- "هذا التّصوّر لحقيقة الحكم قد تغيّر شيئًا ما دون شكّ علىٰ عهد عثمان - وإن بقي في سياج الإسلام -،
لقد أدركت الخلافة عثمان وهو شيخ كبير. ومن ورائه مروان بن الحكم يصرّف
الأمر بكثير من الانحراف عن الإسلام، كما أنّ طبيعة عثمان الرّخيّة، وحدبه
الشّديد علىٰ أهله، قد ساهم كلاهما في صدور تصرّفات أنكرها الكثيرون من
الصّحابة من حوله !!، وكانت لها معقبات كثيرة، وآثار في الفتنة التي عانىٰ الإسلام منها كثيرًا. !!منح
عثمانُ من بيت المال زوجَ ابنته الحارث بن الحكم يوم عرسه مئتي ألف درهم،
فلمّا أصبح الصّباح جاءه زيد بن أرقم خازن مال المسلمين، وقد بدا في وجهه
الحزن وترقرقت في عينه الدّموع، فسأله أن يعفيه من عمله؛ ولما علم منه
السّببَ وعرف أنّه عطيّته لصهره من مال المسلمين، قال مستغربًا:" أتبكي
يابن أرقم أن وصلت رحمي؟" فردّ الرجل الّذي يستشعر روح الإسلام المرهف:"لا
يا أمير المؤمنين. ولكن أبكي لأنّي أظنّك أخذت هذا المال عوضًا عمّا كنت
أنفقته في سبيل الله في حياة رسول الله، والله لو أعطيته مئة درهم لكان
كثيرًا!" فغضب عثمان علىٰ الرّجل الّذي لا يطيق ضميره هذه التّوسعة من مال
المسلمين علىٰ أقارب خليفة المسلمين، وقال له:"ألقِ المفاتيح يابن أرقم
فإنّا سنجد غيرك"! .والأمثلة
كثيرة في سيرة عثمان علىٰ هذه التّوسعات؛ فقد منح الزّبير ذات يوم ستمائة
ألف، ومنح طلحة مائتي ألف، ونفّل مروان بن الحكم خمس خراج إفريقية، ولقد
عاتبه في ذلك ناس من الصّحابة علىٰ رأسهم علي بن أبي طالب، فأجاب: "إنّ
لي قرابة ورحمًا"، فأنكروا عليه وسألوه:"فما كان لأبي بكر وعمر قرابة
ورحم؟" فقال:"إنّ أبا بكر وعمر كان يحتسبان في منع قرابتهما، وأنا أحتسب في
إعطاء قرابتي"، فقاموا عنه غاضبين يقولون:"فهديهما والله أحبُّ إلينا من
هديك".
وغير المال، كانت الولايات تغدق علىٰ الولاة من قرابة عثمان، وفيهم معاوية الّذي وسع عليه في الملك، فضمّ إليه فلسطين وحمص؛ وجمع له قيادة الأجناد الأربعة، ومهد له بعد ذلك أن يطلب الملك في خلافة علي وقد جمع المال والأجناد، وفيهم الحكم بن العاص طريد رسول الله الّذي آواه عثمان وجعل ابنه مروان بن الحكم وزيره المتصرّف، وفيهم عبد الله بن سعد بن أبي السّرح أخوه من الرّضاعة…إلخ" (ص 159)
وغير المال، كانت الولايات تغدق علىٰ الولاة من قرابة عثمان، وفيهم معاوية الّذي وسع عليه في الملك، فضمّ إليه فلسطين وحمص؛ وجمع له قيادة الأجناد الأربعة، ومهد له بعد ذلك أن يطلب الملك في خلافة علي وقد جمع المال والأجناد، وفيهم الحكم بن العاص طريد رسول الله الّذي آواه عثمان وجعل ابنه مروان بن الحكم وزيره المتصرّف، وفيهم عبد الله بن سعد بن أبي السّرح أخوه من الرّضاعة…إلخ" (ص 159)
-
"وأخيرًا ثارت الثّائرة علىٰ عثمان، واختلط فيها الحق والباطل، والخير
والشّر، ولكن لابد لمن ينظر إلىٰ الأمور بعين الإسلام، ويستشعر الأمور بروح
الإسلام، أن يقرر أنّ تلك الثّورة في عمومها كانت فورة من روح الإسلام؛
وذلك دون إغفال لما كان وراءها من كيد اليهودي ابن سبإ عليه لعنة الله! .واعتذارنا
لعثمان : أنّ الخلافة قد جاءت إليه متأخرة، فكانت العصبة الأمويّة حولـه
وهو يدلف إلىٰ الثّمانين، فكان موقفه كما وصفه صاحبه علي بن أبي طالب:
«إنّي إن قعدت في بيتي قال: تركتني وقرابتي وحقي؛ وإن تكلّمت فجاء ما يريد،
يلعب به مروان، فصار سيقة له يسوقه حيث شاء، بعد كبر سنّه وصحبته لرسول
الله صلى الله عليه وسلم(ص160 -161)
-
"مضىٰ عثمان إلىٰ رحمة ربه، وقد خلف الدولة الأموية قائمة بالفعل بفضل ما
مكن لها في الأرض، وبخاصة في الشام، وبفضل ما مكن للمبادئ الأموية المجافية
لروح الإسلام، من إقامة الملك الوراثي، والاستئثار بالمغانم والأموال
والمنافع، مما أحدث خلخلة في الروح الإسلامي العام، وليس بالقليل ما يشيع
في نفس الرعية - إن حقًّا وإن باطلًا - أن الخليفة يؤثر أهله، ويمنحهم مئات
الألوف؛ ويعزل أصحاب رسول الله ليولي أعداء رسول الله؛ ويبعد مثل أبي ذر
لأنه أنكر كنـز الأموال، وأنكر الترف الذي يخب فيه الأثرياء، ودعا إلىٰ مثل
ما كان يدعو إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من الإنفاق والبر والتعفف،
فإن النتيجة الطبيعية لشيوع مثل هذه الأفكار - إن حقًّا وإن باطلًا - أن
تثور نفوس، وأن تنحل نفوس.تثور
نفوس الذين أشربت نفوسهم روح الدين إنكارًا وتأثمًا، وتنحل نفوس الذين
لبسوا الإسلام رداء، ولم تخالط بشاشته قلوبهم، والذين تجرفهم مطامع الدنيا،
ويرون الانحدار مع التيار، وهذا كله قد كان في أواخر عهد عثمان".(ص161)
-"جاء علي - كرّم الله وجهه - لم
يكن من اليسر أن يرد الأمر إلىٰ نصابه في هوادة، وقد علم المستنفعون علىٰ
عهد عثمان وبخاصة من أمية أن عليًّا لن يسكت عليهم، فانحازوا بطبيعتهم إلىٰ
معاوية، وبمصالحهم إلىٰ معاوية، جاء علي ليرد التصور الإسلامي للحكم إلىٰ
نفوس الحكام ونفوس الناس. جاء ليأكل الشعير تطحنه امرأته بيديها، ويختم هو علىٰ جراب الشعير ويقول:"لا أحب أن يدخل بطني إلا ما أعلم".
... وما يصنع عليٌّ هذا بنفسه وأهله، وهو يجهل أن الدين يبيح لـه فوق ما يصنع، وأنه لا يحتم التزهد والحرمان والشظف، وأن حظه من بيت المال في ذلك الحين كفرد من المسلمين يبلغ أضعاف ما يأخذ، وأن راتبه كأمير المؤمنين يؤدي خدمة عامة، أكبر من هذا لو شاء أن يأخذ مثلما خصصه عمر لبعض ولاته علىٰ الأقاليم، إذ قدر لعمار بن ياسر حين ولاه الكوفة ستمائة درهم في الشهر له ولمساعديه، يزاد عليها عطاؤه الذي يوزع عليه كما توزع الأعطية علىٰ نظرائه، ونصف شاة ونصف جريب من الدقيق ؛ كما قدر لعبد الله بن مسعود مئة درهم وربع شاة لتعليمه الناس بالكوفة وقيامه علىٰ بيت المال فيها، ولعثمان بن حنيف مائة وخمسين درهمًا وربع شاة في اليوم مع عطائه السنوي وهو خمسة آلاف درهم.ما يصنع عليّ بنفسه ما صنع وهو يجهل هذا كله، إنما كان يعلم أن الحاكم مظنّة وقدوة، مظنّة التبحبح بالمال العام إذ كان تحت سلطانه؛ وقدوة الولاة والرعيّة في التحرج والتعفف، فأخذ نفسه بعزائم أبي بكر وعمر، في هذا الأمر، فالأفق الأعلىٰ كان هو الأحرىٰ بخلفاء رسول الله علىٰ دين الله.وسـار علـيّ - كرم الله وجهه - في طريقه يرد للحكم صورته كما صاغها النبي صلى الله عليه وسلم والخليفتان بعده." (ص161-162)
... وما يصنع عليٌّ هذا بنفسه وأهله، وهو يجهل أن الدين يبيح لـه فوق ما يصنع، وأنه لا يحتم التزهد والحرمان والشظف، وأن حظه من بيت المال في ذلك الحين كفرد من المسلمين يبلغ أضعاف ما يأخذ، وأن راتبه كأمير المؤمنين يؤدي خدمة عامة، أكبر من هذا لو شاء أن يأخذ مثلما خصصه عمر لبعض ولاته علىٰ الأقاليم، إذ قدر لعمار بن ياسر حين ولاه الكوفة ستمائة درهم في الشهر له ولمساعديه، يزاد عليها عطاؤه الذي يوزع عليه كما توزع الأعطية علىٰ نظرائه، ونصف شاة ونصف جريب من الدقيق ؛ كما قدر لعبد الله بن مسعود مئة درهم وربع شاة لتعليمه الناس بالكوفة وقيامه علىٰ بيت المال فيها، ولعثمان بن حنيف مائة وخمسين درهمًا وربع شاة في اليوم مع عطائه السنوي وهو خمسة آلاف درهم.ما يصنع عليّ بنفسه ما صنع وهو يجهل هذا كله، إنما كان يعلم أن الحاكم مظنّة وقدوة، مظنّة التبحبح بالمال العام إذ كان تحت سلطانه؛ وقدوة الولاة والرعيّة في التحرج والتعفف، فأخذ نفسه بعزائم أبي بكر وعمر، في هذا الأمر، فالأفق الأعلىٰ كان هو الأحرىٰ بخلفاء رسول الله علىٰ دين الله.وسـار علـيّ - كرم الله وجهه - في طريقه يرد للحكم صورته كما صاغها النبي صلى الله عليه وسلم والخليفتان بعده." (ص161-162)
- "و
لقد كان من الطبيعي ألا يرضى المستنقعون عن علي،و ألا يقنعَ بشرعة
المساواة من اعتادوا التفضيل، و من مردوا على الاستئثار . فانحاز هؤلاء في
النهاية إلى المعسكر الآخر: معسكر أمية، حيث يجدون فيه تحقيقاً لأطماعهم،
على حساب العدل و الحق اللذين يُصرّ عليهما علي-رضي الله عنه- هذا الإصرار !
و
الذين يرون في معاوية دهاءً و براعةً لا يرونهما في علي، و يعزون إليهما
غلبة معاوية في النهاية،إنما يخطئون تقديرَ الظروف، كما يُخطئون فهمَ عليّ و
واجبه. لقد كان واجب عليّ الأول و الأخير، أن يردَّ للتقاليد الاسلامية
قوتَها، و أن يردّ إلى الدين روحَه، و أن يجلو الغاشيةَ التي غشت هذا الروح
على أيدي بني أمية في كبرة عثمان. و لو جارى وسائلَ بني أمية في المعركة
لبطلت مهمّتَه الحقيقية، و لما كان لظفره بالخلافة خالصة من قيمة حياة هذا
الدين. إنّ عليا إما أن يكون علياً أو فلتذهب الخلافة عنه، بل فلتذهب حياته
معها.و هذا هو الفهم الصحيح الذي لم يغب عنه- كرم الله وجهه- و هو يقول-
فيما رُوي عنه إن صحت الرواية-:"و و الله ما معاوية بأدهى مني و لكنه يغدر و
يفجر. و لولا كراهية الغدر لكنتُ من أدهى الناس." (ص163)
-
"ومضىٰ علي إلىٰ رحمة ربه، وجاء بنو أمية، فلئن كان إيمان عثمان وورعه
ورقته، كانت تقف حاجزًا أمام بني أمية، لقد انهار هذا الحاجز، وانفتح
الطريق للانحراف.لقد
اتسعت رقعة الإسلام فيما بعد، ولكن روحه انحسرت بلا جدال، ولولا قوة كامنة
في طبيعة هذا الدين، وفيض عارم في طاقته الروحية؛ لكانت أيام أمية كفيلة
بتغيير مجراه الأصيل، ولكن روحه ظلت تقاوم وتغالب، وما تزال فيها الطاقة
الكامنة للغلب والانتصار.غير
أنه منذ تولي بني أمية انساحت حدود بيت مال المسلمين، فصار نهبًا مباحًا
للملوك والحاشية والمتملقين، وتخلخلت قواعد العدل الإسلامي الصارم، فأصبح
للطبقة الحاكمة امتيازات، ولأذيالها منافع، ولحاشيتها رسوم، وانقلبت
الخلافة ملكًا، وملكًا عضوضًا كما قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في
وثبة من وثبات الاستشفاف الروحي العميق.وعدنا
نسمع عن الهبات للمتملقين والملهين والمطربين، فيهب أحد ملوك أمية اثني
عشر ألف دينار لمعبد، ويهب هارون الرشيد - من ملوك العباسيين - إسماعيل
بن جامع المغني في صوت واحد أربعة آلاف دينار، ومنزلًا نفيس الأثاث
والرياش، وتنطلق الموجة في طريقها لا تقف إلا فترة بين الحين والحين" (ص164-165)
-
"وإذا كنا لا نؤرخ هنا للدولة الإسلامية، ولكن الروح الإسلامي في الحكم،
فإننا نكتفي في إبراز مظاهر التحول والانحسار بإثبات ثلاث خطب من عهد
الملوك، وبموازنتها بالخطب الثلاث التي سبقت في عهد الخلفاء ؛ يتبين الفارق
العميق.خطب
معاوية في أهل الكوفة بعد الصلح، فقال: يا أهل الكوفة، أتراني قاتلتكم
علىٰ الصلاة والزكاة والحج، وقد علمت أنكم تصلون وتزكون وتحجون؟ ولكني
قاتلتكم؛ لأتأمر عليكم وعلىٰ رقابكم، وقد آتاني الله ذلك وأنتم كارهون....
وخطب
المنصور العباسي - وقد فعلت الموجة الأموية فعلها في تصور الحكم حتىٰ
انتهت به أيام العباسيين إلىٰ نظرية الحق الإلهي المقدس التي لا يعرفها
الإسلام - فقال: أيها الناس: إنما
أنا سلطان الله في أرضه، أسوسكم بتوفيقه وتأييده، وحارسه علىٰ ماله، أعمل
فيه بمشيئته وإرادته، وأعطيه بإذنه فقد جعلني الله عليه قفلًا، إن شاء أن
يفتحني فتحني لإعطائكم وقسم أرزاقكم، وإن شاء أن يقفلني عليه أقفلني.وبذلك خرجت سياسة الحكم نهائيًّا من دائرة الإسلام وتعاليم الإسلام.فأما
سياسة المال؛ فكانت تبعًا لسياسة الحكم، وفرعًا عن تصور الحكام لطبيعة
الحكم وطريقته، ولحق الراعي والرعية. فأما في حياة محمد صلى الله عليه وسلم
وصاحبيه وفي خلافة علي بن أبي طالب، فكانت النظرة السائدة هي النظرة
الإسلامية: وهي أن المال العام مال الجماعة، ولا حق للحاكم بنفسه أو
بقرابته أن يأخذ منه شيئًا إلا بحقه، ولا أن يعطي أحدًا منه إلا بقدر ما
يستحق، شأنه شأن الآخرين. وأما حين انحرف هذا التصور قليلا في عهد عثمان،
فقد بقيت للناس حقوقهم، وفهم الخليفة أنه في حل- وقد اتسع المال عن المقررات للناس - أن يطلق فيه يدَه، يبرّ أهله ومن يرىٰ من غيرهم حسب تقديره.وأما
حين صار الحكم إلىٰ الملك العضوض، فقد انهارت الحدود والقيود، وأصبح
الحاكم مطلق اليد في المنع والمنح، بالحق في أحيان قليلة، وبالباطل في سائر
الأحيان، واتسع مال المسلمين لترف الحكام وأبنائهم وحاشيتهم و مملقيهم
إلىٰ غير حد ، وخرج الحكام بذلك نهائيًّا من كل حدود الإسلام في المال." ص167-168
-
"و في أيام بني أمية ثم في أيام بني العباس من بعدهم، كان بيت المال
مباحاً للملوك كأنه ملكٌ لهم خاص، و ذلك على الرغم من وجود بيتَين للمال:
بيت المال العام، وبيت المال الخاص. و الأول مفروض أنّ موارد و مصارفه
للجماعة، و الثاني مفروض أن موارده و مصارفه من خاصة السلطان. لكنا نجد
أحياناً أنّ أموالاً عامة تحمل إلى بيت المال الخاص. و أنّ مصارف خاصة
تُؤخذ من بيت المال العام !" (ص177)
(يُتبع بمقال لا تسبوا أصحابي لمحمود شاكر)
-----------------
المراجع :
-
جمهرة مقالات الأستاذ شاكر. جمعها و ألفها د.عادل سليمان جمال.مكتبة
الخانجي.رقم الطبعة 1-2003 ( تجد مقال "ذو العقل يشقى" في الجزء الأول من
الكتاب. و المقالات الأربعة (حكم بلا بينة، لا تسبوا أصحابي، إيمان بلا
تاريخ، ألسنة المفترين) مبثوثة في الجزء الثاني.
- مقدمة كتاب "لا تسبوا أصحابي" لمحمد بن عوض بن عبد الغني المصري. 1430هـ(و الذي عرض فيه ردودَ شاكر و معاصريه على سيد قطب و مؤيديه).
- العدالة الاجتماعية في الإسلام لسيد قطب.دار الشروق الطبعة الشرعية الثانية عشرة.1409هـ/ 1989م
- بعض المواقع من الشبكة (ملتقى أهل الحديث، موقع الشيخ ربيع، المنتديات العلمية..)
ملحوظة : قال سيد قطب في كتابه "كتب و شخصيات" (في النقد الأدبي) و الذي صدر سنة 1946 :
"إنّ
معاوية و زميله عمْرًا لم يغلبا لأنهما أعرفُ منه بدخائل النفوس، و أخبرُ
منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب. و لكن لأنهما طليقان في استخدام كل
سلاح، و هو مقيّد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع. و حين يركن معاوية و
زميلُه إلى الكذب و الغش و الخديعة و النفاق و الرشوة و شراء الذمم لا
يملك علي أن يتدلّى إلى هذا الدرك الأسفل . فلا عجب ينجحان و يفشل، و إنه
لفشلٌ أشرف من كل نجاح.."(ص242).
"..فلقد
كان انتصار معاوية هو أكبر كارثة دهمت روحَ الإسلام التي لم تتمكّن بعد من
النفوس. و لو قد قُدّر لعلي أن ينتصرَ لكان انتصاره فوزاً لروح الاسلام
الحقيقية: الروح الخلقية العادلة المترفعة التي لا تستخدم الأسلحة القذرة
في النضال... لقد تكون رقعة الإسلام قد امتدّت علي يدي معاوية و من جاء
بعده. و لكن روح الإسلام قد تقلّصت، و هزمت، بل انطفأت.
على
أننا لسنا في حاجة يوما من الأيام أن ندعو الناس إلى خطة معاوبة. فهي جزءٌ
من طبائع الناس عامة. إنما نحن في حاجة لأن ندعوَهم إلى خطة علي، فهي التي
تحتاج إلى ارتفاع نفسي يُجهد الكثيرين أن ينالوه.
و
إذا احتيج جيل لأن يُدعى إلى خطة معاوية، فلن يكون هو الجيل الحاضر على
وجه العموم. فروح "ميكافيلي" التي سيطرت على معاوية قبل "ميكافيلي" بقرون،
هي التي تسيطر على أهل هذا الجيل، و هم أخبرُ بها من أن يدعوهم أحدٌ إليها!
لأنها روح "النفعية" التي تُظلّل الأفراد و الجماعات و الأمم و الحكومات!.
و
بعد، فلستُ "شيعيا" لأقرّر هذا الذي أقول. إنما أنظر إلى المسألة من
جانبها الروحي الخلقي، و لن يحتاج الانسان أن يكون شيعيا لينتصر للخلق
الفاضل المترفّع عن "الوصولية" الهابطة المتدنّية، و لينتصر لعليّ على
معاوية و عمرو. إنما ذلك انتصارٌ للترفع و النظافة و الاستقامة.(ص
243)
243)
Sa naissance
Il est né le 8 octobre 1906
Ses fonctions
Journaliste dans plusieurs revues égyptiennes et panarabes. Il fut
durant les années 30 et 40 proche du cercle d'écrivains nationalistes du
Parti Wafd qui comptait parmi ses éminents membres l'écrivain Abbas
Al-Akkad.
Ses études
Il entreprit d'étudier le Coran pour des raisons académiques dans les
années 40, de ces études sont nés deux ouvrages, "La figuration
artistique dans le Coran" (à la base de l'approche qu'il adopta dans son
commentaire du Coran), et "Scènes du jour de la résurrection"
(reprenant les idées du livre précédent et l'appliquant aux scènes de
l'au-delà citées dans le Coran). Ces travaux lui ont fait découvrir le
coran d'une manière radicalement différente de ce qu'il lui a été
enseigné à l'école coranique de son village natal. Son engagement en
faveur de l'islam se fera sentir plus clairement à partir de La justice
sociale en Islam publié en 1949.
Son séjour aux Etats-Unis
Alors qu'il était fonctionnaire du ministère de l'Éducation égyptien,
il fut envoyé aux États-Unis en 1948 au motif officiel d'étudier les
programmes pédagogiques de l'école américaine. Son frère Mohammad Qutb
soutient que ses critiques virulentes du 1er ministre égyptien et de la
monarchie constituaient la véritable raison de son éloignement.
Le retour en Egypte
À son retour en Égypte en 1950 il dénonçât la société américaine
qu'il jugea individualiste et spirituellement vide : un peuple qui
atteint des sommités dans les domaines de la science et du travail,
cependant qu'il est au stade primitif dans les domaines des sentiments
et du comportement, ne dépassant guère l'état de la première humanité,
voir plus bas encore dans certains aspects sentimentaux et
comportementaux. Il mit en garde le monde musulman de plonger dans le
même gouffre en abandonnant l'Islam.
Les frères musulmans
Il se rapprocha des Frères Musulmans, avant d'intégrer leur
organisation en 1953 et de prendre la direction de leur publication. En
tant que membre des FM, il a joué un rôle culturel de premier plan,
cependant, il est resté éloigné des activités politiques de
l'association.
Dans un contexte de luttes pour l'indépendance dans les pays arabes,
il dénonça dans ses écrits et ses interventions à la radio, la
colonisation et la répression sauvage qui s'est abattue sur les
mouvements de libération nationales. Ainsi, de 1952 à 1954, Il signe des
dizaines d'articles et de pamphlets : sur la colonisation européenne,
sur le sort des minorités musulmanes dans les pays de l'Est, sur la
philosophie de l'islam, et sur l'infiltration idéologique visant le
monde arabe.
En 1952, les frères musulmans participèrent au putsch des officiers
libres qui renversa la monarchie. Ainsi, durant les mois qui ont suivi,
l'organisation des Frères musulmans est le principal soutien du nouveau
régime. Sayyed Qutb est dans un premier temps proche des officiers
libres. Mais, il rompt avec eux pour protester contre les orientations
idéologiques du nouveau régime.
En février 1954, Nasser devient président de l'Égypte. Il inscrit le
pas dans une orientation socialiste et prononce la dissolution de toute
forme d'organisation politique ou syndicale, ceux appartenant aux Frères
musulmans y compris.
Les travaux forcés
Quelques mois plus tard, le 26 octobre 1954, Nasser fait l'objet d'un
attentat dont il sortira légèrement blessé (on parle du Complot de
Manshiya que beaucoup dénoncent comme une machination du régime).
Consécutivement à cet attentat, Sayyid Qutb ainsi que des milliers
d'autres frères musulmans sont arrêtés et condamnés à de lourdes peines,
Sayyid Qutb écopera de quinze années de travaux forcés. Il est,
cependant, relâché en mai 1964 quand le président irakien Abdel Salam
Aref intervînt en sa faveur.
La prison
Le 30 août 1965, Nasser accusa officiellement les Frères musulmans,
dissouts en 1954, d’avoir reconstitué leur association. S'en suit une
série d'arrestations de personnalités de sensibilité Frère Musulmane.
Sayyid Qutb, lui-même, est arrêté après avoir écrit une lettre de
protestation contre ces arrestations et celle de son frère
particulièrement. Il est accusé lors de son procès d'avoir constitué un
groupe armé et condamné à mort par pendaison (accusations que Qutb nie
dans un document rédigé en prison).
Durant les années de prison, il termine la rédaction du livre qui
fera sa notoriété : Fi Zilaal Al-Quraan (Sous l'ombre du Coran), et il
écrit son autre livre majeur : Maâlim fi Tarîq (Jalons sur la route).
Beaucoup disent que c'est ce dernier livre qui constitue le véritable
motif de sa condamnation à mort car il aurait été jugé subversif pour
l'État égyptien qui, du reste, le fit censurer.
Sa mort (1966)
Le 29 août 1966 il est pendu, malgré plusieurs pétitions et
manifestations organisées dans la plupart des pays arabes et musulmans
pour demander la grâce présidentielle.
Avant son exécution, lorsqu'un garde s'est étonné de voir Sayyid
content d'apprendre son martyr. Il fut étonné car il ne s'est pas
affligé et n'a pas non plus piqué une crise, alors il lui a demandé :
"Je suppose que tu penses que vas mourir martyr ? informe moi donc du
sens de martyr pour toi ?".
Il le regarda et lui répondit ainsi : "le martyr est celui qui avance en témoignage (chahada) son âme et son sang. Car il estime que la religion de Dieu est plus chère que sa vie, alors, il offre son âme et sa vie en échange de la religion de Dieu".
Il le regarda et lui répondit ainsi : "le martyr est celui qui avance en témoignage (chahada) son âme et son sang. Car il estime que la religion de Dieu est plus chère que sa vie, alors, il offre son âme et sa vie en échange de la religion de Dieu".
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire