lundi 14 juillet 2014

الكتاب : جواهر التاريخ الطبري يعترف بأنه سجل رأي السلطة وغيِّبَ رأيَ أبي ذر !

 

 

 

أمر أبي ذر ومعاوية وعثمان



الكتاب : جواهر التاريخ
الطبري يعترف بأنه سجل رأي السلطة وغيِّبَ رأيَ أبي ذر !


قال في تاريخه:3/335:
(وفي هذه السنة أعني سنة30 ، كان ما ذكر من أمر أبي ذر ومعاوية ، وإشخاص معاوية إياه من الشام إلى المدينة ، وقد ذكر في سبب إشخاصه إياه منها إليها أمورٌ كثيرة ، كرهتُ ذكر أكثرها !

فإنهم ذكروا في ذلك قصة ، كتب إلي بها إليَّ السري يذكر أن شعيباً حدثه عن سيف عن عطية عن يزيد الفقعسي
قال: لما ورد ابن السوداء الشام لقي أبا ذر
فقال يقول: ألا إن كان كل شئ لله كأنه يريد أن يحتجنه دون المسلمين ويمحو اسم المسلمين ،
فأتاه أبو ذر فقال: ما يدعوك إلى أن تسمى مال المسلمين مال الله ؟
قال: فإني لا أقول إنه ليس لله ، ولكن سأقول مال المسلمين !
قال وأتى ابن السوداء أبا الدرداء
فقال له من أنت أظنك والله يهودياً
فأتى عبادة بن الصامت فتعلق به فأتى به معاوية فقال هذا والله الذي بعث عليك أبا ذر .
بشر الذين يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ ، بمكاوٍ من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم !
فما زال حتى ولع الفقراء بمثل ذلك ، وأوجبوه على الأغنياء ، وحتى شكا الأغنياء ما يلقون من الناس !

فكتب معاوية إلى عثمان إن أبا ذر قد أعضل بي ! وقد كان من أمره كيت وكيت !
فكتب إليه عثمان إن الفتنة قد أخرجت خطمها وعينيها ، فلم يبق إلا أن تثب فلا تنكأ القرح ، وجهز أبا ذر إلي وابعث معه دليلا وزوده وارفق به وكفكف الناس ونفسك ما استطعت ، فإنما تمسك ما استمسكت !
 

فبعث بأبي ذر ومعه دليل ، فلما قدم المدينة ورأى المجالس في أصل سلع
فقال عثمان
قال فخرج حتى نزل الربذة فخط بها مسجداً وأقطعه عثمان صرمة من الإبل وأعطاه مملوكين ، وأرسل إليه أن تعاهد المدينة حتى لا ترتد أعرابياً ، ففعل). انتهى.


ونسجل هنا ملاحظات:
الأولى

أن الطبري خاف من ذكر الرأي الآخر ، لأن معاوية كان له محبُّون شرسون في بغداد في عصر الطبري(توفي310 هجرية)رغم أنه عصر عباسي !
لكن ينبغي أن نشكر الطبري لأنه نص على أن ما يذكره هو رأي محبي معاوية وعثمان ،
وأن مخالفيهم أنصار أهل البيت عليهم السلام وأبي ذر رحمه الله لهم رأي آخر، وعندهم أشياء كثيرة لايستطيع ذكرها، وأنهم رووا أموراً شنيعة ارتكبها عثمان ومعاوية مع أبي ذر رحمه الله .
الثانية

أشار الطبري بكلامه الى أنه لايثق بقصة محبي معاوية عن الشخص المزعوم (ابن السوداء)ونسبتهم اليه أنه كان المحرك لأبي ذر رحمه الله !
فقد وصف ذلك بأنه قصة قالها محبو معاوية ، وكتبها اليه مراسله:
(فأما العاذرون معاوية في ذلك ، فإنهم ذكروا في ذلك قصة ، كتب إلي بها إليَّ السري) !
ومما يؤيد تشكيك الطبري أن راويها يزيد الفقعسي مجهول عند كافة علماء الجرح والتعديل !

ثم روى الطبري عن هذا الفقعسي(3/378)
أن ابن السوداء هو مؤسس مذهب التشيع ومدعي وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام !
قال فيما كتب به إليَّ السري عن شعيب ، عن سيف ، عن عطية ، عن يزيد الفقعسي
قال: كان عبد الله بن سبأ يهودياً من أهل صنعاء ، أمه سوداء ، فأسلم زمان عثمان ، ثم تنقل في بلدان المسلمين يحاول ضلالتهم ، فبدأ بالحجاز ثم البصرة ثم الكوفة ثم الشام ، فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام !
فأخرجوه حتى أتى مصر فاعتمر فيهم
فقال لهم فيما يقول:العجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذب بأن محمداً يرجع،
وقد قال الله عز وجل: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ، فمحمد أحق بالرجوع من عيسى ، قال: فقبل ذلك عنه ، ووضع لهم الرجعة فتكلموا فيها .
ثم قال لهم بعد ذلك: إنه كان ألف نبي ولكل نبي وصي وكان علي وصي محمد .
ثم قال: محمد خاتم الأنبياء وعلي خاتم الأوصياء .
ثم قال بعد ذلك: من أظلم ممن لم يُجِزْ وصية رسول الله(ص)ووثب على وصي رسول الله تناول أمر الأمة). انتهى.

ومن الواضح أن المعذرين لمعاوية
وضعوا هذه الروايات على لسان الفقعسي وابن السوداء ، سواء كان لهما وجود أم لا ،
ليقولوا إن أبا ذر إنسان بسيط ، وقد لعب عليه يهودي من صنعاء ، فحركه ضد معاوية وعثمان !
وأن ابن السوداء حاول نشر مذهبه في الحجاز والبصرة والكوفة والشام ، فلم يستطع إضلال المسلمين وإقناعهم بأن النبي صلى الله عليه وآله أوصى لعلي عليه السلام
وأن بني أمية خالفوا وصية النبي صلى الله عليه وآله وغصبوا خلافته !
ويقصدون بابن السوداء عبدالله بن سبأ لعنه الله ،
الذي روت مصادرنا أنه كان مغالياً في علي عليه السلام حتى ادعى له الألوهية !
فاستتابه علي عليه السلام فلم يتب ، فقتله .
وقد نفى الكاتب العلماني المصري طه حسين أصل وجود ابن السوداء ، واعتبره أسطورة اخترعها بنو أمية لحاجتهم الى طرف ثالث يتحمل مسؤولية تحريك الصحابة والمسلمين ضد بني أمية ، ودفعهم الى قتل عثمان .
وتبنى بعض العلماء كالسيد العسكري هذه النظرية وألف فيها كتاباً .

وحديث ابن السوداء هنا يدلنا على أن الأمويين كانوا يعتبرون المصريين الذين حاصروا عثمان بقيادة الصحابي عبد الرحمن بن عديس البلوي هم الذين قتلوه !
وبالفعل كان المصريون أشد عليه ممن شارك معهم في محاصرته وهم:جماعة البصرة ، وجماعة الكوفة ، ومن التحق بهم من أهل المدينة !

والسبب أن المصريين غضبوا غضباً شديداً لغدر عثمان بهم ، بعد أن اتفقوا معه على عزل الوالي الأموي لمصر وتولية محمد بن أبي بكر بدله ، وكتب عثمان المرسوم الخلافي لمحمد بن أبي بكر ، وودعوه وساروا ، فتفاجوؤا في الطريق برسول من دار الخلافة يحمل رسالة سرية بختم عثمان الى الوالي الأموي يأمره بالإستمرار في عمله ومعاقبة الوفد المصري ومحمد بن أبي بكر !
فعادوا الى المدينة حانقين ، وحاصروا عثمان في دار الخلافة ، مطالبين أن يخلع نفسه !
ويدلنا حديث الطبري على أن التشيع وعقيدة وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام قد وصلت في زمن عثمان الى مصر ، وتبناها عدد بارز من أهلها بقيادة بعض الصحابة ، وأن وفدهم مع ابن عديس البلوي ، كانوا في جو التشيع والوصية !
كما يدلنا على أن الأمويين استعملوا عقيدة رجعة النبي صلى الله عليه وآله التي يقول بها الشيعة مادةً للتشهير بأهل البيت عليهم السلام وشيعتهم ، لأنه لامردود سياسياً بارزاً لها مثل عقيدة الوصية وغصب القرشيين للخلافة !
الثالثة

شوَّهت الرواية سبب الخلاف بين معاوية وأبي ذر ، وصورته كأنه خلاف على تسمية بيت المال !
فقد أقنع ابن السوداء أبا ذر بأن تسمية معاوية له بمال الله تحريف ، لأن إسمه بيت مال المسلمين ،
وأن معاوية أفحم أبا ذر بأن الله مالك كل شئ !
بل هو بيت مال الله ومعاوية خازن مال الله وقاسمه من قبل الله ، فإعطاء معاوية ومنعه بإرادة إلهية ، فلا لوم عليه ولاحساب !

وكذلك قول الرواية إن أبا ذر حرك الفقراء على الأغنياء ، فقد أخفت أن أولئك الأغنياء هم معاوية ومن حوله من الأمويين ، وعثمان ومن حوله منهم ، وأن ثروتهم كانت بيت المال وغنائم المسلمين المليونية والمليارية ، في حين كان في المسلمين من يموت من الجوع والعري !
وقد تعرضنا لذلك في سبب ثورة الصحابة على عثمان في المجلد الأول !

على أن الموضوع المالي لم يكن أصل الخلاف ، بل أصله بنو أمية وما كان يرويه أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وآله في ذمهم ، وتحذير الأمة منهم ، ودعوتها الى مقاومتهم والثورة عليهم !
وقد نصت الروايات على ذلك ، ورأيت في أول الفصل ما رواه أبو ذر رحمه الله وواجه به يزيد بن أبي سفيان عندما سرق الجارية !
الرابعة

إن اعتراف الطبري بقوله: (وأما الآخرون فإنهم رووا في سبب ذلك أشياء كثيرة وأموراً شنيعة ، كرهت ذكرها) يدل على أمور ، أهمها أن إرهاب أتباع بني أمية كان موجوداً حتى في زمن العباسيين !
ومعناه أنا لايصح أن نعتبر التاريخ المكتوب محايداً مهما كان كاتبه معتدلاً كالطبري ، لأنه صرح بأنه توجد مواد مهمة للرأي الآخر لايمكنه أن يكتبها !
فهذه شهادة مؤرخ معتدل في قضية أبي ذر الواضحة الظلامة !
وزمن المؤرخ بعد قرنين من موت عثمان ومعاوية وزوال الحكم الأموي.. فما حال بقية القضايا؟ !
فلا تعجب إذا قلنا إن تاريخنا مكتوب بحبر الحكام وهيمنة أتباعهم ، والرأي الآخر فيه مغيب مطموس ، أو يكاد !---
منقول للفائدة



Aucun commentaire: