الإمام محمد بن إدريس الشافعي
قال رحمه الله:
تأوّه قلبي والفؤاد كئيبُ
وأُرِقّ نومي فالسهادُ عجيبُ
فمن مُبلغٌ عنّي الحسينَ رسالةً
وإن كرِهَتها أنفسٌ وقلوب
ذبيحٌ بلا جرمٍ، كأنّ قميصَهُ
صبيغٌ بماءِ الأرجوانِ خضيبُ
فللسيفِ إعوالٌ وللرمحِ رنة
وللخيلِ من بعد الصهيلِ نحيبُ
تزلزلت الدنيا لآل محمدٍ
وكادت لهم صُمُّ الجبالِ تذوبُ
وغارت نجومٌ واقشعرت كوا
كبٌ وهُتِّك أستارٌ، وشُق جيوبُ
يُصلّى على المبعوثِ من آل هاشمٍ
ويُغزَى بنوه،إنّ ذا لعجيبُ
لئن كان ذنبي حبُّ آلِ محمدٍ
فذلك ذنبٌ لستُ عنه أتوبُ
همُ شفعائي يومَ حشري وموقفي
إذا مابَدت للناظرينَ خطوبُ
ومن هذه الأبيات لرئيس المذهب الشافعي ننتقل إلى مدائح حسينية أخرى لعلم آخر من أعلام أهل السنة هو العالم المعتزلي الشهير إبن أبي الحديد شارح نهج البلاغة، فنقرأ له الأبيات التالية في الملحمة الحسينية من قصيدته العينية في مدح أميرالمؤمنين – – وهو يصور قدسية الحرمات التي إنتهكها الأمويون في واقعة عاشوراء، قال رحمه الله:
ولقد بكيت لقتل آل محمد
بالطف حتى كل عضو مدمع
عقرت بنات الأعوجية هل درت
ما يستباح بها وماذا يصنع
وحريم آل محمد بين العدا
نهب تقاسمه اللئام الوضع
تلك الضعائن كالإماء متى تسق
يعنف بهن وبالسياط تقنع
مثل السبايا بل أذل يشق من
هن الخمار ويستباح البرقع
فمصفد في قيده لا يفتدى
وكريمة تسبى وقرط ينزع
تالله لا أنسى الحسين وشلوه
تحت السنابك بالعراء موزع
متلفعاً حمر الثياب وفي غد
بالخضر من فردوسه يتلفع
تطأ السنابك صدره وجبينه
والأرض ترجف خيفة وتضعضع
والشمس ناشرة الذوائب ثاكل
والدهر مشقوق الرداء مقنع
لهفي على تلك الدماء تراق في
أيدي أمية عنوة وتضيع
أيها الإخوة والأخوات من القصيدة الرائية في القصائد العلويات السبع لشارح نهج البلاغة العالم الموسوعي إبن أبي الحديد المعتزلي نقرأ قوله وهو يتمنى نصر الحسين – عليه السلام – ويؤكد أنه إن فاته نصره بالخطار أي السيف فإنه ناصر له بقلبه مدى الزمان، قال رحمه الله:
لتنظر ما لاقى الحسين وما جنت
عليه العدى من مفظعات الجرائر
رموه بيحموم أديم غطامط
تعيد الحصى رفغاً بوقع الحوافر
لهام فلا فرع النجوم بمسبل
عليه ولا وجه الصباح بسافر
فيا لك مقتولاً تهدمت العلى
وثلت به أركان عرش المفاخر
ويا حسرتا إذ لم أكن في أوائل
من الناس يتلى فضلهم في الأواخر
فأنصر قوماً إن يكن فات نصرهم
لدى الروع خطاري فما فات خاطري
عجبت لأوطاد الأخاشيب لم تمد
ولا أصبحت غوراً مياه الكوافر
ويتابع العالم الأديب إبن أبي الحديد المعتزلي تصويره لأبعاد الملحمة الحسينية متعجباً من عدم زوال الأخاشيب أي الجبال الضخمة وجفاف مياه الكوافر، أي العيون، قال – رحمه الله -:
عجبت لأوطاد الأخاشيب لم تمد
ولا أصبحت غوراً مياه الكوافر
وللشمس لم تكسف وللبدر لم يحل
وللشهب لم تقذف بأشأم طائر
أما كان في رزء إبن فاطم مقتض
هبوط رواس أو كسوف زواهر
ولكنما غدر النفوس سجية
لها وعزيز صاحب غير غادر
بني الوحي هل أبقى الكتاب لناظم
مقالة مدح فيكم أو لناثر
إذا كان مولى الشاعرين وربهم
لكم بانياً مجداً فما قدر شاعر
فأقسم لولا أنكم سبل الهدى
لضل الورى عن لاحب النهج ظاهر
ولو لم تكونوا في البسيطة زلزلت
وأخرب من أرجائها كل عامر
سأمنحكم مني مودة وامق
يغض قلى عن غيركم طرف هاجر
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire