dimanche 26 octobre 2014

أصل اسماء المعتزلة والتوحيد والعدل




أصل اسماء المعتزلة والتوحيد والعدل


فيما يلي أقدم سطورا تتعلق بأصل اسم “المعتزلة” و اسم “أهل التوحيد و العدل” من وجهة نظر اعتزالية بعيدا عن مغالطات البغدادي والشهرستاني وغيرهما، فأقول مستعينا بالله:

سبب تسمية أهل التوحيد والعدل بالمعتزلة

ذكر الكتاب أسبابا شتى في سبب تسمية أهل التوحيد والعدل بإسم المعتزلة، منها: [1] إعتزالهم أمير المؤمنين عليا بن أبي طالب عليه السلام (ذكره النوبختي)
وهذا خطأ فالذين إعتزلوا عليا عليه السلام وهم: سعد بن مالك، سعد بن أبي وقاص، عبد الله بن عمر، أسامة بن زيد، محمد بن مسلمة الأنصاري، الأحنف بن قيس وغيرهم، لم يكونوا من المعتزلة الذين نتحدث عنهم الآن. كان إعتزال تلك الثلة من أصحاب الأسماء السالفة عملا سياسيا لا يمت للفكر الإعتزالي والذي يدعو للوقوف بجوار الحق والذي كان يمثله في ذلك الوقت أمير المؤمنين عليه السلام.
[2] إعتزال الحسن بن علي عليه السلام ومعاوية بن أبي سفيان (ذكره الملطي)
يقال فيه ما قيل في سابقه.
[3]إعتزال عامر بن قيس عن مجلس الحسن البصري (ذكره إبن دريد)
عامر هذا كان من الثائرين على عثمان، وله كلام في التوحيد، ولكن هذا السبب مستبعد لوجود عامر بالمدينة بينما إتخذ الحسن مجلسه في البصرة. ومن المستبعد كذلك أن يكون الحسن قد إتخذ مجلسا في المدينة وهو حديث السن حتى يحضره رجل بوزن عامر بن قيس.
[4] إعتزال واصل بن عطاء عن مجلس الحسن (ذكره الشهرستاني)
ذكر عبد الكريم الشهرستاني الأشعري في (الملل والنحل) قصة أشبه بمشهد مسرحي مفتعل زعم فيها أن واصلا رحمه الله ترك مجلس الحسن البصري رحمه الله بعد خلاف بينهما حول (تسمية) مرتكب الكبيرة. الشيئ الذي لم يكن الشهرستاني يعرفه هو أن أبا سعيد الحسن بن أبي الحسن البصري رحمه الله كان من العدلية، من الطبقة الثالثة من طبقات المعتزلة، أي أن واصلا وأبا سعيد كانا ينتميان لنفس المدرسة الفكرية.
[5] إعتزال عمرو بن عبيد عن مجلس الحسن (ذكره إبن خلكان)
يقال فيه ما قيل في سابقه.
[6] الإعتزال عن القولين السائدين في ذلك العصر: كفر مرتكب الكبيرة (الخواج) و إيمانه (المرجئة) (ذكره أبو القاسم البلخي المعتزلي)
وقد ظهر مثل هذا الرأي أيضا من الإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى بن المرتضى الزيدي صاحب (المنية والأمل).
[7] جعل الفاسق معتزلا عن الإيمان والكفر (ذكره المسعودي المعتزلي)
وهو عندي سبب بعيد.
[8] إعتزالهم الشر (ذكره القاضي عبد الجبار المعتزلي)
وهو عندي أقرب الأسباب المذكورة أعلاه وأجودها.
[9] إشتقاق اللفظ من القرآن الكريم (رأيي الخاص)
هناك سؤال في هذا السياق: هل أطلق أهل التوحيد والعدل على أنفسهم لفظ (المعتزلة) أم أطلقه عليهم خصومهم؟ ظاهر الأراء (1 – 7) تفيد بأن خصوم المعتزلة هم الذين أطلقوا تلك التسمية عليهم، بينما يفيد الرأي الثامن وهو رأي القاضي رحمه الله بأن المعتزلة هم الذين سموا أنفسهم بهذا الإسم.
سواء أأطلق أهل التوحيد والعدل التسمية بالمعتزلة على أنفسهم أو أطلقها عليهم خصمهم، إلا أنهم وجدوا في آي القرآن الكريم مدلولا إيجابيا هذه التسمية، مدلول يرفض الخضوع لغير الله، وإتباع غير ما أنزل الله. يقول الله تعالى:
[1] (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا) (الكهف : 16)[2] (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا. فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا) (مريم : 48 – 49)
الإعتزال إذا لفظ يدل على الإبتعاد عن شيئ، ويقصد به إعتزال ما يدين الناس به سوى دين الله الحق. فمما يدين الناس به التشبيه والتجسيم والجبر والتعطيل وموالاة الظالم والركون إليه، أما أهل العدل والتوحيد فبعتزلون كل هذه الأباطيل ولا يدينون إلا بما نزل على محمد صلى الله عليه وهو الخير من ربهم جل شأنه.

سبب تسمية المعتزلة بأهل التوحيد والعدل


إختلف الباحثون في إسم (المعتزلة) هل أطلقه المنتمون لهذا التيار الإسلامي على أنفسهم أم أطلقه عليهم خصومهم؟ لكن الباحثين لم يختلفوا على أن المنتمين لهذه المدرسة الفكرية قد سموا أنفسهم (أهل التوحيد والعدل) و كذلك (أهل العدل والتوحيد) وكذلك (العدلية)، فما سبب تلك التسمية؟ [1] التوحيد:
دخلت عقيدة (التجسيم) و (التشبيه) إلى الفكر الإسلامي، ولعل سبب ذلك هو إختراق من ديانات سابقة للفكر الإسلامي الذي يقوم على (تنزيه) الله تعالى عن الجسمية والتشخيص والتمثيل والتكييف والتشبيه. تبنى الحكام الأمويين والعباسيين وغيرهم فكرة التجسيم فرأينا عقائد كاملة تقوم على هذه الفكرة تبناها الكرامية وتسلسلت الفكرة حتى وصلت لعلماء المشبه ة كإبن خزيمة وال بربهاري وأبي يعلى وغيرهم. وأصبح الحنابلة حاملي هذا المعتقد الخطير. ورغبة في تطهير المذهب الحنبلي من هذه الوثنية الفكرية قام أفاضل الحنابلة بالتصدي لهؤلاء المجسمة، فكتب الإمام أبو الفرج بن الجوزي الحنبلي رحمه الله كتابه القيم (الباز الأشهب المنقض على مخالفي المذهب ) لفضح هؤلاء المجسمة.
وتبنت عقيدة الأمويين ومن تلاهم فكرة قيام صفات أزلية لله تعالى، لا هي ذات الله، ولا هي غيره. كان هذا الكلام والذي تاه الأشاعرة بعد ذلك في غياهبه أشبه بقول النصارى في أقانيمهم، فالأقانيم عندهم ثلاثة متباينة ولكنها نفس الجوهر.
رفعت المعتزلة عقيدة التوحيد عاليا أي التوحيد بين ذات الله تعالى وصفاته، فلا توجد صفات زائدة عن الذات، فالله عالم بذاته وليس بعلم وقادر بذاته وليس بقدرة وهكذا. رفعت المعتزلة إذا لواء (التوحيد) في مقابل من رفع شعار (التجسيم) من ناحية و (التعديد) من ناحية أخرى.
[2] العدل:
قام الحكم الأموي في معظمه على الإغتصاب وحتى يقمع الأمويون المعترضين عليهم قاموا برفع شعار (القضاء) و (القدر) الأزليين وما يرتبط بهما من (المشيئة) الأزلية. حكم بني أمية ـ في زعمهم الكاذب ـ كان قضاءا من الله وقدرا، جرت به الأقلام وجفت الصحف، والمسلم بجب عليه أن يرضى بهذا وإلا يصبح كافرا. تبنى العباسيون وكل الظالمين هذا المعتقد الفاسد الذي يستترون تحته لتبرير مظالمهم ونهبهم للشعوب وتنكيليهم بمعارضيهم وهكذا.
رفع المعتزلة لواء العدل لتبرئة الله من أفعال العباد ولبيان أن الله عدل لا يظلم ولا يأمر بظلم ولا يرضاه ولا يحبه، وأن هؤلاء الظالمين يبرئون أنفسهم ويوركون ذنوبهم على على الرحمن تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
رفع المعتزلة لواء (التوحيد) في وجه من قال بـ (التجسيم)، ولواء (العدل) في وجه من قال بـ (الجبر) ) فأطلق المعتزلة على أنفسهم إسم (أهل التوحيد والعدل) لتمييز أنفسهم عن المجسمة والمجبرة أخزاهما الله.
وسأعود بتفصيل أكبر عن هذين الأصلين (التوحيد و العدل) عند الحديث حول (أصول) المعتزلة إن شاء الله.

تفنيد رواية الشهرستاني بشأن نشأة المعتزلة

تشيع على ألسنة المسلمين وفي عقولهم رواية باطلة للكاتب الأشعري عبد الكريم الشهرستاني صاحب كتاب (الملل والنحل) حول سبب نشأة المعتزلة. يزعم الشهرستاني أن المعتزلة نشأت مع واصل بن عطاء وذلك بعد حدوث خلاف ببنهما حول تسمية مرتكب الكبيرة. غفل الشهرستاني عن حقيقتين: (1) لم يأخذ واصل بن عطاء علوم العدل والتوحيد عن الحسن البصري ولكن عن أبي هاشم عبد الله بن محمد، وأخذها أبو هاشم عن أبيه محمد بن علي، وأخذها محمد عن أبيه علي بن أبي طالب، وأخذها علي عن أبي القاسم محمد بن عبد الله رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
(2) إنتماء الحسن بن أبي الحسن (الطبقة الثالثة للمعتزلة) وواصل بن عطاء (الطبقة الرابعة للمعتزلة) إلى مدرسة فكرية واحدة هي مدرسة أهل التوحيد والعدل.
[يقول الشهرستاني: دخل واحد (!!!) على الحسن البصري فقال: يا امام الدين لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة، وهم وعيدية الخوارج، وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان، بل العمل على مذهبهم ليس ركناً في الإسلام ولا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأمة فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقاداً؟ وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول أن صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً ولا كافر مطلقاً بل هو في المنزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر. ثم قام واعتزل إلى أسطوانة من اسطوانات المسجد يقرر بما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن، فقال الحسن: اعتزل عنا واصل، فسمي هو وأصحابه معتزلة]
هذه هي الرواية “المسرحية” التي رواها الشهرستاني الأشعري في “الملل والنحل” والتي نسج المؤلفون حولها خيوط العنكبوت، وأنا أترك لحضراتكم تقويم هذه الرواية وبنائها اللغوي الركيك بعد ذكر ما آلاحظه عليها من علل لغوية وتاريخية وعقلية:
(1) دخل واحد:
ياله من تعبير عجيب، لم يقل دخل واحد من الناس ولا أحد الناس ولا حتى أحدهم وانما قال ذلك التعبير الغريب.

(2) لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة، وهم وعيدية الخوارج، وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان، بل العمل على مذهبهم ليس ركناً في الإسلام ولا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأمة فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقاداً؟
الصنعة اللغوية والرائحة الفرقية ـ بكسر الفاء وفتح الراء ـ تفوح من هذه العبارة كما ترون. والعجيب أن ذلك “الواحد” الذي دخل على الحسن “امام الدين” يشرح له الفكر العقائدي السائد ويبرز مصطلحات عقائدية مثل الخوارج والوعيدية والمرجئة وكأن “امام الدين” غافلا عن الأحداث السياسية والعقائدية التي تدور في عصره ولم يتعرض لها قبل ذلك الا بدخول ذلك “الواحد” عليه.

(3) وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء …
لا يستقيم هذا الفعل مع ما نعرفه عن شخصية واصل من الحكمة والوقار وتقدير أهل العلم والفضل من أمثال الحسن.

(4) لا أقول أن صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً ولا كافر مطلقاً …
واصل في الحقيقة لايخالف الحسن بهذه العبارة وانما يرد على المرجئة من ناحية والخوارج من ناحية أخرى كما نقرآ بين السطور.

(5) ثم قام واعتزل إلى أسطوانة من اسطوانات المسجد …
الرواية لم تنقل لنا رد الحسن فكيف نسمي ما بينهما خلافا؟ وهل من المعقول أن ينهض واصل ويعمد الى اسطوانة في المسجد هكذا في حركة مسرحية دون مراجعة فكرية مع الحسن؟ واذا تمت هذه المراجعة فلماذا لم ينقلها الشهرستاني كما نقل مقولة ذلك “الواحد”. ثم انه من المفترض وقوع أحد احتمالين:

(1) اما أن الحسن لم يكن لديه اجابة أصلا فلا يصح في هذه الحالة أن ندعي بوجود خلاف بين شيخي العدل والتوحيد. الخلاف يظهر عند وجود رأيين متباينين، والحسن لم يكن قد كون بعد رأيه في المسألة.
(2) واما أن يكون الحسن له رأي ورأي معروف في هذه المسألة. في هذه الحالة لماذا لم يخرج واصل على الحسن مبكرا مادام مختلفا معه في رأيه المعروف والمعلن وينتظر حتى هذه اللحظة ليعارضه فيها.
سلامي
الحسيني

 

 

http://alhousseiny.wordpress.com/2007/08/18/%D8%A3%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AA%D8%B2%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%AD%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%84/ 

Aucun commentaire: