علماء الوراثة يكشفون: أصل الإنسانية تنحدر من الجزيرة العربية
عبد الله بن عالي-باريس
"نحن جميعا عرب!، إنه الاكتشاف المجلجل
الذي توصل إليه مؤخرا علماء الوراثة البشرية، وسواء أحبت مارين لوبين
(زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا) وكلود غيان (وزير الداخلية الفرنسي المعروف
بمواقفه المناهضة للهجرة) هذا الأمر أو كرهاه، فإننا جميعا أيا كنا،
فرنسيين أو أميركيين أو صينيين، من الأسكيمو أو من قبائل البابو
(بأندونسيا)، ننحدر من أسلاف مشتركين جاؤوا من شبه الجزيرة العربية".
بهذه الجمل بدأ الصحفي العلمي فريدريك لوينو مقالا نشره في العدد الأخير من أسبوعية "لوبوان" الفرنسية.
وقد استند الكاتب في نصه الذي حمل عنوان
"تاريخ الإنسان: نحن جميعا عرب!" إلى دراسة أنجزها باحثون من جامعتي ليدز
البريطانية وبورتو البرتغالية، ونشرت خلاصاتها في المجلة الأميركية لعلم
الوراثة.
ويضيف لوينو، المعروف بأسلوبه السلس في
معالجة المواضيع العلمية، أن هؤلاء المختصين في علم وراثة الأجناس البشرية
القديمة، توصلوا إلى هذا "السبق الخبري" بعد أن اقتطفوا اعترافات مخبر يسمى
"الميتوكوندريا" وهو عبارة عن عضية صغيرة تقوم بوظيفة مولد الطاقة في
الخلايا البشرية وتملك حامضا نوويا متميزا.
ويشرح الصحفي الفرنسي أن هذه العضية تتحول
تحولا مشابها لتحول الكروموسومات، منوها بأن علماء الوراثة "حينما يلاحظون
تحولا متطابقا لها لدى شعبين مختلفين، فإنهم يخلصون إلى أن هذين الشعبين
يتقاسمان ماضيا مشتركا".
واستطرد لوينو "عندما قارن هؤلاء الباحثون
بين عينات من الحمض النووي الميتوكوندري المأخوذ من مئات الأشخاص عبر
العالم وعينات أخذت من داخل الجزيرة العربية وصلوا إلى نتيجة مفادها أن كل
البشر، باستثناء الأفارقة، قطنوا -على نحو محقق- في شبه الجزيرة العربية
آلاف السنين".
كتابة التاريخ
ويرى الكاتب أن نتائج هذه الدراسة العلمية
من شأنها أن تقود إلى إعادة كتابة تاريخ الإنسانية، مذكرا بأن أكبر خبراء
الهجرات البشرية كانوا إلى حد الآن، يرجحون الفرضية القائلة بأن الإنسان
العاقل -الذي برز إلى الوجود منذ حوالي 200 ألف سنة في شرق أفريقيا- انطلق
من شمال أفريقيا أو من الشرق الأوسط لتعمير بقية أنحاء الكرة الأرضية.
إلا أنه يتعين الآن -حسب لوينو- تصحيح هذه
النظرية والقول بأن أولى المجموعات البشرية تكاثرت في القارة السمراء ثم
عبرت إحداها البحر الأحمر، منذ 100 ألف سنة تقريبا، لتستقر في الجزيرة
العربية آلاف السنين، مستفيدة من المناخ الرطب للمنطقة التي كانت آنذاك
"فردوسا أرضيا يتكون من مروج شاسعة".
و يوضح الصحفي العلمي أن هذه المجموعة
البشرية، بعد أن أقامت ردحا طويلا من الزمن في جزيرة العرب، انطلقت متشعبة
لتعمير بقية أنحاء الأرض. فسلك جزء منها طريق جنوب شرق آسيا لينتهي به
المطاف في أستراليا. في حين فضّل قوم آخرون التوجه شرقا حتى وصلوا اليابان.
واختار فريق آخر أن يولي وجهه شطر الشمال، فحل بالشرق الأوسط قبل أن يطأ أوروبا منذ حوالي 40 ألف سنة.
وحسب ما أوردته المجلة، فإن أميركا كانت آخر القارات التي غزاها الإنسان، إذ لم يصل إليها إلا منذ نحو 15 ألف أو 20 ألف سنة.
ويكشف الكاتب أن استنطاق علماء من جامعة
بنسيلفانيا الأميركية مؤخرا للمخبر الجيني، أفاد أن الهنود الحمر وصلوا
آنذاك إلى أميركا الشمالية بعد أن عبروا مضيق بيرينغ قادمين من إقليم آلتاي
الذي يشكل اليوم منطقة تماس بين روسيا ومنغوليا والصين وكازاخستان، "لهذا
فنحن جميعا عرب وبها فخورون"، على حد تعبير لوينو.
الجزيرة نت
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire