مختارات من كتاب -رأس المال
كارل ماركس: رأس المال (نقد الاقتصاد السياسي)
الكتاب الأول: عملية إنتاج الرأسمال
القسم السابع: عملية تراكم رأس المال
الفصل الرابع والعشرون: ما يسمى بالتراكم الأولي
6- منشأ الرأسمالي الصناعي
ان منشأ الرأسمالي الصناعي(3) لم يمض في مسار تدريجي كالذي تميز به منشأ المزارع. ولا ريب في ان بعض صغار معلمي الطوائف الحرفية، إضافة إلى عدد اكبر من صغار الحرفيين المستقلين، بل حتى العمال المأجورين، قد تحولوا إلى رأسماليين صغار، ثم تحولوا، بتوسيع نطاق استغلال العمل المأجور تدريجياً، وتوسيع تراكم رأس المال بالمقابل، إلى رأسماليين san phrase (بدون تحفظات).
ان انتزاع ملكية المنتجين
المباشرين قد تم بأكثر الأشكال الوحشية قسوة، وبدافع أحط الأهواء وأكثرها
مقتاً ودناءة وسُعاراً. ان الملكية الخاصة المكتسبة بعمل مالكها، أي
المرتكزة، ان جاز القول، على اندماج الشغيل الفردي المستقل، بأدوات ووسائل
عمله، تُزاح من قبل الملكية الخاصة الرأسمالية، التي تقوم على استغلال قوة
عمل الغير، الحرة شكلياً(20).
وما ان تكون عملية التحول هذه قد فسخت المجتمع القديم، بدرجة كافية، من حيث السعة والعمق، وما ان يتحول الشغيلة إلى بروليتاريين، ووسائل عملهم إلى رأسمال، وما ان يقف الأسلوب الرأسمالي للإنتاج على قدميه هو، حتى نجد شكلاً جديداً لمواصلة إضفاء الطابع الاجتماعي على العمل ومواصلة تحويل الأرض ووسائل الإنتاج الأخرى إلى وسائل إنتاج مُستمرة اجتماعياً، أي وسائل إنتاج جماعية، وبالتالي لمواصلة انتزاع ملكية المالكين الخاصين. فذلك الذي ينبغي انتزاع ملكيته الآن لم يعد الشغيل الذي يعمل لأجل نفسه بنفسه، بل الرأسمالي الذي يستغل كثيرين من العمال.
ان انتزاع الملكية هذا يتحقق بفعل القوانين الملازمة للإنتاج الرأسمالي نفسه عن طريق تمركز رؤوس الأموال. فالرأسمالي الواحد يقضي على الكثير من أقرانه. وإلى جانب هذا التمركز، أي انتزاع حفنة من الرأسماليين لملكية الكثيرين منهم، يتطور التطبيق التكنيكي الواعي للعلم، والاستثمار المنهجي للأرض، وتحول وسائل العمل إلى وسائل عمل غير قابلة للاستخدام الا بصورة مشتركة، والتوفير في وسائل الإنتاج كافة باستعمالها كوسائل إنتاج لعمل اجتماعي مركب، وإشراك الشعوب كلها في شبكة السوق العالمية، ويتطور كذلك الطابع العالمي للنظام الرأسمالي. وإلى جانب التناقص المستمر لعدد أساطين رأس المال، الذين يغتصبون ويحتكرون كل مزايا عملية التحول هذه، يتسع نطاق البؤس، والاضطهاد، والاسترقاق، والانحطاط، والاستغلال؛ ولكن ينمو في الوقت نفسه عصيان الطبقة العاملة، الطبقة التي يتزايد عددها باستمرار والتي تتعلم وتتحد وتتنظم بفعل آلية عملية الإنتاج الرأسمالي ذاتها. ان احتكار رأس المال يغدو قيداً لأسلوب الإنتاج الذي نما معه وبه. وان تمركز وسائل الإنتاج وجعل العمل اجتماعياً يبلغان ذلك الحد بحيث يأخذان بالتنافر مع إطارهما الرأسمالي. فينفجر هذا الإطار. وتدق ساعة نهاية الملكية الرأسمالية الخاصة. ويجري انتزاع ملكية منتزعي الملكية.
ان الأسلوب الرأسمالي للتملك الناجم عن الأسلوب الرأسمالي للإنتاج، وبالتالي الملكية الرأسمالية الخاصة، هما أول نفي للملكية الخاصة الفردية القائمة على عمل الفرد بالذات. ولكن ا لانتاج الرأسمالي يولد، بحتمية قانون طبيعي عملية من عمليات الطبيعة، ما ينفيه هو نفسه. وهذا نفي النفي. انه لا يعيد الملكية الخاصة، بل الملكية الفردية على أساس إنجازات الحقبة الرأسمالية: أي على أساس التعاون والحيازة المشتركة للأرض ولوسائل الإنتاج التي أنتجها العمل نفسه.
ان تحول الملكية الخاصة المبعثرة، القائمة على عمل مالكيها إلى ملكية رأسمالية خاصة، هو بالطبع عملية أبطأ وأطول واصعب واشق، بما لا يقاس، من تحول الملكية الرأسمالية الخاصة، التي ترتكز واقعياً على عملية الإنتاج الاجتماعية، إلى ملكية اجتماعية. ففي الحالة الأولى كان الأمر يتعلق بقيام حفنة من الغاصبين بانتزاع ملكية الجماهير الشعبية، اما في الحالة الثانية فالمقصود قيام الجماهير الشعبية بانتزاع ملكية حفنة من الغاصبين(21).ترجمة: فالح عبد الجبار وآخرون
(3) نستخدم تعبير "الصناعي" كصفة متميزة بالتضاد عن "الزراعي". أما بمعناه كمقولة اقتصادية، فان المزارع هو رأسمالي صناعي شأنه شأن صاحب الفابريكة.
(4)"The Natural and Artificial Rights of Property Contrasted" London 1832, P. 98-99
ان مؤلف هذا الكتاب الغفل هو: ت. هودسكين.
(5) حتى في عام 1794، أرسل صغار المعلمين من صانعي الأقمشة الصوفية في ليدز، وفداً إلى البرلمان يحمل التماساً بتشريع قانون يحظر على أي تاجر ان يصبح صناعياً.
(6) الهند الشرقية: إندونيسيا.
(7) اليعاقبة: أعضاء أكبر جمعية سياسية ثورية حكمت أثناء الثورة الفرنسية. من أشهر زعمائهم وأكثرهم نفوذا كان روبسبير.
(8) William Howitt. "Colonization and Christianity. A Popular History of the Treatment of the Natives by the Europeans in all their Colonies". London, 1838, p.9
وبشأن معاملة العبيد، ثمة معطيات وفيرة في مؤلف
Charles Comte."Traite de Legislation", Brussels, 1837.
وينبغي ان يدرس المرء هذا البحث دراسة تفصيلية ليرى إلام يحول البرجوازي نفسه وإلام يحول عماله، حيثما يستطيع بلا حرج، ان يحول العالم على صورته.
(9)Thomas Stamford Raffles late Lieute. Gov. of that island. "The History of Java" London, 1817.
(10) في عام 1866 قضى اكثر من مليون هندي نحبه جوعاً في مقاطعة اوريسا وحدها. ومع ذلك، كانت كل الجهود تبذل لإغناء خزينة الحكومة في الهند برفع أسعار بيع وسائل المعيشة إلى الشعب المتضور جوعاً.
(11) يشير وليم كوبيت إلى ان جميع المؤسسات العمومية في إنكلترا ويسمها بالمؤسسات "الملكية"، أما دين الحكومة فيسميه على سبيل التعويض الدين "الوطني" (National debt).
(12) "لو اجتاح التتر أوروبا اليوم، فسيتطلب الأمر كبير عناء، كي نفهمهم ما هو دور الرجل المالي عندنا" (Montesquieu. "Esprit des Lois", ed. Londres, 1769, t. IV, p. 33).
(13) Mirabeau، المرجع المذكور، المجلد 6، ص 101.
(14) Eden، The State of the Poor ، الكتاب الثاني، الفصل الأول، ص 421.
(15) John Fielden، لعنة نظام الفبارك، ص 5 و 6. وبصدد البشاعات المقترفة في بداية عهد الفبارك، راجع Dr. Aikin، وكذلك Gisborne "Inquiry into the Duties of Men", 1795, v. II.- عندما نقلت الآلة البخارية الفبارك من مساقط المياه الريفية النائية إلى المدن، وجد الرأسمال المولع "بالتقشف"، ان اليد العاملة الطفولية جاهزة في متناول يده، وان لا حاجة له إلى جلب عبيد من مأوى العمل عنوة. وحين عرض السير روبرت بيل (والد "وزير الأدب") على البرلمان مسودة قانون لحماية الأطفال، عام 1815، أعلن فرنسيس هورنر (النجم المنير في "لجنة السبائك" وصديق ريكاردو الحميم) في مجلس العموم قائلا: "يعرف الجميع انه جرى مؤخراً عرض زمرة، ان جاز استخدام هذه الكلمة، من هؤلاء الأطفال للبيع سوية مع الممتلكات المنقولة لأحد المفلسين، وبيعت بالمزاد العلني كجزء من ممتلكاته. وقبل عامين (في 1813) أحيلت قضية بالغة الشناعة إلى "محكمة المقعد الملكي"، تدور عن عدد من هؤلاء الأولاد، الذين أعطتهم إحدى الابرشيات للعمل كمتمرنين عند صناعي من لندن، تنازل عن الأولاد لصناعي آخر، ثم وجدهم بعض الأخيار على شفا الموت جوعاً (absolute famine). واطلع على قضية افظع من هذه عندما كان يعمل في لجنة تحقيق برلمانية... فقبل سنوات قلائل، أبرمت أبرشية من أبرشيات لندن اتفاقاً مع صناعي من لانكشاير تعهد فيها بأخذ طفل معتوه مع كل عشرين طفلاً سليماً".
(16) في عام 1790، كان هناك عشرة عبيد أرقاء، مقابل رجل حر واحد في الهند الغربية الإنكليزية، و14 عبداً رقيقاً مقابل حر واحد في الهند الغربية الفرنسية، و23 مقابل واحد في الهند الغربية الهولندية
(Henry Brougham. "An Inquiry into the Colonial Policy of the European Powers" Edinburgh, 1803, v. II. p. 74).
(17) نجد ان عبارة "Labouring poor" ("الفقراء العاملون") ترد في القوانين الإنكليزية منذ ان اكتسبت طبقة العمال المأجورين مقاييس تلفت الانتباه. ويستخدم هذا التعبير تمييزاً له عن "idle poor" ("الفقراء المتعطلين") والشحاذين ومن إليهم، ومن جهة، وتمييزاً له عن الطير الذي لم ينتف ريشه بعد، أي الشغيلة، الذين لا يزالون مالكين بعد، لوسائل العمل الخاصة بهم، من جهة أخرى. وانتقل تعبير "labouring poor" من دفاتر القانون إلى الاقتصاد السياسي، وقد أورثه كولبيير، وج. تشايلد، الخ.، إلى آدم سميث وايدن. بعد هذا يمكن للمرء ان يحكم لي bonne foi (حسن نية) ادموند بورك هذا "execrable political cantmonger"("المنافق السياسي البغيض")، الذي وصف تعبير "labouring poor" بأنه "execrable political cant" ("نفاق سياسي يغيض"). ان هذا المتملق الذليل، الذي قام بدور الرومانتيكي المناهض للثورة الفرنسية، لحساب الطغمة المالية الإنكليزية التي كانت تدفع له، مثلما قام بدور الليبرالي المناهض للطغمة الإنكليزية، لحساب المستعمرات الأمريكية الشمالية التي كانت تدفع له، أيام بدء الاضطرابات في أمريكا. اما في الواقع فقد كان برجوازياً مبتذلا تماماً. "ان قوانين التجارة هي قوانين الطبيعة وبالتالي فهي قوانين الرب.
(E. Bruke. "Thoughts and Details on Scarcity", ed. London, 1800, p. 31, 32).
لا عجب اذن، وهو الوفي لقوانين الرب والطبيعة، ان يبيع نفسه دوماً في افضل الاسواق! ومن الممكن ان نجد صورة جيدة عن الادموند بورك هذا، ايام عهده الليبرالي، في كتابات تاكر. لقد كان تاكر كاهناً وعضواً في حزب المحافظين (التوري)، وفيما عدا ذلك كان رجلا جديراً بالاحترام، واقتصادياً بارعاً. وازاء اللامبدئية الشائنة التي تسود في زمننا هذا، وتؤمن ايماناً مبجلا بــ "قوانين التجارة"، فان واجبنا الملزم يقضي بان نسم بميسم العار، دون كلل، جميع الذين من طراز بورك، الذين لا يتميزون عن اخلافهم بشيء عدا الموهبة!
(18) Marie Augier. "Du Credit Public".
(19) تقول مجلة "Quarterly Reviewer"، "ان رأس المال يتحاشى الضجة والمنازعات، فهو يتسم بالوجل، وهذا القول صحيح لكنه لا يعرض الحقيقة كلها. ان رأس المال يرعبه انعدام الربح، أو الربح الضئيل جداً مثلما قالوا فيما مضى ان الطبيعة تمقت الفراغ. وان ربحاً مناسباً يجعل رأس المال جريئاً، و10 في المئة تدفعه لأن يعمل في أي مجال، و20 في المئة تزيد اندفاعه وتوقه، و50 في المئة تجعله طائشاً متهوراً، و100 في المئة تجعله يدوس بالاقدام كل القوانين البشرية، وعند 300 في المئة لن يتورع عن ارتكاب أية جريمة، أو خوض أية مخاطرة، حتى لو عرضت مالكه إلى حبل المشنقة. واذا كانت الضجة والمنازعات تأتيه بالربح، راح يشجعها جميعاً بطيب خاطر. وقد قدم التهريب وتجارة العبيد البرهان على كل ما نقول هنا" T. J. Dunning، المرجع المذكور، ص 35و36).
(20) "لقد بلغنا وضعاً جديداً تماماً بالنسبة إلى المجتمع... فنحن نسعى إلى فصل كل نوع من الملكية عن كل نوع من العمل"
Sismondi. "Nouveaux Principes de IEconomie Politique". t.II (Paris, 1827), p. 434
(21) "ان رقي الصناعة الذي ليست البرجوازية الا خادماً منفعلا له ومقسوراً على خدمته يستعيض عن انعزال العمال الناتج عن تزاحمهم، باتحاد ثوري بواسطة الجمعيات. وهكذا ينتزع تقدم الصناعة الكبرى من تحت اقدام البرجوازية نفس الاسس التي شادت عليها نظام انتاجها وتملكها. ان البرجوازية تنتج قبل كل شيء حفاري قبرها، فسقوطها وانتصار البروليتاريا كلاهما امر محتوم لا مناص منه... وليس بين جميع الطبقات التي تقف الآن امام البرجوازية وجهاً لوجه الا طبقة واحدة ثورية حقاً، هي البروليتاريا. فان جميع الطبقات الاخرى تنحط وتهلك مع نمو الصناعة الكبرى، اما البروليتاريا فهي، على العكس من ذلك، اخص منتجات هذه الصناعة. ان الفئات المتوسطة، من صغار الصناعيين والباعة بالمفرق والحرفيين والفلاحين، تحارب البرجوازية من اجل الحفاظ على وجودها بوصفها فئات متوسطة. فهي ليست اذن ثورية، بل محافظة، واكثر من محافظة ايضاً، انها رجعية، فهي تطلب ان يرجع التاريخ القهقرى ويسير دولاب التطور إلى الوراء" (كارل ماركس وفريدريك انجلز. "بيان الحزب الشيوعي"، لندن، 1848).
ترجمة: الياس شاهين
وما ان تكون عملية التحول هذه قد فسخت المجتمع القديم، بدرجة كافية، من حيث السعة والعمق، وما ان يتحول الشغيلة إلى بروليتاريين، ووسائل عملهم إلى رأسمال، وما ان يقف الأسلوب الرأسمالي للإنتاج على قدميه هو، حتى نجد شكلاً جديداً لمواصلة إضفاء الطابع الاجتماعي على العمل ومواصلة تحويل الأرض ووسائل الإنتاج الأخرى إلى وسائل إنتاج مُستمرة اجتماعياً، أي وسائل إنتاج جماعية، وبالتالي لمواصلة انتزاع ملكية المالكين الخاصين. فذلك الذي ينبغي انتزاع ملكيته الآن لم يعد الشغيل الذي يعمل لأجل نفسه بنفسه، بل الرأسمالي الذي يستغل كثيرين من العمال.
ان انتزاع الملكية هذا يتحقق بفعل القوانين الملازمة للإنتاج الرأسمالي نفسه عن طريق تمركز رؤوس الأموال. فالرأسمالي الواحد يقضي على الكثير من أقرانه. وإلى جانب هذا التمركز، أي انتزاع حفنة من الرأسماليين لملكية الكثيرين منهم، يتطور التطبيق التكنيكي الواعي للعلم، والاستثمار المنهجي للأرض، وتحول وسائل العمل إلى وسائل عمل غير قابلة للاستخدام الا بصورة مشتركة، والتوفير في وسائل الإنتاج كافة باستعمالها كوسائل إنتاج لعمل اجتماعي مركب، وإشراك الشعوب كلها في شبكة السوق العالمية، ويتطور كذلك الطابع العالمي للنظام الرأسمالي. وإلى جانب التناقص المستمر لعدد أساطين رأس المال، الذين يغتصبون ويحتكرون كل مزايا عملية التحول هذه، يتسع نطاق البؤس، والاضطهاد، والاسترقاق، والانحطاط، والاستغلال؛ ولكن ينمو في الوقت نفسه عصيان الطبقة العاملة، الطبقة التي يتزايد عددها باستمرار والتي تتعلم وتتحد وتتنظم بفعل آلية عملية الإنتاج الرأسمالي ذاتها. ان احتكار رأس المال يغدو قيداً لأسلوب الإنتاج الذي نما معه وبه. وان تمركز وسائل الإنتاج وجعل العمل اجتماعياً يبلغان ذلك الحد بحيث يأخذان بالتنافر مع إطارهما الرأسمالي. فينفجر هذا الإطار. وتدق ساعة نهاية الملكية الرأسمالية الخاصة. ويجري انتزاع ملكية منتزعي الملكية.
ان الأسلوب الرأسمالي للتملك الناجم عن الأسلوب الرأسمالي للإنتاج، وبالتالي الملكية الرأسمالية الخاصة، هما أول نفي للملكية الخاصة الفردية القائمة على عمل الفرد بالذات. ولكن ا لانتاج الرأسمالي يولد، بحتمية قانون طبيعي عملية من عمليات الطبيعة، ما ينفيه هو نفسه. وهذا نفي النفي. انه لا يعيد الملكية الخاصة، بل الملكية الفردية على أساس إنجازات الحقبة الرأسمالية: أي على أساس التعاون والحيازة المشتركة للأرض ولوسائل الإنتاج التي أنتجها العمل نفسه.
ان تحول الملكية الخاصة المبعثرة، القائمة على عمل مالكيها إلى ملكية رأسمالية خاصة، هو بالطبع عملية أبطأ وأطول واصعب واشق، بما لا يقاس، من تحول الملكية الرأسمالية الخاصة، التي ترتكز واقعياً على عملية الإنتاج الاجتماعية، إلى ملكية اجتماعية. ففي الحالة الأولى كان الأمر يتعلق بقيام حفنة من الغاصبين بانتزاع ملكية الجماهير الشعبية، اما في الحالة الثانية فالمقصود قيام الجماهير الشعبية بانتزاع ملكية حفنة من الغاصبين(21).ترجمة: فالح عبد الجبار وآخرون
(3) نستخدم تعبير "الصناعي" كصفة متميزة بالتضاد عن "الزراعي". أما بمعناه كمقولة اقتصادية، فان المزارع هو رأسمالي صناعي شأنه شأن صاحب الفابريكة.
(4)"The Natural and Artificial Rights of Property Contrasted" London 1832, P. 98-99
ان مؤلف هذا الكتاب الغفل هو: ت. هودسكين.
(5) حتى في عام 1794، أرسل صغار المعلمين من صانعي الأقمشة الصوفية في ليدز، وفداً إلى البرلمان يحمل التماساً بتشريع قانون يحظر على أي تاجر ان يصبح صناعياً.
(6) الهند الشرقية: إندونيسيا.
(7) اليعاقبة: أعضاء أكبر جمعية سياسية ثورية حكمت أثناء الثورة الفرنسية. من أشهر زعمائهم وأكثرهم نفوذا كان روبسبير.
(8) William Howitt. "Colonization and Christianity. A Popular History of the Treatment of the Natives by the Europeans in all their Colonies". London, 1838, p.9
وبشأن معاملة العبيد، ثمة معطيات وفيرة في مؤلف
Charles Comte."Traite de Legislation", Brussels, 1837.
وينبغي ان يدرس المرء هذا البحث دراسة تفصيلية ليرى إلام يحول البرجوازي نفسه وإلام يحول عماله، حيثما يستطيع بلا حرج، ان يحول العالم على صورته.
(9)Thomas Stamford Raffles late Lieute. Gov. of that island. "The History of Java" London, 1817.
(10) في عام 1866 قضى اكثر من مليون هندي نحبه جوعاً في مقاطعة اوريسا وحدها. ومع ذلك، كانت كل الجهود تبذل لإغناء خزينة الحكومة في الهند برفع أسعار بيع وسائل المعيشة إلى الشعب المتضور جوعاً.
(11) يشير وليم كوبيت إلى ان جميع المؤسسات العمومية في إنكلترا ويسمها بالمؤسسات "الملكية"، أما دين الحكومة فيسميه على سبيل التعويض الدين "الوطني" (National debt).
(12) "لو اجتاح التتر أوروبا اليوم، فسيتطلب الأمر كبير عناء، كي نفهمهم ما هو دور الرجل المالي عندنا" (Montesquieu. "Esprit des Lois", ed. Londres, 1769, t. IV, p. 33).
(13) Mirabeau، المرجع المذكور، المجلد 6، ص 101.
(14) Eden، The State of the Poor ، الكتاب الثاني، الفصل الأول، ص 421.
(15) John Fielden، لعنة نظام الفبارك، ص 5 و 6. وبصدد البشاعات المقترفة في بداية عهد الفبارك، راجع Dr. Aikin، وكذلك Gisborne "Inquiry into the Duties of Men", 1795, v. II.- عندما نقلت الآلة البخارية الفبارك من مساقط المياه الريفية النائية إلى المدن، وجد الرأسمال المولع "بالتقشف"، ان اليد العاملة الطفولية جاهزة في متناول يده، وان لا حاجة له إلى جلب عبيد من مأوى العمل عنوة. وحين عرض السير روبرت بيل (والد "وزير الأدب") على البرلمان مسودة قانون لحماية الأطفال، عام 1815، أعلن فرنسيس هورنر (النجم المنير في "لجنة السبائك" وصديق ريكاردو الحميم) في مجلس العموم قائلا: "يعرف الجميع انه جرى مؤخراً عرض زمرة، ان جاز استخدام هذه الكلمة، من هؤلاء الأطفال للبيع سوية مع الممتلكات المنقولة لأحد المفلسين، وبيعت بالمزاد العلني كجزء من ممتلكاته. وقبل عامين (في 1813) أحيلت قضية بالغة الشناعة إلى "محكمة المقعد الملكي"، تدور عن عدد من هؤلاء الأولاد، الذين أعطتهم إحدى الابرشيات للعمل كمتمرنين عند صناعي من لندن، تنازل عن الأولاد لصناعي آخر، ثم وجدهم بعض الأخيار على شفا الموت جوعاً (absolute famine). واطلع على قضية افظع من هذه عندما كان يعمل في لجنة تحقيق برلمانية... فقبل سنوات قلائل، أبرمت أبرشية من أبرشيات لندن اتفاقاً مع صناعي من لانكشاير تعهد فيها بأخذ طفل معتوه مع كل عشرين طفلاً سليماً".
(16) في عام 1790، كان هناك عشرة عبيد أرقاء، مقابل رجل حر واحد في الهند الغربية الإنكليزية، و14 عبداً رقيقاً مقابل حر واحد في الهند الغربية الفرنسية، و23 مقابل واحد في الهند الغربية الهولندية
(Henry Brougham. "An Inquiry into the Colonial Policy of the European Powers" Edinburgh, 1803, v. II. p. 74).
(17) نجد ان عبارة "Labouring poor" ("الفقراء العاملون") ترد في القوانين الإنكليزية منذ ان اكتسبت طبقة العمال المأجورين مقاييس تلفت الانتباه. ويستخدم هذا التعبير تمييزاً له عن "idle poor" ("الفقراء المتعطلين") والشحاذين ومن إليهم، ومن جهة، وتمييزاً له عن الطير الذي لم ينتف ريشه بعد، أي الشغيلة، الذين لا يزالون مالكين بعد، لوسائل العمل الخاصة بهم، من جهة أخرى. وانتقل تعبير "labouring poor" من دفاتر القانون إلى الاقتصاد السياسي، وقد أورثه كولبيير، وج. تشايلد، الخ.، إلى آدم سميث وايدن. بعد هذا يمكن للمرء ان يحكم لي bonne foi (حسن نية) ادموند بورك هذا "execrable political cantmonger"("المنافق السياسي البغيض")، الذي وصف تعبير "labouring poor" بأنه "execrable political cant" ("نفاق سياسي يغيض"). ان هذا المتملق الذليل، الذي قام بدور الرومانتيكي المناهض للثورة الفرنسية، لحساب الطغمة المالية الإنكليزية التي كانت تدفع له، مثلما قام بدور الليبرالي المناهض للطغمة الإنكليزية، لحساب المستعمرات الأمريكية الشمالية التي كانت تدفع له، أيام بدء الاضطرابات في أمريكا. اما في الواقع فقد كان برجوازياً مبتذلا تماماً. "ان قوانين التجارة هي قوانين الطبيعة وبالتالي فهي قوانين الرب.
(E. Bruke. "Thoughts and Details on Scarcity", ed. London, 1800, p. 31, 32).
لا عجب اذن، وهو الوفي لقوانين الرب والطبيعة، ان يبيع نفسه دوماً في افضل الاسواق! ومن الممكن ان نجد صورة جيدة عن الادموند بورك هذا، ايام عهده الليبرالي، في كتابات تاكر. لقد كان تاكر كاهناً وعضواً في حزب المحافظين (التوري)، وفيما عدا ذلك كان رجلا جديراً بالاحترام، واقتصادياً بارعاً. وازاء اللامبدئية الشائنة التي تسود في زمننا هذا، وتؤمن ايماناً مبجلا بــ "قوانين التجارة"، فان واجبنا الملزم يقضي بان نسم بميسم العار، دون كلل، جميع الذين من طراز بورك، الذين لا يتميزون عن اخلافهم بشيء عدا الموهبة!
(18) Marie Augier. "Du Credit Public".
(19) تقول مجلة "Quarterly Reviewer"، "ان رأس المال يتحاشى الضجة والمنازعات، فهو يتسم بالوجل، وهذا القول صحيح لكنه لا يعرض الحقيقة كلها. ان رأس المال يرعبه انعدام الربح، أو الربح الضئيل جداً مثلما قالوا فيما مضى ان الطبيعة تمقت الفراغ. وان ربحاً مناسباً يجعل رأس المال جريئاً، و10 في المئة تدفعه لأن يعمل في أي مجال، و20 في المئة تزيد اندفاعه وتوقه، و50 في المئة تجعله طائشاً متهوراً، و100 في المئة تجعله يدوس بالاقدام كل القوانين البشرية، وعند 300 في المئة لن يتورع عن ارتكاب أية جريمة، أو خوض أية مخاطرة، حتى لو عرضت مالكه إلى حبل المشنقة. واذا كانت الضجة والمنازعات تأتيه بالربح، راح يشجعها جميعاً بطيب خاطر. وقد قدم التهريب وتجارة العبيد البرهان على كل ما نقول هنا" T. J. Dunning، المرجع المذكور، ص 35و36).
(20) "لقد بلغنا وضعاً جديداً تماماً بالنسبة إلى المجتمع... فنحن نسعى إلى فصل كل نوع من الملكية عن كل نوع من العمل"
Sismondi. "Nouveaux Principes de IEconomie Politique". t.II (Paris, 1827), p. 434
(21) "ان رقي الصناعة الذي ليست البرجوازية الا خادماً منفعلا له ومقسوراً على خدمته يستعيض عن انعزال العمال الناتج عن تزاحمهم، باتحاد ثوري بواسطة الجمعيات. وهكذا ينتزع تقدم الصناعة الكبرى من تحت اقدام البرجوازية نفس الاسس التي شادت عليها نظام انتاجها وتملكها. ان البرجوازية تنتج قبل كل شيء حفاري قبرها، فسقوطها وانتصار البروليتاريا كلاهما امر محتوم لا مناص منه... وليس بين جميع الطبقات التي تقف الآن امام البرجوازية وجهاً لوجه الا طبقة واحدة ثورية حقاً، هي البروليتاريا. فان جميع الطبقات الاخرى تنحط وتهلك مع نمو الصناعة الكبرى، اما البروليتاريا فهي، على العكس من ذلك، اخص منتجات هذه الصناعة. ان الفئات المتوسطة، من صغار الصناعيين والباعة بالمفرق والحرفيين والفلاحين، تحارب البرجوازية من اجل الحفاظ على وجودها بوصفها فئات متوسطة. فهي ليست اذن ثورية، بل محافظة، واكثر من محافظة ايضاً، انها رجعية، فهي تطلب ان يرجع التاريخ القهقرى ويسير دولاب التطور إلى الوراء" (كارل ماركس وفريدريك انجلز. "بيان الحزب الشيوعي"، لندن، 1848).
ترجمة: الياس شاهين
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire