mercredi 6 août 2014

أبومحمدالإدريسي لقد كثر الطاعنون في سيد قطب


أبومحمدالإدريسي
لقد كثر الطاعنون في سيد قطب بسبب ألفاظ أوردها في الظلال
وحتى من يدافعون عنه يقولون أنه أديب بطريقة عجيبة كأنهم يقولون أنه كان جاهلا و عاطفته أكبر من علمه و هذه العاطفة هي التي امتزجت بأدبه فأخرجت لنا فنا راقيا و معنى هزيلا باطلا.
وهذا هو مراد الطاعنين .
كان سيد قطب رحمه الله أديبا ألمعيا بل كان الأدباء يعدونه مجددا في الأدب قبل أن ينقلبوا عليه بسبب التزامه بمنهج الله.
و كان رحمه الله يمتلك عقلا ذكيا مثقفا و قلبا حيا منفتحا على الحق. و كان بعد التزامه يقرأ كثيرا في دواوين الإسلام خاصة التفاسير و كتب السيرة النبوية و تاريخ الإسلام.
و المنهج العقدي الذي أودعه الله في كتابه منهج فطري يسير خاصة لمن امتلك ناصية اللغة و الأدب و تجارب الفكر الإنساني المختلفة.
فإذا زاد على ذلك تجرده له و دعوته إليه و صبره على الأذى فيه ، فلا شك أن ذلك الجهد كله سيكشف له عن كنوز القرآن التي لم يختبرها غيره ممن لم ينفر إليه بسلاح كسلاحه و لا بلاء كبلائه.
فسيد رحمه الله أديب عالم مجرب عبَّر عن الحق بأدب فني راق و ينبغي على قارئ كتبه أن يرقى قليلا في علم الأدب على الأقل حتى يفهم مراده ..هذا عدا الجهاد و الصبر على البلاء و كثرة العبادة و هذه هي الأجواء التي تنزل فيها القرآن ومن عاشها حتما سيشعر كأن القرآن يقصده.
و هذا ما عبر عنه سيد رحمه الله في الخصائص واصفا للجيل الأول بقوله :
( كانوا يدركون حقيقة قول الله لهم في هذا كله، لأنه كان يحدثهم عن واقعيات في حياتهم عاشوها، وعن ذكريات في نفوسهم لم تغب معالمها، وعن ملابسات لم يبعد بها الزمن، فهي تعيش في ذات الجيل..
والذين يعانون اليوم وغداً مثل هذه الملابسات، هم الذين يدركون معاني القرآن وإيحاءاته. وهم الذين يتذوقون حقائق التصور الإسلامي كما جاء بها القرآن. لأن لها رصيداً حاضراً في مشاعرهم وفي تجاربهم، يتلقونها به، ويدركونها على ضوئه.. وهم قليل..)
و لأن سيد أديب فمن العدل محاكمة ألفاظه إلى المعاني التي قصدها هو رحمه الله.
و هذا ما سنحاوله في هذه العجالة أسأل الله أن يهدي كل مريد للحق.
و أنا لن أتعرض للتهم التي وُجهت إلى سيد لأنها تهم ظاهرة الفساد ، و لذلك تجد كل من قرأ بإنصاف في كتبه التي تعبر عن المنهج التي لقي الله عليه ، تجده قد علم يقينا أنها تهم افتعلها سحرة الطواغيت لصد الناس عن القضية الأساسية التي جددتها كتبه رحمه الله و هي القضية التي تعكس الظهور على الحق الذي تفردت به الطائفة المنصورة في هذا الزمان ، الظهور الذي زلزل عروش الطواغيت .
كما أن الكثير من العلماء و طلبة العلم قد كشفوا زيف تلك التهم، ولم أعلم من تناول هذه الألفاظ بالشرح فلعلهم استصغروا الموضوع أو لعلها تكون موجودة ولم أطلع عليها.
1 الجرْس
الجرْس هو ظل ينعكس من الكلمة إلى الروح مشكلا صورة انطبعت فيها ..
و كما للفظة جرْس فكذلك للمعنى جرْس..
و تكون الكلمة أعمق في الروح كلما تناسق جرْس اللفظ مع جرْس المعنى.
فعندما نسمع كلمة سماء مثلا نشعر كأن حرف السين جرم مضيء يجري في خط مستقيم بسرعة عجيبة محدثا صوتا غريبا أس س س س مخلفا وراءه غبارا من ضوء ..
ثم يستمر الضوء ملتفا حول نقطة ضوئية محدثا صوتا آخر غريبا أم م م م..
ثم يقف الصوت ويرتفع الغبار إلى فوق ممتطيا حرف الألف
ليقف في فضاء واسع محدثا صوتا غريبا آخر و قد التف به الغبار المضيء أءءء.
فتأمل هذه الترجمة لجرْس اللفظة ..
ثم حاول استشعار جرْس معناها ..
إنها تجربة شعورية عجيبة ، فريدة ..صورة و ألوانا و إدراكا.
إن ثمة صورة قد انطبعت فيك عند كل كلمة يكون قد تلقفها شعورك من يوم أن استقل وعيك في هذه الحياة .
و بغض النظر إن كنت قادرا على ترجمة الشعور الذي تحدثه الكلمات..
إلا أن تأملا واعيا وعيا بسيطا يجعلك تعي أن كلمات القرآن ليست ككلام الناس ، و لهذا سيعجز كل من أراد أن يجد بديلا عن المعنى الذي تضمنه كل لفظ فيه و العكس كذلك..
و هذا هو جرس القرآن الكريم.
2 الموسيقى
و أما الموسيقى :
فصحيح أن أحدنا إذا سمع كلمة موسيقى سينطبع في ذهنه أنها تلك الأصوات و الآلات و الحركات التي ذمها الشرع.
إلى أن معنًى قد تضمنه هذا المجموع لا يكون محرما إلا إذا كان جزءا منه .
فإذا استقل عنه عاد لطبيعته المركوزة في الفِطر.
إنه النظام و التناسق و الانسجام
إنه التناغم ..
إنه الجمال.
فموسيقى القرآن هي نظامه و تناسقه و انسجامه
هي الحق الكامن فيه
هي جماله و كماله.
و إذا كان السحر شركا بالله
فإن من البيان لسحرا
و إذا كانت الموسيقى حراما
فلا شك أن لكلام الله و قعا أشد من وقع الألحان في القلوب .
3 الإيقاع
وأما الإيقاع فكما أن للنغم ضابطا يضبط ميزان الحركة فيه..
فإن من قرأ كلام الله بتدبر سيعجب من تناسب الألفاظ مع معانيها
و كذلك تتابع الجمل و حروف القافية كأن ثمة إيقاعا دقيقا يحرص على مراعاة الموقف و الحال .
و في الأخير أقول لكل طالب حق:
إن الألفاظ قوالب للمعاني
جمالها و حسن صياغتها
رشاقتها و إيقاعها
زينة للمعنى تعبق بالنور
و لون من ألوان الإيحاء يدفع الخيال إلى تنسم أريج المثال
لكن هذا كله هناك في الشعور
أما الحقيقة فتبقى في مكانها رابضة كالجبل لا يهزها مثل و لا لون.

Aucun commentaire: