ظاهرة قديمة جديدة بدأت تظهر على صفحات "الفايسبوك" وفي بعض وسائل الإعلام
وهي تعظيم لشخصية الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة تصل حد التقديس، والتعامل
مع فكره وخطاباته وكأنه وحي منزل.
يأتي هذا في غياب تام لذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في أي مسألة من المسائل التي يطرحونها والذين يستشهدون فيها ببورقيبة وأقواله وأفعاله و"سيرته" ولا يستشهدون بأحاديث سيد الخلق. بل ان بعض الصفحات والجرائد والإذاعات والقنوات التونسية لم نرها تضع آية أو حديثا قط، بل إن كل ما تستشهد به هو بورقيبة وبعض مفكري الغرب. فهل يقدسون بورقيبة ويعظمونه أكثر من الرسول الكريم؟
يأتي هذا وسط هجمة شرسة من المتطرفين في كل من هولندا والولايات المتحدة على شخص الرسول الأكرم، بعد شعورهم بالإحباط الشديد من الصحوة الإسلامية وتحرر الشعوب العربية المستعبدة من الطواغيت واختيارهم للإسلام بديلا خاصة في دول الربيع العربي
لكننا وللأسف الشديد عوض أن نرى هبة من العلمانيين والدساترة البورقيبيين لنصرة الرسول الأكرم،(على أساس أنهم مسلمون أيضا) نراهم ينتفضون من أجل زاوية بورقيبة أين يوجد ضريحه ويوقدون الشموع على الشاكلة النصرانية في تخليد ذكرى موتاهم. وهنا سؤالي لهم: من هو أولى بالحب وبالنصرة الرسول الأكرم أم الديكتاتور السابق؟.
أعلم أني لو فتحت باب الانتقاد لبورقيبة فلن أغلقه ولن أفيه حقه في سوء التصرف وضعف الصفات القيادية وغياب الأهداف التنموية الواضحة والظلم. وسأكتفي بتذكير من يرون فيه قائدا ورمزا لم ير التاريخ مثله، أن دولا استقلت بعدنا من ماليزيا إلى سنغافورا إلى كوريا الجنوبية إلى الإمارات العربية المتحدة تطورت وتأخرنا لأنهم لم يكن لهم بورقيبة وكان لنا. زعماؤهم لم يزرعوا الجهويات والتعيين بالولاءات ولم يجهضوا الديمقراطية والحق في الاختلاف، زعماؤهم لم يقتلوا العلماء ويهجروهم، زعماؤهم كانوا قادة حقيقين لا تلاميذ فلسفة مبتدئين في قشور الحداثة أو زعماء خطابة ومسرح وتفليم. بورقيبة ماذا ترك لنا سوى الخطب الرنانة أين انجازاته؟.
بورقيبة أراد الحداثة لتونس وهذا صحيح، لكنها لم تكن حداثة العلم والتطور والعمران والاقتصاد وبناء الدولة على أسس وقواعد احترام القانون والمؤسسات، أراد حداثة المظاهر والنسب المائوية البراقة مقارنة بإفريقيا السوداء (العمشة في دار العميان) . ظن أن الحداثة تكمن في نزع الحجاب والسفساري وافطار رمضان ومحاصرة التدين وضرب الضوابط الأخلاقية والاحتشام. في المقابل لم يكن حداثيا في الديمقراطية بل أسس لحكم شمولي مبني على العنف والتعذيب وترهيب المواطنين، يأخذ فيه رمز الاله الذي لا يقبل النقد. بل إن العقلية الجهوية والعروشية وعقلية رزق البيليك وعقلية التعيين بالولاء والجهة في مفاصل الدولة هو من كرسها طوال حكمه الثقيل على صدور التونسيين.
بورقيبة أراد لتونس أن تكون بدون هوية وبدون لغة، ربط حاضره ومستقبله بفرنسا فتأخرت فرنسا وتأخرت البلاد وضاعت اللغة العربية وفقد التونسيون اللغة الفرنسية وتأخروا في اللغة الانقليزية.
فقط في الأخير أقول لهم لتلاميذ بورقيبة- أي صحة وأي تعليم وأي بنية تحتية تركها بورقيبة مقارنة بالعالم؟ وما يعانيه التونسيون من البيروقراطية الإدارية وتأخر جامعاتها وضعف خدماتها الصحية وانعدام التنمية في المناطق الداخلية هو من صميم سوء إدارة وضعف قيادة بورقيبة. كما أعتقد جازما أن ما اقترفه بورقيبة في حق تونس والتونسيين لم تستطع حتى فرنسا زمن الاستعمار أن تقترفه.
لذلك أدعوا هذا الجيل الذي هو من ضحايا بورقيبة أن يفيق من سباته، وينظر إلى العالم من حوله كيف تطور وسبقنا بعشرات بل مئات السنين بدون بورقيبة وفكر بورقيبة وتحررية بورقيبة. أنتم يا من زهدكم بورقيبة في الآخرة اتقوا الله في وطنكم ولا تكونوا تلاميذ بورقيبة بل كونوا تلاميذ محمد صلى الله عليه وسلم.
بقلم: كريم السليتي كاتب ومحلل سياسي
يأتي هذا في غياب تام لذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في أي مسألة من المسائل التي يطرحونها والذين يستشهدون فيها ببورقيبة وأقواله وأفعاله و"سيرته" ولا يستشهدون بأحاديث سيد الخلق. بل ان بعض الصفحات والجرائد والإذاعات والقنوات التونسية لم نرها تضع آية أو حديثا قط، بل إن كل ما تستشهد به هو بورقيبة وبعض مفكري الغرب. فهل يقدسون بورقيبة ويعظمونه أكثر من الرسول الكريم؟
يأتي هذا وسط هجمة شرسة من المتطرفين في كل من هولندا والولايات المتحدة على شخص الرسول الأكرم، بعد شعورهم بالإحباط الشديد من الصحوة الإسلامية وتحرر الشعوب العربية المستعبدة من الطواغيت واختيارهم للإسلام بديلا خاصة في دول الربيع العربي
لكننا وللأسف الشديد عوض أن نرى هبة من العلمانيين والدساترة البورقيبيين لنصرة الرسول الأكرم،(على أساس أنهم مسلمون أيضا) نراهم ينتفضون من أجل زاوية بورقيبة أين يوجد ضريحه ويوقدون الشموع على الشاكلة النصرانية في تخليد ذكرى موتاهم. وهنا سؤالي لهم: من هو أولى بالحب وبالنصرة الرسول الأكرم أم الديكتاتور السابق؟.
أعلم أني لو فتحت باب الانتقاد لبورقيبة فلن أغلقه ولن أفيه حقه في سوء التصرف وضعف الصفات القيادية وغياب الأهداف التنموية الواضحة والظلم. وسأكتفي بتذكير من يرون فيه قائدا ورمزا لم ير التاريخ مثله، أن دولا استقلت بعدنا من ماليزيا إلى سنغافورا إلى كوريا الجنوبية إلى الإمارات العربية المتحدة تطورت وتأخرنا لأنهم لم يكن لهم بورقيبة وكان لنا. زعماؤهم لم يزرعوا الجهويات والتعيين بالولاءات ولم يجهضوا الديمقراطية والحق في الاختلاف، زعماؤهم لم يقتلوا العلماء ويهجروهم، زعماؤهم كانوا قادة حقيقين لا تلاميذ فلسفة مبتدئين في قشور الحداثة أو زعماء خطابة ومسرح وتفليم. بورقيبة ماذا ترك لنا سوى الخطب الرنانة أين انجازاته؟.
بورقيبة أراد الحداثة لتونس وهذا صحيح، لكنها لم تكن حداثة العلم والتطور والعمران والاقتصاد وبناء الدولة على أسس وقواعد احترام القانون والمؤسسات، أراد حداثة المظاهر والنسب المائوية البراقة مقارنة بإفريقيا السوداء (العمشة في دار العميان) . ظن أن الحداثة تكمن في نزع الحجاب والسفساري وافطار رمضان ومحاصرة التدين وضرب الضوابط الأخلاقية والاحتشام. في المقابل لم يكن حداثيا في الديمقراطية بل أسس لحكم شمولي مبني على العنف والتعذيب وترهيب المواطنين، يأخذ فيه رمز الاله الذي لا يقبل النقد. بل إن العقلية الجهوية والعروشية وعقلية رزق البيليك وعقلية التعيين بالولاء والجهة في مفاصل الدولة هو من كرسها طوال حكمه الثقيل على صدور التونسيين.
بورقيبة أراد لتونس أن تكون بدون هوية وبدون لغة، ربط حاضره ومستقبله بفرنسا فتأخرت فرنسا وتأخرت البلاد وضاعت اللغة العربية وفقد التونسيون اللغة الفرنسية وتأخروا في اللغة الانقليزية.
فقط في الأخير أقول لهم لتلاميذ بورقيبة- أي صحة وأي تعليم وأي بنية تحتية تركها بورقيبة مقارنة بالعالم؟ وما يعانيه التونسيون من البيروقراطية الإدارية وتأخر جامعاتها وضعف خدماتها الصحية وانعدام التنمية في المناطق الداخلية هو من صميم سوء إدارة وضعف قيادة بورقيبة. كما أعتقد جازما أن ما اقترفه بورقيبة في حق تونس والتونسيين لم تستطع حتى فرنسا زمن الاستعمار أن تقترفه.
لذلك أدعوا هذا الجيل الذي هو من ضحايا بورقيبة أن يفيق من سباته، وينظر إلى العالم من حوله كيف تطور وسبقنا بعشرات بل مئات السنين بدون بورقيبة وفكر بورقيبة وتحررية بورقيبة. أنتم يا من زهدكم بورقيبة في الآخرة اتقوا الله في وطنكم ولا تكونوا تلاميذ بورقيبة بل كونوا تلاميذ محمد صلى الله عليه وسلم.
بقلم: كريم السليتي كاتب ومحلل سياسي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire