صفحة من
التاريخ الأسود للسلف الصالح .!!
يا حسرة على
هذه الرءوس المقطوعة .!!
مقدمة :
1 ـ خلال عشر
سنوات ( 61 : 71 ) فقط شهد قصر الامارة بالكوفة أربع رءوس مقطوعة لمشاهير الناس
وقتها : رأس الحسين ، ثم رأس عبيد الله بن زياد ، ثم رأس المختار الثقفى ، ثم رأس
مصعب بن الزبير . شهد هذا كله شخص إسمه عبد الملك بن عمير الليثي . قال : ( رأيت
في قصر الإمارة بالكوفة رأسالحسين رضي الله عنه بين يدي عبيد الله بن زياد ، ثم
رأيت رأس ابن زياد بين يديالمختار ، ثم رأيت رأس المختار بين يدي مصعب بن الزبير،
ثم رأيت رأس مصعب بين يدي عبدالملك بن مروان .)
2 ـ نتخيل ما سبق فى هذه المشاهد الدرامية :
م1 : عبيد الله بن زياد على كرسى الإمارة فى قصر الامارة فى الكوفة عام 61 : وأمامه رأس الحسين .
م 2 : المختار بن عبيد الثقفى على كرسى الإمارة فى قصر الامارة فى الكوفة عام 64 : وامامه رأس عبيد الله بن زياد .
م 3 : مصعب بن الزبير على كرسى الإمارة فى قصر الامارة فى الكوفة عام 67 : وأمامه رأس المختار بن عبيد الثقفى .
م 4 : عبد الملك بن مروان على كرسى الإمارة فى قصر الامارة فى الكوفة عام 71 : وأمامه رأس مصعب بن الزبير .
هذه ( رءوس ) موضوعات فى الفتنة الكبرى الثانية التى تفجرت بسبب وراثة يزيد بن معاوية الحكم وما تسبب عنها من قتل الحسين . نعطى لمحة عن الفتنة الكبرى الأولى ، ثم بعض لمحات تاريخية عن هذه الفتنة الكبرى الثانية .
أولا: عرض سريع للفتنة الكبرى الأولى فى عصر الصحابة
1 ـ بعد موت خاتم المرسلين ـ عليهم جميعا السلام ـ عايش الصحابة الفتنة الكبرى التى ترتبت على الفتوحات العربية ـ لا الاسلامية لأنها حملت اسم الاسلام زورا وبهتانا ـ وفيها نهب العرب كنوز فارس ومصر وما بينهما وما بعدهما شرقا وغربا. ثم اختلفوا فى توزيع المال المنهوب والأراضى الزراعية، إذ فازت قريش ـ والأمويون بالذات ـ بالنصيب الأكبر ، على حساب جند الفتوحات من قبائل نجد وغيرهم ، فاحتج زعماء الأعراب ـ الذين كانوا مرتدين من قبل ، وواجه عثمان احتجاجهم بالاضطهاد ( عام 33 هجرية ) فتحول الاحتجاج الى ثورة احتل فيها الثوار المدينة وقتلوا عثمان عام 35، وعينوا ( عليا ) خليفة فى المدينة فأعطوا الفرصة لمعاوية للمطالبة بالثأر، محملا (عليا ) المسئولية. بينما ثار صحابة آخرون وتزعموا ثورة ضد (على ) وقادهم الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله والسيدة عائشة، وهزمهم (على) فى موقعة الجمل، وهى أول حرب طاحنة بين الصحابة (عام 36). ثم اضطر (على) لحرب معاوية، وكاد أن ينتصر عليه فى (صفين) (عام 37) لولا لجوء عمرو بن العاص الى خدعة التحكيم، أى الاحتكام الى كتاب الله، وأرغم أعراب (نجد) وغيرهم ، من شيعة وجند (على) (عليا) على قبول التحكيم، رغم تحذيره لهم بأنها خدعة، فأضاعوا الانتصار فى صفين، ثم أرغموا (عليا) على أن يعين مندوبا عنه فى مفاوضات التحكيم، وهو (أبوموسى الأشعرى) ليتفاوض مع مندوب معاوية وهو عمرو بن العاص، فأعطوا بذلك اعترافا صريحا بشرعية معاوية وكونه ندا (لعلى). وانتهى التحكيم بمهزلة خداع عمرو لأبى موسى الأشعرى، فثار نفس الأعراب على (على) تحت شعار ( لا حكم الا لله)، وطلبوا من (على) أن يعترف بكفره ويتوب لأنه وافق على التحكيم، كما اعترفوا هم بكفرهم وتوبتهم حين أرغموه على قبول التحكيم. ورفض (على) فخرجوا عليه وحاربوه فهزمهم فى النهروان، فقتله أحدهم (ابن ملجم) عام 40. واكتسبوا آخر ألقابهم وهو (الخوارج ).
2 ـ الخوارج أهم مظاهر ونتائج الفتنة الكبرى الأولى . هؤلاء الصحابة كانوا فى البداية كفارا فأسلموا كيدا لقريش ، ثم ارتدوا حين عادت السيطرة لقريش بعد موت النبى محمد ، ولما هزمهم أبوبكر عادوا للاسلام، ثم بعدها مباشرة أصبحوا عماد الفتوحات ، ثم أصبحوا الثوار على عثمان، ثم شيعة على، وفى النهاية خرجوا عليه فأصبحوا (الخوارج). ترتب على الفتنة الكبرى الأولى أيضا تأسيس معاوية للدولة الأموية. فبعد قتل (على) بايع ابنه الحسن معاوية فيما سمى بعام الجماعة (40هجرية) ، وخرج على هذا الاجماع الخوارج فظلوا فى حرب مع معاوية وبقية خلفاء الدولة الأموية الى سقوطها عام 132 هجرية.
وبعد استتاب الأمر لمعاوية خطط لتوريث ابنه يزيد الخلافة ، فتولاها يزيد فى شهر رجب عام 60 بقوة السلاح ، فنشبت الفتنة الكبرى الثانية . كانت الفتنة الكبرى الأولى فى عصر الصحابة ، وكانت الفتنة الكبرى الثانية فى عصر أبنائهم، أى فى عصر ( التابعين ).
ثانيا : ملامح الفتنة الكبرى الثانية فى عصر التابعين
1 ـ كان تولي يزيد بن معاوية الحكم بالوراثة سابقة خطيرة في تاريخ المسلمين ، ولم تمر بسهولة ، إذ ترتب عليها أحداث خطيرة لا تزال تؤرق الضمير المسلم حتى الآن ، فى فترة حكمه القصير كان قتل الحسين وآله في "كربلاء" ، ثم اقتحام المدينة وقتل أهلها ، ثم انتهاك البيت الحرام وضرب الكعبة بالمنجنيق .
2 ـ بدأت الفتنة الكبرى الثانية بثورة الحسين وقتل الحسين ومعظم اهله فى كربلاء عام 61 هجرية . وقد عرضنا لذلك بالتفصيل فى كتاب منشور هنا . وتم عرض رأس الحسين على والى الكوفة عبيد الله بن زياد فى قصر الامارة بالكوفة فى هذا العام 61 .
3 ــ من دمشق عادت زينب بنت على ( أخت الحسين ) الى المدينة تحمل رأس الحسين ومعها ابن اخيها الصبى على زين العابدين ابن الحسين وبنات الحسين وغيرهن ممن صحبنه فى هذه الحملة المشئومة . كان يزيد بن معاوية قد حاول إستمالة أهل المدينة ، ولكن ما حدث للحسين فى كربلاء فجّر ثورة المدينة ، فأرسل يزيد حملة عسكرية يقودها مسلم بن عقبة ، استطاعت هزيمة أهل المدينة واستحلالها وقتل معظم اهلها وهتك أعراض نسائها فى موقعة الحرة فى شهر حرام هو ذو الحجة عام 63 .
4 ــ وكان عام 64 خطيرا :
4 / 1 : فقد إستغل عبد الله بن الزبير مذبحة كربلاء فأعلن نفسه خليفة فى مكة وبايعه أهل مكة والحجاز . وأمر يزيد بن معاوية قائد جيشه مسلم بن عقبة بعد أن هزم أهل المدينة أن يتوجه لاخماد ثورة ابن الزبير فى مكة . ومات مسلم بن عقيل أثناء توجه الجيش الأموى للقضاء على تمرد ابن الزبير فى مكة ، فتولى القيادة الحصين بن نمير الذى حاصر مكة والكعبة عام 64 ، وأثناء الحصار شبت النار فى أستار الكعبة بضربة من المنجنيق يوم السبت 3 ربيع الأول عام 64 ، فترك ابن الزبير الحريق يأتى على الكعبة نكاية فى الأمويين وتشنيعا عليهم . وجاءت الأنباء بعدها بموت يزيد بن معاوية فى 14 ربيع الأول عام 64 ، فعرض قائد الجيش الأموى الحصين بن نمير على عبد الله بن الزبير أن يعترف به خليفة مقابل أن يترك الحجاز ويأتى معه الى دمشق ، وكان رأيا صائبا ، ولكن رفضه ابن الزبير . وانفض حصار مكة ورجع الجيش الأموى خائبا .واعتزل الخليفة الجديد معاوية بن يزيد بن معاوية الحكم بعد حوالى شهر من ولايته متبرئا مما فعله أهله الأمويون فقتله أهله بالسم فمات وهو ابن 13 عاما . ودخل المسلمون فى فترة اضطراب كان أكثر المستفيدين منها عبد الله بن الزبير.
4 / 2 : أصبح موقف الأمويين عسيرا فى الشام ، إذ إختار العرب في مصر الانضمام الى ابن الزبير ، بل إن أنصار الأمويين فى الشام انفضوا عنهم وبايعوا ابن الزبيرمثلما فعل النعمان بن البشير فى حمص وزفر بن الحارث الكلابى فى قنسرين ، وجاءت الطامة الكبرى لبنى أمية بأن بايع الضحاك بن قيس الفهرى لابن الزبير. والضحاك بن قيس كان أبرز مؤيدى الأمويين من قبل ، وهو زعيم قبائل قيس المضرية فى الشام والمتولى أمر دمشق نفسها بعد انهيار الحكم الأموى فيها .
4 / 3 : وكان عام 64 خطيرا أيضا بالنسبة لعبيد الله بن زياد بالعراق . بلغه موت يزيد وإعتزال ابنه معاوية واختلاف بنى أمية ، فجمع أهل البصرة وخطب فيهم متحببا اليهم ، فبايعوه على الامارة الى أن ينجلى الأمر ، وبعد أن تركوه خلعوا بيعته ، وتابعهم أهل الكوفة ، وإنفض عنه أنصاره فلم يعد أمره نافذا فيهم . وجاء مبعوث من ابن الزبير يدعو لبيعته ، فهرب عبيد الله بن زياد ، ثم لحق بالأمويين فى الشام .
4 / 4 : واجتمع لابن الزبير أهل الكوفةوالبصرة ومن بالقبلة من العرب وأهل الجزيرة وأهل الشام إلا أهل الأردن حيث تتمركز قبيلة كلب .هذا الوضع المتردى للأمويين جعل كبيرهم مروان بن الحكم يفكر فى البيعة لابن الزبير ، ولكن أثناه عن ذلك عبيد الله بن زياد والى العراق ـ بعد هروبه من العراق الى الشام ـ والحصين بن النمير العائد من حصار الكعبة وقتال ابن الزبير. ووقف الى جانب الأمويين فى محنتهم حسان بن بحدل الكلبى خال يزيد بن معاوية وزعيم قبائل كلب فى الشام . وكان ابن الزبير بغبائه قد طرد عائلات الأمويين فى الحجاز فأتاح لهم التجمع فى الشام . وعقدوا مع أنصارهم مؤتمر الجابية ، واتفقوا فيه فى 3 ذى القعدة 64 على تولى الخلافة مروان بن الحكم شيخ الأمويين وقتها ، ثم يليه خالد بن يزيد بن معاوية ثم عمرو بن سعيد بن العاص . بهذا أرضى مؤتمر الجابية كل المتطلعين للخلافة ، ولكنه سنّ سنة سيئة ، وهى العهد لأكثر من واحد بالخلافة ، وكان لهذا أكبر الأثر في حدوث انشقاقات في البيت الأموي الحاكم . ـ
4 / 5 : وبدأ مروان بن الحكم باستخلاص الشام من أتباع ابن الزبير ، فهزم الضحاك بن قيس الفهرى وقتله فى موقعة مرج راهط ، عام 64 ، ويقال 65 ، وفيها فقدت قبائل قيس الكثير من أشرافها والآلاف من أبنائها على يد أنصار الأمويين من قبائل كلب ، فأحدث هذا ثأرا داميا بين قيس وكلب استمر يتفاعل طيلة الدولة الأموية مما أسهم فى القضاء عليها . وليحمى ظهره بعدها سار مروان بن الحكم لاسترداد مصر من والى ابن الزبير ، وهو عبد الرحمن بن جحدم الفهرى القرشى فقتله . ولكن ظل العراق شوكة فى ظهر مروان بن الحكم . وكان يتبع العراق خراسان وما حولها ، فأرسل مروان جيشا يقوده عبيد الله بن زياد الى منطقة الجزيرة وقرقيساء حيث إنضم زفر بن الحارث لابن الزبير ، وهزم ابن زياد زفر بن الحارث ، واتجه للعراق ليعيده الى السيطورة الأموية .
5 : وشهد عام 65 أحداثا هامة :
5 / 1 : نقض مروان بن الحكم لاتفاق الجابية ، إذ عزل من ولاية العهد كلا من خالد بن يزيد وعمرو بن سعيد ، وعهد لابنيه على التوالى عبد الملك ثم عبد العزيز. ومات مروان فتولى ابنه عبد الملك بن مروان عام 65 . وعبد الملك هو الذى أعاد تأسيس الدولة الأموية ، ووطّد أمورها . وبه انتهت الفتنة الكبرى الثانية ، التى شارك فيها الصحابة وأبناء كبار الصحابة مثل ابن الزبير وابن عباس والحسين والنعمان بن البشير،وغيرهم .
5 / 2 : وبعث عبد الملك بن مروان يأمر عبيد الله بن زياد بإسترداد العراق . وتحركت الشيعة فى العراق للثأر من قتلة الحسين تحت شعار ( التوابين )، وتزعمهم سليمان بن صرد ، وقد هزمهم عبيد الله بن زياد فى موقعة عين الوردة في شهر ربيع الآخر. 65 .
6 ـ فى عامى 66 :67
ظهر فى العراق مغامر اسمه المختار الثقفى سيطر على معظم العراق فى هذا العام ، واستقر فى كرسى الامارة . كان يزعم تبعيته لآل البيت ودعوته لمحمد بن على بن أبى طالب ( ابن الحنفية ) أكبر أولاد (على ) والمقيم فى الحجاز تحت سيطرة ابن الزبير ، ومرة بزعمه التبعية لابن الزبير ، ولكن هواه كان أكثر مع الهاشميين . ولكن المختار كان حريصا على ألاّ يأتى محمد بن الحنفية الى العراق حتى يظل فى سلطته بالعراق ، وكان فى نفس الوقت يخادع ابن الزبير يوهمه أنه على بيعته . وظهر لابن الزبير نفاقه حين هدد ابن الزبير باحراق كل بنى هاشم إن لم يبايعوا له ، بل جمعهم وكاد أن يشعل فيهم النار ، فبعثوا يستغيثون بالمختار فى العراق فارسل المختار لهم فرقة من الجيش لانقاذهم ، وعندما رأى ابن الزبير جيش المختار هرب واستنجد بالكعبة ، وتم انقاذ محمد بن الحنفية وسائر بنى هاشم وقد أعد ابن الزبير الحطب ليحرقهم، فكسروا الباب ودخلوا على ابن الحنفية فقالوا: خل بيننا وبينعدو الله ابن الزبير! فقال لهم: إني لا أستحل القتال في الحرم. . وأصبح العداء علنيا بين المختار الثقفى وابن الزبير .
والمختار الثقفى هو الذى تتبع بالقتل كل من شارك فى مذبحة كربلاء ،وقد انضم اليه ابراهيم بن الأشتر النخعى بمن معه من الشيعة فأرسله المختار ليقاتل عبيد الله بن زياد . وكان ابن زياد قد سار في عسكر عظيم من الشام، فبلغالموصل وملكها، ، فسار إبراهيم بن الأشتر الى الموصل ، وجرت موقعة هائلة انتصر فيها العراقيون الشيعة على جنود اهل الشام الأمويين ، وقتل ابراهيم بن الأشتر عبيد الله بن زياد فى المعركة دون ان يعرفه . وتم التعرف عليه فاحتزوا رأسه وأرسلوها الى المختار فى الكوفة بينما أحرقوا جسده ، وكان هذا عام 67 .
وفى نفس العام 67 كانت هزيمة المختار وقتله على يد مصعب بن الزبير . إذ أرسل ابن الزبير أخاه مصعب ـ وكان فارسا شجاعا شهما الى العراق ـ فهزم المختار وقتله عام 67 وضم العراق لأخيه . وتم عرض رأس المختار على مصعب بن الزبير .
وجاء مصعب لأخيه عبد الله بن الزبير بالبشرى فما كان من ابن الزبير إلا أن عزل أخاه وحبسه وولّى العراق ابنه حمزة بن عبد الله بن الزبير واليا على العراق، وكان شابا قليل الخبرة خفيف العقل فاستخف به أهل العراق فاضطر ابن الزبير لعزل ابنه واعادة أخيه مصعب للعراق.
7 ـ وهناك فى الشام مكث عبد الملك بن مروان يعد جيشه ويستعد للمواجهة الكبرى فى العراق تاركا مصعب بن الزبير يستنفذ قواه فى معارك متتالية مع المختار الثقفى ثم مع الخوارج الأزارقة وغيرهم ، وفى عام 71 كان جيش مصعب منهكا فزحف اليه عبد الملك بجيشه فهزم مصعب وقتله .
وتم عرض رأس مصعب بن الزبير على عبد الملك بن مروان
8 ـ وبهذا حوصر عبد الله بن الزبير فى الحجاز حيث لا زرع ولا ضرع . وفى عام 72 بعث عبد الملك بجيش يقوده الحجاج بن يوسف فأعاد حصار مكة والحرم فى هلال ذى القعدة الشهر الحرام عام 72 ، واستمر الحصار ستة أشهر وسبع عشرة ليلة وقيل ثمانية أشهر ، فتفرق عن ابن الزبير معظم أتباعه وأهله ومنهم ابناه حمزة وخبيب ، إذ تسللا الى الحجاج وأخذا منه أمانا .وظل ابن الزبير يقاتل يأسا الى أن سقط صريعا ، فاحتزّ الحجاج رأسه وبعث بها الى عبد الملك فى دمشق .وعُرضت رأس عبد الله بن الزبير على عبد الملك فى قصر الخلافة فى دمشق .
أخيرا :
1 ـ هذا السلف (الصالح ) الذى سار على سُنّة ( الخلفاء الراشدين المهديّين ) : كم رأسا قطع ؟
2 ـ تقطيع الرءوس كان سُنّة محمودة مرعية ، ومهما تباعد المكان كانت الرأس المقطوعة تُحملُ الى حيث المنتصر فيتسلى بالعبث بالرأس .
3 ـ وقتها لم يحظ مئات الألوف من القتلى بشرف تقطيع رءوسهم . تقطيع الرءوس كان فقط ( للرءوس الكبيرة ) ليست كبيرة الحجم ولكن كبيرة المقام . الزعيم القائد المقتول هو الذى يحظى بشرف قطع رأسه وحملها من مكة الى دمشق ، أو من كربلاء الى الكوفة ، أو من الموصل الى الكوفة . وتتعفن الرأس فى الطريق ولكن هذا لا يمنع من حتمية وصولها الى من يهمه الأمر ليشفى غليله .
4 ـ هناك بضع عشرات من الرءوس تم قطفها ـ أو تم قطعها ــ للزعماء فى هذه الفتنة الكبرى الثانية . ولكن تم التوسع فى قطع المئات من الرءوس بعدها ، خصوصا من الحجاج صاحب العبارة الشهيرة إنى لأرى أرؤسا قد أينعت وحان قطافها ، وإنى لصاحبها ) هل هناك غرام بقطع الرءوس أكثر من هذا ؟
5 ـ هل نلوم داعش ..وحدها ؟
2 ـ نتخيل ما سبق فى هذه المشاهد الدرامية :
م1 : عبيد الله بن زياد على كرسى الإمارة فى قصر الامارة فى الكوفة عام 61 : وأمامه رأس الحسين .
م 2 : المختار بن عبيد الثقفى على كرسى الإمارة فى قصر الامارة فى الكوفة عام 64 : وامامه رأس عبيد الله بن زياد .
م 3 : مصعب بن الزبير على كرسى الإمارة فى قصر الامارة فى الكوفة عام 67 : وأمامه رأس المختار بن عبيد الثقفى .
م 4 : عبد الملك بن مروان على كرسى الإمارة فى قصر الامارة فى الكوفة عام 71 : وأمامه رأس مصعب بن الزبير .
هذه ( رءوس ) موضوعات فى الفتنة الكبرى الثانية التى تفجرت بسبب وراثة يزيد بن معاوية الحكم وما تسبب عنها من قتل الحسين . نعطى لمحة عن الفتنة الكبرى الأولى ، ثم بعض لمحات تاريخية عن هذه الفتنة الكبرى الثانية .
أولا: عرض سريع للفتنة الكبرى الأولى فى عصر الصحابة
1 ـ بعد موت خاتم المرسلين ـ عليهم جميعا السلام ـ عايش الصحابة الفتنة الكبرى التى ترتبت على الفتوحات العربية ـ لا الاسلامية لأنها حملت اسم الاسلام زورا وبهتانا ـ وفيها نهب العرب كنوز فارس ومصر وما بينهما وما بعدهما شرقا وغربا. ثم اختلفوا فى توزيع المال المنهوب والأراضى الزراعية، إذ فازت قريش ـ والأمويون بالذات ـ بالنصيب الأكبر ، على حساب جند الفتوحات من قبائل نجد وغيرهم ، فاحتج زعماء الأعراب ـ الذين كانوا مرتدين من قبل ، وواجه عثمان احتجاجهم بالاضطهاد ( عام 33 هجرية ) فتحول الاحتجاج الى ثورة احتل فيها الثوار المدينة وقتلوا عثمان عام 35، وعينوا ( عليا ) خليفة فى المدينة فأعطوا الفرصة لمعاوية للمطالبة بالثأر، محملا (عليا ) المسئولية. بينما ثار صحابة آخرون وتزعموا ثورة ضد (على ) وقادهم الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله والسيدة عائشة، وهزمهم (على) فى موقعة الجمل، وهى أول حرب طاحنة بين الصحابة (عام 36). ثم اضطر (على) لحرب معاوية، وكاد أن ينتصر عليه فى (صفين) (عام 37) لولا لجوء عمرو بن العاص الى خدعة التحكيم، أى الاحتكام الى كتاب الله، وأرغم أعراب (نجد) وغيرهم ، من شيعة وجند (على) (عليا) على قبول التحكيم، رغم تحذيره لهم بأنها خدعة، فأضاعوا الانتصار فى صفين، ثم أرغموا (عليا) على أن يعين مندوبا عنه فى مفاوضات التحكيم، وهو (أبوموسى الأشعرى) ليتفاوض مع مندوب معاوية وهو عمرو بن العاص، فأعطوا بذلك اعترافا صريحا بشرعية معاوية وكونه ندا (لعلى). وانتهى التحكيم بمهزلة خداع عمرو لأبى موسى الأشعرى، فثار نفس الأعراب على (على) تحت شعار ( لا حكم الا لله)، وطلبوا من (على) أن يعترف بكفره ويتوب لأنه وافق على التحكيم، كما اعترفوا هم بكفرهم وتوبتهم حين أرغموه على قبول التحكيم. ورفض (على) فخرجوا عليه وحاربوه فهزمهم فى النهروان، فقتله أحدهم (ابن ملجم) عام 40. واكتسبوا آخر ألقابهم وهو (الخوارج ).
2 ـ الخوارج أهم مظاهر ونتائج الفتنة الكبرى الأولى . هؤلاء الصحابة كانوا فى البداية كفارا فأسلموا كيدا لقريش ، ثم ارتدوا حين عادت السيطرة لقريش بعد موت النبى محمد ، ولما هزمهم أبوبكر عادوا للاسلام، ثم بعدها مباشرة أصبحوا عماد الفتوحات ، ثم أصبحوا الثوار على عثمان، ثم شيعة على، وفى النهاية خرجوا عليه فأصبحوا (الخوارج). ترتب على الفتنة الكبرى الأولى أيضا تأسيس معاوية للدولة الأموية. فبعد قتل (على) بايع ابنه الحسن معاوية فيما سمى بعام الجماعة (40هجرية) ، وخرج على هذا الاجماع الخوارج فظلوا فى حرب مع معاوية وبقية خلفاء الدولة الأموية الى سقوطها عام 132 هجرية.
وبعد استتاب الأمر لمعاوية خطط لتوريث ابنه يزيد الخلافة ، فتولاها يزيد فى شهر رجب عام 60 بقوة السلاح ، فنشبت الفتنة الكبرى الثانية . كانت الفتنة الكبرى الأولى فى عصر الصحابة ، وكانت الفتنة الكبرى الثانية فى عصر أبنائهم، أى فى عصر ( التابعين ).
ثانيا : ملامح الفتنة الكبرى الثانية فى عصر التابعين
1 ـ كان تولي يزيد بن معاوية الحكم بالوراثة سابقة خطيرة في تاريخ المسلمين ، ولم تمر بسهولة ، إذ ترتب عليها أحداث خطيرة لا تزال تؤرق الضمير المسلم حتى الآن ، فى فترة حكمه القصير كان قتل الحسين وآله في "كربلاء" ، ثم اقتحام المدينة وقتل أهلها ، ثم انتهاك البيت الحرام وضرب الكعبة بالمنجنيق .
2 ـ بدأت الفتنة الكبرى الثانية بثورة الحسين وقتل الحسين ومعظم اهله فى كربلاء عام 61 هجرية . وقد عرضنا لذلك بالتفصيل فى كتاب منشور هنا . وتم عرض رأس الحسين على والى الكوفة عبيد الله بن زياد فى قصر الامارة بالكوفة فى هذا العام 61 .
3 ــ من دمشق عادت زينب بنت على ( أخت الحسين ) الى المدينة تحمل رأس الحسين ومعها ابن اخيها الصبى على زين العابدين ابن الحسين وبنات الحسين وغيرهن ممن صحبنه فى هذه الحملة المشئومة . كان يزيد بن معاوية قد حاول إستمالة أهل المدينة ، ولكن ما حدث للحسين فى كربلاء فجّر ثورة المدينة ، فأرسل يزيد حملة عسكرية يقودها مسلم بن عقبة ، استطاعت هزيمة أهل المدينة واستحلالها وقتل معظم اهلها وهتك أعراض نسائها فى موقعة الحرة فى شهر حرام هو ذو الحجة عام 63 .
4 ــ وكان عام 64 خطيرا :
4 / 1 : فقد إستغل عبد الله بن الزبير مذبحة كربلاء فأعلن نفسه خليفة فى مكة وبايعه أهل مكة والحجاز . وأمر يزيد بن معاوية قائد جيشه مسلم بن عقبة بعد أن هزم أهل المدينة أن يتوجه لاخماد ثورة ابن الزبير فى مكة . ومات مسلم بن عقيل أثناء توجه الجيش الأموى للقضاء على تمرد ابن الزبير فى مكة ، فتولى القيادة الحصين بن نمير الذى حاصر مكة والكعبة عام 64 ، وأثناء الحصار شبت النار فى أستار الكعبة بضربة من المنجنيق يوم السبت 3 ربيع الأول عام 64 ، فترك ابن الزبير الحريق يأتى على الكعبة نكاية فى الأمويين وتشنيعا عليهم . وجاءت الأنباء بعدها بموت يزيد بن معاوية فى 14 ربيع الأول عام 64 ، فعرض قائد الجيش الأموى الحصين بن نمير على عبد الله بن الزبير أن يعترف به خليفة مقابل أن يترك الحجاز ويأتى معه الى دمشق ، وكان رأيا صائبا ، ولكن رفضه ابن الزبير . وانفض حصار مكة ورجع الجيش الأموى خائبا .واعتزل الخليفة الجديد معاوية بن يزيد بن معاوية الحكم بعد حوالى شهر من ولايته متبرئا مما فعله أهله الأمويون فقتله أهله بالسم فمات وهو ابن 13 عاما . ودخل المسلمون فى فترة اضطراب كان أكثر المستفيدين منها عبد الله بن الزبير.
4 / 2 : أصبح موقف الأمويين عسيرا فى الشام ، إذ إختار العرب في مصر الانضمام الى ابن الزبير ، بل إن أنصار الأمويين فى الشام انفضوا عنهم وبايعوا ابن الزبيرمثلما فعل النعمان بن البشير فى حمص وزفر بن الحارث الكلابى فى قنسرين ، وجاءت الطامة الكبرى لبنى أمية بأن بايع الضحاك بن قيس الفهرى لابن الزبير. والضحاك بن قيس كان أبرز مؤيدى الأمويين من قبل ، وهو زعيم قبائل قيس المضرية فى الشام والمتولى أمر دمشق نفسها بعد انهيار الحكم الأموى فيها .
4 / 3 : وكان عام 64 خطيرا أيضا بالنسبة لعبيد الله بن زياد بالعراق . بلغه موت يزيد وإعتزال ابنه معاوية واختلاف بنى أمية ، فجمع أهل البصرة وخطب فيهم متحببا اليهم ، فبايعوه على الامارة الى أن ينجلى الأمر ، وبعد أن تركوه خلعوا بيعته ، وتابعهم أهل الكوفة ، وإنفض عنه أنصاره فلم يعد أمره نافذا فيهم . وجاء مبعوث من ابن الزبير يدعو لبيعته ، فهرب عبيد الله بن زياد ، ثم لحق بالأمويين فى الشام .
4 / 4 : واجتمع لابن الزبير أهل الكوفةوالبصرة ومن بالقبلة من العرب وأهل الجزيرة وأهل الشام إلا أهل الأردن حيث تتمركز قبيلة كلب .هذا الوضع المتردى للأمويين جعل كبيرهم مروان بن الحكم يفكر فى البيعة لابن الزبير ، ولكن أثناه عن ذلك عبيد الله بن زياد والى العراق ـ بعد هروبه من العراق الى الشام ـ والحصين بن النمير العائد من حصار الكعبة وقتال ابن الزبير. ووقف الى جانب الأمويين فى محنتهم حسان بن بحدل الكلبى خال يزيد بن معاوية وزعيم قبائل كلب فى الشام . وكان ابن الزبير بغبائه قد طرد عائلات الأمويين فى الحجاز فأتاح لهم التجمع فى الشام . وعقدوا مع أنصارهم مؤتمر الجابية ، واتفقوا فيه فى 3 ذى القعدة 64 على تولى الخلافة مروان بن الحكم شيخ الأمويين وقتها ، ثم يليه خالد بن يزيد بن معاوية ثم عمرو بن سعيد بن العاص . بهذا أرضى مؤتمر الجابية كل المتطلعين للخلافة ، ولكنه سنّ سنة سيئة ، وهى العهد لأكثر من واحد بالخلافة ، وكان لهذا أكبر الأثر في حدوث انشقاقات في البيت الأموي الحاكم . ـ
4 / 5 : وبدأ مروان بن الحكم باستخلاص الشام من أتباع ابن الزبير ، فهزم الضحاك بن قيس الفهرى وقتله فى موقعة مرج راهط ، عام 64 ، ويقال 65 ، وفيها فقدت قبائل قيس الكثير من أشرافها والآلاف من أبنائها على يد أنصار الأمويين من قبائل كلب ، فأحدث هذا ثأرا داميا بين قيس وكلب استمر يتفاعل طيلة الدولة الأموية مما أسهم فى القضاء عليها . وليحمى ظهره بعدها سار مروان بن الحكم لاسترداد مصر من والى ابن الزبير ، وهو عبد الرحمن بن جحدم الفهرى القرشى فقتله . ولكن ظل العراق شوكة فى ظهر مروان بن الحكم . وكان يتبع العراق خراسان وما حولها ، فأرسل مروان جيشا يقوده عبيد الله بن زياد الى منطقة الجزيرة وقرقيساء حيث إنضم زفر بن الحارث لابن الزبير ، وهزم ابن زياد زفر بن الحارث ، واتجه للعراق ليعيده الى السيطورة الأموية .
5 : وشهد عام 65 أحداثا هامة :
5 / 1 : نقض مروان بن الحكم لاتفاق الجابية ، إذ عزل من ولاية العهد كلا من خالد بن يزيد وعمرو بن سعيد ، وعهد لابنيه على التوالى عبد الملك ثم عبد العزيز. ومات مروان فتولى ابنه عبد الملك بن مروان عام 65 . وعبد الملك هو الذى أعاد تأسيس الدولة الأموية ، ووطّد أمورها . وبه انتهت الفتنة الكبرى الثانية ، التى شارك فيها الصحابة وأبناء كبار الصحابة مثل ابن الزبير وابن عباس والحسين والنعمان بن البشير،وغيرهم .
5 / 2 : وبعث عبد الملك بن مروان يأمر عبيد الله بن زياد بإسترداد العراق . وتحركت الشيعة فى العراق للثأر من قتلة الحسين تحت شعار ( التوابين )، وتزعمهم سليمان بن صرد ، وقد هزمهم عبيد الله بن زياد فى موقعة عين الوردة في شهر ربيع الآخر. 65 .
6 ـ فى عامى 66 :67
ظهر فى العراق مغامر اسمه المختار الثقفى سيطر على معظم العراق فى هذا العام ، واستقر فى كرسى الامارة . كان يزعم تبعيته لآل البيت ودعوته لمحمد بن على بن أبى طالب ( ابن الحنفية ) أكبر أولاد (على ) والمقيم فى الحجاز تحت سيطرة ابن الزبير ، ومرة بزعمه التبعية لابن الزبير ، ولكن هواه كان أكثر مع الهاشميين . ولكن المختار كان حريصا على ألاّ يأتى محمد بن الحنفية الى العراق حتى يظل فى سلطته بالعراق ، وكان فى نفس الوقت يخادع ابن الزبير يوهمه أنه على بيعته . وظهر لابن الزبير نفاقه حين هدد ابن الزبير باحراق كل بنى هاشم إن لم يبايعوا له ، بل جمعهم وكاد أن يشعل فيهم النار ، فبعثوا يستغيثون بالمختار فى العراق فارسل المختار لهم فرقة من الجيش لانقاذهم ، وعندما رأى ابن الزبير جيش المختار هرب واستنجد بالكعبة ، وتم انقاذ محمد بن الحنفية وسائر بنى هاشم وقد أعد ابن الزبير الحطب ليحرقهم، فكسروا الباب ودخلوا على ابن الحنفية فقالوا: خل بيننا وبينعدو الله ابن الزبير! فقال لهم: إني لا أستحل القتال في الحرم. . وأصبح العداء علنيا بين المختار الثقفى وابن الزبير .
والمختار الثقفى هو الذى تتبع بالقتل كل من شارك فى مذبحة كربلاء ،وقد انضم اليه ابراهيم بن الأشتر النخعى بمن معه من الشيعة فأرسله المختار ليقاتل عبيد الله بن زياد . وكان ابن زياد قد سار في عسكر عظيم من الشام، فبلغالموصل وملكها، ، فسار إبراهيم بن الأشتر الى الموصل ، وجرت موقعة هائلة انتصر فيها العراقيون الشيعة على جنود اهل الشام الأمويين ، وقتل ابراهيم بن الأشتر عبيد الله بن زياد فى المعركة دون ان يعرفه . وتم التعرف عليه فاحتزوا رأسه وأرسلوها الى المختار فى الكوفة بينما أحرقوا جسده ، وكان هذا عام 67 .
وفى نفس العام 67 كانت هزيمة المختار وقتله على يد مصعب بن الزبير . إذ أرسل ابن الزبير أخاه مصعب ـ وكان فارسا شجاعا شهما الى العراق ـ فهزم المختار وقتله عام 67 وضم العراق لأخيه . وتم عرض رأس المختار على مصعب بن الزبير .
وجاء مصعب لأخيه عبد الله بن الزبير بالبشرى فما كان من ابن الزبير إلا أن عزل أخاه وحبسه وولّى العراق ابنه حمزة بن عبد الله بن الزبير واليا على العراق، وكان شابا قليل الخبرة خفيف العقل فاستخف به أهل العراق فاضطر ابن الزبير لعزل ابنه واعادة أخيه مصعب للعراق.
7 ـ وهناك فى الشام مكث عبد الملك بن مروان يعد جيشه ويستعد للمواجهة الكبرى فى العراق تاركا مصعب بن الزبير يستنفذ قواه فى معارك متتالية مع المختار الثقفى ثم مع الخوارج الأزارقة وغيرهم ، وفى عام 71 كان جيش مصعب منهكا فزحف اليه عبد الملك بجيشه فهزم مصعب وقتله .
وتم عرض رأس مصعب بن الزبير على عبد الملك بن مروان
8 ـ وبهذا حوصر عبد الله بن الزبير فى الحجاز حيث لا زرع ولا ضرع . وفى عام 72 بعث عبد الملك بجيش يقوده الحجاج بن يوسف فأعاد حصار مكة والحرم فى هلال ذى القعدة الشهر الحرام عام 72 ، واستمر الحصار ستة أشهر وسبع عشرة ليلة وقيل ثمانية أشهر ، فتفرق عن ابن الزبير معظم أتباعه وأهله ومنهم ابناه حمزة وخبيب ، إذ تسللا الى الحجاج وأخذا منه أمانا .وظل ابن الزبير يقاتل يأسا الى أن سقط صريعا ، فاحتزّ الحجاج رأسه وبعث بها الى عبد الملك فى دمشق .وعُرضت رأس عبد الله بن الزبير على عبد الملك فى قصر الخلافة فى دمشق .
أخيرا :
1 ـ هذا السلف (الصالح ) الذى سار على سُنّة ( الخلفاء الراشدين المهديّين ) : كم رأسا قطع ؟
2 ـ تقطيع الرءوس كان سُنّة محمودة مرعية ، ومهما تباعد المكان كانت الرأس المقطوعة تُحملُ الى حيث المنتصر فيتسلى بالعبث بالرأس .
3 ـ وقتها لم يحظ مئات الألوف من القتلى بشرف تقطيع رءوسهم . تقطيع الرءوس كان فقط ( للرءوس الكبيرة ) ليست كبيرة الحجم ولكن كبيرة المقام . الزعيم القائد المقتول هو الذى يحظى بشرف قطع رأسه وحملها من مكة الى دمشق ، أو من كربلاء الى الكوفة ، أو من الموصل الى الكوفة . وتتعفن الرأس فى الطريق ولكن هذا لا يمنع من حتمية وصولها الى من يهمه الأمر ليشفى غليله .
4 ـ هناك بضع عشرات من الرءوس تم قطفها ـ أو تم قطعها ــ للزعماء فى هذه الفتنة الكبرى الثانية . ولكن تم التوسع فى قطع المئات من الرءوس بعدها ، خصوصا من الحجاج صاحب العبارة الشهيرة إنى لأرى أرؤسا قد أينعت وحان قطافها ، وإنى لصاحبها ) هل هناك غرام بقطع الرءوس أكثر من هذا ؟
5 ـ هل نلوم داعش ..وحدها ؟
آحمد صبحي منصور في الأحد 06 مارس
2016
http://abu-dhar-al-ghifari3.blogspot.fr/2016/03/blog-post_73.html?spref=fb
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire