شبث بن ربعى : ( داعش لم تأت من فراغ ).!!
شبث بن ربعى
: ( داعش لم تأت من فراغ ).!!
مقدمة :
1 ـ هو :
(شبث بن ربعي بن حصين بن عثيم بن ربيعة بن زيد بن رِياح بن يربوع بن حنظلة
التميمى ) .
2 ـ هو جندى
من جنود الفتنة ، تاريخه يعبّر عن عشرات الألوف من الأعراب الصحابة المنافقين
الذين وصفهم رب العزة بقوله (كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا
فِيهَا ) النساء 91 ). كانوا كفارا ، فأسلموا ، ثم إرتدوا ، ثم عادوا الى
الاسلام ، ثم صاروا من جنود الفتح ، ثم ثاروا على الخليفة عثمان ، ثم صاروا شيعة ل
( على ) ثم إنقلبوا عليه وصاروا خوارج . هذه قصة ( شبث بن ربعى ) ولكنه تميز بأنه
غيّر موقفه بعدها ورجع الى (على ) ثم صار مع الأمويين ، وممّن خدع الحسين ودعاه
الى القدوم الى الكوفة ثم صار من قادة جيش ابن زياد الذى قتل الحسين ، ثم تقلبت
حياته مع المختار الثقفى ، واسهم فى القضاء على المختار ، وختم حياته تابعا
لمصعب بن الزبير. حياة دموية حافلة بالتقلبات ، كان فيها يحمل سيفه يقاتل مع هذا
أو ذاك لا يتأخر عن أى فتنة قريبة منه، حتى بلغ أرذل العمر ، ومات عام 70 فى
ولاية مصعب بن الزبير على العراق .
3 ـ ولأنه
شخصية وسط آلاف الشخصيات ( من عصر الصحابة الى التابعين ) فإن البحث عنه كمن يبحث
عن إبرة فى كومة قش . إستلزم هذا مراجعة مئات الصفحات من تاريخ الطبرى وتاريخ ابن
الأثير وابن كثير، ولم يذكره ابن الأثير ضمن الصحابة فى كتابه ( أُسد الغابة ).
ونتعرض للأحداث التى ورد فيها ذكر ( شبث بن ربعى ) ،أوبالتعبير الدرامى : نتعرض
للمشاهد التى ظهر فيها .
أولا : شبث
بن ربعى يعمل مؤذنا لسجاح التى إدّعت النبوة
1 ـ كان فتيا
مراهقا وقت أن زعمت سجاح النبوة وتزعمت قومها بنى تميم فى خلافة أبى بكر ، وجعلت
شبث بن ربعى مؤذنا لها . وتحالفت سجاح مع مسيلمة الكذاب وتزوجته .
2 ـ
ننقل هذا النّص من تاريخ الطبرى ، مع الاعتذار عما جاء في ثناياه : ( أن
مسيلمة لما نزلت به سجاح أغلق الحصن دونها . فقالت له سجاح : "انزل
". قال: " فنحي عنك أصحابك " . ففعلت . فقال مسيلمة : "
اضربوا لها قبة وجمروها لعلها تذكر الباه " ( الشهوة الجنسية ) ، ففعلوا فلما
دخلت القبة نزل مسيلمة فقال : " ليقف هاهنا عشرة وهاهنا عشرة. "
ثم دارسها ، فقال : " ما أوحي إليك ؟ " فقالت : " هل تكون
النساء يبتدئن ولكن أنت ، قل ما أوحي إليك. " قال : " ألم تر إلى
ربك كيف فعل بالحبلى ، أخرج منها نسمة تسعى ، من بين صفاق وحشى . " قالت :
" وماذا أيضا ؟ " قال : " أوحي إلي أن الله خلق النساء أفراجا وجعل
الرجال لهن أزواجا فنولج فيهن قعسا إيلاجا ثم نخرجها إذا نشاء إخراجا فينتجن لنا
سخالا إنتاجا . " . قالت : " أشهد أنك نبي " . قال : "
هل لك أن أتزوجك فآكل بقومي وقومك العرب ؟ " قالت : " نعم .
" قال : " ألا قومي إلى النيك فقد هيي لك المضجع .. وإن شئت ففي
البيت وإن شئت ففي المخدع ...وإن شئت سلقناك وإن شئت على أربع .. وإن شئت
بثلثيه وإن شئت به أجمع.." قالت: " بل به أجمع " .قال
: " بذلك أوحي إلي ". فأقامت عنده ثلاثا ثم انصرفت إلى قومها ،
فقالوا : " ما عندك "؟ قالت : " كان على الحق فاتبعته
فتزوجته" . قالوا : " فهل أصدقك شيئا ؟ قالت : " لا "
قالوا : " ارجعي إليه فقبيح بمثلك أن ترجع بغير صداق. " فرجعت،
فلما رآها مسيلمة أغلق الحصن وقال: " مالك ؟ " قالت : "
أصدقني صداقا " قال : " من مؤذنك ؟ " قالت : "
شبث بن ربعي الرياحي " . قال : " عليّ به . " فجاء ، فقال :
" ناد في أصحابك أن مسيلمة بن حبيب رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مما
أتاكم به محمد صلاة العشاء الآخرة وصلاة الفجر . " .
ثانيا : شبث
بن ربعى فى الفتوحات فى خلافة عمر بن الخطاب :
1 ــ بعد
إخماد حركات الردة دعا أبو بكر ثم عمر الأعراب العائدين لسيطرة قريش الى الفتوحات
، فتوافد الأعراب الى المدينة فكان يبعثهم أبو بكر ثم عمر الى الفتوحات . وورد إسم
شبث بن ربعى مع أبيه ( ربعى بن حصين ) ضمن هذه الوفود .يروى الطبرى عن قدوم بنى
كنانة والأزد : ( وقدما على عمر غزاة بني كنانة والأزد في سبعمائة جميعا . فقال
" أي الوجوه أحب إليكم ؟ قالوا : " الشأم أسلافنا أسلافنا ."
فقال : " ذلك قد كفيتموه. العراق العراق ذروا بلدة قد قلل الله
شوكتها وعددها واستقبلوا جهاد قوم قد حووا فنون العيش لعل الله أن يورثكم بقسطكم
من ذلك فتعيشوا مع من عاش من الناس. ) أرادوا أن يبعث بهم عمر الى غزو الشام ،
فأرسلهم عملر الى العراق فهو ( قليل الشوكة ) وأهله قد ( حووا فنون العيش ) على أمل
أن يتعيشوا بما فى العراق من ثراء .
2 ــ ضمن هذه
الوفود جاء ربعى ومعه ابنه شبث الى عمر فأرسله بمن معه الى العراق مددا الى المثنى
بن حارثة . يقول الطبرى ( وجاء ربعي في أناس من بني حنظلة فأمّره عليهم ، وسرحهم
وخرجوا حتى قدم بهم على المثنى ، فرأس بعده ابنه شبث بن ربعي. ) . هذا أول ذكر
لشبث فى الفتوحات .
ثالثا : شبث
فى الفتنة الكبرى ( الأولى ) بين ( على ومعاوية ) .
1 ـ كان من
أوائل الثائرين على فساد عثمان بن عفان ، ومن الطبيعى أن ينضم الى ( على ) فظهر
إسمه واضحا وقتها . وننقل الروايات التى ورد فيها إسمه .
2 ــ فى
اواخر ذى الحجة ( الشهر الحرام ) عام 36 ، فى موقعة (صفين ) فى ( مشهد ) منها تقول
الرواية : ( وجاء الناس حتى أتوا عسكرهم . فمكث ( علي ) يومين لا يرسل
إلى معاوية أحدا ولا يرسل إليه معاوية. ثم إن (عليا ) دعا بشير بن عمرو بن
محصن الأنصاري وسعيد بن قيس الهمداني وشبث بن ربعي التميمي، فقال : "
ائتوا هذا الرجل فادعوه إلى الله وإلى الطاعة والجماعة . " فقال له شبث
بن ربعي : " يا أمير المؤمنين ألا تطمعه في سلطان توليه إياه ومنزلة
يكون له بها أثرة عندك إن هو بايعك ؟ " فقال علي : " ائتوه فالقوه
واحتجوا عليه وانظروا ما رأيه . " ).
أرسل (على )
وفدا للتفاوض مع معاوية ، يريد ( على ) أن يستجيب له معاوية بلا قيد ولا شرط بمجرد
الوعظ . وكان شبث بن ربعى له رأى سياسى أفضل من رأى (على ) ، فنصح (عليا )
أن يعطى معاوية ولاية مقابل أن يبايع لعلى . ورفض ( على )
بعقليته التى تريد الاستحواذ على الكعكة(1) كلها دون أن يعطى الآخرين مقابلا ،
حتى لو كان هذا الغير منافسا له ومعه جيش وقوة عسكرية .
3 ـ وتمضى
الرواية فتقول : ( فأتوه ودخلوا عليه فحمد الله وأثنى عليه أبو عمرة بشير بن
عمرو وقال يا معاوية إن الدنيا عنك زائلة وإنك راجع إلى الآخرة وإن الله عز وجل
محاسبك بعملك وجازيك بما قدمت يداك وإني أنشدك الله عز وجل أن تفرق جماعة هذه
الأمة وأن تسفك دماءها بينها فقطع عليه الكلام وقال هلا أوصيت بذلك صاحبك فقال أبو
عمرة إن صاحبي ليس مثلك صاحبي أحق البرية كلها بهذا الأمر في الفضل والدين
والسابقة في الإسلام والقرابة من الرسول قال فيقول ماذا قال يأمرك بتقوى الله عز
وجل وإجابة ابن عمك إلى ما يدعوك إليه من الحق فإنه أسلم لك في دنياك وخير لك في
عاقبة أمرك قال معاوية ونطل دم عثمان رضي الله عنه لا والله لا أفعل ذلك أبدا فذهب
سعيد بن قيس يتكلم فبادره شبث بن ربعي فتكلم فحمد الله وأثنى عليه وقال يا معاوية
إني قد فهمت ما رددت على ابن محصن إنه والله لا يخفى علينا ما تغزو وما تطلب إنك
لم تجد شيئا تستغوي به على الناس وتستميل به أهواءهم وتستخلص به طاعتهم إلا قولك
قتل إمامكم مظلوما فنحن نطلب بدمه فاستجاب له سفهاء طغام وقد علمنا أن قد أبطأت
عنه بالنصر وأحببت له بالقتل لهذه المنزلة التي أصبحت تطلب ورب متمني أمر وطالبه
الله عز وجل يحول دونه بقدرته وربما أوتي المتمني أمنيته وفوق أمنيته ووالله مالك
في واحدة منهما خير لئن أخطأت ما ترجو إنك لشر العرب حالا في ذلك ولئن أصبت ما
تمنى لا تصيبه حتى تستحق من ربك صلي النار فاتق الله يا معاوية ودع ما أنت عليه
ولا تنازع الأمر أهله فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن أول ما عرفت فيه
سفهك وخفة حلمك قطعك على هذا الحسيب الشريف سيد قومه منطقه ثم عنيت بعد فيما لا
علم لك به فقد كذبت ولؤمت أيها الأعرابي الحلف الجافي في كل ما ذكرت ووصفت انصرفوا
من عندي فإنه ليس بيني وبينكم إلا السيف وغضب وخرج القوم وشبث يقول أفعلينا تهول
بالسيف أقسم بالله ليعجلن بها إليك فأتوا عليا وأخبروه بالذي كان من قوله وذلك في
ذي الحجة . ) .
دخل
وفد (على ) لكى يعظ معاوية ، فنصحهم معاوية أن يعظوا (عليا ) . ورد الواعظ على
معاوية بأحقية (على ) وأن الأولى لمعاوية فى دينه أن يستجيب ل ( على ). وتعلل
معاوية بطلب الثأر لعثمان . وجاء رد شبث بن ربعى رائعا ، فأكد لمعاوية أن معاوية
يطلب السلطان وليس ثأر عثمان ، وهو ــ أى معاوية ـ الذى أبطأ عن نُصرة عثمان وتركه
للقتل . وغضب معاوية من منطق شبث وطردهم وهو يهددهم بالسيف ، وردّ عليه شبث
التهديد بمثله . وهذا المشهد أروع موقف لشبث بن ربعى . تفوق به على ( على ) و (
معاوية ) معا .
4 ـ
وتمضى الرواية : ( فأخذ علي يأمر الرجل ذا الشرف فيخرج معه جماعة ويخرج إليه
من أصحاب معاوية آخر معه جماعة فيقتتلان في خيلهما ورجالهما ثم ينصرفان وأخذوا
يكرهون أن يلقوا بجمع أهل العراق أهل الشام لما يتخوفون أن يكون في ذلك من
الاستئصال والهلاك فكان علي يخرج مرة الأشتر ومرة حجر بن عدي الكندي ومرة شبث بن
ربعي ومرة خالد بن المعمر ومرة زياد بن النضر الحارث ومرة زياد بن خصفة التيمي
ومرة سعيد بن قيس ومرة معقل بن قيس الرياحي ومرة قيس بن سعد وكان أكثر القوم خروجا
إليهم الأشتر وكان معاوية يخرج إليهم عبدالرحمن بن خالد المخزومي وأبا الأعور
السلمي ومرة حبيب بن مسلمة الفهري ومرة ابن ذي الكلاع الحميري ومرة عبيدالله بن
عمر بن الخطاب ومرة شرحبيل بن السمط الكندي ومرة حمزة بن مالك الهمداني فاقتتلوا
من ذي الحجة كلها وربما اقتتلوا في اليوم الواحد مرتين أوله وآخره ).
هذا عن وقائع
القتال فى صفين فى الشهر الحرام . كانوا يتقاتلون جماعة جماعة تفاديا لقتال
عام يستأصلهم جميعا . وكان كل فريق له قائد . وكان شبث بن ربعى أحد قواد (على ).
5 ـ وعن
محاولات الصلح فى هدنة للحرب بين (على ) ومعاوية ، تقول الرواية : ( .. لما
توادع علي ومعاوية يوم صفين اختلف فيما بينهما الرسل رجاء الصلح . فبعث (علي ) عدي
بن حاتم ويزيد بن قيس الأرحبي وشبث بن ربعي وزياد بن خصفة إلى معاوية. فلما
دخلوا حمد الله عدي بن حاتم ثم قال : " أما بعد فإنا أتينا ندعوك إلى أمر
يجمع الله عز وجل به كلمتنا وأمتنا ويحقن به الدماء ويؤمن به السبل ويصلح به ذات
البين إن ابن عمك سيد المسلمين أفضلها سابقة وأحسنها في الإسلام أثرا وقد استجمع
له الناس وقد أرشدهم الله عز وجل بالذي رأوا فلم يبق أحد غيرك وغير من معك فانته
يا معاوية لا يصبك الله وأصحابك بيوم مثل يوم الجمل . " فقال معاوية : "
كأنك إنما جئت متهدددا لم تأت مصلحا .! هيهات يا عدي . كلا والله إني لابن حرب ،
ما يقعقع لي بالشنان ، أما والله إنك لمن المُجلبين على ابن عفان رضي الله عنه ،
وإنك لمن قتلته، وإني لأرجو أن تكون ممن يقتل الله عز وجل به . هيهات يا عدي بن
حاتم . قد حلبت بالساعد الأشد. " فقال له شبث بن ربعي ...: " أتيناك فيما
يصلحنا وإياك فأقبلت تضرب لنا الأمثال. دع ما لا ينتفع به من القول والفعل وأجبنا
فيما يعمنا وإياك نفعه. " ..) وتكلم معاوية فطلب منهم تسليم قتلة عثمان ، وهو
يعلم إستحالة هذا الطلب لأنه سيفرّق جيش (على ) . ورد عليه شبث : ( أيسرك يا
معاوية أنك أمكنت من عمار تقتله ؟ فقال معاوية : " وما يمنعني من ذلك والله
لو أمكنت من ابن سمية ما قتلته بعثمان ولكن كنت قاتله بناتل مولى عثمان . "
فقال له شبث : " وإله الأرض وإله السماء ما عدلت معتدلا ، لا والذي لا
إله إلا هو لا تصل إلى عمار حتى تندر الهام عن كواهل الأقدام وتضيق الأرض الفضاء عليك
برحبها . " فقال له معاوية : " إنه لو قد كان ذلك كانت الأرض عليك
أضيق.! )
هذه
جولة أخرى من المفاوضات العقيمة ، يطلب فيها وفد ( على ) أن يبايع معاوية ل (على )
بلا قيد ولا شرط . وتنتهى الى الفشل ، ونرى شبث بن ربعى أحد رجال الوفد المتحدث
باسم (على ) وهو الذى يهدد معاوية ، ويعامله رأسا برأس . وايضا : فقد كان شبث من
أبرز قواد (على ) وقتها .
رابعا : شبث
بن ربعى : يخرج على (على ) ثم يترك الخوارج ويعود الى (على )
1 ـ بعد فشل
التحكيم وخدعة عمرو بن العاص لأبى موسى الأشعرى ، خرج بعض أصحاب (على ) عليه
،فأصبحوا ( الخوارج ) الذين كفّروا عليا لأنه رضى بالتحكيم ، وطلبوا منه أن يعلن
كفره وتوبته من التحكيم ، ورفض (على )، فأصبح يواجه عدوا جديدا . وكان ( شبث بن
ربعى ) هو القائد الحربى للخوارج ، وقد انسحبوا الى حروراء ، فكان إسمهم (الحرورية
). . تقول الرواية : ( خرجوا مع (علي ) إلى صفين وهم متوادون أحباء ، فرجعوا
متباغضين أعداء ما برحوا من عسكرهم بصفين حتى فشا فيهم التحكيم ولقد أقبلوا
يتدافعون الطريق كله ويتشاتمون ويضطربون بالسياط . يقول الخوارج يا أعداء الله
أدهنتم في أمر الله عز وجل وحكمتم وقال الآخرون فارقتم إمامنا وفرقتم جماعتنا .
فلما دخل علي الكوفة لم يدخلوا معه حتى أتوا حروراء فنزل بها منهم اثنا عشر ألفا
ونادى مناديهم إن أمير القتال شبث بن ربعي التميمي وأمير الصلاة عبدالله بن الكواء
اليشكري والأمر شورى بعد الفتح والبيعة لله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر )
2 ـ
وعن موقعة ( النهروان ) بين (على ) والخوارج ، يأتى الطبرى بروايات مختلفة ، ويرجح
أن تكون الواقعة عام 38 ، وتقول الرواية عما حدث قبل المعركة : ( أن شبث بن
ربعي وابن الكواء خرجا من الكوفة إلى حروراء فأمر (علي ) الناس أن
يخرجوا بسلاحهم ، فخرجوا إلى المسجد حتى امتلأ بهم ، فأرسل إليهم بئس ما صنعتم حين
تدخلون المسجد بسلاحكم اذهبوا إلى جبانة مراد حتى يأتيكم أمري. قال أبو مريم
فانطلقنا إلى جبانة مراد فكنا بها ساعة من نهار ثم بلغنا أن القوم قد رجعوا وهم
زاحفون قال فقلت أنطلق أنا حتى أنظر إليهم فانطلقت حتى أتخلل صفوفهم حتى انتهيت
إلى شبث بن ربعي وابن الكواء، وهما واقفان متوركان على دابتيهما وعندهما رسل (علي
) وهم يناشدونهما الله لما رجعا بالناس.). أى كان شبث وابن الكواء زعيما الخوارج
الحرورية وقتها . ولا تقول الرواية هل إستجاب شبث لرجاء (على ) وترك الخوارج أم لا
.
3 ــ ولكن
رواية أخرى تجعل (شبث ) من قادة (على ) فى موقعة النهروان ضد الخوارج ، أى
إنه تركهم وعاد الى (على ) . تقول الرواية عن بدء معركة النهروان : (فخرج ( علي )
فعبأ الناس فجعل على ميمنته حجر بن عدي وعلى ميسرته شبث بن ربعي أو معقل بن
قيس الرياحي وعلى الخيل أبا أيوب الأنصاري وعلى الرجالة أبا قتادة الأنصاري وعلى
أهل المدينة وهم سبعمائة أو ثمانمائة رجل قيس بن سعد بن عبادة...وعبأت الخوارج
فجعلوا على ميمنتهم زيد بن حصين الطائي وعلى الميسرة شريح بن أوفى العبسي وعلى
خيلهم حمزة بن سنان الأسدي وعلى الرجالة حرقوص بن زهير السعدي ).
4 ــ ولا
نملك إلا تصديق هذه الرواية لسببين : الأول : إن شبث كان فى هذه الموقعة من قادة
(على ) ، ولم يكن من قادة الخوارج فى تلك المعركة ، و (شبث ) كان شخصية قيادية
وقتها . والثانى : أن معركة النهروان إنتهت بمقتل جميع الخوارج وقتها ، وهذا أمر
معروف . عن جولات المعركة تقول الرواية عن ( على ) ( نهض إليهم
فقاتلهم حتى فرغ منهم )ويقول أحد جنود (على ) :( فما لبثناهم فكأنما قيل لهم
موتوا فماتوا ). وعاش شبث بن ربعى بعدها .
خامسا : شبث
فى خلافة معاوية يشهد زورا على رفيقه ( حُجر بن عدى )
1 ـ بايع شبث
بن ربعى ( معاوية ) ضمن شيعة (على ) . وعاد ربعى الى الكوفة . وصار معروفا أنه من
كبار الشيعة فيها ، والذين كانوا يعارضون الوالى المغيرة بن أبى شعبة حين كان يأخذ
فى لعن (على ) فى خطبة الجمعة ، وهى بدعة إبتدعها معاوية . وكان معاوية يسكت عنهم
. وإختلفت سياسته عندما بدأ التخطيط لتوريث إبنه يزيد ، فعمل على التخلص من رؤساء
الشيعة فى البداية وكان منهم شبث بن ربعى . فكان الايقاع بحُجر بن عدى
الكندى وقتله مع أصحابه . وقد تعرضنا لهذا بالتفصيل فى كتابنا ومقالاته المنشورة
هنا عن ( وعظ السلاطين ) . يهمنا من هذه الوقائع ما يرد فيها عن شبث بن ربعى .
2 ـ فى
البداية كتب معاوية الى واليه بالكوفة المغيرة يقول له :( خذ زيادا وسليمان
بن صرد وحجر بن عدي وشبث بن ربعي وابن الكواء وعمرو بن الحمق بالصلاة في الجماعة .
فكانوا يحضرون معه في الصلاة . ) . أى سعى معاوية الى إكراههم على حضور صلاة
الجمعة مع الوالى حتى يسمعوا لعن (على ) ، وكان منهم شبث بن ربعى . كان معاوية
يتحرش بهم لإثارتهم . فكانوا يحضرون ، ويرفعون صوتهم بالاحتجاج على المغيرة عندما
يبدا بلعن (على ) . ويثور الشغب. ويسكت عنهم المغيرة .
3 ـ وبعد موت
المغيرة تولى الكوفة ابن زياد وحكمها بالحديد والنار، وإعتقل حجر بن عدى وصحبه ،
واشهد عليهم أنهم خلعوا الطاعة ورفعوا السلاح . وشهد بهذه الشهادة الزور جماعة من
كبار أهل الكوفة كان منهم القاضى أبو بردة بن أبى موسى الأشعرى وآخرون من
أشياع بنى أمية . تقول الرواية : ( ثم بعث زياد إلى أصحاب حجر حتى جمع اثني عشر
رجلا في السجن ، ثم إنه دعا رؤوس الأرباع فقال اشهدوا على حجر بما رأيتم منه .
وكان رؤوس الأرباع يومئذ : عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة ، وخالد بن عرفطة على
ربع تميم وهمدان، وقيس بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة على ربع ربيعة وكندة ،
وأبو بردة بن أبي موسى على مذحج وأسد. فشهد هؤلاء الأربعة أن حجرا جمع إليه
الجموع وأظهر شتم الخليفة ودعا إلى حرب أمير المؤمنين وزعم أن هذا الأمر لا يصلح
إلا في آل أبي طالب ووثب بالمصر وأخرج عامل أمير المؤمنين . ) وأراد زياد شهادات
أكثر وشهودا أكثر ، وتذكر الرواية شبث بن ربعى ضمن أولئك عن الشهود الجُدُد : ( ..
فشهد إسحاق بن طلحة بن عبيدالله... والسائب بن الأقرع الثقفي وشبث بن
ربعي... )، وتهرب من الشهادة المختار بن عبيدة الثقفى ، تقول الرواية : (ودعا
المختار بن أبي عبيد وعروة بن المغيرة بن شعبة ليشهدوا عليه فراغا ). وبهذه
الشهادة الزور تم قتل حُجر بن عدى وأصحابه . فى هذا المشهد نرى تقلب شبث بن ربعى ،
كان من الشيعة فلما رأى حزم ابن زياد غيّر موقفه الى النقيض وصار من أتباع معاوية
. ولكن التحول الأبشع له كان فى ماساة كربلاء .
سادسا : السقوط
الأكبر : شبث والحسين وكربلاء
1 ـ كان شبث
ممّن دعا الحسين ليأتى الى الكوفة . تقول رواية الطبرى : ( وكتب شبث بن ربعي وحجار
بن أبجر ويزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجاج الزبيدي
ومحمد بن عمير التميمي : " أما بعد فقد اخضر الجناب وأينعت الثمار وطمت
الجمام فإذا شئت فاقدم على جند لك مجند والسلام عليك . ). وفوجىء الحسين فى كربلاء
بأولئك الذين دعوه للمجىء هم الذين ينتظرونه بالسلاح لقتاله . تقول الرواية عن
الحسين أنه نادى : ( فنادى: يا شبث بن ربعي! ويا حجار بن أبجر! ويا قيس
بنالأشعث! ويا زيد بن الحارث! ألم تكتبوا إلي في القدوم عليكم؟ قالوا: لم نفعل.
ثمقال: بلى فعلتم. ثم قال: أيها الناس إذ كرهتموني فدعوني أنصرف إلى مأمني منالأرض.قال: فقال له
قيس بن الأشعث: أولا تنزل على حكم ابن عمك، يعني ابن زياد،فإنك لن ترى إلا ما تحب.
فقال له الحسين: أنت أخو أخيك، أتريد أن يطلبك بنو هاشمبأكثر من دم مسلم بن عقيل؟
لا والله ولا أعطيهم بيدي عطاء الذليل، ولا أقر إقرارالعبد. عباد الله إني عذت
بربي وربكم أن ترجمون، أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لايؤمنبيوم الحساب ثم أناخ
راحلته ونزل عنها.)
2 ـ وقبل أن
يأتى الحسين الى الكوفة أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل ، وتكاثرت الشيعة حول ابن عقيل
، ولكن تحرك عبيد الله بن زياد بسرعة ، فالتقى برؤساء العشائر فى الكوفة يخوفهم
ويمنيهم حتى إنضموا اليه وضغطوا على أهاليهم فإنفضوا من حول مسلم بن عقيل . وكان
شبث بن ربعى ممّن إستجاب لعبيد الله بن زياد . تقول الرواية : ( ودعا عبيدالله
كثير بن شهاب بن الحصين الحارثي فأمره أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج فيسير بالكوفة
ويخذل الناس عن ابن عقيل ويخوفهم الحرب ويحذرهم عقوبة السلطان وأمر محمد بن الأشعث
أن يخرج فيمن أطاعه من كندة وحضرموت فيرفع راية أمان لمن جاءه من الناس وقال مثل
ذلك للقعقاع بن شور الذهلي وشبث بن ربعي التميمي ) . أكثر من ذلك ، صار شبث
أحد قواد ابن زياد ، تقول الرواية : ( وعقد لشبث بن ربعي لواء فأخرجه ). وأخلص شبث
بن ربعى فى قتال مسلم بن عقيل ، بينما حاول المختار بن أبى عبيدة نُصرة مسلم بن
عقيل ، تقول الرواية : ( أن المختار بن أبي عبيد وعبدالله بن الحارث بن نوفل
كانا خرجا مع مسلم ، خرج المختار براية خضراء وخرج عبدالله براية حمراء وعليه ثياب
حمر.... وإن ابن الأشعث والقعقاع بن شور وشبث بن ربعي قاتلوا مسلما وأصحابه عشية
سار مسلم إلى قصر ابن زياد قتالا شديدا، وأن شبثا جعل يقول انتظروا بهم الليل
يتفرقوا . ) .
3 ـ وأخرج
ابن زياد جيشا لمواجهة الحسين ، يقوده عمر بن سعد بن الوقاص ، وكان شبث بن ربعى
قائد على الرجّالة ، تقول الرواية عن قادة الجيش : ( وعلى الرجال شبث بن ربعي
الرياحي وأعطى الراية ذويدا مولاه ).
4 ـ ويبرز
إسم شبث بن ربعى فى قتال الحسين فى كربلاء . ونأخذ من روايات المعركة مشاهد
متتابعة : ( وقاتلهم أصحاب الحسين قتالا شديدا وأخذت خيلهم تحمل وإنما هم اثنان
وثلاثون فارسا وأخذت لا تحمل على جانب من خيل أهل الكوفة إلا كشفته .) وامر قائد
الجيش عمر بن سعد بن الوقاص ( شبث ) أن يهاجم الحسين برجالته بالنبل ، فرفض شبث
وقال : ( سبحان الله أتعمد إلى شيخ مضر وأهل المصر عامة تبعثه في الرماة ؟
لم تجد من تندب لهذا ويجزئ عنك غيري ؟ ).
5 ـ وكان
واضحا أن شبث كان كارها لمشاركته فى قتال الحسين مع مشاركته الفعلية فى القتال
. تقول الرواية : ( وما زالوا يرون من شبث الكراهة لقتاله . ) ووضح
هذا فى مواقف أخرى له فى المعركة . أراد شمر بن ذى الجوشن أن يحرق فسطاط الحسين
ومن فيه من نساء الحسين ، تقول الرواية : ( وحمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط
الحسين برمحه ونادى علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله قال فصاح النساء وخرجن
من الفسطاط قال وصاح به الحسين يابن ذي الجوشن أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على
أهلي حرقك الله بالنار) وتدخل شبث بن ربعى فقال لابن ذى الجوشن : (ما
رأيت مقالا أسوأ من قولك ولا موقفا أقبح من موقفك أمرعبا للنساء صرت ؟ .! ).
6 ـ وظل ضمير
شبث يعذبه على جريمته فى كربلاء . تقول الرواية : ( وقال أبو زهير العبسي فأنا
سمعته في إمارة مصعب يقول :" لا يعطي الله أهل هذا المصر خيرا أبدا ولا
يسددهم لرشد . ألا تعجبون إنا قاتلنا مع علي بن أبي طالب ومع ابنه من بعده آل أبي
سفيان خمس سنين ، ثم عدونا على ابنه ، وهو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية وابن
سمية الزانية. ضلال يا لك من ضلال . !!)
سابعا
: شبث بن ربعى مع ابن الزبير ضد المختار :
1 ـ إنضم شبث
الى ابن مطيع والى ابن الزبير ضد المختار بن أبى عبيدة الثقفى . والتفصيلات هنا كثيرة
ومُملة ، وتنتهى بهزيمة ابن مطيع وهروبه من الكوفة . وانضم شبث الى المختار ليحمى
نفسه ، وحين تتبع المختار قتلة الحسين تحارب معه شبث ، واسهم شبث فى هزيمة المختار
بفضح مخاريق ومزاعم المختار عن التابوت الذى كان المختار يزعم أنه يستنصر به ، ثم
وجد شبث بُغيته مع مصعب بن الزبير، فعمل على جذب خصوم المختار الى معسكر مصعب .
ثامنا : شبث
بن ربعى والخوارج الأزارقة
1 ـ عيّن
مصعب واليا على الكوفة هو القباع ( الحارث بن ربيعة ) . وكانت الخوارج
الأزارقة يعيثون فسادا فى الشرق ثم زحفوا غربا نحو الكوفة فى عام 68 ، فإستغاث أهل
الكوفة بالوالى (القباع ) خوفا من الأزارقة ، فتحرك القباع بطيئا بجيشه ، فقال له
ابراهيم بن الأشتر ( سار إلينا عدو ليست له تقية ، يقتل الرجل والمرأة
والمولود ، ويخيف السبيل ويخرب البلاد فانهض بنا إليه ) و ايضا تحرك الوالى ببطء ،
فتدخل شبث : ( دخل إليه شبث بن ربعي فكلمه بنحو مما كلمه به ابن الأشتر فارتحل ولم
يكد فلما رأى الناس بطء سيره رجزوا به ) ، وجاءت الأنباء أن الخوارج دخلوا
قرية سماك بن يزيد ، ( فأتت الخوارج قريته ، فأخذوه وأخذوا ابنته فقدموا
ابنته فقتلوها . ..واسم ابنته أم يزيد ، وأنها كانت تقول لهم : " يا أهل
الإسلام إن أبي مصاب فلا تقتلوه وأما أنا فإنما أنا جارية والله ما أتيت فاحشة قط
ولا آذيت جارة لي قط ولا تطلعت ولا تشرفت قط . " فقدموها ليقتلوها ، فأخذت :
تنادي : " ما ذنبي .! ما ذنبي .! " ، ثم سقطت مغشيا عليها أو ميتة
، ثم قطعوها بأسيافهم . ) وقال ابراهيم بن الأشتر للوالى الأقبع
: ( اندب معي الناس حتى أعبر إلى هؤلاء الأكلب فأجيئك برؤوسهم الساعة ) وتدخل شبث
بن ربعى وآخرون فأقنعوا الوالى أن يترك الخوارج يرحلون ( فقال شبث بن ربعي وأسماء
بن خارجة ويزيد بن الحارث ومحمد بن الحارث ومحمد بن عمير أصلح الله الأمير دعهم
فليذهبوا لا تبدأهم . ..وكأنهم حسدوا إبراهيم بن الأشتر ).
2 ـ
ولقد دخل الخوارج المدائن ، تقول الرواية : ( فلما سمع مصعب بقدومهم
ركب في الناس وجعل يلوم عمر بن عبيد الله بتركه هؤلاء يجتازون ببلاده، وقد ركب عمر
بن عبيد الله في آثارهم، فبلغ الخوارج أن مصعباً أمامهم، وعمر بن عبيد الله
وراءهم، فعدلوا إلى المدائن فجعلوا يقتلون النساء والولدان، ويبقرون بطون الحبالى،
ويفعلون أفعالاً لم يفعلها غيرهم. ) .
أخيرا
بل فعلها
غيرهم .. فإن داعش لم تأت من فراغ .!!
(1)
لا اوافق رأي احمد صبحي في علي
لانه في نظري عندما رفض علي معاوية لاسباب منطقية منها ان معاوية
مشكوك اسلامه ... لذلك رفضه علي
س ج
آحمد صبحي منصور في الأربعاء 23 مارس 2016
http://www.ahl-alquran.com/arabic/printpage.php?doc_type=1&doc_id=14564
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire