mercredi 9 juillet 2014

البخاري يُضَعِّفُ أحاديث مسلم سامر إسلامبولي

كاتب المقال : سامر إسلامبولي
البخاري يُضَعِّفُ أحاديث مسلم
  جمعتنا مناسبة مع بعض الأخوة، وأخذتنا الأحاديث إلى مختلف المواضيع، حتى وصلنا إلى موضوع ديني، فاستدل أحد الحضور على رأيه بحديث من البخاري ومسلم، وكان هذا الموضوع؛ هو إمكانية وقوع السحر على النبي محمد.
  فقلت له: إن هذا الرأي يُخالف القرآن ؟
  فقال: المسألة ثابتة في البخاري ومسلم.
  قلت: وهل يُمكن للحديث أن يُخالف القرآن ؟
  قال: ومَن قال لك أنَّ الحديث يُخالف القرآن ؟ بل من الممكن أن يخصص الحديث القرآن، أو ينسخ بعضاً من مفهوم الآية.
  قلت: الُمحدّثون يَعُدُّون ثبوت الحديث إنما هو على طريق الظن، والذوق، فكيف الظني ينسخ القطعي الذي هو القرآن!؟.
  قال:  الحديث لا يَثبُت ظنّاً، وليس خاضعاً لذوق المُحَدِّث، إنَّ الحديث يخضع لعلم الجرح والتعديل، وهو علم له معايير وقواعد.
  قلت: عجباً! منذ متى صارت معرفة ِسير الناس، وأحوالهم، علماً له معايير وقواعد!؟.
  قال: هذا شيء اختص الله به الأمة الإسلامية، وقد قال المحدِّثون: لولا الإسناد لهلك الدين، ولقال من شاء بما يشاء.
  قلت: إنَّ العلم هو مجموعة قواعد وقوانين يتم البرهنة عليها من الواقع والفلسفة، فتصير معياراً، وميزاناً، يستخدمها العلماء في بناء الحضارة، على صعيد الآفاق والأنفس، فهل الإسناد هو علم بهذا المفهوم ؟
  قال: نعم، إنه علم، وإلا، لماذا أمضى وأفنى المحدِّثون عمرهم في دراسة الحديث!؟
  قلت: عجباً من استدلالك هذا! منذ متى كان الإدمان على شيء يُصَيِّره علماً!؟
  قال: يا أخي! إنَّ الأمة تَلَقَّت أحاديث البخاري ومسلم بالقَبول، وحصل على ذلك إجماع.
  قلت: إنَّ هذه إشاعة انتشرت بين المسلمين، فالأمة لم تتقبل أحاديث البخاري ومسلم كلها، وقد قام فئة من المحدثين بنقدهما، مثل الدارقطني، وغيره. بل أزيدك علماً ومعرفة! إنَّ البخاري نفسه رفض مجموعة من أحاديث مسلم، ومسلم رفض مجموعة من أحاديث البخاري.
  قال: وكيف ذلك!؟
  قلت: لقد وضع البخاري شروطاً لصحة الحديث، منها، أن يُعاصر الراوي من يروي عنه، ويلتقي به، ولو مرة واحدة، مع التصريح بذلك. أما مُسلم فلم يشترط المقابلة واللقاء بين الرُواة، وإنما يكتفي بالمعاصرة مع عدم التصريح بانتفاء اللقاء بينهما، أي السكوت عن الأمر.
  وهذا الاختلاف بين البخاري ومسلم، ترتب عليه في الواقع، رفض البخاري لمجموعة كبيرة من الأحاديث التي أخرجها مسلم، لعدم تحقق شرطه بها، وبالتالي تكون هذه الأحاديث التي انفرد مسلم بها، ضعيفة عند البخاري حسب شرطه. وبهذا العمل يكون البخاري هو أول من ضَعَّف ورَدَّ أحاديث تلميذه مسلم!، فكيف تقول بأن الأمة تلقتهما بالقَبول!؟ أما مسلم فقد جرح الراوي (عِكرمة مولى ابن عباس) ورَدَّ حديثه إتباعاً لرأي المحدثين المختصين بالجرح والتعديل، ولكن البخاري ترجح عنده عدالة (عكرمة) فروى عنه أحاديث كثيرة؛ وهذا العمل من البخاري ترتب عليه أن يرفض مسلم كل أحاديث عكرمة، ويُضَعِّفُها، وبذلك يكون أول عالم يرفض ويطعن بمجموعة من أحاديث شيخه البخاري، ومن هذا الوجه ظهرت الأحاديث التي انفرد بها البخاري عن مسلم، ومسلم عن البخاري. والانفراد بالحديث لأحدهما، دليل على ضعف الحديث عند الآخر.
  مع العلم، أنك لو حللت شَرطَي البخاري ومسلم، لوجدت أنهما مُخالفان للمنطق، ولا وزن لهما البتة، لأن شرط البخاري، اللقاء مرة واحدة بين الرواة، لا يُعطي الثقة والمصداقية لأحاديث وأخبار الراوي كلها، لاحتمال وقوع الكذب، واستغلال اللقاء الوحيد، ووضع الأحاديث، أما شرط مسلم بالمعاصرة مع عدم التصريح بانتفاء اللقاء، فهو عجيب وغريب! منذ متى كان عدم التصريح بانتفاء حصول شيء، دليل على حصوله!؟ فموضوع الجرح والتعديل، وتصحيح الحديث أو تضعيفه، يخضع لمِزاج وذوق المحدِّث، ومستواه الثقافي، وولائه السياسي، ومن هذا الوجه نلاحظ أنَّ الإمام فلاناً ثقة، إلا إذا روى أحاديث متعلقة بآل البيت، مثل الحاكم الذي استدرك على البخاري في كتابه المشهور (المُستدرك) فإنه يتساهل بروايتها، فيرفضها الآخرون، بحجة تَشَيّعه!.
  قال: إنَّ كلامك هذا اتهام لأئمة الحديث بالكذب ووضع الحديث النبوي، وأنهم يُصَحِّحون الحديث حسب مزاجهم وذوقهم!؟
  قلت: إنَّ هذا ليس كلامي، اسمع كلام أحد أئمة الحديث الكبار، وهو العلامة          ( التهانوي ) فقد ذكر في كتابه (قواعد في علم الحديث) تحقيق (أبو غدة) ما يلي:
  (( لاشَكَّ أنَّ أصول التصحيح والتضعيف ظنية، مَدارها على ذوق المحدث والمجتهد غالباً، فلا لَوم على مُحَدث ومجتهد يخالف فيها غيره من المحدثين والمجتهدين، ألا ترى مسلماً قد خالف البخاري في بعض الأصول...)).
  قال: ولكن يا أخي إنَّ الرُواة الذين رووا الحديث هم ذاتهم رووا القرآن، فكيف ترفض روايتهم للحديث، وتَقبَل روايتهم للقرآن!؟
  قلت: يا أخي إنَّ أمرك عجيب وغريب، من قال لك إنَّ القرآن اعتمد على رُواة مُعيَّنين ومُحددين!؟ أخبرني بأسماء رواة القرآن ؟ وأين السند له ؟ إنَّ القرآن تم نقله عن طريق التواتر، الذي هو ظاهرة ثقافية، وذاكرة اجتماعية، تَعالَت على السند، وقد شارك فيها الكفار من أمثال أبي جهل وأبي لهب!، وذلك عندما سكتوا والتزموا جانب الصمت، ولم ينقضوا النص القرآني، أو يطعنوا فيه، مع حاجتهم لنقضه، لكسب الصراع، وإثارة الشبهات، لصد الناس عن الإيمان به، ومع ذلك لم يَرِد في التاريخ أنهم طعنوا في النص القرآني، بل وصلتنا شهادات أدلوا بها فيما بينهم على مصداقية وصواب النص القرآني(رغم عدم حاجتنا إليها)، ونسبته إلى الله.
  لذا؛ عرض هذه الإشكالية وتكرارها، لا مُبرر له، فوصول القرآن إلينا لا نَدين به للرواة، ولا فضل لهم أبداً، ولا يصح قياسه على مادة الحديث النبوي، وهذا واضح وصريح في الواقع، فمادة النص القرآني مختلفة تماماً عن مادة الحديث النبوي.
  قال: هل أفهم من كلامك أن ما يُسَمى علم الإسناد والحديث، ليس علماً، ولا قيمة له!؟
  قلت: نعم، إنه خدعة، وَوَهم!!، شغلوا به المسلمين زمناً طويلا، لصدهم عن التفاعل مع القرآن!.
  قال: هل أفهم من كلامك أنَّ كل الأحاديث النبوية كذب
  قلت: لا، لم أقل ذلك، وإنما قلت: الوضع على لسان النبي  قد فشا بعد وفاته، نتيجة الصراع السياسي، والوعظ والإرشاد، واختراق الثقافة الإسلامية من قِبَل أهل الكتاب، والثقافات الوافدة للإسلام، كل ذلك، وغيره، ساهم في اختراع وافتراء الحديث النبوي.
  قال: وما الحل إذاً لمعرفة الأحاديث النبوية، أليس الإسناد هو الأساس!؟
  قلت: أساس معرفة صواب الحديث النبوي هو القرآن والعلم أولاً، فإن وافق مَتْن الحديث القرآن، وانسجم معه بين يديه لا يتجاوزه، يتم النظر في سنده، فإن صح على غَلبة الظن ننسبه إلى النبي، وإن لم يصح سنده، ننسبه إلى الحكماء والعلماء، ويكون قولاً أو حكمةً صواباً، وهذا الحديث الصحيح متناً وسنداً، ما ينبغي أن يكون مصدراً تشريعياً، وإنما هو تابع للقرآن، مع استغناء القرآن عنه، ولا مانع من روايته بعد الاستدلال بالقرآن على المسألة المَعنيّة بالدراسة، والتنويه على أنه ليس برهاناً أو مصدراً شرعياً.
اقرأ قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }يونس15 
 واقرأ حديث النبي الذي يقول:
1- ( الحلال ما أحلَّ الله في كتابه، والحرام ما حرَّم الله في كتابه، وما سكتَ عنه فهو مما عفا عنه)
 ابن ماجه 3358، الدار قطني والحاكم والبيهقي و البزار و الطبراني.
2- ( أطيعوني مادُمتُ فيكم، فإذا ذُهِبَ بي فعليكم بكتاب الله، أحلُّوا حلاله وحرِّموا حرامه) مسند أحمد 6381، وصححه الألباني في الصحيحة تحت رقم 1472.
3- - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كُنَّا قُعُوداً نَكْتُبُ مَا نَسْمَعُ مِنَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَخَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ « مَا هَذَا تَكْتُبُونَ ». فَقُلْنَا مَا نَسْمَعُ مِنْكَ . فَقَالَ « أكِتَابٌ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ ». فَقُلْنَا مَا نَسْمَعُ. فَقَالَ « اكْتُبُوا كِتَابَ اللَّهِ أَمْحِضُوا كِتَابَ اللَّهِ وَأَخْلِصُوهُ أَكِتَابٌ غَيْرُ كِتَابِ اللَّهِ أَمْحِضُوا كِتَابَ اللَّهِ أَوْ خَلِّصُوهُ ». قَالَ فجَمَعْنَا ما كَتَبْنَا فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ أَحْرَقْنَاهُ بِالنَّارِ قُلْنَا أَىْ رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَحَدَّثُ عَنْكَ قَالَ « نَعَمْ تَحَدَّثُوا عَنِّى وَلاَ حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ».
الإمام أحمد
4- عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن بني إسرائيل كتبوا كتاباً واتبعوه وتركوا التوراة".
أَبُو إِسْمَعِيلُ عَن صَالِحِ بْنِ عُمَرَ عَن عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ إِذَا حَدَّثَ عَن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا حَدَّثَ قَالَ إِذَا سَمِعْتُمُونِي أُحَدِّثُ عَن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ تَجِدُوهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ حَسَنًا عِنْدَ النَّاسِ فَاعْلَمُوا أَنِّي قَدْ كَذَبْتُ عَلَيْهِ وسنن الدارمي: 593
5- - حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أنبأ العباس بن الفضل الأسفاطي ، ثنا أبو الوليد ، ثنا همام ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن من كتب عني شيئا سوى القرآن فليمحه » . « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه
6- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعملوا بالقرآن أحلوا حلاله وحرموا حرامه واقتدوا به ولا تكفروا بشئ منه وما تشابه عليكم منه فردوه إلى الله والى اولى العلم من بعدى كما يخبروكم وآمنوا بالتوراة والانجيل والزبور وما اوتى النبيون من ربهم وليسعكم القرآن وما فيه من البيان
السنن الكبرى للبيهقي
قلت: هل أزيدك من الأحاديث.
   قال:لا؛ لقد اكتفيت، إنك قلبتَ مفاهيمي كلها، وأنا الآن بحاجة إلى فرمتة وتحديث لكل أنظمتي المعرفية. 

Aucun commentaire: