و
لم أكن في يوم من الأيام رجل دين .. بل أنا فنان دخلت إلى رحاب الدين من
باب الفضل الإلهي و من باب الحب و الإقتناع و ليس من باب الأزهر و كان حكمي
حكم الشاعر الذي أحب الله فكتب فيه قصيدة و بنى له بيتاً و لكنه ظل دائماً
الفنان بحكم الفطرة و الطبيعة .. ذلك الفنان الذي مملكته الخيال و الوجدان
.
و الفن كان دائماً ضعفي و قوتي ..
و مثل كل فنان كان للجمال علي مداخل ..
و كنت ابن آدم الخطاء ..
و لهذا لم أدّع لنفسي عصمة ..
و مثل كل فنان كان للجمال علي مداخل ..
و كنت ابن آدم الخطاء ..
و لهذا لم أدّع لنفسي عصمة ..
و لهذا ما رأيتني نازعت أحداً خطأني و لا كرهت أحداً صوبني .. بل عهدت
نفسي دائماً أراجع ما أكتب و أصحح الطبعة بعد الطبعة .. و أقبل بصدر مفتوح
نقد الآخرين .. فإن رأيتني كتبت صواباً فمن الله و إن كتبت خطأ فمما سولت
لي نفسي .
بهذه الروح أحببت دائماً أن يقرأني الناس فما تصورت نفسي أبداً مفسراً لقرآن أو حاكماً في قضية فقه أو شريعة و إنما هي محاولات فهم من مفكر دوره لا يزيد على إثارة العقل و إخراجه من رقاده و إيقاظ القلب من مواته ، و تفتيحه على محبة الله فإن استطعت أن أحمل رجلاً مبتعداً إلى العودة إلى طريق الحق .. و إلى فتح المصحف .. فهذا غاية رسالتي و منتهى مرادي و أقصى دوري .. أما ما يبقى من شأن تفقيه هذا الرجل في دينه فهذا دور العلماء الأجلاء و المتخصصين و حسبي أنا أني قد جئت به إلى بابهم و أثرت حبه و فضوله و أيقظت استعداده فما أنا بالعالم و يخطئ من يقرأني على أني عالم بل أنا مجرد فنان محب ينتهي دوره عند إثارة حب الحق و الحقيقة في قلب قارئه و في هذا فليحاسبني القراء و النقاد و لا أكثر ..
و عن ضعفي و أخطائي لا يملك إلا الله أن يرحمني و إليه أتوجه في كل لحظة لا يكف لي خوف و لا رجاء ...
و أحسب أن هذا حال توفيق الحكيم حينما يكتب في الإسلاميات أو طه حسين حينما يكتب في السيرة أو العقاد حينما يكتب في القرآن فمثل هؤلاء لا يحاسبون كفقهاء و لا أحد يقرأ لهم كما يقرأ للشافعي و ابن حنبل و أبي حنيفة و إنما نقرأ لهم كفنانين و مفكرين يحدثوننا عن الله بلغة جديدة فيها جلوة الفن فيستطيعون أن يجتذبوا بهذه اللغة فراشات مبتعدة غافلة لم يكن من الممكن أن تصل إليها لغة ابن حنبل أو أبي حنيفة ..
و لا شك أن قلم توفيق الحكيم حينما تناول قصة أهل الكهف قد خرج عن نص القرآن الكريم و أضاف الكثير من الخيال و انطلق و شطح فلم يقل أحد .. هل ما كتبت لنا من الدين .. بل قرأناه جميعاً على أنه فن و حاسبناه على مراده و أهدافه .. أما الشكل و الإطار فتلك مواصفات يحكم فيها الفن و التفنن و تتحكم فيها أصول الحرفة و الصناعة .
و الفن أعظم جهاز دعاية للدين بشرط ألا نقيده .. و ما أحوج الإنسانية اليوم في عصر المادية و الإلحاد إلى فن يأخذ المسرح من العري و العهر و الهزل و الفحش ليقدم فناً يدعو إلى الخير و العدل و الحق و الله .. فناً يقدم هذه المضامين العالية دون أن يفقد مواصفات الفن و جاذبيته ..و خفة روحه و لطافته ..
و تلك هي رسالتي ..
و ذلك هو مكاني الذي أحلم به على رقعة المستقبل .
~~
من كتاب / المسيخ الدجال
بهذه الروح أحببت دائماً أن يقرأني الناس فما تصورت نفسي أبداً مفسراً لقرآن أو حاكماً في قضية فقه أو شريعة و إنما هي محاولات فهم من مفكر دوره لا يزيد على إثارة العقل و إخراجه من رقاده و إيقاظ القلب من مواته ، و تفتيحه على محبة الله فإن استطعت أن أحمل رجلاً مبتعداً إلى العودة إلى طريق الحق .. و إلى فتح المصحف .. فهذا غاية رسالتي و منتهى مرادي و أقصى دوري .. أما ما يبقى من شأن تفقيه هذا الرجل في دينه فهذا دور العلماء الأجلاء و المتخصصين و حسبي أنا أني قد جئت به إلى بابهم و أثرت حبه و فضوله و أيقظت استعداده فما أنا بالعالم و يخطئ من يقرأني على أني عالم بل أنا مجرد فنان محب ينتهي دوره عند إثارة حب الحق و الحقيقة في قلب قارئه و في هذا فليحاسبني القراء و النقاد و لا أكثر ..
و عن ضعفي و أخطائي لا يملك إلا الله أن يرحمني و إليه أتوجه في كل لحظة لا يكف لي خوف و لا رجاء ...
و أحسب أن هذا حال توفيق الحكيم حينما يكتب في الإسلاميات أو طه حسين حينما يكتب في السيرة أو العقاد حينما يكتب في القرآن فمثل هؤلاء لا يحاسبون كفقهاء و لا أحد يقرأ لهم كما يقرأ للشافعي و ابن حنبل و أبي حنيفة و إنما نقرأ لهم كفنانين و مفكرين يحدثوننا عن الله بلغة جديدة فيها جلوة الفن فيستطيعون أن يجتذبوا بهذه اللغة فراشات مبتعدة غافلة لم يكن من الممكن أن تصل إليها لغة ابن حنبل أو أبي حنيفة ..
و لا شك أن قلم توفيق الحكيم حينما تناول قصة أهل الكهف قد خرج عن نص القرآن الكريم و أضاف الكثير من الخيال و انطلق و شطح فلم يقل أحد .. هل ما كتبت لنا من الدين .. بل قرأناه جميعاً على أنه فن و حاسبناه على مراده و أهدافه .. أما الشكل و الإطار فتلك مواصفات يحكم فيها الفن و التفنن و تتحكم فيها أصول الحرفة و الصناعة .
و الفن أعظم جهاز دعاية للدين بشرط ألا نقيده .. و ما أحوج الإنسانية اليوم في عصر المادية و الإلحاد إلى فن يأخذ المسرح من العري و العهر و الهزل و الفحش ليقدم فناً يدعو إلى الخير و العدل و الحق و الله .. فناً يقدم هذه المضامين العالية دون أن يفقد مواصفات الفن و جاذبيته ..و خفة روحه و لطافته ..
و تلك هي رسالتي ..
و ذلك هو مكاني الذي أحلم به على رقعة المستقبل .
~~
من كتاب / المسيخ الدجال
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire