجماعة قيد شــبر فمات فميتة جاهليّة الخ...
(2) المفكّر الأمريكي روبرت باومان وهو مدير سابق لـبرامج حرب النجوم
في عـهد الرئيس فـورد و كارتر و يحــتلّ الآن منصب رئيس معهد الفضـاء و الدرسات
الأمنية و يرأس اساقفة الكنيسة الكاثوليكية المتحدة
(3) مجلة " السنة" العدد115
لسنة 2002 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
39 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا قضاة وكلّ ما يحتاجه
الداعية النظري و "المعتدل"، هي الحكمة والموعظة الحسنة لا الدفـع والمدافعة أوالعنف( كما يسمي
الإخوان الجهاد)؟.والجواب يسير، فالجهاد في التصوّر الإخواني هو دفع المحتـل
الأجنبي ولا يتم ذلك الجهاد الا تحت راية العلمانية الحاكمة في البلاد المحتلة. مع
الحرص على المشاركة في ذلك الجهـاد و لو كان الإخوانيّ سجينا ثمّ بمجرّد إنتهاء
القتال و تحقيق أغراض العلمانيّة في ذرّ الرماد في عيون الغوغاء قصد إقناعهم بأنها
تحرص على قضايا الأمّة من خلال المساهمة في الدفاع عن مقدّساتها (كما حدث عام48 عند
مشاركة الإخوان تحت راية الملك فاروق في حرب فلسطين ) ، يعود الإخواني إلى سجنه
فرحا مسرورا كما تعود الدجاجة الغافلة إلى قنّها
عمّا سيصنع بها (1) .
فالجهاد في المنظور الإخواني لا علاقة لـه
بالجهاد الإسلامي الذي يراد به إقامة أحكام الله وإعزاز دينه، بل ينبثق من فهم
إخوانيّ خالص وغريب للإسلام، فهم صاغه حسن البنا ليمصّر الإسلام بتلك الصياغة
السلفية الضالّة بدل أن يؤسلم مصر، حين منح العلمانيين والدستور العلماني ليس فقط
شرعية البقاء، بل و صلاحية تصفية المخالفين من أهل التوحيد، عبرامداد الإرهابيين
العلمانيين الحاكمين بشهادة زور لم ترد،( كما
وردت المئات من مثيلاتها عبرالتاريخ الإسلامي الطويل)، من قبل مرتزقة السلطان وعلماء
البلاط ، بل من موقع " الإسلام الإخواني المجاهد" الذي يدّعي أن الله
غايته و الرسول قدوته و الجهاد سبيله و الموت في سبيل الله أغلى أمانيه، ممّا أكسب
تلك الشهادة مصداقيّة غذّاها جهل الناس بالعلم الشرعي وفــقدان المـيزان الصحيح
الذي يقيّم به الرجال و توزن به الأعمال. وهذا هو حسب إعتقادي المتواضع سرّ إحتفاء الدوائر الغربيّة بجماعة الإخوان
المسلمين منذ ظهورها على الساحة(2) .
لقد أدرك الغرب أن
حسن البنا قد صاغ ( لا يعنينا عن علم أو جهل) بإسم الحركة الإسلامية المستقلة(
ظاهريا)عن السلطة، نظريّة أمنيّة يمكن تعمميها في طول بلاد المسلمين وعرضها كخطة
عمل كفيلة بجعل الأمن العلماني يستتبّ بها الى الأبد، كما أدرك المستعمر أنّ بإمكانه
الرحيل عن ديار المسلمين، وهو مطمئنّ البال بأن مصالحه في أيدي أمينة بفضل الفكر
الإخواني الضابط للأمن هناك، وبأنه سوف يضمن تدفّق ثروات المسلمين عليه، كما سيضمن
فتح أسواق تلك البلاد لبضائعه دون تدخّل عسكريّ يكلّفه أرواح أبنائه، ويكبّده
نفقات عسكرية بالغة الإرتفاع .
تنبيه : كتبت السطور السابقة اثر فتوى القرضاوي،وقبل
أن تصبح فضيحة الإخوان في افغانستان وتركيا و العراق وفلسطين وغيرها من بلاد
المسلمين، معروضة بالألوان الطبيعية لايخفيها
ليل، ولا يسترها ذيل...ثم هاكم بالمناسبة، وصف لوعة الكاتب الأمريكي روبير جاكسون
لوفاة البنا حيث عبّر عن تلك الوفاة بكلمات"
تتدفق بشعور يمتزج فـيه الإعجاب و العجب بالحزن واللوعة و الأسى" (3)
ــــــــــــــــ
(1) حتى هذا
النوع من الجهاد قد نسخ اخوانيا! فهاهم
اخوان العراق وافغانستان وتركيا و فلسطين يحالفون المحتل و يقفون في صفه دبلوماسيا و عسكريا!( بالإضافة الي قتالهم مع
امريكا في افغانستان، ها هم اخوان العراق
يقاتلون مع جنود الإحتلال الأمريكي جنبا الي جنب !).
(2) إهتـمام و
احتفاء غربي جاءت ترجمته الفوريـة في صورة
كتب و دراسات صدرت عن تلك الدوائر حول فكر الجماعة، منها من غازل حسن البنا
صراحة، فسماه"الرجل القرآني!!( الأمريكي روبير جاكسون !) .
(3) التعبير للإخواني
اليتيم جابر قميحة من كربلائية له بمجلة "المجتمع" الكويتية ـ العدد
1279 بتاريخ9/12/1997 تحت عنوان" ويومها تيتّمت مصر"! و يا ليتني كنت ادري يا مولانا، متى حزن النصارى
على موتانا!!(جابر قميحية من الكتاب العذريين المنفلوطيين (انظر نماذج مقززة من هؤلاء المسوخ في الفصل التالي).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
40 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــ
حمّادي بلخشين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتــّش عن الإخوان ص 167
كتب جاكسون: انه[ حسن
البنا]رجل لا ضريب له[لا مثيل له] في هذا العصر"(1)
ثم يضيف جاكسون[ والعبارات منقولة من كتابه حسن البنا الرجل القرآني ]:" كان
لا بدّ أن يموت هذا الرجل الذي صنع التاريخ، وحوّل مجرى الطريق شهيدا، كما مات عمر،
وعليّ والحسين !" (2) .
ثم يواصل جاكسون
مرثيته بأسلوب يذكرنا بالعذرييّن من كتاب الإخوان:" كان لابدّ أن يموت البنا
باكرا، فقد كان غريبا(3)عن طبيعة المجتمع. يبدو كأنه الكلمة التي سبقت وقتها، أو لم يأت
وقتها بعد " إهــ
ولقد آن وقت تلك"
الكلمة" الملعونة كي تزدهر، فها هم فراخ البنا لم يسبقوا وقتهم، وها هم
يحققون ما هلك مرشدهم دون تحقيقه، و ها هم
يعلنون: لا تسقني سرّا إذا أمكن الجهر، وهم يتعاملون مع الأمريكان الذين استعانوا
بالإسلام في أفغانستان لضرب الشيوعية، ثم ها هم يستعينون بالإخوان لضرب الإسلام في
كل موقع ترتفع فيه للجهاد راية. وهم يتعاملون في فلسطين و من وراء ستار علمانيّ،
مع الدولة العبرية الغاصبة .
ولئن صعد الإخوان
للحكم، فقد صعدوا في حقيقة الأمر الى منصّة
الإعدام، لأنهم قد عبّروا بذلك الصعود الذي يأباه كل شريف، عن سقوط الهمّة و موت الضمير
الوطني و الديني معا .
نسال الله العـفو والعافية في الدنيا و الآخرة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أي والله لا
ضريب له، فأي رجل غــير مرشد الإخوان قد
رضي عبر تاريخنا المديد بالإحتلال الصليبي لوطنه؟، ثم أي رجل قبل حسن البنا قد
أثنى على الحاكم" المسلم" المتعاون مع الإحتلال؟!، وقبل ذلك كله، أي رجل سوى حسن البنا،
قد رضي بتحكيم شرع الكافر المخالف لشرع
الله ؟!
(2) أيّ تاريخ
غيّره حسن البنا الذي كان كاهنا تقليديا في سيره في ركاب الظلمة و في منافحته عنهم ( وإن
كان رائدا في قبول دستور المحتل الصليبي
بدل شريعة الرحمن، و تلك الريادة تحسب عليه)، و أي طريق غيّر البنا مجراه، غير
طريق رسول الله في بغض أعداء الملة و معاداة
رموزها ( كأقل درجة في السلّم التصاعدي لمواجهته عسكريا )؟!
ثم أيّ وجه للشبه بين بطة الإخوان العرجاء، وبين الفاروق عمر و ذي
الفقار عليّ رضي الله عنهما، حيـث كانا أشجع الرجال اعدل الحكام، وأعظمهم شفقة بالمسـلمين، و أشدّهم حرصا على دمائهم، هذا
بالإضافة الى اعتزاز الرجلين العظيمين، بمرجعيتهما الإسلامية، وفهمهما العميق لدين
محمد و مقاصده، بخلاف البنا الذي يعتنق دين الملك و يسعى في ركابه ...
ثم أي علاقة لحسن البنا بالحسين رضي
الله عنه، و كان الأخير رائدا في إزعاج الطغاة و تعجيل الثورة عليهم، بأدنى الإمكانيات
البشرية. حيث كانت ثورته على الطغاة غاية في حد ذاتها أنتجت أو أجهضت، نجحت أو
فشلت، في حين كان حسن البنا ذنبا مهينا وظهيرا متينا لطواغيت مصر؟!
(3) حقـّا، لقد
كان حسن البنا "غريبا" عن المجتمع الإسلامي بفكـره المهادن للعلمانية
المحليّة و لمنشئها النصراني، كما كان" سابقا لأوانه"، لأجل ذلك وضعته بريطانيا على الرفّ ، حتى يأخذ الإرهاب
العلماني حظه في التجربة، قبل أن يثبت تهوره، وقبل أن تتأكد حاجة الغرب الى نصير إخواني يجمّل بعض قبح
العلمانية لدى الشعوب المسلمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
41 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل
شيء من السخافات الإخوانية
لعل ما يغذي سلبية عامة الإخوان و الكثير من زعاماتهم،
ضحالة علمهم الشرعي، ثم غياب الحاسة النقدية لمعظمهم بفعل شخصياتهم العاطفية التي تتعلق بالشخص دون
المبدأ العام . فعامة الإخوان لا يهيمون حبّا بالبنا و بالقرضاوي لتمسك الأخيرين
بالمنهج الرباني بل لأن اسم الأول حسن البنا و اسم الثاني القرضاوي ! هكذا، دون
قياس اعمال الصنمين الإخوانيين، بمقياس الشرع و ميزان الإسلام في تقيم الرجال.
واليكم ثلاثة نماذج
اخوانية ونصف أنموذج كلّها مقززة ، وكلّها تـؤكد ما تمتاز بها المرضعات الإخوانية
من خطاب عاطفي يخدع الأتباع ويضلهم ويمد لهم
في حبل الأماني الباطلة، لعدم ارتكاز ذلك الخطاب على ادنى ذرة من عقل أو
منطق، و لإنقطاع صلته بالواقع. فكما أننا
نعذب بالمهرج الهاوي عمر خالد وهو يدعو بحرارة مثيرة للضحك برجوع القدس الي أ صحابها(
في حين أننا نعلم ما عليه أمتنا من ضعف وهـوان
و تمزق(1). نجلد ايضا بخطاب القرضاوي (فـقيه
الجماعة المحترف)، وهو يخاطب أتباعه بنفس لهجة عمر خالد !
القرضاوي أوّلا :
يعد
القرضاوي على رأس الفئة الإخوانية من الكتاب العذريين، حيث نجده يقول لمريديه (وهو
يسوّق لمغالطة تعدّ الركيزة الكبرى للفكر الإخواني المدمّر) ما مفاده: أن من انسلخ
من الحكام عن أمته ثم حكم بغير الإسلام، بعد
ارتمائه في احضان الغرب، فإنه لم يصل بعد الى درجة يمكن تصنيفه ضمن أعداء الدين و أعداء
الوطن وأعداء الأمة! ،لأن العدوّ الخارجي (اليهود و النصارى)هم لوحدهم أعداء الدين
والوطن والأمة !! فقد كتب يقول :" من المستفيد من هذا الصراع الظاهر والباطن
بين القوي الإسلامية المعبرة عن روح الشعب و ضميره، وبين القوى المتغربة التي إنسلخت
عن امتها، وارتمت في احضان الغرب، ورضيت لنفسها أن تكون ذيلا وقد كانت رأسا؟ لا
يستفيد من هذا غير أعداء الدين وأعداء الوطن،
وأعداء الأمة، من الصهيونيـين والصليبيين " إهــ (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
من أعظم الخداع و أشدّ التضليل وعد الأمة
بنصر قريب، في حين ان ألإخوان يوجدون في الفراش الأمريكي و في حين ان الشيعة التي
تبشر بتحرير مقدسات المسلمين ( ايران وحزب الله) لا صلة لها بدين الإسلام و لا
تفكر بخدمة مصالحه... ولكن يبقى الأمل قائما في نشوء حركة إصلاحية مهمتها التجميع
لا الخلق من جديد.لأن كل عناصر النهوض
موجوده( كما أن كل اسباب الموات موجودة أيضا) فالشباب المتحمس موجود ولكن يبقى فـقط نشوء
قيادة عاقـلة و مخلصة. تقلب الأوضاع لصالح المسلمين . فلو بدأ الإصلاح من اليوم.
فلن تمضي مدة طويلة حتي تنهض امتنا كأقوى
ما تكون.
ما يجب ان يعرفه المسلم أن إمكانية نهوضنا قائمة،
كما أن إمكانية بقائنا في الحضيض قائمة ايضا، كل شيء متعلق بنهضة يقودها رجال لا
يحترمون حسن البنا و لا خياره الديمقراطي المعاق، و لا يؤمنون بكل ما جاء في
التراث السلفي المدمّر.
(2) يوسف القرضاوي " التطرف العلماني في
مواجـهة الإســلام نموذج تونس و تركيا" ص 156 . دار البدائل اللبنانية طبعة
2001 .
وكأن القرضاوي حين أفتى
للشرطي بأن يطيع الضباط العلمانيين و يطلق النار على المتظاهرين في شوارع العالم
الإسلامي دون ان يخشى خفة الميزان عند الله، بذريعة أن =
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ42
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــ حمّادي بلخشين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتش عن الإخوان ص 169
ثم يندفع القرضاوي مثبتا
قناعة إخوانية أخرى لا تمت للحقيقة بصلة، كما يحتاج المرء لكي يستسيغها ( ما لم
يكن اخوانيا) الى كل غباوة الدنيا، وتلك القناعة هي فشل العلمانية في بلاد
المسلمين في تحقيق أهدافها! وذلك الفشل يعود الى كون العلمانية، كما يقول القرضاوي
" متناقضة لطبيعة الإسلام"! أي أنّ مجرد تناقض العلمانية مع الإسلام قد
أفـشل مخططاتها و ردّها خائبة على أعقابها! لأجل ذلك كان على الرسول( في حسبان
مفتي البنتاغون)، انتظار تهاوي عقائد المشركين في أصنامهم من تلقاء أنفسها، لمجرد كون العقائد الوثنية
مناقضة لطبيعة الإسلام، دون أن يكلف نفسه
حربهم و إزالتهم!(1) .
وكما يحاول مشعوذ ما، في مجاهل إفريقيا، طمأنة أهل مريض ما،
كانوا دفنوه منذ سنين وكان السوس قد نخر عظامه، عن سلامة الفقيد، وأن المرض لن يستطيع النيل منه، حاول
القرضاوي، قبيل افتتاح حديثه عن العلمانية
في تركيا و تونس( وبعد أن أتت العلمانية على مقومات ديننا و ثقافتنا من القواعد)
طمأنة أتباعه، بأن النظم العلمانية لم تحدث أي تغيير سلبي في بلاد المسلمين! أي أن
كل ما أحدثته العلمانية من تدمير لم يقع أصلا ! بل لا يمكن حدوثه حتى في الخيال!
فكتب يقول:" لا يتصور للعلمانية أن تـنجح في بلد اسلامي، لأنها مناقضة لطبيعة
الإسلام الذي تدين به الشعوب المسلمة... كل ما تفعله العلمانية، انها تحاول تغيير
طبيعة الأمّة، و الأمّة لا تستجيب لها، حيث ترفض أجهزة المناعة في كيانها زرع هذا
الجسم الغريب في داخلها، وتقاومه بكل قوة"!! ص 53 .إهـ
فإبدال العلمانية دستور الأمة المعبّر عن دينها
وثقافتها وهويّتها، ثم فرضها المصارف الربوية و نزعها الحجاب عن المسلمات (2) ، ثم
فتحها الخمارات و المواخير( الممنوعة في
بلاد النصاري) لكل طالب لذة من الأتراك و السياح(الى درجة أعلن معها توغورت اوزال رئيس الوزراء التركي في
مطلع الثمانينات أن اكبر دخل لتركيا يحصل
من بيوت الدعارة الحكومية) كل ذلك يعد قرضاويّا مجرّد محاولة تغيير طبيعة الأمة و
اتجاهها ! لأنّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= المسؤول عما
يحدثه اطلاق النار، هو آمره المباشر أي الضابط !!
و كأن القرضاوي حين افتى
لأمريكا (و لغيرأمريكا)، بغزو بلاد المسلمين مستعينة بالمجندين المسلمين في
صفوفها، كأنه حين فعل ذلك لم يرتم بفتاويه
تلك، في أحضان الغرب، و لم يرتض أن يكون أعظم الذيول، وأكبر أعداء الوطن و
الملة و الدين! وكأنّ حسن البنا، ـ شيخ القرضاوي ـ باعترافه بالدستور العلماني لسنة 1923 و
منافحته عنه و تجميع الشعب المصري حول سدنته، و تكفير من خرج عن سدنة ذلك الدستور،
لم يكن في حقيقة الأمر أول " من
انسلخ عن أمته، و أرتمي في احضان الغرب، و رضي لنفسه ان يكون ذيلا" لعلمانية
متعفنة!
(1)
وقد تغافل القرضاوي عن حقيقة قرآنية عظمى، وهي أن الله تعالى قد قدّر أن يكون تغيير ما بأنفسنا يتم بشريا
وليس إلهيا، كما قدّر تعالى أن القرآن قادر بغيره، لا بنفسه على فرض ما
حواه من تعاليم، وقد عبر عثمان بن عفان رضي الله عنه عن تلك الحقيقة بقوله"
يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن". فحضور الرسول و صحابته
لم يكن ليحرك لمؤسسة للكفر ذرة واحدة، لو لم يتولّ الرسول وصحبه " ضرب
الرقاب " لا ضرب الدفوف وإحراق البخور على طريقة حسن البنا و أتباعه ( فاذا
لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى اذا اثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد و اما
فداء حتى تضع الحرب أوزارها ، ذلك و لو يشاء الله لأنتصر منهم و لكن ليبلو بعضكم
ببعض) محمد 4 .
(2)
بصفة لم يقدر معها رئيس الوزراء اللعبة رجب الطيب اردوغان أن يعيده شرعا أو
قانونا فيلبس ابنته حجابا بل أرسلها لتلبسه في جامعة أمريكية!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
43 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
احتمال نجاح العلمانية لا
يمكن قط تصوره، فضلا على اعتقاده . (1)
ثم هل يصح عقلا، الكلام
عن رفض الأمة حتى مجرد زرع العلمانية، في حين أن
شجرة العلمانية قد ضربت جذورها في
الأرض، و تضخمت مخترقة الفضاء مالئةأ رجاء بلاد المسلمين بأشواكها الحادة المتمثلة في الآلاف المؤلفة من الكوادر الحزبية
التي تتلظي لهفة لأخذ المشعل عن زعماء الإرهاب العلماني الحاكم في بلاد المسلمين؟!
فا ليت القرضاوي حين
أعوزته أخلاقيات المسلم، فلم تحل بينه و بين
تضليل الناس ووصف جحيمهم بالجنان، يا ليته لم تفته (وهو الإمام والمقدم و
الموثوق به، لسوء الحظ ) أخلاق الرائد
الجاهليّ الذي لا يكذب أهله، فليقودهم الى
الصحاري القاحلة، و المفاوز المهلكة على أساس انها واحات وارفة .
إن الحقيقة المفجعة التي
يسعى القرضاوي لحجبها بشكل يجلب الشفقة و الرثاء، هي كون العلمانية(
التي لن تبالي بمشاعرنا نحوها) قد حققت أهدافها كاملة، حتى بلغ استتباب أمن
القائمين عليها، الى انتقالهم، بعد تصفية الشـريعة عن ميادين السياسة و الإدارة،
الى العبث والإستهزاء بمشاعر المسلمين، عبر استفزازات مجانية(2)، دفعوا ثمنها باهضا، حين أجبروا أمريكيّا على
القبول بالإخوان المسلمين في برلماناتهم
ووزاراتهم، لتحسين صورتهم( أي العلمانيين) أمام الشعب، بعد ان نبّه بن لادن أمريكا
بعشوائيّاته المعلومة ،الى احتمال قيام حركة جهادية تعصف بمصالحها حقيقة لا شعارا.
ثم أبعد أن رضي التونسيّ بان تساق ابنته البكر الى وزارة الداخلية ليعبث بشرفها
لأنها ارتدت حجابا( بعد رضاه بان يسبّ خالقه حتى يبرّىء نفسه من تهمة التدين) و بعد
ان قبل الشعب التونسي ان يستهزأ بدين الله، الى درجة قيام خريجات كلية الشريعة
وأصول الدين، بأمر وإشراف من وزير الشؤون الدينية بإرتداء بيكيني و السباحة امامه(3) أبعد كل تلك
التنازلات التي لا يقبل عباد البقر والجرذان معشارها، يحدّث القرضاوي أتباعه عن " رفض الأمة للعلمانية"؟! بل و
الأدهى من ذلك، يحدّثهم عن فشل خطط العلمانيين؟ وكل ما لديه من حجج هي" إكتظاظ مساجد تركيا بالمصلين". مصلون لا يوجد
بينهم في حقيقة الأمر غير درويش صوفيّ، أو فقاعة هواء اخوانية!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يتقدم
القرضاوي بكل هذا البهتان العظيم، و الكذب البين، والمغالطة السخيفة، بين يدي أمّـة
نسفت جميع مظاهر هويتها، و مسخت جميع مقومات شخصيتها.. في حين نرى الرئيس الفرنسي
جــاك شيراك، يرفض باصرار عجيب، السّماح لشركة ماكدونالد الأمريكية
للأطعمة الجاهزة، بفتح فرع لها في برج ايفل الباريسي الشهير، شفقة منه على الخصوصيّة
الفرنسية من ان تنال بسوء! هكذا يفعل
شيراك، في وقت يتمتع فيه الشعب الفرنسي
بممارسة خصوصيته الثقافية كاملة، بل و تقوم حكومته بفرض سمات تلك الشخصية العوجاء على
سكان مستعمراتها السابقة( ما زالت فاتورة الماء و الكهرباء تصل الي المواطن التونسي باللغة الفرنسية بعد نصف قرن من الإستقلال
الصوري عن فرنسا)!
(2) و من جملة تلك الإستفزازات المجانية التي قام
بها العلمانيون، اغتـصاب نساء و بنات المعتقلين واغتصاب المتدينين أنفسهم بل أمر الولد باغتصاب والده،
و الشقيق باغتصاب شقيقة، و في أحسن
الأحوال تسليط الكلاب المدربة للقيام بتلك
المهمة،وعدم الإكتفاء باذلاهم و تعذيبهم و
سب مقدساتهم. ثم انتقل بهم تحدى مشاعر المسلمين الى شتم الرسول عليه السلام على
نطاق واسع، بل و الدعوة الى تغيير حصر
المساجد الى كراسي و منع صلاة التراويح، وأخيرا دعوتهم الى إمامة المرأة صلاة
الجمعة!
(3)
كل ذلك معلوم لدى التونسيين، و اسم الوزير المجرم هو عليّ الشابيّ، و قد أثبت
القرضاوي تلك التفاصيل في الصفحات 136/139
من كتابه المذكور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
44 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ حمّادي
بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتّش عن الإخوان ص 171
فكل شيء على احسن ما يرام في نظر كاهن الإخوان
الأعظم، ما دامت جيوش المحتل
قد رحلت عن بلاد المسلمين، بعد ان أغناها
حسن البنا عن مشـقة الحضور و عن سفك دماء أبنائها
تحقيقا مصالحها، حين تكفل فكره المميت
بإسكات الشعوب الإسلامية عن الإحتلال الثقافي والدستوري، و لولا الرغبة الماكرة للإدارة الأمريكية في إستفزاز
أسامة بن لادن (صاحب المطالبة الشهيرة باخراج النصارى من ارض الحرمين) ليؤسس
قاعدته الجوفاء لتتخذ أمريكا من
عشوائياتها حجة لتشديد قبضتها على بلاد المسلمين، ما كانت
أمريكا تفكر يوما في اجتياح الجزيرة
العربية بجنودها وحاملات طائراتها، خصوصا وأنّ مصالحها ومصالح بريطانيا كانت مصانة سعوديا برعاية سلفية، ولأكثر
من ثمانين عاما .
ثم عن أي أجهزة مناعة يهذي
القرضاوي، والحال أن ضرره على أمّة محمد
لا يقلّ عن ضرر فيروس الإيدز على الجسم البشري؟! فما بالك بضرر أولياء
اموره أصحاب العلمانية التي سماها"
معتدلة" و الحال ان العلمانية كالكلاب، الأبيض منها نجس.
كما طرح القرضاوي شكلا
بائسا من المقاومة الإخوانية، تعدّ
معها مقاومة غاندي السلبية ضربا من العنف المدمّر(1)،
وهي المقاومة الشعورية المضمونة النتائج و التي لن يفسدوا بها خطط العلمانيين فحسب،
بل ويقفون بفضلها امام الغرب بكل جبروته! فقد كتب يقول في ص154 من الكتاب المذكور"
هل استطاع أتاتورك و خلفاؤه من بعده و معهم الدسـتور والقوانين والتعليم والإعلام
والجيش و الشرطة و من ورائهم الغـــرب بكل جبروته و قوته أن يجتثوا جذور الأفكار
الإسلامية و المشاعر الإسلامية و التطلعات الإسلامية والقيم الإسلامية من حياة
الشعب التركي المسلم؟!"إهــ (2) .
ثم أحسب القرضاوي أن الإسلام طرح تجريدي، كل
غايته تحصيل المتعة الذهنية أو التهويم في
حالم الخيال أم هو، (كما هو شأنه ) حركة تحرير عالمية تغيّر الدول و ترسي العدل
بقوة السلاح؟... ثم أي خطيئة تلك التي لا
تبرر إخوانيا بأية حال، لجوء رسول الله الى
إراقة دماء ذوي القربى وإخوة العروبة، و الحال انه كان مطمئنا على مكسب إخواني لم
يقدّره عليه السلام حق قدره، وهو سلامة"
جذور أفكاره الإسلامية" من أن يتعرض لها كفار قريش بسوء. فلو حدّث الرسول
كفار قريش عن إسلام مصري رقاّص يشبه ما بشّر به البنا أتباعه، "إسلام " لا
يعارض تشريعات اللات والعزى و مناة الثالثة الأخرى، لبنوا له مسجدا يضاهي في عظمته معبد السيخ الذهبي، و لمّولوا حركته"
الفكرية" كما موّل فاروق مصر، و كما موّل الأنكليز حسـن البنا، ولكان أبو جهل
أول من يحضر لرسول
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فغاندي على الأقلّ عرّض نفــسه للضرب و تلقي من
اللّطمات اكثر ما يتلقاه معتوه شيعي يوم عاشوراء. كما تزعّم المظاهرات وقدّم نفسه،
قبل أتباعه بسطا تدوسها سنابك خيول الأنكليز
لتريق دماءهم و تشج رؤوسهم وهم ثابتون ثبات السندان تحت ضربات المطرقة. في حين لم يكتف القرضاوي وهو في
برجه العاجي بالتنظير الفكري، حتى شفعه
بالعمالة الصريحة لعدوّ الملّة و الدين، و
حشد الجنود لنصرته!
(2)
بالطبع لا يا مولانا، و الدليل القاطع على بقاء قيم الشعب التركي، قيام إخوان
تركيا (الحاكمين تحت إمرة العسكر)، بتسيير مظاهرة نسائية تطالب البرلمان باسم نساء تركيا بإلغاء قانون تجريم الزوجات
الزانيات، تأكيدا منهم لزعماء الغرب عن
خلوّ قادة الإخوان من الشرف، بعد خلوهم
من" التطرف"، عـلّهم يلحقوا حكومة تركيا الإخوانية بمجموعة دول الإتحاد الأروبي !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
45 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الله ماء
وضوئه ويلبسه نعله، ولــكان" إخوة الوطن والعروبة" أمثال ابي لهب
والوليد بن المغيرة والأخنس بن شريق، والعاص بن وائل، أول من يوفر ظهره بكل سرور، لحمل رسول الله على محفة
للطواف به حول الكعبة، بعد أن يكون رسول الله قد اقتدى بحسن البنا ، و أفاض على
هؤلاء الزعماء من خزائن مدائحة الإخوانية ،القابا من قبيل حماة "الحرمين
الشريفين"(1). لو حصل ذلك لكانت حمّالة الحطب، حمّالة ورد تصبّح به على
الرســـول و تمسّي ، لو فعل الرسول ذلك، و حاشاه ـ ان يفعل ــ لكان معززا مكرما من
قبل اساطين الكفر و ملوك العرب، كما كرّم حسن البنا و كما يكرم القرضاوي وتسند له
الجوائز الرئاسية، والعطايا الملكية ، و في نهاية المطاف كانت تكفي رسول الله و
صحبه غنيمة اجــــترار" أفــــكارهم و مشــاعرهم و تطلعاتهم الإسلامية".
و لن يحتاج الرسول حينها ، حتى الي سلة
فواكه حسن البنا الشهيرة ، كي يرمي الناس بثمر حين يرموه بحجر !
محمد
عباس ثانيا:
كما يعتبر الكاتب
الإخواني د. محمد عباس، الذي يعرض
عكاظياته في موقع جريدة الشعب
(التي نشرت فتوى القرضاوي الشهيرة) نموذجا للكتاب العذريين فقد بلغ هيامه بالقرضاوي الذي استحق الخازوق بتهمة
التعاون العلني مع العدو زمن الحرب " الى حد تسميته بــــسلطان العلماء لا
عالم السلاطين ، رغم علم الكاتب الإخواني بسقطات الشيخ المدوية(2)
كما بلغت قدرة محمد عباس علىاستساغة المتناقضات،
الى حدالإفـتراس مع الذئـب و البكاء مع الراعي ، حين كتب مقالا بعنوان"
الفاروق اسامة بن لادن"(3) جاء
فيه " إن أسامة رضي الله عنه قضى على قـرون من التزوير والكذب، و ميز بين
الخبيث و الطيب، و فصل فسطاط الكفر عن فسطاط الإيمان..و كشف بن لادن حقيقة أن الناس
في كل نظام غيرالنظام
الإسلامي يعبد بعضهم بعضا
في صورة من الصور. وفي المنهج الإسلامي وحده يتحرر الناس جميعا من عبادة بعضهم
البعض بعـبادة الله وحده " إهــ!!) (4)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) القابا كانوا
يستحقونها اخوانيا بسبب اجتهادهم في السقاية و الرفادة وصيانة البيت العتيق .
(2) سجل ذلك في مديح له سماه " كل شيء مباح الا الإسلام " بتاريخ
20/12/2005) انظر موقعه لعلك تحمد الله على نعمة العقل و الإيمان. "www.mohamadabbas.net
(3) كم أودّ لو تستفيق
الأمة من كابوس المهرّج بن لادن الذي مكن
العلمانيين من مزيد إحكام قبضتهم على شعوبنا المسلمة، كما أعطي الإدارة الأمريكية
مبررا لإجتياج بلادنا بدعوى ملاحقة فقاعات الهواء السلفية الخارجة عن الإجماع
السلفي العتيق في وجوب الإستكانة لأولي الأمر حتى وهم يقـذفون الكعبة بالمنجنيق ،
و بدعوى أن تلك الفقاعات الوهمية تهدد
امنها، و تعرّض مصالحها و مصالح الغرب، وربما وجوده للخطر !
في حين ان تلك الفقاعات الهوائية
لم تطعم الناس من جوع، و لم تؤمنهم من خوف، ولن تؤسلم لهم دستورا. فلتدع
أمتنا محاربي طواحين الهواء السلفية و لتبدا بمنازلة العدوّ الداخلي، و يومئذ يفرح
المؤمنون بنصر الله أو يستريحون من عناء حياة القرضاوي يتكلم فيها باسم رب
العالمين... و لكن هيهات فذلك الحلم عزيز المنال و لن يتحقق الا بعد اصلاح جذري
يتناول الفكر السلفي من جذوره أي فكر السنة و الجماعة. السنة المخالفة لسنة الرسول،
و الجماعة الملتفة حول النظام الوراثي أو الإنقلابي الفاسدين . (4)كتب كل ذلك و كأن شيخه
القرضاوي لم يهدر دم بن لادن و من كان مثله ، بل
والأهم من ذلك كلّه . كأنّ محمد عباس و هو يدعو الى عبادة الله تعالى دون
عبادة خلقه ، لـــيس بصدد عبادة القرضاوي وحسن البنا و كل الأصنام الإخوانية
الدارسة منها و القائمة ، بكل ما تعنية كلمة عبادة من معنى( أليست العبادة هي
الإتباع؟ قال تعالى (( الم اعهد اليكم يا
يني آدم ألا تعبدوا الشيطان))وقال تعالى((أرأيت من اتخذ الهه هواه)) فالكاتب الإخواني
لا يختلف في حقيقة الأمر عن مشركي قريش قيد انملة
في اتباع ما قال آباؤهم، دون اعمال فكر. فلم توقظه من غفلته و سباته
القطبيين اخبار حسن البنا وهـــو يــــدعو الى التحـاكم للطاغوت و يكفّر
من مسه بسوء، بل لم توقظه من غفلته حتى
معاينة القرضاوي وطارق الهاشمي و
اخـوان افغانستان و الجزائر و تركيا
وهم يتسابقون في وضح النهار الى
مظاهرة المشركين على المسلمين.)
46
ــــ
حمّادي بلخشين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتش عن الإخوان ص 173
و
قد زادت القرضاوي رهقا مغالطات أمثال محمد
عباس و مدائحهم له بالباطل، كما زادته تماديا في غيه و ذهولا عن عظم مصابه بدينه، الى
حدّ انبرى فيه ساخرا و ــ هو المسخرة ــ
من إقدام سيدة من أبناء المسلمين على إمامة صلاة الجمعة في احد المدن
الأمريكية فكتب متعجبا(1):" هذه
صلاة امريكانية !؟!!! يعني اذا كان الأمريكان لهم الهامبورغرالأمريكي والكولا
الأمريكية والجينس الأمريكي، فهم يريدون
صلاة أمريكية ، اسلام أمريكاني؟!!هذا الإسلام الأمريكاني مرفوض ،لأننا لا نأخذ
الإسلام من أمريكا ، نأخذ الإسلام من مصادرنا المعصومة ، لم يعرف في تاريخ الإسلام
أن امرأة أمّت المسلمين في صلاة الجمعة.." (2)
الهادي بريك وعمرو
خالد ثالثا ومقزّزا :
ولا يختلف الهادي
بريك(3) عن محمد عباس ، فرغم بلوغه
الشيخوخة نراه يكتب بطريقة سابحة في الخيال يعتبر فيها المنفلوطي
بالقياس الى كتابته الكرنفالية، اكثر
تشاؤما من كافــكا و أشد دراماتيكية من
جان بول سارتر، فبريك لا يختلف عن محمد
عباس في سذاجته المميتة و حسن ظنه المدمر. فالشيخ المراهق مبهور الى حد الفناء
بنجومية عمرو خالد . فقد سجل حضور الأخير في تجمع اخــواني حـــافل بالمانيا، و كتب بالمناسبة " فالداعية الناجح ، والشاب الماهر
عمرو خالد غدا املا لملايين من الشباب من الجنسين على امتداد المعمورة ، ومثلا
اعلى بل نجما بالمعنى السينيمائي ، حتى ان القاعة المملوءة بالآلالف اهتزت
كانها بركان ثائر لفرط التصفيق والتصفير(!) والتكبير و القيام احتفاء بمقدمه في
ثلة من رجال الحماية " !(4).
كما
لم يغب عن المهرج الإخواني الهادي بريك الإشارة الى أهم التقارير الميدانية
التي ادلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نقلا عن د.يحيى هاشم
فرغل من مقال له بعنوان " صلاة الجمعة بالكنائس الأمريكية من منظورالإنهزام
الثقافي " جريدة الشعب 8/4/ 2005
(2) ما اعجب امرك ايها الشيخ ! كأنّ موافقتك الجيش الأمريكي على
دخول بلاد المسلمين و تقتيل أهلها بغير وجه حقّ ، و كأنّ فتواك المجند الأمريكي (و
غير الأمريكي) المسلم بجواز قصفه الآمنين
من المدنيين المسلمين محافظة منه على ثقة
قيادييه النصارى و حرصا منه على الإحتفاظ
بجنسية الأمريكية من الضياع ... و كأنّ ادراجك مساعدة الجيوش الصليبية لتقتيل
المسلمين ضمن التعاون على البرّ و
التقوى.... وكأنّ كلّ ما ورد في تلك الفتوى العجيبة من مخاريق و بهلوانيات إخوانية لا يندرج ضمن
" الإسلام الأمريكي" الذي
تستنكره! في حين ترتكب افظع منه بكثير. ( لعل صدور الفتوى امامة
النساء التي حرمت الإخوان حق السبق هي ما هيجت القرضاوي و حملته على الإحتجاج) .
(3) اخوانـي تونسي يعيــش
في المانيا ، و لا يمنعه عن لعب دور اخواني قذر في بلاده غير خلو تونس من حركة
جهادية قد تدفع قادة الإرهاب العلماني
هناك باشارة امريكية للإستنجاد بأمثال بريك
للقيام بدور نحناح في الجزائر. ودور برهان الدين رباني في افغانستان و دور محسن عبد الحميد و طارق
الهاشمي في العراق (4) من عثاء له بعنوان ( التجمع الإسلامي في المانيا يعانق
التجديد موقع الشعب بتاريخ 30/11/2004). و لم يذكر الكاتب طبعا، أن سبب احاطة قائد
الأركان عمرو خالد بثلة من رجال الحماية ليس امكانية استهدافه من قبل الموساد
أوغيرها من اعداء الإسلام المتميزين غيظا من نجاح
الصاروخ الإخواني الذي لن يبق عليها ولن يذر، بل خشيته من انتقام المسلمين
منه، بسبب فتواه بان الأرض التي بني عليها
هيكل سليمان هي ارض يهودية وهبها احد اليهود للملك سليمان! مما جعل اليهود يحتفون
بتلك الفتوى و يفيضون على النجم الإخواني من كرمهم في شكل دعاية مجانية بين
المعجبين اليهود، حين بــثوا نتفا من
مواعظه في اذاعـــتهم العبرية (و عين الحسود فيها عود) .
47
بها
الفاتح عمروخالد أمام جماهير المعجبين القادمين من جميع أصقاع الدنيا لرؤيته طلعته
التي تنضح بكل حماقة
الدنيا ، كانت " قصة مثيرة حقا أودعت في قلب كل واحد منا غمرات من الثقة
في الله واليقين في هذا الدين، و في الإنسان مطلقا ، حيث ان ملكة جمال
نيوزلندا وهي لبنانية الأصل، تأثرت به في احدى دروسه و حلقاته الفضائية،
فالتزمت بالإسلام، ولم تكن تعـرف عنه من قبل شيئا مطلقا، وبعد ذلك بأشهر، وعلى اثر
وعكة ألمّت بها، فاجأها طبيبها بان ورما سرطانيا خبيثا عافاكم الله ينخر جسمها،
فراحت تهلل وتكبر، و كانها بشرت بحيازة كنوز الدنيا بحذافيرها، وقالت للداعية
الناجح عمرعبر البريد الألكتروني، بانها مسرورة لأن الله تعالى ادركها بالإسلام والتوبة،
قبل ان يدركها السرطان، فهي فرحة بتوبتها الصادقة، و فرحة بهدايتها "
إهــ (1) .
كما ضرب الهادي بــريك مثلا" في البعد عن التهريج و اللعب
بالعواطف"(2) بحديثه في " صميم
قضايا الأمة"، حين اشار الى حضور"الشيخة الكريمة، حبيبة النساء
والبنات الأستاذة، الشيخة ، ياسمين الخيام، أم الفنانات التائبات، التي جادت
بتلاوة لآخرآيات الفرقان بصوت فنانة عظيمة مسحت على القاعة باسرها، وفيها الألوف
المؤلفة، بيد من حنان، وضاعت أنوار الهدي الحكيم من صوتها العذب الشجي، فزادت
القوم تقوى و سكينة و طمأنينة و لا شك ّ" إهــ (3) .
كما لم يفوّت على القراء إعلامهم
بالبشرى العظيمة التي زفها كمال الهلباوى لجموع الحاضرين المؤمنين
بالمشروع الإخواني في توطين الإسلام بالغرب " و المتمثلة " بفوز
أصغر مرشحة في بريطانيا(4) بمقعد برلماني
على خلفية معارضة سياسة توني بليرفي العراق والشرق الأوسط " إهـ (5) .
و لست ادرى ، خصوصا وانا
المتنزه عن قذف المحصنات الأمريكيات ، عن العلاقة بين دعوة الأخ الشيطاني في العــــراق، و بــين ثورة الأحباش(6) في ألمانيا على عمـــرخالد
ومحاولة تشويه سمعته في المؤتمر
المشاراليه"حيث وزع بعض افراد تلك الطائفة [ الكلام لبريك] بكل
حريتهم (7) منشورا بعنوان عمرو خالد لا يكفّر ابليس " إهـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) و قد نسي عمرو خالد تبشير الحضور أن خمسة ملايين اندونيسي و مليوني
باكستاني ومليون ونصف فياتنامي، تنصروا في السنوات القليلة الماضية، بسبب فقرهم المدقع و الفساد السياسي في بلدانهم !
(2) خصوصا
و قد نعت الصحوة الإسلامية
في نفس مقاله بكونها " تلامس الرشد و تهجر
المراهقة"
(3) و لم يذكر الهادي بريك (خصوصا وهو من الراقصين غير التائبين) ما اذا
كانت زميلة مهنته الأخت زيزي مصطفى الراقصة
التائبة ــ قد" جادت
"على الحاضرين بعرض راقص ـ صوفي على
الأقل ـ بالمناسبة لتزيدهم به " تقوى
و سكينة و طمأنينة" .
(4) لعلها باكستانية غير محجبة و العن من بنازير بوتو.
(5) كيف غاب على كمال
الهلباوي تبشير الحضور بتعيين الحاكم المدني
في العراق بول بريمر الإخواني طارق
الهاشمي رئيسا لأركان الجيش العراقي المنحل.. وطارق الهاشمي عسكري من الحزب"
الإسلامي" العراقي و يشغل الآن منصب نائب رئيس العراق المنصّب امريكيا
الماركسي جلال طالباني صاحب التصريح الشهير" سوف نعيد كتب محمد الصفراء الي
شبه الجزيرة العربية على جمل اجرب حتى لا يتعب الحمار الكردي"! كما غاب عن
الهلباوي اعلام الحضور أن البرلمان
العراقي الذي يراسه اخواني تحميه قوات الإحتلال ، يضم اخوة يزيديين من عبدة
الشيطان، وأن أحدهم هؤلاء الأخوة الأبالسة ، قد استنكر افتتاح جلسات البرلمان بالإستعاذة من الشيطان الرجيم في مـقابل
تمجيد الله سبحانه. كما كان علي الهلباوي
اعلام الحضور بان دعوة ذلك النائب قد لقيت ترحيبا اخوانيا يشي بالتسامح الإخواني
الذي أرساه "الإمام الشهيد" (6)
الأحباش طائفة ظهرت في لبنان لتحرم
القتال ضد اليهود! .
(7) كذب واضح ، فلإخوان لا يسمحون
حتى بتعليق اعلان كراء منزل على جدران مساجدهم دون اذن منهم ، فكيف بتوزيع مناشير مناهضة لهم ؟!
48
ـــــ
حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتش عن الإخوان ص 175
فهل أن فتوى عدم تكفير
ابليس جاءت لرفع الحرج عن اخوان العراق المتعاملين مع "الإخوة
الشيطانيين" هناك؟؟ (1) ثم هل أن عمر
خالد كان صاحب الفتوى أو كان مجرد ناقل فتوى اصدرها الشيخ القرضاوي بالمناسبة؟ علم ذلك عند الله !.
أما سبب صعود نجم الإخواني
عمر خالد الذي اشتهر بظهوره الكثيف على
قناة اقرأ التي يملكها الشيخ سعودي صالح كامل المتزوج بممثلة الإغراء صفاء
ابي السعود ، فـواضح ، وهو تبشيره بمسيحية مغلفة باسلام مزور يدعو للخلاص الفردي(
حسب تعبير احد الكتاب) و يهتم باداء الشعائر و" صناعة الحياة" بمعنى
النجـــاح على المستوى الدراسي والوظيفي و الزوجي
والأجتماعي، و قبول الآخر و احتضانه، مع غض النظر عن الواقع السياسي
المروّع ، ما عدا انتظار تحرير بيت المقدس بفضل دعوات "الشاب خالد"
البلهاء .
و قد استعمل عمروخالد (2) من قبل الإرهاب
العلماني الحاكم كتعويذة ناجحة للدلالة
على الإسلام المعتدل ، كما هو مستخدم غربيا لمقاومة ما سمي بالإرهاب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كما جاءت فـتوى الإخواني حسن الترابي بعدم
تكفير النصاري ربما تمهيدا لتحالف الإخواة مع الإدارة الأمريكية ؟
(2) بالإضافة الى
طارق رمضان (حفيد البنا) و طارق سويدان .
49
فصل
أصنام كثيرة تنتظر من يكسرها
إذا كان الغرب ، على رغم سيادته على أمم الدنيا " يطبق ما يعرف
بمحكمة التاريخ على كل من تعرّض للشـأن العام : ساسة و علمــاء، حتى و إن كانوا
غادروا الدنيا منذ آلآف السنين، و يتبعون في ذلك منهجا موضوعيا، فإذا كان المعنيّ
بالتقييم قد أصاب ثم تعرض للظلم فأنهم يرفعونه.. حتى تعرف الأجيال الجديدة قيمته ،
و إن كان قد ارتكب جرما في حق البشـرية أو في حـق شعبه يزيلون أثره و
يفـضحون افعاله حتى يكون عبرة لمن بعده "(1) اذا كان الغرب يقـوم بتلك
الدراسات التاريخية لرموزه والمؤثرين من ابنائه ، وهو الممكن في الأرض ، بل اذا
كان الغرب يتخلى عن ابطاله وصانعي مجده و هم أحياء يرزقون، حالما يكتشف ضعف ادائهم
(1).فما بالنا، و نحن الأذلة و المهزمون على جميع الأصعدة، لا ننهض لإعادة تقيـيم رموزنا
التاريخية التي جرت على أيديها الهزائم و النكبات ، وأوصلتـنا سياستها العشوائية الىالحضيض،
والى ضياع الأرض والأعراض، والحريات و المقدّسات؟
ان الأمانة العلمية والواجب الوطني و الإنساني،
يقتضي من أهل العلم ، في هذا المنعطف التاريخي الذي تسلمت فيه امريكا زمام العالم
بتفويض سلفي اخواني ،الإشارة الى موضع الخلل بكل شجاعة، و التأكيد على أن الخلل لا
يكمن في جماعة الإخوان و حسن البنا، بل في المعتقدات الدخيلة التي تبنــــتها طائـــفة
السنة و الجماعة ، كمســلّمات ليست قابلة للــنقاش واعتمدها حسن البنا كركائز
لتشييد بناء الضرارالإخواني على شفا جرف هار، هوى بامتنا تحت اقدام العلمانيين من
ابناء جلدتنا قديما ، ثم تحت اقدام الجيوش الصليبية الغازية حديثا.
كما ان من واجب العلماء المناداة بضرورة إنزال بقرات مقدسة كثيرة من
مكانتها في قلوب العامة، ونقدها على ضوء الكتاب و ما صحّ من سنة الرسول و لم
يتعارض مع روح الإسلام التحررية والرافضة، ليس فقط لوقوع المظالم على
المسلمين، بل و الساعية الي تحرير البشرية
و القوامة على الإنسانية . وهو الدور الذي
تقوم به الآن الإدارة الأمريكية الخرقاء ، في غياب النظام الإسلامي الذي يحمل بحق،
و لوحده ، تسمية النظام العالمي
.
كما من واجب العلماء
مطالبة الأمة بالرجوع الى اسلام محمد
، الإسلام النقي قبل هجمة تسونامي
معاوية، و قبل عبث الفكر السلفي الذي شـــرع للفساد السياسي و الإداري واضفى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) الكلام للأستاذ
ابراهيم الجندي من موقع آراب تايمز دوت نات . و هو من ابناء المسلمين الذين دفعتهم
حماقة السلفية و تزلف الإخوان إلى نبذ التدين ، نرجو له الهداية و لأمثاله الذين
اضلتهم السلفية ، فالرجل والحق يقال يتحلى
بشجاعة و اصرار في مواجهة حكام عصرنا ، الشيء الذي تفـتقده الرخويات الإخوانيــة والمزلقات السلفية
lubricants .
(2) كما فعلوا بتشرشل و
شارل ديغول، حيث لم يجدد انتخابهما فما
بالنا نقدس كل مهزوم ، و نوقر كل جمالة و
نسميه سلطان المتقين و يوسف العفة، و نمجد
من باعنا للمستعمر، و من وقف في صف عدونا
؟!
50
ــــ حمّادي بلخشين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتّش عن الإخوان ص 177
عليهما قدسية ما انزل الله بها من سلطان، ثم اخرج اسلامنا مسخا شائها لا يخدم غير الملكيين
والإنقلابيين المغامرين و الإقطاع .
لقد آن الأوان حتى ننزع القدسية الزائفة عن امثال
احمد ابن حنبل الذي فرض على المسلم حب الحاكم الظالم ظاهرا و باطنا، و الشافعي
الذي ذبحنا باجماعه المبتدع الذي يجعل كل نكسة تمر بامتنا و كل هزيمة تحيق بها مأثرة
وانجازا ، فاذا اخطأت حثالة ما قد جمعهم طاغية ما، ثم مرر بواسطتهم
قرارا ظالما عدّ أهل الســنة ذلك القراراجماعا ملزما لمن ياتي
بعدهم من الأجيال حتى يرث
الله الأرض و ما عليها ، بحجة أن تلك الحفنة من الكهنة صاحبة ذلك الإجماع الكارثي،
معصومة من الوقوع في الضلال بموجب نص ملكي يقول على لسان النبي بان أمتي لا تجتمع
على ضلالة . و حتى ان صح ذلك القول فان أمة الرسول هم صحابته و ليس المرتزقة من
العلماء . ففي حين تستفيد الأمم من
اخطائها نشرّع نحن هزائمنا و نؤبدها و نحتــــفل بها بحجية الإجماع الذي جعلناه مصدرا تشريعيا مستقلا في حين انه لا يتعدى في نهاية المطاف ان يكون
غير اجتهاد قد يخطىء أصحابه و قد يصيبون (لان
الإجماع هوالإجتهاد فيما لم يرد فيه نص ) .
إن ما
ادعو اليه لا يتعدى دعوة الرسول...
أي إسلام محمد لا أكثر ولا اقل.. فأنا لا ادعو الى طائفة السنة التي اسلمتنا
خطاياها للإستعمار الغربي ثم للحكام
العلمانيين و اخيرا الى تحالف علماني اخواني كريه. و لاادعو الي ا لشيعة ايضا ،
لأنها دين آخر، ومعتقدات اخرى لا صلة لها بدين الإسلام من قريب او بعيد (1) .
والحمد لله على كل حال و
نعوذ بالله من حال اهل النار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
يعدّ تاريخ الشيعة أشد تعاسة من
التاريخ السني في مسالة تأليه الملوك
وتقديسهم . كما يعتبر تاريخ ملوك الشيعة الحاكمين باسم اهل البيت اشد ظلما و ظلاما
من تاريخ الأمويين و العباسيين و سائر الأسر الحاكمة ، وقد بلغ الإستهتار بهؤلاء الملوك ، ليس فقط الى رمي الكعبة بالمنجنيق و التوجه لعقد جلسة
خمرية فوق سطحها ــ كما عزم الوليد الأموي على ذلك ــ ، بل الى ادعاء الألوهية ، كما بلغ الظلم
بحكام الشيعة الى تحريم طبخ الملوخية على سكان مصر( بالأرانب ودون أرانب)
ثم مطالبتهم بالعمل ليلا و لزوم بيوتهم نهارا ! ثم اغتصاب المطففين من التجار من
قبل عبد أسود و على مرأى من الجميع ، وباشراف الحاكم الشيعي المتكلم باسم أهل
البيت ( انظر تاريخ بن كثير). أما حاضر الشيعة المتلطخ بـــمظاهرة اليهود و
النصارى على المسلمين، فلا يخفى على احد
في هذا الزمن الذي يقتل فيه المسلم في العراق لو كان اسمه أواسم ابيه أو
اسم جده عمرا ( نشرت جريدة الأندبندنت اللندنية خبرا مفاده ان تسعة عشر جثة مقطوعة
الرؤوس عثر عليها في مدينة عراقية و كان
اصحابها يحملون بطاقة الهوية مثبتة على صدورهم، وعند التحقيق في هويات القتلى، وجد ان القاسم
المشترك بينه حملهم اسم"
عمر" شخصيا او ابا أو جدا !)...
51
المقامة الإخوانية
أف من
زمان اخواني كئيب ، يطالعنا بكل عجيب ، مكرّها
لنا المقــام، ومحببا لنا الحمام، فقد خاب
الرجاء و بلغ السيل الزبى، ولقد سمعت خبرا يقول ،أن أحد أمراء البترول ،عرض سيف الرسول ، للبيع في بلاد الأمريكان، كدليل وبرهان
على تجرده من شبهة الإيمان، و لما إختلف مع وكيله الذي كلّفه بالبيـع ، حين استقلّ
الأخير ما قد يؤول إليه من ريع ، لجأ الى دوائر القضاء ، لتتبع الشـــيخ النفطيّ
دون حيـاء ، فكــشف الغطـاء، و ظهر ما كان في طيّ الخفاء، فهل كان بإمكان هؤلاء ،
التصرف في بقيّة ما ترك الأنبياء ؟ لولا تواطىء الثدييات الإخوانية والرخويات
السلفية ؟! فلو طلب من بريطانيا التفريط في الكـلسون الذي هــلكت و هي تلبسه
الأميرة ديانا ، بأموال اغنانا، حتى خلت منها كلّ خزانة، لأعتبر الأنكليز ذلك
الطلب ، من قلة الذوق والأدب، لأن كلسون صاحبة اشهر خيانة زوجية، أصبح من تراث
الأمة الأنكليزية ،الذي لا يصلح لغير المتاحف الأثريّة.
كما إلتجأت الى الأنترنيت ، استرواحا من هجيرالحياة
، حـــين زهدت في التلفزيون الذي أفســد الشبان، وفتن الحيزبون. فـتركت بسببه الصلاة
. بعدما حفظت أوقات المسلسلات . فالحاصل، أنّ الجهاز الملعون، لا ترى فيه غير كاهن سلفي اوعلماني اوفاسقة
و مــأبون، وحتى لا أرمى بالرجعيّة، ومعاداة
المنجزات العلمية، أقول أن التلفاز قد ينتفع به المسلمون لو إختار برامجه المتـّقون. ولكنه ببرامجه
الحاليّة ، فحكمه حكم البابلية، فكما أنّ الخمرة حرّمت على ما فيها من منافع للناس،
فيمكن للتلفزيون أن يقاس بذلك المقياس، و البيت السعيد، من عدم ذلك الجهاز المريد، فخير جليس المرء الكتاب، إن
كان للمعرفة من الطلاب ،هذا إن زهد في صحبة امّ الصغار، و اختار على كآبة منظرها التحديق
في الجدار ، وإلاّ ففي ربات الحجال، ما يغني عن أي برنامج ذي بال.
قلت، لمّا هربت من الأنترنات للتلفزيـون ، ركبني
همّ كبــيرو شجــون ، فكنت كالمستجير بالنار من الرمــضاء ، و بالسيل الجارف من
قطرات الماء . فقد راعني ما في الأنترنيت من فضائح القادة والزعامات ، بما تنشقّ
له السماوات ،من ذلك أنّ احد أفراد عائلة الصبّاح،
وأحد أوليّاء أمور الإخوان المسلمين،( أصحاب جمعيّة الإصلاح)، قد دأب منذ سنة 94
على منح ما عدده من الجنيه الإسترليني ثلاثة ملايين، لصرفها في رعاية حديقة حيوان
عاصمة البريطانيين، فكأنّ ما رصده الله تعالى (( للسائل و المحروم)) جعله الأمير
الغشوم من حق فرس النهر والبوم ،هذا في الوقت الذي يباع فيه الطفل النيجيري المسلم
بحفنة من الدولارات، بعد عجز أبويه عن سدّ جوعته بلقيمات،وفي الوقت الذي يتبنّى
فيه قساوسة المسيحيين،الآلاف من أطفال الصومال الجائعين ، بعدما أقـفلت فــي
وجوههم بلاد الخليج لتستقبل الهنود، وعباد القرود. في الوقت الذي إمتلأت فيه أرصفة
الدول الأروبية ، بالآلاف من بغــايا الدول الإسلامية، دفعهن ما بذات اليد من ضيق ،
للوقوع في براثن تجّار الرقيق ،إلى حدّ رفعت فيه أحد البغايا الفرنســـيات
سمّاعة التلفون للإتصال بوزير داخليّتها المسـيو
أبي القرون، شاكية اليه كساد بضاعتها، بفعل من نافسها من المسلمات في عهرها
ووضاعتها.
كما بيعت في سوق افلام الإباحيين، مشاهد حيّة لإغتصاب الصرب بنات المسلمين، بعد
تقتيلهم الشيوخ و البنين، كلّ ذلك وكهنة السلفية مشغولون بهذا السؤال :
52
ــــــــــــ
حمّادي بلخشين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتــّش عن الإخوان 179
هل
الإبقاء على الجنين الصربي في رحم البوسنيّة المغتصبة حرام أم حلال ؟! أراحـــنا
الله من كهنة السـلفيين، و أبدلـنا بهاماتهم الخاوية، رؤوس أغنام ينتفع بها جوعى
المسلمين .
وها هي الأفعى الشيعية في ايران، قد اطلت من
جحرها لتفتن أهل الإيمان، مدعية عــداوة
الأمريكان، في حين انهم اطوع اليهم من البنان، و
في استقبال شيعــة العراق لهم بالزهور و الأحضان ، ما يغني عن كل بيان، و لا يغرنك ما تناقله اللبنانيون من
مسرحية طرد الشيعة لبني صهيون، فقد أريد بتلك الخطة الجهنمية ،الدعاية للملة الشيعية ، وإلاّ فلو شاء رئيس الأمريكان ،لأوكل الى منظف مراحيضه
الإتصال برئيس لبنان، وأمره بتجميع سلاح الشيعة في الإبان، ثم تعليق أي شيعي كما
يعلق أي مسلم في بلاد العربان ثبت عنه
حيازة منشور يهدد امن اليهود واهل الصلبان ، على بعد المسافة و تباعد الأوطان.
وقد ساعد تغلغل
الشيعة إمعانا ، فتوى القرضـاوي بهتانا ،
بأن لا حرج على المسلمين من إتخاذهم إخوانا ، فاصبحت سفارات إيران تبشر بالتشيع
عيانا. و تــوزع كتبهم مجانا ، و إذا استنكر فلان أوعــــلان ، قـــيل له انت فتـان،
كما فتحت لـهم بلاد المســـلمين أبوابها و سمحت لهم بتدنيس محرابها، فوجدواهناك من
التربة الــوهابية ذات العــــقلية الخرافــية المرعى الخصب،و النهر اللجب ، لنمو أساطيـرها
الخيالية التي بزت الميثيلوجيا اليـــونانية
، فإنّا لله و إنّا
ليه راجعون وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.
53
والآن
فإلى الرسالة الأخيرة ، حتى يتضح لك البرهان ، بعد النظر في موقف الرسول من كفار ذلك الزمان، مدى
البهتان العظيم ، و التشويه الجسيم ،الذي يلحقه بسيد المرسلين كل من زعم من قادة الإخوان المستسلمين ،ان رسول الله قدوته فيما
يقترفه من دفاع عن أكابر المجرمين ، وتعاون
مع الصليبيين ، و تفريط في دماء الموحدين ، ليتبين لك ان الفرق بين موقف نبي عدنان،
و موقف حسن البنا ، صنم الإخوان، كالفرق بين الأبيض والأسود من الألوان ، و بين
الصومال واليابان في البلدان .
والحمد لله على كل حال ، و نعوذ بالله من حال اهل النار .
54
*************************
{إن تجاهل التاريخ خطيئة عقابها ان يتجاهلك الواقع }
الصادق النّيهوم
رحمه الله
{ إنّ في مقدوري أن اتفهّم الجهل ،و لكنني لا استطيع القبول
بتمجيده ،و أقلّ من ذلك، القبول بحقّه في السيادة }
يونغ تشانغ
********************
هذا
الكتاب
ما هي
ظروف تأسيس جماعة الإخوان المسلمين التي
يمثلها اليوم وعلى المستوى السياسي. الإخواني الفلسطيني إسماعيل هنية الذي استهل
رئاسته الشكلية لحكومة السلطة الفلسطينية المنصبة تحت حراب
اليهود، بعتاب الكيان الصهيوني على بطئه في تنفيذ خطة خارطة الطريق التي
تهدف في شكلها النهائي الى الإعتراف بالإحتلال اليهودي لفلسطين و الى حرمان المسلمين من بيت المقدس . لقاء ارضاء علمانيي
حركة فتح بمخفر منزوع السيادة و السلاح
تتقاسم ادارته مع حركة حماس الإخوانية ؟! .
ما هو تاريخ "
جماعة الإخوان المسلمين " التي يمثلها اليوم
طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي
العامل تحت حكومة الإحتلال التي شكلتها
امريكا في العـراق ، و التي يمثلها كذلك أكثر من وزير إخواني في حكومة افغانستان
المنصبة بإمرة أمريكا و حلفائها؟. ما هو التاريخ الحقيقي لجماعة الإخوان التي مثلها برهان الدين رباني
الذي قاد تحالف الشمال في غزو امريكا لأفغانستان ، و التي يمثلها اليوم رئيس الوزراء
التركي رجب طيب اردغان الذي سمح لأمريكا
باتخاذ قاعدة عسكرية في تركيا ثم سهل
لقوات العم سام اتخاذ اراضي تركيا معبرا لمرور قواته الغازية نحو العراق ، و الذي تجرا بعذ ذلك على اتخاذ خطوة لم يقدم عليها أي علماني بعد انور
السادات ألا وهي زيارة تل ابيب ؟! .
ما هو تاريخ جماعة الإخوان التي يمثلها على الصعيد الكهنوتي د. يوسف
القرضاوي صاحب الفتوى الشهيرة التي اطلقها
سنة 2001 و التي سوّغ بموجبها للمجندين المسلمين في الجيش الأمريكي قتال اخوانهم
في الدين في كـل بلد إسلامي توجههم اليه الإدارة
الأمريكية!؟. ما هو تاريخ جماعة الإخوان والتي يمثلهاعلى الصعيد"
الدّعوي" النجم عمرو خالد الذي افتي ضمنيا للكيان الصهيوني باحقية ملكية
المسجد الأقصى بحجة ان الأرض التي اقيمت عليها أولي القبــلتين و ثالث الحرمين هي
ملكية رجل يهودي تبرع بها الى النبي سليمان عليه السلام !؟ .
كيف صنع هذا المركب الإخواني
الذلول الذي وجد فيه الغرب ضالته المنشودة
و المتمثلة في اسلام ناعم مغناج لا يرد يد لامس.و يمكن الغرب من
تغريب دساتيرنا ونهب مواردنا ودوام استرقاقنا مع ضمان سلامة الكيان
الصهيوني، دون تكلفة تذكر، كما يمكّنه من ذبح كل من نادى بتطبيق الشريعة أو سعى
لفرضها عن طريق الخيار النبوي ـ الجهاد ـ دون إثارة ريبة المسلمين .لأن الذابح هاته المرة ليس حاكما عسكريا لا يفرق بين آية قرآنية ومثل
شعبي ، بل وزير داخلــية اخواني ملتح يستهل الذبح و يختمه بذكر الله تعالى؟
كبف وجد الغرب في " جماعة الإخوان
المسلمين" قناعا اسلاميا مزيفا
سيمكنه حينا من الدهر، قد يقصر و
قد يطول ، من التمديد في انفاس النظم الإرهابية
الحاكمة في بلاد المسلمين، وتبيض وجهها الكالح، عبر تطعيمها بوجوه اخوانية
ملتحية تتكلم باسم الله ، لتقوم بمهمة
طمأنة المسلمين بشرعية تلك الأنظمة ثم ، و(هذا أهمّ و أخطر ما في الأمر) لتقطع الطريق على أي جماعة جهادية تتوخى المنهج
النبوي في التغيير ـ الجهاد ـ كي تشنع عليها و تتهمها بالإرهاب و الخروج على
أولياء الأمور العلمانيين ؟!.
ذلك مال تحاول هذه الدراسة المستقلة عن كل جهة
سياسية داخلية أو خارجة ، و عن كل حزب أو
طائفة ، الإجابة عنه ، عبر اربع رسائل يمكن قراءة كل واحدة منها على حدة .
و ما
توفيقي الا بالله عليه توكلت و اليه انيب.
ملاحظة هامة : حقوق
المؤلف غير محفوظة .
يسمح لأي جهة نشر الكتاب في أي
شكل كان على شرط عدم احتكار حق نشره .
{{تمّ
و لله الحمد و المنّة }}
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire