dimanche 6 juillet 2014

منهج النظر إلى مفهومي الحاكمية والجاهلية




منهج النظر إلى مفهومي الحاكمية والجاهلية

هشام جعفر
تسعى هذه الدراسة لتقديم رؤية منهجية متكاملة لمفهوم الحاكمية ومقابله (الجاهلية) عبر قراءته في أصوله النظرية، وتتبع مسيرته التاريخية بالمقارنة مع فهم الجماعات الإسلامية المختلفة للمفهوم ، وتداعيات هذا الفهم على حركتها، كما تعيد الدراسة تحرير المفهوم وتحديد مستوياته وعلاقاته كمنطلق للتعامل معه بشكل راشد.
تسعى هذه الدراسة إلى مناقشة بعض النقاط والقضايا المنهجية التي يمكن في ضوئها فهم مفهومي الحاكمية والجاهلية والتعامل معهما، فهذان المفهومان شاعا في الفكر الإسلامي والعربي المعاصر، وأثارا الكثير من الجدل، خاصة أنهما تحوَّلا من مجرد مفهومين فكريين نظريين إلى ممارسات عملية على يد بعض الجماعات السياسية الفاعلة في عالمنا العربي والإسلامي حين تبنَّتهما هذه الجماعات على المستوى الفكري، وسعت إلى تحقيق مقتضياتهما ولوازمهما  -كما أدركتهما- على مستوى الواقع.
وهذه النقاط المنهاجية منها ما يتعلَّق بالتاريخ؛ تاريخ المفهومين وسيرتهما، ومنها ما يخص المستويات داخل المفهومين، ومنها ما يعرض للعلاقة بين المفهومين، وتأثير هذه العلاقة في النظر للواقع: واقع الأفراد والنظم والمجتمعات، ومنها ما يتعرَّض للتوظيف السياسي لهذين المفهومين.
ونكتفي بالإشارة إلى تأثير الأفهام والإدراكات المختلفة لمفهوم الحاكمية لدى بعض المفكرين الإسلاميين وبعض الحركات الإسلامية على الحركة والسلوك الواقعي لها، فالفهم والإدراك الخاص الذي ينطلق منه المفكر أو الحركة لمفهوم الحاكمية يرتِّب نتائج معيَّنة ويفرض حركة وسلوكًا في نظرتهم وتعاملهم مع الواقع الذي نعيشه، وهذا ما يحتاج إلى متابعة في البحث نأمل أن يتم، لأنه يساعد إلى حد كبير في بلورة تعامل راشد يساهم إلى حد كبير في الخروج من أسر الصراع الدائم يبن الحركة الإسلامية والنظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية القائمة في بلداننا العربية والإسلامية.
هناك إجماع في الفقه والفكر الإسلامي -قديمه وحديثه-على أن "الحاكم هو الله"، وهذه الحاكمية لها وجهان:
الأول: الحاكمية الكونية أو التكوينية، وهي إرادة الله الكونية القدرية التي تتمثَّل في مشيئته العامة المحيطة بجميع الكائنات، وهي تعني القضاء الكلي الناتج عن العلم الإلهي العام المترتب على الحكمة الكونية في الأفعال الإلهية. أما المعنى الثاني فهو الحاكمية التشريعية وهي تلك التي تتعلَّق بإرادة الله الدينية، وتتمثَّل هذه الإرادة في تصوُّر عقدي عن الله والكون والإنسان، ونظرية الشريعة العامة (والعبادات جزء منها)، بالإضافة إلى النظرية الأخلاقية. والتزام الإنسان بالحاكمية التشريعية يحقق الانسجام بينه وبين الكون من حوله؛ حيث يكون خاضعًا لإرادة الله اختيارًا باتباع قانون الله الشرعي في حياته الاختيارية كما هو خاضع لإرادة الله الكونية وتابع لقانونه الطبيعي في حياته الجبرية.
فلا خلاف مطلقًا بين علماء الإسلام في القديم أو الحديث أن مصدر الأحكام بنوعيها في الشرائع السماوية ولجميع أفعال المكلفين هو الله سبحانه وتعالى.
وقد استخدمت مفاهيم ومسميات وألفاظ كثيرة في التعبير عن هذا الإجماع من قبيل: الحاكمية- سيادة الشريعة– المشروعية الإسلامية العليا– حاكمية الشريعة، حاكمية الكتاب.
وعند هذه النقطة أو ذلك المبدأ يقف الاتفاق أو الإجماع في داخل الفقه والفكر الإسلامي لينشأ بعد ذلك الخلاف أو الاختلاف؛ فقديمًا كان الخلاف بين المعتزلة والأشاعرة والماتريدية حول كيفية إدراك حكم الله أو بما يعرف حكم الله في غيبة الوحي أو النص، أو بعبارة أخرى فإن مدار الخلاف بين المذاهب الثلاثة لم يكن حول المبدأ، وإنما كان حول النطاق أو المجال أو المساحة التي يستقل بها العقل والوحي من دون الآخر في إدراك الحق وتقدير قيمة الأفعال الإنسانية من حيث الحسن أو القبح، ومن ثم القدرة على الإيجاب بالنسبة للإنسان من حيث النهي أو الإتيان بالفعل.
أما في الفكر الإسلامي الحديث فقد نشأ الخلاف حول:
  1. كيفية النظر من خلال مفهوم الحاكمية إلى واقع المجتمعات (مسلمة وغير مسلمة) والأنظمة والأفراد.
  2. الخطة العملية التي تترتب على هذا النظر خاصة أن المفهوم - بطرح معين طرحه بعض المفكرين الإسلاميين المعاصرين- قد تلقَّفته بعض الحركات الإسلامية، واتخذت منه محورًا وهدفًا لمواجهة واقع النظم السياسية القائمة، وواقع المجتمعات المسلمة. خاصة أن المفهوم ابتداءً من المودودي ومع سيد قطب قد تحوَّل إلى منظور متكامل وتفسير كلي يتم وفقًا له فهم وتفسير الدين، والنظر إلى تاريخ: تاريخ الأمة المسلمة وواقعها، وتاريخ المجتمعات البشرية وواقعها،  وخاصة الحضارة الغربية.
وهنا تجدر الإشارة إلى نقطة منهاجية  هامة تتصل  بوجود طروحات للعمل الإسلامي (فكرًا وحركة) بقدر ما هنالك من علماء ومفكرين وجماعات وحركات، وهي مدار خلافات كثيرة، وبعضها قد يقود إلى صراعات ومصادمات داخل ساحة العمل الإسلامي.
ومما لا شك فيه أن نوعية الطرح، أو بعبارة أخرى طبيعة المعركة، أو إدراك جوهر التحدي الذي تتبناه الحركة أو المفكر تترك آثارها على جميع أجزاء العمل الإسلامي، سواء كان فكرًا أو حركة.
فجوهر التحدي أو طبيعة المعركة -كما تدركها الحركة أو المفكر- تحدد إلى حد كبير أسلوب التغييرأو نظرية العمل، كما أن الاختلاف في إدراك طبيعة المعركة وجوهر التحدي يوجد اختلافًا في بناء النواة أو الفرد وتكوينه وأسلوب عمله وتوجيهه، بل اختلافًا في شكل التنظيم الذي يسعى لتحقيق الأهداف التي تتأثر بدورها بطبيعة المعركة كما تتأثر بنظرية العمل أو التغيير، تلك النظرية التي تترك بصماتها على ترتيب الأولويات في العمل أو داخل النسق والبناء الفكري، بل مهمات ومجالات ووظائف الحركة.
وإذا استطردنا في هذا الاتجاه فيمكن أن نشير إلى أن: هذه الأطروحات جميعًا تنطلق من تعدد وتشابك العوامل التي أدت إلى فقدان المسلمين لشروط التقدم، وهي تتسم بامتلاكها  -إلى حد ما- رؤية شاملة لمظاهر التخلف الذي أصاب المسلمين في المجالات كافة، إلا أنه يظل السمت المتميز لكل طرح هو المدخل أو نقطة الانطلاق الأساسية التي يبدأ منها في تصوُّره لحل أزمات الأمة الشاملة، مما يكون له أثر كبير في تحديد أولويات ومجالات العمل كما تلون نقطة الانطلاق بدورها سائر أجزاء العمل، وتظل المعضلة الأساسية هي في أن الانطلاق من نقطة محددة -دون أخذ سائر المنطلقات في الاعتبار وفقًا لوزنها النسبي- يحوِّل نقطة الانطلاق هذه  –ولو في أذهان الأتباع- إلى "تفسير مطلق"، أو "حقيقة كلية" تعيد تفسير أو تفكيك وبناء الواقع، بل وفي بعض الأحيان الدين، بما يجعل حقيقة وقتية تمتَّعت في وقت ما بصدق جزئي حقيقة دائمة مطلقة.
كما يخلق هذا ذهنًا خاصًا يرى كل شيء بالمنظار، أو نقطة البداية التي انطلق منها. بعبارة أخرى، فإن هناك فرقاً بين التأكيد الدعائي على أحد المفاهيم أو القضايا والموضوعات وبين التفسير وفقاً لنقطة بداية أو عنصر واحد؛ فالفرق بينهما هو أن التأكيد الدعائي يحاول إبراز عنصر ما من العناصر، أما التفسير فهو يبالغ في تأكيد العنصر حتى يجعله أساس النظر ومعيار. فقد كان يؤكد ضرورة الاهتمام بعنصر ما كوحدة من وحدات عندما كان يدعو لها أو يؤكد عليها دعائياً، أما حين كان يفسر فقد أحال ذلك العنصر نفسه إلى الوحدة الأساسية في المجموعة، وهي التي يرى في ضوئها قيمة الوحدات الأخرى المشاركة له.
إن أهمية العناصر المشاركة في النظر إلى الواقع وتقييمه –بتركيز الأضواء على عنصر واحد كما في الحالة الأولى- لا تهدر تماماً، ولكن منهج النظر كله يبدو فاقداً معناه تماماً في الحالة الثانية التي اعتمد فيها المفسر على عنصر واحد عده جامعاً لكل عناصر المجموعة.
وتكون المحصلة من وراء ذلك كله "ذرية التفكير" ليس انطلاقاً من تعدد التفسيرات والإجابات المفسرة، بل من جهة ادعاء أن إجابته هي الصواب المطلق، بل ولها الأولوية على سائر الإجابات. وذرية التفكير هذه هي المقدمة للتجزيئية، أي للتشبث بالجزئيات على حساب الكليات.
كثيراً ما يجد القارئ أن الحديث عن مسألة الحاكمية ينسحب تلقائياً إلى الحديث عن الخوارج، ويجد الباحث نفسه أمام تقرير أن الخوارج هم أول من رفع شعار "لا حكم إلا لله" بالرغم من أن هذا الشعار من الآيات التي وردت في القرآن في أكثر من موضع.
وبطبيعة الحال يقصد من هذا السحب إضفاء ظلال من الريبة والشك حول مفهوم الحاكمية من حيث الربط بينه وبين طائفة من أهل الانحراف والغلو في التاريخ والتراث الإسلامي، فكثير من الباحثين[1] لمفهوم الحاكمية يبدأون دراستهم له حين اتفق كل من الإمام على أمير المؤمنين، ومعاوية بن أبي سفيان، على تحكيم كل من أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص في النزاع الذي كان بينهما بسبب مقتل عثمان رحمه الله. وفهم هؤلاء الباحثون من رفع الخوارج شعار "لا حكم إلا لله" نفى سلطان البشر في تسيير أمورهم السياسية، ومن ثم تصبح "الحاكمية" سبيلاً لنفي سلطان البشر في تسيير أمورهم الدنيوية.
وفي الحقيقة فإن ما قصده الخوارج من رفعهم لهذا الشعار يحتاج من الباحث المدقق لوقفة تأمل، فهم قد رفعوا هذا الشعار رافضين به ما انتهت إليه نتيجة التحكيم، وما كانوا يقصدون به نفي سلطان البشر في تسيير أمورهم السياسية والدنيوية أو نفي أن يكون للناس أمير، فقد كان لهم أمراء وكانت لهم آراؤهم في الإمامة والخلافة[2] ، ولكنهم قصدوا بهذا الشعار أنه لا ينبغي العدول عن حكم قد بينه الله في كتابه إلى حكم الرجال، فالله قد بين حكم الطائفة الممتنعة عن طاعة الإمام، فكيف يقبل عندئذ نصب الحكمين، وقد كان هذا رأي الإمام علي أول الأمر إلا أنه استكره على غيره وقبل نصب الحكمين لفهم له في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عندما حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ في أمر "بني قريظة" فكان حكمه عدلاً موافقاً لحكم الله وقال: "حكمت فيهم بحكم الملك"[3].
ولقد كان للخوارج فهم خاص لشعار "لا حكم إلا لله" رتبوا عليه نتائج استباحوا بها دماء المسلمين، وقد اعترف الإمام علي بالمبدأ (كلمة الحق) ولكنه أنكر عليهم ما رتبوه من نتائج، وما استخلصوه من خلاصات،  وما اتخذوه من مواقف وأفعال (أريد بها باطل)، وقد كان الباطل الذي يريده الخوارج هو نسبتهم علياً رضي الله عنه للكفر واستحلالهم الخروج عليه مما أدى بهم إلى كثير من المظالم التي استباحوها على هذا الفهم غير الصحيح[4]. وربما كانت مواقف الغلو والتطرف التي اتخذها الخوارج من بعضهم ومن المخالفين لهم يرجع في كثير من جوانبه إلى تكفير مرتكب الكبيرة الذي يعد أصلاً من أصول مذهبهم، بل إن هذا الأصل يفسر خروجهم المستمر على الأئمة والولاة القائمين في وقتهم، فالرأي عندهم وجوب الخروج على الإمام الجائر ولو أبيدوا جميعاً[5].
وخلاصة القول: إن محاولة ربط مفهوم الحاكمية بالشعار الذي رفعه الخوارج (لا حكم إلا لله) الذي كان عنواناً عليهم، لا تشهد لأصحابها بل هي شاهدة عليهم من جهة أن رفع الخوارج لهذا الشعار كان مقصوداً به رفض النتيجة التي انتهى إليها التحكيم ولم يكن رفعه له تعلق بنفي سلطان البشر في تسيير أمورهم الدنيوية وفقاً لمفهوم الاستخلاف من الرؤية الإسلامية بعبارة أخرى فقد كان طرح الخوارج للمسألة من قبيل وضع الشي في غير موضعه وإنزال النصوص على غير منازلها، أو كما يعرف الأصوليون: غلط في تحقيق مناط الحكم[6].
إذا كانت الحاكمية التشريعية - كما سلف - مبدأ يعني أن الله سبحانه وتعالى هو الحاكم أي مصدر جميع الأحكام الشرعية بما تتضمنه من تصور عقدي عن الله والكون والإنسان وشريعة حيث تكون العبادات جزء منها وأخلاق، فهل يمكن الحديث عن مستويات تتعلق بالمبدأ خاصة إذا كان يحمل معنى التصديق والالتزام والخضوع؟
إن جوهر فكرة المستويات فيما يخص الحاكمية ينصرف إلى المعاني التالية:
  1. المستويات داخل المفهوم، وهذا ينصرف إلى مضمون ومكونات الحاكمية (شرعية عقدية وأخرى سياسية وثالثة قانونية ورابعة اجتماعية) ونطاقها الذي يتفاوت من مجال لآخر فقد يضيق وقد يتسع.
  2. جهات تطبيق الحاكمية والعناصر الخاصة بها (الفرد والأمة والنظم – العلماء والرعية والأمراء).
  3. إلا أن هناك معنى من معاني مستويات الحاكمية يغلف المعنيين السابقين ويحيط بهما يتعلق بالحكم الذي يأخذه الخارج على أحكامها (الكفر أم الفسوق أم الظلم).
وتجد مستويات الحاكمية سندها في تفاوت الإيمان[7] والكفر. فما عليه الجمهور- جمهور أهل السنة والجماعة- إن الإيمان يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. فالإيمان على ثلاثة أقسام: قسم يخرج صاحبه به من الكفر ويتخلص به من الخلود في النار إن مات عليه، وقسم يرجى به العدالة لصاحبه وزوال اسم الفسق عنه ويتخلص به من دخول النار، وقسم منه يوجب كونه صاحبه من السابقين الذين يدخلون الجنة بغير حساب، والكفر قد يكون أكبر وأصغر، كفر ينقل عن الملة وكفر معصية (كبيرة أو صغيرة) أو مجازي اعتقادي أو عملي.
وهذه التفاوت يحمل معنى التكامل والتفاعل بين العناصر المكونة لحقيقية الإيمان وماهيته ولا يعني التجزئ أو التبعيض، فالإجماع منعقد بين أهل السنة والجماعة على اعتبار القول باللسان والتصديق بالجنان من حقيقة الإيمان وإن اختلفوا[8] في تكييف العمل بالجوارح إن كان جزءاً من الإيمان أو مقتضى من مقتضياته ولازمة من لوازمه، وهم متفقون على ضرورة التلازم بين التصديق والعمل وإلا عد الافتراق بينهما قرينة على الرجوع الاستظهاري للشريعة لا الرجوع الافتقاري بتعبيرات الإمام الشاطبي. فالإيمان تصديق يستلزم الطاعة والانقياد، وهكذا الحاكمية التي تتبع الإيمان وجوداً وعدماً وحكماً يجب فهمها وفق عناصر الرؤية الإسلامية للإيمان، فكما أن الإيمان إذن لا يتجزأ من حيث مستوياته التي يفترض التكامل بصددها (التصديق والقول والعمل)، فإن الحديث عن مستويات الحاكمية ومكوناتها لا يعني انفصالها وتمايزها وعدم تكاملها وتفاعلها، فالنقص في مستوى أو مكون لابد أن يتبعه نقص على المستويات الأخرى، والزيادة في أحدها ينعكس على الآخرين بالضرورة.
و برغم التفاعل والتكامل بين مكونات الحاكمية ومستوياتها يبقى التمييز بينها استنادًا  إلى تفاوت أركان الإيمان في قيمتها حيث يكتسب التصديق مرتبة أعلى ينخرم الإيمان بفقدانه.
الحاكمية وفقاً لهذا التصور لها جانبان: جانب اعتقادي وجانب امتثال، فهي عقيدة والتزام وتصديق وعمل، نفي الجانب الاعتقادي، أي الاعتراف بحاكمية الله ووجوب ما أنزله وعدم الاستهانة به كفر ينقل عن الملة لأنه يحمل معنى الجحود[9]. أما جانب الامتثال، أي ترجمة ذلك الاعتقاد إلى سلوك وممارسات، فهو وإن كان مقتضى من مقتضيات الحاكمية ولازمًا من لوازمها يجب الاعتقاد بوجوبه، إلا أن عدم الإتيان به لا يعد كفراً ينقل عن الملة.
بعبارة أخرى إن عدم الاحتكام إلى شرع الله على مستوى الاعتقاد أو التصديق كفر أما الانحراف عن مقتضى الشرع في الحركة والسلوك والممارسة فهو ظلم أو فسق.
ويعضد من هذا الفهم آيات الحكم في سورة المائدة[10] ، فمعظم المفسرين[11]  جروا في تفسيرهم لهذه الآيات على التمييز بين مستويين الأول يتعلق بالكفر والثاني يختص بالظلم والفسق، واشترطوا في إطلاق مسمى الكفر على من لا يحكم بما أنزل الله الجحود بالقلب والإنكار باللسان والاستهانة بالأحكام الرد لما أنزل الله، ولكن من أقر بلسانه وصدق بقلبه ولم يحكم بما انزل الله فهو ظالم فاسق.
بعبارة أخرى، فإن الأوصاف الثلاثة اعتبارات مختلفة لحال الحاكم بغير ما أنزل الله: فلإنكاره وجحوده وصف بالكافر، ولوضعه الحكم في غير موضعه أو جوره فيه عامداً فهو من الظالمين، ولخروجه من الحق وصف بالفسق، ولكن يظل، برغم هذا، الخروج الدائم على مقتضيات الشرع الذي تجسده مرحلة الفسق والظلم يمكن أن ينقل صاحبه إلى مستوى الكفر لأن التصديق كما قدمت لابد أن يحمل معنى الامتثال والطاعة، فالإيمان من أركانه العمل ولكن مقدار العمل الواجب لإظهار الحقيقة الإيمانية مما يختلف باختلاف الظروف والأشخاص والضرورات الشرعية، وهو مقدار يحدده الظرف والمجتمع وحكم المؤمنين المخلصين الذين يقبل الله شهادتهم[12].
والذي يمكن أن يشار إليه في هذا الصدد أن الفرد والجماعة في الأمة والدولة في نظمها يمكن أن يأخذ من أحكام الإسلام حسب ما تقتضيه الأحوال وموقعه في الحياة وتطوره فيها شريطة أن يؤمن ذلك الفرد وتلك الجماعة أو هذه الدولة بكل أحكام الإسلام واستمراريتها وأن يظهر ذلك الإيمان من خلال المشاركة الفعالة في كل ما يخصهم من أحكام الإسلام  فهناك أحكام تخص الفرد تختلف باختلاف حالاته ولكن هناك أحكام إسلامية عامة تلزم كل مكلف من المسلمين، وكذلك الجماعة المسلمة والدولة المسلمة.
أي إن موقع الفرد المسلم والجماعة المسلمة والدولة المسلمة، ومرحلتهم الحياتية هي التي تحدد ما يخصها من أحكام الإسلام، إلا أنه يتوجب عليهم الإيمان بباقي أحكام الإسلام، وأن يستعد كل واحد منهم للعمل ببقية الأحكام متى حانت الظروف وتهيأت الأحوال.
فالأحكام الإسلامية تنقسم باعتبار الماهية والكيفية إلى قسمين: أحدهما ماهية تلك الأحكام وثانيهما: كيفية تنفيذ تلك الأحكام، وهذان القسمان ينقسمان باعتبار الفاعل إلى ثلاثة أقسام: أحدهما أحكام خاصة بالمسلم كفرد، وثانيهما أحكام خاصة بالجماعة كجماعة من الأمة الإسلامية وثالثهما: أحكام خاصة بالدولة ونظمها.
ويحدد أهل الاجتهاد وأهل الحل والعقد فقه المراحل وفقه الأولويات للأطراف الثلاثة في إطار فقه فرض الوقت وفقه الحال والواقع لكل منهم، وهذا لا يعد تبعيضاً لأحكام الإسلام بل ترتيباً وتدرجاً وتكاملاً تتعلق في مجملها بكيفية تنفيذ تلك الأحكام[13].
والأطراف الثلاثة (الفرد والأمة والدولة بنظمها ومؤسساتها) عليهم مسؤولية تضامنية في تحويل الحاكمية إلى ممارسة حياتية وسلوك يومي لكل منهم، والإخلال بهذه الوظيفة وتلك المسؤولية على أي مستوى أو بالنسبة لأي فاعل وطرف لا ينفي مسؤولية أي الطرفين الآخرين عن تنفيذ ما هو مخاطب به من أحكام، وعلى رأس تلك الأحكام محاولة رد الطرف المنتقص للحاكمية أو الناقض لها إلى مقتضياتها، فالشريعة الإسلامية تنفرد عن الشرائع الوضعية في أنها لا تعتمد في تنفيذها على سلطات الإدارة ومؤسسات الحكم فقط، بل تعتمد بالدرجة الأولى على مسؤولية الأفراد والأمة عن تنفيذها "فعملية التطبيق مسؤولية ووظيفة وليست السلطة والحقوق المرتبطة بها إلا وسائل لتمكن القائم بها من أداء مسئوليته ووظيفته على خير وجه[14]  فالفرد مسؤول عن تطبيق الشريعة في خاصة نفسه وأهل بيته وفي المجتمع عن طريق اضطلاعه بمسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك الأمة من خلال قيامها بفروض الكفاية المنوطة بها لتحقيق الحاكمية ومقتضياتها.
هذا ما يخص الحاكمية أما فيما يخص الجاهلية فإنه يمكن التمييز بين مستويين يخصان حالة، المقترف لأحد عناصرها أو لعناصرها كلها[15].
أ - جاهلية الفسوق والعصيان:
فهناك أولاً جاهلية الفسق والعصيان، ويطلق عليها البعض "جاهلية الأعمال"[16]، وهي تلك التي لا يخرج صاحبها من الملة، فقد عنون البخاري باباً في كتاب الإيمان بـ "باب المعاصي من أمر الجاهلية، ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك لقول النبي –صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر: "إنك امرؤ فيك جاهلية"، وقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء) (النساء: 48)[17].
ب - جاهلية الاعتقاد:
أما المستوى الثاني فهو الذي تتعلق فيه الجاهلية وتختص بالكفر، ويطلق عليه سالم البهنساوي "جاهلية الاعتقاد" وهي تلك التي يخرج بها صاحبها عن الملة، لأنه لا يصدر عن مجرد سلوك وإنما عن عقيدة تستحل ذلك السلوك.
التفرقة بين نوعي الجاهلية (جاهلية السلوك وجاهلية الاعتقاد) تسمح بالقول أن الفرد المسلم أو الأمة المسلمة (المجتمع) والنظام الإسلامي (سياسي أو اقتصادي أو قانوني…) قد تكون في أي منهم خصلة من خصال الجاهلية ومع ذلك فلا ينتفي عن أي منهم مسمى الإيمان، ويكون الحكم في هذه الحالة متعلقاً بالدرجة لا بالطبيعة[18].
فالفرد المسلم يمكن أن يرتكب عملاً من أعمال الجاهلية "يا أبا ذر إنك إمرؤ فيك جاهلية" وهو بذلك يكون قد خرج على أحكام الدين، باعتبار الجاهلية كل خروج على أحكام الدين، أما تحديد ما إذا كان هذا الخروج قد بلغ الردة عن الإسلام أم لا فيرجع فيه لأحكام الشريعة التي تحدد الفرق بين المعصية التي يعتبر مرتكبها مرتداً وبين تلك التي لا تعتبر كذلك[19].
ويصبر الجوهر الذي يمنحه الناس الولاء والانتماء هل هو التوحيد أم الشرك؟ ولأي الغلبة.. قيم التوحيد أم قيم الشرك، يصير هذا الجوهر هو معيار التفرقة والتمييز بين الجاهلية بالنسبة للأمة أو المجتمع[20].
وتصبح الفلسفة والمقومات أو القيم الحاكمة التي تبنى عليها النظم المختلفة هي التي تميز تلك النظم التي تتصف بجاهلية الاعتقاد من تلك التي تتصف بجاهلية السلوك[21].
إن هذه التفرقة والتمييز بين الممارسة والسلوك وبين العقيدة التي يصدر عنها هذا السلوك وتلك الممارسات يعد معياراً مهماً في التفرقة بين نوعي الجاهلية، ومن ثم فقد نجد في أحيان كثيرة سلوكاً للأفراد وممارسات مجتمعية وسياسات للنظم تخرج عن أحكام الدين، ولكن أصحابها في ذلك لا يخرجون عن الملة إلا إذا صدروا في سلوكهم وممارساتهم وسياساتهم تلك عن عقيدة تناقض عقيدة الإسلام ومقتضياتها هذا ما لا يمكن التحقق منه لأنه في جوهره عملي قلبي نهينا كمسلمين التنقيب عنه.
كما تصير التفرقة بين الفرد والمجتمع والنظم عند إطلاق الأحكام أو تحديد الأوصاف أمراً بالغ الأهمية بهذا الصدد فالحكم أو الصفة التي تلحق بالمجتمع أو النظام ليست بالضرورة يجب أن تلحق بالفرد، كما أن اتصاف بعض النظم أو كلها بوصف يغلب عليها ليس معناه بالضرورة أن هذا الوصف يلحق بالمجتمع وأفراده.
وهذا لا ينافي بالضرورة التأثير المتبادل الذي يحدث بين الأطراف الثلاثة (الفرد والمجتمع والنظام) باعتبار أن عدم الاتساق بينها سيترك أثره –ولا شك- عليها جميعًا كما إن التغير في أحدها لها آثاره على الآخرين. فالاستعمار الغربي في هجمته الشرسة على العالم الإسلامي في القرن الماضي قد بدأ بتغيير النظم التي يحتكم إليها الفرد المسلم في حياته اليومية مما كان له آثاره الخطيرة على سلوكياته وممارساته بل وتصوراته بما ترك أثره على المجتمع ككل.
وأخيراً فإن مهمة الباحث الجاد تصير أكثر صعوبة وتعقيداً عند محاولته رصد وتحليل وتقويم الواقع المعقد الذي يتعامل معه، وتصبح مهمته العسيرة هي ضرورة التمييز بين مستويي الجاهلية بالنسبة للفرد والأمة والنظم، ويصير مقصده الأساسي وهدفه النهائي من وراء ذلك كله هو محاولة التمييز بين خصال الجاهلية وصفاتها وبين الإسلام في واقع الأفراد والمجتمعات والنظم، حتى نصبح قادرين على ممارسة الهدم، هدم الجاهلية وخصالها واستكمال خصال الإسلام أو شعب الإيمان وليس البناء من الصفر كما يطرح البعض[22] ، والأصل في ذلك حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَلْبَثُ ‏ ‏الْجَوْرُ ‏ ‏بَعْدِي ‏إِلا قَلِيلاً حَتَّى يَطْلُعَ، فَكُلَّمَا طَلَعَ مِنْ الْجَوْرِ ‏شَيْءٌ ذَهَبَ مِنْ الْعَدْلِ مِثْلُهُ الْجَوْرِ ‏مَنْ لا يَعْرِفُ غَيْرَهُ، ثُمَّ يَأْتِي اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِالْعَدْلِ، فَكُلَّمَا جَاءَ مِنْ الْعَدْلِ شَيْءٌ ذَهَبَ مِنْ الْجَوْرِ ‏مِثْلُهُ حَتَّى يُولَدَ فِي الْعَدْلِ مَنْ يَعْرِفُ غَيْرَهُ"[23].
لفظة "الجاهلية" من مبتكرات القرآن. فلم تسمع في العرب إلا بعد نزوله[24] ويتعلق هذا الجزء بالإجابة على تساؤل مهم يثور في هذا الصدد مؤداه: هل الجاهلية فترة تاريخية انقضت نهائيًا وبلا رجعة ببعثة الرسول أم بفتح مكة على خلاف في ذلك، أم هي حالة موضوعية توجد كلما وجدت مقوماتها وتوافرت خصائصها؟. مؤدي الإجابة على هذا التساؤل تثير قضية شائكة وحساسة في الفكر الإسلامي الحديث تتعلق بمدى إمكانية انطباق "الجاهلية" كحالة موضوعية على المجتمعات المسلمة اليوم؟
يمكن للباحث أن يميز بين تيارين أساسيين في الفكر الإسلامي في الإجابة على هذا التساؤل:
الأول: نظر إلى الجاهلية باعتبارها فترة انقضت ولا يمكن تكرارها، فالجاهلية وفقًا لهذا التيار تصف حالة مكانية محددة، فهي تنطبق فقط على المشركين من القبائل العربية القاطنين بالجزيرة العربية قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، دون أهل الكتاب من العرب المعاصرين لهم في الزان والمشاركين لهم في المكان.
بعبارة أخرى، فإن الجاهلة وفقًا لهذا التيار هي الحال التي كان عليها مشركو العرب قبل الإسلام من الجهل بالله سبحانه، ومن المفاخر بالأنساب، والكبر، والتجبر وما كان أهل الجاهلية يعتمدونه من أخذ الجار بجاره والحليف بحليفه ونحو ذلك.
ولقد ساد هذا الفهم للجاهلية لدى أهل التاريخ من الأقدمين[25]، فقد جعلوا منها وصفًا مختصًا بالمشركين من العرب فقط قبل بعثة النبي، بالرغم من أنهم عادة ما يبدأون تاريخهم، بابتداء الخلق ويتتبعون سيرة الأنبياء من آدم حتى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنهم لا يطلقون مسمى الجاهلية على ما كان بين الأنبياء من فترة تضمحل فيها تعاليم الرسل.
أما شُرَّاح الحديث[26] حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجعلون من الجاهلية وصفًا يلحق بما مضى قبل الإسلام أو زمن الفترة قبل الإسلام، فالجاهلية وفقًا لرأيهم هي حالة الجهالة والضلالة التي تكون عليها الأمة قبل أن يأتيها ويظهر فيها الهدى – هدى الأنبياء، فهي هنا صفة للحال والقيم والمعتقدات والنظم الضالة والمتخلفة والظالمة التي تسود في تلك الحقبة الزمنية، وقد يراد بها نفسها الفترة الزمنية، ولذلك أطلقت على الزمن الذي يفصل بين بعثة رسل الله عليهم السلام[27].
وعلى خلاف ذلك فقد تبلور اتجاه في الفكر الإسلامي المعاصر والحديث يذهب إلى اعتبار الجاهلية حالة موضوعية تقوم على أنه لو توافرت مجموعة من السمات والخصائص في فرد أو مجتمع أو نظام ما ، كان من الممكن وصفه بالجاهلية بصرف النظر عن مكانة أو زمانه.
وفي الحقيقة فإن الباحث يجد جذورًا لهذا التيار، وإن كانت على استحياء، عند أصحاب التفسير من الأقدمين[28] عند تفسيرهم "للجاهلية الأولى" التي وردت في سورة الأحزاب[29]. كما نجده عند أبي نصر الفارابي (260 – 339هـ) في عرضة لأنواع المدن التي تضاد المدينة الفاضلة، فالمدينة الجاهلية، وهي أحد أنواع هذه المضادات، هي التي لم يعرف أهلها السعادة أبدًا حتى ولو أرشدوا إليها، حيث عرفوا فقط الخيرات التي يظن في الظاهر أنها كذلك، وأنها هي الغايات المنشودة مثل سلامة الأبدان والثراء والتمتع باللذات والتكريم والتفاخر، حيث يعتبر أهل الجاهلية كلاً من هذه الغايات سعادة في حد ذاتها، أما السعادة العظمى الكاملة عندهم فهي اجتماعها جميعًا.
ويعرض الفارابي لأنماط مختلفة من المدن الجاهلية ينتظمها جميعًا حرص أهلها على المتع الحسية المادية، فالمدينة الضرورية هي التي يقتصر أهلها على الضروري اللازم لقوام الأبدان من المأكل والمشرب والملبس والمسكن والزواج، والمدينة البدالة هي التي قصد أهلها أن يتعاونوا على بلوغ اليسار والثروة كغاية في حد ذاتها، ومدينة الخسة والشقوة فهي التي يهدف أهلها التمتع باللذة من المأكل والمشرب والتزاوج: أي اللذة من المحسوس مع اللهو واللعب بكل وسيلة، ومدينة الكرامة فهي التي يتعاون أهلها على أن يصبحوا مكرمين ممدوحين مشهورين سواء بين الأمم الأخرى أو فيما بينهم. ومدينة التغلب فهي التي يهدف أهلها أن يكونوا القاهرين لغيرهم مع الحرص ألا يقهروا من جانب الغير، وأخيرًا تأتي المدينة الجماعية وقصد أهلها أن يكونوا أحرارًا بحيث يعمل كل فرد منهم ما يشاء، فالهدف هو الحرية الشخصية المطلقة.
وفي الحقيقة فأن تتبع مسيرة هذا التيار، الذي يعبر الجاهلية حالة موضوعية، في الفكر الإسلامي الحديث والظروف الموضوعية التي أحاطت بأصحابه قد تحتاج إلى بحث مستقل، ولكن يمكن للباحث أن يرصد بعض العلامات البارزة في هذا الخصوص:
أ - كان أول من استخدم المفهوم بهذا المعنى في الفكر الإسلامي الحديث هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1115 – 1206هـ/ 1703 – 1791م) وليس أبو الأعلى المودودي كما هو شائع، فقد ألف ابن عبد الوهاب رسالة صغيرة الحجم (لا يتجاوز عدد صفحاتها عشرة صفحات) سماها "مسائل الجاهلية التي يخالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية من الأميين والكتابيين".
وقد توسع فيها علامة العراق محمود شكري الألوسي وأتم شرحها 01325هـ/ 1907م) فبلغت ما يزيد على مائة وخمسين صفحة من القطع الصغير، وقام محب الدين الخطيب صاحب المكتبة السلفية بمصر بتحقيقها والتعليق عليها وطبعها في مصر سنة (1347هـ/ 1924م) ثم طبعت بعد ذلك تكرارًا ومرارًا[30].
ويلاحظ على هذا الطور من سيرة المفهوم ما يلي [31]:
  1. سعة المفهوم بدرجة كبيرة، فقد بلغت مسائل الجاهلية عند ابن عبد الوهاب مائة مسألة، وقد كانت كلها بمثابة بدع عقدية وعملية وبدع عبادية.
  2. كما أن وصف الجاهلية لحق الكتابيين بالإضافة إلى مشركي العرب أيضًا.
  3. وربما كان أهم السمات أن هذه الرسالة وإن كانت إحدى نظرات ابن عبد الوهاب إلى المرض العام الذي كان سكان الجزيرة العربية في وقته مصابين بأعراضه؛ فإن الألوسي في شرحه والخطيب في مقدمته قد استخدما الجاهلية لوصف حال المسلمين في وقتهم. بعبارة أخرى، فإن الألوسي عادة ما ينهي كل مسألة بقوله أن ذلك "من أعمال جهلة المسلمين اليوم أو طائفة منهم، وهذه الخصلة اليوم في كثير من المسلمين" والناس اليوم قد كثرت فيهم خصال الجاهلية".. إلخ[32].
فمفهوم الجاهلية في هذا الطور قد طرح تعبيرًا عن واقع الانحراف في حياة المسلمين عن دينهم، وظل أصحاب هذا الطور يطلقون مسمى الإسلام على من اتصف بصفة من صفات الجاهلية ولا يجعلون منها وصفًا يشمل جميع المسلمين، فالألوسي في مؤلف آخر له يميز بين نوعين من الجاهلية: الجاهلية المقيدة والجاهلية المطلقة، ويجعل من الأولى وصفًا يمكن أن يقوم في بعض ديار المسلمين وفي كثير من الأشخاص المسلمين، أما الجاهلية المطلقة فقد تكون في مصر دون مصر كما هي في دار غير الإسلام ، وقد تكون في شخص دون شخص كالرجل قبل أن يسلم، وأما في زمان مطلقًا فلا جاهلية بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه لا تزال من أمته طائفة ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة[33].
ب- وإذا كان منشأ "الجاهلية" كحالة موضوعية في الفكر الإسلامي الحديث عربيًا  فإن تطويراتها التالية قد جاءت من الهند. والذي أرجحه أن المفهوم قد انتقل إليها من خلال طبع رسالة ابن عبد الوهاب في فترة مبكرة بها[34].
اعتبر المودودي (1321 – 1399هـ/ 1903-1979م) منذ فترة مبكرة[35] الجاهلية منهج حياة يضاد ويتناقض مع منهج الإسلام في الحياة ونظرته لله وما وراء الطبيعة والكون والإنسان والحياة أو بتعبيره "مسائل الحياة الأساسية"[36].
الجاهلية في هذا الطور طرحت ليس فقط لوصف حال المسلمين الذين انحرفوا عن الإسلام، وإنما أيضًا لمواجهة الحضارة الغربية الغازية بفلسفتها وقيمتها وتصوراتها الكلية لله والإنسان والكون والحياة، ومن ثم فقد كان هناك تمييز للمودودي بين أنواع من الجاهلية: الجاهلية المحضة وهي جاهلية الحضارة الغربية، وجاهلية الشرك وهي جاهلية مشركي العرب وبعض المسلمين الذين يأتون ببعض المظاهر الشركية كالتوسل بالمقبورين وغير ذلك، وأخيرًا تأتي جاهلية الرهبانية لوصف انحراف وضلال أهل الكتاب، وبعض متصوفة المسلمين.
ويمكن أن يكون كتاب أبي الحسن الندوي "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين" والذي صدر بالعربية (1950م) تعبيرًا عن ذلك الطور أيضًا، فقد استخدم الجاهلية لوصف الحال التي كانت عليها الإنسانية قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وسمى ذلك "العصر الجاهلي" ثم تحدث عن استمرار النزعات الجاهلية في رجال الحكومات في عصر الانحطاط الإسلامي، ثم يختتم كتابة بالحديث عن اتجاه العالم بأسره إلى الجاهلية ومنه العالم الإسلامي أيضًا[37].
ثم تأتي المدرسة القطبية لتدخل المفهوم في بنية الفكر الإسلامي الحديث أو لتجعله مثار معركة بين المؤيدين له أو المعارضين أو المتحفظين عليه، وذلك يعود في جزء كبير منه لما رتبته وتبنته هذه المدرسة وواقع العالم وكيفية تغييره، أو بتعبير آخر فإن النظرية القطبية تحولت إلى منهج في العمل الإسلامي له قسماته الفكرية وسماته الحركية التي ما زالت تأثيراتها إلى يومنا هذا مسيطرة على بعض الحركات الإسلامية وأفرادها.
وقد طرح سيد قطب مفهوم الجاهلية في فترة الخمسينات والستينات من هذا القرن لمواجهة المشروع السياسي العلماني لدول الاستقلال بعد رحيل الاستعمار المباشر وموقف الجماهير المسلمة غير الرافضة صراحة لهذا المشروع، بالإضافة إلى مواجهة الحضارة الغربية بمعسكريها، ووفقًا له "فإن العالم يعيش اليوم كله في "جاهلية" من ناحية الأصل الذي تنبثق مه مقومات الحياة وأنظمتها، جاهلية لا تخفف منها شيئًا هذه التيسيرات المادية الهامة وهذا الإبداع المادي الفائق"[38].
"وهذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض وعلى أخص خصائص الألوهية.. وهي الحاكمية، إنها تسند الحاكمية للبشر فتجعل بعضهم لبعض أربابًا لا في الصورة البدائية الساذجة التي عرفتها الجاهلية الأولى ولكن في صورة ادعاء حق وضع التصورات والقيم والشرائح والقوانين والأنظمة والأوضاع بمعزل عن منهج الله للحياة، فيما لم يأذن به الله.[39].
وخلاصة القول: أن الرأي في الفكر الإسلامي انقسم بشأن احتمال تكرار الجاهلية مرة أخرى بعد ظهور الإسلام كما انقسم أيضا بشأن إلحاق صفة الجاهلية بالمجتمعات المسلمة اليوم بناءًا على الاختلاف الآراء بشأن تحديد مضمون الجاهلية ومقوماتها[40] والجاهلية التي اعترف بها الفكر الإسلامي الحديث لدى بعض تياراته ورموزه، من حيث إمكانية تكرارها مرة أخرى نظر إليها باعتبارها منهجًا في الحياة مناقض لمنهج الله، أو بتعبير آخر الجاهلية وفقا له منهج في الحياة مقابل ومضاد لمنهج الإسلام وان الجاهلية طرحت أولا كتعبير عن واقع الانحراف في حياة المسلمين ثم استخدمت لمواجهة المشروع العلماني للدول الوطنية بعد الاستقلال وموقف الجماهير المسلمة من هذا المشروع.
كل من المفهومين له نسق خاص به، يستدعي بعضه بعضًا مكونًا نقطة مثالية تكون بمثابة قمة التناقض بين المفهومين، والرسم التالي يوضِّح هذه الحقيقة:
Oـــــــــــــــــــ|ـــــــــــــــــــO
الحاكمية بمقتضياتها قمة
الالتزام العقيدي
الجاهلية بمقتضياتها
جاهلية الاعتقاد
قمة الانحراف العقيدي


نسق الحاكمية
 نسق الجاهلية
المطلق
الله
الدولة/الإنسان
الحاكمية
في جانبها التشريعي والتكويني يختص بها الله دون سائر خلقه
وضعية التشريع:فالبشر هم صانعو تشريعاتهم وقوانينهم دون الالتزام بقواعد حاكمة أو قيم متجاوزة لهم.
 القوانين والتشريعات
سيادة الشريعة:الانطلاق من النص الموحى به في صياغة القوانين والتشريعات.
الإنسان
مستخلف عن الله في الأرض وملتزم بعهد الاستخلاف
محور الكون ومركزه لا تحده حدود ولا تقيده ضوابط من خارج البشر.
القيم
الحاكمية تعني: أن تكون لمفاهيم الخير والشر مقاييس ومعان ثابتة لا تغيَّر بتغير الأحوال والأزمان، فهناك قيم مطلقة يمكن الاحتكام إليها، ومن ثم فالإنسان ليس حرًا حرية مطلقة، وإنما يتحرك داخل حدود هذه القيم الثابتة.
التغير والنسبية سمة القيم الجاهلية، فمفاهيم الخير والشر لا تحمل حقيقة ملزمة في ذاتها، وإنما تتخذ صورًا متعددة تتلاءم مع مقتضيات الظروف الاجتماعية والسياسية، الإنسان كائن حر تمامًا ولا تحده حدود، فهو صانع هذه القيم ويملك تغييرها.
الاختلاف
الحاكمية هي التي تحدد الإطار الضابط للاختلاف الذي لا يجوز تجاوزه، وإلا تحوَّل الاختلاف إلى فوضى
الاتفاق الهش حول عدم الاختلاف مما يترتب عليه أن تكون هناك نقطة تتصادم فيها المصالح مما يولد الصراع بين الأفراد والتجمعات.
المصلحة
المصلحة الشرعية أي المنضبطة بالشريعة.
المصلحة القومية أو الفردية مع سيادة قانون اللذة والمنفعة، فالمصلحة القومية هي المعيار الوحيد أو القانون المهيمن الذي يجب أن تعالج على ضوئه كافة الشئون العامة.
السلطة
السلطان للأمة
السيادة للأمة
الجامع السياسي
تحدده العقيدة حيث يكون الولاء لله ورسوله والمؤمنين ومفتوح أمام انضمام الآخرين
يتأسس على الحمية للوطن أو القوم أو الأرض فهو موصد أمام انضمام الآخرين إليه
وعلى الرغم من وضوح هذين النسقين وتناقضهما على المستوى النظري إلا أنه تظل المشكلة شائكة ومعقدة في أرض الواقع حيث يختلط النسقان معًا مما يصبح الحكم الذي يأخذه هذا الواقع بالغ الصعوبة وإني أرى أن الحكم الذي يأخذه الفرد أو النظم أو الدولة يتحدد وفقًا لقربهم من النقطة المثالية في كل من النسقين ويتم ذلك بصفة أساسية من خلال الجانب الاعتقادي في كلا النسقين الدخول في نسق الحاكمية يتطلب اعترافًا بحاكمية الله مع تحقيق مقتضيات هذه الحاكمية في أرض الواقع، ويأتي على رأس هذه المقتضيات اعتراف للدين بدور أساسي في تسيير أمور الحياة، مع الاعتراف بصلاحية الشرعية لكل زمان ومكان واستمداد القوانين والتشريعات منها وأي انحراف بعد ذلك أو انتقاص إنما يدخل في جانب السلوك إلا الجانب الاعتقاد. بعبارة أخرى فإن الانتقال من مكون أو مقتضى من مقتضيات الحاكمية إلى آخر الجاهلية يمثل انتقاصًا لمفهوم الحاكمية بشرط بقاء الالتزام العقيدي بالمبدأ ويكون هذا بمثابة انتقال من النقطة المثالية إلى نقطة أخرى على الخط المستقيم، اقتراب من الجاهلية بقدر أو بآخر، والعكس بالعكس أيضًا.
الحاكمية وفقًا لهذا التصور لها تبدياتها ومظاهرها التي تتجلى من خلال عناصر ومفاهيم الجدول السابق عرضه، والدراسة الواقعية لآليات الانتقال من نسق لآخر تتطلب توسيع دائرة النظر من خلال تتبع هذه التبديات وتلك المظاهر والقضايا والمفاهيم التي يحملها كل نسق وكيفية الانتقاص منها وانتقاضها بالكلية، وليس الاقتصار على جانب واحد من جوانب نسق، فهذا الاقتصار يعطي ضيقًا في الأفق والرؤية، وخطأ في الحكم وسوءاً في الفهم، واضطرابًا في الحركة، ويظل رغم ذلك القضية الأهم في نظري والتي تحتاج إلى المزيد من الجهد ومتابعة البحث هي الدراسة الواقعية لآليات الانتقال من نسق لآخر خاصة أن هذا تم في فترات تاريخية مختلفة من عمر البشرية وتاريخ الأمة المسلمة.


[1] انظر على سبيل المثال: د. محمد عمارة، العلمانية ونهضتنا الحديثة، القاهرة: دار الشروق، ص 80-81. فهمي هويدي. الحاكمية بين أهل الدعوة وأهل القانون، مرجع سابق، ص 128 – 129. والطريف في هذا الأمر أن أحد الباحثين يرى أن الأمويين وليس الخوارج هم أول من نادى بالحاكمية حين استدعوا الدين إلى الخلاف السياسي برفعهم المصاحف على أسنة الرماح وطلبهم للتحكيم. وهذا الرأي إنما كان لتحيز الباحث للخوارج ضد الأمويين باعتبار الخوارج ممثلي الثورية في التاريخ الإسلامي بخروجهم الدائم على النظام القائم في مقابل الأمويين ممثلي قوي المحافظة. انظر: د. نصر حامد أبو زيد، الخطاب الديني: آلياته ومنطلقاته الفكرية. القاهرة: قضايا فكرية، الكتاب الثامن: (أكتوبر 1989)، ص 60 – 65.
[2] ربما كان الذي أثار اللبس في فهم شعار "لا حكم إلا لله" ما رواه بعض الشيعة، وقد كانوا على خلاف دائم مع الخوارج، أنهم كانوا يريدون، أي الخوارج، أن يقولوا لا حاكم إلا اله ولذلك أجابهم على "نعم لا حكم إلا لله" ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلا لله. وإنه لا بد للناس من أمير "انظر: د. محمد سليم العوا. في النظام السياسي للدولة الإسلامية، ص 1-137.
[3] انظر: أبو منصور عبد الناصر بن طاهر البغدادي. الفرق بين الفرق، وبيان الفرقة الناجية منهم، تحقيق طه عبد الرؤوف سعد، القاهرة: مؤسسة الحلبي، (د.ب) ج45-50، ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، القاهرة: مكتبة السلام العالمية. (د.ت.) ج4،ص156، ففي رده على إنكار الخوارج للتحكيم يذكر "أن عليًا لم يحكم قطًا رجلاً في دين الله، وحاشاه من ذلك إنما هو حكم كلام الله عز وجل بعد أن اتفق الفريقان على الدعوة إلى حكم القرآن الكريم وقد قال تعالى "فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله.. الآية، فلم يُخطئ علي إذا في قبول التحكيم بالرجوع إلى ما أوجبه  القرآن، وحول الآراء السياسية للخوارج انظر على سبيل المثال: د. محمد عمارة، تيارات الفكر الإسلامي، القاهرة: دار الهلال – كتاب الهلال، (د.ب) ص 12-46. د. مصطفى حلمي، نظام الخلافة في الفكر الإسلامي، الإسكندرية: دار الدعوة، (د.ت.) ص151-181. ويرفض د. سليم العوا ما شاع عن خدعة عمرو بن العاس لأبي موسى الأشعري في تثبيت معاوية وخلع علي من إمامة المسلمين، ويرجح أنهما قد ردا الخلاف بين الطائفتين إلى الإمامة أو إلى من مات ورسول الله عنهم راض. انظر د. سليم العوا، المرجع السابق، وانظر أيضًا أبي بكر العربي، العواصم من القواصم، تعليق وتحقيق محب الدين الخطيب، القاهرة، دار الكتب السلفية (1405هـ) ، ص175 – 182.
[4] د. سليم العوا المرجع السابق، ص114.
[5] فالخارجي هو كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أو كان بعدهم على التابعين بإحسان في كل زمان. انظر: الشهرستاني، الملل والنحل، على هامش كتاب الفصل في الملل والنحل لابن حزم، ص 122 –123.
[6] جمال سلطان، مرجع سابق، ص16.
[7] حول هذه النقطة انظر: علي بن محمد أبي العز الحفني، مختصر شرح العقيدة الطحاوية تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، الإسكندرية، دار عمر بن الخطاب، (د.ت) ص 172 – 173 أبي منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي أصول الدين، استانبول: مطبعة الدولة 1346 هـ/ 1982م)، ص249. ابن حزم الأندلس، الفصل في الملل والإهداء والنحل، القاهرة: مكتبة السلام العالمية، د.ت، ج3، ص105. د. يوسف القرضاوي. ظاهرة الغلو في التفكير، مرجع سابق، ص79-84، د. محمد نعيم ياسين، الإيمان، مرجع سابق، ص85-105 عبد الرحمن عبد الخالق، الحد الفاصل بين الإيمان والفكر، مرجع سابق، ص9-17، أبو بكر الباقلاتي، الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به، تحقيق محمد زاهر بن الحسن الكوثري، القاهرة: مؤسسة الخانجي، ط2: (1382هـ/ 1963م)، ص54-61، ابن رجب الحنبلي، جامع العلوم والحكم، القاهرة: دار الحديث، ط5: (1400هـ/1980م)، ص32-38. د. سيف الدين عبد الفتاح، التجديد السياسي، مرجع سابق، هامش 34، 35، ص325-327.
[8] وهذا خلاف نظري لا ينتج عنه أي أثر عملي ذلك أنهم متفقون في التمييز بين أنواع الكفر وإن اختلفوا في الاسم الذي يطلق عليه. كفر عملي في مقابل كفر اعتقادي وكفر مجازي في مقابل كفر حقيقي.
[9] وهكذا المستحل لمعصية كافر لأنه يصدر عن اعتقاد وليس مجرد سلوك أو ممارسة.
[10] وهي الآيات: 44، 45، 47 من سورة المائدة: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون".
[11] انظر: تفسير الطبري، مرجع سابق، ج6، ص157-164. تفسير ابن كثير، مرجع سابق، ج3، ص ص 110-118 وتفسير الكشاف للزمخشري، مرجع سابق، ج1. ص 637، وتفسير الألوسي، مرجع سابق ج6، ص: 145-146 ابن القيم، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، تحقيق محمد حامد الفقي، بيروت: دار الكتاب العربي، (1392هـ/ 1972م)، ج1، ص: 336-337، وانظر مزيدًا من آراء المفسرين في: عبد العزيز البدري، الإسلام بين العلماء والحكام، الكويت: دار القلم، ط2: (1406هـ/ 1986م)، ص65-69 وانظر أيضًا تفسير المنار لرشيد رضا ومحمد عبده، مرجع سابق ج6 ص329-331.
[12] حول تأصيل هذا الرأي انظر: عبد الرحمن عبد الخالق. الحد الفاصل، مرجع سابق، ص ص 28-30. حسين بن محسن بن علي جابر. الطريق إلى جماعة المسلمين، الكويت: دار الدعوة، (1405هـ/ 1984م)، ص141-152، د. سيف الدين عبد الفتاح مرجع سابق، هامش رقم 35، ص326-327.
ينتقل بانتقال تلك العلة إلى حكم آخر. وضرب مثلاً بآيات الموادعة وآية السيف، فالأخيرة ليست ناسخة على حد قوله، لآيات الموادعة في القرآن.
[13] انظر بدر الدين عمر بن عبد الله الزركشي، البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث ط3: (1404هـ/ 1984م)، ج2، ص: 42 – 43. حيث يتحدث عن النسئ وهو أن كل أمر ورد يجب امتثاله في وقت ما لعلة توجب ذلك الحكم، ثم ينتقل بانتقال تلك العلة إلى حكم آخر، وضرب مثلاً لذلك بآيات الموادعة وىية السيف، فالأخيرة ليست ناسخة على حد قوله، لآيات الموادعة في القرآن.
[14] د. جمال الدين عطية، النظرية العامة للشريعة، مرجع سابق، ص242 وما بعدها. وآيات الحكم في القرآن تتحدث عن "يحكم بما أنزل الله" ، "فمن لم يحكم بما أنزل الله… "ويحكموك" ، "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم" [النور: 51] فهناك من ملك القدرة على الحكم. وهناك من يسعى إلى الحكم بما أنزل الله وهناك من يريد أن يتحاكم إلى غير ما أنزل الله "يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت".
[15] نجد جذورًا لهذه التفرقة عند الزمخشري في تفسيره الكشاف وإن لم يكن بهذا الوضوح حيث يقول في تفسير آية الأحزاب (33): ويجوز أن تكون الجاهلية الأولى جاهلية الكفر قبل الإسلام، والجاهلية الأخرى جاهلية الفسوق والعصيان في الإسلام "الزمخشري"، مرجع سابق، ج3، ص7، 5 ونجدها أيضًا عند ابن القيم في كتاب الصلاة عند حديثه عن الكفر والإيمان حيث يقول: "فالكفر كفران، والظلم ظلمان، والفسق فسقان، وكذا الجهل جهلان: جهل كفر كما في قوله تعالى: "خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين" [الأعراف: 199] وجهل غير كفر كقوله تعالى: "إنما التسوية على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب" [النساء: 17] ويقول في موطن آخر: "فانظر كيف انقسم الشرك والكفر والفسوق والظلم والجهل إلى ما هو كفر ينقل عن الملة؟ والى ما لا ينقل عنها.." نقلاً عن محمد بن سعيد بن سالم القحطاني، الولاء والبراء في الإسلام: من مفاهيم عقيدة السلف، الرياض: دار طيبة، ص61-62.
[16] سالم البهسناوي، الحكم وقضية تكفير المسلم، مرجع سابق، ص71-76. وانظر شبهات حول الفكر الإسلامي، مرجع سابق.
[17] ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، مرجع سابق، ج1، ص85.
[18] فمن أعظم أصول أهل السنة والجماعة أن الرجل قد يجتمع فيه كفر وإيمان، وشرك وتوحيد ونفاق وإيمان، (وأضيف وجاهلية وإسلام)، انظر رسالة الصلاة لابن القيم في : محمد بن سعيد بن سالم القحطاني، مرجع سابق، ص63-64. ويقول ابن حجر في تعليقه على حديث أبي ذر "واما قصة أبي ذر فإنما ذكرت ليستدل بها على أن من بقيت فيه خصلة من خصال الجاهلية سوى الشرك لا يخرج عن الإيمان بها سواء كانت من الصغائر أم من الكبائر". ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، مرجع سابق، ج1، ص85 ويكون الوصف الذي يلحق المسلم في هذه الحالة متعلقًا بالدرجة ما لم يخرج عن الإسلام، بينما يكون الوصف الذي يلحق غير المسلم متعلقًا بالطبيعة أو بتعبير الألوسي فإن الأولى جاهلية مقيدة والثانية جاهلية مطلقة.
[19] حسن الهضيبي، دعاة لا قضاة، مرجع سابق، ص181.
[20] د. محمد عمارة، أبو الأعلى المودودي والصحوة الإسلامية، مرجع سابق. ص86-91.
[21] وانظر أيضًا مقتضيات إعلان الالتزام العقيدي ص39 ما قبله.
[22] كيف تعامل الإسلام مع الجاهلية قضية تحتاج إلى بحث واف ينهض ببيان ملامح هذا التعامل. والباحث يمكن أن يرصد بعض العلامات المميزة في ذلك، فالإسلام لم يحدث قطيعة كاملة بينه وبين أوضاع الجاهلية، بل مارس نوعًا من الهدم (التحريم) من جهة ونوعًا من الاستكمال من جهة أخرى، أي الإبقاء على بعض الأوضاع السابقة وإقرارها. فالإسلام إذا كان يهدم أو يجب ما قبله، فإنما يكون ذلك فيما يتعلق بالمعاصي والآثام التي ارتكبها الفرد قبل أن يسلم، ولكن في نفس الوقت إن كان محسنًا في جاهليته فإنه "يسلم على ما سلف له من خير" (حديث حكيم بن حزام). بل وأقر الإسلام أبقى على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يؤدى تغييرها إلى انهيارات شديدة في بنية المجتمع القائم: "ولا تنكحوا من النساء إلا ما قد سلف" [النساء: 4]، وقسمة الأموال في الجاهلية نافذة "أيما دار أو ارض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الجاهلية، وأيما دار أو ارض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام" [الموطأ: كتاب الأقضية: باب القضاء في قسم الأموال]. بل إن الرسول وأصحابه قد استفادوا من بعض قيم وتقاليد المجتمع الجاهلي في حماية الدعوة أو ذواتهم مثل الجوار والعصبية القبلية التي ترتبت عليها وجوب حماية الأهل والعشيرة لأفرادها.
كما أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم لبعض قيم الجاهلية مضمونًا جديدًا مخالفًا لما كان سائدًا في الجاهلية (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، قالوا يا رسول الله ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا، قال: تأخذ على يديه). بل إن الباحث يزعم أن الإسلام وإن جاء بتصورات جديدة لله والإنسان والكون والحياة مخالفة لتصورات الجاهلية إلا أنه قد اعتمد مبدأ التصحيح المستمر لهذه التصورات، فقد صحح تصورهم للإله مطالبًا إياهم بعدم إشراك أحد معه من خلقه، وجعل ذاته سبحانه منزهة عن الشبيه والمثل (ليس كمثله شيء)، كما طالبهم بالتوجيه إليه وحمده بالعبادة.
أما الشعائر التعبدية وإن جاء فيها الإسلام بشائر جديدة لم تكن معروفة لهم، إلا أنه قد صحح ما كان باقيًا عندهم منها وجعل وجهتها مختلفة (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ) وهيئتها مختلفة (ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). كما أبقى الإسلام على مستوى الشرائع بعضًا من أحكام الجاهلية (الدية والقصاص).
أما القيم الأخلاقية وإن أسسها الإسلام على الإيمان إلا أنه أبقى بعض صورها واستفاد من بعض قيمها وأسس عليها ممارسات وأحكامًا جديدة (مثل إحداد المرأة على زوجها) (فلما بعث محمد -صلى الله عليه وسلم- بالحق هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم) من حديث عائشة عن النكاح. وربما يرجع هذا التعامل في كثير من جوانبه إلى بقايا دين إبراهيم في مشركي العرب، كما أن هذه الحكام تتفق والفطرة السليمة.
[23] الحديث رواه أحمد في مسنده.
[24] الطاهر بن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، تونس، الدار التونسية للنشر. 1984، ج3، ص36.
[25] انظر على سبيل المثال: ابن كثير، البداية والنهاية. بيروت: مكتبة المعارف، (د.ت)، حيث يذكر: "كتاب أخبار الماضين من بني إسرائيل وغيرهم إلى آخر زمن  الفترة: سوى أيام العرب في أيام جاهليتهم"ج1. ص102. ثم يذكر في: ص211 "ذكر من الأحداث في الجاهلية وذكر جماعة مشهورين  في الجاهلية". وانظر أيضًا ابن الأثير. الكامل في التاريخ، بيروت: دار الصياد. (1402هـ/ 1982م)، حيث يذكر: ج1، ص502 ذكر أيام العرب في الجاهلية وهي الوقائع التي كانت بينهم والحروب التي جرت بين العرب في جزيرة العرب، وانظر أيضًا: جلال السيوطي، حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة، تحقيق د. محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، (1387هـ/ 1967م)، حيث يذكر ج1 ص94-96 "ذكر دخول عمرو بن العاص في الجاهلية". وذلك عندما كان في تجارة له في الشام قبل البعثة.
[26] انظر بن حجر العسقلاني، فتح الباري، مرجع سابق، ج1، ص85،ج7، ص149/ محي الدين النووي، شرح صحيح مسلم، مرجع سابق، ج2، ص11، ج3، ص87. وقد اتفق معهم ابن منظور في لسان العرب حيث عرف الجاهلية بأنها زمن الفترة قبل الإسلام. انظر ابن منظور، لسان العرب، مرجع سابق، ج11، ص130.
[27] انظر: موسوعة السياسة، تحرير د. عبد الوهاب الكيلاني، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، (1981م)، ج2، ص22-25.
[28] انظر: تفسير الطبري، مرجع سابق، ج22، ص4-5 فإن قال قائل: أو في الإسلام جاهلية حتى يقال عني بقوله (الجاهلية الأولى) التي قبل الإسلام؟ قيل فيه أخلاق من أخلاق الجاهلية. وأورد أثرًا عن ابن عباس  أن عمر بن الخطاب قال له أرأيت قول الله لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) هل كانت إلا واحدة، فقا ابن عباس: وهل كانت من أولى إلا ولها آخرة..)، وانظر أيضًا الكشاف للزمخشري، مرجع سابق، ج3، ص527، فيقول، ".. يجوز أن تكون الجاهلية الأولى جاهلية الكفر قبل الإسلام، والجاهلية الأخرى جاهلية الفسوق والفجور في الإسلام فكان المعنى ولا تحدثن بالتبرج جاهلية في الإسلام تتشبهن بها بأهل جاهلية الكفر".
[29] الآية 33 من سورة الأحزاب : (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى).
[30] وما زالت هذه الرسالة تطبع حتى الآن عن المكتبة السلفية بالقاهرة.
[31] انظر أيضًا بالإضافة إلى مسائل الجاهلية لأبن عبد الوهاب، تفسير الألوسي لآية سورة الأحزاب في تفسيره، مرجع سابق، ج22، ص98، وأيضًا: محمود شكري الألوسي، نهاية الأرب في معرفة أحوال العرب، بيروت: دار الكتب العلمية ط2، ج1، ص15-18. حيث يعرف الجاهلية وما تطلق عليه.
[32] انظر على سبيل المثال الصفحات: 6-7 من المقدمة و15 ،18،47،79،81،95،100،101.. إلخ من كتاب مسائل الجاهلية، طبعة المكتبة السلفية بالقاهرة، ط3.
[33] الألوسي، نهاية الأرب، مرجع سابق، ج1،ص17، ومقدمة الطبعة الأولى للكتاب كانت سنة 1314 والفقرة الأخيرة: "شطر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم".
[34] انظر مقدمة محب الدين الخطيب لكتاب مسائل الجاهلية، مرجع سابق، ص81. حيث يذكر أن الرسالة قد طبعت في الهند مرارًا إلا أنه لا يذكر سنة الطبع. وانظر حول تأثير دعوة ابن عبد الوهاب في شبة القارة الهندية: د. محمد فتحي عثمان ، السلفية في المجتمعات المعاصرة، الكويت: دار القلم. ط2: (1401هـ/ 1981م)، ص106، برنارد لويس، الغرب والشرق الأوسط، ترجمة د. نبيل صبحي، القاهرة: دار المختار الإسلامي، (د.ت)، ص130 – 131.
[35] منذ (1356هـ/1937م) عندما صدر كتابه الذي يحمل عنوان الإسلام والجاهلية وقد تم ترجمته إلى العربية في الأربعينات. وانظر أيضًا: موجز تاريخ الدين وإحيائه الذي أصدره سنة (1359هـ/1940م). وحول فكر المودودي انظر: د. محمد عمارة، أبو الأعلى المودودي والصحوة الإسلامية، القاهرة: دار الشروق، (1407هـ/ 1987م)، وخاصة ص73-121.
[36] أبو الأعلى المودودي. الإسلام والجاهلية، القاهرة: دار التراث العربي، ط2: (1400هـ/1980م)، ص6-10.
[37] انظر ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين لأبي الحسن النبوي. القاهرة: مكتبة الدعوة الإسلامية، ط6، (1385هـ/ 1965م)، وخاصة الباب الأول: ص135 – 158. وانظر أيضًا أبو الحسن الندوي. ردة ولا أبو بكر لها، القاهرة: دار المختار الإسلامي، سنة (1974م) ص11 – 16. والجدير بالذكر أن سيد قطب قد تاثر كثيرًا بكتاب الندوي، ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، وربما كان أول تعرف له على مفهوم الجاهلية من خلال الكتاب، انظر مقدمة الكتاب التي كتبها سيد قطب سنة (1951م) ومقابلته للمؤلف التي ذكرها في كتاب الندوي، مذكرات سائح المشرق العربي، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط3: (1403هـ/ 1983م) وكانت المقابلة في (17/5/1370هـ – 23/2/1951م)، أنظر ص107 – 109. ص222-223.
[38] سيد قطب ، معالم في الطريق، القاهرة مكتبة وهبة، (1384هـ/ 1964م)، ص9. وانظر في التعبير عن المدرسة القطبية كتابات: سيد قطب ومحمد قطب وخاصة في ظلال القرآن لسيد قطب، ومعالم في الطريق. وانظر أيضًا: محمد قطب، جاهلية القرن العشرين، القاهرة: دار الشروق، هل نحن مسلمون، القاهرة: دار الشروق. وانظر في الرد على هذا الفكر: حسن الهضيبي، دعاة لا قضاة: أبحاث في العقيدة ومنهج الدعوة إلى الله، كتاب الدعوة، القاهرة: دار الطباعة والنشر الإسلامية، (د. ت) د. يوسف القرضاوي. الاجتهاد في الشريعة الإسلامية مع نظريات تحليلية في الاجتهاد المعاصر، الكويت: دار القلم، (1406هـ/ 1985م)، ص186-213، حيث يعارض رأي سيد قطب في إطلاق مسمى الجاهلية على المجتمع المسلم اليوم، بالإضافة إلى تفنيد رأيه في عدم التعرض بالاجتهاد الفقهي لمشكلات المجتمع الجاهلي المعاصر لاختلاف مشاكله عن مشاكل المجتمع المسلم المزمع إنشاؤه. وانظر أيضًا: سالم البهنساوي، الحكم وقضية تكفير المسلم، الكويت: دار البحوث العلمية. ط3: (1985م)، وشبهات حول الفكر الإسلامي ، المنصورة: دار الوفاء، (1409هـ/ 1989م)، حيث يميز  بين الجاهلية والفكر، ويتحفظ على تأسيس فكرة التكفير على كتابات كل من المودودي وسيد قطب، وانظر كذلك المعركة التي أثيرت حول كتاب عبد الجواد يس، مقدمة في فقه الجاهلية المعاصرة، القاهرة: الزهراء للإعلام العربي، (1406هـ/ 1986م).
انظر مقالات فهمي هويدي في الرد عليه في الأهرام 5/8/1986، 12/8/1986. وفي الحقيقة فإن تأثير منهج سيد قطب على العمل الإسلامي، فكرًا وحركة، يحتاج إلى دراسة مستفيضة خاصة أنه ما زالت تأثيراته على العمل الإسلامي دون مراعاة للظروف التي أحاطت بهذا الفكر والظرف التاريخي الذي كان تعبيرًا عنه. انظر حول الظروف الموضوعية التي أحاطت بفكر قطب وتاثيراتها عليه: طارق البشري، "الملامح العامة للفكر السياسي الإسلامي في التاريخ المعاصر" في د. عبد الله النفيسي وآخرون، الحركة الإسلامية رؤية مستقبلية: أوراق في النقد الذاتي، الكويت، (1410هـ/ 1989م) وانظر حول المنهج عند سيد قطب: د. جعفر شيخ إدريس، "قضية المنهج عند سيد قطب في (معالم في الطريق) والتعليقات والمناقشات التي تلت ذلك البحث في ندوة: "اتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر". البحرين (3-6/6/1405هـ/ 23-25/2/1985م) الرياض: مكتب التربية العربي لدول الخليج.
[39] سيد قطب، معالم في الطريق، المرجع السابق، ص10.
[40] فبينما اعتبر المودودي: الجاهلية منهجًا يضاد المنهج الإسلام في نظرته لمسائل الحياة الكبرى، اعتبر  قطب الجاهلية منهج في الحياة يقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض وعلى أخص الخصائص الألوهية وهي الحاكمية، ويجعل د.محمد البهي من الجاهلية مرادفًا للمادية والأنانية، انظر د.محمد البهي من مفاهيم القرآن في العقيدة والسلوك، القاهرة: مكتبة وهبة، (1393هـ/1973م) ص241-244 القرآن في مواجهة المادية، القاهرة: مكتبة وهبة، (1398هـ/1978م).


Aucun commentaire: