المسألة
السادسة
// فإن قال قائل: فإذ لم يمكنكم إثبات
هذه المعاني بالقياس المعقول حتى ادعيتموا من قبل الكتاب، فلستم من دعواكم إياها
على يقين، بل أنتم فيما _ادعيتم منها شاكين غير موقنين، ولعلّ الحق على خلاف ما
تحسبون.
قلنا: ما عجزت العقول عن دركه من دون الكتاب
فلا ننكره، بل قد نقرّ بأن العقول لم تتنبّه من تلقائها على أن هذه المعاني أباً
وابناً وروح قدس، دون قول الكتاب([1]).
كما لم تنتبّه لتقلّد([2])
كتاباً لا يستإهل القبول، بل لمّا أستأهل القبولَ بكماله من الأمم القابلة التقلّد
كتاباً لا يستأهل القبول، بل لما أستأهل القبولَ بكماله من الأمم القابلة التقلّد
له والشعوب المتنقلة([3]) إلى
دينه، للآيت التي ظهرت على أيدي الداعين([4])
له، فاضطرتهم الآيات دون البحث عمّا عجزت عقولهم عن درك معرفته لذوي العقول إلى
يومنا هذا، في الامتناع من التقليد والتسليم له ممّا يخبر من اسم الأب والابن
والروح القدس، وإن قصرت عن كيفيتّها عقولهم، لمّا تشاهد من أعمال تلك الآيات وآثار
تلك الأعلام في اتفاق الآراء المختلفة والشعوب المتشتتة على قبوله والثبات على
دينه وكالذي أوضحنا لك في المقالة المتقدمة.
المسألة السابعة
فإن قلتم نعم، لزمكم أن تسمّوها في
الحياة والنطق ثلثه إلهة كاملة.
وان قلتم كلا، ليس كل واحد منها الاهاً كاملاً، دون أن جميعها إله واحد كامل، قصرتم بها وصيرتموها أجزاء إله واحد كامل.
ولا محيص لكم من// من اختيار أحد المقالتين اضطراراً.
وان قلتم كلا، ليس كل واحد منها الاهاً كاملاً، دون أن جميعها إله واحد كامل، قصرتم بها وصيرتموها أجزاء إله واحد كامل.
ولا محيص لكم من// من اختيار أحد المقالتين اضطراراً.
قلنا: ان اسم الآلهة بتصرّف عندنا إلى
معنيين، أحدهما جوهري والآخر عرضي، وكلاهما مقولان([8])
على الخالق جلّ ثناؤه، أما الجوهري فبأنه له خاصة دون غيره، وهو الموصوف وحده به
دون ما سواه من جميع الأشياء. وذلك أن معنى لاهوته هو معنى جوهره ومعنى جوهره هو
معنى لاهوته، فلا فرق بينهما ولا فصل في جهة من الجهات كلها ولا شركة لشيء من
الجواهر المخلوقة معه في اسم الإله الجوهري أصلاً.
وأما العرضيّ فقد يشاركه فيه غيره وهو
الموصوف. كما اتق له اسم الإلهية من قبل العبادة والطاعة لما سمّى ووصف نفسه إلهاً([9])
لأوليائه وأنقيائه([10])،
أي إذ " أن لم توفوا([11]) عهدي
وتقيموا سنتي لم أكن لكم إلهاً ولم تكونوا أنتم لي شعباً".
وكنا سُمّيت الأصنام إلهةً لأنها عُبدت،
وقال داود:" ربنا أعظم من جميع الألهة" وفي موضع آخر: " أنّا لم
ننس اسم ربنا ولا بسطنا أيدينا إلى إله آخر".
فهذه أقاويل تدل على آلهةٍ عرضية أي
مشتقة من العبادة والسجدة، لا إلهة جوهرية أزلية. لأنه غير جائز أن([12])
يعني الحكيم بقوله: أكون لكم ولا أكون لغيركم، سيّما هو إله جوهري أزلي. كما لا
يجوز أن يقول: أكون لكم حباً ولا أكون لغيركم حياً، إذ الحياة له جوهرية أزلية.
كذلك لم يعن داود بقوله" طوبى للشعب الذي الرب إلهه" اللاهوت الأزلية،
لأن اللاهوت الأزلية لم تزل معانية([13])
جوهرية قبل خلق الشعوب ولا تزول عما لم يزل عليها منها أبداً،// عبدته الشعوب أم
لم تعبده.
فإذ قد أتينا على تفسير المعنيين فيُفهم
عنا قولنا أولا في الجوهرية من إلهية الأب والابن والروح القدس، جلّت وتعالت. فقد
نقول أن الأب إله كامل أعني انه جوهر أزلي خاص كامل. والابن إله كامل أعني أنه
جوهر أزلي خاص كامل.
ثم جميعها في الجملة إله واحد كامل، أي
جوهر واحد أزلي عام شامل. ولا يلزمنا، إذا قلنا على هذا المعنى إن كلّ واحد منها
في خاصيته إله كامل، أن نقول أنها في الجملة ثلثه آلهة كاملة. كما لا يلزمنا، إذ
قلنا أن كل واحد منها في خاصيته جوهر كامل. أن نقول أنها في الجملة ثلثه جواهر
كاملة التي عمّتها لاهوت واحد عامة شاملة، أي جوهر واحد أزلي عام شامل.
أوَ لا ترى إن إبراهيم وأسحق ويعقوب، إذ
كل واحدٍ منهم في خاصته جوهر كامل وليس هم في الجملة ثلثه جواهر كاملة، الذي قد
عمّ ثلاثهم جوهرٌ واحد عام شامل. بل إنما كان يلزمنا أن نسمي الأب والابن والروح
القدس ثلثة إلهة كاملة، لو كانت مختلفة في الجوهر، فتصير في الجملة ثلثه جواهر
كاملة تكون على حسب ذلك ثلثه آلهة معدودة كاملة، كما أن طيراً وأسداً، وحاراً، إذ
كل واحد منهم في جوهر ذاته كامل فأختلف جواهرها على أنها لم تُحسب ثلاثُها في
الجلمة جوهراً واحداً كاملاً([14])،
بل ثلثه جواهر معدودة كاملة. كذلك إذ كان واحد من الخواص الأزلية مستحقة أن نُسمّى([15])
جوهراً لعظمها وعلوها عن أسماء الثوى والأعراض المضطرة والجزاء والابعاض، ثم لم
بينها في الجوهر تباين ولا اختلاف، لم تصر،إذا هي جُملت([16])،
ثلثه([17])
جواهر// معدودة كاملة، بل جوهراً واحداً عاماً شاملاً([18])
فكذلك([19])
إذ كان معنى جوهره معنى لاهوته معنى جوهره، وكان كل واحد من خواصه إلهاً كاملاً في
خاصته، لم تصر([20])
في الجملة، إذ عمّتها لا هوتٌ واحد شاملة، ثلثه إلهة كاملة، بل إلهاً واحداً عاماً
شاملاً([21]).
المسألة الثامنة
فإن قال: أو قولكم ليس كل واحد منها
جوهراً كاملاً خاصاً([22])،
إنما تعنون به انه قنوم كامل تام، فإذ صيّرتموها في الجملة ثلثه أقانيم كاملة تامة
لزمكم أن تصيّروها([23])
ثلثة إلهة تامة كاملة.
قلنا: إنما كان يلزمنا ذلك لو قلنا في
البدي أن معنى لاهوته هو معنى اقانيمه ومعنى اقانيمة هو معنى لاهوته ومعنى جوهره.
فإما إذ قد بدأنا فأخبرنا أن معنى لاهوته هو معنى جوهره، ثم كان كل واحد من هذه
المعاني جوهراً كاملاً([24])
في خاصته، وجب أن يجري اسم اللاهوت، عاماً كان أم خاصاً([25])
مع اسم الجوهر، عاماً كان أم خاصاً([26])،
إذ كان معنى هذا.
فأما اسم القنوم فليس يجري ولا ينصرف مع
اسم الجوهر الخاص في كل أنحائه. بل قد نقول أن كل واحد من إبراهيم وأسحق ويعقوب
قنوم كامل، وكذلك في خاصته جوهر كامل. ثم نقول أن ثلثهم في الجملة ثلثه اقانيم
كاملة. ولا يجوز لك أن تقول أنهم في الجملة ثلثه جواهر كاملة، لأن الجوهر الشامل
العامة. فهذا قد يدلك على أن معنى القنوم لا ينصرف مع معنى الجوهر الخاص في كل
إنحائه.
ثم لو كان// أيضاً معنى القنوم ينصرف في
كل الوجوه مع معنى الجوهر الخاص، إذن لَمَا كان، بين العلة التي من أجلها سُمَيتْ
ذاتُ الأزلي جوهرا([27])
وبين العلة التي من أجلها سُميت خواصُ جوهره اقانيم، من فرقٍ، بل الفرق بين
العلّتين يدلك أيضاً على أنه ليس معنى هذا معنى هذا في الوجوه كلها. لأن العلة
التي من أجلها سُميت تلك الذات جوهراً([28])
لِمَا أراد من إيجاب وجوده وإثبات ماهيته، وليست العلة التي من أجلها سُميت خواصُ
جوهره اقانيم، أراد به وجود ذاتيته ماهيته، بل لنفي النقص والضرورة عنها ولئلا
تُحسب كالأجزاء والابعاض والقوى والأعراض التي رُكّبتْ الجواهرُ المركَّبة المؤلفة
منها.
فليس إذن قولنا أن الآب قنوم كامل
والابن قنوم كامل وروح القدس قنوم كامل وثلثُها في الجملة ثلثه اقانيم كاملة، يوجب
علينا، إذا قلنا أن كل واحد منها إلةٌ كامل، أن نقول أنها في الجملة ثلثه إلهة
كاملة.
كما أنه لا يجب علينا، إذا قلنا أن كل
واحد منها جوهر كامل، أن نقول أنها في الجملة ثلثه جواهر كاملة، بل كل واحد منها
في خاصته جوهر كامل، وهي في الجملة دوهر واحد كامل، ولا جملة الاقانيم الثلثة إلا
ثلثه اقانيم، كما لا جملة للخواص الثلاث إلا ثلاث خواص.
وذلك أن الاقانيم تختلف والخواص تختلف.
ولذلك وجب أن يقال ثلثه اقانيم لثلاث([29]) خواص،
وليس بينهما اختلاف في الجوهر. وكذا وجب أن يُسمى جوهر واحد.
ألا ترى أن ثلاث شعل من نار، كل شعلةٍ
منها شبحٌ قائم بنفه إذ كل واحد منها جوهر كامل في ذاته أي نار كاملة بعينها
وطباعها//([30])
أن من كما وضح، لا ثلثه نيران ولا ثلثه جواهر بل نار واحدة جوهر واحد.
كذلك، إذ كان كل واحد من الأب والابن
والروح القدس في خاصته جلّ وتعالى إلةٌ كامل أي جوهر أزلي كامل وقنوم أزلي كامل،
لم يكن ثلثُها في الجملة ثلثه إلهة كاملة بل في الجملة ثلثه اقانيم كاملة وثلاث
خواص كاملة.
وأن كان بعض المتفلسفين قد سمّى اقانيم
جوهرٍ واحد جواهرَ جزئية معدودة، فإنما استجار ذلك لتجزؤها وتباين بعضها من بعض.
فإذ كانت([31])
علة تسميتهم أقانيم جوهر واحد جواهر جزئية([32])
معدودة التجزؤ([33])
والتباين، فليس فيه إمكان أسماء([34])
الجواهر الجزئية([35])
المعدودة.
كذلك إذ كان جوهر الأزلي جلّ ثناؤه
يتعالى عن التجزؤ([36])
والتباين، فلا إمكان في اقانيمه لاسماء الجواهر الجزئية المعدودة. ولعلّ من يقول
أن كل جوهر لا يوجد فيه إمكان التجزؤ([37])
والتباين، فلا إمكان فيه وجود ([38])
الاقانيم المعدودة، فنجيبه بأنّا أجرينا على هذه الخواص الأزلية أسماء الاقانيم
المعروفة، لكمالها وعلّوها عن أسماء القوى والأعراض المضطرة، لا لأنها([39])//
اقانيم كالاقانيم المعروفة.
كما أنا إنما أجرينا اسم الجوهر...([40])
الذات الأزلية إرادة إثبات آنيته، لا لأنه جوهر...([41])
ليس يلزمنا، إذا نحن سمّينا خواصه على هذا المعنى، أن نسميها ثلثه جواهر.
وإذا لم نسمّها([42])
ثلثه جواهر لم يلزمنا إن نسميّها ثلثه إلهة بل ثلثه اقانيم جوهرٍ واحد كما هي ثلاث
خواص إله واحد.
فهذا بيان ما أدرينا من استحقاق كل واحد
من هذه الاقانيم اسم الإلهية الجوهرية بالقياس المعقول.
فإما شهادات الله في كتبه المنزلة بكمال
الإلهية لكل واحد منها فأكثر من أن يُحصى عددها. فنكتفي من ذلك بما ذكرناه في أعلى([43])
كتابنا حين يسمى الأب نفسه رباً وإلهاً ومعبوداً، وكذلك كلمته تُسمّى([44])
رباً وإلهاً وخالقاً ومعبوداً. وكذا نُسمى ([45])
روحه رباً وإلهاً وخالقاً ومعبوداً.
ثم ننعتها([46])
في الجملة رباً واحداً وإلهاً واحداً وخالقاً واحداً ومعبوداً واحداً، لعلمك بذلك
أن كل واحد منها في خاصته عيْن أزلي كامل في الجملة متوحدة في لاهوت واحدة جوهر
واحد شامل لاقانيم معدودة.
فأما إذا سئلنا عن ذلك من جهة الإلهية
المشتقة من قبل العبادة...([47])
وقيل لنا: أفلستم تزعمون أن الآب إله كامل أي معبود كامل، والابن إله كامل أي
معبود كامل والروح القدس إله كامل إي معبود كامل، فقد لزمكم أن تقولوا في الجملة
أيضاً ثلثه إلهة كاملة أي ثلثه معبودين كاملين.
نقول: أنه إنما كان يلزمنا ذلك لو قلنا
أنه قد يجوز لنا ان نعبد الأب أحياناً دون الابن وروح القدس ولما...([48])
[
المسألة التاسعة([49])
فإن قال فهل تزعمون أن الأب حي ناطق
والروح حي ناطق، يريد، أن قلنا: فكل واحد منها مايت(؟)، وأن قلنا نعم، قال فلكل
واحد منها حياة ونطق، قلتم أنه لا حي بلا حياة وإذا كان كل واحد...([50])
بصيرتان لأن الأذن ذات السمع والعين
ماهية البصر. ولا يجوز ان يقال: الإنسان وأذنه سميعان ولا الإنسان وعينه بصيران،
بل هو سميع واحد بصير واحد. ولا يجوز أن تسمّى الإذن سميعة ولا العين بصيرة، إلا
أن يكون في الأصل واحداً هو سميع بصير يضاف السمع والبصر إليه.
فإذا كان الإنسان يوصف بأنه حي ناطق
سميع بصير، إذ هو حيّ بروحه ناطق بكلمته سميع بإذنيه بصير بعينه، وتُوصف روحه التي
هي حياته بأنها حية ناطقة، وأذنه التي بها يسمع سميعة، وعينه التي بها باصرة، فلا
ينكر وصف روح الخالق بأنه حي ناطق بمعنى أن الروح عين الحياة الأزلية الناطقة بنطق
الأب...([51])
والجوهر مع خاصة الوجود له الوجود
والحياة والنطق لا غير وجود الجوهر وحياته ونطقه. والوجود للجوهر صفةً ذاتية
وللموجود جزء معنوي. والحياة للجوهر صفة ذاتية وللموجود صفةٌ لجوهره.
والنطق صفة ذاتية للجوهر الموجود. وكذلك
الحي، الذي هو الجوهر مع خاصة الوجود، له الوجود والحياة والنطق لا غير وجود
الجوهر ونطقه. والحياة للجوهر صفة ذاتية وللحياة جزء معنوي. والوجود والحياة صفتان
لجوهر الناطق.
وبالجملة فالجوهر الألي موصوف بالخواص
الثلاث: الوجود والحياة والنطق...([52]) يكون
للقادر قدرة أخرى غير قدرة الالاه...([53])،
إرادة الالاه. وكذلك يصحح أن يقال الجوهر الالاهي موجود حي ناطق والناطق موجود جي،
ولا يلزم ان يكون للحي حياة أخرى غير حياة لجوهر، ولا للنطق نطق آخر غير نطق
الجوهر.
ومن أراد الفحص في هذا وما يجري مجراه
بمختصر جواب يحي عدي لأبي عيسى الورّاق]([54]).
[
المقالة الرابعة: في سبب تجسيد الكلمة وما يتبعه]([55])
المسألة
الأولى([56])
//([57])
واقتران الجوهرين. فإذا ما خصصنا القنومين بثباتهما فهما هما ذاتيان أبداهما ما
هما([58])
عليه من اختلاف جوهريتهما. لأن الاتحاد([59])
الذي كان بينهما لم يكن اتحاداً جوهرياً نُقل واحدٌ منهما عن ذات جوهره المميز به
من جوهر صاحبه فصيّرها جميعاً جوهراً واحدً جاذباً غير اللذين([60])
كانا. بل اتحدا([61])
في جهة البنوة والنسبة إلى الأب الموصوف بذات الأبوة. إذ هما ثابتان على اثنية([62])
طبائعهما ووحدانية ثبوتهما بلا اختلاط من جوهريهما ولا افتراق من قنوميهما. ولا أن
الواحد القادر([63])
لهما صار ثالثاً معهما، إذ كانت وحدانيته([64])
إنما صارت بائتلافهما.
المسألة
الثانية([65])
فإن قال: فأخبرنا عن هذا المسيح هو([66])
في مسيحيّته معنا واحد. أقديم هو أم محدث؟ فإن زعمتم أنه قديم فقط أبطلتم بشريّته
المحدثة المخلوقة التي زعمتم انها إحدى طبيعته، ثم أضفتم ما عرض له من أنواع
الأعراض إلى ما مالم يزل خاصةً، لا إلى شيء مخلوق محدث كما ذكرتم.
وان زعمتم أنه قديم وحديث جميعاً،
أبطلتم وحدانية المعنى الواحد الذي وصفتموه ورجعتم إلى القول الذي أنكرتموه، إذ
زعمتم انه محال أن يُقال للواحد هما وللاثنين هو، مع ما تصفون أنه قديم وحديث أي
جوهران قديم وحديث.
قلنا: بل المسيح من جهة مسيحيته حادث
حدث بعد أن لم يكن مسيحاً. نعني بذلك أن الكلمة الأزلية والإنسان المحدث المخلوق
صارا حديثاً مسيحياً واحداً، إذ لم تُحَدّ وحدانيةُ معنى المسيح الواحد إلا
باجتماع الجوهرين واتحادهما([67]).
فإما الأزلي من جوهرَي المسيح وأن كان
لم يزل// فإنه([68])
لم يكن في قدم أزليته، قبل الاجتماع، مسيحاً. لا لمّا حُبل في الإنسان حديثاً نما([69])
فيه بتجسده وأخذه معه حديثاً، صار الأزلي([70])
والبشري حديثاً مسيحاً واحداً.
ولذلك وجب أن يقال أن المسيح في معنى
مسيحيته حادث. وأن القديم من جوهرَية لم يزل قبل الاجتماع. كما أن ناراً قديمة
وفحمه حديثة يصيران حديثاً جمرةً واحدة.
وكما أن ناراً قديمة وفتيلة محدثة
يصيران سراجاً واحداً. ولم تكن النار المتقدمة قبل ائتلافها مع الفحمة والفتيلة
جمرةً([71])
ولا سراجاً واحداً قبل ائتلافها مع الفحمة والفتيلة، جمرةٌ ولا سراجاً ولا دخلةً
في معنى السراج والجمرة رأساً.
كذلك لم يكن الجوهر الأزلي، في قدوم([72])
أزليته قبل أن يتجسد بالبشري المخلوق وبوحّدة معه، مسيحياً ولا دخلاً في معنى
المسيح أصلاً.
المسألة
الثالثة([73])
فإن قال/ وهل كان الجوهران متّحدّين([74])؟
فإن زعمتم انهما قد كانا موجودّين ولا متحدين([75])،أي
لا مسح، أوجبتم أمرَ السؤال: إنما حبلت([76])
بإنسان مرسل كسائر الناس لا ابن الله الذي زعمتم انه كان مسيحاً باتحاد القنومين.
لأن أول وجود المخلوق إنما كان في البطن بالحبل. وأن قلتم بل لم يوجدا قط إلاّ
متحدين([77])،
قبل لكم: فما بالكم تُجرون اسم الاثنية([78])
على المجتمع الواحد في جهة من الجهات، ولم يكن([79])
طرفة عين قط إلا مسيحاً واحداً.
الجواب قلنا: قد كان أحد الجوهرين لم
يزل موجوداً كما أخبرنا، ولم يكن على انفراده قبل وجود المخلوق مسيحياً([80])//
لكنه لمّا جُبل([81])
المخلوق في بطن البتول خلقاً سوياً([82])،
كان هنالك اتحاد([83])
الطبعين والحبل بالمسيح ابن الله جميعاً معاً.
وأما أجراؤنا اسم الاثنيّة([84])
عليهما، فليس من الجهة التي فيها اتحدا([85])
لأنهما اتحدا في معنى المسيحية الواحدة وجهة البنوة الواحدة، إلى أن([86])
صار، لاجتماعهما وائتلافهما بلا انتقال عن ذاتيهما، مسيحاً واحداً وابناً واحداً.
بل إنما أجرينا اسم الاثنية([87])
مع الاثنين اللذين([88])
فيهما تباينا ولم يحولا عنهما على غيرهما، يعني القنومين الثابتين على ما بينهما.
وإنما يدعونا إلى أجراء ذكر الطباعين
والقنومين في المسيح الواحد ليعلم السامعون([89])
أنّا لم ننعنِ هذا الاتحاد([90])
الذي بين الجوهرين والقنومين اتحاداً([91])
جوهرياً وقنومياً، أي جميع الجوهرين حالا عن جوهريهما إلى هو ببشرية أخرى سواهما،
لو جميع القنومين إلا قنوميهما إلى قنومية أخرى سواها، بل جميع القنومين إلا
بالاتحاد([92])
الذي يحلّ ولم يزل الطباعين([93])
ذاتيهما إلى جهةِ مسيحيةٍ وربوبية واحدة كما
أخبرنا.
المسألة
الرابعة([94])
فان قال: أخبرنا عن هذا المسيح الذي صار
له جميع الجوهرين والقنومين، ما هو، إذ ليس هو جوهر ولا قنوم. أتزعمون أنه عرض غير
قائم بنفسه وذاته دون جوهر او قنوم. وأن زعمتم ذلك فقد أوجبتم أن تنفوه([95])
عن جوهر الاثنين.أو تزعمون أن ذلك العرض وُلد وتربّى([96])
وأكل وشرب ومات وصلب ثم انتفر([97])
حياً وصعد إلى السماء.
الجواب قلنا: أن من الأسماء وضعت على جواهر//
مفردة، وذلك كاسم الإنسان الكلي على جوهر الإنسان الكلي خاصةً. ومنها أسماء وُضعت
على اقانيم مفردة وذلك كاسم آدم على قنوم آدم خاصةً. ومنها أسماء وضعت على أشياء
تنتظم مزوّجاتها([98])
واقانيم مختلفة، وذلك كاسم العِقْد الواحد الموضوع على جملة جواهر منظومة مؤلفة من
لؤلؤ وياقوت وغير ذلك، وكاسم الجمرة الواحدة الموضوع على فحم ونار مجتمعين
مؤتلفَين وما أشبه ذلك من أشياء مؤلفة من جواهر مختلفة.
قلنا: نعني بقولنا المسيح جوهراً مفرداً
ولا قنوماً مفرداً ولا أيضاً عرضاً غير قائم بنفسه، كما ظن بنا مخالفونا، بل نقول
كما قلنا أن معنى اسم المسيح الواحد ينتظم من جوهرين أي قنومين، إله وإنسانٍ،
باتحادٍ([99])
وائتلافٍ، كما ينتظم معنى العقد الواحد جواهَر مختلفة من لؤلؤ وياقوت وغير ذلك
بتأليف النظم.
وكما ينتظم معنى اسم الجمرة الواحدة
فحماً وناراً بائتلاف واحد. فلا العقد الواحد جوهر ولا قنوم ولا عرض([100])
في جوهر أو قنوم. بل كل واحد من العقد والجمرة معنى موهوم معروف بجميع كل جوهرَية
بائتلاف واتحاد([101]) الجوهرين
القائمين([102])
بخلاص ذاتيهما.
كذلك المسيح ابن لله معنى واحد يعم
قنومين لاهوتياً وناسوتياً([103])
مقيمين على خلاص ذاتيهما، كذلك المسيح ابن الله([104])،
إذ هما باتحادهما([105])
مسيح واحد ابن واحد ومعبود واحد.
المسألة
الخامسة ([106])
فان قال: فإذ لم يستحق القنومان اسم
المسيح إلا بغيرهما، أي بالاتحاد([107])
الذي بينهما، فليس هما إذّا صارا بأنفسهما مسيحاً واحداً بل إنما صيّرهما مسيحاً
واحداً عرضٌ هو غيرهما. وكفاكم بأنكم وصفتم الأزلي بقبول الحدثان// والأعراض جهلاً
وعمىً([108]).
الجواب قلنا: لعمري كما أن ناراً أو
فحمه هناك لا يستحقان اسم الجمرة دون اجتماعهما وائتلافهما، كذلك لم يكن يجوز أن
يقال على قنوم لإله وقنوم الإنسان على انفرادهما اسم المسيح دون اتفاقهما واتحادهما([109])
فيما فيه اتحدا([110]).
فأما ما عرض من هذا الاتحاد([111])
بحادث بينهما، فإنه يضاف إلى البشري المجتذب إلى هذه الفضائل، المنعَم عليه بهذه
المواهب خاصةً، من ير أن يكونه عرضَ الأزليَّ في ذلك عارضٌ ولا حدثَ به حادث. فإنه
إذ رَفعَ البشريَّ عن رتبة أهل جوهره من العبودية إلى رتبة الربوبية، لم يزُلْ هو
عن رتبة الربوبية إلى رتبة العبودية. وإذ ساوى([112])
البشريَّ بنفسه في قدرته وملكه وسلطانه، لم يساوِ نفسه مع البشريّ في ضعف طباع
جوهره.
كذلك اتحد([113])
البشري في بنوته بإلهية الأزلية المنسوبة إلى أبيه، لم يتحد هو معه في بنوته
البشرية المضافة إلى أمّه([114]).
أو لا ترى النار كيف تفيض إلى الفحمة
نورها وصفاتها ولا تشترك مع الفحمة في كدورتها، وتجذبها([115])
إلى حرارتها وجمرتها ولا تشترك في سوادها وبرودتها.
كذلك الأزلي قال البشريَّ فضائلَه
جميعاً واتحد به في كل ما له من البنوّة والدينونة، ولم يشترك مع البشري في شيء
ممّا كان له أصلاً. وأن كان بعضُ الأمة المتقدمة قد أضاف إلى الأزلي كثيراً من//
الأوصاف الحالة بالبشري عبارةً ومجازاً([116])
للاتحاد([117])
الموصوف بينهما، فليس نوجبهما عد الحقائق علي رأساً.
المسألة
السادسة([118])
فإن قال: فهل كان ذلك البشريّ إنساناً
موجوداً في بطن البتول قبل أن يتجسد جسداً ومسكناً. فإن قلنا نعم، قال: وكيف أهمل
وعطل بلا اتحاد حيناً، ولم يُخلَق بزعمكم إلا ليتحدّ جسداً وهيكلاً. وان قلنا: بل
لم يكن قبل أن يتحدث([119])
موجوداً، قال: وكيف أمكن اتحادُ ما كان معدوماً؟
الجواب، قلنا: أعلمْ إن قولنا في
المأخوذ من البتول، سوى([120])
قولنا في المتحد المخلوق المأخوذ منها، وقولنا في المأخوذ من البتول، سوى([121])
قولنا في المتحد المخلوق منها، وقولنا في المتحد المخلوق منها، سوى([122])
قولنا في المحبول به المولود منها. وذلك أن المأخوذ منها مادة هيولانية كالمادة
الحادثة في([123])
الطباع الامهاتية من جنة([124])
أبدان أولادها.
وأما المتحد المخلوق من المادة المأخوذة
منها، فبَدَنٌ تام متنفّس بنفس علاّمة أُقيم منها بشراً كاملاً. وأما المحبول به
المولود منها، فمسيح ذو القنومين إلهي وأنسي كانا باتحادهما مسيحاً واحداً. فإذا
آتينا على ذكر ماهية([125])
المأخوذ والمتحد والمولود، فليُفهَم عنا الجواب في المأخوذ من البتول هل كان
موجوداً في طبيعتها([126])
قبل أن يوجد أم لا، فنقول([127]):
بل قد كانت المادة المأخوذة موجودة ثابتة في طباع البتول الطاهرة قبل أن توجد
يقيناً. وأما البدن النامي المصوَّر من المادة فكانت جبلته واتحاده([128])
جميعاً معاً، بعد ان لم يكن على هيئة صورته موجوداً.
// وكذلك كان وجود المسيح المجتمع
بكماله مع الاتخاذ والاتحاد جميعاً معاً. وهناك أيضاً حبلت البتول الطاهرة بالمسيح
الموجود بقنومية، ثم ولدته، لمّا استكملتْ شهور حبلها، مسيحاً كاملاً.
المسألة
السابعة([129])
فان قال: فأخبرونا عن هذا المتحد([130])
المخلوق من مريم. اهو ابن الله أم غير ابن الله. فإن زعتم انه ابن الله، جعلتم لله
ابنَين لا محالة. وأن زعمتم أنه غير ابن الله، قيل لكم فهل ولدته مريم أم لا؟ فإن
قلتم نعم، أوْجبت أنها ولدته مع ابن الله غيرَ ابن الله أيضاً، وألزمتم أنفسكم
الأولَّي خاصةَ([131])
الولادة منها حديثاً، لإقراركم في الأصل بأنها ولدت ابن الله، وإنكاركم من بعد أن
يكون المتحد منها ابن الله.
الجواب قلنا: أنا قد أخبرناك في صدر
كلامنا أنه لا ابن الله إلا المسيح، ولا وجود للمسيح إلا باقتران القنومين. فمن
الاضطرار إذن أن المتّحد([132])
من مريم ليس هو، على انفراد دون الآخر، ابن الله، ولا الآخر أيضاً، على انفراده من
بعد اتحاده بالجسد دون الجسد الذي جعله هيكله، ابن الله، بل متى ذكرت ابن الله منذ
وقت التجسد والحلول والاتحاد([133])
والحل، فقد جمعت الأحَد المتحد في الاسم والمعنى جميعاً معاً.
ولو استقام أن يُسمَّى أحدهما على
انفراده دون الآخر من بعد الاتحاد والتجسد ابن الله، لكان الأحد الذي لم يزل ابن
الله أولى بأن يُدعى على انفراده ابن الله دون الآخر من بعد الاتحاد والتجسد ابن
الله.
ولكنه أبى([134])
لكرمه وفضله أن يستبدّ أو يستأثر بذات البنوة واسمها ونسبتها([135])،
بعد أن أخذ البشرىَّ الذي تجسد به معه منها وانعم عليه بها دونه في جهة من الجهات
كلها، أم يحصر([136])
نفسه بسرّ مما له([137])
من// من الربوبية والقدرة والسلطان والإزار([138])
وجميع ما ملكَه، سوى ما أخبرنا من أزلية الجوهر، دونه منذ ساعة حبَله، ومهما كان
ثابتاً على أزليته، بل ساواه في جميع الأشياء وصيّره معه فيها شيئاً واحداً بلا
نقصان ولا انحطاط عنه في شيء من الأشياء جميعاً، ما خلا أزلية جوهره التي لم يكن
يُنكر([139])
إياها في حال من الحالات كلها.
وإذ كان ذلك الذي لم يزل في قدم أزليته،
جلّ ثناؤه ، ابناً لأبيه جوهرياً، أي لكرمه وفضله، [أبي أن]([140])-
يُدعى من بعد الاتحاد على انفراده دون الأنوسة المتحّد([141])
بها ابناً، فكم بالحري المتّحد المنعم عليه لا يستحق دون الأحد الذي أناله حظَّ
النبوة وسهمَها أن يُدعى على انفراده ابناً. وليس، إذ لم يجزْ([142])
أن يُدعى ابنّ الله منفرداً، فهو يبعد([143])
عن بنوة الله أم هو غير ابن الله أيضاً,
كما أن بدن الإنسان المجبول زرعُ أبيه،
وأن كان يستحق أن يُسمى على انفراده دون النفس المتحدة([144])
معه إنساناً ولا الآب([145])
الذي ولده ابناً([146])،
لاشتراكهما شركة لا تقسم([147]) في
إنسية واحدة وبنوة واحدة جميعاً سواء، بنو غير إنسان ولا غير ابن الإنسان ما دام
حيا([148]).ومهما
كان مع النفس متحداً كغيريه أبدان البهائم وسائر أجسام الحيوان من سهم الإنسية وخط
البنوة الواجبين له دونهما، بل قد يحق على الحقيقة الواجبة أن يُسمى بدن الإنسان
أحدَ جزئي جثة([149])
الإنسان وأحدَ جوهري بنوة الإنسان.
كذلك قنوم بشرية المسيح المجبولة من
طباع مريم الطاهرة، وأن كان[ لا] يجوز أن يُدعى على انفراده دون قنوم اللاهوت([150])
مسيحياً، ولا لله([151])
دونه أبناً، فليس هو غير المسيح ولا غير ابن الله أيضاً كغيره ما سواه من أجساد
الأنس وأجسام الحيوان البائنة([152])
عن حظ بنوة الله وسهمها.
بل قد يجب على الحقيقة// الصادقة أن
تسمى إنسانية ربنا أحد جوهرَى ابن اله لا اسم ابن الله، حيث([153])
ساعة بُشرت مريم الطاهرة بالحبل عمر([154])
كلا([155])
الجوهرين أي كلا([156])
القنومين بشريةٌ واحدة كالذي([157])
أخبرنا.
وابن الله منذ ذلك الوقت ليس أولى
بجوهره الأزلي في جوهره الزمني، ولا باسم اللاهوت والقِدَم أولى منه باسم الحدوث.
بل متى سميت المسيح أم ذكرت ابن الله منذ ذلك الوقت، فقد عمدت القنومين بالاتحاد
الآتي هو معنى استوائهما في ذلك البنوة وسائر الأمور فيها استووا([158]).
المسألة
الثامنة([159])
فان قال: فإذ كان لا ابن الله إلاّ
المسيح، ولا وجود للمسيح إلا بالجوهرين المتحدين، وزعمتم أن المسيح المولود من
مريم فهو الآكل والشاري الماشي والمتقلب، فقد زعمتم أن مريم ولدت الجوهرين
المتحدين، فجميعاً أكلا وشربا وتقلبّا.
الجواب قلنا: أنّا وإن كنّا نصف في
الجملة من ولادة المسيح وأكله وشربه ونشؤه وتقلبه ما وصفنا، ليس يلزمنا الحكم من
قولنا فيه على ما حكمت. وسنقدم قياساً سنبّين([160]) لك
فيه مذهبنا فيما نقول:
إلا ترى أيها الإنسان أنك مولود من أمك
بشراً تاماً آكلاً([161])
وشارباً، وقد كنت في بدء([162])
مولدك منها طفلاً صغيراً لطيفاً قصيراً، ثم صرت رجلاً جسيماً عظيماً طويلاً.
إذ أنت قائم ببدنك وروحك ولا وجود
لأنسيتك إلا باجتماع الطبعين وائتلاف الجوهرين من الجسد والنفس. فهل تزعم الآن أن
أمك ولدت نفسك وبدنك في وقت([163])
جميعاً معاً، وهما الآكلان الشاربان الماشيان المتقلبان القابلان الزيادة والنقصان
من الجوع والشبع والهزال والسمنة.
فإن زعمت// ذلك قد يقنت أن تكون الأرواح
أرواحاً بل صيّرتها...([164])
مؤلفة من أركان متضادة متقاومة، لأن الأبدان إنما قبلت هذه الأمور وهذه الأعراض
لمقاومة([165])
الأرض التي منها أنشئت([166])
والفت بعضها بعضاً.
ففي وقت اشتعال حرارة النار ويبسها
وغَلْيها احتاجت إلى برودة الماء ورطوبته في تعديل مزاجها، في وقت استعلاء برودة
الماء ورطوبته عليها احتاجت إلى حرارة النار ويبسها في إقامتها على يبس اعتدالها.
وكذلك حاجتها في نشؤها وتربيتها إلى
أغذيتها، كان اصلٌ بقيتها، يعني الثمار الكائنة من طباع الأرض والماء والنار
والهواء. فمن ههنا فأعلم أنه لا يعلق بالأرحام الجسمية إلاّ ما شاكلها من
الحدائية،ولا تلد الأمهات إلاّ ما قَبِلَ النشوءَ والتربية، ولن([167])
يقبل النشوء والتربية إلاّ ما كان أصلُ نَبْته([168])
من الشيء الذي منه قبل النماء والزيادة. وكذلك لن يحتاج على الطعام والشراب إلا ما
كان فيد حدّ إمكان الزيادة والنقصان. فإذ انحط إلى النقصان من جهة اعتداله أكمل
بالإدخال نقصانه. وإذا زاجأ([169])
إلى الزيادة عن حال اعتداله حطّ بالإخراج زيادتَه.
فإن كانت النفس الروحانية قابلة هذه
الأمور وهذه الأعراض والآفات، فإنها مؤلفة لا محالة من هذه الأركان والأضداد([170]).
وان كانت مؤلفة من هذه الأركان فإنها لا محالة حية([171]) كثيفة
ثقيلة وأجسام غليظة رزينة([172])،
وليست بأرواح رقيقة وانفس لطيفة خفيفة.
لأنه محال أن تكون، إذ كانت كثيفة،
تُنتج، إذا هي تراكبت وتمازجت، أرواحاً لطيفة، بل إذا مازج جسمٌ جسيماً كانت
النتيجة الكائنة منها أحلو([173])
للكثافة والغلظ من الجسمين اللذين([174]) عنهما
كانت النتيجة.
// وان أبيت هذا القياس والإقرار به
وقلت بل الأنفس لا محالة آكلة وشاربة زائدة وناقصة، فأعلم علماً يقيناً أنه لا
موضع يصل إليه الطعام والشراب إلاّ ولد([175])
هناك من جثتيهما([176])
ورزانتيهما بقدر ما يصل إليه منها، كما ترى الأبدان يزداد من فيها عظماً وغلظاً
ورزانة وثقلاً. فآلا([177])
كان الطعام والشراب واصليّن إلى النفس أيضاً، فإنهما يزيدان لا محالة في جثتها
ووزنها ورزانتها بقدر ما يصل إليها منهما.
وينبغي على قياس دعواك، إذا كان وزن
الإنسان مائتي رطل ثم فارقت روحه بدنه، أن يصير وزن([178])
بدنه على النصف ممّا كان إذ كان حياً([179])،
أو ينقص في وزنه جزء([180]) فيستبين([181])
للعقول أن الروح قد كملت([182])
من رزانة الطعام والشراب بقدر حظّها منها.
بل لا أحسبك تجهل أن النفس إذا هي فارقت
البدن، أزداد البدد رزانةً وثقلاً، لعلمك([183]) بذلك
أنها كانت تولّد من خفة([184])
روحانيتها في البدن ما يشتغل به البدن كثيراً من رزانة ما يتولد فيه، دون ان ينال
ذاتها ثقلُ الطعام والشراب ورزانتُهما.
فهكذا ([185])
قد ترى الأرواح تشهد من كل جهة على ذاتها بأنها غير مضطرة إلى الطعام والشراب وذلك
إنها لا مؤلفة ولا مركبة من مادة تقدّمتها. فإنها غير قابلة للزيادة والنقصان
البتة. وإذ كانت ممتنعة للزيادة والنقصان فإنها غير ناشئة ولا منتقلة من الكبر
والصغر من حال إلى حال.
فإنها غير صائرة تحت الحمل والولادة
والتربية بالطعام والشراب. فمتى عرفت حقيقة هذه الأمور على حقيقة ما هي عليه من
حالاتها، أيقنت بأن أمك، وأن كانت ولدتك// إنساناً كاملاً ذا روح وبدن، فإنها لم
تلد روحك وبدنك، غنما أمك ولدتك إنساناً ذات روح وبدن من قِبلَ بدنك القابل
للولادة والتربية والنقصان والزيادة، لا من قِبلَ روحك العالية عن هذه الأمور وعن
هذه الحالات والعاهات.
فلا نقول([186])
الآن إن لاهوت ربنا جلّت وتعالت عن كل قياس، موضعُ الروح من الإنسان، في علوها
وارتفاعها عن الأمور الحادثة على الأجساد والأبدان.
ونقول([187]):
أن البتول الطاهرة، وإن كانت ولدت أبنها مسيحاً حاملاً ذا جوهرين كاملين لأهوتي
وناسوتي، فإنها لم تلده بجوهريه كليهما، بل إنما ولدته من قِبلَ ناسوته المنتزة
منها.
ومن قِبلَ ناسوته نشأ وأكل وشرب وتقلب
وتربَّى([188])،
لا من قبل لاهوته. وأيضاً أنما([189]) ناسوته
من جهة وروحه، كما أن جميع أهل جوهر ناسوته مولودون آكلون شاربون ناشئون من قبل
أجسادهم وأبدانهم لا من قبل أنفسهم وأرواحهم.
وقد نقول في المسيح أيضاً انه مولود من
أبيه ميلاداً أزلياً، ولا تزعم أن أباه ولده بجوهرَية جميعاً. بل نقول أن كل واحد
مولود من أبيه وأمه إنما هو والده من جهة ما هو منه جوهري طبيعي، أي أبوه ولده
ميلاداً إلهياً قديماً من جهة لاهوته، وولدته أمه بشرياً زمنياً، إذ هو مع اختلاف
حالاته وغيرتّه ولادته مسيح واحد ذو جوهرين، ابن واحد وقنومان([190]).
المسألة
التاسعة([191])
فإن قال: فإذا كان المسيح وُلد ميلادَين
أحدهما من الأب وآخر من الأمّ، فقد أوجبتم أنه قد كان مسيحياً في ولاده الذي لم
يزل من الأب قبل ولاده حديثاً من الأمّ. فكيف زعمتم([192]) أن
المسيح إنما// ألفي مسيحاً وع وجوب الجوهرين واتحاد القنومين في وقت الحمْل
والحبَل.
الجواب: ملا. ما نزعم أن المسيح ولد
مرتين بل نقول ان للمسيح ربنا ولادّين على ضربين ونحوين. وذلك أن قنوم لاهوته لم
يزل مولوداً من الأب ولا يزال مولوداً منه على حال واحدة. فلا ابتداء له ولا
انقضاء. فأعلم ذلك من قولنا.
فأما ولاده من الأم حديثاً مرةً واحدةً
ابتدت وانقضت، وقد كان في وقت ولاده من الأم بناسوته مولوداً هنالك أيضاً من الأب
بلاهوته([193])،
لإتفق الولادان([194])
في ذلك لوقت جميعاً معاً.
ثم انقضى الذي ابتدأ وبقي الذي لا بدء([195])
له على ما لم يزل عليه بلا انقضاء, فبهذه([196]) الجهة
صحّ قولنا أن للمسيح ولادّين، إذ هو مسيح على حال مسيحيته، أنه إذ وُجد المسيح
بالقنومين المتحدين ثم ولد في قت ولاده من الأمّ بناسوته، كان هنالك ولاده من الأب
حقيقياً بلاهوته.
ان كانت لاهوته لم تزل مولدةً من أبيه
قبل الدهور والأزمان وقبل وجود المخلوق وإلى أبد الأبد ولا ابتداء ولا انقضاء ولا
انقطاع: كثبات ولادة الكلمة النفسانية من ذات النفس الناطقة منذ خُلقت شمساً نيّرة
مستنيرة. وأن كانت الأمثال والمقاييس تبطل وتقصر على عظمة تلك([197])
الولادة، فإنما ضربنا القياس من الشمس والنفس على ثبات أزلية ولاده، وذلك على حال
واحدة بلا ابتداء ولا انقضاء ولا تغيّر ولا انقطاع.
المسألة
العاشرة([198])
فإن قال: وهبْكم تزعمون أن الأزلي من
جوهرّي المسيح بنوةَ الأب وصّحت ه أبوته لأنه مولود منه// جوهري قديم. فأما
الإنسان المحدّث المخلوق الذي لا من جوهر الخالق فكيف بنوة خالقه القديم الذي ليس
من جوهره وكيف صحّت له أبوّته؟
الجواب قلنا: صحت له الأبوة واستحق
البنوة من قِبلَ الاتحاد([199])
الذي أنعم به عليه وعلى أهل جوهره به.لأن البنوة الصادقة غنما تصحّ من أحد جهتين:
إما من قِبلَ الولاد وأما من قِبلَ الاتحاد على ما نحن مزمعون تفسيره.
فإذ كان الذي لم يزل، جلّ ثناؤه، مولود
من أبيه أزلياً استحق البنوة لولاده من أبيه جوهرياً، ثم أحب بنعمته وفضله أن
يشترك جوهرُ الأنس في بنوته ويوجب حقَ أبوة أبيه، همّ بلطفه وقدرته فعلم أنه لا
يصحّ فهم ذلك إلا([200])
من جهة الاتحاد([201])،
أنْحَتَ([202])
من جوهرهم بفضله وجبروته شبحاً زكياً طاهراً فتجسّده وأتخذه لباساً للاهوته ليوجب
له بذلك حق البنوة التي لم تزل فتصيّره معه فيها مثله: ثم صُوّر من النطفة بدنٌ
وجوارح وأوصال. حتى إذا كملت خلقه البدن وجوارحه خلقتْ فيه من بعد ذلك نفسٌ حيّة
لا من صلب أبيك.
ثم صُوّر من صلب أبيك([203])،
ونفسك لم يلدها أبوك ولا من طباع نطفته، فصُيّرتَ من زرع أبيك أبناً واحداً بحق
لأبيك.
وكما أن هوى بنية([204])
أنسيّتَك استحق بنوة أبيك من قبل الطباع الولادة([205])،
والآخر من قبل الائتلاف والاتحاد بذات الذي هو من الولادة والطباع، كذلك بنوة
المسيح محيينا صحّت وصدقت لأبيه من كلا([206])
الوجهين: انه من قنوم ألهيته لولادة منه أزلياً قديماً، ومن قبل قنوم ناسوته
لاتحادها([207])
مع المولود منه في جهة بنوته المتعالي عن الصفات والأمثال.
//
المسألة الحادية عشرة([208])
فإن قال: وكيف أمكن أن يتجسد ويتدّرعه
ويحلّ فيه ولا يحيط به ويحصره ويجسّده ويحويه.
الجواب قلنا: أنه وأن كان لا كيفيّة
للأزلي([209])
وصنائعه ولا شبه له ولا بفعاله، فإنه كما في النور الذي خلقه نوراً مبيناً في
مبتدى الخلق، كما قال في سفر الخليقة، ثمّ حلوله في الرابع([210])
جسماً صغيراً غليظاً كثيفاً فربطه وألفه وجعله له محلاً ومعدناً ينشو منه إلى شرف
الأرض وعزّتها من غير أن يحدّه الجسم أو يحصره أو يحويه، بل هو المحيط له الحاوي
عليه، كذلك وأفضل من ذلك أمكن الجوهر الأزلي، الذي لا يحيط به جسم يحصره ولا مكان
يحويه، أن يتخذه([211])
لنفسه بشراً بتجسده وهيكلاً يحلّ فيه ومحلاً يخاطب الناس منه. ولم يحوه([212])
الجسد الذي تدّرعه ولا حصره مسكنه ولا حكمَه ولا حدّه هيكله الذي خاطب الناس منه،
بل هو المحيط به الحاوي له الظاهر([213])
عليه.
أوَ لا ترى نفسك الروحانية، إذ هي بسيطة
في كل جسدك بالأنوسة([214])
وموجدة في جميع أعضائك ولا نقصان ولا زيادة، إنما جعل بينها ومحلها...([215]) //............................
المسألة
الثانية عشر([216])
قلنا: إلا أنا قد نقرّ ونؤمن بأن الله
أتخذ له جسداً غير أنه لم يجب منذ قط أن يُسمّى جسد الله. وذلك أنه إذ أقام، في
وقت تجسده إياه، منه ومن البشري الذي تجسده، مسيحياً واحداً وابناً واحداً، وجب أن
يضاف الجسد إلى المسيح إلا جسد الله([217])،
وإن كان التجسد في الأصل كان لله لا للمسيح، ولو لم يتجسد الله أبداً.
كما انه تجسدت النفس بالبدن والبدن
بالنفس فقام منهما ([218])
بائتلافهما إنسانٌ واحد، سُمى البدنُ الإنسان والنفسُ نفسّ الإنسان لا بدن الإنسان
ولا نفس الإنسان، ولو لم تألف النفس بالبدن لم تقم وحدانية الإنسان منهما أيداً.
وقد نقول أيضاً بلفظه أخرى ونحوٍ آخر إن
الله الكلمة تأنس لا على معنى قول القائل: الماء ملح([219])،
أي جمدان بذاته فصار ملحاً. وكقوله أن اللبن تجبّن أي اعتقد([220])
بذاته فصار جبناً.
وكقوله الصبي ترجّل أي شبّ بذاته فصار
رجلاً، بل على معنى قول القائل: أن فلاناً تدّرع أي ليس درعاً، وكقوله أن فلاناً
تسلح([221])
أي لبس سلاحاً، وكقوله أن فلاناً تعمّم أي لبس عمامةٌ، لا انه صار عمامة أو سلاحاً
أو درعاً.
كذلك بقولنا أن الله الكلمة تجسد وتأنس
أي أحدث جسداً فلبسه وخلق إنساناً فتدّرعه وألفه([222])
إلى قنومه ليظهر به قولَه وأعمالَه وليوحده([223])
معه بنوته.
قلنا فأمرهما جميعاً في وقت الاتخاذ
والاتحاد مسيح واحد، وجب أن يقال ناسوت المسيح وناسوت الابن المجتمع، لا ناسوت
الله ولا ناسوت اللاهوت، وأن كان الله هو الكلمة المنفرد// وحده لإتخاذه أياه
ناسوتاً، لا أن الناس متدرع الناسوت في الأصل كان المسيح المجتمع عليه([224]).
أو لا ترى أنك لو عمدت إلى قميص من حرير
فطهرّته طهارة من حر([225])
لتقيم منها جبّة واحدة لم تقل إلى طهرّت الجبة ولا اتخذت الطهارة للجبة وذات الجبة
عن موجودة([226])،
إنما اتخذت الطهارة للقميص خاصة، وأتاه طهره بالطهارة. حتى إذا انتقلت الطاهرة
بالبطانة فقامت منهما ساعة ائتلافها جبة حادثة، بطلت الجبة الحادثة منها جميعاً([227])
فيقال طهارة الجبّة وبطانة الجبة.
هكذا وعلى هذا نقول: أن الله الكلمة
تعالى على كل قياس هو الذي بدأ وأتخذ البشرى له ناسوتاً، ومع تانسه أي تدّرعه وجب
اتحادهما وقامت وحدانية المسيح بائتلافهما، فبطلت هناك إضافة الناسوت على الله
وإضافة الله إلى الناسوت، وجبت أضافتهما جميعاً في المسيح الواحد القائم منهما.
وهنالك وجب أن يُسمّى الناسوت ناسوت المسيح واللاهوت لاهوت المسيح، لا ناسوت
اللاهوت ولا لاهوت الناسوت.
والعجب لعقول قوم زعموا أنه دعاهم إلى
تسميته([228])
جوهراً واحداً وقنوماً واحداً إرادة إيجاب حقيقة الاتحاد بين اللاهوت والناسوت،
والقواعدَ الاثنينية([229])
في الوجوه كلها على وحدانية المسيح الواحد القائم منهما. ثم سمّوا جسد المسيح جسد
الله، فوقعوا([230])
من إثبات القنومين وإقامة الجوهرين وأبطال وحدانية المسيح في أعظم ممّا هربوا منه.
وذلك لأن في تسميتهم الجسد جسد الله
إثبات اثنينيّة الجوهرين في المسيح اضطراراً، أي الله وجسده، وذلك مع إيجاب
ثنائتهما وأبطال وحدانية المسيح القائم منهما المضاف إليه الجوهر من كليهما. كمن
زعم// أنه إنما يُسمى الإنسان جوهراً واحداً إرادة إيجاب([231])
الاتحاد في([232])
النفس والبدن وإقامة وحدانية الإنسان القائم منهما، وألقى العدد والاثنينية على([233])
الواحد الذي صار واجباً بائتلافهما، ثم سمى جسدَ الإنسان جسدَ النفس ونفسَ الإنسان
نفس الجسد، فأبطل بذلك وحدانية الإنسان المضاف إليه نفسهُ وبدنه وأوجب اثنينيةَ
نفسٍ وبدنٍ متباينين متعطلين على الاتحاد والائتلاف.
وإلاّ فأين توجد وحدانية الإنسان الواحد
الذي له النفس والبدن، إذا قيل لجسد المسيح جسدَ الله الأزلي، وللأزلي([234])
لاهوتَ الجسد. بطلت بذلك وحدانية المسيح المضاف إليه لاهوته وناسوته، وأُوجبت به
اثنينيةُ الأله والإنسان بإيجاب([235])
تعطيلهما([236])
عن الاتحاد والائتلاف، لا محالة.
وليخبرنا([237])
قائلو هذا القول: كيف توجد وحدانية المسيح الواحد الذي له اللاهوت والناسوت، إذا
قيل جسد الله ولاهوت الجسد. وربما قال المحتال([238])
منهم عنه نفسه: إنما نعني بتسميتهما ذلك جسد الله، وبقولنا أن مريم والدة الله ما
قال بولس الرسول:" أن المسيح إله على الكل". وإذا كان المسيح إلهاً على
كل، والجسدُ جسدُ المسيح ومريم ولدت المسيحَ، والجسد أذن جسد الله ومريم ولدت
الله.
فيقال لهم: كلا، لعمري ما قولكم قول من
يقرّ بأن المسيح إله على مل ولا أن مريم ولدت المسيح. ولو أقررتم بأن المسيح بأن
المسيح اللهُ على كل ومريم ولدت المسيح الذي هو إله على كل، حذفتم اسمَ المسيح من
الوسط وأضفتم ولادةَ مريم إلى إله غير المسيح، ولذلك لم ترضوا بأن تقولوا أن الجسد
جسد المسيح ولا أن // مريم ولدت المسيح.
أوَ لم يتبين في أعلى([239])
كتابنا أنه من أعظم المحال أن تلد امرأة ألها لا مسيحياً مجَتمَعاً([240])
يُوجد فيه إمكان الحبل والولادة والتربية والموت وما أشبه ذلك خاصةً باسم المسيح،
ثم يُردَف من بعد ذكر([241])
المسيح باسم الله، بمسحتالة إضافة هذه الأمور محضاً دون ذكر المسيح معاً.
وذلك أيضاً لأنه أن كان المسيح جلّ
ثناؤه إلهاً([242])،
فليس([243])
الله هو المسيح، لأن اسم الله واقع على المسيح وعلى غير المسيح أي الأب والروح.
فلذلك استحال أن يُقال جسدُ الله وان مريم
ولدت الله، دون يُبدأ بذكر المسيح فيقال الجسد جسد المسيح والذي هو إله على كل.
أوَ تعلم قابل هذا انه من اعظم الخطأ أن
يقال إن سارة ولدت الإنسان، وأن كانت ولدت أسحق الذي هو إنسان، وذلك لأنه وإن كان
أسحق إنساناً فليس الإنسان هو أسحق لأن اسم الإنسان المبرهَم([244])
واقع على أسحق وأبيه إبراهيم وغيرهما من الناس...([245])،
استحال أن يقال أن سارة ولدت الإنسان دون أن يُبدأ باسم الذي ولدت أي أسحق الذي هو
إنسان.
وأيضاً فإن قال أن سارة ولدت إنساناً هو
أسحق، لم يُعنَّف قائله، ولكن لا يستغني في ذلك عن اسم أسحق ولله قدّم أم أخر([246]).
لذلك لا يصح القائل أن مريم ولدت الله
حتى يُبدأ بذكر المسيح. ولا يقال أن مريم ولدت المسيح إله هو إله على كل([247]).
وغن قيل أن مريم ولدت إلهاً على كل الذي هو المسيح لميُعنَّف قائلة. فلا بدّ في
ذلك من ذكر المسيح في حال من الأحوال.
وإلا فخبّرونا أين وجدتم الله جلّ ثناؤه
يذكر في شيء من كتبه أن مريم ولدت الله وأن ذلك الجسد كان جسد الله. فهذا متّى
يذكر في رأس بشراه:" هذا// كتاب ميلاد يسوع المسيح بن داود بن إبراهيم"-
لا :أن([248])
هذا كتاب ميلاد الله بن داود بن إبراهيم- يقول:" فهذا كان ميلاد يسوع
المسيح"- لا: هكذا كان ميلاد الله- وهو أن" لما ولد يسوع في بيت لحم
يهوذا أيام هيرودس الملك" كان كذا وكذا، ولم يقل: فلما وُلد الله في بيت لحم
كان كذا وكذا([249]).
ويقول لوقا إن بشّر الرعاة وقال لهم:
" لقد لكم مخلص هو الرب المسيح في مدينة داود"([250])،
ولم يقل: ولد لكم اليوم الله في مدينة داود.
فكيف استجرتم([251])
أن تقولوا أن مريم ولدت الله دون ذكر المسيح. وفد نسمعكم تقرّون جميعاً بأن اسم
الله واقع على الأب وواقع على الابن مفرداً وواقع على روح القدس مفرداً وواقع على
روح لقدس مفرداً وواقع على الثلاثة أقانيم جميعاً.
فلعلّكم تعنون بقولكم أن مريم ولدت الله
أي ولدت الأب أم الروح أم الثلثة الاقانيم جميعاً. وعلى كل حال فلسنا تشك في
إنكارهم ولودَها إلاله على كل حال الذي هو المسيح الموجود بلاهوته وناسوته. وبعد
فإنّا نقول إلى كلامنا الأول، فإنّا نكره أن متشاغل بظاهر كلام أهل الجهل.
المسألة
الثالثة عشرة([252])
فإن قال: فما باله إذا أراد يكون ذلك
البشريَّ له جسداً أبداً([253])،
أتزعمون انه أراد أمراً فلم يتمّ له ما أراده، بل قد تمٌ له من ذلك ما أراد ولو
كان غرَصُه فيما أراد كينونة وصورة البشريّ له جسداً أبداً لا بمعنى([254])
آخر سوى ذلك.
الجواب: تسمى([255])
البشرى جسد اله أبداً. ولكنه إذ كان غرضه في تجسده إياه أراد إن يوجب له بذلك حظَّ
البنوة ويقيم به وحدانية المسيح التي وجب إضافة الجسد إليه، فلم نقضِ أراده([256])
دون غرضه الذي// أراده.
المسألة
الرابعة عشرة([257])
فإن قال: فما بالكم تسمّون هيكل الله
ولا تسمّونه جسد الله. وقد تزعمون انه حلّ فيه كما تجسّده.
الجواب قلنا: إلا أنّا نقول أنه تجسّده
وحلّ فيه جميعاً، ولذلك سمّيناه هيكل الله ولم نسمّه([258])
جسد الله، لأن التجسد أوجب اتحاد الجوهرين والحلول لم يوجب اتحاد هذاـ أي التجسد
من الجوهرين بوحدانية المسيح إليه يضاف الجسد، والحلو لم يقُم منهما وحدانيةً
واحدةٌ، يضاف إليه الهيكل فتثبت([259])
إضافته إلى ساكنه أبداً.
أوَ لم يُفهم عنا ما أخبرناك به من أن
روح الإنسان إذ هي متجسّدة لبدنه، وبدنه إذ هو متنفّس بروحه، فأقاما بائتلافهما
وحدانية الإنسان قبل بدن الإنسان وروح الإنسان، لا بدنَ الروح ولا روحَ البدن. ولو
أن إنساناً سكن منزلاً لَما أقام هو والمنزل وحدانيةَ واحدٍ.
إليه يضاف المنزل أبداً، بل تثبت إضافة
المنزل إلى فلانٍ ساكنة خاصة لا إلى واحد قائم منه ومن المنزل.
كذلك إذ تجسّد الله الكلمة البشري فتأنس
هنالك الإله بالبشري وتألّه البشري بالإله وأقاما باتحادهما وحدانية المسيح، وأضيف
البشري والإله إلى المسيح الواحد المجتمع منهما.
فقيل للجسد المسيح وللاهوت([260])
لاهوت المسيح. فلم يقيما من ذلك الحلول مسيحاً واحداً يُضاف إليه بيت المسكن على
الإضافة إلى الله أبداً، فقيل مسكن الله أي هيكل لا مسكن المسيح.
ولسنا نقول من ذلك إلا ما// علمنا
المسيح واطلعنا على سرّه أن التثليث حلّ يه المسرة الكاملة، وذلك في قوله:"
أن أبي الحال فيَّ هو يفعل هذه الأفعال". ثم أتبع ذلك أيضاً بشهادة أخرى على
لسان عبده وحبيبه بولس الرسول إذ قال:" يسوع المسيح ذلك الذي حلّ فيه جميع
كمال اللاهوت". على أن الأقانيم الثلاثة تجسدت وأخذته معها، لأنه كان يسهل([261])
على نفسه أنه بلاهوته وناسوته ابن واحد لا أب واحد ولا روح واحد.
فلو أن الأب والروح أيضاً تجسداه وآخذاه
في خاصتهما كما حلا فيه، سمّى نفسه أيضاً في كير من المواضع أباً وروحاً. ولو كان
الحلول أوجب ما أوجب التجسد والاتحاد لم يكن بات([262])
يسمي نفسه ابناً أزلياً([263])
من أن يسمي نفسه أباً وروحاً لحلول الأب والروح فيه كما حلّ فيه الابن.
ولكن من ههنا يجب([264])
أن نعلم أنه ليس من قِبلَ حلول اللاهوت في الناسوت قامت([265]) وحدانية
بنوته، بل من قبل اختصاص الابن خاصة الناسوت بالتجسد والتوحيد([266])
من بينهما.
فلذلك قلنا جسد([267])
المسيح بلا جسد الله. وإذ لم تقم وحدانية المسيح من جهة الحلول سمي الهيكل هيكل
الله لا هيكل المسيح.
المسألة
الخامسة عشرة([268])
فإن قال: وكيف استقام مع زعمكم أنها
خواص واقانيم لا تباين بعضها بعضاً ولا إمكان المعرفة([269])
بينها، ثم كان حلولها في([270])..............................................
//.........................([271]).......................................................
([272])
العيون من بينها فتستضئ به الإبصار وتستعمله في التماس بغيتها من غير أن
يُحدث ذلك بينها فرقاً ما. بل ثم ترى حرارتها تأتلف من دواها([273])
بما يُطبَخ ويُخبز ويشوى([274])
بها من أن يُباين لذلك بعضها بعضاً.
وكذلك تفعل الشمس باختلاف خواصها من
غيبها([275])
ونورها وحرارتها، يأتلف نورها بالأبصار وحرّها السائر الأجسام بلا تباين لذلك
بعضها بعضاً، كذلك نجد([276])
النفس باختلاف خواصها من أصلية ذاتها وحاجتها وفكرتها، إذ هي ساكنه القلب من دون
الأعضاء كلها والمتجسدة([277])
مع القلب من خواصها للروية والفكر من دونها بلا تباينٍ ([278])
يجب لذلك بينها. والشاهد على ما وصفنا من اختلاف واتحاد الفكر من خواص النفس بذات
القلب.
الله يترأف قال، فهو الشاهد بذلك على
ألسن أوليائه كما ذكرنا في أعلى([279])
كتابنا، وكفى الله في الأمور كلها شهيداً.
فإذا أمكن في خواص الخلائق المحدثة
المخلوقة المحدودة أن يتحد بعها بعضاً([280]) ببعض
الأجسام بلا فرقةٍ تحدث لذلك منها، فذلك، في الخواص الأزلية المتعالية عن التباين
والتبغيض والتجزؤ([281])
والتحديد، أمكن وأوجب. ولم يأخذ المسيح جلّ ثناؤه ولم يتّحد، إذ وصف ناسوته مع
الله، الكلمة في بعض المواقف هيكلاً ومحلاً لأقانيم الأب والابن والروح القدس.
المسألة
السادسة عشرة ([282])
فإن قال: ولمَ، إذ تجسد الابن دون الأب
والروح، إلا تجسّد الأب والروح دون الابن.
الجواب قلنا: أنه إذ تجسد الابن بهذا
البشري وأخذه معه في بنوته فُسمّى النسبي مع الأزلي ابن الله الأب، لم تلزم الأب
شنعة([283])
ولا دخلت([284])
على الابن منه منقصة. فإنه قد كان لم يزل في سالف// الدهر يسمي أولياءه وأهل طاعته
بفضله وكرمه له أبناءً وأحباناً. فلم يزد ذلك تعظيمه ولا أهان بجوده وكرمه ولم
يستجز([285])
منذ قط أن يسمي أحداً من خلقه له أباً ولا روحاً.
فلو كان الأب جلّ ثناؤه تجسّد البشري
بدل الابن وأخذه معه في أبوته كما أخذه الابن معه في([286])
بنوته، إذاً لوجب على قياس ذلك أن يسمي البشري مع الأزلي أباً. فكان ذلك مستحيلاً
أن ينسب إلى بنوة الإنسان المخلوق الزمني ويوصف الإنسان الزمني بأبوة الأب في هذا
القول.
وكذلك أيضاً لو تجسد الروحُ لاستحق([287])
أن يُسمَّى معه روحَ القدس، وهذا اسم يتعالى عن أن تُسمّى به الأسماء المؤلفة
المركبة، ويستحيل أن يوصف في الأجساد المحدثة المكوّنة.
ولكن إذ أراد الأب عزّ جلاله أن يكمّل
جوده القديم على خلقه ويتمم نعمته السابقة على كافة بريته ويعلن للملائكة والناس
أجمعين ما([288])
كان أخفاه قدماً من سناء اسم أبوته، أتخذ بابنه الأزلي المولود منه جسداً من خلقه
وأخذه معه في بنوته وأوجب له لأهل جوهره من الملائكة والأنسٍ بذلك حظَّ أبوته
ليستحقوا بأجمعهم وراثةَ ذخائره النفسية الكريمة التي أعدّها لهم في ملكوته، فكان
اتخاذه الجسد لابنه دون نفسه وروحه أشكل([289])
بحكمته وعظمته وأولى بفضله ورأفته من اتخاذه له ولروحه.
المسألة
السابعة عشرة([290])
فغن قال قائل: وكيف لنا أن نعلم صدق ما
تدعون من تجسد الابن واتخاذه البشري معه في بنوته التي تصفون، وما السبيل إلى
المعرفة؟ فإن كان ذلك يبقي([291])
على ما تذكرون ولستم فيما تدّعون من ذلك بضالين([292])،فأتوا
ببرهان أن كنتم صادقين.
الجواب قلنا: نعلم ذلك من شهادة الله في
كتبه القديمة والحديثة، ثم شهادات المسيح من بعد في صنعائه دلائل([293])//
تدل على ذلك منه. فإن قرأت أبصرت وفهمت وان
عاينت([294])
علمت وأيقنت. أما من العتيقة فيقول الآب على لسان داود نبيه أي:" منذ قديم
آياتك أيها الصبي ولدت". وهذا بيّن واضح أن المسيح المولود باللاهوت قديماً
من الأب هو المقول أيضاً، إذ ألفي طفلاً مولوداً بناسوته من الأم. وان لم يتأول
قوله على هذا المعنى انه لا يكون صبيّاً طفلاً ناشئاً إلاّ من تأليف الأركان([295]) الأربعة،
على ما مضى من قولنا، وأنه المولود من الأب القديم مؤلفاً من الأركان الأربعة
المخلوقة المحدثة أصلاً.
ويقول داود أيضاً: " كرسيك اللهم
ثابت إلى دهر الداهرين. القضيب البسيط قضيب ملكك أحببت البر وأبغضت الآثم لذلك
مسحك الله ألهك بدهن الفرح أفضل من اخوتك" فأفهم تفسير هذا القول الشريف الذي
ينطق به النبي بالهام روح القدس آتاه على جوهري الابن في جهة واحدة، واخبرنا ان
المسيح الذي هو بلاهوته لم يزل إلهاً ثابتاً على مرتبة عظمته هو المسموح بناسوته
من روح القدس الذي خلقه ومجّده واظهره في العالم بصوت الناظرين على أفضل حال،
اصحابه، يعني الأنبياء والرسل المتقدمين من قبل ظهوره.
ويقول أشعيا: " لقد ولد لنا ولد
ووُهب لنا ابنٌ سلطانه على منكبه ويُدعى اسمه عجباً وإلهاً جباراً لعلمي([296])
مليك([297])
السلامة ليكثر سلطانه". فلا ترى هذا القول أيضاً كيف يوجب لاهوتَ الابن
وناسوته، إذ يخبر أن الذي هو بلاهوته إله جبار العالمين وخالق الأزمان وهو الابن
المولود بناسوته.
ويقول في موضع آخر: " هذه العذري
تحبل وتلد ابناً ويُدعى اسمه عمانوئيل وتفسيره معنا إلهنا"([298])،
أيي// محلُّ العذراء، إنما([299])
يمكن فيه الحبل والولادة من ناسوته المستخلصة من العذراء كما اخبرنا.
ويُدعى ألهتا معنا، غنما الهنا الأزلي
معنا بحلوله في هيكله الطاهر المأخوذ من جوهرنا المتقلّب في عشرتنا. وإلا فليس
بجائز ان تحبل العذراء بذات الهنا الأزلي، ولا إنسان مرسل يستحق أن يدعى الهنا
معنا، بل إنما وقع حبل العذراء وولادُها هذا الابنَ على خاصة أنسنة([300])
الهيكل المنحت من جوهرنا.
ووقع اسم الهنا عليه من قبل خاصة لاهوته
الزلية الحالّةِ([301])
في الجسد المتخذ من طبيعتنا وان كان لم يَعْرَ المتحد بنعمة من كل ماله من اسم
اللاهوت وذات الربوبية والملك والسلطان والقدرة من ساعة جبلهِ وأخذهِ معه على أبد
الآباد. وهذا ممّا في العتيقة من الشهادات على وحدانية الابن باتحاد جوهرية([302]).
فأما ما تتلو الحديثة من الشهادات على
ذلك فأكثر من أن يحصى([303])
ويُجمع في هذا الموضع. غير أنّا ناتي بما تخبر إن شاء الله ، ونبتدئ بما قاله
الأعمدة الأربعة مبشرو([304])
الحق الذين([305])،
ولو كانت الإنجيل في صدور مقالاتهم وما يستنتج كل واحد منهم قوله في نسبه وحاله،
فإن في ذلك بياناً ودلائل واضحة لأولي الألباب على ما أخبرنا من تجسد الإله
والإنسان في بنوة هذا الابن الوحيد الذي عليه أخبرنا.
يقول متّى في مبتدأ كلامه: " هذا
كتاب يسوع المسيح بن داود بن مريم بن إبراهيم"([306]).
وقال مرقوس:" هذا رأس إنجيل يسوع المسيح بن الله"([307]).
وقال لوقا:" أن([308])
لما صار الملاك إلى مريم ليبشرها بالحمل قال لها أن روح القدس تأتي وقوة العلي
عليك ولذلك الذي يولد منك بار طاهر([309])
وابن الله يدعى"([310]).
وقال يوحنا:" لم يزل كان الكلمة،
والكلمة كان عند الله والله هو الكلمة // هذا لم يزل لدى الله. وكلٌّ به خلُق
ودونه لم يكوَّن شيء ممّا كان"([311]).
ثم أجرى كلامه على نسقٍ واحد حتى سمّى
الكلمةَ يسوعَ المسيح أنه ابن الله. أفلا ترى متّى يشهد بأنه إنسان بناسوته من
جوهر الإنس من زرع داود من نسل إبراهيم، ويوحنا أنه أزلي قديم بلاهوته وهو خالق
كلٍّ وبه قوام كلٍّ وبيده ملكوت كلّ. ومارقوس ولوقا يشهدان اتحاد الأزلي والبشري
في بنوة واحدة ومسيحية واحدة. إذ أكملا القول فيه وسمّياه يسوع المسيح ابن الله.
فإن كان القوم صادقين فيما قالوا محقّين
فيما وصفوا، ومعاذ الله أن يكذبوا في اختلاف نعوتهم أياه في حالات واتفاق صفاتهم
في جهات انسيتّه المخلوقة من جوهر آدم من نسل إبراهيم وزرع داود. ويوحنا يبشر كما
سمعت عن ذات لاهوته القديمة من جوهر أبيه من طباع والده. ومارقوس ولوقا يكملان([312])
القول على وحدانية الابن وتجسد الجوهرين حين سميّاه يسوع المسيح ابن الله، وكلهم
يشهدون من بعد أنه المسيح ابن الله، إذ لم يشهدوا بذلك من تلقاء أنفسهم بل بروح القدس
الذي أوجب تحقيق قولهم لدى الحق أجمعين وقبول كتابهم بالآيات والعجائب التي أجرها
الله على أيديهم، هو الذي أجرى بهذه الأقاويل كلامهم([313]) وانطق
بهذه الشهادات ألسنتهم وقلمهم([314])
من بعد إلى ما جروا به من تقلبه وحالاته وصنائعه وأفاعيله الدالة على ذلك منه.
يقول متى: انه لما أخبر([315])
يبحث([316])
في طلب البي ليقتله،" تراءى([317])
ملاك الرب ليوسف في منامه وقال له: قم فخذ الصبي وأه اهربوا إلى مصر"([318]).
ثم يقول في مكان آخر: " لما دخل مدينة الجليل وأولت الشياطين وصاحت منه وجعلت
تصبح وتقول: ما لنا ولك يا يسوع// يا يسوع ابن لله جئت على ههنا قبل الوقت
لتهلكنا. فزجرهم ايسوع بكلمته وطردهم في أجواف الناس بأمره".
فمن ذا يستجيز ان يقول أن الجوهر الذي
يطرد الشياطين الروحانيين من أجواف الناس بكلمته[ هو] الذي هرب من هيرودس الضعيف
المهين بعينه وطباعه.
أوليس هذا بيّن لكل ذي لبّ أن الإله الذي
خضعت له الشياطين الروحانيون لكلمته هو الذي انشاها وخلقها بقدرته وقوته، أن الشخص
الذي هرب خوفاً من هيرودس أن يقتله هو البشري الذي أزر([319])
فيلاطوس من بعد في قتله وصلبه: وجميع الموصوفَين([320])
أُجريا وقيْلا([321])
على وجه واحد أي مسيح واحد وابن واحد.
ويقول متى أيضاً: انه اشبع سبعة آلاف
رجل من أربعة أرغفة شعير، وفي موضع آخر يقول أنه جع من صومه وسعى إلى شجرة تين
يبتغي فيها ما يداوي بها كلوم جوعه.
وهذا واضح أن الذي غلب سلطانُ الجوع على
طباعه ليس بالذات التي خلقتْ من أربعة ما أشبع به بطونَ الرف جائعة: وكلا الأمرين قيلا
في المسيح الواحد.
ويقول أنه دنا إلى ابنه يوارس وهي ميته
فقال لها آمراً/ أيتها الصبية قومي فقامت الصبية من ساعتها. وقال انه تضرّع في
الوقت الذي صار في أيدي قاتليه وقال: يا أبتاه أصرفْ عني هذا الكأس.
وهذا معروف أن الجوهر الذي يحيى الموتى
ليس بالجوهر الذي تضرّع به إلى خالقه ويحييه أن يصرف عنه كأس الموت بذاته وطباعه:
جميع العينين فُكّرا عن المسيح الواحد الابن الواحد.
ويقول مارقوس: أن يسوع كان نائماً في
السفينة وهبّت ريح كادت أن تُغرق السفينة// فأتى تلاميذه فأنبهوه. فلما انتبه من
نومه انتهر البحر بكلمته فهدّأه وسكنّه بأمره. فهذا بيّن أيضاً أن الجوهر الذي
خضعت الريح والبحر لكلمته ليس بالجوهر الذي كان في سنة النوم بعينه وطباعه: وجميع
الأمرين ذُكرا عن المسيح الواحد الابن الواحد.
ويقول لوقا: ملاك الرب تراءى للرعاة
وقال لهم:" إني أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع أهل العالم. لقد ولد لكم مخلص
وهو الرب المسيح في مدينة داود"([322]).
أفلا ترى كيف يخبر أن المسيح الذي هو رب
ومخلص بلاهوته هو المولد من جوهر آدم بذات ناسوته، وهو الطفل الناشئ في قامته
وتربيته المنعَم عليه فيما أوتى من علمه وحكمته. وإلا فليس بجائز أن يكون الرب
المخلص بجلاله وعظمته هو الطفل الناشئ قابل الحكمة والمزاد من النعمة من غيره([325])
يوماً فيوماً بذاته وجوهره: وكلا القولين قبلا في المسيح الواحد الابن الواحد.
ويقول يوحنا:" إن يسوع قال
لأوليائه أن العازر حبيبنا توفي وإني فَرحٌ إذ لم اكن هناك من أجلكم لتؤمنوا"([326]).
ويقول انه أتي موضعَ قبر العازر من بعد ما دفن بأربعة أيام وجعل يبكي وتسيل دموعه.
ثم انه دنا إلى باب القبر فرفع صوته
وقال: يا لعازر أخرجْ، فانبعث الميت بأمره وخرج من القبر حياً بكلمته. وهذا يبيّن
أن الإله الأزلي الذي لا يخلو منه موضع ولا ينتقل من مكان إلى مكان ويحيى الموتى([327])
أمر بفهم وسلطان([328])،
ليس البشري الذي فزع وبكى ومضّتْه// الأحزان، وكلا الوصفين ذُكراً([329])
عن المسيح الواحد الابن الواحد.
فهذا بعض ما يخبر الإنجيل من تقلّبه
وحالاته وصنائعه وأفاعيله الدالة على اختلاف جوهريّة ووحدانية بنوتّه. فلنذكر الآن
أقاويله التي كان يُحيل فيها على ذلك من حاله.
يقول يوحنا: " أن يسوع قال
لأوليائه: أنا صاعدون إلى اورشليم وابن البشر يُدفع إلى أيدي الخطاة فيها رويداً
ويُقتل ويُصلب وفي اليوم الثالث يقوم".
ويقول في موضع آخر أن يسوع قال ذات يوم
في مجمع من الناس:" أنا خبز الحياة الذي هبطتُ من السماء". ويقول في
موضع آخر انه لقي ذلك الذي وُلد من أبيه ضريراً من بعد ما فتح عينيه فقال
له:" أتؤمن أنت بابن الله. فقال له الرجل: ومن هو يا سيدي حتى أؤمن به. فقال
له المسيح: قد رأيته وهو الذي يناجيك ويكلمك".
فهذه الثلثة أقاويل قالها المسيح في
نفسه لا يُحمل منها شيء على معنى واحد وآخر سواه. فأي بيان أبين وشهادة أوضح من
بيانه جوهرية وانتحالهما في بنوةٍ واحدة من قوله: أنا البشري أُهانُ وأُذَلّ
وأُقتل وأُصلب وانبعث حياً، وأنا الخبز الذي هبطت من السماء، وأنا ابن الله حقّاً.
ويقول في مكان آخر: " أن يسوع قال
لجماعة اليهود أنكم تريدون قتلي وأنا رجل كلمتكم بالحق"([330]).
وفي مكان آخر يقول:" ان يسوع قال لليهود: أن إبراهيم أباكم كان يتمنّى ان يرى
يومي فرآه وفرح. قال له اليهود: وأنت لم تاتِ لك خمسون سنة بعد وقد عاينتَ
إبراهيم. أجابهم وقال: حقاً أقول لكم أني من قبل أن يكون إبراهيم قد منت أنا"([331]).
ويقول في موضع آخر: إن يسوع قال لجماعة
اليهود// أنكم إنما تريدون قتلي لما أخبرتكم إني ابن الله. فإن لم اعمل أعمال أبي
فلا تصدقوني". أفلا ترى انه يقول أني رجل بشري كلمتكم بالحق وأنتم تريدون
قتلي. وقد أخبر إنجيله من قبل أنه إنسان ولد من نسل إبراهيم بعد نيّف وأربعين
عقباً.
ثم يقول:" إني قد كنت من قبل
إبراهيم أبيكم الذي تمنّاني". ويقول أني الله وإنما أعمل أعمال أبي، أخلق كما
يخلق أبي. وكيف لا يكون صادقاً في قوله" أنا رجل بشري، وانا([332]) أٌقتل،
وانا قبل إبراهيم لم أزل، وأنا انا ابن الله حقاً، ألا والانسيّة المحدثة من
إبراهيم فيه ثابتة، واللاهوت القديمة خالقةُ إبراهيم فيه موجودةٌ، والبنوة الواحدة([333])
ناسوته ولاهوته شاملةٌ جامعة.
وهذا أيضاً بعض أقاويله التي كان يحيل
بها على جوهَرية وعلى وحديّة بنوّة قنومية، وقد وضع ذكر الله فيه هذا الابن من
جميع كتبه، ام أجزى الابن فيه ذكرَ نفسه، أم وصف فيه شيئاً من صناعه وأفاعيله([334])،
إلاّ وقد شرح فيه بدلالات واضحة وشهادات قاطعة في جوهرية المتوحدين وقنومية اللذين([335])
من لاهوته وناسوته.
المسألة
الثامنة عشرة([336])
فغن قال: وما معنى هذا الاتحاد والاتفاق
الذي زعمتم بين الإله والإنسان، وما مذهبكم فيه. اتعنون ان الإله والإنسان تركّبا
فقام منهما إنسان واحد غرهما، بشري واحد،ام اختلطا وامتزجا فصار منهما طباعاً
حادثاً غير اللذين([337])
كانا، كهذه النتائج الكوَّنة من بين الأجسام الهمازة المفسدة بعضهما([338])
بعضاً. فماذا تعنون، فأخبرونا.
الجواب قلنا: نعني بذلك انه، إذ اللهُ
الكلمةُ ذلك// البشريَّ له جسداً وهيكلاً ومحلاً، استحق البشري المتحمَل لذلك حقَّ
البنوّة وحظَّها مع المتجسد الآخر واستويا فيها جميعاً.
وهنالك أيضاً ساواه في كل ما ذكرنا من
ربوبيته وملكه وجميع سلطانه وجميع ماله، ما لم يمكن مساواته فيه من أزلية ذاته
وروحانية جوهر ذلك، من غير أن ينال الأزلَّي في شيء من ذلك مماسّةٌ أو تركيب أم
اختلاط أم امتزاج أم فساد أم شيء ممّا يجري من الأجسام المخلوقة من نتائجها
واستحالتها([339])،
بل أعلى([340])
وأرفع من كل ما أدركته الأوهام المحدثة المكونة.
فهذا مذهبنا في مائّية([341])
هذا الاتحاد والاتفاق من الإله والإنسان، ليس إلاّ.
[1])) أي لولا قول الكتاب
لما تنبهت العقول.
[2])) " لتقليد".
[3]))"
المتنقلة".
[4])) "
الداعيين".
[5])) " إلاها"
كاملاً"
[6])) نفس الحاشية السابقة.
[7]))نفس الحاشية السابقة.
[8])) " مقولين".
[9]))" إله".
[10]))" لاولياه
وانقياه".
[11])) في النسخة سهوا: ان
وفيتّم...
[12])) " أي".
[13])) أي معاني اللاهوت،
والكلمة مستعملة هنا مذكراً ومؤنثاً في الجملة نفسها.
[14])) " جوهر واحد
كامل" في النسخة.
[15])) تسما
[16])). في النسخة"
حملت".
[17])) في النص "
بثلثة". .
[18])) في النص" جوهر
واحد عام شامل".
[19])) "
فذلط"
[20]))" بصير"
[21])) " إله واحد عام
شامل".
[22])) " جوهر كامل
خاص".
[23])) "
يصيرونها".
[24])) جوهر كامل "
[25])) " عام كان أم
خاص"؟
[26])) نفس الحاشية السابقة.
[27])) " جوهر".
[28])) نفس الحاشية السابقة.
[30])) يبدأ هنا الاضطراب في
ترقيم المسائل، وقد جاء في أعلى هذه الصفحة، ولكن بخط مختلف " لمسألة
التاسعة"، وهذا غلط كما يشهد بذلك تتابع المعنى وكما تشهد مخطوطة الشرفة التي
تلحق هذه الصفحة بالمسألة الثامنة.
[31])) " ثلاث".
[32])) " كان".
[33])) " جزوية".
[34])) " التجزي".
[35])) أي"
لاسماء".
[36])) " التجزي".
[37])) " التجزي"
[38])) أي:"
لوجود".
[40])) كلمتان أو ثلاث ممحوة
هنا، أما المعنى فمفترض هكذا: آجرينا اسم الجوهر العام على الذات...
[41])) كلمتان ممحوتان.
[42])) " نسميها".
[43])) "أعلا".
[44])) " تسما".
[45])) " تسما".
[46])) أو"
ينعتها" ، أي الله في كتبه.
[47])) كلمة ممحوة.
[48])) أن ما يلي في المخطوطة لا يتصل بهذه المسألة.
نفترض هنا نقصاً في المخطوطة الأصلية.
[49])) هذه المسألة ناقصة في
مخطوطة لندن وقد أخذناها عن مخطوطة الشرفة العربية، عدد4/5 لأبي الصفي ابن العسال،
وهي مختصر لما ورد في نص عمار البصري
[50])) ست سطور بيضاء.
[51])) ست سطور بيضاء.
[52])) ست سطور بيضاء.
[53])) ثلاث كلمات ناقصة،
ونفترض أنها" ولا إرادة غير".
[54])) هذه الجملة هي من ابن
العسال لا من عمار البصري الذي عاش قبل يحيى بن عدي.. بهذه الجملة تنتهي المقالة
الثالثة حسب ابن العسال.
[55])) هذا العنوان مأخوذ عن
مختصر الصفي ابن العسال في مخطوطة الشرفة، وهو ناقص في مخطوطة لندن، ولكن هذه تشير
في بدء" كتاب المسائل والأجوبة"، صفحة 44 أعلاه، أن الجزء الأول من
الكتاب هو بثلاث مقالات، ولكن الأصح هو ما ورد في كتاب" مصباح الظلمة"
لأبي البركات الذي يقسم كتاب " المسائل والأجوبة" إلى أربعة مقالات
ويحسب المقالة الرابعة 51 مسألة، وهذا ما اعتمدناه.
[56])) المسائل ناقصة في
أولها في مخطوطة لندن، وقد بدلت أرقامها يد خطاط مستحدث، لقد استعدنا ترقيمها
القديم وافترضنا أن الصفحة التالية هي ما سلم من المقالة الأولى، وافترضنا أيضاً
أن المسألة الثانية تبتدئ عند السؤال: "فإن قال...." ، ولو لم يرد ذلك
في النسخة، ورقة 86 يميناً.ومواضيع هذه المقالة الرابعة أو الجزء الثاني هي في
التجسد والاتحاد والموت والبعث، والخط مختلف عما سبق، فالريشة أرق وبعض حروف
الكتابة غير السابق واللاحق من المخطوطة، ولكن الخطاط هو نفسه على ما نظن.
[57])) كلمة أو كلمتان
مطموستان. وفي أعلى الصفحة زيد بالخط المستحدث غلطاً:" المسألة
العاشرة"، والخط مختلف عما سبق.
[58])) قراءة غير مكفولة
تماماً.
[59])) كل مرة تعرض كلمة
اتحاد أو مشتقاتها يكتبها الناسخ مع الياء: إيتحاد، ايتحدا...
[60])) " الدين".
[61])) كل مرة تعرض كلمة
اتحاد أو مشتقاتها يكتبها الناسخ مع الياء: إيتحاد، ايتحدا...
[62])) " التنية".
[63])) قراءة غير
مضمونة:" العابر" في النسخة.
[64])) في النص "
وحدانية".
[65])) نعتقد أن هنا
بدء" المسألة الثانية" ولو لم يرد هكذا في النص.
[66])) أغلب الأحيان يكتب
الناسخ" هوا".
[67])) كل مرة تعرض كل اتحاد
او مشتقاتها يكتبها الناسخ مع الياء: ايتحادا، ايتحدا...
[68])) في النسخة"
وإله".
[69])) " نما"
تقديراً، وفي النسخة" محا" أو" نحا".
[70])) " أزلي" قد
يكون فهمنا للجملة على هذا التقطيع غير صحيح.
[71])) أي لا جمرة ولا
سراجاً.
[72])) هكذا، أي" في
قدم".
[73])) وفي الترقيم
الحديث" المسألة الحادية عشر".
[74])) في النسخة"
موتحدين".
[75])) أة"
الاثنينية".
[77])) أة"
الاثنينية".
[78])) أة"
الاثنينية".
[79])) " يكون".
[80])) " مسيحياً"
في الهامش، أي ان الجوهر الأزلي لم يكن قبل اتحاده بالبشري المخلوق يدعى مسيحاً .
[81])) " لما
جبل".
[82] )) هنا كلمتان:"
خلقنا شياً" لا سبيل إلى أدراك مفهومهما في سياق الحديث، لعلها" خلقاً
سوياً".
[83] )) في النسخة:"
ايتحد" . وتقطيع الجملة حسب ما صنعنا هو تقريبي.
[84])) في النسخة"
الانبيا" وهي دون شك" الاثنية" استناداً إلى ما ورد أدناه.
[85])) " ايتحدا".
[92])) "
الايتحاد"، " ايتحاداً"، " بالاتحاد".
[93])) هكذا، وقد كون
الأصل:" ولم يزل الطباعان على ذاتيهما"، الجملة مضطربة جداً بسبب الناسخ
الذي أسقط دون شك بعض ما فيها إما لعدم فهمه وإما بمحاولة منه لتعديل محتواها
الأسطوري، والمعنى العام ظاهر برغم الاضطراب، وهو من العقيدة النسطورية الصرف.
[94])) " المسألة
الثانية عشر" في الترقيم المتأخر.
[95])) " تبقوه"
في النص.
[96])) " ترباء".
[97])) " أمسفر"
في النص، ولعلها في الأصل" انبعث".
[98])) في النص"
مزوجاته".
[99])) كلمة"
اتحاد" مكتوبة دائماً " ايتحاد".
[100])) جوهراً ولا قنوماً
ولا عرضاً، هكذا في النص، يعني: " لا جوهراً ولا...".
[101])) كلمة"
اتحاد" مكتوبة دائماً " ايتحاد".
[102])) " الجوهران
قائمان" في النص.
[103])) في النسخة:"
لاهوتي وناسوتي".
[104])) المسيح ابن
الله"، قراءة تقريبية، فالكلمات هنا تكاد تكون ممحوة تماماً.
[105])) " ترباء".
[106])) المسألة الثالثة عشر
في الترقيم المزاد.
[107])) نفس الحاشية السابقة.
[109])) نفس الحاشية السابقة.
[110])) نفس الحاشية السابقة.
[111])) اتحد، اتحاد، مكتوبة" ايتحد"، "
ايتحاد".
[112])) نفس الحاشية السابقة.
[113])) أي أن الاقنوم البشري
شارك الأزلى في بنوته الألهية، فهو ابن الله، ولكن الاقنوم الإلهي لم يشارك البشري
في بنوته البشرية، فلم يصح إذاً أن يقال أنه ابن مريم. وهذه هي العقيدة النسطورية.
[114])) نفس الحاشية السابقة.
[115])) في النص"
ويحيدها".
[116])) " عباده
ومحاراً"
[117])) "
الاتحاد".
[118])) " المسألة
الرابعة عشر".
[119])) "
الاتحاد".
[120])) " سوى" أي
هو " غير"
[121])) نفس الحاشية السابقة.
[122])) نفس الحاشية السابقة.
[123])) أو: من .
[124])) " حبه" في
النسخة: حبة؟ جثة؟ جثة؟.
[125])) " مايية".
[126])) طبيعتها".
[128])) " فكان جبلته
وايتاحده".
[129])) في النص الحالي:
المسألة السابعة ممحوة ومكتوب فوقها بخط مختلف" الخامسة عشر".
[130])) " المتحد"
هكذا. وقد تكون " المتخذ".
[131])) أي أنتم أنفسكم
ألزمتم الأزلي بخاصة الولادة حديثاً منها.
[132])) " المتحد"
هكذا. وقد تكون " المتخذ".
[133])) في النص"
والاتساد" ولعلها" الانقياد".
[134])) " أنا" في
النسخة.
[135])) أو"
ونسبها".
[136])) أي أبي أن يستبد...
أو يحصر في نفسه ما له من الربوبية ألخ. والجملة مضطربة.
[137])) أو" كما
له".
[138])) كذا. وقد يعني بها
الأزر أي القوة.
[139])) ينكر، أي يتنكر لها؟
أو تنكرّ؟ في النص:" تنكر".
[140])) في النسخة يوجد
فقط" أد" ، وهنا لا شك كلمة ناقصة: والمعنى أنه إذا كان الابن الأزلي لا
يدعى من بعد الاتحاد أبناً دون الاقنوم البشري، فكم بالحري لا يستحق الاقنوم
البشري وحده أن يدعى ابناً دون الأزلي. إذ أن صفة الابن تجري على الاثنين المتحدين
في المسيح الواحد.
[141])) " المتخذ"
في النسخة.
[142])) في النص" لم
يجوز".
[144])) "
الموتحدة".
[145])) قد يكون المعني: ولا
يدعى للأب الذي ولده أبناً
[146])) نفس الحاشية السابقة.
[147])) وفي النسخة"
لأنفسهم".
[148])) الجملة مضطربة غامضة.
[149])) في النص:" حروي
حبه" جزوي أي جزئي. أما الكلمة الثانية فيمكن أن تكون " حبة". أي
نواة، أو جثة أي شخص الإنسان، أو جبة وهي مستعملة أدناه.
[150])) الاهوت.
[151])) كذا. كلمة "
لا" الأولى ساقطة من النسخة.
[152])) في النص"
التاده" هل هي" البائنة" أم النائية" أم "
الثانية"؟
[158])) لا سبيل إلى فهم
تركيب هذه الجملة.
[159])) في الترقيم الحالي:
المسألة السادسة عشر.
[160])) في النص"
وسأتقدم قياساً نا سينين".
[161])) وفي النص"
كاملاً".
[162])) " بدي".
[163])) " وقتاً".
[164])) في النص" اسيراً
واندا".
[165])) "
لمقاومت".
[166])) في النص"
السبب".
[167])) " وإن".
[168])) " تبنته".
[169])) كذا ولعلهت"
راجح".
[170])) "
والاضاد".
[171]))" حيث".
[172])) " رزينة"
هنا يقصد بها ثقيلة.
[173])) كذا ولعلها"
أجلى".
[174]))" الذين".
[175]))" ولدا" ،
هكذا.
[176])) كذا نقرأ الكلمة وقد
كثرت فوقها وتحتها النقاط.
[177])) " فا" في
النص.
[178])) في النص:"
يصرون".
[179]))" حيياً".
[180])) جزواً".
[181]))" فسيبين".
[186])) في النص"
أقل" ، ولعلها " نقول".
[187])) في النص "
ابن". قد يكون المعنى: لا نقول أن لاهوت ربنا هي بنسبة الروح من البدن، لأنها
تعلو الأمور الحادثة، بل نقول...
[188])) " وترباء".
[189])) إنما، أو أنما، او
نما.
[190])) " وقنومين"
في النص.
[191])) في الترقيم الحالي:
المسألة السابعة عشر.
[192])) في النص: :" فكم
عميم".
[193])) "
الولادات".
[194])) "
بالاهوته".
[195]))" بدو".
[196])) " فهذه".
[197])) " ذلك".
[198])) في الترقيم الحالي:
المسألة الثامنة عشر.
[199])) الاتحاد، تكتب دوماً
الاتحاد.
[200])) في النص: "
ولا".
[201])) الاتحاد، تكتب دوماً
الاتحاد.
[202])) " ابنحت"
في النص.
[203])) "ثم صور من صلب
أبيك" ، يوجد خلل ونقص في الجملة.
[204])) " هوى
بنية" ، كلمة" بنية" غير أكيدة.
[205])) قد يعني"
الولاّدة" والجملة مضطربة التعبير على رغم وضوح المعنى العام، أي بنوة البدن
من قبل الولادة وبنوة النفس لاتحادها بالبدن.
[206])) " كلى".
[207])) الاتحاد، تكتب دوماً
الاتحاد.
[208])) " المسألة
التاسعة عشر" في الترقيم الحالي المحدث.
[209])) " الأزلي"
في النص.
[210])) إشارة إلى خلق الشمس
في اليوم الرابع للتكوين.
[211])) " أو يحده"
، "أو يتحده"، كذا في النص.
[212])) " يحواه".
[213]))" الطاهر".
[214])) "
باليبوسة" في النص.
[215])) الجواب على لمسألة
هذه ناقص، والدليل هو الصفحة التالية 93A التي بقيت بيضاء. وقد
زيدت في أدنى هذه الصفحة بنفس الخط المحدث الذي بدل ترقيم المسائل هذه الكلمات:"
تم كملت المقالة الثالثة بعون الله تعالى".
[216])) في أعلى الصفحة بالخط
المحدث نفسه: " بسم الأب والابن والروح القدس إلاله الواحد له المجد دائماً،
تبتدي بعون الله تعالى وحسن إرشاده تسع مسائل وأجوبة في الديانة المسيحية في
التجسد. المسألة الأولى". وبالحقيقة هي المسألة الثانية عشر من الكتاب
والمقالة نفسها. المسألة ناقصة. ولكن من هنا بدء الجواب عليها.
[217])) أي ويستثني الله فلا
يضاف الجسد إلى الله.
[218])) منها.
[219])) في النص: يلج، وهي
ملح او يملح أي يصير ملحاً.
[220])) أي صار عقداً عقداً.
[221])) ألفه، أو ألّفه، أو
آلفه.
[222])) نفس الحاشية السابقة.
[223] )) في النص: وليوجده.
[224])) جملة مضطربة.
[225])) كذا، ولعلها"
حرير" أو " خز"؟
[226])) أو" "
عين".
[227])) جملة مضطربة.
[228])) " تسميه".
[229])) الاثنينية، او
الاثنية، وفي النص:" وألقي عدد
الآنسة" .
[230])) " فدفعوا".
[231])) " أبحاث" ،
هكذا.
[232])) في النص: "
والنفس".
[233])) " عن" في
النص.
[234])) "
والأزلي".
[235])) " أبحاث"،
هكذا.
[236])) "
تعطيلها".
[237])) "
وليخبرونا".
[238])) "
المجبال".
[239])) " أعلا".
[241])) كلمات لا يقرأ فيها
أكيداً إلا" من"، وهي هكذا، :" يودف من بعد كر الميح".
[242])) " إله" في
النص.
[243])) في النص: "
أفليس" مما يعكس المعنى تماماً. والأصح هو" ليس".
[244])) الإنسان"
المبرهم" أي أسحق بن إبراهيم، وهي من بديعيات عمار العديدة.
[245])) هنا يوجد كلمة"
فمريم"، ولا محل لها في سياق الحديث.
[246])) كذا.
[247])) كذا.
[248]) ) في النص:"
لأن".
[249]) ) متى 1: 1، 2: 1.
[250]) ) لوقا 2: 11.
[251]) ) استجريتم، أي تجراتم.
[252]) ) " المسألة
الثانية" في الترقيم المحدث.
[253]) ) أي: ما عليه، وما
شأنكم أنتم، إذا أراد هو ان يكون ذلك البشري جسداً أبدياً له؟
[254])) في النص: "
لابلغني"، " صورة " بمعنى" صيرورة".
[255])) " نسمى" أو
" تسمى" أو " يسمى".
[256])) في النص:" فلم
يقضي أرادة".
[257])) " المسألة
الثالثة" في الترقيم المحدث.
[258])) " تسميه".
[259])) أو "
فتثبت".
[260])) "
واللاهوت".
[261])) كذا، ولعلها"
يشهد".
[262])) في النص"
بإن" أي بعد.
[263])) " أزلي".
[264])) " نجو".
[265])) " قامة".
[266])) في النص:"
والتاحيد".
[267])) في النص:"
فليتأخذ".
[268])) " المسألة
الرابعة" في الترقيم المحدث.
[269])) كذا.
[270])) تنتهي الصفحة هنا في
نصف السطر. وقد كتب في أـسفلها بالخط الذي حور ترقيم المسائل القديم، هكذا: "
كملت الأربعة مسائل". وتعقبها صفحة بيضاء.
[271])) في أعلى الصفحة بالخط
المحدث نفسه:" مسائل وأجوبة بدلائل واضحة من الأربعة أناجيل غيرهم- المسألة
الأولى".
[272])) أن ما يلي هو ما سلم
من الجواب على المسألة الخامسة عشر.
[273])) كذا.
[274])) " ويشوا".
[275])) " غيها".
[276])) " يحد".
[279])) “
" اعلا" والجملة مضطربة.
[280])) فعل اتحد يستعمله عمار البصري كعادته في بعض
الأفعال بمعنى اللازم والمتعدي بنفس الوقت.
[281])) " التجزيء".
[282])) سلمت هذه المسألة
وحدها من تحريف رقمها، نلاحظ أنه عوض" المسألة" يوجد هنا"
المقالة".
[283])) " شبعة".
[284])) " دجلب".
[285])) " يستجر".
[286])) " في"
ناقصة في النص.
[287])) " لا
يستحق".
[288])) " ما"
ناقصة في النص ولولاها ما استقام المعنى.
[289]))" أشكل" أي
أشبه وهي من مفردات عمار البصرى.
[290])) لمسألة الثانية في
الترقيم المحدث.
[291])) " يبقا".
[292])) "
بمنظلين"، قرأناها بضالين، ولعلها" بمنظلين".
[293])) في النص "
وأويل" افترضاها" دلائل".
[294])) " عينت".
في النص.
[295])) " الأركان"
مرة ثانية.
[296])) هكذا.
[297])) " عليك".
[298])) اشعيا 7: 14.
[299])) " نما" في
النص.
[300])) في الننص:"
ألسنة" هكذا.
[301])) " الحال".
[302])) في النص: "
جوهره".
[303])) " يحصا".
[304])) " مبشري".
[305])) كذا، ولا بد من ان
تكون كلمة قد سقطت.
[306])) متى1: 1.
[307])) " مرقص 1: 1.
[308])) " أنا".
[309])) " باراً
طاهراً".
[310])) يدعى، النص في لوقا
1: 35.
[311])) يوحا : 1-2.
[312])) " كملان".
[313])) " فلامهم".
[314]))" وقلمهم"
قراءة غير مضمونة البتة.
[315])) " لما أحب"
في النص او" لما أخذ" . ولا شك في أن الجملة ناقصة، وأصلها: لما أخبر
هيرودوس بميلاد يسوع...
[316])) في النص:"
يتجب".
[317])) " ترااء".
[318])) متى 2: 13.
[319])) " ارر".
[320])) أي كلا الموصوفَين.
[321])) " احربا
وقتلا".
[322])) لوقا 2: 10-11
[323])) " ينشوا".
[324])) لوقا 2: 52.
[325])) " من غير"
فقط في النص، أي من" الغير".
[326])) يوحنا 11: 14.
[327])) " الموتا".
[328])) قد يكون: ويحيى أمره
الموتى يفهم وسلطان.
[329])) " ذكر".
[330])) يوحنا 7: 17-19.
[331])) يوحنا 8: 56-59.
[332])) " وما" في
النص.
[333])) أي الموحدة، او
" الواحدة في...".
[334])) " وفاعليه"
في النص.
[335])) " الذي".
[336])) وهي الثالثة في
الترقيم المحدث.
[337])) " الذين".
[338])) " وبعضها"
في النص.
[339])) "
واستحالها".
[340])) " اعلا".
توفي أمين نايف رحمه الله في 15 حزيران 2006
مواقع مخصصة لأمين نايف
- تعريف أمين نايف ذياب في الويكيبديا
- صفحة محبو الشيخ أمين نايف ذياب - على الفيسبوك
- صفحة شخصية على الفيسبوك لإحياء ذكرى أمين نايف
سلسلة جدل الأفكار
- تعريف بسلسلة جدل الأفكار
- القضاء والقدر بمفهوم المعتزلة المعاصرة
- المسيحية 1
- المسيحية 2
- جدل الأفكار 2 -- قراءة بفكر السلفية
- عقول 2
- عقول 3
- جدل الأفكار 4 - حوار بالصحافة (لم ينشر)
- جدل الأفكار 9 - عن قضية العراق
- مقال له قصة - تكملة جدل الأفكار 9
- جدل الأفكار 10 - عن المرأة كامل من ناحية مناقشة موضوع المرأة بوجهة نظر المفكر أمين نايف ذياب بقي منه فقط قاموس النساء
- جدل الأفكار 11 - مع مفاهيم القومية العربية
- جدل الأفكار 12 - جدل مع فكر الأشعرية
- جدل الأفكار 14 - يتناول الخطاب النقدي عند المعتزلة
- جدل الأفكار 19 - جدل مع الديموقراطية الليبرالية الغربية
- جدل الأفكار 22 - قراءة لوثائق أمريكية سياسية
- جدل الأفكار 23 - مناقشة لكتاب حمل الدعوة واجبات وصفات
- في رثاء أمين
- جدل الأفكار
- جدل مع الديموقراطية الليبرالية الغربية
- المعتزلة - الجزء 1 - تمهيد
- المعتزلة الجزء 2 التأسيس
- المعتزلة الجزء 3 - الشخصيات
- المعتزلة الجزء 4 - المبادئ والأفكار
- المعتزلة - الجزء 5 - رد شبهات حول المعتزلة
- المعتزلة الجزء 6 - الخلاصة
- تاريخ المنسي - 1
- تاريخ المنسي -
- 2
http://mohammed-thiab.blogspot.fr/p/blog-page_24.html
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire