vendredi 8 août 2014

شهود يؤكدون حصول قتل وتعذيب في "صباط ظلام"









شهود يؤكدون حصول قتل وتعذيب في "صباط ظلام"


تفاعلا مع شهادات التليسي:
شهود العصر يؤكّدون حصول قتل وتعذيب ب«صباط الظلام»
«التليسي لم يكن أول حارس شخصي للزعيم بورقيبة»
تونس - الصّباح: أثار المقال الذي نشرته «الصّباح» حول الشهادة التاريخية التي أدلى بها السيد أحمد بن نصير (التليسي) ردود فعل كثيرة...حيث اتصل بنا عدد من المناضلين لتفنيد بعض أقواله المتعلقة خاصة بكونه أول حارس شخصي للزعيم بورقيبة.. وبتبرئة «صباط الظلام» من جرائم القتل والتعذيب. وفي هذا الصدد أفادنا المناضل علي المعاوية أن التليسي «لم يكن أول حارس شخصي للزعيم بورقيبة كما قال.. لأن الجميع يعرفون أن الحارس الشخصي الأول لبورقيبة هو محجوب بن علي»..
وذكر السيد مختار بن سعد المعروف بالمختار الحامي وهو رئيس لجنة المقاومين ببن عروس أن التليسي لم يكن أول حارس شخصي للزعيم.. وقال «لقد كنت شاهدا على نزول الزعيم بورقيبة من الباخرة في حلق الوادي يوم غرة جوان 1955 عائدا إلى تونس.. وأذكر أنه كان في انتظاره عديد المجموعات وهي مجموعة محجوب بن علي والطيب المهيري ومجموعة حسن بن عبد العزيز للحراسة ومجموعة البشير زرق العيون ومجموعة العاصمة وأحوازها وحتى من اطارات الاتحاد العام للشغل وفي مقدمتهم البشير بلاغة وغيرهم
وأضاف «عندما استقر بورقيبة بمحل سكناه بمعقل الزعيم في رحبة الغنم كان الذين يحرسونه ويحرسون محل سكناه مجموعة تتركب من عدد من المقاومين هم علي الصنديد وعلي الصغيّر وعامر كلاتوس وبعض أفراد من مجموعة محجوب بن علي وكان هذا في البداية لأنه لم تكن هناك شرطة.. وكان بورقيبة عندما يزور بعض المدن يذهب معه العديد من المناضلين.. وكان في حراسته في احدى زياراته إلى الوطن القبلي الحبيب الدوقي وقد أطلق عليه أحد عناصر المعارضة النار وقتله.. أي أنه في تلك الفترة لم تكن هناك رتب.. ولا نعرف حارسا أول أو ثانيا أو ثالثا
وذكر المختار بن سعد أنه «في سنة 1956 تكونت الحكومة الوطنية وبعث وزير الداخلية الطيب المهيري فرقة بادارة الأمن تعرف بفرقة صيانة رئيس الدولة والشخصيات الرسمية وهي تتكون من مفتشين ورئيس فرقة وكان المحافظ في البداية علي مراد، وتلاه المحافظ عمران بوخشبة.
«صباط الظلام»
بالإضافة إلى تفنيدهم لأقوال أحمد التليسي المتمثلة في أنه أول حارس شخصي للزعيم بورقيبة... أكد من تحدث ل«الصّباح» حصول جرائم قتل في «صباط الظلام» إلى جانب عمليات التعذيب وبينوا أن الشيخ حسن العيادي وعصابته قتلوا سعيد دبيش والمختار عطية وحسن الحامي وكان هذا الأخير مقاوما في برقو.. كما أنهم ابتزّوا العديد من الفلاحين الكبار بسليانة وكان هؤلاء ينفقون بسخاء على المقاومين لما كانوا يرابطون في جبل برقو ويسلمون العيادي أموالا طائلة.. لكن بعد المفاوضات وتسليم السلاح.. واصل الشيخ حسن العيادي وأفراد عصابته طلب المال.. وأصبح الكل يخشاهم فهم على استعداد لقتل أي كان بمقابل، في صورة التشكيك في أنه يوسفي.
فبمجرد أن يشي أحد الأجوار بجاره بدافع الغيرة أو التنافس على الملكية ينقضون عليه..
وفي هذا الصدد قال المناضل عبد الستار الهاني وهو زيتوني أصيل سليانة «لقد ساهمت عائلتي مساهمة كبيرة في تموين المقاومين زمن الثورة.. ولكن لاحظنا أن الشيخ العيادي في كل مرة يطلب المزيد.. حتى أنه طلب مرة مقابلتي في مقهى باب الجزيرة بالعاصمة فذهبت إليه ووجدت معه ستة أنفار وكانوا يخفون أسلحتهم تحت جبابهم وسألني يومها على «حمتين» وهو فلاح كبير من سليانة ويقيم بالمرسى واسمه الحقيقي محمد الأخضر بن عطية وذكر أنه يرغب في أن يحصل منه على مبلغ قدره 400 دينارا لاقتناء سيارة.. فأخبرته أنني لا أعرف أين يقيم ونصحته بأن يذهب إلى سليانة فهناك يوجد ابنه الهادي وهو يقيم بالربع قرب برقو وبالامكان أن يساعده..»
وأضاف الهاني «لقد ساورنا الشك في أن العيادي أصبح يبتزنا لكننا استمرينا في مساعدته وتموينه واعطائه ما يطلب من المال إلى غاية تسليم السلاح..» وكنا قد التزمنا معه في بداية أيام المقاومة بتموينه.. فقد دعوته بعد أن جاء إلى برقو إلى بيتي وأعطيته قائمة بأسماء من يمكنهم أن يمونوه من أثرياء سليانة بتوصية مني..»
وقال المناضل عبد الستار الهاني ناشدا من شعره الذي كتبه حول المقاومة:
أحسست المطامع طوّقتني
ولم يَكُ منجدي إلا ذكائي
فقلت له أيا حسنا تريث
ودعك من الصرامة والجفاء
وقد تنل الكثير بلا مراء
وتشعر أنه خير العطاء
وذكر الهاني أنه بعد المفاوضات وتسليم السلاح رجع العيادي وبعض من أفراد عصابته إلى العاصمة ونشطوا في «صباط الظلام» وكانت لهم أطماع في الحصول على تسميات في الشرطة لكن المنجي سليم والطيب المهيري كانا للعيادي وجماعته بالمرصاد فأصبح العيادي يبحث عن موارد الرزق بنفسه وكان يذهب من حين إلى آخر إلى الفلاحين بسليانة ويأخذ منهم كميات وفيرة من القمح.
وكان العيادي قد تخاصم مع المختار عطية وقتله الأمر الذي أثار انتقام الطيب المهيري والمنجي سليم فحرماه من التمويل.
وعن سؤال يتعلق بما كان يحدث في «صباط الظلام» أجاب عبد الستار الهاني وقد ذكر التليسي اسمه في شهادته التاريخية.. أنه أمضى ثلاثة أيام في «صباط الظلام» وشاهد وقتها ألوانا من التعذيب والرعب في ذلك المكان المظلم.. وقال «أنا لم يعذبوني هناك.. لكنني شاهدت جماعة حسن العيادي يجلون أناسا وقد بدت عليهم آثار التعذيب.. وسمعت الكثير من الصّراخ والأنين.. لقد بقيت مدة قصيرة في هذا المكان وكان معي فيه محمد الزراع والحفناوي عطية وسعيد دبيش..»
ما كان مصير سعيد دبيش؟ عن هذا السؤال، وهو نفس السؤال الذي طرحه المؤرخ محمد ضيف اللّه على أحمد التليسي فأجابه لا يعرف.. قال الهاني «لقد قتله العيادي»، وبيّن أن «رجلا يدعى ابراهيم وشى به للعيادي.. فقام هذا الأخير بقتله».
وأضاف: «بعد أن دخلت «صباط الظلام».. حملوني إلى بئر التراز برادس ووجدت هناك أحمد بن نصير (التليسي) فقد كان يشرف على هذا المكان الذي يتألف من غرفتين أحداهما فيها مكتب يجلس فيه الشيخ العيادي عندما يأتي لمحاكمة الموقوفين.. وقد عشت الكثير من الرعب لأني كنت أسمع دائما الصراخ جراء الضرب والصفع والجلد وصادف أن رأيت أحد أبناء سليانة وكان شخصية مرموقة في الجهة لكنه أهين وضرب وجلد وسمعت صراخه.. لقد اتهموه ب«اليوسفية»..
وأضاف الهاني وقد بدا عليه التأثر وهو يتنهد: «كنا في بئر التراز ننام على الجليز لأنه لم يكن هناك فراش.. لقد ذقنا المر.. لهذا قال لي العيادي أنه حبسني لحمايتي من أحد أعوانه المتمردين عليه فهو يخطط لقتلي.
وذكر متحدثا عن التليسي: «كيف ينكر التليسي عمليات التعذيب في بئر التراز.. لقد كان يمارس علينا الرعب.. وأذكر أنه ذات مرة كان بصدد تنظيف سلاحه وكنت أنا ومحمد الزراع جالسين قربه ومتكئين على الحائط.. فتحرك الزراع قليلا الى اليمين وفعلت نفس الشيء وبعد ثوان سمعنا طلقا ناريا مدويا وانطلقت رصاصة في اتجاه نفس المكان الذي كنا متكئين عليه».
تحذير
تعقيبا على ما قاله التليسي من أنه يتحدى أيا كان من السياسيين والمؤرخين بان يقدموا دليلا على قتل أي أحد في «صباط الظلام»..
قال مختار بن سعد «من خلال مسؤولياتي على لجنة الرعاية بتونس العاصمة وأحوازها في الخمسينات أنفي هذه الأقوال».
وذكر أن الحزب ورغبة في توفير الأمن داخل البلاد قبل الاستقلال للحد من الفوضى والابتزاز والتهريب والقتل قرر بعث لجان رعاية تتكون من مناضلين وشباب دستوري وذلك منذ أفريل 1955.
وأضاف «في هذا الاطار انتقل الشيخ حسن العيادي وجماعته الى «صباط الظلام» وأذكر أنه كان معه الطاهر بوطارة من الحامة وشخص آخر يدعى العيادي داوود من الوطن القبلي وآخر اسمه المحواشي من الشمال الغربي.. وأمر العيادي جماعته في البداية بالهجوم على مصنع السميد والسطو على خزينته وبالسطو على مصاغات اليهود وبالسطو على أموال التجار.. والغريب في الأمر أن التليسي يقول ان العيادي كان ينفذ أوامر بورقيبة لدعم المقاومة.. والزعيم بريء من هذه الأعمال الاجرامية وحذرنا العيادي من عاقبة اعماله.. فانتهج أسلوبا آخر وهو اختطاف أناس ميسورين لابتزاز أموالهم بتهمة الخيانة واليوسفية والقتل لتصفية الحسابات.
وعن عمليات القتل التي حدثت في «صباط الظلام» قال مختار بن سعيد أن التليسي قال «اسألوا عبد الستار الهاني الذي كلفني الشيخ العيادي بحراسته فهو يعرف الحقيقة».. فعن أي حقيقة يتحدث.. لماذا لم يذكر اسم سعيد دبيش لقد قتل في «صباط الظلام».. ورغم مساعي زوجته للحصول على جثته فإنها لم تفلح.. واختفت الجثة إلى يوم الناس هذا.. وأرى أن العيادي لم يقتل عبد الستار الهاني لأنه لن يصدقه أي أحد إذا اتهم الهاني بالخيانة لأن الهاني كان مناضلا كبيرا مع المرحوم علي البلهوان وكان يناضل سواء في الحزب أو في الكتلة الزيتونية وصوت الطالب.. وعند اندلاع معركة التحرير سنة 1958 هو من دعم حسن العيادي وجماعته من المقاومين بجبل برقو بماله الخاص أو بجمع مال أثرياء سليانة.
لقد حجزه العيادي إذن لابتزاز ماله إذ أنهم حملوه بعد اخراجه من بئر التراز الذي أمضى فيه 11 يوما إلى منزل علي بن سالم شهر «علي البوليس» بمنوبة وهناك وجد الهاني صهره عبد الستار بن عبد الملك وشقيقه فدفعا لجماعة العيادي 250 ألف فرنك مقابل اطلاق سراحه.
وفي نفس الصدد أكد المناضل عبد الستار الهاني ما جاء على لسان المختار بن سعد.
وأضاف بن سعد أن عصابة الشيخ العيادي استمرت في نشاطها من ربيع 1955 الى جانفي 1956.. اذ أصبح الحزب أقوى وتصدى لها ثم جاء الاستقلال وتم تكوين الشرطة والحرس والجيش وذابت العصابة وتشتت أفرادها.
وذكر أن التليسي قال «ان العيادي أكبر قادة المقاومة وزعيمهم.. نعم لا أنكر أن للعيادي حسنات ولكن هذا لا يمنع من أن عديد القادة شيدوا جبالا من الحسنات.. لكنهم ارتكبوا أخطاء فهدموا كل ما بنوه ولم يعد التاريخ يذكرهم.. وهذا ما جناه حسن العيادي على نفسه
وقال بن سعد معقبا على شهادة التليسي «أراك تعترف باقتراف عمليات تعذيب اليوسفيين.. وهذا يعاقب عليه القانون».
هذه إذن بعض الشهادات التي قدمها قراء «الصّباح» الشاهدون على العصر تعقيبا على شهادة أحمد التليسي وقد رأينا اطلاعكم عليها تعميما للفائدة.
جريدة "الصباح" 16 جويلية 2009 - سعيدة بوهلال

 نشر في السياسية يوم 01 - 06 - 2009





والدي لم يعدم بل عذب في سجنه حتى الموت
نجل حسن العيادي (صباط الظلام) ل«الصباح»
رفيق بن عبد الله نشر في الصباح يوم 24 - 04 - 2012

طالب زهير السميري نجل الشيخ العيادي السلطات المعنية والرئاسات الثلاث بمساعدته على الكشف عن مكان رفات والده، وتبيان حقيقة ما تعرض إليه والده، من تعذيب وتنكيل، ورد اعتباره بما أنه كان مناضلا ضدّ الاستعمار قبل كل شي قبل أن تلصق به التهمة الشهيرة في ما بات يعرف ب«صباط الظلام».
ودعا نجل العيادي في تصريح خصّ به «الصباح» بكل لطف كل من لديه معلومات عن مكان دفن والده -على غرار السيد الباجي قائد السبسي الذي كان خلال تلك الفترة مديرا للأمن- أن يكشف عنها حتى يستطيع -مثل غيره وخاصة عائلات من أعدموا سنة 1963- التعرف على مكان رفات والده..
وقال إنه يرغب فقط ونيابة عن أبناء العيادي (ستة أفراد) في معرفة الحقيقة الواقعية والإنصاف ثم المصالحة، ورد الاعتبار لوالدهم، وهم لا يرغبون في إجراء تتبع عدلي ضدّ أيّ كان قد تورط في عملية تعذيب أو إعدام والدهم.
وذكر زهير السميري أن اللجنة العسكرية بوزارة الدفاع أخذت على عاتقها وقبل أربعة أشهر مهمة الكشف عن مكان رفات والده، على غرار ما حصل لعائلات من أعدموا في قضية مؤامرة الانقلاب سنة 1962، لكن اللجنة المعنية أبلغته مؤخرا بعدم توصلها لمعلومات تدل عل مكان رفات والده..
وأوضح أن ملف العيادي الذي عثر عليه يتضمن فقط وثيقة الحكم بالإعدام، موثقة بتاريخ 16 ماي 1963 وشهادة طبية تفيد بوفاة المعني بالأمر، وشهادة رفض الإعفاء من قبل رئيس الجمهورية الحبيب بورقيبة..
لكنه لاحظ أن ملف الشيخ حسن العيادي لا يتضمن شهادة تنفيذ حكم الإعدام، وهو أمر مستغرب خاصة أن من أعدموا في قضية انقلاب 1962 كانت ملفات إعدامهم تتضمن شهادات تنفيذ حكم الإعدام، التي تتضمن بالضرورة مكان وساعة دفن من تمّ إعدامهم.

تعذيب.. وطمس الحقيقة

واعتبر أن غياب تلك الشهادة في ملف والده قد يكون متعمدا من قبل السلطات المعنية آنذاك وخاصة وزير الداخلية الطيب المهيري ومحجوب بن علي آمر الحرس الوطني آنذاك، لإخفاء آثار التعذيب التي تعرض لها العيادي..على حدّ قوله.
علما أن عدّة شهادات تاريخية موثقة تؤكد تعرض الشيخ العيادي إلى التعذيب قبل إعدامه، ويقول نجله في هذا الصدد: «لقد ذاق والدي لمدة فاقت الخمسة الأشهر كافة أنواع التعذيب المعروفة».
من ذلك شهادة الأزهر القروي الشابي في منبر مؤسسة التميمي بتاريخ 7 جانفي 2003 حين قال متحدثا عن العيّادي: لما تمّ استدعاؤه ذات مرّة إلى مركز الحرس الوطني في القرجاني وأنزلوه إلى قبو وعرف أنه حضر ليشهد في قضية حسن العيادي وسألوه إن كان حسن أخذه ل»صباط الظلام» أم لا فأجاب بالنفي.. ولاحظ أن العيادي أصبح في أبشع صورة ورأسه محلوق»..
كما ذكر أحمد التليسي في شهادته بمنبر التميمي أيضا ونشرت في جريدة «الصباح» بتاريخ 12 جويلية 2009 أنه شاهد العيادي في السجن قبل إعدامه وهو في حالة يرثى لها وقد بدت عليه آثار التعذيب».
كما ذكر المؤرخ خالد عبيد في مقال له نشره في إحدى الصحف قوله: «الشيخ العيادي حشر حشرا في تتبعات المؤامرة الانقلابية، واتهم بأنه كان على علم بها وحوكم في محكمة على جناح السرعة وصدر عليه حكم بالإعدام نفذ على عجل، رغم خدماته الجليلة التي قدمها للنظام البورقيبي الناشئ بدءا بمآسي «صباط الظلام» الدامية وغيرها».
وأضاف أن العيادي بدا محرجا للغاية للبعض وكانت مناسبة المؤامرة أفضل مناسبة للإجهاز عليه كي يذهب هو وما يعرفه من أسرار..»

.. ودفن سرّه معه؟

ويعتقد نجل العيادي أن الطيب المهيري كان وراء حكم الإعدام الصادر ضدّ والده، وتعذيبه، وذلك لأن الشيخ العيادي اكتشف معلومات خطيرة عمّا يسمى بمؤامرة 1962 وأبلغ عن تورّط مجموعة كبيرة من الضباط والمدنيين فيها..
واستشهد كذلك بشهادة قدور بن يشرط نشرت في مجلة Réalité بتاريخ 29 جوان 2006 يفيد فيها أنه الطيب المهيري كان علم بالمؤامرة نقلا عن معلومات أدلى له بها لزهر الشرايطي.. ويعتقد زهير السميري -نجل الشيخ العيادي (تمّ تغيير اللقب العائلي لعائلة «العيادي» عنوة مباشرة بعد إعدام والدهم)- أن هذا هو السبب الحقيقي الذي كان وراء القبض على والده في جانفي 1963 وتعذيبه شرّ تعذيب لمدة تفوق ال4 أشهر..
وعّبر نجل العيادي عن يقينه بأن والده توفي جراء التعذيب وليس بسبب الإعدام، بل كان حكم الإعدام الذي تمّ إصداره بسرعة يوم 11 ماي وتنفيذه يوم 16 من نفس الشهر، مطيّة لإخفاء جريمة القتل تحت التعذيب، وما يدل على صدق كلامه عدم وجود وثيقة تنفيذ الإعدام ومكان دفنه.. أو وثائق استنطاق والده أو شهادة محاميه، كما لم يواكب الإعلام تلك المحاكمة المزعومة التي بات يشك أصلا في انعقادها نظرا لانعدام أي دليل يفيد ذلك.
علما أن سفير فرنسا بتونس «Sauvagnargue» عبر في برقية إلى حكومة الفرنسية بباريس صادرة بتاريخ 16 ماي 1963 عن استغرابه من حالة التعتيم التي رافقت عملية اعتقال الشيخ العيادي واتهمامه بتهم خطيرة ثم علمية إعدامه في ظروف مسترابة..
علما أن الشيخ العيادي لم يترك لعائلته أيّ شيء يذكر بل أكثر من ذلك ترك زمن وفاته ديونا ضخمة وهو ما تؤكده عدّة وثائق مثل كشوف أرصدة بنكية ما زال يحتفظ بها نجله تفيد أن العيادي كان مدينا لفائدة الشركة التونسية للبنك.. وهو ما يفند حسب قوله التهم الباطلة التي نسبت إليه مثل ابتزاز مال المواطنين، وما روّجه البعض ضدّ والده..
بل إنه أشار إلى أن أبناء العيادي همشوا وتعرضوا لشتى المضايقات في عهد بورقيبة وبن علي ولم تشفع لهم نضالات والدهم، ولم يجنوا سوى الفقر والمهانة وهم اليوم في أشدّ الخصاصة المادية..
وأكد أنه يتحدّى أيّ شخص بأن يقدّم معلومة تفيد أن العيادي ابتز مواطنين او تعدّى على ملك غيره أو امتلك عقارا أو أراضي دون وجه حق..

العيادي المناضل

قال نجل العيادي: «هناك حقيقة تاريخية يعرفها الجميع وخاصة المؤرخين والسياسيين في تلك الحقبة من تاريخ تونس مفادها أن الشيخ العيادي كان مناضلا ونجح في تنفيذ عدّة عمليات ضدّ الاستعمار الفرنسي ولعل أهمها اغتياله للكولونيل بنوا دي لابايون مدير الجيش الفرنسي في تونس وآمر سريّة اليد الحمراء بتاريخ 24 جويلية 1954».
وتأكيدا على اعتراف بورقيبة بنضالية العيادي وما قدّمه لتونس، قدّم وثيقة هي عبارة عن هدية قدمها الحبيب بورقيبة للعيادي تتمثل في صورة شخصية للزعيم كتبت بخط بورقبية نفسه بتاريخ 19 نوفمبر 1955 حين زار موطن العيادي بأولاد بو سمير وكتب فيها بالحرف الواحد: «هدية إلى المجاهد القائد السيد حسن بن الحاج العيادي اعترافا بصدقه وإخلاصه وكفاءاته في خدمة الوطنية.. مع عواطفي وأطيب تمنياتي».
جدير بالذكر أن المؤرخ محمد ضيف الله يورد في كتابه «الشيخ حسن العيادي ومذكراته من المقاومة المسلحة إلى صباط الظلام» بأن هذا الأخير «انخرط من موقع متقدم في مقاومة الاحتلال الفرنسي، بالتخطيط لبعض الأعمال المسلحة وتنفيذها بالعاصمة، من أهمها عملية اغتيال الكولونيل الفرنسي دي لابيون والمحامي الطاهر الصافي الجزائري الأصل».
ويورد ضيف الله أن العيادي ألقي عليه القبض في نهاية شهر ماي 1955، وبقي بالسجن المدني بتونس العاصمة بضعة أشهر بتهمة الضلوع في مقتل دولابيون. وعندما أطلق سراحه في أكتوبر من نفس السنة، بتدخل من بورقيبة كان الصراع اليوسفي البورقيبي قد انطلق وأصبح يتعقد، فوقع توظيفه في مقاومة الحركة اليوسفية مثله مثل مقاومين آخرين كبار.. وأكد على أن الدور الذي اضطلع به آنذاك تمثل في فتح مركز «صباط الظلام» للتحقيق مع اليوسفيين، يقع بنهج مواز متفرع عن شارع باب بنات بالمدينة العتيقة، غير بعيد عن قصر الحكومة بالقصبة. وقد كان سابقا مقرا لشعبة الدويرات الدستورية بالعاصمة.
وتابع ضيف الله قائلا: «عند الكشف عن المحاولة الانقلابية في ديسمبر 1962، والتي تورّط فيها عدد من قدامى المقاومين وعلى رأسهم الأزهر الشرايطي، وهو ما دفع بورقيبة إلى أن يتهجم آنذاك على الفلاقة بصفة عامة، واصفا إيّاهم بأقذع النعوت. وفي هذا الإطار تمّ إلقاء القبض على الشيخ حسن العيادي والتحقيق معه، وكان الهدف المسطر منذ البداية هو التخلص منه، ودفن بعض الأسرار معه». 

 

Aucun commentaire: