jeudi 25 septembre 2014

قراءة كتاب الفريضة الخامسة لـ على شريعتى




جولة مع علي شريعتي في رحلة الحج


الفريضة الخامسة
الفريضة الخامسة
للكاتب: على شريعتى
من قسم: كتب دينية
عن هذا الكتاب: كتاب  الفريضة الخامسة  هوكتاب  يتحدث عن  الحج بل  هو  أفضل كتاب   على  الاطلاق تحدث فى  هذا الموضوع  حيث أنه  يصف  لك  التجربة  بصورة  شعرية تجعلك  ترتقى بروحانيتك  وتتلهف على هذه العبادة  التى هى ركن  من  أركان  الاسلام يحلل على شريعتى  شعور  الفرد  المسلم  وهو  أمام  الكعبة  ومدى قربه  من  الله   وذوبانه فى جموع  المسلمين المتضرعين  لله  فى  هذه الايام  الكريمة ببساطة  سيجعلك هذا الكتاب ترتقى روحانيا  و إيمانيا وستعيد قرآته العديد من  المرات
الحج هو عملية ارتقاء الإنسان نحو الله، وأداء شعائر الحج كما يرى مؤلف هذا الكتاب هو عرض لقصة الخلق وهو عرض للتاريخ وهو عرض للوحدة وهو عرض لعقيدة الإسلام وأخيراً هو عرض للأمة. والإنسان المسلم هو بطل هذا العرض الذي يدعى المسلمون إلى المشاركة فيه كل عام. ولقد حاول أعداء الإسلام من خلال الحملات التي يشنونها عليه أن يقللوا من قيمة هذا الركن وأن يتهموه بأنه لا يحترم عقلية الإنسان وكيانه وحقوق كإنسان وجعلوا من فريضة هامشية.

في هذا الكتاب يرد الدكتور علي شريعتي على هؤلاء ويفند ادعاءاتهم مبيناً عمق المعاني التي يتضمنها الحج ويبسط هذه المعاني من تجربته الخاصة وهو هنا يصطحبك في رحلة الحج التي ترتقي بها الروح فوق الماديات لتوحيد الله.







جولة مع علي شريعتي في رحلة الحج

عبد العزيز العرادي
منهج المفكر علي شريعتي أن بحوثه عبر مداخل مميزة تتناسب وطبيعة الموضوع الذي يريد تسليط الضوء عليه وتلائم أهميته. وغالباً ما تجدها ذات أبعاد فلسفية واجتماعية عميقة. ومن نتاجه القيم الذي صدر ضمن مجموعة الأعمال الكاملة يأتي كتابه: الحج.. الفريضة الخامسة. يعكس هذا الكتاب التجربة الذاتية الحية لعلي شريعتي في أجواء الحج ومضامينه بعد أن وفق أربع مرات لزيارة العتبات المقدسة (ثلاث عمرات وحج واحد).
وقد لفت شريعتي في مقدمة هذا الكتاب إلى ضرورة أن يوضع هذا البحث في إطاره وموضعه الصحيحين، فهو ليس كتاباً لمعرفة الحلال والحرام أو "ما الذي يجب عليك أن تفعله في الحج، فهذا الغرض يمكن تحصيله بالرجوع لأي كتاب من كتب المناسك". وإنما "الذي أريده هو أن أشركك معي في المعاني التي تجسدت لي من تلك المناسك، والتي ستعينك على أن تفهم الحكمة التي من أجلها شرّع الله الحج، أو على الأقل تدفعك للتفكير في تلك المناسك".
ارتداء الفراء مقلوبا
قد لا يكون المفكر علي شريعتي أوّل من تعرض لدلالة الكلمة المنسوبة للإمام علي: "لبس الإسلام لبس الفرو مقلوبا"، فقد طرحها رفيقه الشيخ مرتضى المطهري في إحدى أعماله، ولكن الأخير لم يتعرض لها بمستوى الإيغال الذي خاض به فيه شريعتي، ولم يخضعها لتحليل شمولي كما فعل الأخير؛ بصرف النظر عن حقانية ما ذهب إليه.
الكلمة تشير إلى التزيي بالإسلام بطريقة مقلوبة، وتشبيه الإسلام بمثابة الزي الذي يلبسه المسلمون، وفيه مغزى لجهة الاستعارة. فالفراء لباس داخله الدفء والحماية إذا ما لاصق البدن، وخارجه ليس كذلك. تلك كانت الدلالة المباشرة في استنطاق مطهري، أي أن المسلمين بدلاً من التوفر على مميزات الإسلام بتطبيقه الصحيح اتخذوه بالعكس، فليس يرجى لهم ما التحصن والحماية. شريعتي لم يكن ليكتفي بالدلالة المباشرة أو شبه المباشرة للكلمة المأثورة، وإنما اتخذها مثاراً لفكرة ستضيء موضوعه وستثور معانيه تماماً، وهو ما يلتقي ونظرته للحج، ومن هنا مغزى إيرادها ابتداءً. يرى شريعتي بحسب تتبعه لتاريخ الأديان أنه توصّل لبعض النتائج، وبالقدر نفسه استطاع أن يستشرف "المقارنة التي توضّح أوجه الاختلاف بين العقيدة في حقيقتها وواقعها".
ومن النتائج التي توصل لها شريعتي: بأنه لا يعرف رسالة أو ديناً من الأديان السابقة قد تعرّض لحملات الإفساد ومحاولات التحريف إلى ما يناقض طبيعته الحقيقية كما تعرضت له دعوة النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم! يعترف شريعتي نفسه أن هذه النتيجة قد لا يوافقه عليها القارئ، ولكنه يعود ليؤكد صحة رأيه، إذ يرى أنه "يجب قياس انحراف أية حقيقة بالنظر إلى ماضي تلك الحقيقة ورسم مؤشر يبين وضعها الحالي، وما كانت عليه عند نقطة البدء". من هنا يكون وقع الكلمة المأثورة كبيراً عند شريعتي، إذ تلقاها على أنها اختزلت جميع "ما أراد التعبير عنه متخصصو العلوم الإسلامية والعلوم الاجتماعية، وما طرحوه من تحليل علمي لتاريخ الإسلام وما أعدوه من كتب ومؤتمرات مطوّلة، وما قاموا به من مقارنات بين الحقيقة الأولى للإسلام وواقعه الفعلي ورسالته البنّاءة". فالإسلام الأول - عند شريعتي - كان أجمل رسالة ودعوة، ولكنه "أصبح في سير أتباعه التغييري نحو الانحطاط ليصبح أبشع رسالة".
من زاوية نظرية وعملية يرى شريعتي أن "الدعائم الأساسية لعقيدة الإسلام؛ والتي تمثل الدوافع المحركة لأمة المسلمين، وتجعل الفرد المسلم حراً وواعياً وكريماً ومسؤولا نحو المجتمع؛ هي: التوحيد والجهاد والحج". وانطلاقاً من الواقع المرير الذي نحيي فيه القرآن جانباً على هامش الحياة حتى أنه في المدارس الدينية قد "وضع على الرفوف لتحل محله كتب أصول الفقه وعلم الكلام"، في حين تراه قد دفع به "ليأخذ مجراه إلى الجالسين عند المقابر يتلونه على أرواح الموتى". ويطلق شريعتي نداءه قائلا: "فلا بد أن نعيد القرآن الكريم مرة ثانية من القبور والمآتم إلى الحياة وتفاعلاتها، وأن نقرأه على مسامع الأحياء لا الموتى، وأن نسحبه من على الرفوف ونفتحه أمام عيون الطلاب والدار.
الحج ارتقاء إلى الله
يذهب شريعتي إلى أن الحج في جوهره هو عملية ارتقاء الإنسان إلى الله، وهو المظاهرة الرمزية لفلسفة خلق آدم. "وبعبارة أوضح وأقرب: إن أداء شعائر الحج هو استعراض لعدة أشياء في وقت واحد، فهو: عرض لقصة الخلق وهو عرض للتاريخ، وهو عرض للوحدة، وهو عرض لعقيدة الإسلام، وأخيراً عرض للأمة". ولهذا العرض أركان أساسية هي:
* الله: المدبر الذي يوجه الحركات.
* الموضوع الذي يُصّور: حركة الأشخاص المشاركين في العرض.
* الشخصيات الأساسية في العرض: آدم، إبراهيم، هاجر، الشيطان.
* المشاهد: المسجد الحرام، منطقة الحرم، المسعى، عرفات، المشعر الحرام، ومنى.
* الرموز الأساسية تشمل: الكعبة، الصفا والمروة، النهار والليل، الشروق والغروب، الأصنام، وشعائر الأضحية.
* الملابس والمكياج: الإحرام، والحلق والتقصير.
* أخيراً، فإن الذي سيؤدي جميع هذه الأدوار في العرض هو شخص واحد: أنت! وعليه "لا اعتبار لكونك رجلاً أو امرأة.. شاباً أو شيخاً.. أبيضاً أو أسوداً.. فأنت السمة الأساسية لهذا الأداء، فإن دور آدم، وإبراهيم، وهاجر وهم يواجهون الاختيار بين الله والشيطان ستؤديه أنت". هذا وجميع المسلمين مدعوون للمشاركة في هذا العرض الجليل كل عام، والكل فيه سواسية كأسنان المشط لا فرق ولا تمايز. ويخلص شريعتي من هذا بالقول: "وفقاً لمبادئ الإسلام، فإن الكل يساوي الفرد، والفرد يساوي الكل"؛ مستشهداً بالآية القرآنية: ".. من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا".
الخروج عن مألوف حياتك
يتعاقب الليل والنهار على الإنسان بشكل دوري، وتظل الأمور في اتجاهها إلى الرتابة أو قل إن الروتين قد يكون سيد الموقف إذا استغرق الإنسان في مادية الحياة، وهذا جميعه صحيح إذا لم يكن هناك هدف أو وجهة في الحياة، يقول شريعتي: "قد جاء الحج ليغير هذه الحياة السقيمة. قبل الشروع في الذهاب إلى الحج تكون ساكناً في بيتك مستقراً هادئا، وما أن تهيئ ذهنك للحج؛ فإنك تنهض وتتحرك بعيداً عن أجوائك الرتيبة. الحج مضاد لحياة اللامعنى واللاهدف. أداء الحج خلاص من شباك الحيرة المعقدة. سافر من دارك ووطنك لتزور بيت الله أو بيت الناس. إنك كإنسان من خلق الله وخليفته في أرضه، خلقك من روحه، ولكنك مع مضي الوقت في الحياة سيعتري شخصيتك التغير، وفطرتك ستصيبها الآفات". "لقد انحدرت إلى دركٍ الحمأ المسنون الذي كنت فيه قبل أن ينفخ الله فيك من روحه، فأين هي روح الله اليوم؟!. انهض أيها الإنسان من هذه الأوضاع المزرية.. اخرج من أرضك، واذهب إلى الأرض المقدسة لتلقى الله تحت أديم السماء العامرة بالإلهام، المفعمة ببركات الوحي: سماء المشعر الحرام لتهزم الغربة التي تعانيها.. وأخيراً ستلقى نفسك".
ادخل إلى الميقات فردا
هنا يبدأ العرض، وفيه يجب على الإنسان أن يبدّل ملابسه.. لماذا؟ "لأن ثياب الإنسان تكسوه من الخارج مادياً كما تمسوه الشخصية من الخارج معنوياً.. فملابسنا هي التي تعبّر عن أنماط حياتنا، وتميزنا وتحدد طبقتنا ووجهة تفكيرنا، وهي التي تقيم الفواصل والحدود بين الناس، مما يسبب الفرقة بينهم في معظم الأحوال.. وأكثر من ذلك فإن الملابس تجعل مفهوم "الأنا" يقتحم، وليس مفهوم النحن.. كلمة "أنا" - في الملبس - تأتي في سياق يعبر عن "عنصري" أو "طبقتي الاجتماعية" أو "عشيرتي" أو "مكانتي" أو "أسرتي" أو "مقدرتي". لقد صنعت سلالة قابيل من القتلة والقساة حواجز كثيفة في حياتنا، فتقسمنا وتفرقنا إلى سادة وعبيد.. مستكبرين ومستضعفين.. مستعمِرين ومستعمَرين.. مستغليِّن ومستغليَّن.. أقوياء وضعفاء.. أغنياء وفقراء". "اخلع ثيابك الآن عند الميقات، وارتد الكفن المؤلف من قماش أبيض خالص.. أصبحت ثيابك مثل ثياب أي فرد، وبدا الجميع في الزي الموحد". هنا "انزع عنك كل قناع كنت ترتديه في حياتك اليومية: قناع الذئب الذي يرمز إلى الوحشية والطغيان.. قناع الفأر الذي يرمز إلى المكر.. قناع الثعلب الذي يرمز إلى الخديعة.. قناع الخروف الذي يرمز إلى الخنوع والذلة..". "قوافل الحجيج من كل بقاع العالم تلتقي في الميقات، في ذات المكان وذات الزمان.. معاً في الطريق إلى الله، حيث لا يكون الإنسان كما هو، ولكن كما ينبغي أن يكون "وإلى الله المصير". "يا للروعة كل شيء يتحرّك من طور إلى طور: الحياة والموت.. الموت والحياة.. التناقض.. التحوّل.. والوجهة "كل شيء هالك إلا وجهه".
الحج حركة يقرر الإنسان فيها "العودة إلى الله ويدفن كل أنانيته وحبه لذاته في أرض الميقات، ويشهد موته بنفسه.. فالمشهد أشبه ما يكون بيوم الحساب: فعلى امتداد الأفق يتدفق طوفان من اللون الأبيض.. كل الناس يرتدون الكفن، ولا أحد يمكن التعرف عليه.. تركت الأجساد في أرض الميقات، والروح وحدها هي التي تندفع هنا.. إنه استعراض بشري خاضع لله الواحد القهار.. الخوف والرجاء.. الرغبة والرهبة.. الدهشة والإقبال.. كلها تنصهر داخل جسيمات دقيقة مجذوبة داخل حقل ممغنط.. تقشعرّ الجلود وتلين لذكر الله، وتوجل القلوب وتنتشي الأفئدة.. في هذه الأرض الجرداء القاحلة تتلاشى كل الأمم والعشائر في قبيلة واحدة ووفد واحد يستقبل القبلة الواحدة". "الآن وبعد أن نزعت عنك ملابسك وكل شارة تميزك، وعليك أن تدخل إلى قلب الزحام وأنت محرم، وعليك أن تنسى كل شيء يذكرك بحياتك.. كل واحد يفني ذاته، ويأخذ شكلاً جديداً هو شكل الإنسان.. كل الأنانية والخصاصة تدفن، وتصبح المجموعات هي الأمة.. كل "أنا" تموت في أرض الميعاد لتنشأ "نحن".
الكاتب عبدالعزيز العرادي: كاتب بحريني.
نشر هذا المقال بصحيفة الوقت البحرينية، بتاريخ: 14-12-2007. 
 
 
 

محمّد قطيش
الدكتور علي شريعتي
الدكتور علي شريعتي
الدكتور علي شريعتي واحد من مفكّري القرن العشرين الذين دار حولهم الكثير من الجدل. اتهمه خصومه بأنّه زنديق، ووهابي، ورافضي، وماركسي و… لكن ما لا يمكن إنكاره هو دوره المؤثّر جدّاً في جيل الثورة ضدّ نظام الشاه في إيران، رغم أنّه توفي قبل انتصار الثورة بعامين عن عمر 43 سنة. فمن هو هذا الرجل؟ وكيف كانت حياته؟

الولادة والنشأة العلميّة

ولد علي محمد تقي شريعتي في كانون الأوّل/ديسمبر عام 1933 في قرية (مزينان) القريبة من مدينة مشهد في محافظة خرسان. ينحدر الدكتور علي شريعتي من أسرة متعلمة، فقد كان أبوه كاتباً ومفكّراً إسلاميّاً معروفاً، وقد كان لشخصيّة الأب محمّد تقي شريعتي والبيئة العلميّة التي نشأ فيها الدكتور علي شريعتي دور كبير في رسم معالم شخصيّته وهويّته العلميّة والدينيّة.
في عام 1955 إلتحق علي شريعتي بكلية الآداب جامعة مشهد وتخرج منها بدرجة امتياز عام 1958. أرسل في بعثة دراسية إلى فرنسا عام 1959 حيث حصل على شهادتي دكتوراه؛ الأولى في تاريخ الإسلام والثانية في علم الاجتماع. تزوج علي شريعتي أثناء دراسته الجامعية في مشهد من زميلته (بوران شريعتي رضوي) عام 1956.

نشاطه السياسي

يعد علي شريعتي من أبرز رواد الحركة الإسلامية الإيرانية وفي مقدمة مفكريها. وقد لعبت جهوده وأفكاره دوراً كبيراً في التعبئة الفكرية والسياسية التي سبقت الثورة الإسلامية عام 1979، إلى حد أنه كان يلقب في أوساط الشعب (معلم الثورة).
انخرط شريعتي منذ أن كان صغيراً في العمل السياسي، حيث انضم هو ووالده في نهاية الأربعينيات إلى حركة كانت تضم جماعة من المثقفين الإيرانيين المتأثرين بالأفكار اليسارية، التي كانت تجد صدى واسعاً في ذلك الحين، وهي حركة “الإشتراكيون الذين يخشون الله”. وكذلك انضم هو ووالده إلى تيار مصدّق الذي كان يعرف بـالحركة الوطنية عام 1954 وكان وقتها طالباً في المرحلة الثانوية. وبعد سقوط مصدّق انضمّ إلى حركة المقاومة الوطنية التي أسسها آية الله الزنجاني وآية الله الطالقاني ومهدي بازركان، وعندما ضربت بعنف، سجن شريعتي ستة أشهر ولم يكن قد تخرّج بعد من كليّة الآداب (سنة 1958). وكان ممثلاً لهذه الحركة في خارج إيران إبان دراسته في باريس.
وتعدّ سنوات فرنسا من أكثر السنوات خصباً في حياة شريعتي (القصيرة!)، يصفه الدكتور ابراهيم دسوقي الشتا في تقديمه لكتاب “العودة إلى الذات” (تأليف د. شريعتي وترجمة د. الشتا): “كان شابّاً ذا ضمير طاهر، ذكيّاً يقظ القلب، مسلماً حقيقيّاً يعرف تماماً قيمة كونه مسلماً حقيقيّاً، عرف تراثه جيّداً، وحمل معه زاداً غنيّاً وفيّاضاً وقيّماً من الثقافة الإسلاميّة، وبالتالي لم يتعرّض شريعتي لتلك الصدمة التي يتعرّض لها المبعوثون من العالم الفقير المستضعف… لم يحسّ بنفسه قط كمسلم ضئيلاً أو صغيراً أو متخلّفاً أمام الجبروت الأوروبي…”. وفي فرنسا ساهم شريعتي بفعاليّة في دعم الثورة الجزائريّة، وتعرّف على مناضلي العالم الثالث أمثال إيما سيزار وفرانز فانون، بالإضافة إلى احتكاكه بمفكّرين أوروبيّين كبار من أمثال جان بول سارتر، كما سجن في فرنسا لمدّة ثلاثة أيّام، إذ كان ضمن المقبوض عليهم خلال المظاهرات التي اندلعت في فرنسا احتجاجاً على مصرع لومومبا.

حسينيّة الإرشاد

في منتصف الستينيات عاد الدكتور شريعتي إلى إيران، بعد تحصيله لدكتوراه في علم الإجتماع الديني، وأخرى في تاريخ الإسلام. وعلى الحدود الإيرانيّة ألقي القبض عليه، ثمّ أطلق سراحه بعد فترة. ثمّ عُيّن مدرّساً بجامعة مشهد. يقول الدكتور دسوقي الشتا: “كان شريعتي يستطيع آنذاك أن يكون أستاذاً مثل بقيّة الأساتذة، مفكّراً مزيّفاً ومفرغاً من الداخل، وناقداً وعالماً بالغرب، ودليلاً متطوّعاً للتنوير والتغريب، ذا حيثيّة وأموال ووجهٍ متألّق في وسائل الإعلام، متحدّثاً في كلّ محفل، وخطيباً لكلّ مجلس، ولكن متى يكون للمسؤول الملتزم ذي الهدف المحدّد الواضح أن يكون أهلاً لهذه الأمور؟! عاد شريعتي وبدلاً من أن يقوم بترجمة “الوجود والعدم” لسارتر… ترجم “سلمان الفارسي” لماسينيون. وبدلاً من أن يكتب عن أقطاب الغرب، كتب عن أبي ذر الغفاري …”.كانت نقطه التحول في مسيرة شريعتي هي حسينية الارشاد، التي افتتحت عام 1969 لكي تكون مركزاً علمياً ركّز فيه شريعتي كل نشاطه، إلى جانب عددٍ من العلماء والمثقّفين الإيرانيّين من أمثال مرتضى مطهّري. كان يلقي د. شريعتي محاظرات منتظمة عن الإسلام وتاريخ التشيّع، مصححاً من خلالها بعض المفاهيم السائدة. وأسّس في هذه الحسينيّة خمس لجان للإشراف على النشاطات المتعددة: لجنة تاريخ الإسلام، لجنة تفسير القرآن، لجنة للأدب والفن، لجنة للغة العربية لتصحيح منابع التراث الشيعي، ولجنة للغة الإنكليزية لحمل رسالة الإسلام العالمية ونشرها. كانت حسينيّة الإرشاد بالنسبة لشريعتي منبراً لشحذ الهمم، والتعبئة الفكريّة والسياسيّة لجيل من الشباب التفّ حولها. فكان يحمل الفكر الإسلامي الأصيل سلاحاً في وجه “التغريب” و”عبادة الشاه” و”المفكّرين المزيّفين” و”رجال الدين الذين استغلّوا الدين ضد الدّين”… فلم تجد السلطة بدّاً من إقفال الحسينيّة عام 1973، ثم القبض على شريعتي ووالده، وإبقائه في السجن مدّة 18 شهراً متعرّضاً لصنوف العذاب، حتّى تدخّل مسؤولون جزائريّون للإفراج عنه عام 1975.

وفاته

بعد إخراجه من السجن، وُضع الدكتور شريعتي تحت المراقبة ومُنع من أي نشاط. وفي آذار/مايو 1977 سمحت له السلطات الإيرانيّة بالسفر إلى لندن (!). وبعد شهر من إقامته في العاصمة الإنكليزيّة عُثر عليه ميتاً في شقّته، ميتةً غامضة، أعلنت السلطة انّها جرّاء نوبة قلبيّة! وأغلب الظنّ أنّ الأمر كان مدبّرا من السلطة في إيران التي استخدمت هذه الوسيلة لتصفية العديد من معارضيها.
لم تسمح السلطة بدفن جثمان الدكتور شريعتي في إيران، فنُقِل إلى دمشق وتمّ دفنه في الحرم الزينبي، حيث صلّى عليه الإمام موسى الصدر.
السيّد موسى الصدر يصلّي على جثمان علي شريعتي

مؤلفاته

توجد كتب عديدة لـلدكتور شريعتي يتداولها المثقفون والمهتمون به، وأكثر هذه الكتب ليست مؤلفات كتبها بيده، بل هي محاضرات ألقاها وسجلت ثم أفرغها طلّابه على شكل كتب، وهذا يفسر كثرة العناوين المطبوعة له والتي عدها بعضهم أكثر من مائة عمل علمي بين فلسفي وأدبي وسياسي ثوري ...
من مؤلفاته (بعضها قابل للتحميل):
العودة إلى الذات
التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي
دين ضدّ الدين
النباهة والاستحمار
بناء الذات الثوريّة
مسؤوليّة المثقّف
الحج الفريضة الخامسة
الأمّة والإمامة
الشهادة
الدعاء
محمّد خاتم النبيّين
سيماء محمّد (ص)
الإنسان الإسلام
معرفة الإسلام
منهج التعرّف على الإسلام
الإسلام ومدارس الغرب
تاريخ الحضارة (1/2)
التشيّع مسؤوليّة
فاطمة هي فاطمة
الإمام علي في محنه الثلاث…

قالوا عنه

ظلّت شخصيّة الدكتور علي شريعتي وأفكاره مثار جدل بين المفكّرين ورجال الدين. وما لا شكّ فيه أنّ ما طرحه شريعتي فيه الصواب والخطأ. شريعتي نفسه يدعو، في وصيّته، إلى إعادة النظر في كتاباته من الناحية العلميّة والفنيّة. فيما يلي عدد من الآراء حول شخصيّة وفكر الدكتور شريعتي:
السيد موسى الصدر: “نكرّم علي شريعتي، لأننا نعتبره تجسيداً لأصالة الفكر الثوري”.
الإمام الخميني: “لقد اثارت أفكار الدكتور شريعتي -الشهيد- الخلاف والجدل احيانا بين العلماء لكنه في نفس الوقت لعب دورا كبيرا في هداية الشباب والمتعلمين الى الاسلام”.
الدكتور محمّد حسين بهشتي: “لقد اوجد الدكتور طوال السنوات الحساسة جوا حماسيا مؤثرا, وكان له دور بناء في جذب الطاقات الشابة المتعلمة نحو الاسلام الاصيل, واجتذب قلوبا كثيرة نحو الثورة الاسلامية. وعلى الثورة والمجتمع ان يقدران له ذلك الدور المؤثر”.
آية الله محمود طالقاني: “إن كلا الرجلين -اي شريعتي ومطهري- بيّنا صورة الاسلام الحقيقية للشباب , احدهما عن طريق علم الاجتماع والآخر عن طريق علم الفلسفة”.

نبذة من أفكاره

 

 

http://youtu.be/fmNgxUyLmkE 

 

 

http://youtu.be/7IN7LlP6Z_o

 
 

Aucun commentaire: